أولاً : الناحية العمرانية في عهد قريش - نواحی العمرانیة لمکة المکرمة علی مر العصور نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نواحی العمرانیة لمکة المکرمة علی مر العصور - نسخه متنی

عباس المهاجر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



أولاً : الناحية العمرانية في عهد قريش


:


إن
العمران في مكّة لم يزد عن مضارب من الشعر ، كانت تتلاصق أو تتباعد في حواشي
الوادي ، وبين ليات جباله ، وما إن أَطلّ العهد الذي ندرسه ـ عهد حكومة
قريش ـ حتى كانت المضارب من الشعر قد حلّت محلّها البيوت المرصوصة بالحجر ،
أو المبنيّة بالطين والحجر فيما يحاذي المسجد ، أو بالطين التيء وحده على
حوافي الأباطح في أعلى مكة ، أو على شواطئ المسيل في أسفلها .


وكان سعيد بن
عمرو السهمي أوّل مَن بنى بيتاً بمكّة ، وقد قيل فيه :




وأوّل
من بوّا بمكّة بيتَه


وسوّر فيها مسكناً بأثافي1


وكانوا
يبنونها بحيث لا تستوي على سقوف مربعة كما نفعل اليوم .


وأول من بنى
بيتاً مربعاً حميد بن زهير ، وأستهولت قريش عاقبة التربع في هندسة البيت ،
فقالت :


«
ربع حميد بيتاً ـ اما حياة أو موتاً »2 .


وأول مَن
بوّب في مكّة « حاطب بن أبي بلتعة »3 .


وكانوا
يجعلون بين يديها العرصات ينزل الحجاج فيها والمعتمرون . ولما شرعوا يصنعون
لبعض الدور أبواباً كانوا يقصرون ذلك على بعض غرفها ، ويتركون مداخلها شارعة
على عرصاتها دون أبواب ، وقد قيل إن هند بنت سهيل عندما استأذنت عمر بن
الخطاب في أن تجعل على دارها بابين أبى وقال لها :


إنما تريدون
أن تغلقوا دوركم دون الحجاج والمعتمرين ، قالت : تالله ما أريد إلا أن أحفظ
على الحجاج متاعهم ; فأغلقها عليهم من اللصوص فأذن لها فبوبتها .


ويستطيع
الباحث أن يستنتج : أن العمران في مكّة ـ في عهدنا الذي ندرسه ـ نشط
نشاطاً كبيراً ، بعد أن تركنا المضارب تتباعد على حوافي وادي إبراهيم من أعلى
مكّة إلى أسفلها ، ثم تعرج في ناحية منها إلى مداخل الشامية اليوم نحو
قعيقعان ; نجدها الآن وقد اتصلت وتكاثفت واتخذت كلُّ قبيلة منزلها من الوادي
وشعابه ، ولم يزحف عمرانهم إلى مرتفعات الجبال وأكتافها كما نفعل اليوم ...
بل ظل مستوياً باستواء سطح الوادي .


وقد
ذكروا أن قصياً خطّ للكعبة ساحة توازى صحن المسجد اليوم ، وأباح للناس أن
يبنوا دون ذلك حول مدارها من الجهات الأربع ، وكانوا لا يبيحون لأنفسهم قبل
«قُصيّ» السكنى ، أو المبيت بجوار الكعبة . ثم أمرهم أن يجعلوا بين بيوتهم مسالك يفضون منها إلى
ساحة الكعبة ، وأهم هذه المسالك مسلك شيبة وهو في مكان بني شيبة اليوم ، ولم
يبوّب ساحة الكعبة أو يسورها ، كما أمر بأن لا يرفعوا بيوتهم عن الكعبة لتظل
مشرفة عليها ; وكانوا يتخذون مجالسهم العامة في أفيائها ، كما بنى دار الندوة
لاجتماعاتهم الخاصة4
.


وفي
استطاعتنا أن نرسم خطوطاً تقريبية لخريطة مكّة ، نبين فيها باختصار مواقع
البطون في مكّة يومها ، وسير العمران بين شعابها ، اعتماداً على ما ذكره
الأزرقي في تخطيطه مواقع القبائل في كتابه أخبار مكّة5 .


ولتوضيح ذلك
في الأذهان ; نستطيع أن نجعل من باب بني شيبة نقطة ابتداء لتخطيطاتهم ، فقد
كان موضع ارتكاز الحركة العمرانية في أمّ القرى ، كما كان أهم مداخل المسجد
الحرام ، وكانت البيوت تتكاثف حوله متجهة في الشرق إلى «حصوة» باب عليّ ، وفي
الشمال قليلا إلى «حصوة» باب السلام ، تنزلها بطون غساسنة الشام وبعض
السفيانيين ، وتتخللها متاجر للعطارين ، فإذا مضى بنا الخطّ مستقيماً إلى جهة
باب النبيِّ واجهنا بيت العباس ، ودار جبير بن مطعم ، ودور لبني عامر بن لؤي
، واستقام أمامنا زقاق أصحاب الشيرق ، وهو إلى جانب زقاق الحجر حيث تقوم دار
لابن علقمة ، ودور أخرى لآل عدي من ثقيف . فإذا نفذنا من ذلك إلى شارعنا
العام في القشاشية6 ، متوجهين
إلى أعلى مكة استقام أمامنا سوق كانوا يُسمونه سوق الفاكهة ، ثم سوق الرطب ،
ثم رباع كانت لبعض بني عامر ، وعند سوق الليل تصافحنا الدار التي كانوا
يسمونها دار مال الله ، وكانوا ينفقون فيها على المرضى ويطعمونهم . وبالقرب
من الدار يلتوي شعب ابن يوسف ، وهو ما نسمّيه اليوم شعب عليّ ، وفيه دور عبد
المطلب بن هاشم ، ودور أخرى لأبي طالب ، وأخرى للعباس بن عبد المطلب ، وإذا
عدنا إلى استقامتنا في شارعنا العام يصافحنا دار العاص في فوهة شعب بني عامر
، ثم يلتوي شعب بني عامر في دروب متعددة تقوم عليها دور لبني بكر ، وأخرى
لبني عبد المطلب بن عبد المناف ، ونستقيم مرة أخرى في شارعنا العام فيواجهنا
ردم آل عبد الله ، وكانوا يعارضون به مجرى السيل ويسمونه الردم ، وعنده يقف
الحمارون ، ونمضي قليلا إلى المعلاة لنجد الجزّارين عن يميننا في شعب أبي دب
، ثم مكان المقابر وهي بعد حدود شعب عامر ، ثم بعض بساتين تنتهي منها إلى
شعبة الجن ، ثم ثنية الحجون ، ثم بساتين أخرى نصل بعدها إلى شعب الصفي وهو ما
نسميه اليوم المعابدة ، وفيه دور لبني كنانة وآل عتبة بن أبي معيط ، ودور
لربيعة من بني عبد شمس .


وإذا بدأنا
خطّاً آخر من باب بني شيبة ، متوجّهين إلى الشمال الشرقي في المسعى صادفتنا
دورٌ لبني عدي ، قائمة بين باب بني شيبة ورواق باب السلام ، وفي المسعى
يتوجّه درب إلى يميننا كانوا يسمونه الخرامية ، وكان فيه مكان للبانين ، وفيه
سقيفة ، ودار الحكم بن حزام ، ودور تتخللها عرصات لبني سهم ، ويمضي بنا الدرب
إلى بيت خديجة ، حتى يخرج إلى مكان المدعى اليوم .


وإلى يسارنا
ـ ونحن في المسعى ـ طريق الساعين إلى المروة ، وفي المروة دور لآل عتبة بن
فرقد ، ودار كبيرة لآل ياسر ، في واجهتها الحجامون والحلاقون ، وإذا مضينا في
المسعى مصعدين في طريق المدعى انتهينا إلى رحبة واسعة ، كانت تحط فيها عير
الحنطة والسمن والعسل والحبوب ; لتباع فيها ، وهي ما نسميها اليوم المحناطة ،
وفيها دور لبني عبد الشمس ، ودار أبي سفيان وهي في مكان «القبان» اليوم ، وقد
أشار النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إليها عندما قال يوم الفتح : « مَن
دخل دار أبي سفيان كان آمناً » ثم دور لأولاد العباس تصل إلى قريب من المدعى
، ثم دور لأولاد الحارث ، ثم طريق إلى يسارنا يمضي إلى جبل الديلم ، وهو يشرف
على القرارة اليوم . ثم نمضي في استقامتنا إلى طريق المعلاة لنمرّ على دور
لبني غزوان ، وأخرى لأولاد الحارث بن عبد المطلب .


ونبدأ خطاً
ثالثاً من باب بني شيبة متوجهين غرباً إلى دار الندوة ; لنجد البيوت تتكاثف
قبل الرواق ، إلى جانبها دار لشيبة بن عثمان ، ودار لخزانة الكعبة ،
ودار لصاحب البريد ، ودار لبيت المال ، ودار للخطاب بن نفيل ، ثم نصعد شمالا
إلى جهة الرواق ، الذي فيه باب الزيادة ، إلى باب الدريبة ، فتصادفنا دور
لبني خزاعة ، بينها زقاق الحذائين ، نسلك منه إلى سويقة ، ثم ننعطف منه إلى
المروة ، ومن جهة أخرى دور لآل زرارة من تميم ، ثم يمضي بنا الشعب إلى
قعيقعان في مداخل ما نسميه الشامية ـ اليوم ـ فإذا توجهت إلى يمينك توجه بك
درب إلى ناحية الديلم ، بالقرب من القرارة ـ اليوم ـ ، ثم تصعد إذا شئت على
تلال في مكان الفلق كانوا يصعدونها ; لينزلوا منها إلى مكان سوق المعلاة ـ
اليوم ـ ولم يفلق هذا الطريق إلا ابن الزبير في عصره .


وإذا أردنا
أن ننتقل من شقّ مكة الأعلى إلى شقها الأسفل ، تعيّن علينا أن نجعل نقطة
ابتداء تخطيطنا ما بعد صحن المسجد أمام باب أجياد ، متوجهين إلى الشرق ثم إلى
الجنوب الشرقي .


كانت منازل
بني عائذ تبتدئ من صحن المسجد فيما يوازي ركن الكعبة اليماني ، ممتدة غرباً
إلى ما يحاذي بئر زمزم ، ثم تصعد في الشرق نحو باب عليّ . وكانت دور بعض
كبارهم شارعة على مكان المسعى ، على يسار القادم من الصفا يريد المروة ، أي
فيما يحاذي باب علي اليوم تقريباً . وكانت منازل عدي بن كعب تبتدئ من صحن
المسجد متوجهة إلى الصفا من ناحية ، وإلى أجياد من ناحية أخرى قبل أن ينقلوا
إلى أسفل مكّة .


وفي
الطريق الذي يبدأ من باب الصفا متوجهاً جنوباً إلى باب أجياد كانت سقيفة لبني
عائذة ، وسوق للبزازين «القماشين» وبالقرب من ذلك كان البيت الذي اتخذه
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لتجارته قبل البعثة مع شريكه السايب بن
السايب . وإذا انتهيت إلى باب أجياد ، ووقفت حيث تكون القبلة في ظهرك ،
ومداخل أجياد في وجهك امتد أمامك شعبان : أحدهما عن يمينك إلى ما نسميه ـ
اليوم ـ بئر بليلة ، وكانوا يسمونه أجياد الكبير ، وامتد الشعب الثاني على
يسارك إلى ما نسميه ـ اليوم ـ السد ، وكانوا يسمونه أجياد الصغير ، ولست أعني
بالامتداد ما يتبادر إلى ذهنك من نفاد الجادة واستقامتها بامتداد الشعوب ،
فقد كان العمران يتخلل الجادة ويعرقل استقامتها ... وكان بنو تميم ينزلون
حوالي باب أجياد ، وتمتد بيوتهم من جهة الغرب إلى قبيل حدود المسجد يومها ،
وهي حدود صحن الكعبة اليوم ، وكان بنو مخزوم ينزلون في فوهة أجياد الكبير
مكان الرواق الجديد اليوم .... وكان جماعة من الأزد ينزلون خلف ذلك مما يتصل
بمكان الصحة العامة ، وخلفها كان منزل أبي جهل بن هشام لا يبعد عن ذلك كثيراً
، وفي أجياد الصغير إلى الجادة المتصلة بالسد كانت منازل لآل عدي بن عبد شمس
، وفي أجياد مكان للحواتين ، ودار لعبد الله بن جدعان التي كان فيها حلف
الفضول الذي تعاقدت فيه القبائل متفقة بأن لا يقرّ في مكة ظالم . وفيها دور
لآل سلمة ابن هشام ، وفيها بئر يجمع بين أجيادين احتفرها آل سلمة مع جماعة من
جيرانهم ، وكان يردها السكان في فوهة الشعب باجيادين ، وأكاد اعتقد أنها
البئر الموجودة اليوم قبيل عمارة المستشفى ; لأنها تجمع بين طرفي أجيادين
.


واذا تركت
أجيادين ، ماضياً في الشارع العام إلى الجنوب نحو المسفلة ، بدأت بسوق
الحزورة بجوار باب الوداع ، ورأيت الدروب تمضي على يمينك إلى قرب المسجد عند
حدود المطاف ومن أشهرها درب الحناطين ، واعتقد أنه كان سوقاً للحنطة ،
فالحائط في اللغة هو كثير الحنطة ، وموقع هذا الدرب صالح لبيع منتجات الجنوب
من الحنطة في مكة ، وفي هذه الجهة كانت تنزل بطن من آل صيفي ، وفيها دور لآل
عبد الدار ، وأخرى لجماعة لبني اسد بن عبد العزى .


ولعلنا إلى
هذا الحد استطعنا أن نرسم خطوطاً تقريبية لمكة في الجاهلية ، ولا يفوتنا ـ في
أذيال هذا البحث ـ أن نشير الى الضواحي التي كان يحلو للمكيين أن ينتجعوها في
الأصائل من شهور القيظ ، وهي عادة ترى آثراها إلى اليوم في المتنزهين من
أبناء مكة في أطراف الضواحي ، وكأنما هم يمثلون بذلك عادة عرفها أجدادهم من
نحو (1500) سنة تقريباً . ومن أشهر متنزهات مكة في الجاهلية7 الليط ... والليط في رأي بعض
المؤرخين8 هو أسفل مكة فيما يقرب من بركة
ماجل متنزهاً في مكة اليوم ، ويقول الأستاذ رشدي الصالح ملحس في حاشيته على
تاريخ الأزرقي : إنه يرجح أن يكون خلف القشلاق العسكري ، أي فيما يلي جرول
الخلفية ، ولست بالذي يستبعد صحة القولين ، وكأن الوادي بعد بركة ماجل يتصل
بالجادة التي تنتهي خلف القشلاق ، فلِمَ لا يكون الليط عبارة عن امتداد من
جرول الخلفية إلى أطراف المسفلة ؟ وكانت في الليط أُقحوانة9 يجلس أهل مكة حولها في العشي ، يلبسون الثياب
المحمرة والموردة والمطيبة وفي هذا يقول الحارث بن خالد :




مَن ذا
يسايل عنّا أين منزلنا


فالأقحوانة منا منزل
قمن

إذ
نلبس العيش صفواً ما يكدره


طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن10

ومن
متنزهاتهم شعب خم ، وهو يتصل بالمسفلة اليوم ، وكان مزروعاً فيه عدة بساتين
تتصل بالليط ثم تتصل بجرول .


وكانوا
يخرجون إلى حائط الحمام بجوار المعلاة ، فقد كان لهم هناك نخيل وزروع ، وكانت
بساتين تمتد إلى الخرمانية بقرب ما نسميه المعابدة ، ثم تمضي إلى المحصب في
الطريق المؤدي إلى منى .


وكان لهم في
المحصب دكة يجتمع المتنزهون فيها أصيل كل يوم ، وكانت تشرف على نخيل باسق
وبساتين تحتضنها شعاب الوادي الممتدة إلى منى .


كما
كانت لهم بساتين في وادي فخ ونسميه الشهداء11 ـ اليوم ـ وأخرى بوادي طوى في امتداده من الحجون
إلى ريع الكحل وبساتين غير هذه في ضواحي مكة العليا إلى مزدلفة فعرفة ، وكانت
المنازل في المناطق التي ذكرناها لا تتكاثف على قاعدة المدن الحاضرة بل تتفرق
، وتفصل بينها مساحات خالية على عادة العرب في بناء قراهم ومدنهم ، أما
الناحية المتصلة بالمسجد فكانت تضيق بنزلائها ; لتنافسهم في مجاورة الكعبة .
وقد بنى القرشيون في أواخر عهدهم ما يشبه السور في أعلى المدعى وبوّبوه ، ولم
يثبت أنهم بنوا مثله من ناحية أخرى منها12
.


/ 9