قاعدة التقیة و فقه الحج و الزیارة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قاعدة التقیة و فقه الحج و الزیارة - نسخه متنی

حسن محمد سلیمان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید







تـمهيد



بما أن
فريضة الحج و زيارة المراقد المقدسة في مكة والمدينة تعدّ مساحة واسعة لتلاقي أتباع
المذاهب الاسلامية المتعددة ، ولتماسّ واحتكاك أبنائها بشكل واضح و
جليّ ، ونظراً لمايسببه أي تصرف قولاً أو فعلاً مما يستغربه الآخرون ، بل
مما قد يستنكرونه و يعيبونه و ينهون عنه ، وبالتالي قد يقع سبباً للاختلاف
والنزاع و الفتن بين أبناء الأمة الواحدة . . . إضافة الى مابنيت
عليه هذه القاعدة أساساً من دفع الضرر ، وما يؤدّي إلى الفساد والنزاع ،
وهو مايتضح لنا من خلال الحديث عنها وعن أدلتها ، وأنّ العقل و الشرع أقرّ هذه
القاعدة ، فهي إذن قاعدة عقلية شرعية هدفها حفظ النظام بين الناس والتآلف
بينهم . . .


فقد
جاءت هذه القاعدة لدرء أي خلاف أو فتنة أو نزاع . . . و لتضييق
الفجوة بين أبناء الأمة الواحدة ، إن لم يكن الغاؤها ، تمهيداً لإرساء
دعائم الوحدة الاسلامية وجعلها فوق كلّ خلاف ، سواء أكان على مستوى الفروع و
الأحكام أم الموضوعات و المواقف . . ، فقاعدة التقية التي طالما
أكدها أئمة أهل البيت و بيّنوا دورها الواسع ، فيما راحوا من جهة أخرى يؤكّدون
على أتباعهم و مريديهم من شيعتهم الالتزام بها في تلك
المواقع و الأماكن ، بل جعلوا مخالفتها في بعض الأمور مبطلة لأصل العمل ،
إضافة الى ما يترتب على ذلك من إثم . . . حفظاً للوحدة بين
المسلمين . وأنّ الوحدة أهم بكثير من إظهار فرع من الفروع ، أو معتقد من
المعتقدات; حتى وإن كان حقاً لا ريب فيه .


ولا
يعني هذا عدم السماح بأن يظهر الانسان الشيعي معتقده وآراءه للآخرين ، ويدعو
لها ، بل له أن يدعو لآرائه و أفكاره بشرط الحكمة والموعظة الحسنة ،
وبعيداً عن الإثارة والتعصب ، وكلّ ما من شأنه خلق الانفعالات
و الاختلافات وما يسيئ الى وحدة الصف ، التي هي أهم من كلّ
شيء .


لقد
وجدت أنّ هذه القاعدة ، المعروفة من بين كثير من القواعد الفقهية ، التي
يعتمدها الفقهاء في أحكامهم و فتاواهم ، وجدت هذه القاعدة تتجلّى فيما يخصّ
فريضة الحج ، بل و التواجد المستمر في البقاع المقدسة ، سواء لأداء الحج
فرضاً أو استحباباً ، أو العمرة وزيارة النبي(صلى الله عليه وآله) و البقاع
المقدسة الأخرى للأئمة(عليهم السلام) . . .


ولهذه
القاعدة دور مهم في كلّ مايصدر من الفقهاء سواءً أكان أحكاماً وفتاوى ، أم في
تحديد مواقف الشيعة و آرائهم . . . التي لابد من أن تنبثق من هذه
القاعدة ، وتصدر على ضوئها; لما يترتب على ذلك كله من أهداف كبرى و غايات
نبيلة تصب في صالح الاسلام و المسلمين . . .


فهذا
الذي جعلني أفرد لهذه القاعدة بحثاً خاصاً يتصف بالاختصار ، بحثاً يتناول
معناها وأدلتهاو مصاديقها الخاصة ، وبعض الأمور التي تتعلق
بها . . .


فمصاديق هذه القاعدة ، يمكن أن تقع في نواح أخرى وأماكن غير الحجاز ،
إلاّ أنّ مصاديقها كثرت في هذه الأمكنة ، لخصوصياتها الكثيرة ولأنها الملتقى
العام لأبناء المذاهب الاسلامية ، ومحل ابتلاء أبناء الطائفة الشيعية
بالخصوص ، ولأنّ الحج هوالمحك الذي يطّلع من خلاله اتباع كلّ مذهب على ما عند
المذهب الآخر من أعمال يتفرد بها ،
وأمور يختص بها و آراء يدافع عنها ومواقف يتمسك بها . . . قد لا
تروق للطرف الآخر أو لأكثرية المسلمين . . .ممّا قد يخلق الإعلان
عنها والتجاهر بها حالة من التنفر والفرقة ، بل قد تؤدي الى أمور أخرى عواقبها
غير محمودة أبداً .


إنّ
من يزعم أنّه لم يجد أسسها في قرارة نفسه ، ولم يعثر عليها في مطاوي
كيانه ، فإنه يجدها بمعالمها في حياته اليومية .


فالتقيّة قبل أن تكون حالةً شرعيةً ، التزم بها قوم ، واستنكرها عليهم
آخرون إمّا جهلاً منهم ، وإمّا بغضاً لهم ، وإما لدوافع سياسية وأخرى
طائفية . . .


فهي
حالة طبيعية فطرية ، يعيشها الإنسان بذاته ، في إطار علاقاته مع الآخرين
أصدقاء كانوا أو أعداءً . . .


فجاءت
الشريعة المقدسة غير منكرة لها بل مقرّة بها ، واضعةً لها أهدافاً
عاليةً ، ومصالح كبيرةً ، على مستوى الفرد والأمّة ، وسنّت لها
شروطاً وأحكاماً ، وحدّدت دائرة عملها ، حتى غدت أسلوبَ عملٍ ناجحٍ في
خدمة ديننا الإسلامي والدعوة إليه والدفاع عنه ، وباب خلاصٍ يلجه
المضطرون ، وطريقة لمعايشة الاخوة من أبناء الأمة والطائفة الواحدة ،
ومداراتهم; لحفظ كيان الأمة من الضياع في فتنٍ لاتنفع إلاّ أعداءها ، وإبعادها
عن كلّ ما يسبب إرباكاً لها وانقساماً لأبنائها طوائف مختلفة ، فتكون لقمةً
سائغة للمتربصين بها . . .


فالتقية


تارةً : تأتي مشروعاً
واعياً للدعوة إلى اللّه تعالى . . . ولحفظ الأمة الإسلامية ووحدتها
وكيانها العام .


وأخرى : تأتي لحفظ
النفوس من أن تزهق ، والدماء من أن تراق .


وثالثة : لحفظ الكرامة
والأعراض والأموال .


وقد
يعيشها المؤمن سنين طويلة طالما أنّ هناك أذًى يخاف وفتنةً تخشى . وقد
يعيشها لحظات ، شريطة أن لا يتغير إيمانه ولا
يضعف ، بل يزداد صموداً وبقاءً .


إنّها
رخصة يستفيدها المؤمن من آيات قرآنية ، وأحاديث نبوية ، ومواقف
جهادية . . . تفضّلت بها السماء علينا ، فما علينا إلاّ أن
نحسن التعامل معها بما يكون دافعاً لنا نحو كدح متواصل للقاء اللّه تعالى ونيل
رضاه .


هذا ، ولا بدًّ لنا من الإشارة إلى أنّ الطائفة الشيعية استفادت من التقيّة
عبر تأريخها ، واستخدمتها أكثر من غيرها حتى كادت تختصّ بها . وهذا أمر
طبيعي ، فإذا ما تتّبع باحث حياتهم; لوجدها تعرّضت إلى ما لم يتعرض له
الآخرون ، فالمطاردة والتنكيل ، والسجون والتعذيب ، والتقتيل
بأشكاله البشعة ، كلّها ممارسات قذرة تلطّخت بها أيدي الطغاة والظالمين ،
وصبّت على أبناء هذه الفئة من المسلمين ، لا لشيء إلاّ لأنهم من الموالين
للإمام عليٍّ وللعترة النبوية الطاهرة ، ولأنهم رفضوا الظلم والظالمين ،
وامتنعوا من الانصياع لهم ، فكان طبيعياً أن يضطروا إلى اللجوء إلى هذا
الأسلوب ، الذي هو طريقة شرعية للحفاظ على كيانهم وبقائهم ، وبالتالي
مواصلة جهادهم . . .


ولا
أظنّ أنّ هناك شخصاً أو جماعةً لاتلوذ بهذا الأسلوب ، ولا تلجأ إليه ،
إذا ما ابتلوا ببعض ما ابتليت به الشيعة عبر مسارها الجهادي
الطويل . . .


وإذا
ما استطاع الإنسان أن يظهر ما يراه ويعمل به بعيداً عن الأذى
والملاحقة . . . فإنه لايلجأ إلى التقية ، ولا تحبذ له الشريعة
بل ولا تجيز له ذلك . .


ومع هذا كلّه فإن كلمة الحقّ والتصريح بهايبقى هوالأعظم
ثواباً والأكبر أجراً...


فلنقف
أولاً عند أدلة هذه القاعدة و مصاديقها


فأدلّة هذه القاعدة قد توزّعت بين آيات قرآنية ، وأخرى روائية ، وثالثة
حكم العقل; وتسالم الفقهاء ، ورابعة مواقف و أهداف .


وقبل أن نلج هذه الأدلة; لنتبين دلالتها على ما نحن فيه من صحة هذه القاعدة
وسلامتها ، نعرض قليلاً لمعناها اللغوي و
الاصطلاحي ، وإلقاء ضوءٍ على قاعدة التقية ومرادها وأهميتها ، وسعة
دائرتها كما يذهب إلى هذه السعة الإماميّة بالذات .


* * *


/ 18