مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



يهود ونصارى متنكّرون بثياب عربيّةوأسماء إسلامية

!

مع تزايد قوّة أوروپا ، في القرون المتأخّرة ، وضعف العالم
الإسلامي . . انطلقت في الغرب موجة من الاهتمام الظاهري بما هو
عربي قادم من جزيرة العرب ، وأخفى ذلك الاهتمام الحقيقي الناتج عن
اعتبارات سياسية واستراتيجية .

وبدا للحظة من الزمن أنّ همّ الاُوروپيين منصرف للتعرّف على الأماكن المقدّسة
بالذات ، ومحاولة رصد تحصيناتها ، ومعرفة طبائع السكّان
وتقاليدهم ، والتعرّف على المراسيم الدينية كالحجّ ، ودورها في
حياتهم1 .

وفي هذا الاتجاه ، انتهينا في الحلقتين السابقتين إلى ما
خلاصته :

في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر ،
كانت قد توفّرت لدى الغربيين المعلومات الأساسية عن شبه جزيرة العرب :
عن المدينتين المقدّستين ، واليمن والبدو .

كما أنّ من الواضح أنّ «دي فارتيما» وحده كان ، حتى هذا
التاريخ ، هو الرائد ، أمّا الآخرون فلم يكونوا سوى روّاد
مصادفة . ومنذ القرن الثامن عشر بدأ في تاريخ الريادة إلى شبه جزيرة
العرب ما يمكن أن يسمّى بالريادة الحقيقية ، التي دشّنها شيخ الرحالة
«نيبور» [1733 ـ 1815م] في رحلته
الاستكشافية المثيرة ، التي بدأها وأربعة زملاء آخرين عام 1761م ،
بناءً على تكليف خاص من فردريك الخامس ملك الدنمارك ، وقد لقيت هذه
الحملة مصادفات عجيبة انتهت بمعظم شخوصها إلى الهلاك . وكان من ثمار هذه
الرحلة ترك مذكّرات مهمّة ، عن عموم بلاد الجزيرة العربية
والعراق ، ورسم خريطة كاملة لليمن2 .

وما يعنينا من رحلة «نيبور» هو; أنّه أبحر مع رجاله الأربعة
ومعهم خادمهم السويدي جنوباً في البحر الأحمر إلى جدّة ، حيث استأجروا
بيتاً ، وانتظروا هبوب رياح مواتية; لاستئناف سفرهم إلى أماكن
أبعد . وقد انتظروا حوالى ستّة أسابيع ، قبل استئناف المسيرة في
سفينة مفتوحة . . وفي هذه المرّة لم يرافقوا جموع الحجّاج ،
الذين رافقوهم عند مغادرة السويس ، والذين كانوا قد وصلوا مكّة وأدّوا
فريضة الحج ثم عادوا . .3 .

ولأسباب نجهلها ، لم يتغلغل «نيبور» إلى الأماكن
المقدّسة ، في الوقت الذي ذهب بعيداً في مغامرته الجريئة ، حينما
جاب بقاعاً كانت عصيّة ، حتّى ذلك الوقت وإلى وقت لاحق ، على
أمثاله . الأمر الذي أكسبه شهرة واسعة ، وعدّه المؤرّخون علامة
فارقة ، في تاريخ رحلات الاستكشافات الغربية إلى الجزيرة
العربية .

على أنّ ثمّة جهوداً متواضعة سبقته للتعرّف على المناطق
الساحلية ، وخاصّة في مطلع القرن السابع عشر . وقد كانت شركة الهند
الشرقية معنيّة بجمع المعلومات عن موانئ البحر الأحمر وأهميتها ، فكلّفت
عدداً من رجالها بذلك . وكان من جملتهم «القس جوزيف اُوفينكتون» الذي
كتب في وصف جدّة وأهميتها ، فنشر الوصف في كتابه المسمى «رحلة إلى
صوراة» [A VoYage to Suratt] .

وهو
يقول : إنّ الميناء الرئيسي في البحر الأحمر يعود للسلطان . .
وهو ميناء مكّة . وليست الأراضي المحيطة بهذين البلدين ذات فائدة
مطلقاً ، كما أنّها غير قابلة للاصلاح والتحسين ، بحيث إنّها قد
اُصيبت بلعنة من الطبيعة ، فحُرمت من نِعَم الله تعالى بندرة وجود
الأشياء كلّها فيها ، ما لم تستورد لها من الخارج . . وتزدهر
جدّة بمواصلاتها الدائمة مع الهند وايران والحبشة ، وأجزاء الجزيرة
العربية الاُخرى ، فيأتي العرب إليها ببُنهم (قهوتهم) ليشتريه الأتراك
ويحملوه إلى السويس ، ويأتي إليها على الشاكلة نفسها الحجّاج في كلّ سنة
من أنحاء العالم الإسلامي جميعه .

وفي عهد
الشريف سعيد (1700م) وصل إلى جدّة رجل انگليزي يُدعى «ويليام دانيال» ،
وآخر فرنسي يُدعى «شارل جاك بوسيه» . فخلّفا وصفاً واضحاً عمّا
شاهداه . فقد كان الأوّل شاهد عيان للخصام ، الذي حصل بين الشريف
الأكبر سعيد ، والباشا الذي كان يمثِّل السلطان في
الحجاز .

أمّا
الفرنسي فقد وصل إلى جدّة ، في اليوم الخامس ، من كانون الأوّل
(ديسمبر) أي بعد الحادث المار ذكره بأيّام قليلة4 .

وأيّاً
كانت قيمة المشاهدات والانطباعات ، التي تركها هؤلاء وغيرهم ، فإنّ
الرحالة الدانماركي «ينبور» قد ترك بصماته الواضحة في تاريخ الرحلات
الغربية ، طيلة عقود طويلة . لقد تزامنت شهرة ينبور وذيوع صيته في
الدوائر المعنيّة بالشرق مع تنامي حركة التنوير الفلسفية في القرن الثامن
عشر .

وقبل أن
يؤذن هذا القرن بالرحيل ، كان هناك حدثان خطيران في المشرق
الإسلامي ، أثارا الانتباه لدى البعض والمخاوف ـ إلى حدّ الذعر ـ عند
البعض الآخر ، وهما; غزو نابليون لمصر عام 1798م ، والذي كان
إيذاناً ببدء مرحلة الاختراق الحضاري للمشرق الإسلامي ، من قبل دوائر
الغرب وطلائعه الاستعمارية .

الحدث
الثاني تمثّل بتصاعد قوّة الوهابيين في قلب الجزيرة العربيّة ، وتحرّك
محمّد علي باشا لضرب القوّة الجديدة . وهنا وجد الغرب فرصته الذهبية
لتكثيف جهوده في المنطقة5 .

وعلى حين
كانت أوروپا تهتزّ وترتعد وتسقط فريسة الحروب النابليونية ، ظهر وكأن
بلاد العرب أيضاً قد أصبحت تحت قبضة حركة استبدادية مطلقة . . وفي
أثناء سنوات الغليان والفوضى هذه ، مرّ رحّالتان جديدان ، في هذه
البلاد الصحراوية ، وفي تلك المدن المقدّسة6 ، وقد تظاهرا بالإسلام ، منتحلين لهما
اسمين مسلمين ، في نطاق إخفاء مهمّاتهما
السريّة .

/ 15