الحجاز والحَرَمان الشّريفان في القرن الثّالث عشر - حجاز و الحرمان الشریفان فی القرن الثالث عشر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حجاز و الحرمان الشریفان فی القرن الثالث عشر - نسخه متنی

السید جعفر الشهیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الحجاز والحَرَمان الشّريفان في القرن الثّالث عشر





لقد كان للشعب
الإيراني ـ ولا يزال بحمد الله ـ منذ اعتنق الاسلام ؛ اهتمام كبير
بالمواظبة على إقامة شعائر هذا الدين الحنيف، وأداء مناسكه، والقيام بفرائضه بشوق
بالغ، وإيمان راسخ، وقلب سليم. وأداءُ فريضة الحجّ أَحد هذه المناسك المحببة إليهم
، فقد شدّوا الرحال، وتحملوا أعباء السفر، واقتحموا المهالك والمخاطر، وجادوا
بأموالهم وجاهدوا بأنفسهم عن طيب خاطر، ولذة مفرحة في سبيل الله، وإقامة أركان
الشرع الحنيف، وبلوغهم صورة المسلم الكامل.



وكان من الطبيعي
ـ أن نرى على مدى التاريخ الإسلامي ـ أن يحمل هذا التيار المتصل، عدّة من
العلماء، والشعراء، والكُتّاب، الذين نالوا هذا الفوز الكبير، وأنهم سجلوا هذه
الرحلات، وقيدوا تلك المذكرات، ونظموا القصائد عن أسفارهم، وما شاهدوه في الطريق،
أومن التقوا به، ودار بينهم وبينه الحوار، حول شتى المسائل : من المباحث
الدينية، أوالاجتماعية، أوالاقتصادية، أوالانسانية، أوما حلّت بهم من المكاره
والأخطار في الطريق، أومن أثر رؤية هذه المشاهد الشريفة في نفوسهم، وما تحتويه من
رموز التوحيد والاخلاص ، أوتعارف المسلمين بعضهم على بعض، ولما كانت هذه الرحلات
أوبعبارة أخرى هذه الوثائق والمستندات التاريخية، من شأنها أنها تلقي أضواء على
زوايا تاريخنا الاسلامي، فتمدنا بالكثير من المعلومات الهامة في مناحي العلم
المختلفة، وخاصة عن الحياة الاجتماعية، أوالثقافية، أوالتجارية، التي كان يقضيها
هذا القطر الإسلاميّ
الشقيق في ذلك الوقت، هذا مضافاً إلى الناحية الفنية، التي تصورها الصورة الرائعة
التي يمثلها الشاعر منهم في قصيدته، أوالأديب في رسائله، مما تهيج الطباع، وتهز
النفوس، وتخفق لها القلوب، ولعل كثيراً من المطلعين خبير بما نظمه الشاعر الايراني
«خاقاني الشرواني» في منظومته التي سماها «تحفة العراقين» التي يصف فيها رحلته إلى
مكّة المكرمة ؛ فيقدم لنا معلومات من حياة العرب الاجتماعية في القرن الخامس
من الهجرة، حيث يصف الركب في ترحاله ونزوله، وموارد الماء التي يُستقى منها للانسان
والدواب، ويصف الطبائح، ووقوف النوق عليها، والمواقيت، والحرمين، ومنى وعرفات
والمشعر، والكعبة شرّفها الله وكسوتها، والحجر والأركان، وزمزم وازدحام الحاج
عليها، كما أنه يصف مدينة النبيِّ(صلى الله عليه وآله) ومسجد الرسول، وإقامة
الجُمعة والخطبة والخطباء، مما يطول بنا ذكره، فيأخذ بيد القارئ، ويطوف به في أجواء
من عالم القدس، ويريه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، فيتوق قلب كل مسلم إلى زيارة
هذه الأماكن، ويكاد المستمع يطير إلى الحرمين الشريفين جرياً وراء فؤاده، أوبما
كتبه الرحالة «ناصر خسروالقبادياني» الشاعر الفارسي، الذي زار الحرمين الشريفين في
القرن الخامس من الهجرة النبوية، حيث يصف لنا المسجدين بأدق صورة، ويبين مساحتيهما،
ويصف الكعبة وكسوتها والحجر ومنى وزمزم، وشوارع مكة وحماماتها، وسوق العطارين، وعدد
سكان البلد، وسعر القمح، والقحط الذي أصاب البلد في تلك السنة.



هذا ولايخلو كلُّ قرن
من القرون من رحلات، أومذكرات كتبها الرحالة أوالحجّاج من إيران، لم تزل مخطوطات
تخزن في مكتباتنا بطهران، ومشهد، وتبريز، وغيرها من البلدان، مما نتمنى ـ بإذن
الله تعالى ـ أن تقدم في صورة جيدة لاخواننا العرب المسلمين. فهذا التراث
العظيم ـ كما قلت ـ يحتوي على معلومات هامة مما يتعلق بالحجاز عامة،
وبالحرمين الشريفين خاصة.



وحيث إنّ بحثي
المتواضع يتعلق بالقرن الثالث عشر الهجري ـ التاسع عشر الميلادي ـ فلا
أجد لي الحقَّ أن أتجاوز عما كتبه الرحالة في هذا القرن، فإنّ في أيدينا من رحلات
هذا القرن أكثر من عشر رحلات مخطوطة في المكتبة الأهلية، ومكتبة مجلس النواب،
وإليكم أسماء بعضها :



1 ـ الرحلة التي
ألّفها ضياء الدين آل كيوان قارئ، كتبها عام 1229هـ . ق، (مكتبة
مجلس
النواب).



2 ـ الرحلة لمحمد حسن
خان اعتماد السلطنة 1263هـ . ق، (المكتبة الرضوية ، مشهد).



3 ـ الرحلة، لمحمد علي
فراهاني عام 1263هـ . ق، (مكتبة مجلس النواب).



4 ـ الرحلة التي كتبها
سيف الدولة محمد بن فتح علي شاه القاجار عام 1279هـ. ق، (المكتبة
الأهلية).



5 ـ الرحلة، لأحد
أقرباء ناصر الدين شاه القاجار، دونها عام 1288هـ . ق، (المكتبة
الأهلية).



6 ـ الرحلة، لأحد
مقربي ناصر الدين شاه القاجار أيضاً، كتبها عام 1296هـ .ق، (المكتبة
الأهلية).



وهناك رحلات منظومة
أيضاً كرحلة ميرزا جلاير (المكتبة الأهلية)، ورحلة مشتري الخراساني وغيرها1 .



وهناك رحلتان أُخريان
كُتبتا في مستهل القرن الرابع عشر، إحداهما لميرزا علي خان أمين الدولة، والأخرى
لمخبر السطنة هدايت، ولهاتين الرحلتين أهمية خاصة، حيث إنّ مؤلفيهما من الأدباء
الفضلاء ومن رجال الدولة والسياسة، وقد تقلّد كلٌّ منهما منصب الوزارة، كما أنّ
كلاً منهما تولى رئاسة الحكومة أيضاً. وهاتان الرحلتان مطبوعتان، ولكن لم تترجما
إلى اللغة العربية بعد.



كلّ هذه الرحلات التي
قدمناها في مجموعها، صورة من الحياة الاجتماعية في القرن الثالث عشر لسكان الحجاز،
فتصف لنا أول ما تصف مثلاً لقاءات الحجاج بمطالع المروءة، واستقبال أهل الأحياء
لهم، كالنساء اللاتي يستقبلن القوافل، ويعرضن عليهم الخبز والليمون، وتصف أزيائهن
بأنها شملة زرقاء من الابريسم، مطرّزة بالذهب و«جلابتون»، أوالأطفال الذين ينشدون
حول القوافل :



سيدي
اعط من
زادك
الله يعطي مرادك



أوتصف طائفة تستقبل
الحجاج حين دخولهم مكة، فتعطي لكل واحد تمرتين وفنجان من ماء زمزم، كما أنها تصف
هجوم الأشرار على القوافل ونهبهم الأموال، وقتلهم الأنفس أحياناً، كما أنها تسجل
أسعار الأمتعة، والأرزاق، وأجرة الدور، مما يدل على الوضع الاقتصادي، ومصدر الداخل
لطبقة معينة، ومستوى معيشتهم في ذاك العصر، أوما يصفون به مياه
«ينبع» أنها من ماء المطر الذي يخزن في سراديب، فينقلب لونه إلى الزرقة، وريحه إلى
العفونة، فينصرف الضمآن إلى شرب القازوز بدل الماء، وتذكر وصف الدراويش الذين
يتجولون في شوارع مكة ليلاً، وينشدون القصائد بصوت عال فلا يتمكن الانسان أن ينام
من أصواتهم التي تشق أجواء الفضاء.



/ 4