حسین لغة ثانیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حسین لغة ثانیة - نسخه متنی

جمیل جواد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الاهداء لن أهديه لأحد! لأنّ (ألمْ) مازالت خائفة، والأخضر الذي ارتدى الغياب، لم يعد بعد!


البداية


يبدو الحسينُ يُغطّي سيفَهُ بورودِ النّهرِ ثمَّ يرشُّ الماءَ فوقَ دم القتلى، فتظهرُ خلفَ الأفْقِ عاصفةٌ.







  • ما زلتُ أحملُ أكفاناً.. ممزَّقةً
    أمشي وخلفيَ تمشي ألفُ عاصفة
    كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي!



  • وحفنةً من رمال خبّأت وجَعي
    كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي!
    كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي!



صوتٌ يجيءُ: رأينا غيمةً هبَطت ليلا تُفَتِّشُ بينَ الرملِ عن دمهِ الضمآنِ، ثمَّ توارتْ وهيَ حائرةٌ..






  • وَجهي ووجهُكَ شيءٌ واحدٌ ولنا
    بالأمسِ أَغلَقَني يأسي، وغادرني
    تركتُ قلبيَ عندَ النهرِ نورسةً
    خطوي يطاردُ صحرائي، وقد تعبت
    فكيفَ جئت ربيعاً، رملُ واحتِهِ
    السيفُ ينزفُ ماءً قلتَ، وارتجفتْ
    كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟



  • ظلُّ فَمَن أنتَ، هل أنتَ الذي قُتِلا؟
    لوني، فهلْ جئتَ ضوءً تفتحُ الأملا؟
    ظمأى تشظّى لَدَيها الماءُ واشتعلا
    أشلاؤُهُ وانتهى المسرى وما وصلا
    تلوّنَ النجمُ من رؤياهُ، واكتحلا؟
    كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟
    كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟




صوتٌ يجيءُ: هيَ الأشياءُ تُولدُ في كفَّيِه، والرّيحُ طفلٌ خلفَ قامتهِ يبكي، وللشَّمِس خيطٌ من توهّجهِ...






  • لِجثّتي أمسُها نهراً وسنبلةً
    وفي ارتجافِة موتي غَيمةٌ، وبأشلائي
    عيناي صمتٌ غريبٌ، خلفهُ لغةٌ
    صوتٌ يجيءُ: رأينا الشَّمسَ تحملُهُ
    في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ! الرؤى الرؤيا الأولى



  • وسوفَ يحملُ أعراسَ الحصادِ غدُ
    مخاضاتُ صبح لَمَّها جَسدُ
    أُخرى.. وأشرعةٌ تنأى وتبتعدُ
    في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ! الرؤى الرؤيا الأولى
    في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ! الرؤى الرؤيا الأولى




أرادَ أن يقولْ


شيئاً عن الفاصلةِ البلهاءِ


بينَ النومِ واليقظةِ،


فاستسلمت الأشياءُ للذهولْ!



أرادَ أن يقولْ


شيئاً عن الخصبِ،


فصلَّت وردةٌ.. موبوءةٌ،


واستغفرت آلهة الذبولْ!



أرادَ أن يُطفي عواءَ الريحِ،


أو يسترَ عُريَ هذهِ الخيولْ


فصاحَ: يا أمطارَ هذاالأُفُقِ المسلولْ،


مُرّي على خيمتنا،


فَخبَّأت خلفَ الضبابِ وجهَها،


وسمَّرت غيومَها الفصولْ!



وبعدَها.. أرادَ أن يقولْ:


لا تولدوا..


لا تولدوا في زمن مقتولْ! الرؤيا الثانية









  • هل كانَ للأشجارِ أوردةٌ
    هل كانَ للغيمِ احتراقتُهُ،
    وهل التوى جسدُ النهار على
    اَلريحُ قافلةٌ.. وصرختُها،
    جَرَسٌ.. وهذا الكونُ صحراءُ!



  • فيها لموجِ النّارِ ميناءٌ؟
    وله توابيتٌ.. وأشلاءُ؟
    طعناتِهِ.. والشمسُ عمياءُ؟
    جَرَسٌ.. وهذا الكونُ صحراءُ!
    جَرَسٌ.. وهذا الكونُ صحراءُ!










  • لهدوئهِ لُغةٌ.. ملوّنةٌ،
    ولوجهِهِ رغمَ انطفاءتِهِ،
    أشياءُ بارقةٌ.. وأشياءُ!



  • ولموتِهِ صورٌ.. وأسماءُ
    أشياءُ بارقةٌ.. وأشياءُ!
    أشياءُ بارقةٌ.. وأشياءُ!








  • بعيونِهِ تبكي ملائكةٌ،
    وبجرحهِ يتوضأ الماءُ!! الرؤيا الثالثة



  • وبجرحهِ يتوضأ الماءُ!! الرؤيا الثالثة
    وبجرحهِ يتوضأ الماءُ!! الرؤيا الثالثة




صمتُهُ مئذنَهْ


والجراحُ قناديلُ من وهج،


والسيوفُ انطفاءْ


هكذا قالت الريحُ،


ثمّ رَمَتْ وجهها في العراءْ


هكذا تخشعُ الأزمنَة،


فوق أقدامِهِ،


وتؤدّي الفصولُ طقوسَ البكاءْ



صمتُهُ مئذنَهْ


كلَّما فَرشَت ظلَّها،


هوَّمت فيه عصفورةٌ،


وغَفَت سوسنَهْ! الرؤيا الرابعة






  • يبدأُ الحزنُ فجأةً، تبدأُ الدمعةُ
    ترتدى لحظةُ البكاءِ عمى الليلِ،
    ليسَ في البحرِ أوردةِ الملحِ،
    ليسَ فيهِ سوى غموض رماديٍّ
    وما خبَّئتْ عيونُ الضحيَّهْ



  • فصلَ الطفولةِ الأبَديَّهْ
    وبُقيا نجومِهِ الخَزفيَّهْ
    وصمتِ المرافىءِ المنسّيهْ
    وما خبَّئتْ عيونُ الضحيَّهْ
    وما خبَّئتْ عيونُ الضحيَّهْ










  • رمَّلت وجههَا الحكايا، وراحَ
    فهي حيرى، هل طاعنوهُ برمح
    أمويٍّ، أمْ مُدية وثنيَّهْ؟



  • الضوءُ ينسى أشباحَها الهمجيَّهْ
    أمويٍّ، أمْ مُدية وثنيَّهْ؟
    أمويٍّ، أمْ مُدية وثنيَّهْ؟










  • ينتهي الحزنُ فجأةً، تأخذُ الدمعةُ
    ويكونُ الحسينُ أوّلَ حرف
    جرحَ الصمتَ في دمِ الأبجديَّهْ!! الرؤيا الخامسة



  • بعدَ الرؤيا، ولونَ الشظيَّهْ
    جرحَ الصمتَ في دمِ الأبجديَّهْ!! الرؤيا الخامسة
    جرحَ الصمتَ في دمِ الأبجديَّهْ!! الرؤيا الخامسة







  • عائدٌ والفراتُ رحيلْ
    عائدٌ خطوتي عاصفَهْ،
    ودمي المستحيلْ،



  • حَمَلَتهُ الخطى الخائفَهْ
    ودمي المستحيلْ،
    ودمي المستحيلْ،








  • ربّما ينحني زمنٌ.. ربّما
    عائدٌ إنْ محاني الظما،
    رَسَمتني البحارْ!



  • أو تضيعُ مرايا النهارْ
    رَسَمتني البحارْ!
    رَسَمتني البحارْ!







  • وجهُ طفلي كلامٌ جريحْ
    الصحارى انهيارٌ.. وليلٌ.. وريحْ
    وهوَ يبني الهدوءْ!



  • ورؤى كَركَرتْ في رذاذِ الوضوءْ
    وهوَ يبني الهدوءْ!
    وهوَ يبني الهدوءْ!







  • عائدٌ والزمانُ الكسيحْ،
    ووجهُهُ فراشةٌ،
    وفي عيونِ طفلِهِ تدافعَ الضبابْ
    في قوافلِ الردى،
    تَيبَّست جنازةُ السحابْ!



  • خطوتهُ تطاردُ الغيابْ
    حطَّت على بوّابةِ العذابْ
    وفي الشفاهِ الراحلاتِ،
    تَيبَّست جنازةُ السحابْ!
    تَيبَّست جنازةُ السحابْ!








  • يا أنتِ، يا مواسمَ الترابْ
    رشّي على جراحِهِ،



  • رشّي على جراحِهِ،
    رشّي على جراحِهِ،



رشّي ولو شيئاً من السرابْ! الرؤيا السابعة





  • لنْ أكونَ كما تشتهينْ،
    ويا أوجهاً طلعت،
    لن تكونَ نوافذُ جُرحي،
    ممرَّاً إلى مُدُنِ الميّتينْ!



  • يا سيوفاً من الخزفِ الهامشيِّ،
    من ثقوبِ السنينْ
    ممرَّاً إلى مُدُنِ الميّتينْ!
    ممرَّاً إلى مُدُنِ الميّتينْ!







  • إنني أبتني خيمةً لجراحي،
    مواويلَ منقوعةً بالتمرُّدِ،
    مشدودةً بالتشرُّدِ،



  • وأعزفُ من آهةِ المتعبينْ،
    مشدودةً بالتشرُّدِ،
    مشدودةً بالتشرُّدِ،



مشبوبةً...


لا كما تشتهينْ،


أن تكونَ مرقَّعةً من رماد وطينْ!





أَنْ اكونَ كما تشتهينْ،


أنتِ لابدَّ أنْ تحصدي سنبلا،


مِن حكايا المواويلِ،


أو أنجماً من شظايا القناديلِ،


أو فرحاً من زوايا الأنينْ...


ثمَّ قد لا أكونُ كما تشتهينْ! الرؤيا الثامنة


كيفَ يجيءُ الماءْ؟


وتحتَ كلِّ قطرة،


محرقةٌ حمراءْ؟


وخلفَ كلِّ قطرة،


جزيرةٌ منقوعةٌ بالملحِ والخواءْ؟


كيفَ يجيء الماءْ؟


وليسَ في زوّادةِ القتلى سوى الدماءْ


وليسَ في عباءةِ الحسينْ،


غير بقايا جسد مجرَّح، وصمتِ كبرياءْ


كيفَ يجيء الماءْ؟


والنهرُ صارَ فجأةً...


مقبرةً لألفِ ألفِ موجة بلهاءْ؟! الرؤيا التاسعة




كانَ لابدَّ أنْ ترتدي


وجهَكِ المستعارْ


يا رماحاً من الوهمِ،


تعلو.. وتعلو لتبلغَ في القِمَّةِ الأنحدارْ!



رئتي عالَمٌ من دخانْ،


وعيوني أراجيحُ للصبرِ،


يغفو عليها الهدوءُ.. فتحرسُهُ نجمتانْ!



عاصفاتٌ رماديّةٌ سكنت غمدَ سيفي


والأكفُّ التي بايعتني..


تَعرَّت على بركة،


من خواء وزيفِ!



يا ترى.. أينَ أُخفي روايَ وحبِّي؟


والرماحُ الصديئاتُ...


تعرفُ ألفَ طريق لقلبي! الرؤيا الحادية عشرة


اَلقمرُ المخبوءُ خلفَ حزِنهِ،


اَلقمرُ المخبوءْ


أطلَّ ذاتَ ليلة،


في زمن موَبوءْ


ليلمحَ ابتسامةً من جبل،


بألفِ.. ألفِ طعنة ينوءْ


تموتُ أظفارُ الرماحِ


في شغافِ قلبِهِ مرعوبةً،


وهو كقطرةِ الندى..


يموتُ في هدوءْ!



اَلقمرُ المخبوءْ


غادرَ كربلاءَ ذاتَ ليلة


وضوءُهُ محنّطٌ.. ووجهُهُ مفقوءْ! الرؤيا الثانية عشرة


لم نكنْ نسمعُ ما قالَ،


ولكنّا رأَينا قمراً غادرَ كفَّيهِ.. ونورَسْ


ورأينا ظلَّهُ الأخضرَ،


منقوشاً على الرملِ المدمّى،


ورأينا بينَ عينيهِ صلاةً تَتَيَبَّسْ!



لا تموتي فجأةً.. أيّتها الريحُ،


ولا تختصري صيحتَهُ الأولى،


ولا تحترفي الصمتَ،


ولا تطوي الشراعا


أسمعينا كلمةً.. نُوقظْ بها الموتى،


ونُطعِمْها الجياعا


أسمعينا كلمةً واحدة منه،


وإنْ كانت وداعا! الرؤيا الثالثة عشرة








  • شَفتي ضفَّةٌ من الموتِ،
    ما بها غيرُ رجفةِ الظمإِ المخبوءِ
    كلَّما لَملَمتْ من الماءِ طيفاً
    شَفتي عالَمٌ من الغضبِ المصلوبِ
    وصلاتي همسٌ معَ الله كانَ
    وأنا أصهرُ السيوفَ بقلبي
    وبأُنشودتي أُذيبُ الحرابا!



  • مسَّتهُ رماداً وعانقتهُ ترابا
    في القلبِ حرقةً وعذابا
    ماتَ في كفِّها، وعادَ سرابا
    مسَّ الموتى، فهبَّت غِضابا
    القلبُ صحواً، والكونُ كانَ ضبابا
    وبأُنشودتي أُذيبُ الحرابا!
    وبأُنشودتي أُذيبُ الحرابا!












  • اَلسحابُ استضافَ كفِّي ولكنْ
    كانَ للماءِ وجهُ عصفورة بيضاءِ
    ألفُ سيف يفاجيءُ الجرحَ
    لا الرمالُ الشوهاءُ تقدرُ أنْ تغتالَ
    لا ولا الليلُ وهوَ سورٌ من القارِ
    فأطلّت قوافلٌ تنهبُ المجدَ
    وتُعطي جماجماً.. ورقابا



  • نَهَشَ الملحُ في يَديَّ السحابا
    أغرى الوادي عليها الذئابا
    والجرحُ يلفُّ الردى ويطوي الغيابا
    خطوي، مسافةً.. واغترابا
    المدمّى حطَّمتُ منهُ البابا
    وتُعطي جماجماً.. ورقابا
    وتُعطي جماجماً.. ورقابا










  • شَفتي جمرةٌ تشظَّتْ فقدْ تخطفُ
    تغمرُ الشاطىءَ الفراتيَّ بالضوءِ
    وتُغطّي بالدفءِ ما عرَّتِ الريحُ
    وترفو من رمشِها الأثوابا



  • برقاً، وقدْ تجيءُ شهابا
    وتُؤوي لجرفِهِ الأسرابا
    وترفو من رمشِها الأثوابا
    وترفو من رمشِها الأثوابا










  • شَفتي والغبارُ رشَّ عليها
    ثمَّ أنّت فاستيقظَ الخصبُ،
    والنخلُ يصلّي، يلثمُ المحرابا



  • النوحَ حزناً.. فجاذبتهُ الربابا
    والنخلُ يصلّي، يلثمُ المحرابا
    والنخلُ يصلّي، يلثمُ المحرابا








  • يا جراحي للوردِ أسئلةٌ حيرى
    كيفَ أضحت للماءِ رائحةُ الجمرِ
    وصارت مواسمُ اللفحِ غابا؟ الرؤيا الرابعة عشرة



  • تَلَظَّت بهِ فكوني الجوابا
    وصارت مواسمُ اللفحِ غابا؟ الرؤيا الرابعة عشرة
    وصارت مواسمُ اللفحِ غابا؟ الرؤيا الرابعة عشرة




هل يلْتَوي السّكَّينُ فوقَ دمي،


ويرتجفُ الفراتذ؟


هل تنحني الأمطارُ،


هل تتكسّرُ الألوانُ،


هل تَلتفُّ بالخجلِ الصلاةُ؟


ظّلانِ خلفَ خطايَ،


مَنْ في الضوءِ قد وُلِدوا،


ومَن في الجرحِ قد وُلِدوا..


وماتوا!



أمضي ولي وَهَجُ الجذورِ،


ولي بداياتُ التمرُّدِ،


لي مخاضُ الرفضِ،


لي شمسٌ،


وذاكرةٌ قديمَهْ


خَطَفَت حكاياها السيوفُ،


وَرَظَّها وهْمُ الجريمَهْ!



أمضي وَلي في الماءِ مملكةٌ،


وللموتِ الهزيمَهْ! الرؤيا الخامسة عشرة









  • اَلحسينُ انحنى على صدرهِ الرمحُ
    وتلوّى النخيلُ، يا شَجَرَ الجمرِ
    هل تلثّمتَ بالغبارِ؟ لماذا
    لستَ وجهاً من الرمادِ، ولا الارضُ
    هبَطَت لحظةُ الفجيعةِ... جرحٌ
    وخيولٌ تُمزِّقُ الجَسدَ الأخضرَ...
    النهارُ انكسارةٌ، وشحوبُ الأفْقِ
    غادري يا نوارسَ الماء، هذا
    اَلضحايا تدقُّ بوّابةَ الوحشةِ
    سيجيءُ الحسينُ يوماً، يجيءُ البحرُ
    يجيءُ المسيحُ المشاهد المشهد الأول



  • وصلّتْ على يدَيهِ الجروحُ
    المُدمّى، هل أيقَظتكَ الريحُ؟
    عُدْتَ شلواً، مُصَمَّغاً، لا يبوحُ؟
    دخاناً، حتى تضيعَ السفوحُ
    دَبِقٌ يغتلي... وتخفقُ روحُ
    تغدو مخبولةً، وتروحُ
    ظمآنُ، والفضاءُ جريحُ!
    زمنٌ ميّتُ الرؤى، مذبوحُ
    فيهِ، تدقّها... وتصيحُ
    يجيءُ المسيحُ المشاهد المشهد الأول
    يجيءُ المسيحُ المشاهد المشهد الأول




يا سيوفُ خذيني،


وكانت يداهُ سواقيَ قمح،


تنادي الجياعْ


فاعبري من دروبِ الضياعْ


يا وجوهَ الرمادْ


واعبري يا بقايا الجيادْ


جسداً.. واحةً ثرَّةَ الضوءِ..


ممطورةً بالشعاعْ


يا سيوفُ خذيني،


الى شرفة من جراح مسوَّرة بالعنادْ!



أنّتي وجع الانبياءْ


وانهيارتُها كبرياءْ


يا سيوفُ خذيني،


فخلفَ اشتعالِ الدماءْ،


ربَّما رفَّ في شفتي طيفُ ماءْ! المشهد الثاني


مَن يمنحُ الطفلا،


قطرةَ ماء مرّة؟


مَن يمنحُ الطفلا؟


فليس في خيمتنا شيءٌ،


سوى جنائِز القتلى!



وقبل أن أملأَ كفِّي من دمِ الرضيعْ


رأيتُ خلفَ وجهِهِ،


نافورةً من ألم فظيعْ


رأيتُ في عيونِهِ،


فراشةً تُصلبُ في مقبرِة الربيعْ


رأيتُ كلَّ رملة، مجنونةً... رعناءْ،


تهزأُ من شفاهِنا، تدقُّ فيها ألفَ مسمار،


لصلبِ قطرة من ماءْ!! المشهد الثالث







  • مسافرٌ يدري بأنَّ الزمانْ
    وهمٌ رؤاها، ويداها دخانْ
    تقطفُ أشجاراً خرافيّهْ!



  • أشلاءُ أيام رماديَّهْ
    تقطفُ أشجاراً خرافيّهْ!
    تقطفُ أشجاراً خرافيّهْ!








  • في وجهِهِ يمتدُّ صمتُ السماءْ
    ما زالَ يسقي الغيمَ ورداً وماءْ
    وتطلعُ الأغصانُ من نعشهِ!



  • وتنبضُ الأنجمُ في رِمشهِ
    وتطلعُ الأغصانُ من نعشهِ!
    وتطلعُ الأغصانُ من نعشهِ!








  • كلُّ الذي قال: خذي يا سيوفْ
    أريدُ أنْ أشعلَ موتَ الكهوفْ
    حرائقاً.. تمضغُ خوفاً وجوعْ!



  • من وَهَجِ الجرحِ، ونهرِ الضلوعْ
    حرائقاً.. تمضغُ خوفاً وجوعْ!
    حرائقاً.. تمضغُ خوفاً وجوعْ!








  • وكانَ في عينيهِ شيء جميلْ
    أكفانُهُ أشرعةٌ للرحيلْ
    وموتُهُ يكتبُ بدءَ الغضبْ! المشهد الرابع



  • كالمطرِ المنقوشِ فوقَ اللّهبْ
    وموتُهُ يكتبُ بدءَ الغضبْ! المشهد الرابع
    وموتُهُ يكتبُ بدءَ الغضبْ! المشهد الرابع




لهُ أنْ يْضيءْ


لهُ أنْ يفاجىءَ حدَ السيوفِ،


بجرح بريءْ


لهُ أنْ يكونَ الغريبَ الذي اختطفَ النهرَ،


والعابرَ المتمرّدَ في قافلاتِ الرمادِ،


ووجهاً تبادلُهُ الشمسُ سحنَتها،


في انطفاءِ الزمانِ الرديءْ


لهُ أنْ يُضيءْ


ليكسرَ صمتَ الفضاءِ،


جناحُ جريءْ!



لهُ أنْ يكونَ جذورَ الغيومِ،


وبدءَ المطرْ


ليستيقظَ الخصبُ.. يحكي الحجرْ


لهُ أنْ يكونَ المدى والسفرْ


لهُ أنْ يُضيءْ


ويُعلنَ أنَّ الشجرْ


ينثُّ النجومَ،


وأنّ زماناً شهيداً يجيءْ!



لهُ أنْ يكونَ...


ويهربُ وجهُ السحابَهْ


لنبقى نحوك الدموعَ،


ونحصدُ عُشبَ الكآبَهْ! المشهد الخامس







  • كانهيار سمعتُ صوتكَ، لا البحرُ
    جَفَلَت منهُ جثّةُ الشمسِ، وانسلَّ
    ظاميءٌ.. قلتَ وابتسمتَ لموت
    وحملتَ الجراحَ، والجسدَ المكسورَ
    وعذاباً، ملامحُ الجمرِ تبنيهِ،
    واكتشفتَ احتضارنا، وانهزام الماءِ
    ورأيتَ القلاعَ شيئاً خرافياً،
    حيثُ عصفُ الطوفانِ أغنيةٌ حمقاءُ
    كالصمتِ، والسيوفُ انكسارُ



  • يَردُّ الصدى، ولا الأشجارُ
    بخيط من الظلامِ النهارُ
    صُلِبت فوقَ كفِّهِ الأنهارُ
    حزناً، وما طواهُ الغبارُ
    وتنهلُّ من رؤاهُ النارُ
    واستسلَمَتْ لكَ الأسرارُ
    فللريحِ تنحني الأسوارُ
    كالصمتِ، والسيوفُ انكسارُ
    كالصمتِ، والسيوفُ انكسارُ




فامحُ زيفَ التأريخِ واكتبْ...


تناسى الماءُ وجهي،وخانتِ الأمطارُ! المشهد السادس



لِعينيكَ كلُّ النوافذِ مشرعةً،


أنتَ وحدَكَ تعرفُ عشبَ الطريقِ،


وتعرفُ سرَّ المسافَهْ


وأنت اغترفتَ من النهرِ كلَّ الحكايا


وغادَرتَهُ ورؤاهُ خرافَهْ


وقلتَ: المرايا صحارى من الوهمِ،


فانتحرتْ في يديهِ المرايا


وقلتَ: الشواطىءُ مجنونةُ الصخرِ،


والموجُ أُرجوحةٌ من سراب،


وأنشودةُ النخلِ مرثيةٌ،


والعصافيرُ منحوتةٌ من رمادْ


وقلتَ: الفراتُ المكفَّنُ يصلبُهُ ظمئي،


والنجومُ ثقوبٌ معبّأةٌ بالحدادْ



حنانيكَ.. ما عادَ للطينِ معنىً،


ولا البحرُ أزرقْ


لأنَّكَ غيّرتَ أشياءَها،


وتَمَرَّدتَ في زمن يتمزّقْ


غريبٌ أتفقِدُ أبعادَها الكلماتُ؟،


غريبٌ.. أتصمتُ أنتَ.. وجرحُكَ يشهقْ؟



لِعينيكَ سافرَ نهرُ الغناءْ


وغادَرتِ الأشرعَهْ


لِعينيكَ مرَّ المساءْ


على كِتَفَيْ زوبعَهْ! كورس







  • يَنْحَني الماءُ، تَنْحَني قامةُ الموجِ
    عُمُرُ النهرِ لحظةٌ من عذاب
    ليظلَّ الحسينُ صمتُ حكاياهُ
    مخاضٌ.. وصوتُهُ طوفانُ المشهد السابع



  • خشوعاً.. وتصمتُ الشُّطآنُ
    تنطفي فجأةً، ويخبو الزمانُ
    مخاضٌ.. وصوتُهُ طوفانُ المشهد السابع
    مخاضٌ.. وصوتُهُ طوفانُ المشهد السابع




في الطريقِ الى الماءِ،


هاويةٌ من دم،


ضفّةٌ ترتدي الملحَ:


عشبٌ من الجمرِ.. أو شجرٌ من حديدْ


كانَ شيءٌ يهزُّ بكائي القديمَ،


ويفتحُ في القلبِ نافذةً لبكاء جديدْ


كانَ شيءٌ يسائلني:


أينَ خطوكَ؟


للماءِ


أين مرايا رؤاكَ؟


على الماءِ،


أين القناديلُ؟


في الماءِ،


هل كانَ شيءٌ يسائلني،


صوتُهُ بحّةٌ، والحروفُ جليدْ؟


لم أعدْ أذكرُ الآنَ،


غير الرماحِ العنيداتِ،


تضرى على نبضِ هذا الفؤادِ العنيدْ!



في الطريقِ رأيتُ الرمادَ وجوهاً،


مغلّفةً بالدخان البليدْ!



في الطريقِ البعيدْ


لم يعدْ غيرُ وجهي،


ووجهِ الزمانِ الشريدْ! كورس








  • يَنْحَني الرملُ، تلبسُ الأرضُ وجهاً
    يغزلُ الملحُ في يَدَيها المسافاتِ
    فهي بعدَ الحسينِ ماتَ ليهبُ الخصب
    ومات حتّى الدخانُ! المشهد الثامن



  • من رماد، وجُرحُها عُريانُ
    ويغفو في قلبِها النسيانُ
    ومات حتّى الدخانُ! المشهد الثامن
    ومات حتّى الدخانُ! المشهد الثامن




عندما ماتَ الحسينْ،


ظامئاً،


صارت عصافيرُ البحارْ،


تتمنّى الأنتحارْ


وتمنّى الغيمُ لو أصبحَ شيئاً هامشياً،


كالغبارْ!



يومَها كانت عيونُ الخيلِ حمراءَ،


وكانت في شبابيكِ النهارْ


ذئبةٌ،


من عُريها تنسجُ كبريتاً... ونارْ!



يومَها كنّا بلا معنى،


كمن يحفرُ قلباً في الجدارْ! كورس







  • يَنْحَني الضوءُ، لا جدائِلُهُ البيضُ
    أَطفأَتْ مقلتيهِ زِنزانةُ الليلِ،
    وأَخفتْ ذبولَهُ الجدارنُ



  • تشدُّ الرؤى ولا الألوانُ
    وأَخفتْ ذبولَهُ الجدارنُ
    وأَخفتْ ذبولَهُ الجدارنُ








  • ويمرُّ الحسينُ، قِنديلُهُ الدمعُ،
    وأدراجُ حلمِهِ الأحزانُ المشهد التاسع



  • وأدراجُ حلمِهِ الأحزانُ المشهد التاسع
    وأدراجُ حلمِهِ الأحزانُ المشهد التاسع




لِتفرحْ خيولُ الغبارْ


فَمِن أيّ خطو بدأْ،


أطلّت بعينيهِ بوّابةٌ للظمأْ


وضاعت على راحتيهِ البحارْ!



لِتهربْ خيولُ الغبارْ


فحينَ دفنتُ الحسينَ رأيتُ النجومْ


تسيلُ على وجههِ، والغيومْ


تلفُّ جراحاتِهِ،


والنهارْ،


تضاءلَ حتى توارى بجفنِ الحسينْ! كورس








  • يَنْحَني السيفُ جثّةً يسخرُ التابوتُ
    كَرِهَتهُ الخيلُ الجريحةُ واشّاءَمَ
    وَبِجُرحِ الحسينِ نبعٌ يغنّي
    وبرؤياهُ يختفي بركانُ المشهد العاشر



  • منها.. وتهزأُ الأكفانُ
    من غمدِهِ المدى الضمآنُ
    وبرؤياهُ يختفي بركانُ المشهد العاشر
    وبرؤياهُ يختفي بركانُ المشهد العاشر




كانوا يمرّونَ ولا يتركونْ،


شيئاً سوى الأضرحَهْ


فكيفَ صيَرتَ رؤانا جنونْ،


وجرحَنا بوّابةَ المذبحَهْ؟


يا أنتَ.. يا أشياءُ.. أصداؤها


تكسرُ صمتَ اللحظةِ المقفلَهْ


وتحفرُ الأسئلَهْ


في شَفَةِ الرملِ، وَوَجهِ الصخورْ


تسألُ عن مقتولة لا تثورْ


عن أمّة مهملَهْ


مسكونة بالقبورْ!



كانوا يمرّون وما في الطريقْ


غيرُ رماد عتيقْ


وخطوة تائهَهْ


تحلمُ أنْ تعبرَ زيفَ الحريقْ


تحلمُ أنْ تدنو من الآلهَهْ


فتختفي فجأةً،


بين نهاياتِ الزمانِ الغريقْ!!



كانوا يمرّون بلا ظلٍّ،


وكان الحسينْ


يزرع أقماراً على الشاطئينْ! كورس








  • يَنْحَني الموتُ بينَ كفّيهِ مذعوراً،
    غَيرَ أنَّ الحسينَ قلبٌ يرفُّ النهرُ
    فيهِ، وينبضُ الريحانُ



  • وتبكي الخيولُ والنيرانُ
    فيهِ، وينبضُ الريحانُ
    فيهِ، وينبضُ الريحانُ




الأبعاد البعد الثابت(1)







  • واحةٌ من جراحِنا كانتِ البدءَ
    وَطوَينا وجهَ الصحارى، حَمَلنا
    لم يعدْ غيرُ خطوِنا، والمسافاتِ،
    ونثار من الدمِ المرِّ، شدَّ الغَيمَ
    فَرُؤانا تمرُّدٌ أشعلَ الصخرَ
    كيفَ لا ينحني النهارُ وخلفَ الشمسِ
    والنجومُ ارتعاشةٌ في مآقينا
    نحنُ وعدُ الماءِ الأسيرِ الذي يطلعُ
    في يَدينا أشياءُ من صخبِ البحرِ
    سافري يا رماحُ في ظلمةِ الأضلاعِ
    أوقديهِ، نريدُ أنْ يتوارى الدربُ
    كانَ صوتُ الحسينِ مرفأنا الموعودَ
    حيثُ ننسى ضياعَنا، وانكساراتِ
    ونغطّي أسماءَنا.. ونعودُ الصلبَ
    فاصرخي يا قبورَنا، علّمي الريحَ
    واحصدي الضوءَ، واتركي غبشَ
    الطفِّ وسيّافَهُ يَلُمُّ النصولا



  • اكتشفنا بها المدى المجهولا
    لهبَ الأمسِ والزمانَ القتيلا
    وحُلْم يُخبِّىءُ المستحيلا
    في خيطهِ، وشدَّ الفصولا
    وردَّ الطوفانَ همساً خجولا
    عصفورةٌ تُفدّي الخيولا؟
    وأحداقُنا المرايا الأولى
    من شفرة تحزُّ الذبولا
    رَجَمنا بها السكوتَ الطويلا
    منّا، وأوقدي القنديلا
    في لحظة، نريدُ الوصولا!
    والدفءَ، والهروبَ الجميلا
    رؤانا، وخَطْوَنا، والرّحيلا
    والشوكَ، والقرى، والرسولا
    سُراها، وعلِّميها الصهيلا
    الطفِّ وسيّافَهُ يَلُمُّ النصولا
    الطفِّ وسيّافَهُ يَلُمُّ النصولا




وابدئي، فالحسينُ قد أيقظَ الموتى،

وناغى الأسى، ومسَّ الذهولا! البعد المتغير(2)







  • يوقظُ الصبحَ صوتُهُ، يشربُ الوردُ
    يتمشّى على مدارجِهِ النجمُ
    هو للريحِ هدأةٌ، ولصمتِ الصخرِ
    رافقتهُ الأشجارُ في رحلةِ الذبحِ،
    ومرّت على خطاهُ السنابلْ



  • حكاياهُ، ترتديهِ الجداولْ
    وتغفو على صداهُ القوافلْ
    همسٌ، وللغيومِ جدائلْ
    ومرّت على خطاهُ السنابلْ
    ومرّت على خطاهُ السنابلْ






1ـ نموذج هذا البعد الرجال الذين قاتلوا مع الحسين بعناد، فاكتشفوا ان قطرة الدم أكثر بريقاً من قطرة الضوء.


2ـ نموذج هذا البعد الحر بن يزيد الرياحي، أحد قادة الجيش الأموي، الذي انتقل الى جانب الحسين في اللحظات الأخيرة، ليكتشف الجراح والورد.









  • فاعبري بركةَ الخطيِئةِ يا روحي
    أنا حاصرتُهُ زرعتُ الصحارى
    أنا حاصرتُ في يديهِ السواقي
    كانَ يبكي فينطوي الخصبُ في
    أنا بعضي يحاولُ الموتَ، والآخرُ
    كلَّما لمّني احتضارٌ تمزّقتُ
    ويحَ أُمّي ماذا يخبّىء جلدي
    كلُّ شيء منّي يفتّشُ عن وجهيَ
    هل أنا ذلكَ الذي شبّتِ الكوفةُ
    هل أنا الجمرُ؟ أم أنا القصبُ
    ليسَ وهماً.. ففي عروقيَ موتٌ
    الحسينُ، الحسينُ سدَّ عليَّ الأفْقَ
    لم يعدْ غيرُهُ أمامي، دعيني
    هكذا قالَ، ثمّ جرَّ على الرملِ
    ليجيءَ الصباحُ يحملُ من كفّيهِ
    لم أشأْ أنْ يجفَّ قلبيَ في الرملِ
    وتلفَّ ابتسامتي صرخاتُ الخيلِ
    أنا أخشى أنْ يلعقَ الذئبُ أحلامي
    فتركتُ الحسينَ يختصرُ الرحلةَ..
    هاكَ سيفي.. فقالَ لي: الخزفُ
    وجوادي.. فقالَ لا اَصحبُ الريحَ
    ويحَ هذي الصحراءِ ينبضُ فيها
    من عرائي وغربتي يرجفُ النخلُ
    عطشٌ كلُّها حكاياتُ روحي
    فاحفري في الرمادِ بئراً لكي يطلعَ
    ربَّما قطرةٌ تمرُّ بشرياني
    فأنسى.. وأنطفي.. وأموتُ!



  • ومسّي ظلالَهُ يا أناملْ
    بالمساميرِ، بالمُدى، بالسلاسلْ
    والينابيعَ، واعتصرتُ السواحلْ
    الدمعِ وأبكي معَ الذبولِ القاحلْ
    يطوي غموضَهُ، ويحاولْ
    على خنجرِ احتضار قاتلْ!
    ذئبَ يأس، أم نورساً متفائلْ؟
    سرّاً، يدورُ حولي، يسأئلْ:
    فيه، أم رُمحُها المتخاذلْ؟
    الخاوي دخاناً، أمِ الرمادُ الفاشلْ؟
    وهدوءٌ، ومولدٌ، وزلازلْ!
    في كلِّ وُجهة هوَ ماثلْ
    أبدأ الموتَ يا سيوفَ القبائلْ
    خطاهُ.. وظلَّهُ المتثاقلْ
    ورداً، ومن رؤاهُ مشاعلْ! البعد الخائف(1)
    ويغفو بمسمعيَّ السكوتُ
    ذعراً، ووجهُها الممقوتُ
    ويرفو جراحيَ العنكبوتُ
    والموتُ ذاهلٌ مبهوتُ
    المنخورُ خوفاً، أم غمدُهُ التابوتُ؟
    ولا يهربُ الفتى المستميتُ
    صخبٌ لاحتراقَتي وخفوتُ
    وللدودِ في رؤايَ بُيوتُ
    وصدى أنّتي بها مكبوتُ
    ماءٌ من ملحِهِ منحوتُ
    فأنسى.. وأنطفي.. وأموتُ!
    فأنسى.. وأنطفي.. وأموتُ!




1ـ نموذج هذا البعد عبد الله الجعفي، الرجل الذي ادرك الحسين قبل المذبحة. فخاف القتل وقبل أن يهرب أهدى الحسين سيفه وفرسه، فرفض الحسين الهدية لانها لم تكن منقوعةً بالدم.


البعد الأسود(1)










  • لا لشيء، إلاّ لكي أحصدَ الريحَ
    لا لشيء إلاّ لأنثرَ أشلائي
    حملتني خطايَ اَقتطعُ الشمسَ
    جئتُ والرملُ مثلُ قيثارة
    جئتُ والماءُ ألفُ نافورة،
    كانَ لونُ الفراتِ لونَ المرايا
    ثمّ ماذا؟ أضعتُ وجهيَ في الصحراءِ
    عابراً مرّةً على جسدِ الخوفِ،
    متعباً تهزأُ الرمالُ بأقدامي
    كلَّما قلتُ ها وصلتُ رأيتُ الصخرَ
    ثمّ ماذا؟ قتلتهُ فرأيتُ الارضَ
    ورأيتُ السماءَ تهوي الى القاعِ
    وبكاءً لم أدرِ من أين يأتي؟
    وصهيلَ الخيولِ يحفرُ كالإعصارِ
    وأنا الآن حفنةٌ من غبار
    والحسينُ، الحسينُ يكتشفُ الماءَ
    يتبعُ الموجُ خطوَهُ، والفراتُ امتدَّ
    لا لشيء، إلاّ لكي تحملَ الأشياءُ
    جلدُ أفعى وجهي، وخلفَ عيوني
    وخيولٌ مجنونةٌ تعبرُ الشاطيءَ
    طَحَنَتني أشداقُها، خطَفَت لوني،
    لنسور من الرمادِ أتتني
    حيثُ كان الحسين يضحكُ من خوفي
    ويعلو، فأنحني ثمَّ أهوي!



  • وأجني مِنَ الغيومِ البروقا
    رماداً مفتَّتاً محروقا
    واَغتالُ في يَدَيها الشروقا
    يولدُ فيهِ الظِّلالُ والموسيقى
    والنهرُ سربٌ من الغيومِ أُريقا
    والعصافيرِ، مخمليّاً.. رقيقا
    في لحظة، أضعتُ الطريقا
    وأخرى أرى السرابَ حريقا
    وقد راوَدَتْ مكاناً سحيقا
    غطّى المدى وسدَّ المضيقا
    تبكي ربيعَها المخنوقا
    جنوناً، والأفقَ شلواً غريقا
    يجلدُ القلبَ، أو يخضُّ العروقا
    في جثّةِ الظلامِ شقوقا
    كفَّنَ العارُ خدَّها المعروقا
    ويهدي إليهِ جرحاً عميقا
    في ثوبِهِ وصارَ صديقا!
    من جبهةِ الحسينِ بريقا! البعد الوهمي(2)
    ذئبةٌ في أواخرِ الليلِ تعوي
    في لحظة، وتركضُ نحوي
    تَهرَّبتُ من صداها المدوّي
    في جنونِ الطوفانِ تنهشُ شلوي
    ويعلو، فأنحني ثمَّ أهوي!
    ويعلو، فأنحني ثمَّ أهوي!




1ـ نموذج هذا البعد شمر بن ذي الجوشن، الرجل الذي ارتداه الشيطان وهو يذبح الحسين بسكّينة صدئة.


2ـ نموذج هذا البعد عمر بن سعد قائد الجيش الأموي، الذي كان يحلم ان يولّيه يزيد بن معاوية ولاية الري بعد قتل الحسين، الا أن حلمه هذا لم يتحقق.. فظلَّ يرى الورد بقعاً من الدم المتخثّر.


البعد المشوه(1)


في كفِّهِ الشوهاءْ


غمامةٌ مجدورةٌ،


وحفنةٌ من مَطر سوداءْ


وكلَّما حاولَ أنْ يدنوَ (للفراتِ)،


أو يمسَّ منهُ قطرة،


يسقطُ وجهُ الماءْ!


في وجهِهِ جنازةٌ،


وخلفَ كلِّ بقعة من جلدهِ عواءْ


يصرخُ:


يا مواسمَ الموتِ الذي يحصدُني،


يا ريحُ.. يا أشلاءْ


هذا الذي تهربُ منهُ خطوتي،


قلبي.. أمِ الصحراءْ؟


وبعدَها سافرتِ الأشياءُ،


وهو ذاهلٌ،


سافرتِ الأشياءْ!


ولم يَزَلْ ينزعُ لونَ جلدهِ،


ويرتدي العراءْ! البعد الرمادي(2)









  • دائماً في يديَّ ينهدمُ الحلمُ
    ويفرُّ الماءُ الرماديُّ عن وجهي
    خشبٌ هذه الشرايينُ ماتَ الوردُ
    سأُسمّي النهرَ انطفاءً، أسمّي
    وأُسمّي الحسينَ بوّابةَ البحرِ،
    أنا جرحُ الدخانِ والصدأُ العاري
    سَلَخَتني مواسمُ العارِ، هيّا..
    وتطلُّ الامواتُ من ثقبِ تأريخيَ
    وأراني على ممرٍّ قديم
    وُلدتْ دَهشتي، وكانَ السكونُ!



  • وينهارُ في ضُلوعي الحنينُ
    الى أينَ أيُّها المجنونُ؟
    فيها، وصوَّحَ الزيتونُ
    الدمَ ماءً; لِيورقَ السكّينُ
    ليغفو معي غبارٌ وطينُ
    ونعشٌ بِغُربتي مسكوُن
    أمطري، يهطل الصدى والأنينُ!
    يستيقظُ الأسى المدفونُ
    وُلدتْ دَهشتي، وكانَ السكونُ!
    وُلدتْ دَهشتي، وكانَ السكونُ!




1ـ نموذج هذا البعد مالك بن النسر، الرجل الذي شتم الحسين وطعنه وهو يحتضر، وظل حتى آخر عمره يحس ان بين اذنيه ما يُشبه فحيح الافاعي.


2ـ نموذج هذا البعد شبث بن ربعي، الرجل الذي بايع الحسين ثمّ نقض بيعته، واصبح أحد قوّاد الجيش الأموي، الاّ أنّه ظل مسكوناً بالخوف والجنون قبل أن يتحوَّل الى رماد.


البعد الدموي(1)


ذاكرةٌ مشدودةٌ.. بخيطِ عنكبوتْ


ونظرةٌ كالقبرِ..


في فراغها ينطفىءُ الياقوتْ


وفي شراييني دمٌ.. رمادُ


وجثّةً للحُلُمِ المجدورِ،


صمتٌ للخرافاتِ، دخانٌ باردٌ،


أنشودةٌ مخصوبةٌ بالعارِ،


شيءٌ باهتٌ.. سوادُ!


هذا أنا..


ما زلتُ أنحتُ المنى..


مِن خشبِ التابوتْ!


ومنذُ أنْ قتلتهُ..،


غرقتُ في بُحيرة من دمِهِ المرِّ..،


فلا أقدرُ أنْ أحيا..


ولا أقدرُ أنْ أموتْ!! البعد المظلم(2)







  • مراياكَ سوداءُ.. والشمسُ تهربْ
    شفاهُكَ مجدورةٌ بالذهولْ
    ورؤياكَ تحصدُ موتَ الفصولْ



  • وفي محجريكَ تثاءَبَ عقربْ
    ورؤياكَ تحصدُ موتَ الفصولْ
    ورؤياكَ تحصدُ موتَ الفصولْ




1ـ نموذج هذا البعد حرملة بن كاهل، الرجل الذي رمى بسهم طفلا رضيعاً للحسين فذبحه، وبقي بعد ذلك هارباً في ازفة الكوفة خائفاً من عيون الأطفال.


2ـ نموذج هذا البعد سنان بن أنس، الرجل الذي حمل رؤوس القتلى الى الكوفة، وكان يشعر أن جسده يتحوَّل شيئاً فشيئاً الى عقرب كبير.







  • فماذا تُرى في يديك الأثيمَهْ
    رمادُ الندى أم لهاثُ الجريمهْ؟



  • رمادُ الندى أم لهاثُ الجريمهْ؟
    رمادُ الندى أم لهاثُ الجريمهْ؟








  • أم انكَ تحملُ رأسَ الحسينْ
    وأغضيتَ حينَ رأيتَ القمرْ
    وماذا؟... تلاشيتَ بينَ الحطامْ
    تلاشيتَ يا نقطةً من ظلامْ! البعد المجنون(1)



  • ووجهَ الحسين.. وقلبَ الحسينْ؟
    تدلّى.. وقبّلَهُ.. وانتحرْ!
    تلاشيتَ يا نقطةً من ظلامْ! البعد المجنون(1)
    تلاشيتَ يا نقطةً من ظلامْ! البعد المجنون(1)




مَن عسانا نكونْ؟


حينَ نغمدُ هذي السيوفَ الصديئاتِ،


في قلبهِ المخمليِّ،


ونطفىءُ رغبتَنا في اشتعالِ الجنونْ،


من عسانا نكونْ؟


لم يكنْ غيمةً عابرَهْ


لم يكنْ وجهُهُ يُشبهُ الآخرينَ،


ولا خطوهُ يُشبهُ الآخرينَ،


وعيناهُ كانت تخبِّىءُ سرّاً غريباً،


وتحفرُ.. تحفرُ في الذاكرَهْ!


كيف نُخفي انكساراتِنا؟،


ربَّما نستطيعُ الهروبَ معَ الريحِ،


أو نستطيعُ الرحيلَ معَ الوهمِ،


أو نختفي في الضبابِ البريءْ،


غيرَ أنّا سنصحو على عارِنا ذاتَ يوم،


لنغفو على ألفِ سيف صديءْ!


1ـ نموذج هذا البعد رجال الجيش الاموي، الذين شعروا بالهزيمة بعد قتل الحسين، وأحّسوا ان سيوفهم ورماحهم تتحوَّل الى قطع من الخزف المهّشم.


النبوءات النبوءة الأولى


كان الحسينُ غيمةً،


حاصرها العطَشْ


وكان نقطةً من الضّوءِ،


على نافذةِ الغبَشْ!



وكان في وريدهِ نهرٌ،


وقبضتاهْ


نبعانِ من رفض ومن صلاهْ!


وفي فم الحسين شاطئانْ


يبتكران الوردَ والامطارَ والبركانْ


يَضيعُ فيهما المدى... ويكتبُ الزمانْ


تأريخَ موتِ الماء فوق جثّةِ الدخانْ!









  • جرّحَ قلب الأمسْ
    لكنْ جذور الشمسْ
    تطلعُ من رؤياهْ!



  • بأنّة، أو آهْ
    تطلعُ من رؤياهْ!
    تطلعُ من رؤياهْ!








  • رغمَ جنونِ الخيلْ
    تطوفُ أُفْقَ الليلْ
    وجهَ اللهْ!! النبوءة الثانية



  • ما برحت عيناهْ
    وجهَ اللهْ!! النبوءة الثانية
    وجهَ اللهْ!! النبوءة الثانية





وكان الحسينُ طويلا كرمحِ


وكان الفراتُ ضئيلا.. ضئيلا،


بدى خلف خيمتهِ، خيطَ ملحِ


وكان يقولُ: إذا ما تكسَّرَ جُرحي،


فصارَ مرايا


وأمست عيوني شظايا


ستولدُ ساعةَ ذبحي،


عصافيرُ ماء عرايا


تُقبِّلُ جثّةَ طفلي القتيلِ،


وتغمرُها بالرؤى والحكايا!



ويوم توارى الحسينُ،


رأينا خيولا ملطّخةً بالخطايا


رأينا سكاكينَ بيضاءَ... بيضاءَ...


تولدُ خلفَ دموعِ السبايا! النبوءة الثالثة







  • لو أنّهُ دمعَهْ
    لكنَّهُ شمعَهْ
    ماذا تبوحُ النارْ؟



  • لباحَ بالأسرارْ
    ماذا تبوحُ النارْ؟
    ماذا تبوحُ النارْ؟










  • يكتبُ بالسكَينْ
    يا قافلاتِ الطينْ
    ردِّي وجوهَ النوقْ



  • ميلادَهُ المخنوقْ
    ردِّي وجوهَ النوقْ
    ردِّي وجوهَ النوقْ








  • مَن قالَ إنّ الليلْ
    هذا صهيلُ الخيلْ
    يعلنُ ميلادي!



  • قد دفنَ الوادي؟
    يعلنُ ميلادي!
    يعلنُ ميلادي!








  • حينَ أفاقَ الصبحْ
    وحينَ صاحَ الجرحْ
    غادرتِ الشمسُ!



  • كفَّنهُ الأمسُ
    غادرتِ الشمسُ!
    غادرتِ الشمسُ!








  • خبَّأتُ لي صوتا
    يا أيّها الموتى
    اَلضوءُ في عينيَّ يغفو
    ويُبَحُّ قرآنٌ على
    وتُجَنُّ قافلةُ السرى
    مليونُ بحر جفَّ من
    اَلموجةُ الزرقاءُ خجلى
    ليعودَ لفحُ الرملِ ورداً
    أو فراشات ترفُّ



  • ينسلُّ كالطّيفِ
    لا تكسروا سيفي! النبوءة الرابعة
    ويضيعُ بينَ يديَّ سيفُ
    شفةِ الظما ويباحُ نزفُ
    حزناً ويحدو النوقَ خوفُ
    عطش وجرحيَ لا يجِفُّ
    والغيومُ إليَّ تهفو
    أو فراشات ترفُّ
    أو فراشات ترفُّ






النبوءة الخامسة


لا تسرقي خطوَتنا،


يا قافلاتِ الوحلِ والصدَأْ


لا تسرقي دمعةَ أطفالي،


فأنتِ يا خاويةً،


هيهاتَ أن تَكشفي عذوبةَ الظمَأْ!



لا تبحثوا عني،


في مدن صخرية،


ممطورة بالدمعِ.. والحزنِ


فإِنني ما زلتُ منذُ رحلتي أطوفْ


في مدن مسكونة، دونَ سواها،


بالسكاكينِ.. وبالسيوفْ!



لا تبحثوا فخلفَ كلِّ جرحْ


عصفورةٌ تُنبئكُم عن صبحْ! النبوءة السادسة


نحوَ أُفْق كلونِ الرمادْ


كانت الشمسُ تحملُ أشلاءَها،


وصهيلُ الجيادْ


عادَ محترقاً،


والسيوفُ التي شَربتْ قلبَهُ باشتهاءْ


ظمِئت فجأةً.. لا لِماءْ،


بل إلى قطرة من حياءْ!



يا عيوناً خرافيّةَ الحلمِ، مسكونةً بالجرادْ


أطفئي في الربيعِ الفتيِّ قناديلَهُ،


أطفئيهنَّ فالضوءُ متَّشحٌ بالسوادْ!



نحوَ أُفْق كلونِ الرمادْ


عَبَرت أمسِ اشباحُهم وهي مذعورةٌ...


لم تعدْ في الرمالِ سوى جثّة للحسينِ،


وعينينِ حَدَّقتا في عنادْ! النبوءة السابعة


أيُّ خيط من الماءِ،


هذا الذي يرسمُ القاحلَةْ؟


أيُّ خيط من الدمِ،


هذا الذي يفرشُ الوردَ للقافلَهْ؟



كان للماءِ لونُ الترابِ،


مساحةُ قبر قديم،


غموضُ الصحارى الخرافيُّ،


مرثيّةٌ... ونهايَهْ!


كان للدمِ لونُ النجومِ،


وشكلُ العصافيرِ،


وَهْجُ المراسي المضاءةِ،


انشودةٌ... وبدايَهْ!



كيفَ تفقدُ هذي المعاني انتماءاتِها؟


إنّها تتشكَّلُ ثانيةً، واللّغَهْ


هوّةٌ مُفرَغَهْ!



عندما يتقاطعُ خيطٌ من الماءِ،


في كربلاءَ


وخيطٌ من الدمِ، تَدفُنُ كلُّ الحروفْ


ذُلَّها في رمادِ السيوفْ!



هكذا صارتِ الشمسُ في رمشِهِ تتكسَّرْ


هكذا صارَ ظلُّ الحسينِ،


على الماءِ.. أحمرْ! النبوءة الثامنة


اَلفراتُ المسافرُ


يُشبهُ خابيةً من دموعْ


اَلفراتُ المسافرُ غادَرَنا،


وهو يحملُ وجهَ المساءاتِ،


ينسابُ ما بينَ مقبرة للسيوفِ،


ومقبرة للشموعْ


يومَها كانَ صوتُ الحسينِ،


يهزّ القلوبَ الصديئَهْ


يا إلهيَ قطرةَ ماء جريئَهْ


لا لأُطفي الحرائقَ في رئتيَّ،


ولكن لأمسحَ لونَ الخطيئَهْ!



اَلفراتُ المسافرُ... والخوفُ،


يبتكرانِ الهزيمةَ،


مَن قالَ إنَّ الرماحَ التي خَطَفت قلبَهُ،


انتصرتْ؟،


لم يزلْ في خيامِ الحسينِ رمادٌ،


وكسرةُ سيف،


ورفضْ!


لم يزلْ في وريدِ الحسينِ المقطّعِ نبضْ!



اَلمسافاتُ تُفقدُ أبعادَها،


والحسينْ


لم يزلْ يحرسُ الضفَّتَينْ! النبوءة التاسعة


هوَ وحدَهُ الممتدُّ بينَ الضوءِ والدمْ،


هوَ وحدَهُ المصلوبُ خلفَ جنازة للماءِ،


في زمن رماديٍّ.. مهشَّمْ



شَفَةٌ لجرحِ القلبِ،


أُغنيةٌ لشهقِتهِ الأخيرَهْ


عصفورةٌ خضراءُ،


تخشعُ فوقَ رايتِهِ الأسيرَهْ!


اَلشمسُ تعرفُ وجههُ النبويَّ،


والصحراءُ قد خَطَفت عذابَهْ


وبكفِّهِ اشتعلَ الندى المجنونُ،


واحترقت سَحابَهْ!


لا تحملي يا ريحُ صرخَتَهُ


الى زمنِ الترابِ،


أقولُ:


لا تتسمرَّي كالظلِّ،


في بوّابةِ الندمِ القديمِ،


ولا تكوني كسرةً من رمحهِ القرشيِّ،


لا يا ريحُ،


صيري قطرتينِ، دماً سماويّاً.. وماءا،


فالدمُّ يرسمُ وجهَهُ،


والماءُ يرسمُ أنبياءا!!



يا أيُّها الممتدُّ بينَ الضوءِ والدمِ،


والمكفَّنُ بالغبارْ،


ظمِئتْ إليكَ الأنهرُ الخجلى،


وأومأتِ البحارْ!


يا أيُّها الممتدُّ بينَ جراحِنا والأمسِ،


علِّمْنا الرحيلَ معَ النهارْ،


وجعٌ.. ونحنُ مُسَمَّرونَ


على صليبِ الإنتظارْ! النبوءة العاشرة











  • ما للشواطىءِ تبكي
    هل سافرتْ في جراحي
    أم اكتوى الخطوُ منها
    إنْ راعَها تمتماتٌ
    ففي يديَّ نهارٌ
    النبوءة الحادية عشرة



  • جنازةَ الينبوعِ؟
    ورمِلها المنقوعِ؟
    على المدى الموجوعِ؟
    من رأسيَ المقطوعِ
    النبوءة الحادية عشرة
    النبوءة الحادية عشرة




وهذهِ الصحراءْ


تعرفُ أنّي عاشقٌ،


يخبّىءُ البحارَ في تابوتهِ،


وأنَّ بيتي الماءْ!



وهذهِ الصحراءْ


تَقمَّصتني فجأةً،


فاتخذتْ من وَجَعي مرسىً،


ومن تمرُّدي ميناءْ!



وهذهِ الصحراءْ


تتفتحُ في وجهيَ عينيها،


وتحكي عن سقوطِ المدنِ العمياءْ!



وهذهِ الصحراءْ


تفتَّحت من عَطشي ورداً،


وإصراراً، وكبرياءْ


ولم تعدْ تذكرُ، لا قوافلَ التيهِ،


ولا مواسمَ العراءْ! النبوءة الثانية عشرة





لغةٌ واحدَهْ،


كيفَ تُلغي المسافاتِ،


بين التوهُّجِ.. واللحظةِ الباردَهْ؟


لم تزلْ بين جرحِ الحسينِ،


وبين قصائدِنا..


مدنٌ قانيَهْ


ولكي نقرأَ الجرحَ، لابدَّ من لغة ثانيَهْ!!


/ 1