حج فی احادیث الإمام الخامنئی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حج فی احادیث الإمام الخامنئی - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الحجّ في أحاديث الإمام الخامنئي ـ مد ظلّه العالي ـ


... إنّ الحديث عن الحجّ أمرٌ عظيم، خاصّة عن قدراته ـ لو أُدّيَ كما فرضه الله ـ على معالجة الأمراض الأساسية وإزالة بؤر التخلف. وهذا العلاج لا يأتي دفعة واحدة، إلاّ أنّ اجتماعاً مليونيّاً، على مرّ السنين، من الرجال والنساء الوافدين من كلّ فجّ عميق، في بقعة واحدة، وعلى صعيد أعمال متناسقة مليئة بالمعاني، وتحت لواء التوحيد العظيم، وفي أجواء عبقة بذكريات صدر الإسلام من بدر وأحد، وصعيد زيارة مسجد لا تزال جدرانه تعيد إلى الأسماع صدى التلاوة القرآنية العطرة منطلقة من حنجرة رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)
، ولا يزال نداء تكبير المجاهدين في صدر الإسلام يموج في أجوائه، كلّ ذلك في جوّ مفعم بالذكر والاستشعار ومناجاة الله عزّوجلّ، جوّ ينتشل الإنسان من ضعفه وذاتيته واعوجاجه; ليرفعه إلى معدن المجد والعظمة وقدرة ربّ العالمين.. كلّ ذلك كاف في أن يكون بلسماً شافياً يبعث القوّة في القلوب والرفعة في الهمم، والصلابة في الإرادة، والاعتماد في النفوس، والسعة في الأفق، والسرعة في تحقق الآمال، والاتّحاد بين الأخوة. ويجعل الهوان في الشيطان، والضعف في كيده.

نعم، الحجّ الصحيح والكامل.. الحجّ التوحيدي.. الحجّ حين يكون منطق حبّ الله وحبّ المؤمنين والبراءة من الشياطين، ومن الأصنام والمشركين.. يعمل أولا على وقف اتّساع دائرة مشاكل الأمّة الإسلامية، ثمّ يستأصل هذه المشاكل، ويعود على الإسلام بالعزّة، وعلى حياة المسلمين بالازدهار، وعلى البلدان الإسلامية بالاستقلال والتحرر من شرّ الطامعين. واستناداً إلى هذا الفهم الصحيح للحجّ، وضعت هذه الفريضة، بعد انتصار الثورة الإسلامية الكبرى، في رأس قائمة اهتمامات الجمهورية الإسلامية على الساحة الدولية، وركّزت هذه الدولة المباركة على تقريب الحجّ مما كان عليه في صدر الإسلام، وذلك بالمواءَمَة بين الجانب السياسي الإلهي لهذه الفريضة وهو مظهر عزّة الحيّ القيوم وقدرته، والجانب العباديّ، وهو مظهر غفران الربّ ورحمته، ولتجسيد هذا الاقتران أحيت شعيرة البراءة من المشركين ثانية في الحجّ، وهي تواصل العمل بهذا الواجب الإسلامي رغم كلّ المعوّقات السياسية، ورغم كلّ المضايقات الناشئة عن دوافع غير إسلامية.

الجمهورية الإسلامية باعتبارها النظام الذي أثبت قدرة الإسلام على إدارة المجتمعات البشرية الكبرى، ورغم كلّ ما شاع تجاه هذه القدرة من تشكيك وإعلام مضادّ خلال القرن الأخير، تنظر إلى الحجّ، لا كوسيلة لتكريس الذات، بل باعتباره ساحة توعية المسلمين، وغرس روح التقوى والإيمان والاندفاع نحو تطبيق الشريعة الإسلامية، ونحو تحقيق العزّة والاستقلال في نفوسهم.

إنّ أولئك الذين يرفضون روح الحركة والنظرة الشمولية في الحجّ إنّما يرفضون في الواقع عزّة المسلمين واستقلالهم ونجاتهم من براثن الاستكبار
والصهيونية، كلّ فتوى ورأي في مجال هذا الرفض إنّما هو حكم بغير ما أنزل الله، صادر ـ على أغلب الظن ـ عن جهل بحقائق العالم وعن انعدام البصر والبصيرة في أمور المسلمين.

كلّ مطّلع على ما تعانيه الشعوب المسلمة اليوم من وضع مرهق ومن سيطرة أمريكية متجبّرة عليهم..

كلّ من يعلم بما يرتكبه الصهاينة من جرائم، ومايحيكونه من مؤامرات خفية ضدّ البلدان الإسلامية.

كلّ من يحسّ بخطر انتشار هذه الغدّة السرطانية الخبيثة في الأجهزة الاقتصادية والسياسية لدول المنطقة..

كلّ من يشاهد ما يعيشه الشعب الفلسطيني من وضع متأزّم في مخيّمات الغربة، ومن احتلال الجلاّدين لأرض هذا الشعب..

كلّ من يعلم بما يجري في جنوب لبنان وفي مناطقه المحتلّة بيد الصهاينة وفي أراضيه المعرضة دائماً للهجوم..

كلّ من سمع بالمآسي المفجعة في لبنان حيث الصهاينة بدعم حكومة امريكا يقصفون بين فترة وأخرى هذا البلد من الجوّ والأرض والبحر، ويقتلون بشكل جماعي الأطفال والنساء والمدنيين..

كلّ من يطّلع على أوضاع البوسنة وأفغانستان وكشمير وتاجيكستان والشيشان..

كلّ من يدري بما تدبره أمريكا الطاغية والصهيونية عدوّة البشرية من مؤامرات متواصلة وأعمال عدوانية ضدّ الجمهورية الإسلامية الّتي تمثل اليوم مظهر حاكمية القرآن والإسلام.

نعم.. من يعلم كلَّ هذه الحقائق وهو يتحلّى بغيرة إسلامية ويحسّ بمسؤولية
دينيّة، لا يتردّد في الحكم على أن تضييع رصيد الحجّ العظيم، وفقدان هذا السند الإلهي المستحكم للإسلام والمسلمين خسارة لاتعوَّض وذنب لا يُغتفَر.

إنّ ما تعانيه الدول الإسلامية من ضعف، وما يوجد بينها من تمزّق مؤلم حقيقة لا يمكن كتمانُها أو إنكارها. العالم العربي دفع بنفسه اليوم إلى حالة لا يستطيع معها ـ مع الأسف ـ أن يدخل ساحة الحرب حتّى ليوم واحد مع العدو الغاصب لأراضيه، وأن يدافع عن الشعب اللبناني الذي أضحى ضحية جرائم الكيان الصهيوني الغاصب.

نحن نرى المعدّات الحربية الجوّية ومعدّات الدفاع الجوّي المشتراة بأثمان خيالية من مصانع الغرب تملأ مستودعات هذه البلدان، بينما تقصف طائرات الصهاينة بحرية بيوت الشعب العربي اللبناني، وتهدم عليهم منازلهم، ولاتستطيع أية واحدة من هذه الدول أن تقطع الطريق أمام هذا القصف الوحشي وتمنعه.

هذه الحقائق المرّة لو أضفت لها ما تمارسه القوى الاستكبارية من نفوذ سياسي، ومن هجوم دون مانع للسيطرة الثقافية التامّة على كثير من هذه البلدان، وما تشهده الساحة من مصائب فادحة تنذر بالخطر، فإنّها كافية لكلّ ضمير حيّ وعقل سليم أن يتوصّل إلى أن البلدان الإسلامية والشعوب الإسلامية والعيّنة الإنسانية المجتمعة حول الكعبة المشرفة، والمواقف المباركة في أرض الوحي بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى معنى الحجّ وروحه وقوّته المودعة فيه، ولا بدّ لها من أن تستثمر عطاءه.

هذا هو حديثنا عن الحجّ وهذا هدف دعوتنا إلى إحياء الحجّ وسائر شعائر الإسلام الحياتية.

/ 1