ولایة الامام علی (ع) فی الکتاب و السنة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ولایة الامام علی (ع) فی الکتاب و السنة - نسخه متنی

سیدمرتضی عسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






الأمر الثاني



بحـث المهدويـة



وكتب أبو عمر السجودي في الصفحة التاسعة من رسالته ما يلي :



«الإشكال الذي وجّهتموه إلينا يرد على المهديّ في
معتقدك، فإنّك تزعم أنّ محمّداً (صلّى الله عليه وسلّم) نصب الأئمّة الاثني
عشر من بعده خلفاء في أمّته ، فقتل عليّ ثمّ الحسن ثمّ الحسين إلى المهديّ
، لكنّكم غيّبتم المهديّ قبل ألف ومائتي سنة وتركتم الأمّة الاسلاميّة بلا
خليفة لله في خلقه ، فكيف ترون أنّ ما فعله المهديّ أمر معقول في حين ان
(عدم تعيين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للخليفة) في رأيكم هو ما
يرفضه العقل السليم »؟



ونقول في جوابه :



أوّلاً : في قولك : «بأ نّك تزعم أنّ محمّداً نصب
الأئمّة الاثني عشر ... إلى المهديّ» .



إنّ الاعتقاد بتعيين النبيّ للأئمّة الاثني عشر إلى المهديّ وكذا غيبة
المهديّ إلى يومنا هذا ليس أمراً يخصّ الشيعة بل قد ورد ذلك في روايات
الفريقين ، وقد ذكرنا الروايات الصحيحة الواردة في مصادر مدرسة الخلفاء حول
إمامة الأئمة الاثني عشر فيما مرّ آنفاً .



وأمّا قوله : «تركتم الأمّة الاسلاميّة بلا خليفة» فينبغي أوّلاً أن نعرف
وظيفة الأئمّة سواء أكانوا من الأنبياء أم الأوصياء لكي نتمكن من الإجابة
عن هذا السؤال، ويتيسّر ذلك بمراجعة القرآن والسنّة ودراسة سيرة الأنبياء.



جاء في القرآن الكريم :



1 ـ في آية 35 من سورة النحل : (فَهَلْ عَلَى
الرُّسُلِ إِلاَّ ا لْبَلاَغُ المُبِينُ ) .



2 ـ في آية 99 من سورة المائدة : (ما عَلَى
الرَّسُولِ إِلاَّ ا لْبَلاَغُ ) .



3 ـ في آية 54 من سورة النور : (وَمَا عَلَى
الرَّسُولِ إِلاَّ ا لْبَلاَغُ المُبِينُ ).



وكتب أبو سلمان في الصفحة التاسعة من كتابه الذي نشره باسم الشاب الشيعي
الجاهل : لكنّكم غيّبتم المهديّ قبل 1200 سنة وتركتم الأمّة الاسلامية بلا
خليفة ، ولا يوجد الآن أحد على وجه الكرة الأرضيّة يمكنه أن يدعي أ نّه
خليفة الله في خلقه . فكيف ترون أنّ ما فعله المهديّ أمر معقول في حين أن
تصرّف النبيّ (عدم تعيينه للخليفة) في رأيكم هو ما يرفضه العقل السليم .



أقول جواباً عن ذلك : إنّ الاعتقاد بالمهديّ (عليه السلام) لا يختصّ
بالشيعة بل إنّ علماء من مدرسة الخلفاء أيضاً يشاركونهم في ذلك ، ونورد في
ما يأتي الأحاديث الصحيحة المدوّنة في كتبهم عن هذا الموضوع :



أ ـ بشارات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بظهور
المهديّ (عج) في آخر الزمان :



1 ـ المهدي (عليه السلام) يواطئ اسمه اسم النبيّ
(صلى الله عليه وآله وسلم) :



في سنن الترمذي في باب ما جاء في المهدي (عليه السلام) ، وسنن أبي داود في
كتاب المهديّ وفي غيرهما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :



«ولا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي»([138]) .



2 ـ المهديّ (عليه السلام) من أهل بيت النبيّ (صلى
الله عليه وآله وسلم) :



في مستدرك الصحيحين ومسند أحمد وغيرهما ، عن أبي سعيد الخدري، قال : قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :



«لا تقوم الساعة حتّى تملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً ، ثمّ يخرج من أهل
بيتي مَنْ يملأها قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وعدواناً»([139]) .



وفي سنن ابن ماجة في أبواب الجهاد عن أبي هريرة ، قال :



قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ
يوم لطوّله الله عزّ وجلّ حتّى يملك رجل من أهل بيتي ، يملك جبل الديلم
والقسطنطينيّة» .



وفي سنن ابن ماجة في أبواب الفتن في باب خروج المهديّ ، ومسند أحمد
وغيرهما ، عن عليّ (عليه السلام) قال :



قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «المهديّ منّا أهل البيت يصلحه
الله في ليلة» . ورواه آخرون أيضاً([140]) .



وفي مستدرك الصحيحين قال : عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) ، أ نّه قال : «المهديّ منّا أهل البيت ، أشمّ الأنف ،
أقنى ، أجلى ، يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً ، يعيش هكذا ـ
وبسط يساره وإصبعين يمينة المسبّحة والإبهام وعقد ثلاثة ـ » .



قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وأيضاً رواه أبو داود في
سننه([141]) .



3 ـ المهديّ (عليه السلام) من ولد فاطمة (عليها
السلام) :



في سنن أبي داود عن اُمّ سلمة قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) يقول : «المهديّ من عترتي من ولد فاطمة»([142]) .



وفي كنز العمّال قال : عن عليّ (عليه السلام) ، قال : «المهديّ رجل منّا
من ولد فاطمة»([143]) .



4 ـ المهديّ (عليه السلام) من ولد الحسين (عليه
السلام) :



في ذخائر العقبى عن أبي أيّوب الأنصاري قال : قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) :



«يولد منهما ـ يعني الحسن والحسين (عليهما السلام) ـ مهديّ هذه الأمّة»([144]) .



وفي ذخائر العقبى ـ أيضاً ـ قال : عن حذيفة أنّ النبيّ (صلى الله عليه
وآله وسلم) قال :



«لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله
رجلا من ولدي اسمه كاسمي ، فقال سلمان : من أيّ ولدك يا رسول الله ؟ قال :
من وَلَدي هذا» ، وضرب بيده على الحسين (عليه السلام) .



* * *



أكّد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في رواياته على إمامة الإمام
الأوّل علي بن أبي طالب (عليه السلام) أكثر من سائر الأئمة ، وبَشَّرَ
بآخرهم المهديّ ، وأنّ عددهم اثنا عشر ، وإذا عرفنا من الروايات الإمام
الأوّل منهم والآخر وعددهم ، لا يبقى أدنى شكّ في مَنْ هم الأئمّة من أهل
بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين عددهم اثنا عشر .



ب ـ مَنْ قال من علماء مدرسة الخلفاء بأنّ الإمام
المهديّ (عج) هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) :



1 ـ الشيخ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة
الحلبيّ الشافعيّ القرشيّ المتوفّى سنة (652 أو 654 هـ ) فى كتابه مطالب
السؤول ، ص 88 ، طبع إيران سنة (1287 هـ ) قال : الباب الثاني عشر في أبي
القاسم محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمد القانع بن عليّ الرضا
بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن
الحسين (الشهيد) بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب ، المهديّ
الحجّة الخلف الصالح المنتظر (عليهم السلام) ورحمته وبركاته . (ثمّ قال) :








  • فهذا الخلف الحجّة قد أيّده الله
    وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه
    وقد قال رسول الله قولاً قد رويناه
    يرى الأخبار في المهديّ جاءت بمسمّـاه
    وقد أبداه بالنسبة والوصف



  • هدانا منهج الحقّ وآتاه سجاياه
    وآتاه حُلى فضل عظيم فتحلاّه
    وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه
    وقد أبداه بالنسبة والوصف
    وقد أبداه بالنسبة والوصف





وسمّـاه









  • ويكفي قوله منِّي لاشراق محيّاه
    ولن يبلغ ما أديت أمثال وأشباه
    فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما



  • ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه
    فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما
    فإن قالوا هو المهديّ ما مانوا بما





فاهوا



وقال : قد رتع من النبوّة في أكناف عناصره ورضع من الرسالة أخلاف أواصره ،
وترع من القرابة بسجال معاصرها ، وبرع في صفات الشرف ، فعقدت عليه بخناصرها
، فاقتنى من الأنساب شرف نصابها ، واعتلى عند الانتساب على شرف أحسابها ،
واجتنى جنى الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطهر البتول ،
المجزوم بكونها بضعة الرسول ، فالرسالة أصلها ، وانّها لأشرف العناصر
والأصول .



فأمّا مولده فبسرّ مَنْ رأى في الثالث والعشرين من رمضان سنة (258هـ )،
وأمّا نسبه أباً وأمّاً فأبوه الحسن الخالص، وأمّا أمّه أمّ ولد تسمّى صيقل
، وحكيمة ، وقيل غير ذلك ، وأمّا اسمه فمحمّد ، وكنيته أبو القاسم ، ولقبه
الحجّة ، والخلف الصالح . وقيل : المنتظر .



ثمّ ذكر أحاديث في أ نّه الإمام المهديّ الموعود المنتظر ثمّ ذكر بعض
الاعتراضات بالنسبة إلى أحواله (عليه السلام) من حيث الغيبة وطول العمر
وغير ذلك وأجاب عن الجميع أحسن الجواب .



2 ـ الشيخ محيي الدين أبو عبدالله محمّد بن علي بن
محمّد المعروف بابن الحاتميّ الطائيّ الأندلسيّ الشافعيّ المتوفى سنة (638
هـ ) المدفون بصالحيّة الشام وقبره مزار فإنّه قال في الباب (366) من كتاب
الفتوحات : اعلموا أ نّه لا بدّ من خروج المهديّ (عليه السلام) لكن لا يخرج
حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً ، فيملأها قسطاً وعدلا ، ولو لم يكن من
الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالى ذلك اليوم ، حتّى يلي ذلك الخليفة ،
وهو من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ولد فاطمة (رضي الله
عنها) جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ووالده الحسن العسكريّ ، ابن الإمام
عليّ النقيّ (بالنون) بن محمّد التقيّ (بالتاء) ابن الإمام عليّ الرضا ابن
الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن
الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن عليّ بن أبي طالب (رضي الله
عنهم) يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يبايعه المسلمون
بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخلق
بفتح الخاء ، وينزل عنه في الخلق بضمّها ، إذ لا يكون أحد مثل رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)في أخلاقه والله تعالى يقول : (وَإِنَّكَ
لَعَلَى خُلُق عَظِيم ) (القلم / 4) ، هو أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، أسعد
الناس به أهل الكوفة ، يقسم المال بالسويّة ، ويعدل في الرعيّة . يأتيه
الرجل فيقول : يا مهديّ ! أعطني وبين يديه المال فيحثي له في ثوبه ما
استطاع أن يحمله (ثّم نقل أوصافه وبعض أفعاله) وهذه الأمور ذكرها ابن
الصبّان في إسعاف الراغبين ، باب (2) ، ص 131 ـ 133 بهامش نور الأبصار ، ص
131 ـ 133 ، قالوا : ومن شعر الشيخ محيي الدين في أوصاف الإمام (عليه
السلام) ما ذكره في الفتوحات ، باب (366) :









  • هو السيِّد المهديّ من آل أحمد
    هو الشمس يجلو كلّ غمّ وظلمة
    هو الوابل الوسميّ حين يجود



  • هو الصارم الهنديّ حين يبيد
    هو الوابل الوسميّ حين يجود
    هو الوابل الوسميّ حين يجود





وفي ينابيع المودّة ، ص 467 قال : قال الشيخ محيي الدين بن العربي في
كتابه (عنقاء المغرب في بيان المهديّ الموعود ووزرائه) هذه الأبيات :










  • فعند فنا خاء الزمان ودالها
    مع السبعة الأعلام والناس غفّل
    فاشخاصهم خمس وخمس وخمسة
    ومَنْ قال إنّ الأربعين نهاية
    وإن شئت أخبر عن ثمان ولا تزد
    فسبعتهم فى الأرض لا يجلونها
    وثامنهم عند النجوم لزيم



  • على فاء مدلول الكرور يقوم
    عليم بتدبير الأمور حكيم
    عليهم ترى أمر الوجود يقيم
    لهم فهو قول يرتضيه كليم
    طريقهم فردّ إليه قويم
    وثامنهم عند النجوم لزيم
    وثامنهم عند النجوم لزيم





3 ـ وفي ينابيع المودّة ، ص
467 ، وفي الفتوحات المكّية في الباب (366) منزل
وزراء المهديّ الظاهر في آخر الزمان الذي بشّر به رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) ، وهو من أهل البيت ، إنّ لله خليفة يخرج ، وقد امتلأت الأرض
جوراً وظلماً ، فيملأها قسطاً وعدلا . ولو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل
الله ذلك اليوم حتّى يلي من عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، يبايع
بين الركن والمقام ، أسعد الناس به أهل الكوفة ، ويقسم المال بالسويّة
ويعدل في الرعيّة ويفصل في القضيّة . يخرج على فترة من الدين ، ومَنْ أبى
قتل ، ومَنْ نازعه خذل ، يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيّاً لحكم به ، يرفع المذاهب من
الأرض ، فلا يبقى إلاّ الدين الخالص ، وأعداؤه مقلِّدة العلماء أهل
الاجتهاد ، فيدخلون كرهاً تحت حكمه ، خوفاً من سيفه وسطوته ، ورغبة فيما
لديه ، يفرح به عامّة المسلمين ، يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل
الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي ، وله رجال إلهيون يقيمون دعوته ،
وينصرونه ، وهم الوزراء ، يحملون أثقال المملكة ، قال :









  • هو السيِّد المهديّ من آل أحمد
    هو الوابل الوسمي حين يجود



  • هو الوابل الوسمي حين يجود
    هو الوابل الوسمي حين يجود





وهو خليفة مسدّد يفهم منطق الحيوان ، ويسري عدله في الإنس والجانّ ،
ووزراؤه من الأعاجم ما فيهم عربيّ لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربيّة لهم حافظ
ليس من جنسهم ما عصى الله قطّ هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء .



4 ـ أخرج الحديث السابق ابن الصبّان الشافعي الحديث
في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ، ص 131 ـ 133 وفي لفظه
اختلاف وزيادة ونقصان عمّا في ينابيع المودّة وكلاهما نقلا ذلك من الفتوحات
، ولو قلنا إنّ التغيير من الشيخ سليمان القندوزي كان أولى لأ نّه متأخّر
عنه فإنّ وفاته سنة (1294) ووفاة ابن الصبّان في سنة (1206) وإن كان يحتمل
انّ التغيير في النقل من فعل الغير ، وعلى كلّ ننقل لفظ ابن الصبّان
الشافعي وغيره ممّن تكلم في الموضوع وعلى المراجع اختيار ما رآه صحيحاً في
نظره.



وقال في ص 131 من نور الأبصار : اعلم انّه لا بدّ من خروج المهديّ (عليه
السلام) ، وذكر الحديث إلى قوله : ابن الإمام عليّ بن أبي طالب (رضي الله
عنهم) يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، يبايعه
المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في
الخلق بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضمّها إذ لا يكون أحد مثل رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) في أخلاقه . أسعد الناس به أهل الكوفة ، يقسّم
المال بالسويّة ويعدل به في الرعيّة يمشي الخضر بين يديه يعيش خمساً أو
سبعاً أو تسعاً ، يقفو أثر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يخطئ ،
له ملك يسدّده من حيث لا يراه ، يفتح المدينة الروميّة بالتكبير ، مع سبعين
ألفاً من المسلمين ، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكّا ، يعزّ الله
به الاسلام بعد ذلّه ، ويحييه بعد موته ، ويضع الجزية ، ويدعو إلى الله
تعالى بالسيف فمن أبى قتل ومَنْ نازعه خذل ، يحكم بالدين الخالص عن الرأي ،
يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء ، فينقبضون منه لذلك ، لظنّهم انّ الله
تعالى لا يحدث بعد أئمّتهم مجتهداً ، وأطال في ذكر وقائعه معهم ، ثمّ قال :



واعلم انّ المهديّ إذا خرج يفرح به جميع المسلمين خاصّتهم ، وعامّتهم ،
وله رجال الهيّون يقيمون دعوته وينصرونه ، هم الوزراء له يتحمّلون (أثقال)
المملكة ويعينوه على ما قلّده الله ، ينزل إليه عيسى بن مريم بالمنارة
البيضاء شرقيّ دمشق متّكئاً على ملكين ملك عن يمينه وملك عن يساره إلى أن
يقول : وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق ويخسف بجيشه في
البيداء ...



وقال في محلّ آخر من الفتوحات : قد استوزر الله تعالى للمهديّ طائفة
خبّأهم الله تعالى في مكنون غيبه أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق وما هو
أمر الله في عباده ، فلا يفعل المهديّ شيئاً إلاّ بمشاورتهم ، وهم على
أقدام رجال من الصحابة الّذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وهم من الأعاجم
ليس فيهم عربيّ ، لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربيّة ، لهم حافظ من غير جنسهم
ما عصى الله قطّ هو أخصّ الوزراء ... الحديث .



وبالمراجعة إلى ألفاظ هذا الحديث والحديث الذي أخرجناه نقلا من ينابيع
المودة تعرف ما فيهما من الاختلاف والزيادة .



وأخرج في مشارق أنوار اليقين ، ص 104 في الفصل الثاني ما أخرجه ابن
الصبّان في إسعاف الراغبين نقلا من الفتوحات ولفظه يساوي لفظ ابن الصبّان .
وأخرجه القاضي حسين بن محمّد بن الحسن الدياربكري المالكي المتوفّى سنة
(966 هـ ) في كتابه تاريخ الخميس ، ج 2 ، ص 321 ، وفي لفظه اختصار واختلاف
، ومن العجيب أ نّه ينقل ذلك من الفتوحات المكيّة .



5 ـ أخرج الشيخ أبو عبدالله
محمّد بن يوسف بن محمّد القرشيّ الكنجيّ الشافعيّ المتوفّى سنة (658) في
كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص 336 ، باب (25) وقال : في الدلالة
على جواز بقاء المهديّ (عليه السلام) : إنّ المهديّ ولد الحسن العسكريّ فهو
حيّ موجود باق منذ غيبته إلى الآن (كما في ينابيع المودّة ، ص 471) .



من أولياء الله تعالى ، وبقاء الدجّال وإبليس الملعونين من أعداء الله
تعالى ، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة وقد اتّفق عليه ، قال : ثمّ
انكروا جواز بقاء المهديّ (ثمّ قال) : وها أنا أبيِّن بقاء كلّ واحد منهم
(أي الأولياء) و (الأعداء) فلا يسع بعد هذا العاقل انكار جواز بقاء المهديّ
(عليه السلام)ثمّ أخذ في إثبات جواز بقائهم وقال :



(أمّا بقاء عيسى (عليه السلام) فالدليل على بقائه قوله تعالى (وَإِنْ
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ )
(النساء / 159) . (قال) ولم يؤمن به أحد منذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا
ولا بدّ أن يكون ذلك في آخر الزمان) . ووردت أحاديث كثيرة في انّ عيسى
(عليه السلام) رفعه الله إلى السماء لما أراد اليهود قتله وهو باق في
السماء حتّى ينزل إلى الأرض بعد ظهور الإمام المهديّ (عليه السلام)
ويُصلِّي خلفه وبواسطته ، تؤمن جميع النصارى في زمانه ويكونون من أصحاب
الإمام المهديّ (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام) رئيسهم وأميرهم وأمير
جيش الإمام ويفتح كثيراً من البلدان . راجع باب أحوال عيسى (عليه السلام)
وصلاته خلفه الإمام المهديّ (عليه السلام) وانّ بقاء عيسى حياً إلى عصرنا
لا شكّ فيه وتؤيِّده الأحاديث الكثيرة المرويّة في كتب صحاح أهل السنّة
والإماميّة ; منها ما أخرجه مسلم في صحيحه ، ج 2 ، ص 500 ، وهو قوله : «كيف
أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم» .



وأخرج الحديث البخاري في صحيحه ، ج 13 ، ص 357 ، ط . الهند سنة (1372 هـ )
. وقال : روى أبو هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
«كيف بكم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم» .



وأخرج الحديث في سنن ابن ماجة ، ج 2 ، ص 267 . ولفظه يساوي لفظ البخاري .



وفي الحاوي للفتاوي ، ج 2 ، ص 167 قال : روى أبو داود وابن ماجة بسنديهما
عن أبي امامة الباهلي (أ نّه) قال : خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) وحدّثنا عن الدجّال وذكر ما يفعله الدجّال (إلى أن يقول) : وإمامهم
رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدّم ليُصلّي الصبح إذ نزل عيسى بن مريم
والإمام في صلاة الصبح فرجع ذلك الإمام يمشي القهقري ليتقدّم عيسى يصلّي
بهم فيضع عيسى يده بين كتفيه ، ثمّ يقول : تقدّم فصل فإنّها لك أقيمت
فيُصَلَّي بهم إمامهم .



وأخرج الحديث في الملاحم والفتن ، ج 1 ، ص 54 ، ط . أوّل ، باب (1286)
نقلا من فتن أبي نعيم . وقال : أخرجه عن أبي امامة الباهليّ . قال : ذكر
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الدجّال فقالت أم شريك : فأين
المسلمون يومئذ يا رسول الله ؟ قال : ببيت المقدس يخرج (أي الدجّال) حتّى
يحاصرها ، وإمام المسلمين يومئذ رجل صالح فيقال له : صلّ الصبح فإذا كبّر
ودخل فيها نزل عيسى بن مريم (من السماء) فإذا رآه ذلك الرجل عرفه فرجع
القهقري (وهو في الصلاة) فيتقدّم (عيسى) فيضع يده بين كتفيه ثمّ يقول : صلّ
فإنّما أقيمت لك ، فيُصلِّي عيسى وراءه .



وفي مشارق الأنوار ، ج 2 ، ص 322 قال : ينزل عيسى في زمانه (أي زمان
الإمام المهديّ (عليه السلام) ) بالمنارة البيضاء شرقيّ دمشق آخر الليل
ويأتيه المهديّ فيجتمع عليه ويطلبه الناس وقت الصبح (ليُصلِّي بهم) فيمتنع
ويقول : إمامكم منكم فيتقدّم المهديّ تكرمة لهذه الأمّة ونبيّها .



يظهر من هذه الأحاديث وأمثالها انّ عيسى (عليه السلام) يبقى حيّاً إلى أن
يصلِّي وراء الإمام المهديّ (عليه السلام) فعليه لا يبعد في أن يبقى الإمام
المهديّ حيّاً كما بقي عيسى حيّاً . وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) : يكون في أمّتي ما كان في الأمم السابقة فكما بقي عيسى وهو من الأمم
السابقة فكذلك بقي الإمام .



وأمّا بقاء الخضر أو إلياس فمن المسلّمات عند المسلمين وكما أطال الله
بقاء الخضر كذلك أبقى الإمام المهديّ (عليه السلام) لأ نّه حجّة الله في
أرضه ولولا بقاؤه لم تبق الأرض فإنّ بقاء الأرض ببركته .



وفي تذكرة خواصّ الأئمة ، ص 376 ، ط . النجف الأشرف قال : قال السدي :
يجتمع المهديّ وعيسى بن مريم فيجيء وقت الصلاة فيقول المهديّ لعيسى : تقدّم
، فيقول عيسى : أنت أولى بالصلاة . فَيُصلِّي عيسى وراءه مأموماً ثمّ يذكر
سبب صلاة عيسى خلف الإمام حسب اجتهاده ونظرياته . ثمّ يذكر المعمّرين
ويقوّي القول ببقاء الإمام (عليه السلام) وينكر على مَن استبعد ذلك لأ نّه
له نظائر في الدنيا قبل الاسلام وفي الاسلام .



وأيضاً قال الكنجيّ في كفاية الطالب ، ص 312 : أنّ أبا محمّد الحسن
العسكريّ ابنه (عليه السلام) وهو الإمام بعده وانّ مولده (أي الحسن
العسكري) بالمدينة في شهر ربيع الأوّل سنة (232 هـ ) وقبض يوم الجمعة لثمان
ليال خلون من ربيع الأوّل سنة (260 هـ ) وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ودفن في
داره بسرّ مَنْ رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه (عليّ الهاديّ (عليه
السلام) ) وخلّف ابنه وهو الإمام المنتظر (ثمّ قال) وسنذكره أي الإمام
المنتظر منفرداً (أي في كتاب خاصّ) فكتب فيه (عليه السلام) وهو كتاب مطبوع
.



6 ـ الشيخ جلال الدين محمّد العارف البلخيّ الروميّ
المعروف بالمولويّ المتوفى سنة (672 هـ ) فإنّه ذكر في ديوانه الكبير وروى
ذلك عنه الشيخ سليمان في ينابيع المودة ، ص 473 . قال : أنشد هذه الأبيات
(في أحوال أهل البيت (عليهم السلام) ومنهم المهدي المنتظر (عليه السلام) )
:









  • اى سرور مردان على ; مردان سلامت مى كنند
    وى صفدر مردان ، على مردان سلامت مى كنند



  • وى صفدر مردان ، على مردان سلامت مى كنند
    وى صفدر مردان ، على مردان سلامت مى كنند





إلى أن يقول :









  • با قاتل كفار گو، با دين و با ديندار گو
    با درج دو گوهر بگو با برج دو اختر بگو
    با زين دين، عابد بگو با نور دين باقر بگو
    با موسى كاظم بگو با طوسى عالم بگو
    با مير دين، هادى بگو با عسكرى مهدى بگو
    با باد نوروزى بگو با بخت فيروزى بگو
    با شمس تبريزى بگو مستان سلامت مى كنند



  • با حيدر كرّار گو، مستان سلامت مى كنند
    با شَبرَ و شُبير بگو مستان سلامت مى كنند
    با جعفر صادق بگو مستان سلامت مى كنند
    با نقى قائم بگو مستان سلامت مى كنند
    با آن ولى مهدى بگو مستان سلامت مى كنند
    با شمس تبريزى بگو مستان سلامت مى كنند
    با شمس تبريزى بگو مستان سلامت مى كنند





7 ـ قال الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي المتوفّى
سنة (764 هـ ) في شرح الدائرة (كما في ينابيع المودّة ، ص 471) انّ المهديّ
الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمه أوّلهم سيِّدنا عليّ وآخرهم
المهديّ (رضي الله عنهم) ونفعنا الله بهم .



8 ـ أخرج الشيخ جمال الدين
أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مُهَنّى المتوفّى سنة (828 هـ ) في كتاب
عمدة الطالب ، ص 186 ـ 188 ، طبع النجف الأشرف سنة (1323 هـ ) قال : أمّا
عليّ الهادي فيلقّب العسكريّ لمقامه بسرَّ مَنْ رأى وكانت تسمّى العسكر
وأمّه أمّ ولد ، وكان (عليه السلام) في غاية الفضل ونهاية النبل ، أشخصه
المتوكّل إلى سرَّ مَنْ رأى فأقام بها إلى أن توفِّي (مسموماً) وأعقب من
رجلين هما الإمام أبو محمّد الحسن العسكريّ (عليه السلام) كان من الزهد
والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام محمّد المهديّ (صلوات الله عليه) ثاني
عشر الأئمة عند الإماميّة ، وهو القائم المنتظر عندهم من أمّ ولد اسمها
نرجس .



9 ـ أخرج الشيخ أبو عبدالله
أسعد بن عليّ بن سليمان عفيف الدين اليافعيّ اليمنيّ المكّي الشافعيّ
المتوفّى سنة (768 هـ ) في كتابه مرآة الجنان ج 2 ، ص 107 وص 172 ، طبع
حيدرآباد الدكن سنة (1328 هـ ) قال : وفي سنة (260 هـ ) توفّي الشريف
العسكريّ أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر
الصادق ، أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإماميّة وهو والد (الإمام)
المنتظر صاحب السرداب ويعرف بالعسكريّ وأبوه أيضاً يعرف بهذه النسبة توفّي
في يوم الجمعة سادس ربيع الأوّل وقيل ثامنه ، وقيل غير ذلك من السنة
المذكورة ودفن بجنب قبر أبيه بسرَّ مَنْ رأى .



10 ـ أخرج
العلاّمة السيِّد عليّ بن شهاب الدين الهمدانيّ
الشافعيّ المتوفّى سنة (786 هـ ) في كتابه المودّة في القربى([145]) ، في المودة العاشرة ، أحاديث متعددة
فيها إثبات وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) وانّه يظهر في آخر الزمان
يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلماً([146]) .



11 ـ الشيخ شهاب الدين الدولة آبادي المتوفّى سنة
(849 هـ ) ، وله مؤلفات متعددة في التفسير والمناقب ، منها كتاب (هداية
السعداء) ذكر فيه أحاديث في أحوال الإمام الحجّة المنتظر ابن الحسن
العسكريّ . وذكر فيه انّه غائب عن الأبصار وله عمر طويل كما عمّر مثله من
المؤمنين عيسى وإلياس والخضر ومن الكافرين الدجّال والشيطان والسامري .



12 ـ أخرج
شمس الدين أبو عبدالله محمّد بن أحمد الذهبي الشافعي (ت
804 هـ ) ، في كتابه دول الاسلام ، ج 1 ، ص 122 ، طبع حيدرآباد سنة (1337
هـ ) وقال : بأنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن
العسكريّ وهو باق إلى أن يأذن الله له بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما
ملئت ظلماً وجوراً .



13 ـ أخرج
الشيخ عليّ بن محمّد بن أحمد المالكيّ المكيّ المعروف
بابن الصبّاغ (ت 855 هـ ) في كتابه الفصول المهمّة ، ص 273 وص 274 من الباب
(12) أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام) وذكر ولادته وتاريخها ، وقال :
انّ أمّه نرجس خير أمة . قال : ولد أبو القاسم محمّد الحجّة بن الحسن
الخالص بسرَّ مَنْ رأى ليلة النصف من شعبان سنة (255 هـ ) . وأمّا نسبه
أباً وأمّاً فهو أبو القاسم ، محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ
الهاديّ بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن
محمّد الباقر ابن عليّ (زين العابدين) بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب
(صلوات الله عليهم أجمعين) وأمّا أمّه فأمّ ولد ، يقال لها نرجس ، خير أمة
، وقيل اسمها غير ذلك، وكنيته أبو القاسم ، وأمّا لقبه ، فالحجّة ،
والمهديّ الصالح ، والقائم المنتظر ، وصاحب الزمان ، وأشهرها المهديّ .
صفته (عليه السلام) : شاب مربوع القامة ، حسن الوجه والبشرة يسيل شعره على
منكبيه ، أقنى الأنف ، أجلى الجبهة ، بوابه محمّد بن عثمان ، معاصره
المعتمد (العباسي) .



ولا يخفى انّ الأوصاف التي ذكرها ابن الصبّاغ للإمام المهديّ (عليه
السلام) هي أوصاف ذكرها له جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . (ثمّ
انّ ابن الصبّاغ) ذكر بعض من دوّن أوصافه وأحواله (عليه السلام) في كتاب
خاصّ . قال : وممّن جمع أحواله من العلماء الشيخ جمال الدين أبو عبدالله
محمّد بن إبراهيم الشهير بالنعماني في كتابه الذي صنّفه في الغيبة وطول
الغيبة . قال : وجمع الحافظ أبو نعيم أربعين حديثاً في أمر المهديّ خاصّة .
قال : وصنّف الشيخ أبو عبدالله محمّد ابن يوسف الكنجي الشافعي (في أحوال
الإمام المهدي (عليه السلام) ) كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان)([147]) .



14 ـ أخرج
الشيخ شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قزاغلي الحنفيّ
ابن عبدالله سبط بن الجوزيّ (ت 654 هـ ) . قال في كتابه تذكرة خواصّ الأمّة
، ص 88 ، الطبعة الأولى في إيران سنة (1287 هـ ) : فصل الحسن بن عليّ بن
محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ
بن أبي طالب ، وأمّه أمّ ولد اسمها سوسن ، وكنيته أبو محمّد ، ويقال له :
العسكريّ أيضاً ، ولد (عليه السلام) سنة (231 هـ ) بسرّ مَنْ رأى وتوفي بها
سنة (260 هـ ) في خلافة المعتمد على الله (العباسيّ) وكان سنّه (عند
الوفاة) تسعاً وعشرين سنة (ثمّ قال) : وأولاده (أي أولاد الإمام الحسن
العسكريّ) محمّد الإمام (ثمّ قال) : فصل هو محمّد بن الحسن بن عليّ ابن
محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ
بن أبي طالب (عليه السلام) وكنيته أبو عبدالله ، وأبو القاسم ، وهو الخلف
الحجّة ، صاحب الزمان ، القائم ، المنتظر ، التالي ، وهو آخر الأئمة .



أنبأ عبدالعزيز بن محمود بن البزّار عن أبي عمر ، قال : قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) : «يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه اسمي
وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً» فذلك المهديّ، ثمّ قال سبط
بن الجوزيّ: وهذا الحديث مشهور . وقد أخرج أبو داود ، والزهري عن علي
بمعناه . (ثمّ قال) : ويقال له ذو الاسمين ، محمّد وأبو القاسم (قال) :
قالوا أمّه أمّ ولد يقال لها صيقل .



15 ـ أخرج
شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتميّ نزيل مكّة المشرّفة
الشافعيّ (ت 993 هـ ) في الصواعق المحرقة له ، ص 127 ، ط . مصر سنة (1308)
: وقال عند ذكره الأئمّة الاثني عشر (أبو محمّد الحسن الخالص) ولد سنة (232
هـ ) (ثمّ ذكر كرامة من كراماته المعروفة وخبر استسقائه في سامراء وخبر
الراهب الذي كان يخفي بين أصابعه عظام بعض الأنبياء وإذا رفعه بين أصابعه
إلى السماء أمطرت وإذا سترها انقطع المطر فعرف ذلك الإمام وأخذ منه العظم
وبعد ذلك كلّما دعا لم تمطر ، فخرج الناس من التوهّم وعرفوا حيلة الحبر
النصراني) .



قال : وكان الإمام الحسن العسكري عزيزاً مكرّماً إلى أن مات بسرَّ مَنْ
رأى . ودفن عند أبيه (عليّ الهاديّ) وعمره ثمان وعشرون سنة . (قال) : ويقال
انّه سمّ أيضاً (كما سمّوا آباءه الكرام) قال : ولم يخلّف غير ولده (أبي
القاسم محمّد الحجّة) وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنوات آتاه الله الحكمة
(قال) : ويسمّى القائم ، المنتظر . قيل : لأ نّه ستر وغاب فلم يعرف أين ذهب
. انتهى ما في الصواعق لابن حجر مع الاختصار .



وقد ذكر في ص 100 ـ 103 الأحاديث المرويّة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله
وسلم) في حقّه . وأخرج أكثره خالنا الشيخ نجم الدين (رحمه الله) في كتابه
(المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام) ) . وقد أخرج الشيخ سليمان
القندوزيّ الحنفيّ ما ذكره ابن حجر في ينابيع المودة ، ص 452 مفصّلا .



16 ـ أخرج
الشيخ عبدالله بن محمّد بن عامر الشبراويّ الشافعيّ
المتوفّى بعد سنة (1154 هـ ) في كتابه الإتحاف بحبّ الاشراف ، ص 178 ، طبع
مصر سنة (1316 هـ ) وقال : الحادي عشر من الأئمّة الحسن الخالص ويلقّب
بالعسكريّ ، ولد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة (232 هـ ) و توفي
(عليه السلام) يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة (260 هـ ) وله من
العمر ثمان وعشرون سنة . قال : ويكفيه شرفاً انّ الإمام المهديّ المنتظر من
أولاده فللّه در هذا البيت الشريف ، والنسب الخضم المنيف وناهيك به فخاراً
، وحسبك فيه من علوّه مقداراً ، فهم جميعاً في كرم الأرومة ، وطيِّب
الجرثومة كأسنان المشط ، متعادلون ، ولسهام المجد مقتسمون ، فيا له من بيت
عالي الرتبة سامي المحلّة ، فلقد طاول السماك علا ونبلا وسما على الفرقدين
منزلة ومحلاً ، هؤلاء الأئمة ، تناسقوا في الشرف ، فاستوى الأوّل والتالي ،
وكم اجتهد قوم في خفض منارهم ، والله يرفعه ، وركبوا الصعب والذلول في
تشتيت شملهم ، والله يجمعه ، وكم ضيّعوا من حقوقهم ، ما لا يهمله الله ،
ولا يضيِّعه ، أحيانا الله على حبّهم ، وأماتنا عليه ، وادخلنا في شفاعة
مَنْ ينتمون في الشرف إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكانت وفاته (أي
الحسن العسكريّ) بسرَّ مَنْ رأى ، ودفن بالدار التي دفن فيها أبوه ، وخلّف
بعده ولده وهو الثاني عشر من الأئمة ، أبو القاسم ، محمّد الحجّة ، ابن
الإمام الحسن الخالص ، بسرَّ مَنْ رأى ليلة النصف من شعبان سنة (255 هـ )
قبل موت أبيه بخمس سنين ، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد ، وستر أمره ، لصعوبة
الوقت ، وخوفه من الخلفاء (العباسيّين) فإنّهم في ذلك الوقت كانوا يطلبون
الهاشميين ويسجنونهم ويقتلونهم ليقضوا على الإمام المهديّ (عليه السلام)
لما بلغهم من الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرم (صلى الله عليه
وآله وسلم)وأخبرتهم انّ الإمام المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام) يقطع
دابر الظالمين ويستولي على الدنيا ولا يترك أحداً منهم في الأرضين .



(قال الشبراوي) : وكان الإمام محمّد الحجّة يلقب أيضاً بالمهديّ، والقائم،
والمنتظر ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان ، وأشهرها : المهديّ ، (قال) :
ولذلك ذهبت الشيعة (إلى) انّه الذي صحّت (الأخبار) والأحاديث بأ نّه يظهر
في آخر الزمان ، وانّه موجود ولهم في ذلك تآليف كثيرة . ثمّ قال : وقد أشرق
نور هذه السلسلة الهاشميّة ، والبيضة الطاهرة النبويّة والعصابة العلويّة
وهم إثنا عشر إماماً مناقبهم عَليّة وصفاتهم سنيّة، ونفوسهم شريفة أبيّة ،
وأرومتهم كريمة محمّدية ، وهم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص ابن عليّ
الهاديّ بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن
محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين ابن الإمام الحسين أخي الإمام الحسن
ولدي اللّيث الغالب عليّ بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنهم أجمعين) .



17 ـ الشيخ
أبو المواهب الشيخ عبدالوهّاب بن أحمد بن عليّ
الشعرانيّ المتوفّى سنة (973 هـ ) أو سنة (960 هـ ) . قال في كتابه
(اليواقيت والجواهر) ص 145 ، طبع مصر سنة (1307 هـ ) . البحث الخامس
والستّون ، في بيان انّ جميع أشراط الساعة التي أخبر بها الشارع حقّ لا بدّ
أن تقع كلّها قبل قيام الساعة . وذلك ، كخروج المهديّ (عج) . قال : وهو من
أولاد الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) ، ومولده ليلة النصف من شعبان
سنة خمس وخمسين ومائتين . وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم (عليه
السلام) فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة (958 هـ ) سبعمائة وست وستون سنة
(766 هـ ) . (ثمّ قال الشعراني) : هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون
فوق كرم الريش المطلّ على بركة الرطل بمصر المحروسة عن الإمام المهديّ حين
اجتمعت به ووافقه على ذلك شيخنا السيِّد عليّ الخوّاص .



ونقل الشعراني في كتابه الطبقات الكبرى ما قاله في (اليواقيت والجواهر) في
قول الشيخ حسن العراقي .



18 ـ الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش . ذكر
الإمام الحجّة المهديّ (عليه السلام) ، وانّه اجتمع به ، وذلك كما ذكره
الشعراني في (لواقح الأنوار في طبقات الأخبار) ، ج 2 المطبوع بمصر سنة
(1305 هـ ) وقال فيه : انّ الشيخ حسناً العراقي في ضمن سياحته اجتمع مع
الإمام المهديّ الحجّة وسأله عن عمره فقال له : يا ولدي ! عمري الآن (620)
سنة . قال الشعرانيّ : فقلت ذلك لسيِّدي عليّ الخواص فوافق على عمر المهديّ
(رضي الله عنهما)([148]) .



19 ـ ذكر الشيخ نور الدين
عبدالرحمن بن أحمد بن قوام الدين المعروف بجاميّ الشافعيّ في كتابه شواهد
النبوّة (الإمام المهديّ الموعود المنتظر) الحجّة بن الحسن الإمام الثاني
عشر . وذكر كثيراً من أحواله وكراماته . وقال : هو الذي يملأ الأرض عدلا
وقسطاً . وذكر خبر ولادته نقلا من عمّته حكيمة وغيرها . وقال فيها : لمّا
ولد جثا على ركبتيه ورفع سبّابته إلى السماء وعطس فقال : الحمد لله ربّ
العالمين . وذكر بعض من رأى الإمام المهديّ ومن سأل الإمام الحسن العسكري
(عليه السلام) عن الخلف بعده . قال : فدخل الإمام الدار ثمّ خرج وقد حمل
طفلا كأ نّه البدر في ليلة تمامه في سنّ ثلاث سنين فقال الإمام للسائل :
لولا كرامتك على الله لم اُرِك هذا الولد الذي اسمه اسم رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وكنيتهُ كنيتُه ، وهو الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً
كما ملئت جوراً وظلماً .



وذكر في خبر مَنْ دخل على الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) ورأى بيتاً
عليه ستر مسبل ، فسأله عن الخلف بعده ، فقال له : ارفع الستار ، فرفع الستر
فرأى الإمام الحجّة المهديّ المنتظر (عليه السلام) . وذكر أيضاً خبر
الأشخاص الّذين بعثهم المعتمد أو المعتضد ليفتّشوا دار الإمام العسكري
بسامراء ويأخذوا الإمام المهديّ إن وجدوه ، فلم يعثروا عليه في الدار ،
فدخلوا سرداباً هناك فوجدوه في آخر السرداب . وكان السرداب مملوءاً بالماء
والمهدي (عليه السلام) في آخره على سجّادة فوق الماء وكلّما حاولوا الوصول
إليه غرقوا في الماء ولم يتمكّنوا من الوصول إليه فأخبروا بذلك الخليفة
العباسي الذي أرسلهم بما وقع ، فأمرهم بكتمان ما رأوا ، وقال لهم : إن
أظهرتم ذلك أمرت بقتلكم ، فكتموا ذلك في حياته .



20 ـ العلاّمة الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ
البيهقي النيسابوري الفقيه الشافعيّ المتوفّى سنة (458 هـ ) ذكر في كتابه
شعب الإيمان وقال : اختلف الناس في أمر المهديّ فتوقّفت جماعة وأحالوا
العلم إلى عالمه ، واعتقدوا انّه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) يخلقه الله متى شاء ، يبعثه نصرةً لدينه ، وطائفة
يقولون : إنّ المهديّ الموعود ، ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين
ومائتين ، وهو الإمام الملقّب بالحجّة ، القائم المنتظر ، محمّد بن الحسن
العسكريّ وانّه دخل السرداب بسرّ مَنْ رأى وهو مختف عن أعين الناس ، ينتظر
خروجه ، ويظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً (ثمّ انّ
البيهقي أجاب القائلين بامتناع بقائه إلى هذا الحين لطول الزمان) وقال :
ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيّامه كعيسى بن مريم والخضر (عليهما
السلام) .



الأمر الثالث



قال أبو عمر السجودي في الصفحة السابعة :



«عن أوصياء النبي الاثني عشر : إذا كان عليّ حقاً هو
الوصيّ للنبيّ ، وكانت الإمامة من أصول الدين وكان عليّ معصوماً وأفضل من
إبراهيم وأخيراً لو كان الأئمة هم المصدر للتشريع في الاسلام» .



نقول في جوابه : إنّ النبي عيّن أوصياءه الاثني عشر لحفظ الشريعة وتبليغها
وتنفيذ أحكامها وذلك بأمر من الله سبحانه وتعالى .



وانّ حفظ الشريعة وتبليغها وتطبيقها في عصر الأوصياء تتطلّب الأمرين الآتي
ذكرهما :



الأوّل : إنّ النبيّ يبلِّغُ شريعته لأوصيائه .



الثاني : أن يقوم الأوصياء بحمل الشريعة وتبليغها
على مرّ العصور كما نبيِّن ذلك في ما يأتي :



الف ـ كيف بَلَّغَ النبيّ شريعته لأوصيائه من بعده
وكيف قام الأوصياء بحفظ الشريعة وتبليغها للناس ؟



تضمّن القرآن الكريم أصول أحكام الدين الاسلامي ، وأوكل تفصيلها وشرحها
إلى النبيّ العظيم والمبلِّغين الأوائل الذين أخذوا العلم عنه . وقد أملى
النبيّ حديثه وما أوحي إليه ممّا يحتاجه الناس إلى يوم القيامة على عليّ
(عليه السلام) ودوّنها عليّ (عليه السلام) في كتاب له يُسمّى الجامعة .



وكان عليّ (عليه السلام) يتلقّى تلك العلوم من خلال لقاءات متنوعة :



1 ـ لقاءات تعليميّة منتظمة :



نقلت المصادر الحديثيّة تفاصيل اللقاءات بين الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم) وابن عمّه الوصيّ الإمام (عليه السلام) ونذكر هنا على سبيل المثال ما
ورد في الكافي والوسائل ومستدركه وجاء موجزه في نهج البلاغة واللفظ للأوّل
، قال الإمام عليّ في حديثه : «قد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) كلّ يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار ،
وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انّه لم يصنع ذلك بأحد
من الناس غيري ، وأحياناً كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأتيني
في بيتي ، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنِّي نساءه . فلا
يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا
أحد من بنيّ ، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت وانتهت أسئلتي ابتدأني ، وما
نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها
وأملاها عليَّ فكتبتها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها
ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني
فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليَّ وكتبته ،
منذ دعا الله لي بما دعا .. » ([149]) .



وقبل أن نورد بقيّة الحديث ننقل حديثاً آخر عن زيد بن عليّ بن الحسين
(عليه السلام) (ت 120 هـ ) فإنّ فيه الجواب لمن تتبادر إلى ذهنه شبهة حول
كيفية تلقّي الوصيّ (عليه السلام) العلوم عن ابن عمّه النبيّ (صلى الله
عليه وآله وسلم) .



في بصائر الدرجات ، باب في انّ عليّاً علم كلّ ما أنزل على رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) في ليل أو نهار أو حضر أو سفر والأئمّة من بعده :



1 ـ عن زيد بن عليّ قال : قال أمير المؤمنين (عليه
السلام) : ما دخل رأسي نوم ولا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
حتّى علمت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نزل به جبرئيل في ذلك
اليوم من حلال أو حرام أو سنّة أو أمر أو نهي فيما نزل فيه وفيمن نزل ،
فخرجنا فلقيتنا المعتزلة([150]) فذكرنا ذلك لهم فقالوا ان هذا لأمر عظيم
، كيف يكون هذا وقد كان أحدهما يغيب عن صاحبه فكيف يعلم هذا ؟ قال : فرجعنا
إلى زيد فأخبرناه بردّهم علينا فقال : يتحفظ على رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) عدد الأيام التي غاب بها فإذا التقيا قال له رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) : يا عليّ ! نزل عليَّ في يوم كذا ، كذا وكذا وفي يوم
كذا ، كذا حتى يعدهما عليه إلى آخر اليوم الذي وافى فيه فأخبرناهم بذلك([151]) .



2 ـ حدّثنا محمد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن علي بن
فضال ، عن حماد بن عثمان ، عن عبدالأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله
(عليه السلام) يقول : قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا
أعلم كتاب الله وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة وفيه خبر
السماء وخبر الأرض وخبر الجنّة وخبر النار وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ،
أعلم ذلك كأنّما أنظر إلى كفّي ، إنّ الله يقول فيه تبيان كلّ شيء([152]) .



تتمّة الحديث عن الإمام عليّ (عليه السلام) :



(وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو
يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ،
فلم أنس حرفاً واحداً ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي
علماً وفهماً وحكماً ونوراً ، فقلت : يا نبيّ الله ! بأبي أنت وأمّي منذ
دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه أفتتخوّف عليّ
النسيان فيما بعد ؟ فقال : لا ، لست أتخوّف عليك النسيان والجهل)([153]) .



هذا هو مجمل القول عن اللقاءات المنتظمة بين النبيّ والوصيّ .



2 ـ لقاءات تعليمية غير منتظمة :



أوردنا فيما سبق أخبار اللقاءات المنتظمة استناداً إلى مصادر الفريقين .
وأمّا ما يتعلق باللقاءات غير المنتظمة فقد جاء ـ أيضاً ـ في مصادر مدرسة
الخلفاء كالآتي :



روى الترمذيّ عن جابر بن عبد الله الأنصاري([154]) وقال :



«دعا رسول الله عليّاً يوم الطائف فانتجاه فقال الناس : لقد طال نجواه مع
ابن عمّه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما انتجيته ولكنّ
الله انتجاه» .



ويضيف الترمذي في توضيح الرواية قائلاً : أنّ «نجوى الله» هو بمعنى انّ
الله أمر نبيّه ليناجي عليّاً([155]) .



فما هي المسألة التي ناجى بها النبي بأمر الله تعالى علياً في غزوة الطائف
؟ هل النجوى كانت تتعلق بمسائل الحرب ؟ مع العلم أنّ النبيّ كان يشاور
الجميع في أمور الغزوات ولم يخصّص أحداً من بينهم للمشورة كما رأينا ذلك من
سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة بدر وأحد والخندق .



فلا بدّ من القول بأنّ هذا اللقاء واللقاءات الأخرى من هذا القبيل([156])كانت على نسق اللقاءات المنتظمة اليوميّة
بعينها . كما انّ من الممكن أن يكون هذا اللقاء من النمط الذي أشار إليه
زيد بن عليّ بن الحسين وهو انّ النبيّ حينما كان يفارق عليّاً (عليه
السلام) ويغيب عنه لفترة معيّنة ، يملي على عليّ ما نزل عليه من الوحي في
تلك الفترة في أوّل لقاء بينه وبين الإمام ولذلك كان يناجيه ويطيل معه
النجوى ، سواءً المنتظمة أو غير المنتظمة منها .



النبيّ يأمر وصيّه الأوّل أن يدوّن العلم للأوصياء
من بعده :



في أمالي الشيخ الطوسي وبصائر الدرجات وينابيع المودّة واللفظ للأوّل : عن
أحمد بن محمّد بن عليّ الباقر ، عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ : «اكتب ما أملي عليك» .



قال : يا نبيّ الله ! أتخاف عليَّ النسيان ؟



قال : «لست أخاف عليك النسيان ، وقد دعوت الله لك أن يحفّظك ولا ينسيك
ولكن اكتب لشركائك» .



قال : قلت : ومَنْ شركائي يا نبيّ الله ؟ .



قال : «الأئمّة من ولدك بهم تسقى أمّتي الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم وبهم
يصرف الله عنهم البلاء وبهم تنزل الرحمة من السماء» وأومأ إلى الحسن ، وقال
: «هذا أوّلهم» وأومأ إلى الحسين (عليه السلام) وقال : «الائمّة من ولده»([157]) .



نوعان من التبليغ :



ينقسم الوحي الإلهي على نبيّه إلى قسمين :



القسم الأوّل : الوحي بالأحكام الإلهيّة التي يجب
إبلاغها إلى الناس في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك لتوفّر
الشروط المقتضية لذلك في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بتبليغ هذا
القسم من الأحكام إلى الناس .



القسم الثاني : الأحكام التي لم يكن وقت العمل بها
إلاّ بعد عصر النبيّ ، وقد علّم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً
(عليه السلام) هذا القسم من الأحكام ولم يعلّمها غيره ، وكان عليّ (عليه
السلام) يكتب ما يملي عليه النبيّ من الأحكام ويفرز الطائفة الأولى عن
الثانية منها .



واستمرّت هذه اللقاءات إلى أن حان وقت فراق الحبيبين النبيّ والوصيّ وفي
الساعات الأخيرة من حياة النبيّ وفي لقائه الخاصّ والهامّ مع الإمام بلّغه
النبيّ التعاليم الإلهيّة الأخيرة كالآتي بيانه :



اللقاء التعليميّ الأخير :



قال عبدالله بن عمرو : انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في
مرضه : «اُدعوا لي أخي ، فدعي له أبو بكر فأعرض عنه ، ثمّ قال : ادعوا لي
أخي ، فدعي له عمر فأعرض عنه ، ثمّ قال : ادعوا لي أخي ، فدعوا له عثمان
فأعرض عنه ، ثمّ قال : اُدعوا لي أخي ، فدعي له عليّ بن أبي طالب ، فستره
بثوب ، وأكبّ عليه : فلّما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علّمني ألف
باب يفتح من كلّ باب ألف باب»([158]) .



وروت أمّ سلمة الحادث كما يلي ، قالت : والذي أحلف به أن كان عليّ ابن أبي
طالب لأقرب الناس عهداً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عدنا رسول
الله غداة يقول : جاء عليّ ؟ مراراً ـ وأظنّه كان بعثه في حاجة ـ قالت :
فجاء بعد ، فظننت أنّ له إليه حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب فكنت
من أدناهم إلى الباب ، فأكبّ عليه رسول الله وجعل يسارّه ويناجيه ، ثمّ قبض
رسول الله من يومه ذلك فكان عليّ أقرب الناس إليه عهداً .



قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد([159]) .



وأخيراً نرجع إلى ما رواه عمر ابن الإمام علي (عليه السلام) عن علي (عليه
السلام) في هذا الصدد : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه :
اُدعوا لي أخي ، قال : فدعي له عليّ ، فقال : ادن منِّي ، فدنوت منه فاستند
إليَّ فلم يزل مستنداً إليَّ وانّه ليكلّمني حتّى انّ بعض ريق النبيّ (صلى
الله عليه وآله وسلم) ليصيبني ثمّ نزل برسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) وثقل في حجري فصحت : يا عبّاس ! أدركني فإنِّي هالك ! فجاء العبّاس
فكان جهدهما جميعاً أن أضجعاه([160]) .



من مجموع ما قدّمناه ثبت أنّ النبيّ علّم علياً (عليه السلام) العلوم
والمعارف الإسلاميّة كلّها وأملاها عليه ، ودوّنها علي (عليه السلام) في
كتاب عنده ليبقى وثيقة مكتوبة عن الاسلام عند الأئمّة من ولده (عليهم
السلام) .



ب ـ أن يقوم الأوصياء بعد رحيل النبيّ (صلى الله
عليه وآله وسلم) بنشر الشريعة وإبلاغها للناس :



وقد قاموا بذلك كالآتي بيانه :



في الكافي وبصائر الدرجات واللفظ للأوّل ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على
أبي عبدالله فقلت له : جعلت فداك ، إنِّي أسألك عن مسألة هاهنا أحد يسمع
كلامي ؟ قال : فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) ستراً بينه وبين بيت آخر
فاطّلع فيه ثمّ قال : يا أبا محمّد ! سل عمّا بدا لك . قال : قلت : جعلت
فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول الله علّم عليّاً (عليه السلام) باباً
يفتح منه ألف باب ـ إلى قوله ـ : قال : يا أبا محمّد ! إنّ عندنا الجامعة ،
وما يدريهم ما الجامعة ، قال : قلت جعلت فداك وما الجامعة ؟ قال : صحيفة
طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله وأملاه من فلق فيه وخطّ عليّ بيمينه
فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج إليه الناس حتّى الأرش في الخدش وضرب
بيده إليَّ ، فقال : تأذن لي يا أبا محمّد ! قال : قلت : جعلت فداك إنّما
أنا لك فاصنع ما شئت ، قال : فغمزني بيده وقال : حتّى أرش هذه ـ كأ نّه
مغضب ـ قال : قلت : هذا والله العلم ... الحديث([161]) .



وعن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله يقول : إنّ عندنا لصحيفة يقال
لها الجامعة ما من حلال وما من حرام إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([162]) .



وفي رواية : إنّ عندنا لصحيفة سبعين ذراعاً إملاء رسول الله وخطّ عليّ
بيده ما من حلال ولا حرام إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([163]) .



وعن عليّ بن رئاب عن أبي عبد الله انّه سئل عن الجامعة ، فقال : تلك صحيفة
سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كلّ ما يحتاج الناس إليه
وليس قضيّة إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([164]) .



وفي بصائر الدرجات أيضاً عن أبي بصير عن أبي عبد الله ـ الإمام الصادق ـ
قال : سمعته يقول وذكر ابن شبرمة في فتياه فقال : أين هو من الجامعة ؟
إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خط عليّ بيده فيها جميع الحلال
والحرام حتّى أرش الخدش فيها([165]) .



وفي الكافي وبصائر الدرجات ، عن أبي شيبة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه
السلام) يقول : ضلّ علم ابن شبرمة عند الجامعة ، إملاء رسول الله وخطّ عليّ
(عليه السلام) بيده ، إنّ الجامعة لم تدع لأحد كلاماً ، فيها علم الحلال
والحرام ، إنّ أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا إلاّ بعداً ،
إنّ دين الله لا يصاب بالقياس ! ([166])



هكذا كان أئمة أهل البيت يتبرّأون من القول بالرأي ، ويستندون في أقوالهم
إلى ما رووه عن رسول الله عن جبريل عن الباري عزّ اسمه .



وابن شبرمة هو عبدالله بن شبرمة الضبيّ الشاعر الكوفي . كان قاضياً لأبي
جعفر المنصور على سواد الكوفة (ت 144هـ )([167]) .



كيف تداول أئمة أهل البيت (عليهم السلام)



كتب العلم ؟



أ ـ الأئمة علي والحسنان والسجّاد والباقر (عليهم
السلام) :



في بصائر الدرجات : عن معلّى بن خنيس عن أبي عبدالله ـ الإمام الصادق
(عليه السلام) ـ قال : إنّ الكتب كانت عند عليّ (عليه السلام) فلمّا سار
إلى العراق استودع الكتب اُمّ سلمة فلمّا مضى عليّ كانت عند الحسن ، فلمّا
مضى الحسن كانت عند الحسين ، فلمّا مضى الحسين كانت عند عليّ بن الحسين ،
ثمّ كانت عند أبي ـ الإمام الباقر ـ ([168]) .



وفي بصائر الدرجات ثلاث روايات أخرى إثنتان منها عن اُمّ سلمة قالت : إنّ
رسول الله استودعها كتاباً فسلّمته الإمام عليّاً بعد رسول الله ، وثالثة
عن ابن عبّاس أيضاً بالمعنى نفسه([169]) .



الكافي عن سليم بن قيس ، قال : شهدت وصيّة أمير المؤمنين حين أوصى إلى
ابنه الحسن (عليه السلام) وأشهد على وصيّته الحسين ومحمّداً وجميع ولده
ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن: يا
بُنيَّ ! أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن اُوصي إليك وأن
أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليَّ رسول الله ودفع إليَّ كتبه وسلاحه ،
وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين ، ثمّ أقبل على
ابنه الحسين ، فقال له : وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن
تدفعها إلى ابنك هذا ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين ، وقال لعليّ بن الحسين :
وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن
علي وأقرئه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنِّي السلام([170]).



قال المؤلّف : ما سلّمه الإمام هنا إلى ابنه الحسن كتاب واحد وهو غير
الكتب التي أودعها عند اُمّ المؤمنين اُمّ سلمة بالمدينة عند هجرته من
المدينة ، والتّي تسلّمها الإمام الحسن منها عند عودته إلى المدينة .



ب ـ الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) :



في غيبة الشيخ الطوسي ، ومناقب ابن شهرآشوب ، والبحار : عن الفضيل قال :
قال لي أبو جعفر ـ الإمام الباقر (عليه السلام) ـ : لمّا توجّه الحسين
(عليه السلام) إلى العراق ، دفع إلى اُمّ سلمة زوج النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) الوصيّة والكتب وغير ذلك ، وقال لها : إذا أتاك أكبر ولدي
فادفعي إليه ما دفعت إليك ، فلمّا قتل الحسين (عليه السلام) أتى عليّ بن
الحسين اُمّ سلمة فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسين (عليه السلام) ([171]) .



وفي الكافي وإعلام الورى ، ومناقب ابن شهرآشوب ، والبحار واللفظ للأوّل ،
عن أبي بكر الحضرميّ عن أبي عبدالله ـ الإمام الصادق (عليه السلام) ـ قال :
إنّ الحسين (عليه السلام) لمّا سار إلى العراق استودع اُمّ سلمة (رض) الكتب
والوصيّة ، فلمّا رجع عليّ بن الحسين (عليه السلام) دفعتها إليه([172]) .



وكان ذلك غير الوصية التي كتبها في كربلاء ودفعها مع بقيّة مواريث الإمامة
إلى ابنته فاطمة فدفعتها إلى عليّ بن الحسين وكان يومذاك مريضاً لا يرون أ
نّه يبقى بعده([173]) .



ج ـ الإمام محمد الباقر (عليه السلام) :



في الكافي وإعلام الورى وبصائر الدرجات والبحار واللفظ للأوّل : عن عيسى
بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه قال : إلتفت عليّ بن الحسين إلى ولده وهو
في الموت وهم مجتمعون عنده ، ثمّ التفت إلى محمّد بن عليّ ابنه ، فقال : يا
محمّد ! هذا الصندوق ، فاذهب به إلى بيتك ، ثمّ قال ـ أي علي بن الحسين ـ
أمّا إنّه ليس فيه دينار ولا درهم ولكنّه كان مملوءاً علماً([174]) .



وفي بصائر الدرجات والبحار : عن عيسى بن عبدالله بن عمر ، عن جعفر بن
محمّد ـ الإمام الصادق (عليه السلام) ـ قال : لمّا حضر عليّ بن الحسين
الموت قبل ذلك أخرج السفط أو الصندوق عنده فقال : يا محمّد ! احمل هذا
الصندوق ، قال : فحمل بين أربعة رجال فلمّا توفّي جاء إخوته يدّعون في
الصندوق ، فقالوا : أعطنا نصيبنا من الصندوق ، فقال : والله ما لكم فيه شيء
، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليَّ ، وكان في الصندوق سلاح رسول الله
وكتبه([175]) .



د ـ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) :



في بصائر الدرجات عن زرارة عن أبي عبد الله قال : ما مضى أبو جعفر حتّى
صارت الكتب إليَّ ([176]) .



وفيه ـ أيضاً ـ عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله يقول : ما مات أبو
جعفر حتى قبض ـ أي أبو عبدالله ـ مصحف فاطمة([177]) .



وفيه ـ أيضاً ـ عن عنبسة العابد قال : كنّا عند الحسين ابن عمّ جعفر بن
محمّد وجاءه محمّد بن عمران فسأله كتاب أرض فقال : حتّى آخذ ذلك من أبي
عبدالله (عليه السلام) . قال : قلت له : وما شأن ذلك عند أبي عبدالله (عليه
السلام) ؟ قال : إنّها وقعت عند الحسن ثمّ عند الحسين ثمّ عند عليّ بن
الحسين ثمّ عند أبي جعفر (عليه السلام) ثمّ عند جعفر فكتبناه من عنده([178]) .



في الكافي وبصائر الدرجات: عن حمران عن أبي جعفر (عليه السلام) قال :
سألته عمّا يتحدّث الناس أ نّه دفعت إلى اُمّ سلمة صحيفة مختومة فقال : إنّ
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا قبض ورث عليّ (عليه السلام) علمه
وسلاحه وما هناك ، ثمّ صار إلى الحسن (عليه السلام) ، ثمّ صار إلى الحسين
(عليه السلام) ، فلمّا خشينا أن نغشى استودعها اُمّ سلمة ، ثمّ قبضها بعد
ذلك عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال : فقلت : نعم ، ثمّ صار إلى أبيك ،
ثمّ انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك ؟ قال : نعم([179]) .



عن عمر بن أبان : قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عمّا يتحدّث
النّاس أ نّه دفع إلى اُمّ سلمة صحيفة مختومة فقال : إنّ رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) لمّا قبض ورث عليّ (عليه السلام) علمه وسلاحه وما
هناك ثمّ صار إلى الحسن ثمّ صار إلى الحسين (عليه السلام) قال : قلت : ثمّ
صار إلى عليّ بن الحسين ، ثمّ صار إلى ابنه ، ثمّ انتهى إليك ، فقال : نعم([180]) .



هـ ـ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) :



في غيبة النعماني والبحار عن حمّاد الصائغ قال : سمعت المفضّل بن عمر يسأل
أبا عبدالله ـ الإمام الصادق ـ إلى قول حمّاد : ثمّ طلع أبو الحسن موسى ـ
الإمام الكاظم ـ فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : يسرّك أن تنظر إلى
صاحب كتاب عليّ ؟ فقال المفضّل : وأيّ شيء أعظم من ذلك ؟ فقال : هو هذا
صاحب كتاب عليّ ... الحديث([181]) .



و ـ الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) :



عن عليّ بن يقطين قال : قال لي أبو الحسن : يا عليّ ! هذا أفقه ولدي وقد
نحلته كتبي وأشار بيده إلى ابنه عليّ .



وفي رواية : سمعته يقول : إنّ ابني عليّاً سيِّد ولدي وقد نحلته كتبي([182]) .



وفي الكافي وإرشاد الشيخ المفيد ، وغيبة الشيخ الطوسيّ والبحار : عن نعيم
القابوسي ، عن أبي الحسن موسى ـ الإمام الكاظم (عليه السلام) ـ قال : ابني
علي أكبر ولدي وأبرّهم عندي وأحبّهم إليَّ ، هو ينظر معي في الجفر ولم ينظر
فيه إلاّ نبيّ أو وصيّ([183]) .



وفي رجال الكشي والبحار عن نصر بن قابوس قال : إنّه كان في دار الإمام
الكاظم فأراه ابنه الإمام الرضا وهو ينظر في الجفر ، فقال : هذا ابني عليّ
، والذي ينظر فيه الجفر([184]) .



هكذا توارثوا الكتب كابراً عن كابر ، وكانوا يرجعون إليها جيلا بعد جيل
يستخرجون منها العلوم والأحكام كما يتّضح ذلك من الأحاديث الآتية :



رجوع الأئمة إلى كتاب عليّ الجامعة :



إنّ أوّل مَنْ وجدنا يروي عن كتاب عليّ مباشرة الإمام عليّ بن الحسين ،
كما في الكافي ومَنْ لا يحضره الفقيه والتهذيب ومعاني الأخبار والوسائل ،
واللفظ للأوّل : عن أبان أنّ عليّ بن الحسين سئل عن رجل أوصى بشيء من ماله
، فقال :



«الشيء في كتاب عليّ (عليه السلام) واحد من ستّة»([185]) .



وروى من بعده الإمام الباقر عنه كما : في الخصال وعقاب الأعمال والوسائل
عن أبي جعفر ـ الإمام الباقر ـ قال : في كتاب عليّ : ثلاث خصال ، لا يموت
صاحبهنّ أبداً حتّى يرى وبالهنّ : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة
يبارز الله بها([186]) .



وروى الإمام أبو عبدالله الصادق عن كتاب عليّ في بيان ثبوت الشهر برؤية
الهلال([187]) .



ذكرنا الأحاديث التي رواها الأئمة من كتاب الإمام عليّ وأسندوها إليه ،
غير متوخّين الاستقصاء في ذلك ، وإنّما أوردناها كأمثلة لما نحن بصدده ،
وفي ما يلي نورد أحاديث أصحاب الأئمة الّذين شاهدوا كتاب الإمام عليّ ،
وفيها أحاديث من قرأ الكتاب ووصفه .



بغير المواضيع المذكورة هناك تسعة وثلاثون مورداً من روايات الإمامين
الباقر والصادق (عليهما السلام) من كتاب الإمام علي (عليه السلام) ([188]) ولم يكن الإمامان هما اللّذان نقلا
الحديث من كتاب الإمام عليّ فحسب وإنّما هناك مجموعة من الصحابة مثل محمّد
بن مسـلم([189]) وعمر بن أذينة([190]) وأبي بصير ، وابن بكير([191]) وعبدالملك بن أعين([192]) ومتعب([193]) ـ راجع معالم المدرستين([194]) ـ .



تسلسل إسناد روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام)



إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)



روى عذافر الصيرفي ، قال : كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر (عليه
السلام) فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر له مكرماً ، فاختلفا في شيء ، فقال أبو
جعفر (عليه السلام) : يا بُنيَّ ! قم فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً ففتحه
وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة فقال أبو جعفر (عليه السلام) : هذا خطّ عليّ
وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأقبل على الحكم وقال : يا
أبا محمّد ! إذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالا فوالله لا
تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل([195]) .



ولهذا قال لحفص بن البختري لما قال : نسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه
أو من أبيك ، فقال : ما سمعته منِّي فاروه عن أبي وما سمعته منِّي فاروه عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ([196]) ، ولنعم ما قال الشاعر :





  • ووال أناساً قولهم وحديثهم
    روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري



  • روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري
    روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري





ولهذا قال كما رواه هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيرهما : حديثي حديث
أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث
الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) قول الله عزّ وجلّ([197]) .



ولهذا قال أبو جعفر ـ الإمام الباقر (عليه السلام) ـ لجابر ، لمّا قال له
: إذا حدّثتني بحديث فأسنده لي ، فقال : حدّثني أبي عن جدّي رسول الله ، عن
جبرائيل ، عن الله عزّ وجلّ ، وكلّ ما اُحدِّثك بهذا الإسناد ... الحديث([198]) .



إلى هنا شخّصنا كيف قام الأئمة عملياً في توجيه الأمّة الاسلاميّة وكيف
كانوا ورثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حمل العلوم والمعارف
الاسلاميّة والتي كتبها الإمام علي (عليه السلام) بخـطّه وإملاء رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) ودوّنهـا في كتاب اسمه الجامعة .



/ 4