من فلسفة الحجّ - من فلسفة الحج نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من فلسفة الحج - نسخه متنی

لؤی الدلیمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



من فلسفة الحجّ



لؤي
الدليمي


{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ
فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي
الْحَجّ}1 .


أتى ابن
أبي العوجاء الإمام الصادق(عليه السلام) يوماً فجلس إليه في جماعة من
نظرائه ، ثمّ قال له : يا أبا عبدالله إنّ المجالس أمانات ،
ولابدّ لكلّ من كان به سعال أن يسعل ، فتأذن لي في الكلام؟


فقال
الصادق(عليه السلام) : تكلّم بما شئت .


فقال
ابن أبي العوجاء :


«إلى كم
تدوسون هذا البيدر ، وتلوذون بهذا الحجَر ، وتعبدون هذا البيت
المرفوع بالطوب والمدر ، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر؟ من فكّر في هذا أو قدّر؟ إنّ هذا
فعلٌ أسّسه غير حكيم ولا ذي [ذو] نظر ، فقل فإنّك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسّه
ونظامه» .


فكان
ممّا قاله الإمام الصادق جواباً عن هذا الهجوم الساخر وغير
المهذّب :


« . . . وهذا بيت استعبَد به الله خلقه; ليختبر طاعتهم في
إتيانه ، فحثّهم على تعظيمه وزيارته ، وقد جعله محلّ الأنبياء
وقبلة المصلّين ، وهو شعبة من رضوانه ، وطريق يؤدّي إلى
غفرانه . . .»2 .


أمّا
فلسفة الإمام علي للحج و«الهرولة حول هذا البيت» فكانت أكثر إبلاغاً وأفصح
إيجازاً وأجلى بياناً ، وكان ممّا قاله ـ سلام الله عليه ـ في هذا
السياق :


«ألا
ترون أنّ الله سبحانه اختبر الأوّلين من لدن آدم ـ صلوات الله
عليه ـ إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضرّ ولا تنفع ولا
تُبصر ولا تسمع ، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياماً ، ثمّ
وضعه بأوعر بقاع الأرض حجراً ، وأقلّ نتائف الدنيا مدراً ، وأضيق
بطون الأودية قطراً ، بين جبال خشنة ورمال دمثة ، وعيون
وشلة ، وقرًى منقطعة ، لا يزكو بها خفّ ولا حافر ولا ظلف ،
ثمّ أمر سبحانه آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه ، فصار مثابةً لمنتجع
أسفارهم ، وغاية لملقى رحالهم ، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز
قفار سحيقة ومهاوي فجاج عميقة ، وجزائر بحار منقطعة ، حتّى يهزوا
مناكبهم ذللا ، يهلّلون لله حوله ، ويرملون على أقدامهم شعثاً
غبراً له ، قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم ، وشوّهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم ،
ابتلاءً عظيماً ، وامتحاناً شديداً ، واختباراً مبيناً ،
وتمحيصاً بليغاً ، جعله الله سبباً لرحمته ، ووُصلةً إلى
جنته» .


بعدها
يبيّن أمير المؤمنين السرّ وراء ذلك الاختيار الإلهي لهذا المكان المقفر وعدم
اختياره لمكان مورق مشجر ، فيقول ـ عليه أفضل الصلاة وأتمّ
السلام ـ :


«ولو
أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام ، بين جنّات
وأنهار ، وسهل وقرار ، جمّ الأشجار ، داني الثمار ،
ملتفّ البنى ، متّصل القرى ، بين بُرّة سمراء ، وروضة
خضراء ، وأرياف محدقة ، وعراص مغدقة ، وزروع ناضرة ،
وطرق عامرة; لكان قد صغُر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء» .


أي أنّ
التكامل الإنساني يأتي عبر الاختبار الشديد والابتلاء الأشدّ ، وفي
مواطن التضحية والعطاء وليس في محطّات الترف والرخاء ، فيواصل سلام الله
عليه تفسيره مستأنفاً :


«ولو
كان الأساس المحمول عليها ، والأحجار المرفوع بها ، بين زمرّدة خضراء وياقوتة حمراء ،
ونور وضياء ، لخفّف ذلك مصارعة الشكّ في الصدور ، ولوضع مجاهدة
إبليس عن القلوب ، ولنفى معتلج الريب من الناس ، ولكن الله يختبر
عباده بأنواع الشدائد ، ويتعبدهم بألوان المجاهد ، ويبتليهم بضروب
المكاره ، إخراجاً للتكبّر من قلوبهم ، وإسكاناً للتذلّل في
نفوسهم ، وليجعل ذلك أبواباً فُتُحاً إلى فضله وأسباباً ذُللا
لعفوه . .»3 .


ومن
كلام لأمير المؤمنين وسيّد البلغاء الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)في
فلسفة الحج قولٌ آخر ، جاء فيه :4


«وفرض
عليكم حجّ بيته الحرام ، الذي جعله قبلةً للأنام ، يردونه ورود
الأنعام، ويألهون إليهولُوه الحَمام،
وجعله سبحانه علامةً لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزّته ،
واختار من خلقه سُمّـاعاً أجابوا إليه دعوته ، وصدّقوا كلمته ،
ووقفوا مواقف أنبيائه ، وتشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه ، يحرزون
الأرباح في متجر عبادته ، ويتبادرون عنده موعد مغفرته ، جعله
سبحانه وتعالى للإسلام
علَماً ، وللعائذين حرماً ، فرضَ حقّه ، وأوجب حجّه ،
وكتب عليكم وفادته ، فقال سبحانه :


{ولله على الناس
حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإنّ الله غني عن العالمين
5 .


ويبدو
في هذا العرض الوصفي البليغ لأمير المؤمنين(عليه السلام) أنّ الله تعالى جعل
من بيته العتيق ملاذاً (يألَه) إليه المؤمنون ، أي يلوذون به ويعكفون
عليه ، ولكن بأيّ شكل؟ ولوه الحمام الوديع والطيور الآمنة إلى
أعشاشها ، كما جعله سبحانه وِرداً يردُه عباد الله الصادقون بتواضع
وانكسار مُقرّين بعظمة ربّ البيت سمّـاعين لدعوته مؤدّين فريضته يقفون مواقف
الأنبياء في تلبية النداء ، مؤدّين واجبات الزيارة إتماماً لمظهر
العبودية وترسيخاً لمبدإ الولاية والطاعة ، وإقراراً بوحدانية الحقّ
واستجابة لنداء الخالق العظيم ومن كلّ الأرض وعلى {كلّ ضامر يأتين من كلّ فجٍّ
عميق}»6 .


/ 9