تحديد قرن المنازل
من
المعلوم الذي لا شك فيه ولا ريب أنّ الميقات هو قرن المنازل ، وإن وقع
الإختلاف في أنه ميقات لأهل نجد أو لأهل الطائف ، وإنما قصدنا الميقات
الذي وقته رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فإنه قذ يطلق الميقات على
مكان الإحرام ، وإن كان بالمحاذاة لا بالتوقيت; ولهذا ورد في عبارة بعض
الكتاب أنّ السيل ميقات أهل نجد ، ووادي محرم ميقات أهل الطائف1 مع أنه ذكر أنّ قرن المنازل هو المسمى
الآن بالسيل الكبير2 ،
والمقصود من هذا البحث هو تعيين قرن المنازل ومكانه ، هل هو الواقع في
وادي محرم قريباً من الهدى ، أو هو المسمى اليوم بالسيل الكبير ،
أو كلاهما واقعان في وادي قرن المنازل الذي هو الميقات-كما ذكر
بعضهم ؟
هذا الاختلاف والالتباس الذي حصل في هذا
الميقات ، حصل بسبب تقدم العهد حيث تغيرت أسماء كثير من المناطق ،
ونسيت أسماؤها المعروفة سابقاً ، وحدثت لها أسماء جديدة بحيث خفيت على
عامة الناس ، ووجود طريقين بين مكة والطائف .
وهذان الطريقان ـ كما ستعرف ـ قديمان
مذكوران في كتب المتقدمين ، وإن تغيرت بعض
مساراتهما إلا أنهما يمرّان بمكان الإحرام القديم كما سوف
يتبين . .
إن الاختلاف في أيهما الميقات شائع
بين الناس كما يظهر من استفتآءاتهم للفقهاء ، بل هو ظاهر أيضا عند بعض
الكتاب ، ولهذا فإنّ تحديد الميقات لا يخلو من مشقة ، ونحتاج إلى
جمع أكبر عدد من القرائن ، التي يحصل منها الاطمئنان ، ونحن هنا
سنحاول أولا تحديد مكاني الإحرام وهما السيل ووادي محرم ، كما هما الآن
من أقوال المعاصرين ، ثم نشرع في ذكر القرائن التي تعيِّن لنا الميقات
الذي أحرم منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) .