مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (5) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (5) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



إلى المدينة المنورة


رغم انتهاء موسم الحج ، إلاّ أنّ بيركهارت اُجبر على البقاء في مكّة
المكرمة ، بسبب الوضع المتقلب في البلاد . وعندما غادر هذا الرحالة
السويسري مكّة متوجهاً إلى المدينة المنورة ، التي ظلّت مفتوحة
للزائرين ، حتى منع الوهابيون زيارتها . . لكن هذا المنع
أُلغي نتيجة لحملة محمد علي باشا . وكان بيركهارت أوّل اُوروپي يصل إلى
المدينة المنورة ، بعد الخطر الوهابي1 .

في منتصف كانون الثاني (يناير)
1815 ، غادر بيركهارت مكة المكرمة على ظهر جمل ، في رحلة استغرقت
حوالى اسبوعين2 ، وفي صباح
اليوم الثامن والعشرين ، من الشهر نفسه ، يكون قد وصل المدينة
المنورة . ومن سوء حظه أنه وقع مريضاً بمرض البرداء ( الملاريا ) ،
حتى أصابه اليأس من نفسه ، وظنّ أنه سيقضي نحبه في المدينة فيقبر
فيها . لكنه مع ذلك استطاع أن يرى أشياء كثيرة من أحوال المدينة
ومافيها ، بحيث استطاع أن يكتب عدّة فصول عنها ، في الجزء الثاني
من رحلته (الصفحة : 138 ـ 292)3 .

بقي في المدينة المنورة ثلاثة
أشهر ، أمضى منها ثمانية أسابيع في الفراش ; لذا كتب عن المدينة
بطريقة أقل شموليّة من كتاباته عن مكّة4، بل إنّ وصفه للمدينة المنورة ناقص
وهزيل ، بالنسبة لوصفه لمكّة وجدّة والطائف . كما يقول «
برينث» ، وهو يعتمد في كثير ممّا كتبه عن المدينة على السماع ،
وماجمعه من الأخبار ، التي التقطها بدقة وأناة ، وهي تأتي بمفهوم
جديد بالنسبة للقارئ الاوروپي ، ولكن تلك المعلومات ليست مؤسسة على
ملاحظاته الشخصية وتجاربه ، ومع ذلك فقد كان يتوخى الحقيقة ببرود في
أحكامه5.

وفي البداية ، يقول
بيركهارت : إنّ القافلة التي جاء ضمنها من مكّة المكرمة ، نزلت في
الساحة الكبرى الكائنة في ضاحية المدينة ، ووجد له منزلا بواسطة
المزوّر ، وأخذ كالعادة لزيارة الحرم الشريف ، فلاحظ أنّ مراسيم
الزيارة أقصر وأسهل من مراسيم الحج ومناسكه بطبيعة الحال ، لكنه لاحظ
أنّ المدينة كان قد احتلها طوسون باشا مؤخراً ، وطرد منها
الوهابيين ، فنفر عنها البدو وأصحاب الإبل ، الذين كانوا يأتون
إليها بالأقوات والمؤن . فعزّ فيها الطعام ، ولاحظ وخامة الجو فيها
كذلك ، وطعم الماء المقيت .

ويأخذ بيركهارت بوصف المدينة وموقعها
الطبيعي . . . فيقول : إنه وجد أسوارها عامرةً ،
بحيث تعدها للدفاع على أحسن وجه بالنسبة لمقاييس تلك الجهات ; ولذلك
كانت المدينة المعقل الرئيسي في الحجاز . وكان السور قد بُني حولها سنة
360 للهجرة ، ثمّ اُعيد بناؤه بعد ذلك في أوقات مختلفة أخصّها سنة900
للهجرة ، لكنّ الخندق كان قد مُدّد حولها سنة 751 . على أنّ
بناءه ، بشكله في أوائل القرن التاسع عشر ، كان قد تمّ بأمر من
السلطان سليمان القانوني ، في نهاية القرن السادس عشر ، وهناك
أبواب ثلاثة جميلة فيه : الباب المصري في الجهة الجنوبية ، وهو مع
باب الفتوح في القاهرة أجمل الأبواب التي شاهدها بيركهارت في المدن
الشرقية ، والباب الشامي في الجهة الشمالية ، وباب الجمعة في الجهة
الشرقية ، وهناك باب يُسمّى «الباب الصغير» ، في الجهة
الجنوبية ، كان الوهابيون قد أغلقوه عندما احتلوا المدينة قبل
سنوات .

ويقول بيركهارت : إنه شاهد
المدينة مبنيّةً بالحجر كلّها ، وتتألف بيوتها من طابقين بوجه عام ومن
سطوح منبسطة . . أمّا الحارات فيورد أسماءها . . لينتقل
إلى الحديث عن ضواحي المدينة المنورة، وأهمّ الحارات في تلك
الضواحي ، والتي لا تخلو من الأماكن التأريخية ، فمثلا هناك
مسجدان في المناخة ، أحدهما يسمى « مسجد علي» ، ويُقال :
إنه قديم منذ صدر الإسلام ، لكن بنايته القائمة كانت قد شيِّدت في
876 ، والمنقول أنّ النبيّ عليه السلام كثيراً ماكان يصلي فيه .
ويُسمى المسجد الآخر «جامع عمر» وقد اُلحقت به مدرسة عامة كانت تستخدم
بنايتها مخزناً للذخيرة وملجأ لكثير من الجنود.

وبعد أن يصف بيركهارت أشياء اُخرى في
المدينة ، وأهمّها مشروع الماء فيها ، يقول : إنّ الجوهرة
الغالية التي تجعل المدينة في صفّ مكّة من حيث الأهمية ، لا بل وتفضلها
عليها ، في نظر بعض الناس مثل أتباع مالك بن أنس ، هو المسجد
الأكبر الذي يضمّ في داخله قبر النبيّ محمد(صلى الله عليه وآله) ، وهو
مثل جامع مكّة يسمى «الحرم» ، ويقع هذا المسجد في الطرف الشرقي من
البلدة وليس في وسطها . أمّا أبعاده فهي أصغر من أبعاد الحرم
المكي ، إذ يبلغ طوله مئة وخمساً وستين خطوةً ، ويبلغ عرضه مئة
وثلاثين ، لكنه مشيّد على الطراز نفسه تقريباً .

وبعد أن يصف بيركهارت سائر أجزاء
الحرم ، والضريح المطهّر ومايوجد حوله من القبور الاُخرى ،
يقول : إنّ نفائس الحجاز كانت تحفظ في السابق حول هذه القبور إمّا معلقة
بحبال من حرير يمتد في داخل المبنى ، أو مودعة في صناديق خاصة موضوعة
على الأرض . ويمكن أن يذكر من هذه على الأخص نسخة من القرآن الكريم
مكتوبة بالخط الكوفي تعود إلى الخليفة عثمان بن عفان ، ويُقال :
إنّها لا تزال موجودة في المدينة . .

ثمّ يتطرق إلى ذكر حصار الوهابيين
للمدينة ، وإلى أنّ شيئاً كثيراً من هذه النفائس ، ولا سيما
الأوعية الذهبية منها ، استولى عليها رؤساء البلدة ، بحجة توزيعها
على الفقراء ، لكنهم تقاسموها فيما بينهم بعد ذلك . وحينما دخل
الأمير سعود الوهابي إلى المدينة ، واستولى عليها ، دخل الحجرة
النبوية نفسها ، ووصل إلى ماوراء الستائر ، فوضع يده على جميع
النفائس التي وجدها هناك ، وقد باع قسماً منها إلى شريف مكة ، وحمل
الباقي إلى الدرعية معه . ومن الأعلاق النفيسة التي أخذها ، وهي
أغلى من أي شيء آخر ، النجمة البراقة المتلألئة المطعمة بالماس
واللؤلؤ ، التي كانت معلقة فوق القبر المقدّس مباشرة ، وقد كانت
تسمى «الكوكب الدري» ، وقد كانت تودع ، في هذا المكان ، جميع
أنواع الأوعية والأواني الثمينة المطعمة بالجواهر ، والأقراط ،
والأساور ، والقلائد ، وسائر النفائس التي كانت تُهدى من جميع
أنحاء الامبراطورية العثمانية ، ويأتي بها الحجاج في أثناء زيارتهم
للمدينة . ولا شكّ أنّ ذلك كلّه كان يؤلف مجموعة ذات قيمة غير
يسيرة ، لكنها لا تكاد تُقدّر بثمن . فقد قدّر الشريف غالب
مااشتراه من الامير سعود بمائة ألف دولار . . كما يُقال : إنّ
ماأخذه الأمير سعود معه يتألف غالباً من اللؤلؤ والمرجان ،وإنّ قيمته
تساوي ماباعه إلى الشريف غالب ، وربما يبلغ مجموع كلّ ماوجد في قيمته
حوالى ثلاثمائة ألف دولار6 .

/ 11