أمن الحرم - أمن الحرم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أمن الحرم - نسخه متنی

محسن الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



أمن الحرم



الدعاء كان
السمة البارزة في حركة جميع الأنبياء وبالذات في حركة نبيّ الله إبراهيم
الخليل(عليه السلام) وهو يخطو خطواته المتقنة في مسيرته المباركة; لتنفيذ
أوامر السماء في جوف تلك الصحراء النائية، وفي ذلك الوادي المقفر الأجرد الذي
تظلله الجبال ذات الصخور الصماء وتحف به التلال، وهو بين لحظة وأخرى يرمق
السماء رافعاً يديه متوسّلا بالله تعالى أن يسدّد خطواته، وأن يعينه على ما
أمره به. فكان من دعائه (عليه السلام): { ربِّ اجعل هذا بلداً آمناً }..


صفة الأمن ما
أعظمها وما أروعها وما أوقعها في النفوس! فبدونها تفقد الحياة كلّ معانيها
الجميلة، وكل ما فيها من خير وعطاء. فالأمن ضرورة لكلّ تقدم وحضارة وبناء.
خاصّة لذلك الوادي الذي يُراد له أن يكون مكاناً تنبعث منه رسالة السماء إلى
النّاس كافّة. وتؤدى فيه أدقّ عبادة وأشقّها.. وبغير أمان وطمأنينة قد لا
يستطيع أحد أداء مناسكها على ما هو مرسوم لها، ولا يتمكن أحد من أن يعمر ذلك
الوادي وإلاّ، قل لي : كيف تؤدى مثل هذه الفريضة ذات المناسك
المتعدّدة والشاقة والدقيقة؟ وكيف تبنى بذلك الوادي
حضارة يراد لها أن تكون مشعل نور للأجيال وقبلة لها إذا كان ساكنوه يئنّون
تحت أجواء الخوف وقسوة الجوع..؟!


لم تشغل شيخ
الأنبياء تلك المحنة المتمثلة بترك زوجته وابنه، وكم هي عظيمة وخطرة أن يترك
الزوج زوجته والأب ابنه في مثل ذلك المكان وفي مثل تلك الظروف! لم تشغله تلك
المحنة التي تنوء بالعصبة أولي القوة عن طلب الأمان إلى جبال هذا الوادي وإلى
رماله وتلاله وإلى ساكنيه ، فلقد قدر لكلّ صخرة فيه ولكلّ ذرة رمل ولكلّ
تل صغيراً كان أو كبيراً، ولكلّ ساكن فيه رجلا كان أو امرأة، شاباً كان أو
شيخاً، قويّاً كان أو ضعيفاً ، سيداً كان أو عبداً ، شريفاً كان أو
وضيعاً.. دورٌ في حياة هذا الوادي وفي أحداثه. ويمكننا القول بقوة: إن شيخ
الأنبياء كأنه انكشف له ما سيؤول إليه واقع هذا الوادي من اقتتال وتنازع
وتخاصم من جهة ، ومن جهة أخرى أنه سيتحول إلى بقعة من أقدس بقاع الدنيا
وأعظمها ، وما يستتبع ذلك من خير وبركة وعطاء وسيصبح مهبطاً لوحي
السماء ، ومنبعاً للنور الإلهي بعد أن يغرق بالظلام والجهالة، وأنه
سيتحول من واد رملي خال من أي عود أخضر إلى ربيع زاه تخفق فيه طيور المودّة
والمحبة، وتتردد في جنباته ونواحيه أصوات التلبية والتسبيح وآيات القرآن.
فتهوي إليه الأفئدة أفئدة الناس من كل ناحية وصوب { واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} من أجل هذا وغيره كان لابد لإبراهيم
من أن يطلب الأمن والأمان لهذه الأرض وحتى يأنسوا به ويعرفوا قيمة
الأمان ، ثمّ يميّزوا بينه وبين الخوف ، وبالتالي بين السلام
وثماره والحرب وآثارها، وبين الاستقرار من جهة والنزاع والتشرد من جهة اُخرى.
بين المعاني الجميلة والعظيمة للخير والمعاني القبيحة والوضيعة للشر وما
يترتب عليه من تناحر وتشتت وتفرق..


لقد أراد شيخ
الأنبياء من دعائه أن تكون مكّة بعيدة عن الغدر والكراهية والبغضاء
والاحتيال.. وأن تبقى أرضاً مقدّسة مباركة لا مكان فيها لسياط الجلادين الظلمة ، التي تلهب ظهور العبيد والمظلومين، وأن لا
تكون مقبرة للبنات ، التي تُقتل حال ولادتها خوفاً من العار المزعوم، لم
يرد هذا ولا غيره ، بل أرادها أن تكون مكاناً وأرضاً نابضة بالحياة يلوذ
بها المظلومون، ويأوي إليها الضعفاء والمشردون; ليجدوا فيها حقوقهم التي
سحقت، وكراماتهم التي سلبت، وأموالهم التي نهبت.


يقول سيد قطب:
هذا البيت الحرام الذي قام سدنته من قريش فروّعوا المؤمنين ، وآذوهم
وفتنوهم عن دينهم حتى هاجروا من جواره.. لقد أراده الله مثابة يثوب إليه
الناس جميعاً، فلا يروّعهم أحد، بل يأمنون فيه على أرواحهم وأموالهم. فهو
ذاته أمن وطمأنينة وسلام1.


لقد أراد لها
أن تكون أرضاً تسير فيها قوافل الإيمان، وتزداد أعدادها وتتضاعف، ويشعّ نورها
ويتسع; ليتعدى الجزيرة وما حولها إلى كلّ الدنيا وما فيها، وبالتالي يعمّ
نموذجُ الأمن وتجربته كلّ البقاع وكلّ الأمم الأخرى.


يقول صاحب
التفسير المنير: ومن نعمه تعالى على العرب التي أمر الله نبيّه أن يذكّرهم
بها: دعاء إبراهيم (عليه السلام): أن يجعل هذا البلد في أمن وطمأنينة،
فلا يتسلط عليه الجبارون، ولا يعكر صفوه المجرمون الآثمون2.


فهل تحقق كلّ
هذا ولم تعبث بهذا الوادي الأيدي القذرة والنفوس السيئة؟


لئن مرّت على
هذا البيت الكريم سنوات خير وأمان وطمأنينة، فقد تعرّض طيلة سنوات عديدة
لحوادث سلب ونهب، وضرب بالمنجنيق، وقتل فيه الأبرياء والآمنون، وتسلط عليه
الجبارون، وعكر صفوه المجرمون الطغاة، كالقرامطة الذين قاموا بفعلتهم القذرة،
من قتل الحجّاج الأبرياء الذين جاءوا يطلبون رحمة الله ومغفرته ورضوانه،
وقاموا بسرقة الحجر الأسود والاحتفاظ به بعيداً عن مكانه لأكثر من عشرين سنة
إلى غيرها من الأعمال المشينة قديماً وحديثاً آلمت قلوب المسلمين جميعاً
وواجهوها باستنكار بالغ، ومازالت مرارتها في نفوسنا جميعاً.


هذه الأيدي لم
ترع للبيت حرمة ولا كرامة، وتغافلت عن تكريم الله تعالى له بجعل نعمة الأمان
آية من آياته، وهبة من مواهبه لعباده، أن جعل قطعة من الأرض تشعر فيها النفوس
بحلاوة الأمن والطمأنينة بعد أن عانت من فقدان الأمن، وهي تعيش بعيداً عنه
تحت سوط الطغاة والجلادين والغزو والقتال {
أو لم يروا أنا جعلنا
حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم}3.


فالأمن إذن لم
يعد بعد تلك الجرائم والاعتداءات صفة للبيت، ممّا جعلنا نتساءَل هل حوداث
الاعتداء هذه على بيت الله الحرام، وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة على
أرضه المقدّسة وعلى ترابه الطاهر تتعارض مع نصوص الأمن القرآنية، وبالتالي
تزعزع صفة البيت الآمن الذي حدّدته الآيات الكريمة؟


إن ظاهر هذا
كلّه يفيد أنّ هناك تناقضاً بين ما حدث وبين ما قاله الله تعالى في كتابه
العزيز : { وإذ جعلنا البيت مثابة للناس
وأمناً } { وهذا البلد الأمين}،
فالبيت وُصفَ بالأمن في الوقت الذي دخله القتلة، وأثاروا فيه الرعب والفزع
والقتل، وتركت هذه الجرائم آثارها على النّاس الآخرين الذين يقصدون البيت
ولكنّهم خائفون وجلون ممّا قد يتكرّر، وممّا قد يقع.


وقبل التعرض
إلى ذلك لابدّ من ذكر الأمن لغة وآياته والأقوال المتعددة في مسألة أمن
الحرم; لنصل إلى حلّ ما قد يُرى من تناقض بين النصوص والواقع التاريخي لأمن
الحرم.


الأمن لغة: من
أمِنَ يَأمنُ أمْناً وأماناً وأمانةً وأمَناً وإمْناً وأمَنَةً: اطمأنَّ وَلم
يَخَفْ، فهو آمنٌ وأمِنٌ وأمينٌ يُقال: لك الأمانُ: أي قد آمنتُك أي جعلتك في
أمن بعيداً عمّا يخيفك ويقلقك: وأمن يأمن البلدُ اطمأنّ فيه أهلُه.. والأمن:
ضد الخوف.


فالبلد الأمين
أي بلد الأمن أو البلد المأمون فيه، يأمن فيه من دَخله. { وآمنهم من خوف} أي آمنهم من خوف
وقد نكر لبيان شدّته، فجعلهم في أمن وسلامة وطمأنينة على أنفسهم وأموالهم
و...


يقول السيّد
السبزواري: ومادة (أَمَنَ) تأتي بمعنى الطمأنينة، وزوال الخوف، وسكون النفس،
وقد استعملت جملة من مشتقاتها بالنسبة إلى الحرم الأقدس الإلهي، قال تعالى:
{ وإذ جعلنا البيت مثابةً للناس وأمناً } وقال تعالى: { وهذا البلد الأمين}..


الآيات:


{وإذ
قال إبراهيم ربّ اجعل هذا بلداً آمناً...}4.


{فيه آيات بينات... ومن دخله كان
آمناً}5.


{وإذ
قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمناً}6.


{أو لم
نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كلّ شيء}7.


{أو لم
يروا أنا جعلنا حرماً آمناً...}8.


{وإذ
جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً}9.


{وهذا البلد
الأمين}10.


{الذي
أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}11.


الروايات ومنها
:


1 ـ فعن جابر، قال: سمعتُ رسول
الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «لا يحل لأحد أن يحمل
بمكة السلاح».


2 ـ وعن ابن عباس، قال: قال رسول
الله(صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرّمه الله يوم خلق
السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لا يحل القتال
فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلاّ ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم
القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلاّ من عرَفها، ولا
يختلى خلالها (أي لا يجز ولا يقلع كلؤها). فقال العباس: يا رسول الله إلاّ
الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم. فقال: إلاّ
الإِذخر».


3 ـ وأخرج
مسلم عن أبي سعيد عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: «اللهم إن إبراهيم حرم
مكة فجعلها حراماً، وإني حرمت المدينة، حراماً ما بين مأزميها أن لا يهراق
فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلاّ
لعلف،...».


4 ـ قال
الإمام الصادق(عليه السلام): من دخل الحرم مستجيراً به فهو آمن من
سخط الله عزّوجلّ، ومن دخله من الوحش والطير كان آمناً من أن يهاج أو
يؤذى حتى يخرج من الحرم.


/ 4