فلسفة الحج و أسرار مناسکه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فلسفة الحج و أسرار مناسکه - نسخه متنی

عباسعلی عمید الزنجانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید







فلسفة الحجّ وأسرار مناسكه



عباس علي عميد الزنجاني


إنَّ البحث في مسألة الحجّ ومكانته في الشريعة الإسلامية وإن بدا مختصراً
وموجزاً، وكذلك البحث في موقعه من الأحكام والفرائض الإسلامية والاهتمام
البالغ الذي أبداه الوحي والقرآن والسنّة تجاه الحجّ، ودراسة ماهية وعمق
أحكام الحجّ وشعائره والقدم التأريخي الذي يتمتّع به الحجّ، والعلاقة الوثيقة
والصّحيحة الّتي تربط الحجّ بأصل التوحيد، كلّ ذلك يمكنه أن يوضّح لنا
الخلفيّة لأفق الفلسفة الواسعة الّتي يمتلكها الحجّ، وبحور أسراره العميقة
الأغوار والمكنونة في مضمون هذه الشعيرة والعبادة.


لاشكّ في أنّ
الحجّ هو أحد أكبر الفرائض الإسلامية 1، وأعظم شعائر الدين2، وأفضل الأعمال التي يُراد بها
التقرّب إلى الله تعالى3، وهو ركنٌ من أركان
الدين4، وتركه ارتكابٌ لكبيرة من
الكبائر5، ممّا يتسبّب في خروج المرء عن
جادّة الإسلام والمسلمين6، ويؤدّي إلى كفره7.


ذلكم هو الحجّ
الذي يكافح ويناضل المسلم في سبيل أداء مناسكه، ويتمرّغ على تراب الذُلّ
ويُحمِّلُ نفسه مشقّة وتعباً عظيمين، ويعاني مرارة الغُربة والهجران، ويمسك
عن جميع ميوله ولذّاته، ويمتنع عن كثير من عاداته وطبائعه، باذلا القدر
الأكبر من مصاريفه لذلك، ويتحمّل أعباءَ حجّة مهما بلغت صعوبتها من أجل تنفيذ
أمر من أوامر الباري عزّوجلّ8.


ومع أنَّ الحجَّ
يبدو وكأنّه عبادة من العبادات الأخرى، إلاّ أنَّ هذه العبادة تجمع في
جنباتها ـ في الواقع ـ عبادات كبيرة عِدّة9، ولايمكن لأيّ عبادة أن توازيه
في ذلك10، ولا ثواب لهذه
الفريضة سوى حيازة رضوان الله ودخول جنّته11، كما قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم): «لو أنفقتَ في سبيل
الله بحجم جبل أبي قُبيس ذهباً، فإنّك لن تصل مرتبة الحاجّ وما يحوزه من
القَدر»12 .


إنّه الحجّ الذي
يُزيح عن كاهل المؤمن الكثير من المعاصي الكبيرة بأدائه هذه الفريضة، يمحو عن
قلبه كلّ صَدإ سبّبته سيئاته فيكون كمن ولدته أمّه توّاً13، ولا تكتب ضدّه سيئة أخرى حتّى
مرور أربعة أشهر ما دام الحاجّ لم يرتكب كبيرة إثر ذلك، وتكتب له عوضاً عن
ذلك حسنات كثيرة14.


لقد كان الحجّ
فريضة مفروضة في أولى الشرائع الإلهيّة، وأدّاه الملائكة وآدم وحوّاء وأنبياء
الله جميعاً على أكمل وجه15
وأدخَلَ إبراهيم إمام الموحّدين تعديلات عليه وَجدَّده16
وأُمِرَ إسماعيل بالتمهيد لإقامة تلك الشعيرة المقدّسة17،
وقد أدّى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) شعائر هذه الفريضة
مرّات عديدة رغم كلّ الصعوبات الّتي واجهته18
وسعى مدى سنوات طوال لتثبيت هذه الفريضة، وتهيئة المسلمين لإقامة الحجّ
الحقيقي. ووُفّق أخيراً وبعد الحوادث المريرة، والغزوات المتعدّدة. وبعد جهاد
بالنّفس والمال والرّوح، وبذل أغلى الشهداء والأعزّاء، وقادة وروّاد الإسلام،
وُفِّقَ بالدخول إلى مكّة في السنة الثامنة من الهجرة، وتمّ فتحها من قِبَلِ
المسلمين، فأدّى (صلى الله عليه وآله وسلم) حجة الوداع بعد ذلك في السنة
التاسعة للهجرة بصحبة آلاف مؤلّفة من المسلمين والصحابة
19،
بكلّ إجلال وأبّهة في جوٍّ تملأه المعنويات الطاهرة، والإخلاص التامّ ممزوجاً
بالقُدرة والسلطان الكبيرين للإسلام20.


ومع وجود نفي
الإكراه في الدّين21،
وطبقاً لسيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)المبيّنة على أساس
ترك إجبار النّاس على فعل يكرهونه22،
وقول أمير المؤمنين (عليه السلام)الواضح في هذا المجال وهو «لستُ أرى أن
أجبر أحداً على عمل يكرهه»23،
فإنّ الوالي والحاكم بإمكانه اجبار جماعة بالفعل; ذلك من أجل إحياء حجّ بيت
الله الحرام24.


حقّاً إنَّ
الحجَّ اختبارٌ كبير لعباد الله25،
إذ يتعامل الإنسان في الحجّ مع الحجارة والصحراء والصخور والحصى الّتي لاتضرّ
ولاتنفع26
وظلّت الأعمال الّتي يمارسها الحاجّ موضع دهشة الكثير من العقائد
الضالّة27.


الحجّ هو زيارة
بيت الله الحرام28،
البيت الذي يبدو وكأنّه يُعبد كما تلوح به الأعمال في
الحجّ29،
ومثابة للناس وأمناً وقبلةً يتوجّه نحوها الجميع في
عباداتهم30،
وشعبة من جنّة الرضوان 31،
والطريق المؤدّي إلى غفران الله 32
ومجمع عظمته وجلاله 33،
وأوّل بقعة خُلقت في الأرض 34.


وكان إبراهيم
خليل الرحمن (عليه السلام)المنادي للحجّ
35
حيث لبّت نداءَه كلّ النّطف الطاهرة عبر التأريخ
36
وكانت الملائكة تؤدّي ذلك قبل آدم أبي البشر بآلاف السنين الطويلة
37.


ويجذب الحجّ
نحوه، كما هو الحال مع متشابه آي القرآن مقارنة مع محكمه، كلّ الأفكار عِبْرَ
زوايا ومنعطفات وأبعاد مختلفة، فيخلّف وراءه الخلود والأثر البالغ والتهذيب
والحداثة الدائمة في بؤر التأريخ المندثرة.


وليس الحجّ لغةَ
عقيدة معيّنة، أو دستوراً مُحدّداً أو قيماً متفرّقة فحسب، بل هو مرآةٌ تعكس
وجهات النظر لكلّ المدارس والمذاهب، وصورة مُصغّرة لكلّ ما يحتويه الإسلام،
ذلك الإسلام الذي خرج بشكل قرآن مجيد مُبيّن الكلمات، وواضح الأسلوب، وتجلّى
في قالب الإمام والإمامة فصار حركات وملامح تمثّلت في الحجّ. ويبدو أنّ كلَّ
ما أراد الله تلقينه للبشر وتفهيمه إيّاه، قد صبّه في قالب يُدعى
الحجّ.


ذلكم هو الحجّ
الذي يسير فيه مخلوق في منتهى الصِغر نحو اللاّنهاية عِبر سَفَر لاينتهي،
فتجسّد خلاله فلسفة خَلق بني آدم فيصوغه مشابهاً للتاريخ والعقيدة والأمّة،
والُمخرج لكلّ تلك الأحداث هو الله سبحانه، ولغة التمثيل هي الحركة،
وشخصياتها وأبطالها هم آدم وإبراهيم الخليل وهاجر وابنها إسماعيل، ومن ثمّ
إبليس الذّليل، والماكياج والملابس هما الإحرام، والممثل في المشهد الفردي
ذاك الذي هو قطرة في وسط اليمّ هو أنتَ أيّاً كنتَ
38.


نعم، إنَّ الحجّ
هو انموذجٌ مصغّر من هيكل الإسلام ككلّ، كما سمّـاه الرسول الأكرم (صلى
الله عليه وآله وسلم) ووصفه بأنّه الممثّل الوحيد لكلّ شريعة الإسلام
39.


ومعَ أنَّ كلا
مسؤولٌ عمّا انفق 40،
وصرف في يوم يُحاسبُ فيه حتّى الأنبياء
41،
إلاّ أنّه لايُسئل عن المال المصروف في سبيل تأدية الحج وإقامة
شعائره 42،
ذلك لأنَّ ترك هذه الفريضة يؤدّي إلى بروز الفِتن وتسعيرها
43
وإيجاد المهلكة والفجائع بصورة عامّة
44.


فالحجّ
تفسيرٌ 45
لآية {ففرّوا إلى الله إنّي لكم نذيرٌ
مبين }
46
وبيانٌ ومصداقٌ 47
لـ {ربّ لولا أخّرتني إلى أجل
قريب فاصَّدَّق
} 48وأخيراً
فهو { قياماً
للناس } 49
ورمز قوّتهم وعزّتهم 50.


وهكذا، فلا يمكن
للحجّ أن يكون مجرّد عمل عاديّ، وعبادة بسيطة، وشعيرة ظاهرية بحتة. إنَّ سبر
أغوار ما ذكر من الأمور سابقاً يُجسّد لنا هذه الحقيقة وهي: أنَّ الحجّ يمتلك
روحاً وعقلا وفلسفة عميقة وراقية، وله أسرارٌ وحكمٌ ولطائف قيّمة جمّة وأهداف
وفوائد ونتائج حياتية كبيرة، ألقت بظلالها على حياة الإنسان في البعدين
المادّي والمعنويّ، وبالنفوذ ببصيرة إلى أعماق تلك الأعمال الظاهرية.
وبالوصول إلى باطن تلك الأعمال يمكننا تفهّم إشاراتها والمشار إليه فيها على
السّواء.


{ إنّ في
ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو
شهيد }
51.


/ 12