قائد و الشباب فی حوار مفتوح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قائد و الشباب فی حوار مفتوح - نسخه متنی

السیدعلی خامنه ای

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

القائد والشباب في حوار مفتوح\ص25-ص39

أما من هي الشخصيات التي تركت أثراً بالغاً وعميقاً في نفسي؟

هناك شخصيات عديدة كان لها أثرها الواضح في مسيرة حياتي العملية: ومنهم شخصية الشهيد نواب صفوي.

فيوم قدم السيد نوّاب صفوي الى مشهد، لم اكن قد تجاوزت الخامسة عشرة من عمري، وفي تلك الفترة أعجبتُ بشخصية هذا الانسان العظيم، فبعد مغادرته مشهد بعدة أشهر نال شرف الشهادة وبطريقة بشعة على أيدي أزلام النظام الجائر، الذي كان يحكم آنذاك.

لقد ترك هذا الشهيد الفاضل أثراً بالغاً على انفسنا وحياتنا.

أما الشخصية الثانية التي كان لها وقعاً عجيباً في حياتي، فهي شخصيةُ الامام الراحل2، فقبل ذهابي الى قم وقبل بداية حياتي الجهادية، كنت قد سمعت باسم الامام2 وكنت أكنُّ لهُ المحبة والاحترام قبل أن أراه. وكان كلّ الشباب وطلبة العلوم الدينية في قم، يرغبون في حضور دروسه والاستماع الى محاضراته; لان دروسه كانت جذابة. وعند ذهابي الى قم، اشتركت وبرغبة في هذهِ الدروس، وكنت أحضرها باستمرار، حتى آخر يوم قبل مغادرتي قم المقدسة.

ومن الشخصيّات الاخرى التي تأثرت بها، هي شخصيتا والدي ووالدتي، إذ كان لوالدتي أثرها العميق في نفسي، لانها كانت من النساء الفاضلات.

* لقد كانت مواقف البعض من المسائل الاجتماعية السياسية فيها نمط من الافراط والتفريط، ولهذا كان لها أكبر الاثر في ظهور بعض المشاكل والازمات في المجتمع، ما هي توصياتكم للشباب فى هذا المضمار؟ يجب علينا أن لا نفزع من اختلاف الاذواق والاراء السياسية، لان هذا الاختلاف ليس بالامر السلبي الذى تنعكس أضراره على المجتمع، فمثلاً لا خوف من أن يعتقد شاب بفكر سياسي معين، وآخر بفكر سياسي يختلف عنه، ولكن المضر في المسألة هو التصرف العشوائي والمواقف البعيدة عن التفكير والحماس بدون تمعن. إنني احذر الشباب الاعزاء من هذه الظـاهرة الخـطرة، لان خُلق الشباب لا يعني سرعة اتخاذ المواقف غير المدروسة بل تعني عدم التراجع وعدم التأثر بمنعطفات ومصاعب الطريق. إن الشاب ربما يتدبر ويمعن النظر فيما يريد أن يقدم عليه من الامور وربما يُقدم مندفعاً دون تفكير، فاذا كان الاختلاف بالذوق والفكر السياسي متماشياً مع التأمل والتفكير ـوخاصة أن أتّباع الحق من سجايا الشباب وصفاتهم ـ فهذا النوع من الاختلاف ليس بالامر السلبي الذي يجّر وراءه اضراراً ومشاكل بل هو اختلاف طبيعي يحدث في كل المجتمعات، ولا يؤدّي الى الضياع والانحلال، بل إنه على الاقل لايسبب أزمات أساسية تهد أركان المجتمع. والحالة السلبية الاخرى التي تجر وراءها المشاكل والازمات هي الاصرار على المواقف الاجتماعية والسياسية دون حوار وتفاهم. فمثلاً ان يعتقد الانسان بمسألة اجتماعية أوسياسية ثم يرفض أي تفاهم مع الاراء الاخرى، إن هذه الحالة تترك اثارها السلبية على المجتمع على العكس مما هي عليه في المسائل العقائدية، فالانسان ـ وبعد أن يتدبر في المسائل العقائدية ويبحث في جوانبا ـ يجب عليه أن يؤمن بها ويحكّم موقفه منها دون تراجع وتأثر بالاخرين، أما في المسائل الاجتماعية، والسياسية فيجب ان يكون موقف الانسان موقفاً محاوراً للاخرين دون ان يتأثر بعقائدهم لانه يحمل معياراً عقائدياً خاصاً. وإذا كان الامر كذلك فلا داعي للقلق.

* من خلال نشاطاتكم ومسؤلياتكم المتعددة كيف كانت ثقتكم بالشباب في اعطائهم المسؤليات؟ وهل كانت لكم تجربة عملية فى هذا المضمار؟ وحسب رأيكم ماهي مسؤلية الشباب تجاه تقدم البلاد وتطورها علمياً؟ فى أوائل انتصار الثورة الاسلامية المباركة ومن خلال التصدي لبعض المسؤليات كرئاسة الجمهورية وقيادة القوى المسلحة وغيرها من المسؤليات الحكومية الاُخرى، فَسحَتُ للشباب مجالات لتحمّل بعض المسؤليات آنذاك، وعقيدتي في هذا المجال، هي أننا اذا هيئنا للشباب فرص التصدي لبعض الامور فإن الشاب يستطع أن يؤديها على أحسن وجه، وربما يؤديها أفضل من غيره، لان الشاب يملك روح النشاط والابداع في أداء أعماله، ويسعى دائماً نحو التقدم والتطور لانّ طبيعته تواقة نحو الابداع والتغيير وايجاد الاحسن وتحقيق الافضل، ونحن عندما نقول: لابدَّ من أن نحمّل الشباب مسؤليات ومهام فاننا لا نقصد أيّ شاب كان وأي مسؤلية كانت، بل يجب أن تكون المسؤلية المعطاة للشاب مناسبة له ولقدراته وطاقاته ومواهبه. في أوائل الثورة ومن خلال وظيفتي كعضو في مجلس قيادة الثورة الاسلامية كانت تحدث بيني وبين بعض الزملاء نقاشات حول منح الشباب مسؤليات وفرص للتصدي لبعض الاُمور والمهام، حيث كان زملائي في هذه الشورى ممن قد تجاوز الستين أوالسبعين من عمره، وممن لم تكن لهم ثقة كاملة بقدرة الشباب على تحمل المسؤليات وأدائها وكانوا دائماً يتسائلون عن سبب ثقتي الكبيرة بالشباب فى هذا المجال. وكان هؤلاء يعتقدون بأن الشباب يجب أن يطيعوا ويتّبعوا المسنّين. انني ومن خلال تجربتي العملية في منح الثقة الكاملة للشباب في التصدي للامور المهمة استطاع البعض منهم ان يثبتوا صحة نظريتي من خلال ادائهم لهذه المسؤليات المعطاة على أحسن وجه. لقد أشرتم في سؤالكم الى مسألة التقدم والتطور العلمي، ولتوضيح هذه المسألة نقول: اذا اخذتم مرحلة الشباب بنظر الاعتبار تجدونها مرحلة مليئة بالقدرة والطاقة والمواهب، وهناك سؤال يطرح نفسه، وهو: في أي مجال يجب ان تُستَخدَم هذه الطاقة والموهبة؟ والجواب حسـب رأيـي هو: انّ هـذه المـواهب والقـدرات يـجب ان تُستَخدَم في مجال طلب العلم وتحصيله وفي مجال تطهير النفس والروح بالتقوى والايمان وفي مجال ترشيد القدرة البدنية بممارسة الالعاب الرياضية. فهذه الامور الثلاثة تعدّ من اهم الامور التى يجب ان يهتم بها الشباب. ان طلب العلم معنى عام يشمل الدارسة والبحث ومتابعة الامور العلمية وغيرها، لذا على الشباب السعي والجد في هذا المجال، لامتلاكهم قدرات وطاقات علمية واعدة. ان بعض الشباب الجامعيين اليوم ـوكما سمعت ـ لا يبذلون طاقتهم في هذا المجال! وهذه ظاهرة تحمل آثاراً سلبية وتقف بوجه تطور المجتمع وتقدّمه. إننا وكما نوصي بعدم التخلف عن الدراسة، نوصي ايضاً الشباب في الجامعات والمؤسسات العلمية الاُخرى على مواصلة البحث وتقديم دراسات مفيدة في المجالات العلمية التي يتخصصون بها، اننا نرى الشاب عندما يدخل الجامعه عليه ان يبذل ما في وسعه، وإلاّ فما الفائدة من دخول الجامعة والاستمرار في الدراسة الجامعية؟ وهناك تساؤل آخر وهو: هل نستطيع أن نصل الى ما وصلت اليه الدول المتقدمة والمتطورة؟ أعتقد اننا نستطيع ذلك ولكن ليس من الضروري ان نسلك الطريق نفسه الذي سلكته تلك الدول، فهناك طرق عديدة وسبل كثيرة يمكننا ان نسلكها لتحقيق هدفنا في التقدم والتطور العلمي. فمثلاً نحن ـ ولحد الان ـ لم نستطع ان نتأمل ـ وكما يجب ـ الطبيعة التي خلقها الله سبحانه وتعالى. اننا ومن خلال هذه الطبيعة نستطيع ان نتوصل الى طرق تؤدي بنا الى نتائج واكتشافات علمية جديدة، وتفتح أمامنا أبواب وحقائق اخرى عبر الجد والسعي في مجال الدراسة والبحث العلميين. نحن وكما نعرف ان القوة الكهربائية والقوة البخارية لم يكن الانسان يعرفهما من قبل ولكن في المجال العلمي، استطاع ان يكتشفهما ويستخدمها بسعيه في مجالات كثيرة فلذا علينا أن لا نفقد الامل وأن لايصيبنا اليأس من اننا; هل نستطيع يوماً ما ان نكتشف شيئاً، أونصل الى حقيقة لم يتوصّل اليها عالم اليوم ؟ ها نحن كلّ يوم اكتشافات واختراعات جديدة تُقَدَّم الى البشرية. اننا إذا أردنا ان نحقق التطور والتقدم العلمى علينا أن نسعى في طلب العلم وفي مجال الدراسة والبحث لنصل إلى ما نأمل. إن مرحلة الشباب مرحلة مهمة جداً وعلى الانسان. أن يستثمرها في المجالات الثلاثة التي ذكرتها اَنفاً وهي العلم والتربية والرياضة. الجميع يعرف أن الرياضة في مرحلة الشيخوخة لا تؤثر ولا تعطي ثمارها المطلوبة وكذلك هي الحال في تهذيب النفس، فالبعض يعتقد أن الانسان وبعد ان يتجاوز مرحلة الشباب أوعندما يصل الى مرحلة الشيخوخة باستطاعته ان يهذب نفسه. ولكن الواقع خلاف ذلك لان الانسان وكلّما تقدم به العمر تصبح مسألة تهذيب النفس لديه من الامور الصعبة والعسيرة وربما من المستحيلات. اذن فالانسان وخلال مرحلة الشباب يستطيع ان يؤدي هذهِ الامور الثلاثة بسهولة ويُسر.

* إنّ التجدد يعدّ من الامور الفطرية التي يمتاز بها الانسان عن غيره، وتتجلى هذهِ الظاهرة وكثيراً بالزينة والملبس وغيرها من الامور الاخرى...، فكيف يمكن التعامل مع هذهِ الظاهرة ؟ وماذا حققت أجهزة الدولة في هذا المجال؟ حب الزينة والجمال من الاُمور الفطرية التي يمتاز بها الانسان، وأما مسالة التجدد التي طرحتموها فلها معنى أوسع وأشمل من ما حددته انت. إن الانسان وخاصة الشاب يحب أن يتّصف بصفة الجمال وهذا امرٌ طبيعي لا مانع فيه، والاسلام الحنيف لم يمنع هذه الظاهرة ولم يقف بوجه الفطرة، بل إنه منع الفساد والفتنة بها. اذن يجب ان لا يكون الجمال والتجمل سبباً في فساد المجتمع وانحطاطه، يعني ان لا يكون سبباً للابتذال الاخلاقي والاجتماعي فالعلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة يجب ان تخضع الى حدود وقوانين معينة، وإذا كان هناك انفتاح مفرط في هذه العلاقات فإن المجتمع يتعرض الى السقوط في الرذيلة والفساد والانحلال الاخلاقي. إنّ من الامور التي تؤدي الى الانحراف والانحطاط الاخلاقي هي كون الاهتمام بالمظهر الخارجي هدفاً أساسياً ورئيسياً في الحياة، كما كانت عليه نساء الطبقة الارستقراطية في ظل النظام الملكي السابق، حيث كانت كل واحدة منهن تقضي وقتاً طويلاً امام المرآة لتزين نفسها، وهذه الاخبار كانت تصلنا من مصادر موثوقة تبين الفساد والابتذال الذي كان يخيّم على المجتمع آنذاك. فاذا كان الوضع السائد في المجتمع يعاني من هذهِ الامراض الاجتماعية بحيث يقضي الفرد فترات طويلة في أمور من هذا القبيل فاعملوا ان مصير هذا المجتمع هوَ الانحلال والانحراف والضياع. أما نفس الاهتمام بالمظهر الخارجي وتزيينه بدون أن تتعدى المسألة الى التبرّج والتظاهر بالزينه فهو أمرٌ لا مانع فيه ولا ضرر. إن التبرّج في الاسلام أمرٌ محرّم، وهوَ ان تُظهر المرأة جمالها امام الرجال من غير المحارم لتجذب نظرهم واهتمامهم، وتعد ظاهرة التبرّج من المحاذير والفتن التي يجب ان يصون المجتمع افراده منها، فضررها اوسع مما نتصور، إنها لا تؤدي فقط الى ارتكاب كل من الشاب والشابة المحرمات وربّما تكون هذهِ بداية الازمة بل يتعدى ضررها الى نواة الاسرة وكيانها فالعلاقات بين الجنسين اذا لم تخضع الى قوانين وشروط معينة فانها تتحول الى معول يهدّ بنيان الاسرة برمتها لان اساس هذا البنيان قائم على المحبة والتفاهم، محبة الجمال ومحبة الاخرين. فاذا تغذّت هذهِ الفطرة ( فطرة حب الجمال) من خارج المحيط الاسري فسينهار كيان الاسرة وحصنها القويم، ويكون الحال كما هي عليه الاسر في الدول الاوربية وامريكا حيث الانحلال والفساد. اننا نجد المجتمع الامريكي اليوم قد اُبتلي بهذهِ الازمة الفادحة، ازمة انحلال وتزلزل المحيط الاسري. والمرأة هي الضحية الاولى لهذا الانحلال، ولا أقول: إن الضرر لايمس الرجل، ابداً: بل إن الرجل يتعرض الى مشاكل وهنات من جرّاء هذهِ الظاهرة السلبية التي يتعرض اليها المجتمع كله. ولكن الضرر المباشر والرئيسي يطال المرأة ومن ثم الاطفال الذين يمثلون جيل المستقبل. فالجيل الجديد في هذهِ المجتمعات الاوربية جيل يتصف بالاجرام والمفاسد الاخلاقية، وكلّ هذهِ الامور هي من جرّاء هذهِ الظواهر الفاسدة والمنحرفة التي سببت هذهِ الازمات وسوف تعقبها مشاكل وشرور اخرى. إنْ الاسلام اهتمّ بمسألة الجمال كما جاء في الحديث إنّ الله جميل يحب الجمال. إنّ الاهتمام بالمظهر الخارجي يعد من الامور المهمة التي أمر بها الاسلام. اننا نجد مثلاً ومن خلال كتب الاحاديث، وفي باب النكاح، انّ الله سبحانه وتعالى يأمر كلاً من الرجل والمرأة بالاهتمام بالنفس وبالمظهر الخارجي، وقد جاء في الشرع الاسلامي المقدس: يستحب للشاب ان لا يحلق شعر رأسه. وجاء في روايات عديدة انّ الرسول6 عند ما كان يريد ان يقابل أحداً كان يرى صورته في اناء ماء حتى يصفف شعره ويبدو بمظهر لائق، إذ لم يكن استعمال المرآة في مجتمع المدينة المنورة الذي كان يعاني من تردي الوضع الاقتصادي متداولاً ومعروفاً. وهذا إن دلّ على شيء فانما يدلّ على أنّ الاهتمام بالمظهر الخارجي وارتداء الملابس المناسبة هي من الامور التي اهتمّ بها الاسلام وأَمر بها شريطة ان لا تتحول هذه الظاهرة الى وسيلة للفساد والتبرّج. ولقد قرأت مؤخراً مقالة عن احدى المجالات الامريكية ونقلتها صحفنا، تصف حادثة قتل ارتكبها طفلان، احدهما في العاشرة من عمره والاخر في الثانية عشرة: حيث اطلقا الرصاص على جمع من الطلاب والمعلمين الذين كانوا قد اجتمعوا في باحة المدرسة بعد ان سمعوا صوت الجرس: فهذان الطفلان بعد ان دخلا المدرسة دقّا الجرس ليجتمع الطلاب والمعلمين وبعدها فعلا فعلتهما المشؤمة واطلقا الرصاص على جميع الحاضرين وقتلوهم، إن سبب هذه الجريمة المؤلمة هو اللامبالاة وسوء التربية الناتج من تزلزل وانحلال العلاقات والروابط الاسريه فى المجتمع الامريكي.

* انّ روح الشباب مشبعة بالاندفاع والانفعال فكيف يستطيع الشباب ان يروضوا روح الاندفاع هذه؟ وكيف يمكنهم توجيهها؟ انّ هذا السؤال سؤال جيد وصعب فى الوقت نفسه وانتم وكما تعلمون ان الاندفاع والانفعال يتحقق في ظروف خاصة ومحيط معين، فهناك بعض الاُمور تتجلى فيها روح الانفعال هذه كالالعاب الرياضية وخاصة لعبة كرة القدم التي تختلف عن غيرها من الالعاب الاخرى ككرة الطائرة والتنس، فهذه اللعبة بحد ذاتها لعبة مثيرة لما تمتاز به من روح التنافس. إن الشاب بعد ان يجد المحيط الذي يجذبه فإنه يستطيع ان يمارس حاجاته ويرضي روح الاندفاع والنشاط التي يملكها في هذا المحيط. انني في ايام شبابي ومع انني كنت طالب علوم دينية، وطالب العلوم الدينية بحكم نوع زيه والجو الذي يعيش فيه كان يجب عليه ان يلتزم ببعض القيود ويُراعي بعض الامور، ولكن مع هذا كانت نفسي مليئة بالاندفاع والنشاط وكنت أحاول ان استجيب لروح النشاط هذه بممارسة هوايتي التي كانت تتمثل بقراءة الشعر، وربما تتعجبون اذا قلت لكم كان هناك العديد ممن كانت هوايتهم الشعر كان يمارس هوايته هذه عن طريق حضور جلسات شعرية ربما كانت تطول ساعتين او ثلاث ساعات. فكما كان البعض يستجيب لروح النشاط والاندفاع التي يملكها بمتابعة الالعاب الرياضية ككرة القدم وغيرها، كان هؤلاء يمارسون هواياتهم ويستجيبون لروحياتهم المندفعه والنشطه بقراءة الشعر والاستماع اليه وذلك كلٌّ حسب رغبته. ولهذا نستطيع ان نقول: إن المجالات متعددة ومتنوعة. انتم تقولون: إن البعض يدرس الهندسة مثلاً بروح خالية من الاندفاع لان الدراسة وحسب اعتقادكم لا تتصف بالحيوية التي تعطي للشاب مجالاً للاستجابة لروح النشاط والحركة التي يملكها من خلال ممارسته ودخوله المجال العلمي والدراسي. ولكن هذا الاعتقاد خاطيء لانه اذا ما تحول الجو الدراسي الى مجال لتفجير المواهب والرغبات ـكأن تكون هناك ورشة عمل مزودة بالوسائل اللازمة الى جانب الصف الدراسي في الجامعة كما هوَ سائد اليوم، حيث يذهب طلاب الهندسة الى المعامل لتطبيق نظرياتهم العلمية عملياً ـ فان الطالب أو الشاب يستطيع ان يصل الى ابداعات واكتشافات جديدة ومثيرة تعطيه نوعاً من الزخم يتناسب مع اندفاعه. انني كنت دائماً أوصي اخواني بتقديم الدراسات والبحوث العلمية لانه لابدَّ للفرد من ان يدخل هذا المجال أي مجال البحث والدراسة، بشوق ورغبة; فاذا كان الانسان مجبوراً وفاقداً الرغبة وهو يمارس أبحاثه فإن عمله يتحول الى عمل غير مفيد وغير حيوي، لذا فالذى يُجنّد طاقاته وقدراته العلمية في الجامعة على يد استاذ حاذق وقدير فإنه يستطيع ان يصل الى نتيجة ايجابيه مفيدة من خلال دراسته هذهِ وممارسته العمليه في المعامل وورشات العمل وفي ذلك ما يمهّد لهُ فرص الابداع والتجدد. إن مسألة الاستجابة لحالة الاندافاع لدى الشباب يجب ان لانطرحها بشكل سؤال يبعث على القلق والاضطراب نحو هذهِ المسألة، لانه اذا ما فتحت المجالات المختلفة امام الشباب ليمارسوا نشاطاتهم ويحققوا رغباتهم فانهم يستطيعون ان يستجيبوا لحالة الاندفاع هذه بسهولة ويُسر. يعتبر الفن اللسان المؤثر في المجتمع بحيث لا يستطيع كل من العلم والموعظة والكلام وغيرها من الامور الاخرى ان تؤدي دور الفن في التأثير والنفوذ بين افراد المجتمع. فاننا اذا ما أخذنا القرآن الكريم نموذجاً نجد إنّ جانبهُ الفني الرفيع جعله يؤثر في الناس ويسحرهم. فالرسول6 وبتأكيده على الجانب الفني في القرآن الكريم استطاع ان يُحدث تلك الثورة الفكرية العظيمة التي كانت كالبركان المتفجر والتي تركت اثرها ونفوذها عبر التاريخ المديد. واذا ما أردنا ان نقارن بين الشعر والفن المسرحي نقول: إن من يقرأ قصائد الشاعر حافظ الشيرازي يدرك عظمة هذا الشعر وبلاغته، ولكن للمسرح تأثيراً سريعاً على عقائد الناس وافكارهم، حتى اننا نستطيع أن نقول انه أسرع تأثيراً من الشعر. اما من ناحية عمق التأثير وبقائه فاننا لا نعرف ايهما أعمق تأثيراً من الاخر، الشعر ام الفن المسرحي؟ ولكن يمكن الادّعاء بعمق تأثير الفن المسرحي وبقائه وبصورة عامة فإن للمسرح اثراً سريعاً وفاعلاً على المجتمع. أنتم ايها الفنانون الاعزّاء باستطاعتكم ان تؤثروا على المجتمع وعقائده ولهذا ارجو منكم ومن جميع الفنانين سواء كانوا ممثلين او كاتبي حوار او مخرجين او مصممي ازياء ان تدققوا فيما تنتجون وما تقدمون للمجتمع وخاصة انتم ايها المصممون فأن تصميمم الازياء من الامور المهمة التي قلّ من يعرف اهميتها لانها تترك اثراً بالغاً على اوساط المجتمع، إذ انّ الازياء والملابس التي ترتدونها تتحول الى نموذج ومثل يقتدى بها بعض الناس. واذا ما أخذتم مسألة الانتاج السينمائي الايراني بنظر الاعتبار ومدى اشتراكه في المهرجانات السينمائية العالمية، سوف تجدون مدى احترام وتقدير المشاهدين والمحكّمين لهذهِ الافلام وذلك لما تمتاز به من العفاف والطهارة. هناك بعض المخرجين والمنتجين ممن تمسك والتزم بمسألة العفة في انتاجه الفني بأرادته ورغبته، وفي مقابل هؤلاء يوجد من حاول ان يتصنع بجعل افلامه تـتصف بالطابع الاسـلامي العفـيف في العـلاقات الاسـرية وذلك مراعاةً للجو الاسلامي الحاكم في البلاد، وفي كلتا الحالتين كان الانتاج السينمائي الايراني انتاجاً مؤثراً ومرغوباً في اوساط العالم الفنية، لان العالم قد سئم الفساد والمجون على خلاف مايتصوره البعض، فلذلك يجب علينا ان نراعي مسالة العفة والنبل والحياء في الاوساط والمجالات الرياضية أيضاً واذا ما روعيت هذهِ الامور التي أمر بها الاسلام فإن الوسط الرياضي سيتحول الى وسط ايماني ومعنوي لهُ طابع اسلامي مميز، وبهذا الشكل يمكننا ان نتخذ من الرياضة وسيلةً لمواجهة الغزو الثقافي بالتمسك بعقيدتنا وثقافتنا التي تتجلى بالدين الاسلامي الحنيف. وارجو من الشباب ايضاً ان يتواجدوا في الاوساط الرياضية وان لاينتظروا حتى تتحسن الظروف، بل لابدّ للشباب وبدون استثناء ان يمارسوا الرياضة وأن يشتركوا في كل مجالاتها. لانهم ومن خلال ممارستهم هذهِ يستطيعون أن يحققوا انجازات كبيرة ومفيدة. وانا لا أخصص الشباب في كلامي هذا فلابدّ حتى لمن تجاوز الاربعين او الخمسين من عمره بل وحتى المسنين لابدّ لهم من ممارسة الرياضة. اما مسألة الزواج التي طرحتموها، فيجب على كل من المجلس الاعلى للشباب والمراكز والمؤسسات الحكومية التي تعني بشؤونهم الشباب ان تهتم بهذهِ المسألة، وتأخذها بعين الاعتبار. وفي رأيي إن مسألة الزواج هي مسألة خاصة تتعلق بالاسرة نفسها، فلذلك يجب على افراد الاسرة ان يسعوا لحلّ هذهِ المشكلة في المجتمع، اما الواجب الملقى على عاتق المراكز الحكومية فهو ارشاد الناس وتقديم النصائح اللازمة في هذا المجال. اما انا فأوصي جميع الاسر بأن تتساهل في هذهِ المسألة. فمثلاً ان لا تطلب مهوراً غالية وأثاث فاخرة، يعجز الشباب عن تهيئتها. واوصيكم أيضاً بالابتعاد عن الاسراف والبذخ في مراسم الزواج. ويا حبذا لو تُجَنّد المساعي في مجال ارشاد وتوعية الامة ثقافيّاً واجتماعياً من اجل حل هذهِ المشاكل، التي يتعرض لها الشباب. وبهذهِ الطريقة يمكننا الحصول على نتيجة ايجابية. والمسألة الاخرى هي مسألة متوسط سن الزواج، فهناك من يتخذ جانب الافراط في هذهِ المسألة، ويعتقد أن سن الزواج يجب ان يكون مبكراً، وانا لا أوافق على هذا الرأي، لانه لا ضرورة ولا داعي للزواج المبكر، ولكن في الوقت نفسه لا مانع منه. واننا إذ نجد من يتخذ جانب التفريط في هذهِ المسألة، نجد الحال في الدول الغربية، أن سن الزواج يتراوح بين الثلاثين والاربعين عاماً! وانا اعتقد أن هذهِ الحالة سببها الانانية المسيطرة على بعض النفوس، حيث نرى الرجل هناك حتى لو تجاوز الثلاثين أو الاربعين، عندما يريد ان يقدم على الزواج، لا يجد حرجاً في ان يتزوج من شابة تصغرهُ كثيراً! وبسبب الاختلاف السني هذا نجد المشاكل قائمه على قدم وساق، في امثال هذهِ المجتمعات، حيث الاضطراب وعدم الاستقرار، ولهذا نجد الكثير ممن يفضّلون الوحدة وعدم الزواج. ومن حسن الحظ ان هذهِ الظاهره قليلاً ما توجد في ايران والدول الاسلامية الاخرى. وعلى كل حال يجب ان نبتعد عن بعض الاعراف الاجتماعية في إجراء مراسم الزواج ليستطيع الشباب الاقدام على هذهِ المسألة بسهولة ويُسر. واوصي كل الشباب أيضاً اناثاً وذكوراً ان لا يرفضوا الزواج، ويا حبذا لو تستطيع الحكومة اعطاء بعض التسهيلات في هذا المجال. وانني اوصي المسؤلين دائماً، وأسعى ايضاً لتوفير متطلبات الشباب كالسكن والقروض وغيرها من الخدمات والوسائل المهمه الاخرى. اما المسؤلية وبالدرجة الاولى فانها تقع على عاتق الاسر والعوائل، لانها مسألة شخصية وخاصة. إن بلادنا لازالت تعاني من أزمات ومشاكل اقتصادية وغير اقتصادية كثيرة، ولابد من ان يأتي يوم تتخلص فيه بلادنا من هذهِ المشاكل والصعوبات، ولكن أحب أن اقول إن من الامور التي تساعدنا على مواجهة هذهِ المشاكل والازمات هي التمسك بالاسلام وقيم الثورة الاسلامية والتسلح بالمعنويات، وانني وكما ذكرت سابقاً انهُ وبدخول الشباب اناثاً وذكوراً الى ميادين العمل، تحُل الكثير من هذهِ المشاكل والازمات. واننا فيالوقت الحاضر نرى شبابنا يخوض جميع المجالات والميادين الابداعية ونسأل الله وندعوه ان يكون انقاذ بلادنا من هذهِ المشاكل على ايدي هؤلاء الاعزّاء... هؤلاء الشباب المؤمنين الذين اعلنوا ولاءهم للاسلام والثورة الاسلامية، وبراءتهم من التبعية والخضوع للتسلط الامريكى والاجنبي. وستفشل ان شاء الله تعالى كل الخطط المشؤمة والمؤامرات المحاكة ضد ايران الاسلام، ونسأل الله وندعوه أن يرزق شبابنا القوة والعون وتأييد الامام الحجة (عج). وأخيراً احب ان اذكر مسألة مهمة وهي يجب ان لا يتصور الشباب أن الاعمال والخدمات التي يقدمونها للمجتمع عملاً صغيراً وغير مهم فمثلاً الدراسة والبحوث التي يقدمها الشباب، والاعمال الفنية والرياضية، كلها خدمات عظيمة وكبيرة. وكل عمل وخدمة يقوم بها الشباب تتحول الى جزء مهم من المشاريع والخدمات العظيمة التي تُقَّدم للمجتمع. فإذا فكرّ مبدعٌ وصمم مشروعاً فنياً فإنه لا يستطيع ان يدعي بأن عمله هذا هو عمل فردي وغير مهم، لانه اذا اقدم على مثل هذا العمل مئة مبدع مثلاً، وانجزوه على احسن وجه فسوف يتحقق انجاز عظيم وخدمة كبيرة للبلاد والمجتمع. وكذلك هو الحال بالنسبة للمجالات الاخرى كالرياضية والعلمية وتقديم البحوث والدراسات المفيدة وغيرها من الامور التي تعدّ من الخدمات الكبيرة التي يستطيع الشباب ان يقدّموا من خلالها اعمالاً وخدمات مهمة لبلادهم، اننا اذا ما لاحظنا هذهِ المسيرات العظيمة التي تنظم في مناسبات خاصة كيوم الثاني والعشرين من بهمن يوم انتصار الثورة الاسلامية أو يوم القدس العالمي وغيرها من المناسبات الاخرى نجد أن كلّ فرد يشترك في هذهِ التجمعات العظيمة يحس ويشعر بأنه يؤدي واجبه الملقى على عاتقه، ولهذا يجتمع هذا العدد الغفير من المشتركين في هذهِ المراسم. واما اذا ما استهان الفرد بعمله واشتراكه هذا ـ كأن يقول انا فرد وان اشتراكي وعدمه لا يؤثران في المسألة كثيراً ـ فإنه لا يمكن ان تجتمع هذهِ الملايين في مثل هذهِ المناسبات. واحب ان أؤكد مرة اخرى على أن جميع الخدمات والنشاطات التي يمارسها الشباب في الجامعة او الحوزة العلمية سواء كانت في مجال التأليف اوالبحث والدراسة أو العلوم الاسلامية... كلها خدمات مهمة ومفيدة وضرورية. ونسأل الله تعالى ان يشدَّ على سواعد جميع الشباب المسلمين في كل انحاء العالم وفي جميع مراحل حياتهم. ...انني ومن خلال تجربتي العملية في منح الثقة الكاملة للشباب في التصدي للامور المهمة استطاع البعض منهم ان يثبتوا صحة نظريتي من خلال ادائهم لهذه المسؤليات المعطاة على أحسن وجه. ...اذا اخذتم مرحلة الشباب بنظر الاعتبار تجدونها مرحلة مليئة بالقدرة والطاقة والمواهب، وانّ هـذه المـواهب والقـدرات يـجب ان تُستَخدَم في مجال طلب العلم وتحصيله وفي مجال تطهير النفس والروح بالتقوى والايمان وفي مجال ترشيد القدرة البدنية بممارسة الالعاب الرياضية. الامام الخامنئي

/ 1