مقدمة
أبعاد
الحج بعيدة المدى ، متعددة الميزات ، واحدة الهدف في شموليتها
للفكرة الواقعية للفرد والجماعة والمجتمع ، وهذه الأبعاد لا تسمح في
خصائصها الذاتية بالانفصال عن الأخرى ، يمتزج بعضها مع بعض في كلّ
الجوانب المادية والروحية والمعنوية ، فليس هناك بُعد مادي تختنق فيه
الروح داخل الأسوار المادية ، أو عنصر روحي تحلّق فيه النفس بعيداً عن
المادة في حالة تجريدية ، بل يمتزج فيه ـ في الحج ـ البُعد الروحي مع
البُعد التربوي ، وهكذا مع البُعد السياسي والعبادي والاقتصادي والثقافي
والفقهي والاخلاقي بحيث تكمّل بعضها البعض; لتصبح كتلة واحدة لا تقبل
الانفكاك أو التباعد أو التجريد . . .
وسنتحدث عن
هذه الأبعاد بعد تفكيكها وقراءتها منفصلة الواحدة عن الأخرى; لغرض منهجي يبين
الفروقات بين البعد الواحد والآخر ، وإلاّ فالبُعد الواحد لا شك هو ذائب
في الأبعاد الأخرى لا يمكن فصله عنها .
سنقرأ
أبعاد الحج في أفكار الامام الخميني ـ قدّس سرّه الشريف ـ واحداً واحداً
وبُعداً بُعداً ; لنعرف قيمة الحج المتكامل الذي يجمع بين الأعمال
المادية والمعاني الروحية والهدف الإلهي السامي ، الذي أراده الله تعالى
من عباده الملتزمين المخلصين .