الــبــاب الأَول الــفــطــرة والــمــعــرفــة - عقائد الإسلامیة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 1

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






الــبــاب الأَول

الــفــطــرة والــمــعــرفــة





الــفــصــل الاَول

الــفــطــرة


هذا الباب بمثابة المقدمة لبقية أبواب العقائد، وفيه بحوث كثيرة، لكن أصوله
بشكل عام موضع اتفاق بين المسلمين، لذلك تَتَبعنا مواد موضوعاته من المصادر
المختلفة، وقمنا بتنظيمها وتبويبها موضوعياً تحت عناوين مناسبة، ليسهل على
الباحث الرجوع إليها، وبسطنا القول أحياناً في بعض موضوعاته التي قدرنا أنها
تحتاج إلى ذلك.



آيات فطرة السماوات والكون



وقد أوردنا في أول الفصل الاَول منه آيات فطرة الكون، لاَنها تنفع في فهم فطرة
الاِنسان:



ـ فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريَ مما
تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والاَرض حنيفاً وما أنا من
المشركين. الاَنعام 78 ـ 79



ـ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والاَرض يدعوكم ليغفر لكم من
ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا
عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين. إبراهيم ـ 10



ـ قال بل ربكم رب السماوات والاَرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من
الشاهدين. وتالله لاَكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين. الاَنبياء 56 ـ 57



يا قوم لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون. ويا قوم
استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا
تتولوا مجرمين. هود 51 ـ 52



ـ فاطر السماوات والاَرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الاَنعام أزواجاً
يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. الشورى ـ 11



ـ الذي خلق سبع سماوات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع
البصر هل ترى من فطور. الملك ـ 3



ـ الحمد لله فاطر السماوات والاَرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى
وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شيء قدير. فاطر ـ 1



ـ قل اللهم فاطر السماوات والاَرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك
فيما كانوا فيه يختلفون. الزمر ـ 46



ـ قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السماوات والاَرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني
أمرت أن أكون أول من أسلم، ولا تكونن من المشركين. الاَنعام ـ 14



ـ إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والاَرض حنيفاً وما أنا من المشركين.
الاَنعام ـ 79



ـ رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاَحاديث فاطر السماوات
والاَرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين. يوسف ـ 101



انفطار الكون عند القيامة



ـ إذا السماء انفطرت. وإذا الكواكب انتثرت. وإذا البحار فجرت. وإذا القبور
بعثرت. علمت نفس ما قدمت وأخرت. الاِنفطار 1 ـ 5

ـ فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيبا. السماء منفطر به كان وعده
مفعولا. إن هذه تذكرة فمن شاء إتخذ إلى ربه سبيلا. المزمل 17 ـ 19



تكاد السماوات تتفطر من عظمة الله



ـ تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون
لمن في الأرض، ألا إن الله هو الغفور الرحيم. الشورى ـ 5 وقال في بحار الاَنوار ج 70
ص346: تكاد السموات يتفطرن، أي يتشققن من عظمة الله، وروى علي بن إبراهيم
عن الباقر عليه السلام: أي يتصدعن من فوقهن. انتهى. وروى نحوه السيوطي في
الدر المنثور ج 6 ص 3



تكاد السماوات تتفطر من الاِفتراء على الله



ـ تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الاَرض وتخر الجبال هدا. أن دعوا للرحمن
ولدا. وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا. إن كل من في السماوات والاَرض إلا آتي
الرحمن عبدا. لقد أحصاهم وعدَّهم عدا. مريم 90 ـ 93



فطرة الله التي فطر الناس عليها



ـ فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله،
ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا
تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون.
الروم ـ 30 ـ 32



ـ وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا، قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من
المشركين. قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق

ويعقوب والاَسباط، وما أوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم، لا نفرق
بين أحد منهم ونحن له مسلمون. فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا، وإن تولوا
فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. صبغة الله ومن أحسن من الله
صبغة ونحن له عابدون. قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم
أعمالكم ونحن له مخلصون. البقرة 135 ـ 139



ـ إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون. هود ـ 51



ـ وإذ قال إبراهيم لاَبيه وقومه إنني براء مما تعبدون. إلا الذي فطرني فإنه سيهدين
. وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون. الزخرف 26 ـ 28



ـ وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا
يسألكم أجراً وهم مهتدون. وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون. أأتخذ من
دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لاتغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون. يس 20 ـ 23



ـ قالوا آمنّا برب هارون وموسى. قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي
علمكم السحر، فلاَقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاَصلبنكم في جذوع النخل
ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى. قالوا لن نؤثرك على ماجاءنا من البينات والذي فطرنا
فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. طه 70 ـ 72



الفطرة الاَولى والفطرة الثانية



ـ وقالوا أإذا كنا عظاماً ورفاتاً أإنا لمبعوثون خلقاً جديداً. قل كونوا حجارةً أو
حديدا. أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا، قل الذي فطركم أول
مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو، قل عسى أن يكون قريباً. يوم
يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً. الاِسراء 51 ـ 52



فطرة الناس على معرفة الله تعالى وتوحيده



ـ نهج البلاغة ج 1 ص 215



110 ــ ومن خطبة له عليه السلام: إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه

وتعالى، الاِيمان به وبرسوله، والجهاد في سبيله فإنه ذروة الاِسلام، وكلمة
الاِخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة فإنها الملة. انتهى. ورواه في الفقيه ج 1 ص 205



ـ الكافي ج 2 ص 12



علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال قلت: فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟ قال: التوحيد.



ـ علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبدالله بن سنان، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس عليها، ما
تلك الفطرة ؟ قال: هي الاِسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال:
ألست بربكم ؟ وفيهم المؤمن والكافر.



ـ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة عن أبي
جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: حنفاء لله غير مشركين به ؟ قال:
الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها. لا تبديل لخلق الله ؟ قال: فطرهم على
المعرفة به.



ـ المحاسن للبرقي ج 1 ص 241



عنه، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال سألت أبا
جعفر عليه السلام عن قول الله: حنفاء لله غير مشركين به، ما الحنيفية ؟ قال: هي الفطرة التي
فطر الناس عليها، فطر الله الخلق على معرفته.



ـ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب،
عن زرارة قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس
عليها ؟ قال: فطرهم جميعاً على التوحيد.



ـ علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ابن أبي جميلة، عن محمد
الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟
قال: فطرهم على التوحيد.

ـ عنه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال سألت
أباعبدالله عليه السلام عن قول الله: وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم
وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى. قال: ثبتت المعرفة في قلوبهم ونسوا
الموقف وسيذكرونه يوماً ما، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه.



ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 117، ورواه في تفسير القمي وفيه: فمنهم من أقر
بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله: فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل.



ـ التوحيد للصدوق ص 328 ـ 330



روى الصدوق عشر روايات تحت عنوان (باب فطرة الله عز وجل الخلق على
التوحيد) وقد تقدم أكثرها، وجاء في السابعة منها (التوحيد ومحمد رسول الله
وعلي أمير المؤمنين).



ـ معاني الاَخبار للصدوق ص 350



محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
قول الله عز وجل: حنفاء لله غير مشركين به، وقلت: ما الحنفية ؟ قال: هي الفطرة.
انتهى. ورواه في بحار الاَنوار ج 3 ص 276، وروى عدداً وافراً من هذه الاَحاديث ج 3 ص
276 وج 5 ص 196 وص 223، والحلي في مختصر بصائر الدرجات ص 158 ـ 160،
والحويزي في تفسير نور الثقلين ج 2 ص 96 وج 4 ص 186.... وغيرهم.



الفطرة حالة استعداد لا تعني الاِجبار وسلب الاِختيار



ـ نهج البلاغة ج 1 ص 120



اللهم داحي المدحوات وداعم المسموكات، وجابل القلوب على فطرتها،
شقيها وسعيدها، إجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك
ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل.




ـ علل الشرائع ج 1 ص 121



أبي، قال حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن غير
واحد، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: قلت لاَبي عبدالله عليه السلام: أيكون الرجل
مؤمناً قد ثبت له الاِيمان ينقله الله بعد الاِيمان إلى الكفر ؟ قال: إن الله هو العدل،
وإنما بعث الرسل ليدعو الناس إلى الاِيمان بالله، ولا يدعو أحداً إلى الكفر.



قلت فيكون الرجل كافراً قد ثبت له الكفر عند الله فينقله الله بعد ذلك من الكفر
إلى الاِيمان ؟ قال: إن الله عز وجل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها لا
يعرفون إيماناً بشريعة ولا كفراً بجحود، ثم ابتعث الله الرسل إليهم يدعونهم إلى
الاِيمان بالله، حجةً لله عليهم، فمنهم من هداه الله، ومنهم من لم يهده. انتهى. ورواه
في الكافي ج 2 ص 416، وجاء في هامشه:



قال المجلسي رحمه الله: الظاهر أن كلام السائل استفهام، وحاصل الجواب: أن الله
خلق العباد على فطرة قابلة للاِيمان وأتم على جميعهم الحجة بإرسال الرسل وإقامة
الحجج، فليس لاَحد منهم حجة على الله في القيامة، ولم يكن أحد منهم مجبوراً
على الكفر لا بحسب الخلقة ولا من تقصير في الهداية وإقامة الحجة، لكن بعضهم
استحق الهدايات الخاصة منه تعالى فصارت مؤيدة لاِيمانهم، وبعضهم لم يستحق
ذلك لسوء اختياره، فمنعهم تلك الاَلطاف فكفروا، ومع ذلك لم يكونوا مجبورين
ولا مجبولين بعد ذلك من الاِيمان إلى الكفر.



ـ تفسير العياشي ج 1 ص 104



ـ عن مسعدة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: كان الناس أمة واحدة فبعث الله
النبيين مبشرين ومنذرين.



فقال: كان ذلك قبل نوح. قيل: فعلى هدى كانوا ؟ قال: بل كانوا ضلالاً، وذلك
أنه لما انقرض آدم وصالح ذريته بقي شيث وصيه لا يقدر على إظهار دين الله الذي
كان عليه آدم وصالح ذريته، وذلك أن قابيل تواعده بالقتل كما قتل أخاه هابيل،

فسار فيهم بالتقية والكتمان، فازدادوا كل يوم ضلالاً حتى لم يبق على الاَرض معهم
إلا من هو سلف، ولحق الوصي بجزيرة في البحر يعبد الله، فبدا لله تبارك وتعالى أن
يبعث الرسل، ولو سئل هؤلاء الجهال لقالوا: قد فرغ من الاَمر وكذبوا إنما هي (هو)
أمر يحكم به الله في كل عام، ثم قرأ: فيها يفرق كل أمر حكيم، فيحكم الله تبارك
وتعالى ما يكون في تلك السنة من شدة أو رخاء أو مطر أو غير ذلك.



قلت: أفضلالاً كانوا قبل النبيين أم على هدى ؟



قال: لم يكونوا على هدى، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل
لخلق الله، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله، أما تسمع يقول إبراهيم: لئن لم
يهدني ربي لاَكونن من القوم الضالين، أي ناسياً للميثاق. انتهى. ورواه في تفسير
نور الثقلين ج 1 ص 736



ـ تفسير التبيان ج 2 ص 195



فإن قيل: كيف يكون الكل كفاراً مع قوله: فهدى الله الذين آمنوا ؟



قلنا: لا يمتنع أن يكونوا كلهم كانوا كفاراً، فلما بعث الله إليهم الاَنبياء مبشرين
ومنذرين اختلفوا، فآمن قوم ولم يؤمن آخرون.



وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله، لا
مهتدين ولا ضلالاً، فبعث الله النبيين....



ـ بحار الاَنوار ج 65 ص 246



وقال النيسابوري: إعلم أن جمهور الحكماء زعموا أن الاِنسان في مبدأ فطرته
خال عن المعارف والعلوم، إلا أنه تعالى خلق السمع والبصر والفؤاد وسائر القوى
المدركة حتى ارتسم في خياله بسبب كثرة ورود المحسوسات عليه حقائق تلك
الماهيات وحضرت صورها في ذهنه. ثم إن مجرد حضور تلك الحقائق إن كان كافياً
في جزم الذهن بثبوت بعضها لبعض أو انتفاء بعضها عن بعض فتلك الاَحكام علوم

بديهية، وإن لم يكن كذلك بل كانت متوقفة على علوم سابقة عليها ـ ولا محالة
تنتهي إلى البديهيات قطعاً للدور أو التسلسل ـ فهي علوم كسبية. فظهر أن السبب
الاَول لحدوث هذه المعارف في النفوس الاِنسانية هو أنه تعالى أعطى الحواس
والقوى الداركة للصور الجزئية. وعندي أن النفس قبل البدن موجودة عالمة بعلوم
جمة هي التي ينبغي أن تسمى بالبديهيات، وإنما لا يظهر آثارها عليها، حتى إذا
قوي وترقى ظهرت آثارها شيئاً فشيئاً. وقد برهنا على هذه المعاني في كتبنا الحكمية
فالمراد بقوله: لا تعلمون شيئاً، أنه لا يظهر أثر العلم عليهم، ثم إنه بتوسط الحواس
الظاهرة والباطنة يكتسب سائر العلوم. ومعنى: لعلكم تشكرون، إن تصرفوا كل آلة
في ما خلقت لاَجله، وليس الواو للترتيب حتى يلزم من عطف (جعل) على
(أخرج) أن يكون جعل السمع والبصر والاَفئدة متأخراً عن الاِخراج من البطن.



ـ بحار الاَنوار ج 1 ص 93



مص: قال الصادق عليه السلام: الجهل صورة ركبت في بني آدم، إقبالها ظلمة، وإدبارها
نور، والعبد متقلب معها كتقلب الظل مع الشمس، ألا ترى إلى الاِنسان تارة تجده
جاهلاً بخصال نفسه حامداً لها عارفاً بعيبها في غيره ساخطاً، وتارة تجده عالماً
بطباعه ساخطاً لها حامداً لها في غيره، فهو متقلب بين العصمة والخذلان، فإن
قابلته العصمة أصاب، وإن قابله الخذلان أخطأ، ومفتاح الجهل الرضا والاِعتقاد به،
ومفتاح العلم الاِستبدال مع إصابة موافقة التوفيق، وأدنى صفة الجاهل دعواه العلم
بلا استحقاق، وأوسطه جهله بالجهل، وأقصاه جحوده العلم، وليس شيء إثباته
حقيقة نفيه إلا الجهل والدنيا والحرص، فالكل منهم كواحد، والواحد منهم كالكل.



وقال في هامشه: وقوله عليه السلام: الجهل صورة ركبت.. إلخ. لاَن طبيعة الاِنسان في
أصل فطرتها خالية عن الكمالات الفعلية والعلوم الثابتة، فكأن الجهل عجن في
طينتها وركب مع طبيعتها، ولكن في أصل فطرته له قوة كسب الكمالات بالعلوم
والتَّنَورٌّ والمعارف.

قوله عليه السلام: فالكل كواحد، لعل معناه أن هذه الخصال كخصلة واحدة لتشابه
مباديها، وانبعاث بعضها عن بعض، وتقوي بعضها ببعض، كما لا يخفى.



ـ بحار الاَنوار ج 11 ص 10



.... عن الباقر عليه السلام أنه قال: إنهم كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله لا مهتدين
ولا ضلالاً، فبعث الله النبيين. انتهى.



قال المجلسي رحمه الله: وعلى هذا فالمعنى أنهم كانوا متعبدين بما في عقولهم غير
مهتدين إلى نبوة ولا شريعة.



ـ الاِقتصاد للشيخ الطوسي ص 100



فإن قيل: لو كانت المعرفة لطفاً لما عصى أحد.



قلنا: اللطف لا يوجب الفعل، وإنما يدعو إليه ويقوي الداعي إليه ويسهله، فربما
وقع عنده الفعل، وربما يكون معه أقرب وإن لم يقع.



ـ شرح الاَسماء الحسنى ج 2 ص 84



.... كما سئل عليه السلام: أنحن في أمر فرغ أم في أمر مستأنف ؟ فقال: في أمر فرغ وفي
أمر مستأنف، فالموضوعان السعيد والشقي الاَخرويان كما قال تعالى: يوم يأتي لا
تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد.



إن قلت: هذا فيما سوى هذا الوجه ينافي قوله صلى الله عليه وآله: كل مولود يولد على فطرة
الاِسلام، إلا أن أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ؟



قلت: كل مولود يولد على الفطرة روحاً وصورة بالجهة النورانية، والسعيد سعيد
في بطن أمه وكذا الشقي جسداً ومادة، وإذا جعلنا بطن الاَم النشاة العلمية فكل
مولود يولد على الفطرة وجوداً، والسعيد سعيد ماهية ومفهوماً، وكذا الشقي شقي
ماهية ومفهوماً، كل منهما بالحمل الاَولي، ليس فاقداً لنفسه، وليس مفهوم أحدهما
هو المفهوم من الآخر، فإن المفاهيم من أية نشأة كانت فطرتها وذاتيها الاِختلاف،

والوجود أية مرتبة منه ذاته وجبلته الوحدة والاِتفاق، ما به الاِمتياز فيه عين ما به
الاِشتراك، به استمساك الماهيات التي هي مثار الكثرة والمخالفة، فهو جهة ارتباطها
ونظمها وبه لا انفصام لها.



وبالجملة قد ظهر لك أن اختلاف الوجودات مرتبة في العين، واختلاف قبول
الماهيات لمراتب الوجود المقول بالتشكيك فيه، على طبق اختلاف الماهيات
بحسب المفهوم في العلم. وهذا معنى اختلاف الطينة في الاَزل كما هو عن
الاَئمة عليهم السلام مأثور.... وهو مقتضى العدل.



ويمكن التوفيق بين هذا القول التحقيقي البرهاني والذوقي الوجداني، وبين
القول بالتسوية في الطينة باعتبار الوجود والماهية، ولا سيما في مقام الجمع.



ـ شرح الاَسماء الحسنى ج 1 ص 54



قال صدر المتألهين: إن الله عز وجل لا يولي أحداً إلا ما تولاه طبعاً وإرادة، وهذا
عدل منه ورحمة. وقد ورد أن الله تعالى خلق الخلق كلهم في ظلمة ثم قال: ليختر
كل منكم لنفسه صورة أخلقه عليها، وهو قوله: خلقناكم ثم صورناكم، فمنهم من
قال رب اخلقني خلقاً قبيحاً أبعد ما يكون في التناسب وأوغله في التنافر، حتى لا
يكون مثلي في القبح والبعد عن الاِعتدال أحد، ومنهم من قال خلاف ذلك، وكل
منهما أحب لنفسه التفرد فإن حب الفردانية فطرة الله السارية في كل الاَمم التي تقوم
بها وجود كل شيَ، فخلق الله كلاً على ما اختاره لنفسه، فتحت كل منكر معروف
وقبل كل لعنة رحمة وهي الرحمة التي وسعت كل شيَ، فإن الله يولي كلاً ما تولى،
وهو قوله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله
جهنم وساءت مصيراً، فإن شك في ذلك شاك فليتأمل قوله تعالى: إنا عرضنا الاَمانة
على السموات والاَرض والجبال فأبين أن يحملنها.. الآية، ليعلم أن الله تعالى لا
يحمل أحداً شيئاً قهراً وقسراً، بل يعرضه أولاً فإن تولاه ولاه وإلا فلا. وهذا من
رحمة الله وعدله.



لا يقال: ليس تولي الشيَ ما تولاه عدلاً حيث لا يكون ذلك التولي عن رشد
وبصيرة فإن السفيه قد يختار لنفسه ما هو شر بالنسبة إليه وضر لجهله وسفاهته،
فالعدل والشفقة عليه منعه إياه.



لاَنا نقول: هذا التولي والتوجيه الذي كلامنا فيه أمر ذاتي لا يحكم عليه بالخير
والشر بل هو قبلهما، لاَن ما يختاره السفيه إنما يعد شراً بالقياس إليه لاَنه مناف لذاته
بعد وجوده، فلذاته اقتضاء أول متعلق بنقيض هذه السفاهة، فذلك هو الذي أوجب
أن يسمى ذلك شراً بالقياس إليه.



وأما الاِقتضاء الاَول الذي كلامنا فيه فلا يمكن وصفه بالشر، لاَنه لم يكن قبله
اقتضاء يكون هذا بخلافه فيوصف بأنه شر، بل هو الاِقتضاء الذي جعل الخير خيراً،
لاَن الخير لشيَ ليس إلا ما يقتضيه ذاته. والتولي الذي كلامنا فيه هو الاِستدعاء
الذاتي الاَزلي والسؤال الوجودي الفطري الذي يسأله الذات المطيعة السامعة لقول
كن، وقوله ليس أمر قسر وقهر، لاَن الله عز وجل غني عن العالمين، فكأنه قال لربه
إئذن لي أن أدخل في عدلك وهو الوجود، فقال الله تعالى كن.



ـ تفسير الميزان ج 2 ص 346



لكن يمكن أن يقال إن الاِنسان بحسب خلقته على نور الفطرة هو نور إجمالي
يقبل التفصيل، وأما بالنسبة إلى المعارف الحقة والاَعمال الصالحة تفصيلاً فهو في
ظلمة بعد لعدم تبين أمره. والنور والظلمة بهذا المعنى لا يتنافيان ولا يمتنع
اجتماعهما، والمؤمن بإيمانه يخرج من هذه الظلمة إلى نور المعارف والطاعات
تفصيلاً، والكافر بكفره يخرج من نور الفطرة إلى ظلمات الكفر والمعاصي التفصيلية.



والاِتيان بالنور مفرداً وبالظلمات جمعاً في قوله تعالى: يخرجهم من الظلمات
إلى النور، وقوله تعالى: يخرجونهم من النور إلى الظلمات، للاِشارة إلى أن الحق
واحد لا اختلاف فيه كما أن الباطل متشتت مختلف لا وحدة فيه، قال تعالى: وأن
هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم.... الاَنعام ــ 153

ـ مجموعة الرسائل للشيخ الصافي 243



للشيخ المفيد في بحث الاِعتقاد بالفطرة رأي آخر غير ما ذهب إليه الشيخ
الصدوق، ولتوضيح ذلك نقول: توجد في باب الاِعتقاد بالفطرة وآيات الفطرة
وأحاديثها كالحديث (فطرهم على التوحيد) أو (كل مولود يولد على الفطرة)
ثلاثة أوجه:



الوجه الاَول: أن المراد من ذلك هو أن الله جعل فطرة الاِنسان نقية مقتضية
للتوحيد والعقائد الحقة، وحب الحق والخير والتصديق بحسن العدل وقبح الظلم
والنفور عن الباطل والشر، بحيث لو لم يحجب هذه الفطرة الاَمور المخالفة من قبيل
التربية فالاِنسان بنفسه سيهتدي إلى الله ويقر بوجود الصانع، كما يتقبل العقائد الحقة
عند ما تعرض عليه.



والصدوق فسر الفطرة بهذا المعنى وقد بحثنا بتفصيل في (رسالتنا) في تفسير
آية الفطرة حول هذا الوجه وكونه موافقاً لاَصول العقائد الاِسلامية في الفطرة
والاَحاديث الشريفة التي تدل على هذا المعنى.



الوجه الثاني: أن معنى (فطر الله الخلق على التوحيد) فطرهم للتوحيد، أي
خلق الناس للاِعتقاد بالتوحيد، وإلى هذا المعنى ذهب الشيخ الاَعظم الشيخ
المفيد، واختاره.



الوجه الثالث: هو أنه عبر عن إرادة التوحيد منهم بالاِرادة التكوينية، والظاهر أن
المفيد استظهر من كلام الصدوق هذا الوجه فأجاب عن ذلك بقوله: لو كان الاَمر
كذلك لكان الجميع موحدين.



وبديهي أنه لو كان الاَمر دائراً بين الوجه الثاني والثالث، فالقول الصحيح والمعتبر
هو قول المفيد (الوجه الثاني). لكن بما أننا قلنا بأن الوجه المعتبر المستفاد من الآية
والروايات هو القول الاَول، وهو ما اختاره الصدوق ظاهراً، وفيه رجحان على القول
الثاني ظاهراً.



/ 18