الحجّ في موكب التأريخ - حج فی موکب التاریخ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حج فی موکب التاریخ - نسخه متنی

احمد الواسطی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الحجّ في موكب التأريخ



الحج ـ عند البشر جميعاً ـ هو زيارة
جماعية لمكان مقدس، في وقت معلوم، بقصد الشعور باقتراب خاص من المعبود الذي
يؤمن به القوم. ويربطون هذه الزيارة بذكريات معيّنة موغِلة في القِدم، تتصل
بالمكان الذي يفِدون إليه.


هكذا كان الحجّ ولا يزال، فقد قدّس
الناس الأشجار والغابات والجبال، والأنهار، والآبار وجعلوا منها أماكن
يزورونها جماعات، فيشعرون بالقوّة التي يبعثها في نفوسهم العدد الكثير،
وبالطمأنينة لوجودهم معاً في موقف عبادة ذات شعائر خاصة، ونظام دقيق. ومن
المؤكد أن الإنسان في العصور السحيقة قبل التاريخ، كان يرتاد بقاعاً من الأرض
يجد لها رهبة، أو راحة نفسية، أو شفافية روحانية، يحلّق بها في آفاق أسمى من
المطالب المادية التي تحاصره. ثمّ تبلور هذا الشعور في العصور التاريخية
القديمة: فالمصريون القدماء كانوا يعتقدون أنّ آلهتهم الفرعونية تجتمع في
معبد «أوزيريس» بمدينة «أبيدوس» في عيد هذا المعبود، فكانوا يحجّون إليه بهذه
المناسبة. وكان الهنود يحجّون إلى المعابد الضخمة بجبال الهملايا، أو على
ضفاف نهر الكنج، في «جُمنا»، أو «برندابان» أو في مدينة «بَنارِس» الجليلة
القدر عندهم. وفي الصين كانت الجبال المقدسة التي يَؤمّونها للحج كثيرة، خاصة جبال «تاي ـ تِشان». وفي اليابان
حيث تلتقي عبادة أرواح الأسلاف بالطقوس البوذية، في تعايش سلمي منسجم، تقوم
معابد (الشِنْتو) ـ أي تقديس الأسلاف ـ مستقلة عند المعبد البوذي ومجاورة له:
الأولى تسمى في لغتهم «جِنْجا» والثانية «أوتيرا». وأماكن حجّهم على الجبال
العالية، ولا سيما جبل «فُوجي ياما». كما يؤمّون المعابد البوذية في مدينة
«نارا» حيث أقسم أسلافهم القدماء على تحرير وطنهم من التبعية لامبراطور
الصين، فأصبح معبدها البوذي مكاناً للحجّ.


وفي العراق القديم، كانت كلّ إمارة
سومرية أو أكادية في (الألف الرابع قبل الميلاد) تتخذ لها عاصمة: تل العُبيد
ـ الوَرْكاء ـ أُور ـ إريدُو ـ تل خَلَف ـ نينوى ـ بابل ـ خفاجي ـ
أرْبِل ـ كِرْكوك ... الخ وكان تخطيط العاصمة يبدأ بمعبد مركزي، يمنح المدينة
قدسيتها، إذْ يصبح حرماً ومكاناً للحج. وكان هذا المعبد إما مربعاً، إشارة
إلى أنّ الله هو المهيمن على الجهات الأربع للعالم: الشرق والغرب والشمال
والجنوب، وإما بيضاوياً، يذكر بأنّ الله خالق للحياة، بإرادته تخرج الدجاجة،
لتبيض بدورها بمشيئته، فتستمر الحياة.


وفي كلّ معبد برج شامخ يسمّونه
«زِقُّورة» شكله مربع في المعابد المربّعة، ومستدير في المعابد البيضاوية،
ينتهي من أعلى بشرفة يرصد منها الكهنة النجوم ـ وكانوا يعبدونها ـ ويعلنون
بدايات الطقوس الدينية للحجاج. وهكذا كان الحج في إيران القديمة وبلاد
الحيثيين في آسيا الصغرى وغيرها من بلدان العالم القديم.


وإذا كان إبراهيم الخليل (عليه السلام)
قد رفع القواعد من بيت الله في مكة المكرّمة، فإنّه لم يَرِد عنه، حتى في
المرويّات اليهودية، أنه بنى لله ـ تعالى ـ بيتاً آخر في فلسطين، بل يقولون:
إنّه مرّ ببلدة «سالم» وهو الاسم الفلسطيني القديم للقدس فنزل ومن معه ضيوفاً
على ملكيصادق (ملك الفلسطينيين) وقدّم ملكيصادق ملك (سالم) خبزاً ونبيذاً;
لأنّه كان كاهناً لله العليّ، ثمّ باركه وقال: «مبارك أبرام من الله العليّ
مالك السموات والأرض، وتبارك الله العليّ الذي دفع أعداءك إلى يديك»1.


أما الساميون فقد كانوا على اختلاف
عشائرهم يحجّون إلى أماكن معيّنة في أوقات معلومة. وكان أهم هذه البقاع
المباركة عندهم، الجبال والأشجار والآبار وعيون الماء، فنقرأ مثلا في
التوراة: «وهذه هي الرسوم والأحكام التي أعطاك الرب إله آبائك، لتملكها كلّ
الأيام، التي تحيونها على الأرض، تقوّضون جميع المواضع التي كانت الأُمم التي
ترثونها تعبد فيها آلهتها: على الجبال الشامخة، والتلال، وتحت كلّ شجرة
وارفة، وتُهدّمون مذابحهم، وتكسّرون أنصابهم، وتحرّقون غاباتهم بالنار،
وتحطّمون زخارفهم لآلهتهم، وتمحون أسماءهم من ذلك الموضع، حتى لا تصنعوا هكذا
نحو الرب إلهكم. بل الموضع الذي يختاره الربّ إلهكم من جميع أسباطكم، ليحلّ
فيه اسمه ويسكن فيه، فتؤمونه، وإلى هناك تسيرون، حاملين إليه محرقاتكم
وذبائحكم وأعشاركم وتقدمات أيديكم ونذوركم ونوافلكم وبكور بقركم وغنمكم.
وتأكلون هناك أمام الرب إلهكم وتفرحون بجميع ما تمتد إليه أيديكم أنتم
وبيوتكم، مما بارككم فيه الرب إلهكم»2.


ولم ينصّ الرب ـ لا هنا ولا في أي
نصّ من كتابهم ـ على هذا الموضع! أمّا «أورشليم» فلم يكن اسمها قد أُطلق
عليها بعد، بل كانت تحمل اسم «سالم» الفلسطيني، ثمّ سميت «يبوس» باسم العشيرة
الفلسطينية التي كانت تسكنها، أما «أُورشليم» فقد بدأ بناءَها داودُ وأتمّها
سليمان، كلّ ذلك بعد موسى بخمسمائة سنة، وهما عند اليهود من الملوك وليسا من
الأنبياء، ولا الكهنة!


وكان اليهود ـ أو بنو إسرائيل ـ يجعلون
من الأشجار والجبال والتلال وعيون الماء والآبار مزارات يحجّون إليها
ويتبرّكون بها، ويبنون عندها معابدهم3.


ولا يفوتنا أن نذكر «بئر الحيّ الرائي»
بالقرب من الخليل، وقبالة سنديانة قمراً، وكثير من اليهود يحجّون إليها حتى
اليوم، لما جاء في التوراة: «وكان بعد موت إبراهيم أنّ الله بارك إسحق ابنه،
وأقام إسحق عند بئر الحيّ الرائي ...»4.


كما سبق ذكر التبرك بهذه البئر، إذ تزوج
عندها إسحق من رفقة، قبل موت أبويه إبراهيم وسارة5.


أما معبد «بيت إيل» الذي أقامه يعقوب
في أرض كنعان بالقرب من نابلس، فقد كان المكان الأول الذي يحج إليه بنو
إسرائيل حتى بعد أن شيّد سليمان الهيكل في القدس، ولم يفقد منزلته هذه إلاّ
بعد انشطار مملكة سليمان نصفين بعد وفاته:


السامرة شمالاً وكانت مملكة معادية
لأُسرة داود وسليمان في الجنوب، وتسمّي نفسها إسرائيل! واستمرّت في الحجّ إلى
«بيت إيل». أمّا أُسرة يهوذا المنحدرة من داود وسليمان فكانت تحج إلى
«الهيكل» في أُورشليم، وهو الاسم الذي اشتهرت به منذ سليمان.


/ 4