مقدمة
عاش الامام الخميني أمة في رجل ، ورحل
عظيماً عن أمة ، كان تجسيداً كاملا للمبادئ التي عاش لها ودعا
إليها . لم تنفصل أقواله عن أفعاله ، ولم تنسلخ كينونته عن
كلماته ، فكان النظرية والتطبيق ، والقول والفعل ، والمصداق
والمفهوم ، كان صدى أهل السماء لأهل الأرض ، وهبة الله تعالى
للمؤمنين والمسلمين والمستضعفين في نهاية القرن
العشرين . . .
حرّك الشارع الاسلامي عقداً كاملا من
السنين ، ومن أقصى الأرض الى أقصاها ، وحكم وما زال يحكم وسيظل
هكذا عقوداً أخرى ومن قبره الشريف ، ما دام على وجه الأرض غيارى يرفضون
الظلم ، أو أحرار يتمردون على البغي ، أو ثوار يتحدّون
الطغاة .
لقد أصبحت كلماته ، مثل مرقده
الشريف ، مزاراً للعشاق ومنهلا للثوار ومثابة لطلاب الكرامة
والمحرومين ، ونشيداً للمستضعفين والشرفاء ودعاة التغيير
والاصلاح .
لم تكن كلماته التي تركها في أعناق الرجال
إلاّ مشعلا آخر من مشاعل النور يضيء الدرب للأحرار والثوار ، ليشقوا
طريقهم في الدهاليز المظلمة التي صنعها طواغيت الأرض ، ونبراساً يواصل
به رجال خطه الأصيل إضاءة هذه الدهاليز . . .
نعم ، ستظل كلمات الامام الخميني
ومواقفه ووصاياه مصاديق صارخة لكشف زيف الأدعياء والمقاولين ووعاظ السلاطين
وتجار الدين . كما ستظل صيحاته ورؤاه صرخات غضب مقدس لاستنهاض الأحرار
والشرفاء واستصراخهم ومناشدتهم لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، سعياً
حثيثاً لاستكمال المشروع التغييري الذي بدأه وصولا لإنجاز مشروع النهضة
الاسلامية المعاصرة . . .
من هنا صار الوفاء واجباً لهذا الرجل ،
وصار لزاماً أن تبقى كلماته خالدة في ضمائر الأحرار والنجباء ، وأن تبقى
بياناته وأفكاره شاخص هداية ونبرات نور للسالكين والمناضلين
والمؤمنين . . .