إرث العظیم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إرث العظیم - نسخه متنی

محسن الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید







الإرثُ العظيم




محسن
الأسدي


{إنّ الصفا والمروة من شعائر
الله فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جُناح عليه أن يطوّف بهما ومَن تطوّع خيراً
فإنّ الله شاكر عليم} سورة البقرة: 158


انطلق نبيّ الله
إبراهيم(عليه السلام) بأهله ، يقطع الفيافي ويجوب البوادي في رحلة
إيمانية ربّانية ، لا ينتابه شكّ ، ولا يخامره تردّد ، بل
طاعة خالصة لا شبهة فيها ولا ريب ، وهو يصوّب ناظريه ، إلى حيث
تأمره السماء التي ما انفكت إرادتها ترافقه في سفره هذا ، وكلّما لاحت
لإبراهيم الزوج الكريم والأب الحنون بين تلال تلك الوديان واحةٌ تحيطها
شجيرات لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة ، أو لمح بقعة يحفّها زرع
ويظلّلها نخيل إلاّ وتمنّى أن تكون هي المكان الذي اختارته السماء مأوًى
لأهله ولذرّيته من بعدهم .


إنّها مجرّد
أمان لا غير ، وخواطر تخطر على قلب أب مملوء رحمةً وحناناً ، وهو
أمر بشري وحالة طبيعية لم يتخلّ عنها الأنبياء مع منزلتهم السامية وشأنهم
العظيم . . لا يتنافى هذا مع تسليمه وانقياده إلى خالقه وبارئه
تعالى .


بيدَ أنّ وحي
السماء راح يحدو بهذا الشيخ الكبير وبمن معه (زوجته هاجر وابنه الرضيع إسماعيل) فأمامه شوط بعيد ، في
وديان جدباء ، وصحارى ملتهبة ، ونظرات النبيّ إبراهيم توزّعت هنا
وهناك; يرمق السماء ببعضها مبتهلاً داعياً فيما يحنو ببعضها الآخر على ولده
الوحيد يومذاك ، وزوجته المطيعة الأمينة التي اختارتها السماء لوظيفة
عظيمة ، . . . هي الاُخرى ظلّت عيونها تارةً تحلّق
بعيداً في هذه الفيافي القاحلة ، وتارةً اُخرى تذرف دموعها خوفاً على
رضيعها الذي وقع اختيار السماء عليه أيضاً لدور آخر لا يقلّ عظمةً عن دور
اُمّه ، فراحت تستنزل بعبرتها وبرقّتها المعروفة وعواطفها الجيّاشة رحمة
الله . . .


ظلّ الثلاثة
يواكبهم جبرايل ما إن يجتازوا هضبةً وعرة إلاّ لينحدروا في اُخرى ، وما
إن يعبروا وادياً جديباً حتّى يهبطوا آخر أكثر منه جفافاً
وجدباً . . . في أرض نائية لا زرع فيها ولا
ظِلال . . . حتّى هبطوا البطحاء . . . إنّها
بطحاء مكّة ، حيث محطّ رحالهم . .


إذن ماذا يُريد
هذا الشيخ بأهله في هذه الصحارى وبين هذه الجبال؟ بل ماذا يُراد به
وبأهله . .؟


ونجد جواب ذلك
في قول إبراهيم الخليل حيث همَّ بالرجوع من حيث أتى ، وقد ترك زوجته
وابنه مع زاد يسير وماء قليل {عند بيتك
المحرم} .


نظرت إليه
زوجته وقد رأته يهمّ بالعودة إلى الشام دونهما ، فقالت:


يا إبراهيم
أتدعنا في موضع ليس فيه أنيسٌ ولا ماءٌ ولا زرعٌ؟! إلى أين تذهب؟ ولمن تتركنا
في هذا الوادي الموحش المقفر؟ وراحت تستعطفه ، فأبان لها وقد رقّ قلبه
ودمعت عيناه . . الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان هو
يكفيكم .


فما كان لها
بعد أن وعت قوله إلاّ الانقياد لحكم الله والتسليم له ، والركون
لرحمته ، وهي تردّد «لن يضيّعنا الله» ، فيما راح دعاء إبراهيم في
وادي مكّة يتردّد صداه في سفوحها ووديانها
وجبالها . . .


{ ربّنا إنّي أسكنت من
ذرّيتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم ربَّنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً
من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلّهم يشكرون}1 .


/ 15