موقف رسالی من أسری بدر، وبنی قریظة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موقف رسالی من أسری بدر، وبنی قریظة - نسخه متنی

یوسف مبارک

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





أسرى بدر




قبل أن نتحدّث
حول المحور الأوّل ، لابدّ لنا من إلقاء نظرة ولو خاطفة على المعاملة القاسية
التي راحت قريش تعامل بها من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) و دعوته في
مكّة ، هذه المعاملة كانت سبباً مباشراً لاستحكام العداء بين هؤلاء المستضعفين
الذين كلّ ذنبهم وجريمتهم في نظر مشركي مكّة أنّهم كانوا يشهدون أن لا إله إلاّ
الله وأنّ محمّداً رسول الله(صلى الله عليه وآله) وآمنوا بما جاء به محمّد بن
عبدالله لا غير ، بين هؤلاء وقريش استحكم العداء وأنتج آلاماً ومصائب حلّت
بهذا الجمع المؤمن الذي ما استطاع أن يعيش في مكّة بأدنى مراتب العيش
وأقلّها ، فاضطرّ أخيراً إلى أن


(1) يهاجر جمع
منهم بعقيدته إلى بلد آخر (الحبشة) تاركاً بلده وقومه وماله وكلّ شيء لقريش ،
بعد أن أذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم
بالهجرة .


(2) فيما هاجر
بعد ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجمع آخر إلى المدينة تاركاً وطنه مكّة
التي أحبّها قائلا


«ما أطيبك من
بلدة وأحبّك إليّ! لولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت1 . وفي رواية ما سكنت
غيرك» .


(3) ثمّ جاءت
هجرة من تخلّف من المسلمين في مكّة ، فهاجر هذا القسم إلى المدينة ملتحقاً
برسول الله (صلى الله عليه وآله) وتاركاً كلّ ما يملكه قليلا كان أو كثيراً غنيمةً
لمشركي قريش حتّى يسمحوا له بالهجرة .


فهذا صهيب وهو
شيخ كان واحداً من هؤلاء المعذَّبين المهاجرين ، حينما همَّ بالخروج من مكّة
منعه المشركون ، فقال لهم : أنا رجل كبير إن كنت معكم لم ينفعكم أو لم
أنفعكم ، وإن كنت عليكم لم يضرّكم أو لم أضرّكم ، فخذوا مالي
ودعوني ، فأعطاهم ماله ، وهاجر إلى رسول الله (صلى الله عليه
وآله) .


إنّ أكثر من
هاجر كان معذَّباً من قبل قريش ، ولم تكتفِ قريش بهذا فتتركهم وشأنهم ،
بل راحت تجرّدهم من جميع أموالهم وما يملكون ، فيما صادرت أموال الآخرين ممّن
كانوا من أشراف قريش ومن ساداتها الذين آمنوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) و
هاجروا معه . . وعندئذ تميّزت أكثر دائرةُ العداء بل واستفحل أمره بين
المسلمين والمشركين ، حيث لم ينته هؤلاء الطغاة من ملاحقة أولئك المؤمنين حتى
بعد هجرتهم ، وبعد استيلائهم على ما عندهم من أموال في مكّة ، وحتّى بعد
أن ابتعدوا عن المجتمع المكّي . . . وراحت جذور هذا العداء تمتدّ في
العلاقة بينهما حتّى بعد فتح مكّة وإن هدأت شيئاً قليلا .


لقد راح كلّ
واحد من الطرفين يترصّد بالآخر ، المسلمون بقيت مشاعرهم مشدودة إلى بلدهم
وعيونهم مفتوحةً على أموالهم التي استحلّها أعداؤهم المشركون في مكّة ، وكانوا
ينتظرون فرصةً تمنّ بها السماء عليهم لإعادتها ، وهذا أمر طبيعي لا يختلف فيه
اثنان .


فيما راح
المشركون يعدّون أنفسهم بمواصلة وملاحقة المسلمين خاصّة المهاجرين وإن فرّوا
بأنفسهم وتركوا أموالهم لاستئصالهم . . خوفاً من أن تقوى شوكتهم وينتشر
أمرهم ، ويذيع بين قبائل العرب صيتهم ، فتدور الدائرة على قريش
وسلطانها . .


كانت لقريش
رحلتان تجاريتان { لاِِيلافِ قُرَيْش * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ
وَالصَّيْفِ . . .}2 .


وكانت هاتان
الرحلتان تشكِّلان العصب التجاري والاقتصادي المهمّ في حياتها بما تدرّان عليها من
نعم عظيمة ومال وفير .


التفت
المسلمون لذلك ورأوا أنّ فرصتهم آتية ، وأنّ مسير قوافل قريش قريب منهم ،
وبالتالي إذا تمكّنوا منها فإنّهم يحصلون عوضاً عمّا ضيّعوه وتركوه في مكّة من
أموالهم . . ويثأرون لأنفسهم ، ويشفون صدورهم من مشركي قريش الذين
أذاقوهم العذاب تلو الآخر ، خاصّة وأنّ هذه القوافل هي لزعماء قريش وكبرائها
لا لعوام الناس وسوادهم .


في خريف السنة
الثانية للهجرة وردت أخبار إلى المدينة مفادها أنّ قريشاً خرجت قافلتها إلى الشام
وعلى رأسها أبو سفيان مع ثلاثين أو أربعين رجلا ، وبما أنّهم محارِبون لله
ولرسوله ، راح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجمع من الصحابة يترصّدون أخبار
عودتها من الشام وهي محمّلة ، فقطعوا عليها طريق عودتها إلى مكّة ، وكانت
أهداف المسلمين من هذا العمل ويصحّ أن تكون أسباباً له


أوّلا :تنفيذ ما ندبهم إليه رسول الله (صلى
الله عليه وآله) حيث قال : «هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعلّ
الله يُنفلكموها» .


ثانياً : أخذ ما تحمله من أموال عوضاً عمّا
تركوه في مكّة واستحوذ عليه المشركون .


ثالثاً : إعلام المشركين بأنّهم لا يستطيعون
أن يجنوا شيئاً من مؤامراتهم ومواقفهم الشريرة ضدّ
المسلمين .


رابعاً : لعلّ قريشاً توقف اضطهادها لمن بقي
من المسلمين في مكّة من الذين لم يستطيعوا مغادرتها بسبب تضييقها عليهم وتعسّفها في
معاملتهم .


خامساً : تنبيه قريش أنّ تجارتها مع الشام في
خطر ولاسيّما هي عصب حياتها ، وتهديدها اقتصادياً ، وهو ما أربكها وخلق
الاضطراب في صفوفها .


لم يكتف أبو
سفيان زعيم القافلة ـ بعد أن علم بترصّد المسلمين للقافلة ـ بأن يغيّر طريقها إلى
موازاة البحر ، بل بعث إلى مكّة من يخبر قريشاً بخطّة المسلمين وبما يناله من
خطر إن لم يسعفوه بمدد .


وما إن سمع
المشركون وبالذات كبراؤهم بالتهديد الذي يشكّله المسلمون على القافلة حتّى هبّوا
بتسعمائة أو ألف مقاتل أو يزيدوا ليدافعوا عن أموالهم . وإذ هم في مسيرهم أقبل
مخبر آخر من أبي سفيان يبشِّرهم بأنّ القافلة قد نجت وليس هناك خوف عليها بعد أن
غيّر مسيرها .


إلاّ أنّ أبا
جهل وكثيراً من مشركي قريش رفضوا العودة إلى مكّة مصرّين على أن يواصلوا مسيرتهم
نحو المدينة; لتلقين المسلمين درساً بليغاً يجعلهم لا يعيدون ما فعلوا
مرّةً اُخرى أو يحسبون له ألف حساب .


وهنا وردت
الأخبار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ القافلة نجت ، وأنّ المشركين
لم يقنعوا بذلك ويكتفوا بنجاة قافلتهم ، فيعودوا من حيث أتوا بل قرّروا
التوجّه نحو المدينة وتهديدها .


لقد خرجت قريش
بعددها وعدّتها ، بخُيلائها وفخرها ، وكان الحقد يملأ قلوبهم ـ إلاّ
قليلا منهم ـ على المهاجرين ، انبعث هذا الجمع الحاقد من قريش بكامل
رغبتهم ، أي لم يكونوا مقاتلين عاديّين مكرهين ، بل كانوا مخطّطين لهذه
المعركة ومؤجِّجين لها ، وكان همّهم الأوّل أن ينتقموا من أبناء قومهم الذين
فارقوهم ، فحينما تقابل الجيشان في المعركة خرج عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن
ربيعة وابنه الوليد بن ربيعة ، طالبين المبارزة ، فخرج لهم فتية من
الأنصار وهم عوف ومعوذ ابنا الحارث وعبدالله بن رواحة ، ولمّا أبصرهم عتبة
قال : لا شأن لنا معكم ، أو ما لنا بكم من حاجة ، وحينما انتسبوا
قال لهم : أكفّاء كرام ، إنّما نريد قومنا ، فليخرج لنا من بني
قومنا ، أي من المهاجرين; ليصبّوا عليهم غضبهم وحقدهم ويشفوا
قلوبهم .


فخرج إليهم
عندئذ ثلاثة من المهاجرين : حمزة بن عبد المطّلب وعليّ بن أبي طالب وعبيدة بن
الحارث ، فقتلوا عتبة و من كان معه بعد مبارزة شرسة
قاسية .


أمّا القليل
من جيش المشركين فكانوا من المغلوبين على أمرهم ولهم فضل على المسلمين حينما كانوا
في مكّة ، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصحابه أن لا يقتلوهم وأمرهم
بأسرهم ، ومن هؤلاء بنو هاشم وكان العبّاس أحدهم وهو الذي تحمّل ألم مقاطعة
قريش لبني هاشم في الشعب ثلاث سنوات ، وطالما وقفوا ضدّ المشركين مدافعين عن
المؤمنين .


ومنهم أبو
البختري بن هشام الذي كان له الفضل في إنهاء المقاطعة تلك ، وتوجّه إلى البيت
لشقّ الصحيفة التي أكلتها الأرضة ولم يبقَ منها إلاّ لفظ (باسمك اللّهم) ،
إلاّ أنّ هذا الرجل لم يسمح للمسلمين بأسره وأصرّ على القتال حتّى
قتل .


فكانت
بدر ، وكان النصر حليف المسلمين ، والخزي والعار لأعدائهم ، وقتل من
المشركين سبعون ، وأسر سبعون آخرون كان منهم عشرون من كبراء قريش
وقادتها .


ونحن هنا
نكتفي بإلقاء الضوء على واحدة من نتائج هذه المعركة ، وهم الأسرى وكيف كان
الموقف الإسلامي منهم ، وكيف تمّ التعامل معهم .


/ 12