عمار بن یاسر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عمار بن یاسر - نسخه متنی

محسن الاسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید







عمار بن ياسر راية الحقِّ المبين



مع ما تعرضت له من ظلم وتعسف وتجاوز ـ كان
أخطرها وأقساها تبرئة المعتدي وتبرير أفعاله وكيل المدح له ، وإتهام
البريء وإدانته وذمّه وسبه . . . بوسائل خبيثة ،
وبأحاديث موضوعة على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ بقيت صحبةُ
رسول الله(صلى الله عليه وآله)مدرسةً رساليةً عظيمةً
مقدسةً .


كما لا يقدح عظمتها تلك ، ولا يضرّ
قدسيتها أبداً أنه كما كان فيها المتفوقون كان فيها دون ذلك بكثير ،
وكما كان فيها المجاهدون المخلصون كان فيها المتخاذلون ، وكما كان فيها المؤمنون
الصادقون حقّاً كان فيها غير ذلك . .


لقد كان فيها الذين زادتهم
إيماناً وثباتاً ، وكانت شفاءً لما في قلوبهم . .
وكان فيها الذين ما ازدادوا إلاّ نفوراً وإلاّ أذًى وتخريباً
لها . . . وخلاصة القول : كان فيها محسنٌ وظالم لنفسه
مبين ، وهم بالآخرة بين شقيّ وسعيد {فأما الذين شَقُوا ففي
النار . . .* خالدين
فيها . . .} {وأمّا الذين سُعِدُوا ففي الجنة خالدين
فيها . . .}1 .


لقد تعرضت هذه المدرسة المباركة لحالتي الإغواء
والابتلاء ، فارتفعت أعلام وسقطت أخرى ، وتألقت نفوسٌ وهوت
غيرها ، وفاز جمع وخاب آخر . . . ومع هذا كلّه وغيره
الكثير ، بقيت هذه المدرسة المحمدية أعظمَ مدرسة عرفتها الدنيا!
ونموذجاً فذاً لم يعهد مثله التاريخ وكيف لا تكون كذلك ، وقد راحت
السماء تغذيها وتمدّها وتنمّيها وتجذرها في قلوب مؤمنة صادقة ، راحت غير
عابئة بما يحيط بها من أذًى ومن تعسف ومن ظلم وقسر واضطهاد تبشر بآيات الله
وسنّة نبيه لتحملها مفاهيمَ ومبادئ وأحكاماً إلى الناس كافة؟!


لقد خلقت قلوباً أبيّة ، ونفوساً كبيرة
يحتضنها رجالٌ أفذاذ ، صحابةٌ أجلاّء ، تركوا آثارهم على تأريخنا
بل على تأريخ الإنسانية عطاءً وعلماً ، وتضحيةً وجهاداً ، وأخلاقاً
وآداباً . . .


لقد آمن هؤلاء والإسلام يعيش أحرج ظروفه
وأقساها من حيث القلة والضعف والهوان في ساحة يحيطها الأعداء من كلّ
مكان . آمنوا وقدموا كلّ ذاك العطاء وكلّ تلك
التضحيات . . . بسبب ولائهم الصادق لرسول الله(صلى الله عليه
وآله)وحبهم العظيم له ولما حمله من قيم السماء . وهو ما شهد به أبو
سفيان يوم كان زعيماً لأعداء الله ورسوله : ما رأيتُ من الناس أحداً
يحبّ أحداً كما يحب أصحابُ محمد محمداً .


وعمار وأبوه ياسر وأمّه سمية من هذه الفئة
المؤمنة حقّاً ، ومن هذه النخبة الطاهرة ، ومن هؤلاء
الأصحاب ، الذين سجلوا لنا أمثلة رائعة وكبيرة للإيمان وللتضحية والفداء
والصبر والحلم تشهد بذلك سجونُ قريش وسياطُها وحديدتُها المحماة ورماحُها
القذرة ، التي حملتها نفوسٌ سيئة وقلوبٌ قاسية وأياد ملطخة بدماء
البراءة والطهارة ، كما تشهد لهم بذلك الصبر رمضاءُ مكة وشمسُها
المحرقة ، وما ذلك إلاّ لأنهم دعوا الى الله {ومَن أحسن قولا ممّن دعا الى الله وعمل صالحاً وقال إنني من
المسلمين} .


إن الكتابةَ عن «أبو اليقظان» ـ هذا
الرسالي ، الذي وفّقه الله تعالى ليعيش أجواء الرسالة وأفياء مدرستها
تلك بكلّ صدق ووعي وثبات ـ كتابةٌ عن أبيه
ياسر ، الذي منَّ الله عليه ليكون أول شهيد عرفته المرحلة الأولى من
مراحل الإسلام ودعوته ، وهي ما زالت في أول خطوة لها ، كما أنّ
الكتابةَ عنه كتابةٌ عن اُمّه التي حظيت هي الأخرى بأول وسام للشهادة في
الصدر الأول للإسلام ، بل هي كتابة عن كلّ المعذبين أمثال بلال وصهيب
وخباب . . . والدين الجديد يخطو خطواته الأولى إلى قلوب
الناس; لهديهم وإرشادهم ، وانقاذهم من الظلم والضلالة والضياع الى حيث
برّ الأمان في الدنيا ، والى حيث النجاة في الآخرة .


قبل الهجرة النبوية الشريفة بسبع وخمسين
سنة ، في مكّة ، في حي بني مخزوم ، ولد عمّار بن ياسر ،
من أب عربي يمنيٍّ وهو ياسر بن عامر بن مالك الكناني المذحجي العنسي
القحطاني . قدم ياسر من بلاد اليمن مع أخويه الحارث ومالك باحثين عن أخ
رابع لهم في رحلة طويلة شاقة ، انتهت بهم الى مكّة ، فرجع الحارث
ومالك الى اليمن ، فيما ألقى ياسر عصاه بها ، وحالف أبا
حذيفة بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن
مخزوم ، فاقترن بسمية بنت خياط من جواري أبي حذيفة ، ثم أعتقه هذا
الأخير بعد أن ولد لهما عمار ، ومن هنا صار عمّار وهو العربي القحطاني
مولىً لبني مخزوم . ولكنهما (ياسر وسمية) بقيا مع أبي حذيفة الى أن
مات .


كان عمّار يقول : كنتُ ترباً
لرسول الله(صلى الله عليه وآله) لسنّه ، لم يكن أقرب به سنّاً
مني . كما كان أخاً لأمِّ سلمة زوج الرسول(صلى الله عليه وآله) من
الرضاعة2 .


/ 11