شخصیات من الحرمین الشریفین (13) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شخصیات من الحرمین الشریفین (13) - نسخه متنی

حسن محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید










بلال أحدٌ أحد مؤذِّن رسول الله




ما أعظمك يا بلال، وقد
اقترن اسمك بكلمات لم يسبقك إليها أحدٌ، حتّى غدت سلاحك الوحيد الذي تدافع به عن
نفسك، حيث كانت تخلق فيك صموداً لا يهزم، وثباتاً لا يلين، وقد تلوّت على ظهرك
سياطهم، ومزّقت جسدك حديدتهم المحماة. في رمضاء مكّة ولهيب رمالها، وأنت تردّدها
كلمات خالدة.. أحدٌ أحد، أحدٌ أحد.. حتّى غدت انشودتك التي لم تجد أجمل منها
وأحلى.. ولم ينطق لسانك بشيء غيرها.. فكانت أمضّ سلاح ينخر صدورهم، ويهزّ
كبرياءَهم.. ويغيض قلوبهم، وهو ما كنت تبحث عنه وتتمنّاه.



وما أعظمك يا
بلال ، وقد اقترن اسمك بأعظم نداء عرفته الدُّنيا وردّدته
الأجيال!



وما أحسن عاقبتك
يابلال ، وقد خلدت بخلود كلّ فصل من فصول هذا الأذان ، وكلّ كلمة من
كلماته ، بل وكلّ حرفٍ من حروفه ، ولحن من ألحانه ، ونغمةٍ من
نغماته . . .! .



وما أعظم
ذكراك ، وقد امتزجت بذكرى هذا الأذان ، الذي راح يدوّي خمس مرّات في
أرجاء السماء ، تردّده الألسن ، وتهفو إليه القلوب ، وتطمئن به
النفوس فما إن يسمع أحدُنا مؤذِّناً يرفع الأذان حتّى يتبادر إلى الذهن بلال ،
وما إن نسمع صوتاً نديّاً شجيّاً إلاّ وراح بلال بصوته الجميل شاخصاً حيّاً ،
وكيف لا يحيى وقد اقترنت حياته بحياة هذا الأذان فنعم
القرين! ؟



* *
*



إنّه واحد ممّن
قضى عمره بين عبوديّتين : عبودية للناس ، وقد أكره عليها وكلّها تسخير
وذلّ وظلم ، مقابل ثمن بخس لا يتعدّى رغيف خبز وافتراش
أرض . .



وعبودية
لله ، خطى نحوها بإرادته ورغبته ، فكانت عزّاً في الدُّنيا وكرامةً في
الآخرة ، وكانت خلوداً هي الأخرى في الدُّنيا ، وخلوداً في
الآخرة . . . فشتّان شتّان بين العبوديّتين!!



كان بلال من فئة
العبيد تلك التي سخّرها سادة المجتمع المكّي وكبراؤه في نواحٍ خدمية كثيرة وأخرى
قتالية . . .



وما إن منَّ الله
تعالى بدعوته المباركة الجديدة ، رحمةً للناس جميعاً ، حتّى راحت قلوبُ
هؤلاء الضعفاء تجد أمانها فيها
وطمأنينتها . . .



فتوجّهوا نحوها
كأعظم ملجإٍ لهم وملاذٍ ، لتنتشلهم ممّا هم فيه من اضطهاد متواصل وعذابٍ دائمٍ
وذلٍّ مستمرّ ، من خزي في الدُّنيا وعذاب في الآخرة ، إلى عبق الحرية
والمساواة ، وإلى فردوس ينتظرهم في الآخرة . .



وهم
يسمعون : «لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلاّ
بالتقوى» .



وهم
يقرأون : {تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا
لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ} .



لقد كانت هذه
الفئة من الناس تشخص بأبصارها بعيداً وكأنّها تنتظر من ذلك الأفق البعيد منقذاً
ظلّت تعيشه حُلماً جميلاً يهوّن عليها ما هي فيه من هوان ويزرع في نفوسها الأمل
والطموح والرغبة في حياة إيمانيّة تنقذهم ممّا هم فيه من ضلال
وعذاب ، . . فما إن رأته واقعاً أمامها حتّى بادرت إلى التصديق به
والتضحية في سبيله ، فكان لهم قصب السبق في نصرة هذه الدعوة الخالدة والدفاع
عنها بأرواحهم وأجسادهم وما يملكون حتّى تمّ نصر الله
والفتح .



لم يتأخّر بلال
كثيراً ، فقد ردّد الشهادتين ، وأعلن بذلك إسلامه مع رفاقه في
الآلام ، فبدأوا بذلك حياةً جديدةً . . إلاّ أنّ الأيدي الظالمة لم
تتركهم ، فقد راح أسيادهم يصبّون عليهم جام غضبهم ، وينزلون بهم أقسى
أساليب التعذيب وأشكاله . .



ومع كلّ هذا رأت
هذه الفئة التي هانت عليها نفوسها في الله تعالى ، أنّ ما ينزل بها من عذابٍ هو
غير ذلك العذاب ، وأنّ ما يحلّ بها من ظلم وقسوة هي غير تلك القسوة ، لقد
رأت بهذا كلّه حلاوةً ونشوةً ، ولهذا تحمّلت ، وراحت تردّد مع بلال
كلماته المشهورة على لسانٍ واحدٍ ، ومن قلوب ملئت إيماناً وحبّاً لله حتّى غدت
كيانهم كلّه : أحدٌ أحد . وجدت بها بلسمها ودواءها وحرّيتها ، التي
فقدتها سنين طويلة ، فيما راحت الأجيال المؤمنة تعيش ذكراهم ، وتردّد صدى
ما تعوّدته ألسنتهم ، ووعته قلوبهم . .



لقد أسلم
بلال ، وهو من الأوائل الذين أعلنوا إسلامهم ، وراح يشهد مشاهد رسول
الله(صلى الله عليه وآله) كلّها بدراً وأحُداً والخندق ، وفتح
مكّة . .



* *
*



إنّه
بلال بن رباح الحبشي ، أبو عبد الكريم ، وأبو عمرو الحبشي ، أمّه
حمامة . وكان مولى أميّة بن خلف ، الذي كان واحداً من طغاة قريش ،
وقد أوغل في ظلمه
لبلال . . . ثمّ بعد ذلك اشتراه أبو بكر بن أبي قحافة ، فظلّ
مولى له حيناً من الوقت .



/ 17