المصنّفات الأربعة - رسائل الشهید الثانی جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رسائل الشهید الثانی - جلد 1

زی‍ن‌ال‍دی‍ن ب‍ن‌ ع‍ل‍ی‌ ال‍ع‍ام‍ل‍ی‌ ال‍م‍ش‍ه‍ور ب‍ال‍ش‍ه‍ی‍د ال‍ث‍ان‍ی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





المصنّفات الأربعة

1) كشف الريبة عن أحكام الغيبة حقّقه الشيخ غلامحسين القيصري.





2) مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأُولاد. حقّقه الشيخ عبّاس المحمّدي.





3) التنبيهات العليّة على وظائف الصلاة القلبية. حقّقه الشيخ عبّاس المحمّدي.





4) حقيقة الإيمان. حقّقه الشيخ محمّد الحسّون.





وساعد المحقّقون في تحقيق هذه المصنّفات الأربعة ومراجعتها وتخريجها ومقابلتها وإعداد الفهارس، الإخوة الفضلاء: الأستاد أسعد الطيّب، الشيخ علي أوسط الناطقي، السيّد حسين بني هاشمي، الشيخ محسن النوروزي، لطيف فرادي، إسماعيل بيك المندلاوي، حسان فرادي، السيّد خليل العابديني، الشيخ رحمة الله كريم زاده و رمضان علي القرباني.





وأدرجناها في مجلّد واحد لتقارب موضوعها وتسهيل تناولها وما إلى ذلك وأدرجنا رقماً مسلسلاً لها في أعلى الصفحات، ورقماً مستقلّاً لكلّ مصنّفٍ في أسفل الصفحات. وعملنا الفهارس الفنيّة لهذه المصنّفات في آخر المجلّد.





وهذا المجلّد هو واحد من سلسلة مصنّفات ومؤلّفات الشهيد الثاني قدس سره.





وقد قلنا فيما سبق إنّ قسم إحياء التراث الإسلامي في مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة - باقتراح الشيخ رضا المختاري وإرشاداته - تصدّى لإحياء و نشر آثار الشهيد الثاني ما عدا مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام والروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة وحاشية الروضة البهيّة، وسَتُنْشر قريباً باقي آثاره بإذن الله تعالى.





وفي الختام نحمد الله تعالى لتوفيقه إيّانا ونشكر جميع من ساعدنا في ذلك وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.





قسم إحياء التراث الإسلامي مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة 10 ذي الحجّة 1379/12/16 = 1421ش المصنّفات الأربعة 1) كشف الريبة 2) مسكّن الفؤاد 3) التنبيهات العليّة 4) حقيقة الإيمان للشيخ زين الدين بن علي العاملي المشهور بالشهيد الثاني مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة قسم إحياء التراث الإسلامي





( 1 )كشف الريبة عن أحكام الغيبة
تحقيق غلامحسين القيصري في مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة





المصنّفات الأربعة

المصنّف الأوّل: كشف الريبة




مقدّمة التحقيق








مقدّمة التحقيق المؤلّف في سطور ولد العالم الجليل والفقيه النبيل الشيخ زين الدين بن عليّ بن أحمد العاملي الشامي المعروف بالشهيد الثاني )قدّس الله نفسه الزكيّة( في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر شوّال سنة 911، واستشهد مقتولاً في شهر رجب سنة 965.





قال الشيخ يوسف البحراني في كيفيّة شهادته ومقتله: وجدت في بعض الكتب المعتمدة في حكاية قتله )رحمه الله تعالى( ما صورته: قبض





« على»





شيخنا الشهيد الثاني )طاب ثراه( بمكّة المشرّفة في خامس شهر ربيع الأوّل سنة خمس وستّين وتسعمائة، كان القبض عليه بالمسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر وأخرجوه إلى بعض دور مكّة، وبقي محبوساً هناك شهراً وعشرة أيّام، ثمّ ساروا به على طريق البحر إلى قسطنطنية وقتلوه بها في تلك السنة، وبقي مطروحاً ثلاثة أيّام، ثمّ ألقوا جسده الشريف في البحر. قدّس الله روحه كما شرّف خاتمته(1).





تتلمذ الشهيدرحمه الله على والده عليّ بن أحمد والشيخ عليّ بن عبدالعالي الميسي والمحقّق الفيلسوف شمس الدين محمّد بن مكّي وغيرهم من علماء عصره من الخاصّة والعامّة.





وتتلمذ عليه جمع من العلماء منهم الشيخ عزّالدين حسين بن عبدالصمد والد الشيخ البهائي، والسيّد علي العاملي والد صاحب المدارك، وبهاءالدين محمّد بن عليّ بن الحسن العودي الجزّيني وهو من خواصّ تلاميذه.





وللشهيد الثاني تأليفات قيّمة في موضوعات مختلفة تكشف عن تبحّره في علوم مختلفة. قام مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة بتحقيق و إحياء آثاره إلّا الروضة البهيّة وحاشيتها ومسالك الأفهام، وطبع حتّى الآن أكثرها.





ومن أراد المزيد في ترجمة الشهيد الثاني قدس سره ليراجع مقدّمة التحقيق لغاية المراد 319 - 295 : 1؛ ومنية المريد: 77 - 9؛ وروضات الجنّات 383 :3؛ ولؤلؤةالبحرين: 36 - 28؛ وبغية المريد في الكشف عن أحوال الشيخ زين الدين الشهيد المطبوع ضمن الدرّ المنثور 198 - 149 :2.





الكتاب الذي بين يديك هو من أهمّ الكتب في موضوعه، وحيد في نوعه، كان مرجعاً للفقهاء والمحدّثين وغيرهم واعتمدوا عليه. وهو من أهمّ مصادر العلّامة المجلسي في بحار الأنوار، ج72، كتاب العشرة، باب الغيبة، والشيخ العلّامة الأنصاري في المكاسب المحرّمة.





طبعات الكتاب 1 - طبع في عام 1305 طبعة حجريّة بطهران بمعيّة كشف الفوائد وتفسير سورة الأعلى لملّا صدرا.





2 - طبع في عام 1312 طبعة حجريّة بطهران.





3 - طبع في عام 1313 طبعة حجريّة بطهران ضمن مجموعة الإفادات.





4 - طبع في عام 1320 طبعة حجريّة بطهران بمعيّة محاسبة النفس.





5 - طبع في عام 1382 طبعة حجريّة بالنجف الأشرف(2).





6 و7 - سيأتي التعريف بها في بيان ما اعتمدنا عليه في تحقيق الكتاب.





عملنا في الكتاب الأوّل: اعتمدنا في تحقيق الكتاب على ثلاث نسخ: أ: مخطوطة مكتبة النصيري الخاصّة. وهي بخطّ المؤلّف الشهيد)قدّس الله نفسه الزكيّة( وهذه هي نسخة الأصل في تحقيق الكتاب.





جاء في آخرها: أفردها من مواضع متعدّدة، وأماكن متبدّدة العبد الفقير إلى الله تعالى زين الدين بن عليّ بن أحمد بن تقيّ الدين صالح بن مشرف العاملي )تجاوز الله تعالى عن سيّئاته، ووفّقه لمرضاته( وفرغ من تسويدها يوم الخميس ثالث عشرين شهر صفر ختم بالخير سنة تسع وأربعين وتسعمائة من الهجرة الطاهرة، حامداً مصلّياً مسلّماً. وفرغ من هذه النسخة 10 ربيع الأوّل سنة 948.





ب: مخطوطة مكتبة النصيري الخاصّة أيضاً.





جاء في آخرها: قد فرغ من تسويدها يوم الخميس السادس من شهر شوّال سنة ألف وثمان على يد أقلّ عباد الله وأحوجهم إلى رحمة ربّه الغنيّ محمّد بن فتح الله بن المصطفى)عفي عنهما( بقرية آشتيان من قرى دار السلطنة قزوين.





ج: النسخة المطبوعة ضمن مجموعة تحتوي على عشر رسائل من رسائل الشهيد الثاني. طبعت على الحجر، من منشورات مكتبة بصيرتي.





واستفدنا أيضاً من النسخة المطبوعة بتحقيق السيّد علي الخراساني الكاظمي، الطبعة الثانية، بيروت، دار الأضواء، 1408 وفيها أخطاء نشير إلى بعضها: 1. كشف الريبة: 47: «ويترشّح للرصاصة«. والصحيح: «ويترشّح للرياسة«.





2. كشف الريبة: 50: «بآكل لحم أخيه«. والصحيح: «بآكل لحم الميتة«.





3. كشف الريبة: 68: «ولا يلوث«. والصحيح: «ولا يلوثنّ«.





4. كشف الريبة: 88 أسقط كلاماً وهو: «ومنها أن يعدَ كلّ واحد منهما بأن ينصره ويساعده«.





وغير ذلك من الأخطاء الموجودة في هذه الطبعة.





الثاني: بذلنا وسعنا لتخريج الأحاديث والروايات والآراء من مصادرها الأصليّة والإرجاع إليها. ثمّ إن لم نجد المصدر الأصلي أو لم يكن موجوداً أرجعناه إلى المصادر التي نقلت عنه مع رعاية تقدّمه على الشهيد الثاني.





نسأل الله أن يوفّقنا لطاعته والبعد عن المعاصي خصوصاً الغيبة والحسد والنميمة.





وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.





قم المقدّسة - غلامحسين القيصري 11 ذي القعدة 1379/11/17 = 1421 كشف الريبة المقدّمة في الترهيب من الغيبة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي طهّر ألسنة أوليائه عن اللغو والغيبة والنميمة، وزكّى نفوسهم عن الأخلاق الدنيئة والشِيَم(3) الذميمة، والصلاة على نبيّه محمّد المصطفى المبعوث بالشريعة الحنيفة(4) والملّة القويمة، وعلى عترته الطاهرة التي هي على منهاجه مقيمة، وبسنّته عليمة، وعن رذائل الأخلاق معصومة، وبمكارمها موسومة.





وبعد، فلمّا رأيت أكثر أهل هذا العصر ممّن يتّسم(5) بالعلم، ويتّصف بالفضل، وينسب إلى العدالة، ويترشّح للرئاسة، يحافظون على أداء الصلوات، والدؤوب(6) في الصيام وكثير من العبادات والقُربات، ويجتنبون جملةً من المحرّمات كالزنا وشرب الخمر ونحوهما من القبائح الظاهرات. ثمّ هم - مع ذلك - يصرفون كثيراً من أوقاتهم، ويتفكّهون في مجالسهم ومحاوراتهم، ويغذون نفوسهم بتناول أعراض إخوانهم من المؤمنين، ونُظرائهم من المسلمين، ولا يعدّونه من السيّئات، ولا يحذرون معه من مؤاخذة جبّار السماوات.





والسبب المقدم لهم على ذلك دون غيره من المعاصي الواضحات: إمّا الغفلة عن تحريمه وما ورد فيه من الوعيد، والمناقشة في الآيات والروايات، وهذا هو السبب الأقلّ لأهل الغَفَلات. وإمّا لأنّ مثل ذلك من المعاصي لا يخلّ عرفاً بمراتبهم ومنازلهم من الرئاسات؛ لخفاء هذا النوع من المنكر على من يرومون المنزلة عنده من أهل الجهالات. ولو وسوس إليهم الشيطان أن اشربوا الخمر وازنوا بالمحصنات ما أطاعوه؛ لظهور فُحشه عند العامّة، وسقوط محلِّهم به لديهم، بل عند متعاطي الرذائل الفاضحات.





ولو راجعوا عقولهم، واستضاؤوا بأنوار بصائرهم لوجدوا بين المعصيتين فرقاً بعيداً وتفاوتاً شديداً، بل لا نسبة بين المعاصي المستلزمة للإخلال بحقّ اللَّه سبحانه على الخصوص، وبين ما يتعلّق مع ذلك بحقّ العبيد خصوصاً أعراضَهم، فإنّها أجلّ من أموالهم وأشرف. ومتى شرف الشي ء عظم الذنبُ في انتهاكه، مع ما يستلزمه من الفساد الكلّي، كما ستقف عليه إن شاء اللَّه.





أحببتُ(7) أن أضع في هذه الرسالة جملة من الكلام على الغيبة، وما ورد فيها من النهي في الكتاب والسنّة والأثر، ودلالة العقل عليه. وسمّيتها كشف الريبة عن أحكام الغيبة . وأتبعتها بما يليق بها من النميمة، وبعض أحكام الحسد. وختمتها بالحثّ على التواصل والتحابب والمراحمة. ورتّبتها على مقدِّمةٍ وفصولٍ وخاتمةٍ: أمّا المقَدِّمة ففي تعريفها وجملةٍ من الترهيب منها فنقول: «الغِيبة« - بكسر الغين المعجمة، وسكون الياء المثّناة التحتانيّة، وفتح الباء الموحّدة - اسم لقولك: «اغتاب فلان فلاناً«، إذا أوقع فيه في غيبته، والمصدر: «الاغتياب«، يقال: «اغتابه اغتياباً«، والاسم: «الغيبة«(8).





هذا بحسب المعنى اللغوي، وأمّا بحسب الاصطلاح فلها تعريفان: أحدهما: المشهور، وهو: ذكر الإِنسان حال غيبته بما يكره نسبته إليه ممّا يعدّ نقصاناً في العرف بقصد الانتقاص والذمّ.





واحترز بالقيد الأخير - وهو قصد الانتقاص - عن ذكر العيب للطبيب مثلاً، أو لاستدعاء الرحمة من السلطان في حقّ الزَمِن والأعمى مثلاً بذكر نقصانهما. ويمكن الغناء عنه بقيد كراهية نسبته إليه.





والثاني: التنبيه على ما يكره نسبته إليه. إلى آخره، وهو أعمّ من الأوّل؛ لشمول مورده اللسان والإِشارة والحكاية وغيرها، وهو أولى؛ لما سيأتي من عدم قصر الغِيبة على اللسان.





وقد جاء على المشهور، قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تدرون ما الغيبة؟ فقالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّهُ(9).





وذكر عنده صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقالوا: ما أعجزَه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اغتبتم صاحبكم فقالوا: يا رسول اللَّه، قلنا ما فيه، قال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بَهَتُّمُوه(10).





وتحريم الغيبة في الجملة إجماعيّ، بل هي كبيرةٌ موبقةٌ؛ للتصريح بالتوعّد عليها بالخصوص في الكتاب والسنّة، وقد نصّ اللَّه تعالى على ذمّها في كتابه وشبّه صاحبها بآكل لحم الميتة فقال: «وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يأْكُلَ لَحْمَ أَخِيِه مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ«(11).





وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه(12).





والغيبة تناول العِرض. وقد جمع صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين الدم والمال.





وقال: لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، وكونوا عباد اللَّه إخواناً (13).





وعن جابر وأبي سعيد الخدري قالا: قال صلى الله عليه وآله وسلم: إيّاكم والغيبة، فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا، إنّ الرجل قد يزني فيتوب، فيتوب اللَّه عليه، وإنّ صاحب الغيبة لا يغفر له حتّى يغفر له صاحبه(14).





وفي خبر معاذ الطويل المشهور عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أنّ الحفظة تصعد بعمل العبد وله نور كشعاع الشمس، حتّى إذا بلغ السماء الدنيا، والحفظة تستكثر عمله وتزكّيه، فإذا انتهى إلى الباب قال الملك الموكَّل بالباب: اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا صاحب الغيبة، أمرني ربّي أن لا أدع عمل من يغتاب الناس يتجاوزني إلى ربّي(15).





وعن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: مررت ليلة أُسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظافيرهم، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يغتابون الناس، ويقعون في أعراضهم(16).





وقال البراء: خَطَبَنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم حتى أسمع العواتق في بيوتها، فقال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتّبعوا عوراتهم، فإنّه من تتبّع عورة أخيه تتّبع اللَّه عورته، ومن تتّبع اللَّه عورته يفضحه في جوف بيته(17).





وقال سليم بن جابر: أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: علِّمني خيراً ينفعني الله به، قال: لا تحقِّرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تصبّ من دلوك في إناء المستقي، وأن تلقى أخاك بِبِشْرٍ حَسَن، وإذا أدبر فلا تغتابه(18).





وعن أنس قال: خَطَبَنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فذكر الربا وعظّم شأنه، فقال: إنّ الدرهم يصيبه الرجلُ من الربا أعظم عند اللَّه في الخطيئة من ستّ وثلاثين زَنْيَةً يزنيها الرجل، وإنّ أربى الربا عِرضُ الرجل المسلم(19).





وقال جابر: كنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فأتى على قبرين يعذّب صاحبهما، فقال: «إنّهما لا يعذّبان في كبيرة: أمّا أحدهما فكان يغتاب الناس، وأمّا الآخر فكان لا يتنزّه من بوله«. ودعا بجريدةٍ رَطْبَةٍ أو جريدتين فكسرهما، ثمّ أمر بكلّ كسرة فغُرست على قبرٍ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أمّا أنّه سيهوّن من عذابهما ما كانتا رَطْبتين. أو: ما لم ييبسا«(20).





وقال أنس: أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم الناس بصوم يوم وقال: «لا يفطرنّ أحد حتّى آذن له«، فصام الناس حتّى إذا أمسوا جعل الرجل يجي ء فيقول: يا رسول اللَّه ظللت صائماً فأذن لي لأفطر فيأذن له، والرجل والرجل حتّى جاء رجل فقال: يا رسول اللَّه، فتاتان من أهلك ظلّتا صائمتين وإنّهما تستحيان أن تأتياك، فأذن لهما أن تفطرا، فأعرض عنه ، ثمّ عاوده فأعرض عنه، ثمّ عاوده فأعرض عنه، ثمّ عاوده، فقال: «إنّهما لم تصوما، وكيف صام من ظلّ هذا اليوم يأكل لحوم الناس؟! اذهب فمُرهما، إن كانتا صائمتين أن تستقيئا«، فرجع إليهما، فأخبرهما فاستقاءتا، فقاءت كلّ واحدة منهما علقة من دمٍ، فرجع إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والذي نفس محمّدٍ بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار«(21).





وفي رواية: أنّه لمّا أعرض عنه جاءه بعد ذلك وقال: يا رسول، إنّهما والله لقد ماتتا، أو كادتا أن تموتا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ائتوني بهما«، فجاءتا، فدعا بعُسٍّ(22) أو قدح فقال لإحداهما: «قيئي«، فقاءت من قيح ودم صديد حتّى ملأت القدح، وقال للأُخرى: «قيئي«، فقاءت كذلك، فقال: «إنّ هاتين صامتا عمّا أحلّ الله لهما، وأفطرتا على ما حرّم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأُخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس«(23).





وروي مرفوعاً: من أكل لحم أخيه في الدنيا قرّب إليه لحمُه في الآخرة فقيل له: كلْه ميّتاً كما أكلتَه حيّاً، فيأكله ويَضِجُّ ويكلَح(24) و(25).





ولمّا رجم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم الرجل في الزنا، قال رجل لصاحبه: هذا أقعص(26) كما يقعص الكلب، فمرّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم معهما بجيفة، فقال: «انهشا منها«، فقالا: يا رسول اللَّه، ننهش جيفة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه«(27).





وقال الصادق عليه السلام: الغيبة حرام على كلِّ مسلمٍ، وإنّها لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب(28).





وروى الصدوق بإسناده إلى الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى، يسقون من الحميم في الجحيم، ينادون بالويل والثبور، يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء الأربعة يؤذوننا على ما بنا من الأذى؟! فرجل معلّق عليه تابوت من جمر، ورجل تجري أمعاؤه، ورجل يسيل فوه قيحاً ودماً، ورجل يأكل لحمه.





فيقال لصاحب التابوت: مابال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟! فيقول: إنّ الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس، لم يجد لها نفسه أداءاً ولا وفاءاً.





ثمّ يقال للذي تجري أمعاؤه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟! فيقول: إنّ الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول من جسده.





ثمّ يقال للذي يسيل فوه قيحاً ودماً: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟! فيقول: إنّ الأبعد كان يحاكي، ينظر إلى كلّ كلمةٍ خبيثةٍ فيسندها ويحاكي بها.





ثمّ يقال للذي يأكل لحمه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟! فيقول: إنّ الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة، ويمشي بالنّميمة(29).





وبإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من مشى في غيبة أخيه، وكشف عورته كانت أوّل خطوة خطاها وضعها في جهنّم، وكشف الله عورته على رؤوس الخلائق(30).





ومن اغتاب مسلماً بطل صومه، ونقض وضؤوه، فإن مات وهو كذلك مات وهو مستحلّ لما حرّم الله(31).





وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الآكلة في جوفه(32).





قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الجلوس في المسجد انتظاراً للصلاة عبادة ما لم يحدث، قيل: يا رسول اللَّه، وما يحدث؟ قال: الاغتياب(33).





وروى ابن أبي عمير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه، وسمعته أذناه فهو من الذين قال اللَّه عز وجل: «إنَّ الَّذِينَ يُحبِّوُنَ أَنْ تَشِيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنوُا لَهمُ عَذابٌ أَلِيمٌ«(34).





وعن المفضّل بن عمر قال: قال لى أبو عبدالله عليه السلام: من روى على مؤمن رواية يريد بها شَيْنه، وهدم مروّته؛ ليسقط من أعين الناس، أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان(35).





وأوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى بن عمران: أنّ المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنّة، وإن لم يتب فهو أوّل من يدخل النار(36).





و روي: أنّ عيسى عليه السلام مرّ والحواريون على جيفةِ كلبٍ، فقال الحواريون: ما أنتن ريح هذا! فقال عليه السلام: ما أشدّ بياض أسنانه! (37).





/ 54