وضع الإجتماعی فی الجزیرة العربیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وضع الإجتماعی فی الجزیرة العربیة - نسخه متنی

احمد الواسطی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الوضع الاجتماعي في الجزيرة العربية


إنّ النظم الاجتماعية لعرب الجاهلية هي حصيلة
التفاعل بينهم وبين البيئة التي عاشوا فيها . فقد خضعوا لشروط بيئتهم
ولاءموا حياتهم الاجتماعية مع الظروف الطبيعية التي نشأوا
فيها .

والجدير بالذكر أنّ الظروف المعيشية الصعبة
والأرض الصحراوية القاحلة أوجبت أن يكون الأساس في حياة العرب ، وبخاصة
عرب الشمال ، البداوة ، والبداوة تعني الحياة القبلية
المتنقلة ، إذ إن طبيعة البلاد الصحراوية تفرض على ساكنيها أن يعانوا
حياة شاقة لا مجال فيها للقرار واستيطان الارض .

والقبيلة هي الوحدة التي يتجمع حولها
الأفراد ، والأفراد لا يعرفون سوى قبيلتهم ملاذاً لهم ، خلافا لأهل
الحضر الذين يكرّسون ولاءهم للدولة في أيامنا الحاضرة .

وإذا كانت القبيلة تقوى بأفرادها ، وكانت
قوة الأفراد من قوة الجماعة ، وجب على الفرد في القبيلة أن يتضامن مع
قبيلته على الخير والشر ، وأن ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً ، وأن يكون أفراد
القبيلة يداً واحدة على من سواهم :

لا يسألون أخاهم حين
يندبهم
في النائبات على ماقال برهانا

فالناظر الى مجتمعات شبه الجزيرة
العربية ، سواء في ذلك المجتمعات القبلية البدوية أو مجتمعات الحضر التي
تظهر على أوضحها في التكوينات السياسية الكبيرة ، يجد أنها تشترك جميعا
في عنصرين أساسيين :

العنصر الأول :
عوامل التماسك التي تبدو وكأنها تشدّ المجتمع الى بعضه .

والعنصر الثاني : عوامل
الانقسام الطبقي التي تسير في موازاة العوامل الأولى .

عوامل التماسك
:

وفيما يخصّ عوامل التماسك فإننا نجد عدداً
واضحاً منها في التكوينات القبلية تهدف الى إشاعة التماسك ، حسب تصور
معين في المجتمع القبلي ، ومن هذه العوامل : عامل العصبية
وعامل آخر مكمّل له وهو الثأر .

وتتولد العصبية القبلية عند الأفراد عن وعي أو
غير وعي ، وتستمر بتعاقب الأجيال على نمط عاطفة عميقة وفكرة
ثاقبة . فهي بمثابة الرباط الذي يشدّ بطون القبيلة وأفرادها بعضهم الى
بعض ، فيجعلهم يداً واحدة .

ولولا هذا الشعور لما كان في وسعهم أن يدافعوا
عن أنفسهم ومصالحهم . فالعصبية القبلية بهذا المعنى هي البديل الذي لابد
منه للرابطة القومية ، ولكن في حيّزها المتطرف1 .

ويقترن بالعصبية القبلية عادة الثأر ، إذ
تقضي تقاليد البادية أن يطالب أهل المقتول بقاتله ليقتلوه به ، وهو
الأمر المعروف باسم (القَوَد) إلاّ إذا رضوا بدية القتيل .

والدية تختلف باختلاف مركز القتيل من الناحية
الاجتماعية ، فالدية واجبة عن الملوك والزعماء ، وتختلف عن دية
الأفراد والصعاليك ، ودية الصريح ضعف دية الحليف . والذي جرى عليه العرب أن
يأخذوا مائة من الإبل دية القتيل من عامتهم ، ودية الأشراف تزيد عن
ذلك ، بينما تكون دية الملوك ألف بعير .

أما إذا لم يحصل القَوَد ، ولم يرضَ ذوو
القاتل أو عشيرته بدفع الدية ، ويكون القاتل قد لاذ بالفرار ،
عندئذ يصبح الأخذ بثأره واجباً محتماً ، إذ يصمم ولي المقتول ،
ويكون عادةً أقرب الناس إليه ، على الأخذ بثأره ، وغالباً ما يحرم
على نفسه أن يشرب الخمر أو يقرب النساء أو يمس رأسه غسل حتى يدرك ثأره2 ، وقد
يستغرق طلب الثأر عشرات السنين .

والعرب يعتقدون أن القتيل تخرج من رأسه هامة
تنادي على قبره (اسقوني فإني صدية) ، ولا ينقطع نداؤها إلاّ حين يؤخد
بثأره3 .

وحتى أدرك أولياء القتيل ثأرهم ، ورأوا
أنّ من قتلوه كفؤ لقتيلهم ، نام الثأر في صدورهم ، وعندئذ يسمى
(الثأر المنيم) . أما الذي يتوانى عن طلب الثأر لقتيله فيلحقه
العار . وقد يلحق العار القبيلة بأسرها إذا نامت عن ثأرها ولم تسعَ
إليه ، فينظر العرب إليها نظرة ازدراء واحتقار . وحتى من يقبل دية
قتيله ينظر إليه بمثل هذه النظرة . وكثيراً ما يتولد عن الانتقام للدم
المسفوح ثأر جديد ، يجرُ وراءه سلسلة من الثارات المتبادلة ، أشبه
ما يكون بالحلقة المفرغة وقد يستغرق ذلك أجيالا . كما قد تسوى
الأمور ، بأن يسلّم القاتل طوعاً أو كرهاً الى أهل القتيل كي يقتلوه
به ، فلا يبقى مجال لطلب الثأر . لكن القبيلة التي تفعل ذلك تكون
قد جلبت على نفسها عاراً لا يمحى .

لذلك فإنّ القبائل تفضل أن تقتل القاتل بدلا من
تسليمه طوعاً للمطالبين به ، دفعا للعار .

وقد تتفق قبيلتان متحاربتان على تسوية الثارات
بينهما لحقن الدماء فترضيان بالتحكيم ، يتولاه شخص معين أو هيئة
محكمين ، يرضى بهم الطرفان ، يحكمون بأن تدفع القبيلة التي يكون
قتلاها أقل من الثانية فضل الديات لها . وقد
يحكمون بإبطال المطالبة ببعض الدماء ،
باعتبارها لا تستوجب دفع الدية ، ويقال لذلك (الشرخ) . والمثال على
ذلك : الحكم الذي أصدره (يعمر بن عوف) بين قصي وخزاعة ، فحكم بأن
كلّ دم أصابه قصي من خزاعة موضوع ، يشدخه قصي تحت قدميه ، فسمي
يعمر لذلك باسم (يعمر الشداخ)4 .

وحقيقة إنّ العصبية والثأر قد أدّيا الى
مناسبات كثيرة من الصراع بين قبائل شبه الجزيرة في العصر السابق
للإسلام ، وكان هذا الصراع يصل في بعض الأحيان الى فترات من العداء
الصريح الذي يستمر عقوداً بأكملها بين توتر أو مناوشات أو غارات كثيفة
متبادلة حفظ التراث العربي لنا عدداً من مواقعها وهي التي تسمى أيام
العرب5 .

ولكن من الجانب الآخر فإن كلاًّ من هذين
العاملين كان أمراً حيوياً بالنسبة للقبيلة حتى لا يذوب كيانها في مجال
العلاقات بين القبائل في ظلّ الظروف القاسية ، التي سادت مجتمع البادية
في شبه الجزيرة . فالعصبية التي تنتج عن تصور حقيقي أو مفترض لرابطة
القرابة أو الدم كانت وسيلة التكتل الأساسية بين أفراد القبيلة في غياب أية
وسائل أخرى ثابتة لإشاعة هذا التكتل . وهي وسيلة تجمع بين هؤلاء الأفراد
بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى المطروحة مثل اعتبارات الحق والباطل أو الظلم
والعدل ، بحيث يصبح هذا التكتل هو القيمة الأولى في حياة القبيلة ،
التي كثيراً ما كان يدفعها السعي وراء الكلإ الى التنقل ، وهو ظرف قد
يؤدي الى التشتت ومن ثم الاندثار كوحدة اجتماعية ، أو الى التصارع مع
قبائل أخرى في سبيل الحصول على هذا الكلإ أو على عين ماء إذا أدخلنا في
اعتبارنا قلة الماء في شبه الجزيرة الى درجة الندرة في بعض
الأحيان .

والجدير بالذكر أن العصبية والثأر هما صنوان
متلازمان وأمران طبيعيان في الصحراء ، حيث لا قوة أو دولة تحمي الفرد
إذا ضعف ، أو تنتقم له إذا اعتدى عليه أحد ، اللهم إلاّ عشيرته أو
قبيلته . ولذا فرضت تقاليد البادية أن يثأر الفرد لنفسه أو لذويه من كلّ من يلحق الأذى به أو
بذويه . ويتضامن معه أفراد عشيرته ، أو بطون قبيلته في الوصول الى
حقّه ضد أي فرد أو جماعة تعتدي عليه من خارج قبيلته .

/ 8