مهمّات مشبوهة في الديار المقدّسة (1)
بادئ ذي بدء ، نجد أنّ من
الضروري تحديد المقصود بـ «الديار المقدّسة» ، التي نعني بها هنا
«الحرمين الشريفين» : [مكّة المكرمة
والمدينة المنوّرة] ، وذلك رفعاً لالتباس قد يحصل ،
إذ يزخر الوطن الإسلامي بالأماكن المقدّسة : القدس الشريف ، النجف
الأشرف ، كربلاء ، الكاظمين ، خراسان ،
سامراء . . . الخ1
وتأتي خصوصيّة مدينتي مكّة والمدينة ، من كونهما معقل الإسلام
الحصين لقرون طويلة ، وهما مهبط الوحي والتنزيل ، ومحط أنظار
المسلمين . وقد بقيتا في ظل العصور الإسلامية الزاهرة ، عصيّتين
على أعداء الإسلام من الكافرين ، إذ لم يكن بمستطاع القوى
الغربيّة ، أن تعرف تفاصيل كافية ، عن طبيعة سكان الجزيرة
العربية ، وتضاريسها الجغرافية . ومع تزايد قوّة اوروپا ، في
القرون المتأخرة ، وضعف العالم الإسلامي ، انطلقت في الغرب موجة من
الاهتمام الظاهري الذي أخفى ذلك الاهتمام الحقيقي ، الناتج عن اعتبارات
سياسية واستراتيجية
2.
وليس بوسعنا الاحاطة بأبعاد هذا
الاهتمام وحقيقته ، دون معرفة خلفياتهالتأريخية ، وظروفه السياسية ، وفي سياق معترك
الصراع الحضاري المحتدم ، منذ قرون ، بين الإسلام
والغرب .