حجر إسماعیل فی مسیرته التأریخیة و الفقهیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حجر إسماعیل فی مسیرته التأریخیة و الفقهیة - نسخه متنی

محسن الاسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






حِجْر إسماعيل فى مسيرته التأريخية والفقهية


{ربّنا إني أسكنتُ من ذريتي بواد غيرِ ذي زرع عندَ بيتكَ المحرم ...}1.


ظلّ نبيُّ الله إبراهيم الخليل ـ وقد ركب
دابته، وحمل معه زوجته هاجر وطفله إسماعيل، ومتاعه ـ ظلّ يُغِذُّ السيرَ على
هدىً من الله تعالى، ويقطع الصحاري والوديان والفلوات، حتى وصل إلى واد مجدب
مقفر تحيطه الجبال، وتحفُّ به التلال. وفي رواية أن جبريل (عليه السلام) كان
معه يُدلّه على موضع البيت الحرام ومعالمه، فكان إبراهيم (عليه السلام) لا
يمرُّ بقرية أو مكان إلاّ قال لجبريل: أبهذا أمرتُ يا جبريل؟ فيقول جبريل:
امضه. حتى قدم به مكة وهي إذ ذاك عضاه (سلم وسمر)2 وبها أناس يقال لهم العماليق3 خارج مكة وما حولها، والبيت يومئذ ربوة حمراء
مدرة. فقال إبراهيم لجبريل: أهنا أمرتُ أن أضعهما، قال: نعم. فعمد بهما إلى
موضع الحِجر فأنزلهما فيه، وأمر هاجر أمَّ إسماعيل أن تتخذ فيه عريشاً4،
وبعد أن أمّن لهما المقام، استودعهما الله تعالى، وإذ هو يودعهما، تشبثت به
زوجته هاجر، وهي تبكي وتشتكي من أن يكون هذا الوادي عقوبة لها من دون أن
تقترف جرماً أو ذنباً تستحق عليه مثل هذا العذاب في أرض جرداء، لا ماء فيها
ولا طعام .. ثمّ إن كان لها ذنب، فما ذنب صغيرهما إسماعيل أن يعذب .. فلم
يستطع إبراهيم حبس دموعه فشاركها بكاءها، وبادلها دموعها. حتى تأوه أخيراً
لحالهما، ثم أخبرها: بأن هذا هو أمر الله تعالى، ابتلاه به، وليس له إلاّ أن
يلبي دعوة الله، ويذعن لها .. ثم رفع يديه بالدعاء و {....
فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلّهم
يشكرون}5فكانت هذهِ آخر كلمات إبراهيم
في وداعه لزوجته وابنه .. قصة هاجر وإسماعيل.


{إني
أسكنتُ من ذريتي بواد ..}.


جعلتُ لهم مأوى يأوون إليه، ومقرّاً
يقرون فيه، وسكناً يسكنون إليه .. والمراد بالذرية هاجر وإسماعيل، وبالوادي
وادي مكة وهو الأبطح6.


{عند بيتك
المحرم}.


مكان هذا السكن والمأوى أو العريش يتوضح
بـ عِند التي هي اسم مكان الحضور حقيقة كما تقول جلستُ عند زيد ومجازاً نحو
عند زيد علم ...7.


ففي الآية وردت عند وتعني المكان أو
الموضع الذي يكون مجاوراً للبيت أو ملاصقاً له بين ركني البيت (الكعبة)
الشاميين من جهته الشمالية. وكان هذا المكان عريشاً بَنتهُ هاجر إلى جانب
البيت الذي كان ربوة فسكنته مع ابنها إسماعيل. وهذهِ الملاصقة أو المجاورة
للكعبة، كانت سبباً لتعرضه إلى كل ما تعرض له البيت من حوادث طبيعية كالسيول
والحرائق، وتجاوزات الظالمين، كما أنه كلما أعيد أو جدّد بناء الكعبة أعيد
بناءُ الحجر وجدّد. وبالتالي صار هذا البناء والتجديد سبباً لأقوال وآراء حول نقصان
الكعبة أذرعاً ودخولها في الحجر أو عدم نقصانها. وترتبت على ذلك أراء وفتاوى
ذكرها الفقهاء عند تعرضهم إلى أحكام الطواف حول الكعبة وشروطه كما
سنرى.


الكعبة في مسيرتها التأريخية،
من عهد إبراهيم (عليه السلام) وحتى بناء قريش لها، حافظت على مساحتها مع أنها
بنيت مرّات في عهود سابقة لكن بناء قريش لها لتصدعها وطول الزمن، كان سبباً
للخلاف عند المؤرخين والعلماء .. فذهب فريق منهم إلى أنها أُنقصت منها
أذرعاً(5-7) من الجهة الشمالية وأدخلت في الحِجر، بينما ذهب فريق من هؤلاء
القائلين بالنقص إلى أن الحِجر كلّه من الكعبة، وقال غيرهم: إن الكعبة لم
يُنقص منها شيءٌ، وأن مساحتها ـ اليوم ـ كما كانت على عهد إبراهيم وإسماعيل
(عليهما السلام) ...


وبعد أن نبين ما آل إليه هذا
السكن المبارك، وبدء تسميته بالحِجر .. نستعرض تلك الآراء والأقوال وأدلتها،
وما توفرنا عليه من روايات حتى نصل إلى الآراء الفقهية وأدلتها على وجوب
إدخال حجر إسماعيل في الطواف، للأدلة الخاصة، أو للسيرة الثابتة عن
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)حيث كان يُدخله في الطواف، أو لأنه جزء
من الكعبة وبالتالي يصدق عليه أنه جزء من البيت العتيق {وليطوفوا بالبيت العتيق}8 أو لأن إسماعيل حَجّر على
قبر أمّه وكره أن يوطأ ... ، لهذا كان الطواف خارج
الحجر.


لقد آل هذا المأوى المبارك،
بعد أن كان عريشاً، إلى مقبرة بعد وفاة هاجر، ودفنَها إسماعيل فيه، وحجّر على
قبرها بحائط أو جدار ليمنع الناس من أن يطأوا قبرها. وكانت هذه هي بداية
تسميته بالحِجر، لأن الحِجر لغةً بالكسر ثم السكون هو ما حجّرتَ عليه أي
منعته من أن يوصل إليه، وكلّ ما منعت عنه فقد حجّرت عليه .. وكذلك سمي ما
تركت قريش في بنائها من أساس الكعبة على عهد إبراهيم وحجرته ليعلم أنه من
الكعبة سمي حِجراً لذلك، وهو الذي يسمى الشاذروان. وفي الصحاح: الحجر هو ما
حواه الحطيم المدار بالكعبة شرّفها الله تعالى من جانب الشمال. وقال الأزهري:
هو حطيم مكة، كأنه حجرة ما يلي المثعب من البيت.9


إذن، فهذهِ التسمية (الحِجر)
ظهرت بعد وفاة هاجر ودفنها. وسمّى أيضاً بـ (الحطيم) لأنه حُطِّم من
الكعبة وفصل منها، وفيه ميزاب الكعبة، كما أن هناك مَن أطلق كلمة الحطيم الآن
على الجدار المطيف بالحِجر، وبذلك قال ابن عباس، وقيل: إن الحطيم ما بين
الحَجر الأسود ومقام إبراهيم وزمزم وحِجر إسماعيل، أي البقعة المحصورة بين
الكعبة والحِجر غرباً والمقام وزمزم شرقاً، وهذا ما حكاه الأزرقي عن ابن
جريج، وفي كتب الحنفية أن الحطيم المكان الذي فيه الميزاب، وذلك بالاشتقاق،
لأن ذلك المكان حطم من الكعبة، وفصل منها، والأكثرون على القول الثاني10.


والحِجر ما أطاف به الحطيم ـ
الجدار ـ وقد ذكر الأزرقي: أن إبراهيم (عليه السلام)جعل الحِجر إلى جنب البيت
عريشاً من أراك يقتحمه العنز وكان زرباً لغنم إسماعيل11.


فعن الحلبي: عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: سألته عن الحجر؟ فقال: إنكم تسمّونه الحطيم، وإنما كان
لغنم إسماعيل، وإنما دفن أمّه وكره أن يوطأ قبرها فحجر عليه12،
...


ثم تحولّ بعد ذلك إلى مقبرة،
فبعد وفاة إسماعيل وهو ابن ثلاثين ومائة سنة دفن فيه مع أمّه13،
وقد ذكر المحبُّ الطبري: أن البلاطة الخضراء التي بالحجر قبر إسماعيل14.


كما دفنت فيه عذارى بنات
إسماعيل، ودفن فيه جميع الأنبياء الذين جاءُوا حُجّاجاً فقبروا
فيه.


فعن أبي عبد الله الصادق
(عليه السلام) قال: الحجر بيت إسماعيل، وفيه قبر هاجر، وقبر إسماعيل. ولما
سأله الحلبي قال: ... وفيه قبور أنبياء15.


وعن معاوية بن عمار قال: قال
أبو عبد الله (عليه السلام): دفن في الحجر مما يلي الركن الثالث عذارى بنات
إسماعيل16.


وعن ابن عباس: في المسجد
الحرام قبران ليس فيه غيرهما [ويبدو أنه يقصد من الأنبياء] ... قبر إسماعيل
في الحجر، وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود.


بينما روى محمد بن سابط عن
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: كان النبيُّ من الأنبياء إذا هلكت
أمته لحق مكة فتعبّد بها هو ومَن آمن معه حتى يموتوا، فمات فيها نوح وهود
وصالح وقبورهم بين زمزم والحِجر17.


/ 12