علمالاءمام الحسين(ع) بشهادته - دراسات و بحوث مؤتمر الامام الحسین (ع) جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دراسات و بحوث مؤتمر الامام الحسین (ع) - جلد 2

مجمع العالمی لاهل البیت (ع)

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



علمالاءمام الحسين(ع) بشهادته

السيد محمّد حسين مرتضي العاملي


المقدمة:


الحمدلله الذي علّم القرن خلق الاءنسان علّمه البيان، وافضل الصلاةوالسلام علي خير الانام محمّد وله الكرام، واللعنة السرمدية علي اعدائهمشرّ البريّة.


اما بعد، فالموضوع الذي اخترنا بحثه هو: (علم الاءمام الحسين(ع)بشهادته)، ولان المسالة عامّة في سائر الائمة: فحري بنا ان نبحث هذاالموضوع بشكل عام مع التركيز علي شهادة الاءمام الحسين(ع) لانّهموضوع المقال، وعلي كل حال فقد طرح قديماً مبحث حول علم الاءمامالمعصوم بالغيب وعدمه، وعلي فرض ثبوته ولو علي نحو الموجبةالجزئية فهل تكون كيفية موته او قتله وزمانه ومكانه جزءً من معلوماتهام لا؟ ثم علي فرض الثبوت فهل يُعدُّ الاءقدام علي ذلك اءلقاءً الي التهلكة،ام يمكن توجيهه بحيث يعدّ مَكْرُمَة كما هو الصحيح؟


ولايخفي انه قد دلّت روايات كثيرة علي ان الائمة: يعلمون متييموتون، وانهم لا يموتون اءلاّ باختيار منهم؛ حتي ان ثقة الاءسلامالكليني1 (ت 328 ه) عقد باباً حول هذا الموضوع، واستعرض عدّةروايات منها المعتبر في هذا المجال، وكذلك الثقة الجليل ابوجعفرمحمد بن الحسن بن فروخ الصفار1 (290 ه) في كتابه بصائر الدرجاتالكبري.


وقد اجاب علماؤنا الاعلام قديماً وحديثاً باجوبة مختلفة بحل هذهالمعضلة، وهي اءقدامهم: علي الموت مع علمهم به، ونحن نستعرضهابالنقض او الاءبرام ونختمها بجواب مستلهم من القرن الكريم وسنّةالائمة اللهاميم.


واخيراً نسال الله تعالي ان يوفقنا والساعين معنا لمعرفة الصواب الياءدراك حق الجواب، وان يجعلنا من اُولي الالباب محمّد وله حملةالكتاب.الجواب: الاوّل:


وهو للشيخ المفيد محمد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي1(ت 413 ه) في ردّه علي سؤال حول: ان الاءمام يعلم ما يكون؛ فما بالامير المؤمنين(ع) خرج الي المسجد وهو يعلم انه مقتول وقد عرف قاتلهوعرف الوقت والزمان؟ وما بال الحسين بن علي(ع) سار الي الكوفة وقدعلم انهم يخذلونه ولا ينصرونه، وانه مقتول في سفرته تيك؟... الخ


فاجاب1قائلاً: اما الجواب عن قوله: اءن الاءمام يعلم ما يكونفاءجماعنا: ان الامر علي خلاف ما قال، وما اجمعت البيعة علي هذا القول،وان اءجماعهم ثابت علي ان الاءمام يعلم الحكم في كل ما يكون دون انيكون عالماً باعيان ما يحدث ويكون علي التفصيل والتمييز، وهذايسقط الاصل الذي بني عليه الاسئلة باجمعها، ولسنا نمنع ان يعلم الاءماماعيان ما يحدث، ويكون باءعلام الله تعالي له ذلك، فامّا القول بانه يعلم كلما يكون فلسنا نطلقه ولا نصوّب قائله لدعواه فيه من غير حجةولا بيان،والقول بان اميرالمؤمنين(ع) يعلم قاتله والوقت الذي كان يقتل فيه، فقدجاء الخبر متظاهراً انه كان يعلم في الجملة انّه مقتول، وجاء ايضاً بانّه يعلمقاتله علي التفصيل، فامّا علمه بوقت قتله فلم يات عليه اثر علي التحصيل،ولو جاء به اثر لم يلزم فيه ما يظنّه المعترضون، اءذ كان لا يمتنع ان يتعبّدهالله تعالي بالصبر علي الشهادة والاستسلام علي القتل، فيبلغه بذلك علوّالدرجات ما لا يبلغه اءلاّ به، بانه يطيعه في ذلك طاعة لو كلّفها سواه لميردها، ولا يكون امير المؤمنين(ع) بذلك ملقياً بيده الي التهلكة ولا معيناًعلي نفسه معونة يستقبح في العقول.


وامّا علم الحسين(ع) بان اهل الكوفة خادعوه فلسنا نقطع بذلك اءذ لاحجة عليه من عقل ولا من سمع، ولو كان عالماً بذلك ؛ لكان الجواب عنهما قدّمناه في الجواب عن علم امير المؤمنين (ع) بوقت قتله، ومعرفة قاتلهكما ذكرناه.


نقول: هذا الجواب تام في الجملة وسنزيده توضيحاً اكثر اءن شاءاللهتعالي.


لكن ما ذكره في اوّل جوابه يحتاج الي مزيد تامّل واءمعان نظر.


وهكذا ما ذكره من عدم القطع بعلم الاءمام الحسين(ع) بان اهل الكوفةخادعوه، حيث من يرجع الي سيرتهم مع ابيه واخيه: يطمئن بذلك،فمابالك مع مَن عاش الحدثَيْن اعني الاءمام الحسين(ع) ؟الجواب الثاني:


وهو للشريف المرتضي علم الهدي علي بن الحسين الموسويالبغدادي (ت 355 ـ 436 ه) ؛ حيث سئل هل يجب علم الوصي ساعةوفاته او قتله علي التعيين؟ ام ذلك مطوي عنه؟


فاجاب1: اءن الاءمام لا يجب اني علم الغيوب وما كان وما يكون؛ لانذلك يؤدّي الي انه مشارك للقديم تعالي في جميع معلوماته، وان معلوماتهلا تتناهي، وانه يوجب ان يكون عالماً بنفسه، وقد ثبت انه عالم بعلممحدث، والعلم لا يتعلق علي التفصيل اءلاّ بمعلوم واحد، ولو علم ما لايتناهي لوجب وجود ما لا يتناهي من المعلومات، وذلك محال. وقد بيّناان الذي يجب ان يعلمه علوم الدين والشريعة.


فاما الغائبات او الكائنات الماضيات والمستقبلات، فاءن علم باءعلامالله شيئاً فجائز، واءلاّ فذلك غير واجب.


وعلي هذا الاصل ليس من الواجب علم الاءمام بوقت وفاته، او قتلهعلي التعيين. وقد روي ان اميرالمؤمنين(ع) في اخبار كثيرة كان يعلم انهمقتول، وان ابن ملجم (لعنه الله) قاتله. ولا يجوز ان يكون عالماً بالوقتالذي يقتله فيه علي التحديد والتعيين، لانّه لو علم ذلك لوجب ان يدفعهعن نفسه، ولا يلقي بيده الي التهلكة، وان هذا فيعلم الجملة غيرواجب.


نقول: يرد علي كلامه بعض الملاحظات:


منها: قوله1: لان ذلك يؤدي الي انه مشارك للقديم في جميعمعلوماته... الخ يمكن ان يقال: اءن المشاركة بالمظهرية لا بالذات لامحذور فيها، نعم علي نحو الموجبة الكلية لا يمكن، ولعلّه هذا مرادهفيرتفع الاءيراد.


منها: قوله1: ولا يجوز ان يكون عالماً بالوقت الذي يقتله فيه عليالتحديد... الخ غير تام؛ لانّه يمكن ان يعلم علي التحديد والتعيين بوقتقتله من دون ان يكون هناك رمي الي التهلكة، وما تلك الاجوبة المتقدّمةوالمتاخرة اءلاّ حل لهذا التوهّم.


منها: قوله1: لانّه لو علم ذلك لوجب ان يدفعه عن نفسه... الخ غيرتام؛ لانه ليس ذلك قاعدة كليه، وذلك انه بعد ان نعلم بعدم المحذورية فيالبين يسقط الوجوب، ويتحوّل التكليف الي حكم خر كما سوف ياتي اءنشاء الله تعالي.الجواب الثالث:


وهو للعلاّمة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهّر1 (ت 726 ه)حيث سئل عن علم امير المؤمنين(ع) بكيفية ووقت ومكان قتله.


فاجاب1 بانه يحتمل ان يكون(ع) قد اُخبر بوقوع القتل في تلكالليلة او في اي مكان يقتل، وان تكليفه(ع) مغاير لتكليفنا، فجاز ان يكونبذل مهجته الشريفة صلوات الله عليه في ذات الله تعالي، كما يجب عليالمجاهد الثبات واءن كان ثباته يفضي الي القتل.


نقول: يصلح هذا الجواب لان يكون ايضاً حلاّ لعلم الاءمام الحسين(ع)بشهادته وذلك لوحدة النكتة، ولكن ما ذكره من قوله1: .. واءنتكليفه(ع) مغاير لتكليفن لا نحتاج الي هذا الاحتمال بعد ان كان غيرالمعصوم يعلم بكيفية ووقت قتله؛ كما رُوي عن رشيد الهجري وميثمالتمار وغيرهما رضوان الله عليهم ممّن كان عندهم علم المنايا. نعم ماذكره اخيراً تام، كما سوف نوضّحه اكثر اءن شاء الله تعالي.الجواب الرابع:


وهو للاءمام الاكبر محمد الحسين ل كاشف الغطاء1 (ت 1373 ه)في ردّه علي سؤال حول خروج امير المؤمنين(ع) ليلة 19 من شهررمضان المبارك مع علمه بقتل ابن ملجم له، وهل يَصدق عليه انه اءلقاءالنفس الي التهلكة؟


فاجاب1: معاذ الله ان يكون ذلك من باب اءلقاء النفس الي التهلكة،بل هو علي الاءجمال من باب الجهاد الخاص علي الاءمام لا الجهاد العامعلي عموم الاءسلام. يعني انه من باب المفاداة والتضحية والتسليم لامر اللهسبحانه في بذل النفس لحياة الدين وتمييز الحق من الباطل؛ ليهلك منهلك عن بيّنة ويحيي من حي عن بيّنة، ويميز الله الخبيث من الطيّب،ومن هذا الباب اءقدام الحسين(ع) علي الشهادة مع علمه بانه مقتول لامحالة.


ولاشك انهم سلام الله عليهم كانوا يعلمون بكل ذلك باءخبار النبي(ص)وحياً، ولكن يحتملون فيه ان يتطرق اءليه البداء ويكون من لوح المحووالاءثبات، وان يكون ثابتاً في العلم المخزون المكنون الذي استاثر اللهسبحانه به لنفسه؛ فلم يظهر عليه ملَكاً مقرّباً ولا نبيّاً مرسلاً، وباب البداءباب واسع لا مجال هنا لشرحه، وفي هذا كفاية اءن شاء الله.


نقول: لا نحتاج في الجواب الي ان نجعل هذا من باب الجهاد عليالاءمام؛ لانه لا دليل علي ذلك، ثم اءنّه قد يرد علي كلامه1 الاخير انه مجرّداحتمال المخالفة لا يكون مبرراً لارتكاب الفعل، واءلاّ لجاز ان يرميالاءنسان بنفسه من شاهق، مع احتمال ان يكون قد كُتب له في اللوحالمحفوظ انه لا يصيبه شيء، وهو كماتري.الجواب الخامس:


وهو لسيّد مشايخنا العلاّمة محمّد حسين الطباطبائي1 (ت 1402ه)صاحب تفسير الميزان؛ حيث قال: اءن علمهم: بالحوادث علم بماآنهاواجبة التحقق، ضرورية الوقوع لا تقبل بداءً ولا تحمل تخلفاً كما فيالاخبار. والعلم الذي هذا شانه لا اثر له في فعل الاءنسان.


بيان ذلك: ان من المقرّر عقلاً ـ وقد صدّقه الكتاب والسنّة ـ ان كلحادثة من الحوادث تحتاج في تحقّقها الي علّة، وان العلّة المتوقف عليهاوجود الشيء تنقسم الي ناقصة وتامة، والعلّة التامة تمام ما يتوقف عليهوجود الشيء؛ فيجب بوجودها وجوده وبعدمها عدمه، والعلّة الناقصةبعض ما يتوقف عليه وجود الشيء فلا يجوب بوجودها وجوده؛ لافتقارهمعها الي غيرها، ولكن يجب بعدمها عدمه. ومن هنا يظهر انه لا تتحقّقحادثة من الحوادث اءلاّ وهي واجبة الوجود باءيجاب علّتها التامة التيفوقها، وكذا الكلام في علّتها التامة حتي ينتهي الي الواجب بالذات تعاليوتقدّس. فالعالم مؤلّف من سلسلة من الحوادث، كل حلقة من حلقاتهاواجبة الوجود بما يسبقها ـ واءن كانت ممكنة بالقياس علي علّتها الناقصة ـوهذه الوجوبات المترتبة الواقعة في سلسلة الحوادث في نظام القضاءالحتمي الذي ينسبه الله تعالي الي نفسه. قال تعالي: (لِّيَقْضِي اللَّه أَمْرًا كَانَمَفْعُولاً). وقال: (وَكَان أَمْرًا مَّقْضِيًّا).


ثم اءن من المعلوم ان الاءنسان الفعّال بالعلم والاءرادة اءنّما يقصد مايتعلّق به علمه من الخير والنفع، ويهرب ممّا يتعلق به علمه من الشرّوالضر، فللعلم اثر في دعوة الاءنسان الي العمل، وبعثه نحو الفعل والتركبالتوسل بما ينفعه فيجلب النفع او دفع لاضرر، بوذلك يظهر ان علمالاءنسانب الخير وكذا الشرّ والضرر في الحوادث المستقبلة اءنّما يؤثر اثرهلو تعلّق بها العلم من جهة اءمكانها لا من جهة ضرورتها علي ما اُشير اءليهنفاً، وذلك كان يعلم الاءنسان انه لو حضر مكاناً كذا في ساعة كذا من يومكذا قتل قطعاً؛ فيؤثر العلم المفروض فيه ببعثه نحو دفع الضرر؛ فيختارترك الحضور في المكان المفروض تحرّزاً من القتل. واما اءذا تعلّق العلمبالضرر مثلاً من جهة كونه ضروري الوقوع واجب التحقّق؛ كما اءذا علم انهفي مكان كذا في ساعة كذا من يوم كذا مقتول لا محالة بحيث لا ينفع فيدفع القتل عنه عمل ولا تحول دونه حيلة؛ فاءن مثل هذا العلم لا يؤثر فيالاءنسان امراً يبعثه الي نوع من التحرّز والاتقاء لفرض علمه بانه لا ينفعفيه شيء من العمل، فهذا الاءنسان مع علمه بالضرر المستقبل يجري فيالعمل مجري الجاهل بالضرر.


اءذا علمت ذلك ثم راجعت الاخبار الناصّة علي ان الذي علّمهم اللهتعالي من العلم بالحوادث لا بداء فيه ولا تخلّف؛ ظهر لك اندفاع ما وردعلي القول بعلمهم بعامّة الحوادث من انه لو كان لهم علم بذلك لاحترزواممّا وقعوا فيه من الشر، كالشهادة قتلاً بالسيف وبالسم لحرمة اءلقاء النفسهفي التهلكة.


وجه الاندفاع، ان علمهم بالحوادث علم بها من جهة ضرورتها كماهو صريح في نفي البداء عن علمهم، والعلم الذيها شانه لا اثر له في فعلالاءنسان الي نوع من التحرّز، واءذا كان الخطر بحيث لا يبل الدفع بوجه منالوجوه فالابتلاء به وقوع في التهلكة لا اءلقاء الي التهلكة، قال تعالي: (قُللَّوْ كُنتُم فِي بُيُوتِكُم لَبَرَزَ الَّذِين كُتِب عَلَيْهِم الْقَتْل اءِلَي' مَضَاجِعِهِمْ).


نقول: هذا الكلام مع دقّته قد يُلاحظ علي خره انه لو كان قضاءً لازماًوقدراً حاتماً لبطل الثواب، كما ورد نظير ذلك عن امير المؤمنين عليهافضل صلوات المصلّين عندما ساله الشامي حول مسيره الي الشام وانهبقضاء من الله وقدر منه..


مضافاً الي ذلك فقد ورد في عدة روايات ان اميرالمؤمنين(ع) خُيّر فيالليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك من السنة التي ضُرب فيهابين البقاء واللقاء فاختار لقاء الله تعالي.


نعم جاء في بعض النسخ عوض كلمة خُيّر (بالخاء المعجّمة) كلمةحيّر (بالحاء المهملة) اءلاّ ان النسخة الاُولي تتناسب مع عنوان البابالذي ذكرت فيه هذه الرواية، وهو باب: اءن الائمة: يعلمون متييموتون وانهم لا يموتون اءلاّ باختيارهم، حتي صرّحت بعض رواياتهذا الباب بذلك؛ فقد جاء بسند معتبر عن عبدالملك بن اعين، عن ابيجعفر(ع)، قال: انزل الله تعالي النصر علي الحسين(ع) حتّي كان ما بين السماءوالارض، ثم خُيّر النصر او لقاء الله، فاختار لقاء الله تعالي.الجواب السادس:


وهو لاحد اعاظم اساتذتنا حفظه الله تعالي؛ حيث قال: بان هذا الاءقداممن قبل الاءمام لامعصوم لا يعد اءلقاء في التهلكة، وذلك ان التكليف قائمعلي العلم الذي يحصل عن الطريق المتعارف كالعلم الحصولي الذييحصل بالتفكّر والتعلّم ونحو ذلك، فهذا النحو من العلم هو الذي يقع عليهمدار التكليف ويكون حجة علينا، واما العلم الملكوتي اللدنّي ليس كذلك؛اي ما يكشفه هذا العلم من حقائق خارجية ليس مادراً للتكليف. بناءً عليهذا فاءن علم الائمة: لاذي يكون عن هذا الطريق الذي يكشف لهمبعض الحقائق من المنافع والمضار وكيفية موتهم ليس محطاً للتكليف،والدليل علي هذا قول النبي الاكرم(ص): اءنّما اقضي بينكم بالبيّناتوالاءيمان. اي بحسب العلم الظاهري دون العلم الباطني الملكوتي، معان علله عزّ وجل قال في محكم كتابه: (فَسَيَرَي اللَّه عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ).فالرسول الاكرم(ص) يري حقيقة الاعمال كما يؤيد ذلك ايضاً بعضالروايات من ان اعمال الخلق تعرض علي كل نبي عصر واءمام عصر،ويعلم ما يفعله العباد باءذن الله تعالي. مع هذا كان ماموراً بالعمل الظاهر،وكان يحكم علي طبق البيّنة والاءيمان، ولذا قال(ص) في ذيل هذا الحديثالمتقدم: بعضكم الحن بحجّته من بعض ؛ فايّما رجل قطعت له من مال اخيه شيءفاءنّما قطعت له به قطعة من النار.


اءذن يمكن ان يكون هناك علم ما، لكن ليس مداراً للتكليف والعملبه. وعليه فالائمة: مع انّهم يعلمون الغيب كماجاء في روايات عرضالاعمال عليهم، فاءنّهم كانوا يحكمون بحسب العلم الحصولي والحسّي ايبحسب الظاهر دون الباطن.


فعلم الاءمام بكيفية قتله ليس رمياً في التهلكة؛ لان منشاه عالمالملكوت دون عالم الملك.


نقول: في كلامه دام عزّه موارد للنظر:اوّلاً: كون التكليف قائماً علي العلم الحصولي دون الملكوتي غير تام،لان الخِضر(ع) كانتب عض تكاليفه قائمة علي العلم الملكوتي كما فيقتل الغلام وغيره، بل تكاليف نفس المعصوم وخاصة الانبياءوالرسل: منشؤها العلم الملكوتي دونغيره. وكيفما كان فاءن مَن يراجعسيرة الائمة: يري بان بعض افعالهم كانت نتيجة علمهم الملكوتي، منقبيل علم الاءمام امير المؤمنين(ع) بوفاة سلمان الفارسي في المدائنوحضوره عنده وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه مع انه كان فيالمدينة المنوّرة في الحجاز، والمدائن مدينة او مُدن قرب بغداد فيالعراق.


وكذلك حجب الاءمام الكاظم(ع) لعلي بن يقطين في المدينة المنوّرةلحجبه اءبراهيم الجمّال في الكوفة علي ما روي. وما اكثر امثال هذا!


وفصل الخطاب انه قرر في علم اُصول الفقه: ان العلم ولاقطع بشيءحجّة من اي طريق حصل، وعليه فلو علم المعصوم علماً لدنيّاً بان هذاالطعام حرام فهل يجوز له اكله؟ثانياً: قوله دام عزّه: والدليل علي هذا قول النبي الاكرم(ص): اءنّما اقضيبينكم بالبيّنات والاءيمان... الخ، فاءنه دليل اخص من المدّعي؛ لانه قال(ص)بينكم، وهذا جزء من تكاليف المعصوم، واما تكاليفه التي بينه وبينالله والمختصّة به فغير مشمولة لهذا البتّة.


علي انه اصل هذه المسالة غير مسلّمة عند الاءمامية بل الاقوال فيهامتعددة؛ فمن الاءمامية من يزعم ان احكام الائمة: علي الظواهر دون مايعلمونه علي كل حال، ومنهم من يزعم ان احكامهم اءنّما هي علي البواطندون الظواهر التي يجوز فيها الخلاف، وذهب الشيخ المفيد وجماعةخرون الي انه للاءمام ان يحكم بعلمه كما يحكم بظاهر الشهادات، ومتيعرف من المشهود عليه ضد ما تضمنته الشهادة ابطل بذلك شهادة منشهد عليه، وحكم فيهت بما اعلمه الله تعالي. ولا يخفي ان منشا هذهالاقوال هو اختلاف الاخبار والثار. وعلي هذا فلا يمكن الاعتماد علي ماذكره دام عزّه.ثالثاً: قوله دام عزّه: فعلم الاءمام بكيفيّة قتله ليس رمياً فيالتهلكة...الخ؛ فاءنه بناء علي ما تقدّم وذكرناه يبقي السؤال مطروحاًويحتاج الي اءجابة اُخري.الجواب السابع:وهو فصل الخطاب في معرفة حق الجواب؛والذي ينبغي ان يُقال وهوما استهدينا اءليه بواسطة القرن الكريم وسنّة الائمة المعصومين: ؛وحاصله يتوقّف علي عدّة مقدمات:الاُولي: قال الله عزّ وجل: (اءنّك ميّت واءنّهم ميِّتُون). وهذه سنّة اءلهيةلا مفرّ منها.الثانية: قال الله تعالي: (اللهُ يتوفّي الانفس حين موتِها). وهذا تام عليطبق التوحيد الافعالي.الثالثة: قال الله سبحانه وتعالي: (وما كان لنفس ان تموت اءلاّ باءذن لله كتاباًمؤجلاً). وعليه فموت الانفس خاضع للمشيئة الاءلهية، وهذه مشيئةتكوينية كما لا يخفي.الرابعة: قال الله عزّ وجل: (فاءذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعة ولايستقدمون). وقال تعالي: (ما تسبق من اُمّة اجلها وما يستاخرون). وهذهسُنّة اءلهية اُخري لا يمكن للبشر التصرّف فيها؛ لانها من اللوح المحفوظوالمحتوم.الخامسة: قال الله تعالي حكاية عن النبي اءبراهيم(ع): (يا بُني اءنّي اري فيالمنام انّي اذبحُك فانْظُر ماذاتري، قال يا ابت افعل ما تُؤمر ستجدني اءن شاء الله منالصابرين).


وقتل الولد بالاصل الاوّلي لا يجوز؛ لكن عندما يخضع للامر الاءلهيتتحول الحرمة الي الوجوب لوجود المصلحة وارتفاع المفسدة.


وبعد هذا نقول: اءذا كان الموت امراً حتمياً، وانه بيد الله عزّ وجل، وانهيعلم متي نموت، وكيف نموت، بل هو الذي ياذن تكويناً كما انه ياذنفيما يرضيه تشريعاً، كما في قصة اءبراهيم وابنه: في اءيجاد مقدماتالقتل بالكفية التي يرضاها الله تعالي، وهكذا في الجهاد. فلو علم شخصبان الله شاء ان يُقتل بهكذا طريقة، وانه يرضي له بهذا؛ فعدنما لا يكوناءقدامه علي الموت اءلقاء الي التهلكة، بل اءلقاء الي مرضاة الله عزّ وجلواستحقاقه للثواب لرضاه بقضاء الله وقدره.


وعليه فامير المؤمنين(ع) علم تكرّماً وتفضّلاً من الله انه يقتل بهذهالطريقة، وانه تعالي راض بذلك، فاءقدامه علي الموت عندئذٍ يعدّ فضيلةوامتثالاً للرضا الاءلهي لرضاه بذلك، وهكذا الاءمامان الحسن والحسين8وسائر الائمة الميامين عليهم افضل صلوات المصلّين.


ولذا عندما عزم الاءمام الحسين(ع) علي الخروج من مكة الي العراقجاءه اخوه محمّد بن الحنفية وقال له: فما حداك علي الخروج عاجلاً؟


فقال(ع): اتاني رسول الله(ص) بعدما فارقتك، فقال: يا حسين، اُخرج، فاءن اللهشاء ان يراك قتيل.


فقال محمّد بن الحنفية: اءنّا لله واءنا اءليه راجعون، فما معني' حملكهؤلاء النساء معك وانت تخرج علي مثل هذا الحال؟


فقال(ع) له: قد قال لي: اءن الله قد شاء ان يراهن سباي.


فعندما نلاحظ كلمة اخرج) وكلمة فاءن الله شاء او اءن الله شاءنري بان هذا يؤيد ما ذكرناه، ولا يخفي ان المشيئة هنا بحسب الظاهر اعممن المشيئة التكوينية، فتشمل الرضا والاءرادة التشريعيين ايضاً، ولذا قالله النبي(ص) علي ما رُوي: اُخرج فاءن الله شاء ان يراك قتيل.


فرضاه(ع) بالمشيئة الاءلهية هو الذي جعله سيّد الشهداء ومعينالعرفاء.


هذا ما خطر علي ذهننا القاصر، والله العالم بحقائق الاُمور والحمدللهرب العالمين، وانا العبد المفتقر الي الله عزّ وجل.


المجمع العالمي لاهل البيت: قم المقدسة


/ 13