مُلاحظات المترجم - وصیة الامام خمینی (ره) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وصیة الامام خمینی (ره) - نسخه متنی

روح الله الموسوی الخمینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید











مُلاحظات المترجم



1- حاولنا قدر الإمكان أن نترجم وصية الإمام الراحل رضي الله عنه وأرضاه بدقة متناهية، وسعينا أن لا نترك لفظاً إلاّ وترجمناه، مفضلين بذلك الدقة في ترجمة هذه الوثيقة التاريخية المهمة على جمال العبارة.2- الاختلاف بين اسلوب اللغتين العربية والفارسية دعانا أحياناً إلى إضافة كلمة أو عبارة للتوضيح أو للربط، فوضعناها بين قوسين توخياً للأمانة.




3- هذه الوصية كتبها الإمام الراحل سنة 1404 ه، وبعدها بخمسة أعوام أجرى عليها تعديلاً طفيفاً، وفتحت لأول مرّة في اليوم التالي لوفاته في مجلس الشورى الإسلامي، وهي تشتمل على مقدمة في ست صفحات، تعقبها الوصية في 29 صفحة، ثم أربع ملاحظات في الصفحة 30.




4- الهوامش التوضيحية الموجودة في نهاية الوصية من المترجم.





صحيفة الثورة الإسلامية



مقدمة



بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:




"إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض" (الحديث الشريف منقول بألفاظ مختلفة، لكن الروايات متفقة في المقصود، وقد يكون اختلاف الألفاظ بسبب تأكيد الرسول (ص) في أكثر من موضع على مفهوم الحديث. من ذاك في " حجة الوداع ". روى الترمذي عن جابر قال:




رأيت رسول الله في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصوى يخطب فسمعته يقول:




" يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ". قال الترمذي:




وفي الباب عن سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسد. (الترمذي 13/199 باب مناقب أهل بيت النبي وراجع كنز العمال 1/48). ومن ذاك في " غدير خم ". في صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن الدارمي والبيهقي وغيرهما واللفظ للأول عن زيد بن أرقم قال:




" إن رسول الله قام خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة... ثم قال:




" ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ... وأهل بيتي... " (صحيح مسلم، باب فضائل علي بن أبي طالب، ومسند أحمد 4/366، وسنن الدارمي 2/431 باختصار، وسنن البيهقي 2/148 و 7/30 منه باختلاف يسير في اللفظ. وراجع الطحّاوي في مشكل الآثار 4/368). وفي صحيح الترمذي ومسند أحمد واللفظ للأول:




" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر:




كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (الترمذي 13/201، وأسد الغابة2 /12 في ترجمة الإمام الحسن، الدر المنثور في تفسير آية المودة من سورة الشورى). وفي مستدرك الصحيحين:




" كأني قد دعيت فأجبت، إني تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ... " قال الحاكم:




هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. (مستدرك الصحيحين 3/109). وقد ورد هذا الحديث بألفاظ أخرى في مسند أحمد وحلية الأولياء وغيرهما عن زيد بن ثابت. ( مسند أحمد 4/367 و 371 وفي 5/181، وتاريخ بغداد للخطيب 7/442، وحلية الأولياء 1/355 و 9/ 64، وأسد الغابة 3/147 ومجمع الزوائد للهيثمي 9/163 و 164)). "الحمد لله وسبحانك اللهم صل على محمد وآله مظاهر جمالك وجلالك وخزائن أسرار كتابك الذي تجلّت فيه الأحدية بجميع أسمائك حتى المستأثر منها الذي لا يعلمه غيرك واللعن على ظالميهم أصل الشجرة الخبيثة ". وبعد:




رأيت مناسباً أن أذكر بلمحة قصيرة وقاصرة في باب الثقلين. لا من حيث المقامات الغيبية والمعنوية والعرفانية، فقلم مثل قلمي عاجز عن الجسارة على مرتبة عرفانها ثقيل على كل دائرة الوجود من "المُلك" حتى "الملكوت الأعلى"، ومن هناك حتى "اللاهوت"، وتحمله فوق الطاقة، إن لم أقل انه ممتنع. (وهكذا) كل مالا طريق له إلى فهمي وفهمك، ولا من حيث ما مرّ على البشرية جراء هجران حقائق المقام السامي للثقل الأكبر والثقل الكبير (الثقل الأكبر هو القرآن الكريم، والثقل الكبير أهل بيت رسول الله (ص)). الذي هو أكبر من كل شيء،





عدا الثقل الأكبر فهو أكبر مطلق، ولا من حيث ما مرّ على هذين الثقلين على يد أعداء الله والطاغوتيين المتلاعبين، إذ إحصاء ذلك غير ميسور على مثلي مع قصور الإطلاع والوقت المحدود، بل رأيت مناسباً أن أشير إشارة عابرة وقصيرة جداً إلى ما مرّ على هذين الثقلين.




لعل جملة "لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض" إشارة إلى أن ما مرّ على أحدهما بعد الوجود المقدس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مرَّ على الآخر. وهجران كل واحد منهما، هجران للآخر، حتى يرد هذان المهجوران الحوض على رسول الله. وهل هذا الحوض هو مقام اتصال الكثرة بالوحدة، واضمحلال القطرات في البحر، أو إنه شيء آخر ليس له سبيل إلى العقل البشر وعرفانه؟! لا بد من القول أن ما حلّ من الطواغيت بوديعتي الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- هاتين قد حلّ بالأمة الإسلامية بل بالبشرية بما يعجز القلم عن بيانه. ومن اللازم أن نذكر هذه الحقيقة، وهي أن حديث الثقلين متواتر بين جميع المسلمين، ومنقول بالتواتر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في كتب أهل السنة (ابتداء) من الصحاح الستة وحتى كتبهم الأخرى بألفاظ مختلفة وفي مواقع مكررة. وهذا الحديث الشريف حجة قاطعة على جميع البشر، خاصة المسلمين بمذاهبهم المختلفة. وعلى جميع المسلمين الذين تمّت عليهم الحجّة أن يتحملوا مسؤولية ذلك، وأن كان للجَهَلة الغافلين عذر فليس لعلماء المذاهب (أي عذر). والآن لِنَرَ ما مرّ على كتاب الله، هذه الوديعة الإلهية وتركة نبي .








الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم.المسائل المؤسفة التي يجدر البكاء لها دماً قد بدأت بعد استشهاد الإمام عليّ (ع). الأنانيون والطواغيت جعلوا من القرآن الكريم وسيلة (لإقامة) حكومات معادية للقرآن، ومع أن نداء "إني تارك فيكم الثقلين" كان (يدوّي) في أسماعهم، فقد عمدوا بحجج مختلفة ومؤامرات مدبرة إلى إقصاء المفسرين الحقيقيين للقرآن والمطّلعين على الحقائق والآخذين جميع القرآن من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأبعدوا القرآن عن الساحة، القرآن الذي هو في الحقيقة دستور الحياة المادية والمعنوية للبشرية حتى يرد الحوض، وصادروا حكومة العدل الإلهي التي هي إحدى أهداف هذا الكتاب المقدس، ووضعوا أساس الانحراف عن دين الله وعن الكتاب والسنة الإلهية. وبلغ الأمر درجة يخجل القلم من شرحها. ومهما امتدّ هذا البنيان الأعوج، ازداد الاعوجاج والانحراف، حتى أن القرآن الكريم الذي نزل من مقام الأحدية الشامخ إلى الكشف التام المحمدي(ص) لتكامل العالمين، وليكون نقطة جمع كل المسلمين بل العائلة البشرية، وليوصل البشرية إلى ما ينبغي أن تصل إليه، وليخلّص أبناء من عُلّم الأسماء من شر الشياطين والطواغيت، وليبلغ بالعالم إلى القسط والعدل، وليسلم مقاليد الحكم إلى أولياء الله المعصومين عليهم صلوات الأولين والآخرين، كي يسلمها هؤلاء إلى من فيه صلاح البشرية. (هذا القرآن) أخرجوه من الساحة حتى كأنه قد فقد دوره في الهداية. وبلغ الأمر أن القرآن بيد الحكومات الجائرة ورجال الدين المقنّعين، الأكثر سوءاً من الطواغيت، عاد وسيلة لإقامة الجور والفساد وتبرير(ظلم) الظالمين وأعداء الله تعالى. أصبح القرآن، هذا الكتاب المصيري، مع الأسف، على يد الأعداء





المتآمرين والأصدقاء الجاهلين لا دور له سوى (التلاوة) في المقابر ومجالس الأموات. وبدل أن يكون وسيلة جمع المسلمين والبشرية ونهج حياتهم، أصبح وسيلة تفرقة واختلاف، أو أنه أخرج من الساحة نهائياً، وقد رأينا أنه إذا تفوّه أحد بالحكومة الإسلامية، وتحدث عن السياسة التي تحتل مساحة كبيرة من دور الإسلام والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والقرآن والسنة مشحونان بها، فكأنه ارتكب أكبر معصية. وكلمة رجل الدين السياسي قد أصبحت مساوية لكلمة من لا دين له، ولا تزال الآن كذلك. وأخيراً القوى الشيطانية الكبرى، بواسطة الحكومات المنحرفة الخارجة على تعاليم الإسلام المعلنة ارتباطها بالإسلام كذباً عمدت، من أجل محو القرآن وترسيخ الأهداف الشيطانية للقوى الكبرى، إلى طبع القرآن بخط أنيق، وإرساله إلى الأطراف. وبهذه الحلية الشيطانية يبعدون القرآن عن الساحة. نحن رأينا جميعاً أن محمد رضا بهلوي طبع قرآناً وخدع جماعة، وطفق بعض رجال الدين الجاهلين بالأهداف الإسلامية في مدحه. ونرى أن الملك فهد ينفق سنوياً مبلغاً هائلاً من ثروة الجماهير الطائلة لطبع القرآن الكريم وللدعاية إلى المذهب المعادي له، ولنشر الوهابية هذا المذهب المليء بالخزعبلات والخرافات، ولسوق الشعوب الغافلة نحو القوى الكبرى، ولاستغلال الإسلام العزيز والقرآن الكريم من أجل هدم الإسلام والقرآن. نحن والشعب العزيز الملتزم التزاماً لا حد له بالقرآن والإسلام نفخر بأننا أتباع مذهب يستهدف أن يخلّص حقائق القرآن الداعية





بأجمعها إلى الوحدة بين المسلمين بل البشرية، من المقابر ليقدمه باعتباره أعظم وصفة انقاذ للبشرية من جميع ما يكبل يدها ورجلها وقلبها وعقلها من القيود، ويدفعها نحو الفناء والإبادة والعبودية والخضوع للطواغيت.




نحن نفخر أننا أتباع مذهب مؤسسه رسول الله بأمر من الله تعالى، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، هذا العبد المتحرر من جميع القيود، والمأمور بتحرير البشرية من الاستبعاد وجميع الأغلال. نحن نفخر أن كتاب نهج البلاغة (نهج البلاغة، هو ما جمعه الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي( توفي سنة 406 ه ) من كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام. وشراحه في القديم والحديث يربون على الخمسين، أشهرهم من القدماء:




أبو الحسن البيهقي، والإمام فخر الدين الرازي، والقطب الراوندي، وكمال الدين محمدميثم البحراني، وعز الدين بن أبي الحديد المدائني. ومن المتأخرين من الشراح:




محمد عبده، ومحمد نائل المرصفي، ومحمد جواد مغنية). الذي، هو بعد القرآن، أعظم نهج للحياة المادية والمعنوية، وأسمى تحرير للبشرية، وتعاليمه المعنوية والإدارية أسمى طريق للنجاة، هو من إمامنا المعصوم. نحن نفخر أن الأئمة المعصومين (هم الأئمة الاثنا عشر، وعددهم منصوص في أحاديث رسول الله ( ص ) كما روى عنه ذلك أصحاب الصحاح والمسانيد. روى مسلم عن جابر بن سمرة أنه سمع النبي يقول:




" لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ". ( صحيح مسلم 6/ 3 -4، وورد الحديث مع اختلاف طفيف في اللفظ في صحيح البخاري 4/ 165، وصحيح الترمذي باب ما جاء في الخلفاء من أبواب الفتن، وسنن ابي داود 3/106، ومسند الطيالسي، ح 767 و1278، ومسند أحمد 5/86 -90 و 9 -101 و 106 - 108، وكنز العمال 13 / 26 / - 27، وحلية الأولياء 4 / 333 )). من عليّ بن أبي طالب حتى منجي البشرية الإمام المهدي صاحب الزمان عليه آلاف التحيات والسلام، الذي هو بقدرة الله القادر حيّ ومراقب للأمور، هم ائمتنا. نحن نفخر أن تكون الأدعية الحياتية التي تسمى قرآناً صاعداً هي من أئمتنا المعصومين. نحن نفخر أن تكون منّا المناجات الشعبانية (المناجات الشعبانية، هي المناجات التي روى ابن خالوية أن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام والأئمة من أولاده كانوا يتلونها في شهر شعبان وأولها:




اللهم صل على محمد وآل محمد واسمع دعائي إذا دعوتك...) للأئمة، ودعاء عرفات (دعاء عرفة، هو الدعاء الذي رواه بشر وبشير ابنا غالب الأسدي عن الحسين بن عليّ عليه السلام. ورويا أن الجيش وأهل بيته وقفوا إلى جانب الجبل مستقبلين الكعبة، ثم مد الحسين يده كمسكين يطلب طعاماً ثم تلا.. " الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع... " إلى آخر الدعاء). للحسين بن عليّ عليهما السلام والصحيفة السجادية (الصحيفة السجادية (الكاملة) في الأدعية تحتوي على واحد وستين دعاء من أدعية الامام عليّ بن الحسين بن أبي طالب عليهم السلام. كانت نسخة منها عند زيد الشهيد، ونسخة عند والد صاحب الصحيفة الامام الباقر، ووصلت بأسانيد متعددة لا تقبل الريب. وما لم يرد من أدعية السجاد في الصحيفة الكاملة جمعه الشيخ محمد بن الحسن بن الحر العاملي في الصحيفة السجادية الثانية. واستدرك على الثانية الميرزا عبدالله الأصفهاني، فجمع الصحيفة السجادية الثالثة. وما خلت منه الكاملة وفات على جامعي الثانية والثالثة، جمعه الميرزا حسين النوري في الصحيفة السجادية الرابعة. وجمع العلامة السيد محسن الأمين العاملي الصحيفة السجادية الخامسة). زبور آل محمد، والصحيفة الفاطمية (الصحيفة الفاطمية أو " مصحف فاطمة"، هو ليس بمصحف قرآني، بل تضّمن علوماً أخرى، قيل أنها كانت أمثالاً وحكماً، ومواعظ وعبراً، وأخباراً ونوادر (المراجعات، شرف الدين، ص 327)، وقيل أنه " كتاب تحديث بأسرار العالم كما يعرف ذلك من عدة روايات في أصول الكافي... وفيها قول الصادق... " وما أزعم أن فيه قرآناً " ( مقدمة تفسير آلاء الرحمن، الشيخ البلاغي، مطبوعة في مقدمة تفسير شبر، ص 18 ). وهذه الصحيفة أو المصحف لم يصل إلينا، والروايات تذكر أنه من مصادر علوم أهل البيت عليهم السلام، وأنه من المعارف الالهية التي نزلت في بيت النبوة مما سوى القرآن الكريم). وهي الكتاب الملهم من قبل الله تعالى إلى الزهراء المرضية. نحن نفخر أن يكون منّا باقر العلوم (باقر العلوم، هو الامام محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبى طالب عليه سلام الله ( توفي سنة 114 ه) لقب بالباقر أو باقر العلوم، يكنى أبا جعفر، أو جعفر الأول، الامام الخامس من أئمة أهل البيت، أتيحت له فرصة نشر علوم الإسلام، فأسس مدرسة أهل البيت في الأصول والفروع، وواصل هذه المهمة ابنه الصادق. وعن ابن نعيم في الحلية أنه سأل رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر ما يجيبه. فقال:




اذهب إلى ذلك الغلام فسله وأعلمني بما يجيبك. وأشار إلى الباقر عليه السلام فسأله فأجابه، فأخبر ابن عمر، فقال:




إنهم أهل بيت مفهمون) . الشخصية السامية على مرّ





التاريخ، والذي ما أدركه، ولن يستطيع إدراكه سوى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام. ونفخر أن يكون مذهبنا جعفرياً، (نسبة إلى جعفر بن محمد ( توفي سنة 148 ه)، الامام السادس من أئمة أهل البيت، كنيته أبو عبدالله، ولقبه الصادق، كان أشهر أهل زمانه علماً وفضلاً. قال مالك بن أنس إمام المذهب:




" ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد فضلاً وعلماً وعبادة وورعاً. وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد ". وتخرج على يديه من الفقهاء والعلماء جم غفير). وفقهنا ببحره الزاخر واحداً من آثاره، ونفخر بكل الأئمة المعصومين عليهم صلوات الله وملتزمون بإتباعهم. نحن نفخر أن يكون الأئمة المعصومين عليهم صلوات الله وسلامه عليهم قد عانوا السجن والتشريد على طريق تعالي الدين الإسلامي، وعلى طريق تطبيق القرآن الكريم، وإقامة حكومة العدل الإلهي باعتبارها واحداً من أبعاد (هذا التطبيق). واستشهدوا في النهاية على طريق الإطاحة بالحكومات الجائرة والطاغوتية في زمانهم. ونحن نفخر اليوم بأننا نريد تطبيق أهداف القرآن والسنة، وأن فئات الشعب المختلفة يبذلون بولع شديد على هذا الطريق المصيري الكبير، طريق الله، النفس والمال والأعزّة. نحن نفخر بأن النساء بمختلف الأعمار متواجدات زرافات ووحداناً في الساحات الثقافية والاقتصادية والعسكرية، ويبذلن الجهد جنباً إلى جنب الرجال، أو متقدمات عليهم، على طريق اعتلاء الإسلام وأهداف القرآن الكريم. ومن منهنّ قادرات على الحرب يشاركن في تلقي التدريب العسكري الذي هو من الواجبات المهمة للدفاع عن الإسلام والبلد الإسلامي. وإنهنّ حررن أنفسهن بشجاعة والتزام من الحرمان الذي فرض عليهن، بل على الإسلام والمسلمين نتيجة دسائس الأعداء وجهل الأصدقاء بأحكام الإسلام والقرآن. وتخلصن من قيود الخرافات التي خلقها الأعداء لمصالحهم على يد الجهلة وبعض رجال الدين غير الواعين لمصالح المسلمين.





ومن منهنّ غير قادرة على الحرب، فهي منهمكة في الخدمة خلف الجبهة بشكل رائع يهزّ قلوب الجماهير شوقاً وإعجاباً، ويثير الغضب في قلوب الأعداء والجهلة الأكثر سوءاً من الأعداء. ونحن رأينا مراراً أن نساء كريمات يرفعنّ أصواتهن كزينب (زينب، هي زينب بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام. وتعرف بالعقيلة. أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص). شهدت مع أخيها الحسين بن عليّ واقعة كربلاء، وحملت هي بعده رسالة فضح البيت الأموي. وروي أنها وقفت عند جسد أخيها الحسين الشهيد رافعة صوتها قائلة:




اللهم تقبل منا هذا القربان ! ! خطبت في الكوفة والشام، وزلزلت بنشاطها أركان حكم الظالمين). عليها سلام الله، (ويقلن) انهم قدمن أبناءهن وكل عزيز لديهن على طريق الله تعالى والإسلام العزيز، ويفخرن بذلك، ويعلمن ما كسبن أسمى من جنات النعيم، فما بالك بمتاع دنيوي حقير ! ! وشعبنا، بل الشعوب الإسلامية والمستضعفة في العالم تفخر بأن أعداءها، وهم أعداء الله تعالى والقرآن الكريم والإسلام العزيز، وحوش كاسرة لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة وخيانة لتحقيق أهدافهم المشؤومة الجنائية، ولا يفرقون بين عدو وصديق من أجل تحقيق تسلطهم ومطامعهم الدنيئة، وعلى رأسهم أميركا، التي تأصلت فيها طبيعة الإرهاب الحكومي والتي أضرمت النار في جميع أنحاء العالم، وهكذا حليفتها الصهيونية العالمية التي ترتكب من أجل بلوغ مطامعها جرائم يخجل القلم عن تدوينها واللسان عن ذكرها وما يساور هؤلاء (الصهاينة) من أوهام بلهاء، (تتمثل في) إسرائيل الكبرى تدفعهم إلى ارتكاب كل جريمة. والشعوب المسلمة والمستضعفة في العالم تفخر بأن أعداءها حسين الأردني هذا المجرم المتسوّل، وحسن، وحسني مبارك شركاء إسرائيل المجرمة، والذين لا يتورعون عن ارتكاب أية خيانة بحق شعوبهم خدمة لأميركا وإسرائيل. نحن نفخر أن يكون عدونا صدام العفلقي الذي يعرفه العدوّ والصديق بجرائمه وبانتهاكه الحقوق الدولية وحقوق الإنسان، ويعلم





الجميع أن خيانته بالشعب العراقي المظلوم وبسكان مشايخ الخليج، ليست بأقل من خيانته بالشعب الإيراني.




ونحن شعوب العالم المظلومة فخورون بأن وسائل الأعلام وأجهزة الدعاية العالمية تتهمنا نحن وكل المظلومين في العالم بارتكاب كل جناية وخيانة تأمر بارتكابها القوى الكبرى المجرمة.




أي فخر أعظم وأسمى من أن تصير أميركا، بكل ادعاءاتها وجميع أسلحتها ومعداتها الحربية وكل تلك الدول العميلة لها، وبجميع ما لديها من ثروات طائلة (منهوبة) من الشعوب المظلومة المتخلفة، وبما عندها من وسائل أعلام، (أن تصير) عاجزة مفضوحة أمام الشعب الإيراني الغيور، وأمام دولة حضرة بقية الله أرواحنا لمقدمه الفداء، حتى عادت ما تعرف بمن تتوسل، وأينما ولّت وجهها ألقمت حجراً، وما كان ذلك إلاّ بمدد غيبي من الباري تعالى جلت عظمته، (مدد) أيقظ الشعوب وخاصة الشعب الإيراني المسلم، وأخرجه من ظلمات ظلم الشاه إلى نور الإسلام. أنا الآن أوصي الشعوب المظلومة والشعب الإيراني العزيز أن يستقيموا باستحكام وصمود والتزام ومقاومة على هذا الطريق الإلهي المستقيم، الذي منّ الله به على البشرية، والمتحرر من الارتباط بالشرق الملحد والغرب الظالم الكافر. وأن لا يغفلوا لحظة عن شكر هذه النعمة، وأن لا يسمحوا إلى الأيدي الآثمة لعملاء القوى الكبرى، سواء عملاؤها الأجانب أم عملاؤها الداخليون الأكثر فظاعة من الأجانب، أن تنفذ إليهم لتزلزل نفوسهم الطاهرة وإرادتهم الحديدية، وليعلموا أن وسائل الإعلام العالمية والقوى الشيطانية والشرقية والغربية، مهما ازدادت تعنتاً فإن ذلك دليل على





القدرة الإلهية لهذه (الشعوب). جزاها الله تعالى خيراً في هذه الدنيا وفي العوالم الأخرى، انه ولي النعم وبيده ملكوت كل شيء.




أطلب من الشعوب المسلمة بكل جدّ وبكل تواضع إن يقتدوا بالأئمة الأطهار، وبما قدمه هداة البشرية العظام هؤلاء من فكر سياسي واجتماعي واقتصادي وعسكري، وبصورة لائقة وعن رغبة عميقة، وببذل النفس وتقديم الأعزّة. من ذلك أن لا ينحرفوا قيد أنملة عن الفقه التقليدي (الفقه التقليدي، يقصد به الإمام - رضوان الله عليه - الفقه الأصيل الذي ينهج طريق السلف الصالح من الفقهاء في الاعتماد على القرآن والسنة وفي تعميق فهم مصادر التشريع. وفي مقابله الفقه الذي ينهج التسطيح والتمييع والالتقاط). الذي هو عطاء مدرسة الرسالة والإمامة، وضامن تكامل الشعوب وعظمتها، سواء الأحكام الأولية منه أم الأحكام الثانوية، (الأحكام الأولية، أحكام تشريعية، لا يتدخل فيها عنصر الظروف الاستثنائية. والأحكام الثانوية، أحكام قررها الشارع المقدس للظروف الخاصة والاستثنائية. والأمثلة على ذلك كثيرة لا تخفى). فكلاهما يمثلان مدرسة الفقه الإسلامي. وأن لا يصيخوا السمع إلى أي وسواس خناس معاند للحق والمذهب. وليعلموا أن أية خطوة منحرفة تشكل مقدمة لسقوط المذهب والأحكام الإسلامية وحكومة العدل الإلهية. ومن ذلك، أن لا يغفلوا إطلاقاً عن صلاة الجمعة والجماعة، فهي التعبير السياسي عن الصلاة. وصلاة الجمعة هذه من أعظم منن الله تعالى على الجمهورية الإسلامية. من ذلك، شعائر عزاء الأئمة الأطهار، (شعائر العزاء، سنة حسنة دأب عليها أتباع مدرسة أهل البيت، لإحياء ذكرى جهاد الأئمة وتضحياتهم واستشهادهم في سبيل الله. وفي هذه الشعائر يتحوّل تاريخ الجهاد الدامي لهذه الصفوة المقدسة إلى واقع حيّ ملموس متفاعل مع حياة الأمّة ومشاعرها. ولذلك كانت مجالس العزاء المقامة لإحياء ذكرى الحسين الشهيد من أهم قواعد تغذية روح الثورة الإسلامية في إيران). وخاصة سيد المظلومين والشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين صلوات الله الوافرة وصلوات الأنبياء وملائكة الله والصالحين على روحه الحماسية الكبيرة. وليعلموا أن تعاليم الأئمة عليهم السلام لإحياء هذه الملحمة التاريخية الإسلامية، وما ينصبّ من لعن على ظالمي أهل البيت، إنما هو بأجمعه صرخة بطولية شعبية بوجه الحكام الظلمة





على مرّ التاريخ وإلى الأبد. وتعلمون أن لعن بني أمية لعنة الله عليهم والحديث عن ظلمهم - مع أنهم قد انقرضوا وراحوا إلى جهنم - إنما هو صرخة بوجه ظلمة العالم، وهو إحياء لهذه الصرخة (الحسينية) التي أبادت الظالمين. ومن اللازم أن تذكر في النياحة وأشعار الرثاء وقصائد الثناء على أئمة الحق عليهم السلام، بشكل قارع، فجائع ظلم الظالمين في كل عصر ومصر. وفي هذا العصر، وهو عصر مظلومية العالم الإسلامي بيد أميركا وروسيا وسائر أتباعهما، ومنهم آل سعود خونة الحرم الإلهي لعنة الله وملائكته ورسله عليهم، يجب ذكر (ظلمهم) بشكل قارع (مقرون) باللعن. ولنعلم جميعاً أن ما يبعث على الوحدة بين المسلمين هو هذه الشعائر السياسية التي تحفظ هوية المسلمين، وخاصة شيعة الأئمة الاثني عشر عليهم صلوات الله وسلامه.




وما يجب أن أذكّر به هو أن وصيتي السياسية الإلهية لا تختص بالشعب الإيراني المعظم، بل وصيتي إلى جميع الشعوب المسلمة، والشعوب المظلومة في العالم بمختلف قومياتها ومذاهبها.




أتضرع إلى الله عز وجل أن لا يكلنا نحن ولا شعبنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأن لا يقطع لحظة ألطافه الغيبية بأبناء الإسلام وبالمجاهدين الأعزاء.




روح الله الموسوي الخميني





بسم الله الرحمن الرحيم إن أهمية الثورة الإسلامية العظمى التي هي عطاء الملايين من الناس الكرام وآلاف الشهداء الخالدين والمعوقين الأعزاء أو الشهداء الأحياء، والتي هي موقع أمل الملايين من المسلمين والمستضعفين في العالم، تبلغ درجة هي أسمى وأكبر من أن يستطيع القلم والبيان تقييمها. أنا روح الله الموسوي الخميني غير اليائس، رغم كل الخطايا، من الكرم العظيم لله تعالى، وزادُ طريقي المحفوف بالأخطار هو الثقة بكرم الكريم المطلق، باعتباري طالباً حقيراً (هذه عبارة تواضع من هذا الرجل الكبير - رضوان الله عليه - فهو يصف نفسه بأنه طالب حقير، بينما هو العالم الكبير. وكلمة الحقير تعني الصغير. وآثرنا أن نوردها في الترجمة كما ذكرها الإمام الراحل حرفياً). أعقد الأمل، مثل سائر إخوتي في الإيمان، على هذه الثورة وبقاء معطياتها وتحقق أهدافها أكثر فأكثر، أتقدم بتوصية الجيل الراهن والأجيال العزيزة القادمة بأمور، وإن كانت متكرّرة. سائلاً الله سبحانه خلوص النيًة في هذا التذكير.1- نعلم أن هذه الثورة العظمى التي قلًمت أظافر الناهبين الدوليين والظالمين في إيران الكبرى قد حققت نصرها بتأييد إلهي غيبي. ولو لم تكن يد الله القادرة ما كان بإمكان مجموعة بشرية من 36 مليون إنسان (أن تحقق ما حققته)، مع كل ذلك الإعلام





المعادي للإسلام والمعادي لعلماء الدين خاصة خلال هذا القرن الأخير، ومع تلك النشاطات الواسعة التي بذلت بالكلمة المقروءة والمسموعة لتمزق الصفّ في الصحافة والخطابة والمجالس والمحافل المعادية للإسلام، والمعادية للوطنية (وإن اتخذت) ظاهراً وطنياً، ومع كل ذلك الشعر الماجن، ومراكز الفساد والفحشاء والقمار والمسكرات والمخدرات التي اتجهت بأجمعها إلى جرّ جيل الشباب، الفعّال، القادر على دفع عجلة بلاده نحو التقدم والرقي، إلى الفساد وإلى اللامبالاة إزاء الأعمال الخيانية التي ارتكبت بيد الشاه الفاسد وأبيه الجاهل، والحكومات والمجالس الشكلية المفروضة على الشعب من قبل السفارات المقتدرة، وأفظع من ذلك ما كان من وضع الجامعات والمدارس ومراكز التعليم التي أوكلت إليها مقدرات البلاد، وما فيها من معلمين وأساتذة تابعين للغرب أو الشرق معارضين تماماً للإسلام وللثقافة الإسلامية، بل الوطنية الصحيحة مع تقمصهم الوطنية والقومية، (طبعاً) كان بين هؤلاء (المعلمين والأساتذة) رجال ملتزمون مخلصون، غير أن ضآلة عددهم، وما كان يحيط بهم من تضييق لم يسمح لهم أن يؤدوا عملاً إيجابياً، ومع كل ذلك وعشرات المسائل الأخرى، ومنها دفع علماء الدين إلى العزلة والإنزواء، (بل) جرّ كثير منهم إلى الانحراف الفكري بفعل الدعايات المضللة، (نعم، لو لم تكن يد الله القادرة) ما كان بإمكان هذا الشعب، المحاط بمثل هذا الوضع، أن ينهض كتلة واحدة، وان يستطيع بهدف موحّد في جميع أنحاء البلاد وبصوت الله أكبر، وببذل تضحيات اعجازية محيرة أن يطيح بكل القوى الداخلية والخارجية ويمسك بيده مقدرات بلاده.





من هنا يجب أن لا يعترينا شك في أن الثورة الإسلامية الإيرانية لا نظير لها بين الثورات، في النشأة وفي كيفية النضال، وفي دوافع الثورة والنهوض، ومما لا ترديد فيه أنها كانت عطاء إلهياً وهدية غيبية وهبها الباري المنان لهذا الشعب المظلوم المنهوب.2- إن الإسلام والحكومة الإسلامية ظاهرة إلهية يضمن تطبيقها سعادة الأفراد في الدنيا والآخرة على أعلى المستويات. و (الإسلام) له قدرة الوقوف بوجه كل محاولات الظلم والنهب والفساد والعدوان، وقدرة إيصال الأفراد إلى كمالهم المطلوب.




انه مدرسة يختلف عن المدارس غير التوحيدية في تقنينه ومراقبته لجميع الشؤون الفردية والاجتماعية، المادية والمعنوية، والثقافية والسياسية والعسكرية والاقتصادية. ولا تغرب عنه أدنى مسألة ترتبط بتربية الإنسان والمجتمع وبالتقدم المادي والمعنوي. لقد بينّ ما يقف في طريق تكامل المجتمع من موانع ومشاكل، وسعى إلى إزالتها. والآن، إذ وضع بتوفيق الله وتأييده أساس الجمهورية الإسلامية على يد مقتدرة من هذا الشعب الملتزم، وإذ تنصبّ الاهتمامات في هذه الحكومة الإسلامية على الإسلام وأحكامه السامية، فما على الشعب الإيراني المعظم إلا أن يسعى إلى تحقيق محتواها في جميع الأبعاد، وأن يصونها ويحرسها، فصيانة الإسلام قمة جميع الواجبات، والأنبياء العظام من آدم عليه السلام حتى خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، بذلوا على طريق ذلك الجهود والتضحيات الجسام، ولم يمنعهم مانع من أداء هذه الفريضة الكبرى، وهكذا بعدهم الصحابة الملتزمون وأئمة الإسلام عليهم





صلوات الله، بذلوا على طريق مسؤولية الصيانة مساعي مضنية بلغت حدّ التضحية بالدم. واليوم، يتوجب على الشعب الإيراني خاصة وعلى جميع المسلمين عامة، أن يصونوا بكل ما أوتوا من قوة هذه الأمانة الإلهية التي أعلنت رسمياً في إيران، وقدمت المعطيات العظيمة خلال مدة قصيرة، وأن يبذلوا الجهد على طريق إيجاد مستلزمات بقائها وإزالة الموانع والمشاكل من أمامها، ومن المؤمّل أن يشع نورها على جميع البلدان الإسلامية وان يسود التفاهم بين جميع الحكومات والشعوب في هذا الأمر الحياتي، وأن يقطعوا إلى الأبد يد جناة التاريخ والقوى المتجبرة الناهبة الممتدة إلى الظالمين والمحرومين في العالم.وها أنا إذْ الفظ أنفاس آخر عمري أتقدم انطلاقاً من واجبي بعرض شطر مما يرتبط بحفظ هذه الوديعة الإلهية وبقائها وشطر من الموانع والأخطار التي تهددها، إلى الجيل الحاضر والأجيال المقبلة راجياً من رب العالمين التوفيق والتأييد للجميع.




بقاء الثورة رهن بانتصارها ألف - إن رمز بقاء الثورة الإسلامية هو دون شك رمز انتصار نفسه، والأمة تفهم رمز الانتصار، والأجيال المقبلة سوف تقرأ أن الركنين الأساسيين للانتصار هما، الدافع الإلهي والهدف السامي (المتمثل في) الحكومة الإسلامية (أولاً)، وتلاحم الشعب في جميع أنحاء البلاد بكلمة موحدة من أجل ذلك الهدف (ثانياً). أوصي جميع الأجيال المعاصرة والمقبلة أنكم إذا أردتم إقامة





(عمود) الإسلام وحكومة الله، فاقطعوا يد المستعمرين والمستغلين الأجانب والداخليين من بلادكم. ولا تضيّعوا هذا الدافع الإلهي الذي أوصى به الله تعالى في القرآن الكريم. وفي الجهة المقابلة لهذا الدافع الذي هو رمز الانتصار والبقاء (يقف) نسيان الهدف والتفرقة والاختلاف.




ليس عبثاً أن تبذل الأبواق الإعلامية العالمية وربيبتها المحلية كل طاقاتها في بث الإشاعات والأكاذيب المفرقة، وتبذل في سبيل ذلك مليارات الدولارات. ليس عبثاً هذه الجولات المستمرة التي يقوم بها معارضو الجمهورية الإسلامية في المنطقة، وبينهم - مع الأسف - زعماء حكومات بعض البلدان الإسلامية الغارقين في مصالحهم الشخصية والمستسلمين طوعاً وانقياداً لأميركا، وهكذا بعض المتشبهين بعلماء الدين يسيرون في هذا الركب أيضاً.




ما يتوجب على الشعب الإيراني وعلى جميع المسلمين في عصرنا هذا وفي المستقبل، وما ينبغي أن يهتموا به هو إحباط الدعايات المفرقة الهدامة. وصيتي إلى المسلمين، وخاصة الإيرانيين وبالأخص المعاصرين منهم، أن يتخذوا موقفاً مجابهاً إزاء هذه المؤامرات وأن يعمّقوا بالانسجام وحدتهم عن أي طريق ممكن، ويبعثوا اليأس في الكفار والمنافقين.الدعايات المضادة للإسلام ب - من المؤامرات الخطرة التي برزت في القرن الأخير خاصة خلال العقود الأخيرة، وبالأخص بعد انتصار الثورة، الدعايات





الواسعة ذات الأبعاد المختلفة لبث اليأس من الإسلام بين الشعوب وخاصة الشعب الإيراني المضحّي. أحياناً يصرحون ببلادة أن أحكام الإسلام التي سنّت قبل ألف وأربعمائة عام لا يستطيع إدارة البلدان في العصر الراهن. أو (يقولون) إن الإسلام دين رجعي يعارض كل تجدد وكل مظاهر الحضارة، ولا يمكن في العصر الراهن عزل (بلد من) البلدان عن الحضارة العالمية ومظاهرها. وأمثال هذه الدعايات البلهاء. وأحياناً يعمدون إلى حيلة شيطانية يتظاهرون فيها بالدفاع عن قداسة الإسلام. (ويقولون) أن الإسلام والأديان الإلهية الأخرى تهتم بالمعنويات، وتهذيب النفس، والتحذير من المناصب الدنيوية، والدعوة إلى ترك الدنيا والاشتغال بالعبادات والأذكار والأدعية التي تقرب الإنسان من الله تعالى وتبعده عن الدنيا. وأن الحكومة والسياسة والتصدي لإدارة الأمور تتعارض مع ذلك المقصد والهدف المعنوي الكبير!! لأنها جميعاً من شؤون تعمير الدنيا وهي متعارضة مع مسلك الأنبياء العظام!! ومن المؤسف أن الدعايات على النحو الثاني قد تركت آثارها على بعض رجال الدين والمتدينين الجاهلين بالإسلام، حتى عدّوا التدخل في شؤون الحكم والسياسة بمثابة ذنب وفسق، ولعل بعضهم يعلم (بزيف هذه المقولة ولكنه يكررها)، وتلك مأساة كبرى أبتلى بها الإسلام. المجموعة الأولى ينبغي أن نقول بشأنها أنها إما أن تكون جاهلة بمسائل الحكم والقانون والسياسة، أو إنها متجاهلة لغرض تضمره، ذلك لأن تنفيذ القوانين حسب معيار القسط والعدل، والوقوف بوجه الظلم وحكومة الجور، وبسط العدالة الفردية





والاجتماعية، ومنع الفساد والفحشاء وأنواع الانحرافات، والحرية وفق معيار العقل والعدل، والاستقلال والاكتفاء الذاتي، ومقارعة الاستعمار والاستثمار والاستبعاد، والحدود والقصاص والتعزيرات وفق ميزان العدل من أجل الحيلولة دون فساد المجتمع وانحلاله، وسياسة المجتمع وإدارته بموازين العقل والعدل والإنصاف ومئات من هذا القبيل.. ليست بالأمور التي تبلى بمرور الزمان وعلى مرّ التاريخ البشري والحياة الاجتماعية. هذه الدعوى بمثابة قول القائل أن القواعد العقلية والرياضية في القرن الراهن يجب أن تتبدل لتحل محلها قواعد جديدة! لو أن إجراء العدالة الاجتماعية ومنع الظلم والنهب والقتل ضروري في صدر الخليقة، فهل أصبح ذلك أسلوباً بالياً في قرن الذرّة؟! إن ادعاء معارضة الإسلام لكل تجديد - مثل ادعاء محمد رضا بهلوي المخلوع القائل أن (علماء الدين) هؤلاء يريدون أن يسافروا في هذا العصر على ظهور الحمير! لا يعدوا أن يكون تهمة بلهاء. إذ لو أن المراد من مظاهر التمدن والتجدّد هو الاختراعات والابتكارات والصنائع المتطورة مما له مساس في رقي الحضارة البشرية، فإن الإسلام وسائر المذاهب التوحيدية ما عارضت ذلك ولن تعارضه، بل إن العلم والصناعة مما أكد عليه الإسلام والقرآن المجيد. (أمّا) إذا كان المراد من التجدّد والتمدّن هو ذلك الذي يردده بعض أدعياء الثقافة الذاهبين إلى أنه الحرية في ارتكاب جميع ألوان الفحشاء والمنكرات، بما في ذلك الشذوذ الجنسي وأمثاله، فإن جميع الأديان السماوية والعلماء والعقلاء يعارضون ذلك، وإن كان





التابعون للشرق والغرب يروّجون ذلك عن تقليد أعمى. أمّا المجموعة الثانية، التي تلعب دوراً خبيثاً، وترى الإسلام منفصلاً عن السياسة والحكم، فينبغي أن نقول لهؤلاء الجهلة:




إن القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فيهما من أحكام الحكم والسياسة ما لا تبلغه أحكام سائر المجالات الأخرى، بل أن كثيراً من الأحكام العبادية للإسلام هي عبادية سياسية، أدت الغفلة عنها إلى كل هذه المصائب. نبي الإسلام (ص) قد أقام حكومة مثل سائر حكومات العالم، ولكن بدافع بسط العدالة الاجتماعية. وخلفاء الإسلام الأوائل كانت لهم حكومات واسعة. وحكومة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، كانت أيضاً بنفس الدافع بشكل أوسع وأشمل، وذلك من بديهيات التاريخ، وبعده أيضاً كانت الحكومات بالتدريج قائمة بالإسلام، وكثيرون اليوم أيضاً من يدّعون إقامة الحكومة الإسلامية اتباعاً للإسلام والرسول الأكرم صلى الله عليه وآله.




في هذه الوصية أكتفي بالإشارة، لكني آمل أن يعمل الكتّاب وعلماء الإجتماع والتاريخ على تصحيح هذا المفهوم في أذهان المسلمين. وما يقال بأن الأنبياء عليهم السلام كانوا يهتمون بالمعنويات، وأن الحكومة وإدارة الأمور الدنيوية شيء مرفوض، كان الأنبياء والأولياء والأئمة يتجنبونه، وإننا ينبغي أن نفعل مثل ذلك أيضاً، (مثل هذه الأقوال) خطأ مؤسف تؤدي نتائجه إلى فساد الشعوب الإسلامية وإلى فتح الطريق أمام المستعمرين مصاصي الدماء. لأن المفروض هو الحكومات الشيطانية والدكتاتورية والظالمة ذات الأهداف السلطوية والمنحرفة. والدنيا المحذّر منها هي





تكديس الثروة والمال والعلوّ في الأرض وانتهاج طريق الطاغوت. (المرفوض) بعبارة واحدة هو الدنيا التي تجعل الإنسان غافلاً عن الباري تعالى. أما حكومة الحق المقامة لصالح المستضعفين ولمنع الظلم والجور ولإخلال العدالة الإجتماعية فهي التي سعى إليها أمثال سليمان بن داود ونبي الإسلام الأعظم صلى الله عليه وآله وأوصيائه الكرام، وهي من أعظم الواجبات، وإقامتها من أسمى العبادات، كما أن السياسة السليمة في هذه الحكومات من الأمور اللازمة. على الشعب الإيراني الواعي اليقظ أن يحبط هذه المؤامرات بفهم إسلامي، وأن يهبّ الخطباء والكتاب الملتزمون لمعاضدة الشعب ولقطع أيدي الشياطين المتآمرين.الدعاية المغرضة ضد الجمهورية الإسلامية ج- ومن قبيل هذه المؤامرات، ولعلها أخبث، ما يشاع على مستوى واسع في البلاد، وفي المدن أكثر، بشأن عدم قيام الجمهورية الإسلامية بأي عمل (إيجابي) للناس. (يقولون):




مساكين هؤلاء الناس، ضحّوا بشوق ولهفة كي يتخلصوا من نظام الطاغوت الظالم، فتورطوا بنظام أسوأ! (يقولون) أضحى المستكبرين أكثر استكباراً، والمستضعفون أكثر استضعافاً، وأن السجون أصبحت مملوءة بالشباب الذين هم أمل مستقبل البلاد، وأمسى التعذيب فيها أسوأ وأبشع مما كان في النظام السابق، وكل يوم يتم تنفيذ حكم الإعدام بمجموعة باسم الإسلام، ليتهم لم يضعوا اسم الإسلام على هذه الجمهورية!! (ويقولون) إن هذا





العصر أسوأ من عصر رضا خان وابنه، فالناس يعانون من نَصَب وعذاب وغلاء فاحش، والمسؤولون دائبون على دفع هذا النظام إلى نظام شيوعي، تصادر الأموال، وتسلب الحرية من الشعب في كل المجالات، وكثير من هذه الأقاويل التي تشاع وفق خطة مدبّرة. والدليل على أن هناك خطة ومؤامرة هو أنه بين الفينة والأخرى تجد إشاعة من الإشاعات على الألسن في كل حدب صوب، وفي كل محلة ومنطقة، في سيارات التكسي تجد الدعاية نفسها، وفي الأتوبيسات أيضا نفسها، وفي التجمعات الصغيرة تجد الكلام نفسه، وما إن تصبح إحدى هذه الإشاعات قديمة حتى تشتهر واحدة أخرى. ومن المؤسف أن بعض رجال الدين الغافلين عن الحيل الشيطانية يتصل بهم واحد أو اثنان من رموز المؤامرة، فيظنون أن الأمر (صحيح) كما هو شائع. وأساس المسألة هو أن كثيراً من أولئك الذين يسمعون ويصدقون لا اطلاع لهم على أوضاع العالم، وما حدثت فيه من ثورات، وما أعقب هذه الثورات من مشاكل عظيمة لا بدّ منها. كما أنهم أيضاً ليس لهم اطلاع صحيح على التحولات التي حدثت (بعد الثورة الإسلامية) لصالح الإسلام. فيسمعون هذه الأقاويل وهم مغمضون غافلون، ثم هم يرددونها أيضاً عن عمد أو غفلة. أوصي هؤلاء أن يطالعوا أولاً الوضع العالمي الراهن، وأن يقارنوا بين ثورة إيران الإسلامية وبين سائر الثورات، وأن يتعرفوا على أوضاع البلدان والشعوب وهي تمرّ في مرحلة الثورة وما جرى لها بعد ثورتها، وأن يطالعوا مشاكل هذا البلد المضروب بالطاغوت من قبل رضا خان، (رضا خان، أو رضا بهلوي، جاء به المستعمرون إلى الحكم سنة 1925، لينفذ في إيران ما نفذه أتاترك في تركيا، لكنه فشل، بسبب مقاومة علماء الدين. فرض السفور الإجباري، وأرغم علماء الدين على خلع اللباس الخاص بهم، وهمّ بتبديل الحرف العربي في اللغة الفارسية إلى حرف لاتيني. طرده أسياده بعد أن فشل في تنفيذ مهمتهم سنة 1941، ومات سنة 1944.) وأسوأ منه محمد رضا (محمد رضا بهلوي، ويرد اسمه في هذه الوثيقة أحياناً مجرداً من اللقب، الشاه الأخير الذي حكم إيران قبل انتصار الإسلام وإقامة الدولة الإسلامية. جاء به الحلفاء إلى الحكم سنة 1941، بعد طرد أبيه. في عصره انحدرت إيران إلى هاوية السيطرة الأميركية. فرّ من إيران سنة 1979، اثر تصاعد المدّ الإسلامي فيها، ومات في مصر سنة 1980). اللذين خلفا





للشعب خلال مدة نهبهما تركة، تتمثل بألوان التبعيات الكبيرة المهلكة، وبالأوضاع (المتردية) في الوزارات والدوائر والاقتصاد والجيش، وبالمواخير، وحانات الخمور، والانحلال في جميع شؤون الحياة، وبأوضاع التعليم والتربية وأوضاع المدارس والجامعات، وأوضاع السينمات، ومراكز الفساد ووضع الشباب والنساء، وهكذا وضع علماء الدين، والمتدينين والأحرار الملتزمين، والنساء العفيفات المظلومات، والمساجد في زمن الطاغوت. (أوصيهم) أن يدرسوا ملفات المعدومين والمسجونين (في ظل الجمهورية الإسلامية)، وأن يطالعوا (أوضاع) السجون وكيفية معاملة المسؤولين فيها، وأن يُمعنوا النظر في كيفية محاسبة أموال الرأسماليين والإقطاعيين الكبار والمحتكرين والمتلاعبين بالأسعار، وأن يراجعوا محاكم العدل ومحاكم الثورة ويقارنوها بالوضع السابق للقضاء والقضاة. (أوصيهم) أن يراجعوا حالة النواب في مجلس الشورى الإسلامي، وأعضاء الحكومة، وحكام المحافظات، وسائر المسؤولين الذين تولوا الأمور في هذا العصر ويقارنوها (بما كان عليه الوضع) في العهد البائد. وأن يطالعوا منجزات الحكومة وجهاد البناء في القرى المحرومة من كل الخدمات حتى من ماء الشرب والمستوصف، ويقارنوا ذلك (بما أنجز) خلال كل عهد النظام السابق، مع الأخذ بعين الاعتبار مشاكل الحرب المفروضة وما خلفته من ملايين المشردين وعوائل الشهداء والمعوقين في الحرب (هذا غير) الملايين من المشردين الأفغانيين والعراقيين، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أيضاً المحاصرة الاقتصادية والمؤامرات المتتالية التي دبرتها أميركا وعملاؤها في الخارج والداخل، أضف إلى كل ذلك فقدان الدرجة المطلوبة من





الخبرة والعدد المطلوب من قضاة الشرع، وغير ذلك ممّا أثاره معارضو الإسلام والمنحرفون، بل وحتى الأصدقاء الجهلة من ضجيج وتهريج، وعشرات المسائل الأخرى. أطلب منهم أن لا يعمدوا إلى خلق الاعتراضات، وإلى الانتقاد اللاذع والسب والشتم قبل أن يطالعوا تلك المسائل. وأن يرحموا حال هذا الإسلام الغريب الذي هو اليوم، بعد مئات السنين من ظلم الظالمين وجهل الجاهلين، طفل يحبو ووليد محفوف بالأعداء في الداخل والخارج. أنتم يا من تنحتون الاعتراضات فكروا (واسألوا أنفسكم)، أليس من الأفضل أن تجدّوا في الإصلاح والمساعدة بدل الطعن؟!، وأن تدافعوا عن المظلومين والمسحوقين والمحرومين بدل الدفاع عن المنافقين والظالمين والرأسماليين والمحتكرين الجشعين الغافلين عن الله؟! وأن تهتمّوا بأمر الذين اغتالهم الإرهابيون من علماء الدين المظلومين والمسؤولين الخدومين الملتزمين المظلومين، بدل الدفاع غير المباشر عن المجموعات الفوضوية والإرهابيين المفسدين. أنا لم أقل إطلاقاً، ولا أقول إن الإسلام العظيم بكل أبعاده قد تم تطبيقه في هذه الجمهورية، أو أنه لا يوجد أشخاص يعملون عن جهل وعقدة وعدم انضباط بخلاف مقررات الإسلام، لكنني أقول أن السلطات التقنينية والقضائية والتنفيذية تسعى بجهد جهيد إلى تعميق الإسلام في هذا البلد والشعب بعشرات ملايينه يعاضدها ويساندها. ولو أن هذه الأقلّية التي تحترف الاعتراض هبت لمساعدتها، فان تحقق هذه الآمال سيكون أسهل وأسرع. وأن لم يعد هؤلاء - لا سمح الله - إلى أنفسهم، فان هذه الآمال الإنسانية ستتحقق بشكل واسع بإذن الله لما تتحلى به الجماهير المليونية من





يقظة ووعي للمسائل، وحضور في الساحة، وسوف لا يستطيع محترفوا الاعتراضات أن يقاوموا هذا السيل الهادر. أنا أزعم بجرأة أن الشعب الإيراني بجماهيره المليونية في العصر الراهن أفضل من أهل الحجاز في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله، (وأفضل من أهل) الكوفة في العراق على عهد أمير المؤمنين والحسين بن علي صلوات الله عليه وسلامه عليهما، فالمسلمون في الحجاز على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله (منهم من) أبوا أن يطيعوا الرسول، ورفضوا - بذرائع مختلفة - التوجه إلى جبهات القتال، حتى أنزل الله آيات من سورة التوبة (كقوله سبحانه:




«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ، إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(التوبة/38-39).). توبخهم وتعدهم بالعذاب، ثم أنهم كذبوا على (النبي)، حتى روي أنه دعا عليهم على المنبر، (قال النبي (ص):




" من كذب عليّ متعمداً فليتبّوأ مقعده من النار "، وفي رواية بلا " متعمداً ". البخاري / كتاب العلم، باب أثم من كذب على النبي، وكتاب الجنائز ؛ صحيح مسلم / كتاب العلم ؛ صحيح الترمذي / كتاب الفتن ؛ سنن ابن ماجه وسنن الدار مي في المقدمة ؛ مسند أحمد / ج1/ص65 وج 3/ ص3-4-5). وأهل العراق والكوفة أساؤوا التعامل مع أمير المؤمنين (ع) وعصوه، وشكاوي الإمام منهم معروفة في المأثور وكتب التاريخ، (كقوله عليه السلام في خطبة يستنهض بها الناس حين ورود غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا:




.... ألا وأني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً، وسراً وعلاناً، وقلت لكم:




أغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلّوا، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنّت عليكم الغارات، وملكت عليكم الأوطان.." (نهج البلاغة 1/76، شرح محمد عبده )).ومسلمو العراق والكوفة فعلوا ما فعلوا بسيد الشهداء (الحسين بن علي) (ع)، أولئك الذين لم يرتكبوا أثم قتله، أمّا أنهم فروا من المعركة، أو جلسوا حتى وقعت جريمة التاريخ تلك. ونحن نرى اليوم أن الشعب الإيراني بقواه المسلحة النظامية والانتظامية والحرس والتعبئة وسائر القوى الشعبية من عشائر ومتطوعين في الجبهات، والجماهير خلف الجبهات (يندفعون) بشوق وشغف ليقدموا التضحيات، وأية تضحيات! وليسجلوا الملاحم وأية ملاحم! ونرى أن الجماهير المحترمة في جميع أرجاء البلاد تقدم المساعدات القيمة وأية مساعدات! ونرى أن عوائل الشهداء ومعوقي الحرب وذويهم يواجهوننا نحن وأنتم بوجوه طافحة بالحماس، وبأعمال وأقوال تنم عن شوق واطمئنان، وذلك كله نابع





من عشق هؤلاء وتعلقهم وإيمانهم المتزايد بالله تعالى والإسّلام والحياة الخالدة، بينما لا يعيش هؤلاء في بركة محضر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ولا في محضر الإمام المعصوم صلوات الله عليه، ودافع هؤلاء هو الإيمان والثقة بالغيب. وهذا هو رمز التوفيق والنجاح في الأبعاد المختلفة، وللإسلام أن يفخر بتربيته أفراداً كهؤلاء، ونحن نفخر جميعاً أن نكون في عصر كهذا، وفي كنف أمة كهذه. وهنا أتقدم بوصية إلى الأشخاص الذين يعارضون الجمهورية الإسلامية بدوافع مختلفة، وإلى الشباب فتية وفتيات من الذين استغلهم المنافقون والمنحرفون الانتهازيون والنفعيون، أن يحكّموا ضميرهم بدون تحيّز وبفكر حرّ، وأن يدرسوا بدقة وبمعزل عن هوى النفس أولئك الذين يستهدفون الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، وكيفية عملهم، وسلوكهم مع الجماهير المحرومة، والفئات والحكومات التي ساندتهم وتساندهم، والمجموعات والأشخاص الذين التحقوا بهم في الداخل ودعموهم، وما يسود بين أولئك ومؤيديهم من خلق وسلوك، وما حدث فيهم من تغيير في المواقف على أثر الأحداث المختلفة، ثم ادرسوا أحوال أولئك الذين استشهدوا على يد المنافقين والمنحرفين، وقارنوا بين هؤلاء وأعدائهم، أشرطة تسجيل أصوات هؤلاء الشهداء متوفرة إلى حدّ ما، ولعل أشرطة المخالفين بأيديكم، انظروا أية واحدة من المجموعتين هي حامية المحرومين والمظلومين في المجتمع. أيها الاخوة، أنتم لا تقرأون هذه الأوراق قبل مماتي، بل قد تقرأونها بعدي، أنا لست بينكم آنئذ، ومن هنا لا أريد أن أتلاعب





بقلوبكم الشابة لمصلحتي، أو لكسب تأييدكم طمعاً في سلطة ومنصب. إنكم شباب لائقون، ومن هنا أودّ أن تنفقوا شبابكم في سبيل الله والإسلام العزيز والجمهورية الإسلامية لتنالوا سعادة الدارين. وأسأل الله الغفور أن يهديكم إلى صراط الإنسانية المستقيم، وأن يعفوا برحمته الواسعة عما سلف منا ومنكم. وأنتم أيضاً اسألوا الله ذلك في خلواتكم، فانه الهادي والرحمن.




ووصية إلى الشعب الإيراني الشريف وإلى الشعوب الأخرى المنكوبة بالحكومات الفاسدة، والراسخة في أغلال القوى الكبرى. أما وصيتي إلى الشعب الإيراني العزيز فهي أن (تقدروا) النعمة التي كسبتموها بجهادكم العظيم وبدماء شبابكم الرشيدين، قدّروها حق قدرها كأعز الأمور إليكم، وحافظوا عليها واحرسوها، وابذلوا الجهد في سبيلها فهي نعمة عظيمة إلهية وأمانة كبيرة ربانية. ولا تهابوا المشاكل التي تواجهكم في هذا الصراط المستقيم:




إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»(محمد7).، وشاركوا حكومة الجمهورية الإسلامية بكل مشاعركم في مشاكلها واسعوا لحلها، واعتبروا الحكومة والمجلس جزءاً منكم، وحافظوا عليها محافظتكم على محبوب عزيز. وأوصي المجلس والحكومة والمسؤولين أن يقدروا هذا الشعب حق قدره. وأن لا يألوا جهداً في خدمته وخاصة المستضعفين والمحرومين والمظلومين منهم، فهؤلاء ضياء أعيننا وأولياء نعمتنا جميعاً، والجمهورية الإسلامية عطيتهم وتحققها كان بفضل تضحياتهم، وبقاؤها رهين خدماتهم. اعتبروا أنفسكم من الجماهير والجماهير منكم، واسعوا دائماً إلى إدانة الحكومات الطاغوتية، (فحكامها) غزاة ناهبون متوحشون ومتعنتون وفارغون.








(هذه الإدانة) طبعاً (يجب أن تتم) بأعمال إنسانية تليق بحكومة إسلامية. وأمّا وصيتي إلى الشعوب الإسلامية فهي الإقتداء بحكومة الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني المجاهد. وحكوماتكم الجائرة، إن أبت الرضوخ إلى إرادة الشعوب، وهو مطلب الشعب الإيراني، فأوقفوهم عند حدهم، إذ إن علة مأساة المسلمين هي الحكومات المرتبطة بالشرق والغرب، وأوصي مؤكداً أن لا يستمعوا إلى الأبواق الدعائية لأعداء الإسلام والجمهورية الإسلامية، فهم يسعون دائماً أن يخرجوا الإسلام من الساحة، كي تؤمن مصالح القوى الكبرى.






محاربة رجال الدين



د- من الخطط الشيطانية للقوى الاستعمارية والاستغلالية الكبرى التي يجري تنفيذها منذ سنوات بعيدة، وبلغت ذروتها في إيران على يد رضا خان وتم متابعتها في زمن محمد رضا بأساليب مختلفة، دفع علماء الدين إلى الانزواء. وفي زمن رضا خان (كانت الخطة تنفذ) بالتضييق والقمع وخلع اللّباس (الخاص برجال الدين)، والسجن والنفي وهتك الحرمات والإعدام وأمثالها، وفي زمن محمد رضا بسبل وأساليب أخرى، وأحدها خلق العداء بين الجامعيين ورجال الدين، وقد حشد لذلك إعلام واسع، واستثمرت مع الأسف نتائج كبيرة بسبب غفلة الجانبين عن التآمر الشيطاني للقوى الكبرى. فمن جانب بذلوا الجهد (في المؤسسات التعليمية) من المدارس إلى الجامعات، ليوظفوا فيها معلمين





وأساتذة ومدراء الجامعات من بين المهزومين أمام الغرب أو الشرق، والمنحرفين عن الإسلام وسائر الأديان، وليجعلوا المؤمنين الملتزمين في أقلية، حتى يربوا الفئة الفاعلة التي ستمسك زمام أمور الحكم بيدها في المستقبل، من الطفولة إلى النشوء وإلى مرحلة الشباب، تربية تجعلهم يكرهون الأديان مطلقاً، وخاصة الإسلام، (ويكرهون) المرتبطين بالأديان، خاصة الروحانيين (الروحانيون، جمع روحاني، وهي كلمة مستعملة في إيران للمشتغلين في حقل الدراسات الدينية طلاباً وعلماء. وهم يرتدون لباساً خاصاً يشتمل عادة على العمامة والرداء والعباءة. وفي الترجمة ذكرناهم باسم الروحانيين تارة، وأحياناً باسم رجال الدين، وأحياناً أخرى باسم علماء الدين). والدعاة، وكانوا يسمون (الروحانيين والدعاة) في ذلك العصر بأنهم عملاء بريطانيا، ثم بعد ذلك بأنهم أنصار الرأسماليين والإقطاعيين وأنصار الرجعية، ومعارضو التمدن والرقي. ومن جانب آخر عمدوا إلى بدعايات مضللة إلى بث الخوف في نفوس علماء الدين والدعاة والمتدينين تجاه الجامعة والجامعيين، واتهموا الجامعيين جميعاً بأنهم لا دينيون ومتحللون، وضدّ مظاهر الإسلام والأديان، وكانت النتيجة أن أصبح الحكام أعداء للأديان والإسلام ورجال الدين والمتدينين، وأضحت جماهير الشعب المتعلّقة بالدين وعلماء الدين المعادية للدولة والحكومات وما ترتبط بهما. والخلافات العميقة بين الحكومة والشعب، والجامعي والروحاني، مهدت السبيل أمام الغزاة الطامعين ليجعلوا كل شؤون البلاد تحت سلطتهم، وجميع ذخائر الشعب في جيوبهم، وقد رأيتم ما جرى على هذا الشعب المظلوم، وما كان أمامه من هاوية.




والآن، وقد تحطمت أغلال الأسر بإذن الله، وانهدمت سدود قدرة القوى الكبرى، ونجا البلد من أيدي هذه القوى وعملائها، بفضل جهاد الشعب (بكل فئاته) من علماء الدين والجامعيين وحتى الحرفيين والعمال والفلاحين وسائر الفئات، فوصيتي هي أن لا





يغفل الجيل الراهن وأجيال المستقبل، وأن يوّثق الجامعيون والشباب المعطاؤون الأعزاء أواصر الود والتفاهم مع الروحانيين وطلاب العلوم الإسلامية أكثر فأكثر، وأن لا يغفلوا عن مخططات ومؤامرات العدو الغدّار، وبمجرد أن يروا فرداً أو أفراداً يحاولون نثر بذور النفاق بأقوالهم وأعمالهم، عليهم أن يرشدوه وينصحوه، وإن لم يُجد ذلك فيبتعدوا عنه ويجعلوه منزوياً، وأن لا يسمحوا للمؤامرة أن تضرب بجذورها، فيمكن درء الخطر في مهده بسهولة. وأخص بالذكر أنه إذا كان بين الأساتذة من يريد أن يوجد انحرافاً، فعليهم أن يرشدوه، وإن لم يُجد، فعليهم أن يطردوه عنهم وعن قاعة درسهم. وهذه التوصية متجهة أكثر إلى الروحانيين وطلاب العلوم الدينية. والمؤامرات في الجامعة ذات عمق خاص، وعلى الفئتين المحترمتين (الجامعيين والعاملين في حقل العلوم الدينية)، وهما الدماغ المفكر للمجتمع، أن يقفوا بحذر أمام المؤامرات.




إبعاد البلدان المستعمرة عن هويتها هـ- من المخططات التي تركت مع الأسف تأثيراً كبيراً على البلدان وعلى بلدنا العزيز، ولا تزال آثاره باقية إلى حد كبير، هي إبعاد البلدان المستعمرة عن هويتها، ودفعها إلى التبعية للغرب أو الشرق. حتى لم تعد تقيم وزناً لنفسها وثقافتها وقدرتها، وراحت تنظر إلى القطبين المقتدرين الغربي والشرقي على أنهما من جنس أرقى، وعلى ثقافتهما أسمى، وإن هاتين القدرتين قبلة العالم، وأن الارتباط بأحد هذين القطبين من الفرائض الحتمية!! وقصة هذه المأساة طويلة والضربات التي تلقيناها من جرّائها





ونتلقاها الآن أيضاً قاتلة وقاصمة. وأفظع من ذلك أن الشعوب المظلومة المقهورة قد أبقيت في تخلف شامل، وجعلوا منها بلداناً مستهلكة، وبثوا في قلوبنا الرعب من الإقدام على أيا تطور، ومن (مواجهة) القوى الشيطانية حتى ما عادت لنا الجرأة على أي ابتكار. وسلمنا مقاليد كل شيء إليهم، ووضعنا مقدراتنا ومقدرات بلداننا بأيديهم، ورحنا نطيع أوامرهم طاعة عمياء. وهذا الإحساس المفتعل بالخواء والتخلف العقلي أدى إلى أن لا نعتمد في أي أمر من الأمور على فكرنا وعلمنا، وأن نقلد الشرق والغرب تقليداً أعمى. بل أن الكتّاب والخطباء المهزومين أمام الشرق والغرب راحوا يسخرون ويستهزئون بما عندنا من ثقافة وآداب وصناعة وابتكار - إن وجد عندنا - وبذلك استأصلوا أصالة فكرنا وقدرتنا، ودفعونا ويدفعونا إلى اليأس، وروّجوا بالفعل والقول والقلم العادات والتقاليد الأجنبية على ابتذالها وافتضاحها، وقدموها إلى الشعوب بالمدح والثناء. لو أن كتاباً أو مقالاً احتوى بضع ألفاظ غريبة يتقبلونه بإعجاب دون الالتفات إلى محتواه، ويعدّون صاحبه عالماً مثقفاً، وكل شيء يقع عليه نظرنا من المهد إلى اللحد، إن تسمّى بلفظ غربي أو شرقي يصبح مرغوباً وملفتاً، ومن مظاهر التمدن التقدم. وإن أطلق عليه اسم أصيل محلي سيكون مطروداً وبالياً ومتخلفاً. وأطفالنا - إن تسمّوا باسم غربي - يفخرون، وان حملوا اسماً أصيلاً فهم خجلون متخلفون. والشوارع، والأزقة، والمحلات التجارية، والشركات، والصيدليات، والمكتبات، والأقمشة، والأمتعة الأخرى، وان كانت من الصناعات الداخلية، ينبغي أن تتسمى





بأسماء أجنبية كي يرضى عنها الناس ويقبلوا عليها. فالتغرُب التام في جميع الحركات والسكنات وفي المعاشرات وجميع شؤون الحياة، يبعث على الافتخار والرفعة والمدنية والتقدم، وبالمقابل كل العادات والتقاليد الأصلية، إنما هي تخلف وعبادة للماضي!!! وفي كل حالة مرضية ووعكة صحية، وان كانت بسيطة قابلة للعلاج في الداخل، يجب الاتجاه إلى (المعالجة في) الخارج، (موجدين بذلك) حكم إدانة وحالة يأس بين أطبائهم العلماء. السفر إلى بريطانيا وفرنسا وأميركا وموسكو مفخرة كبيرة، والذهاب إلى الحج وسائر الأماكن المباركة هي تخلف وعبادة للماضي!! إهمال ما يرتبط بالدين والمعنويات من علائم التجدد والتمدن، وبالمقابل فالالتزام بهذه الأمور تخلف وعبادة للماضي!! أنا لا أقول أننا نملك كل شيء. واضح أننا في التاريخ القريب وخاصة خلال القرون الأخيرة حُرمنا من أي تقدم. والحكام الخونة والعائلة البهلوية خاصة، ومراكز الدعاية المحاربة لمعطياتنا، وهكذا الإحساس بالحقارة أو عدم الإحساس بالوجود (عوامل) صدّتنا عن كل نشاط للتقدم. استرداد البضائع بمختلف أصنافها، وإلهاء النساء والرجال وخاصة فئة الشباب بأنواع المستوردات مثل أدوات التجميل، ووسائل الترف والكماليات، والألاعيب الصبيانية، ودفع العوائل إلى مباراة (في الشراء)، وتوسيع روح الاستهلاك أكثر فأكثر، ولذلك وحده قصة مؤلمة، ودفع الشباب، وهم العضو الفعّال في المجتمع إلى الفساد بإنشاء مراكز الفحشاء والبغاء، وعشرات من هذه المصائب المدروسة (اتجهت بأجمعها) لإبقاء حالة التخلف في البلدان.





الآن، إذ تخلصنا إلى حد كبير واسع من كثير من هذه الشراك، وقد هبّ الجيل المحروم الراهن للنشاط والابتكار، ورأينا كثيراً من المصانع، وأجهزة الطائرات المتطورة، وأمور أخرى ما كان يعتقد أن المتخصصين الإيرانيين قادرون على تشغيلها، وكانت أيدينا ممتدة نحو الغرب والشرق، (نستجدي) منهم المتخصصين كي يديروا عجلات مصانعنا، وإذ راح شبابنا الأعزاء على أثر الحصار الاقتصادي والحرب المفروضة، يصنعون قطع الغيار المطلوبة وبثمن أرخص (من المستورد)، وسدّوا بذلك الاحتياج، وأثبتوا أنهم إن أرادوا استطاعوا.. و(الآن إذ تم ذلك) أوصي الشعب العزيز وصية خادم عطوف، أن يكونوا واعين يقظين ومراقبين كي لا يستطيع أصحاب الألاعيب السياسية المرتبطون بالغرب والشرق، بوساوسهم الشيطانية أن يجروكم نحو هؤلاء الغزاة الدوليين. انهضوا لقطع أواصر التبعيات بإرادة عازمة وبنشاطكم ودأبكم، وإعلموا أن العنصر الآري والعربي ليس بأقل من العنصر الأوروبي والأميركي والسوفياتي. وإذا عثر على هويته، ونفض اليأس عن نفسه، ولم يعقد الأمل على الآخرين، فإنه قادر، على المدى البعيد، أن يعمل كل شيء ويصنع كل شيء. وما بلغه الآخرون ستصلون إليه أنتم أيضاً، بشرط الاتكال على الله تعالى والثقة بالنفس وقطع التبعية بالآخرين، وتحمل المشاق من أجل حياة مشرفة، والخروج من نير سلطة الأجانب. وعلى الحكومات والمسؤولين في هذا الجيل الأجيال القادمة أن يكرمّوا المتخصصين، ويشجعوهم بالمساعدات المادية والمعنوية، وأن يمنعوا استيراد البضائع المخربة المشجعة على الاستهلاك، وليكتفوا بما عندهم، ريثما يصنعوا كل شيء. وأطلب





من الشباب، ذكوراً وإناثاً، أن لا يجعلوا الاستقلال والحرية والقيم الإنسانية - ولو تحملوا من أجلها النصب والتعب - قرباناً في سبيل الكماليات ومجالس الطرب، والتحلل والحضور في مراكز الفحشاء التي يقدمها لكم الغرب وعملاؤه المأجورون. إذ أنهم - كما أثبتت التجربة ذلك- لا يفكرون إلا بإفسادكم، وإغفالكم عن مصير بلدكم، ونهب ثرواتكم، وإلقائكم في أغلال الاستعمار والعار والتبعية، وتعميق روح الاستهلاك في شعبكم وبلدكم، ويريدون بهذه الوسائل وأمثالها أن يبقوكم في حالة تخلف، وفي حالة ما يسمونها هم نصف متوحشة.






الاهتمام بمراكز التعليم والتربية



و- من مؤامراتهم الكبرى، كما مرّ وأكدنا عليها مراراً، السيطرة على مراكز التعليم والتربية، وخاصة الجامعات التي يتسلم خريجوها مقدرات البلاد. وطريقة أولئك (المتآمرين) مع الروحانيين ومدارس العلوم الدينية، تختلف عما هي عليه في الجامعات والثانويات. طريقتهم (في الأوساط العلمية والدينية) إزاحة الروحانيين عن الطريق، ودفعهم إلى الانزواء بالقمع والحدّة والهتك، كما كان معمولاً به في زمن رضا خان، لكن النتيجة كانت عكس مطلوبهم، أو الإشاعات والتهم والمخططات الشيطانية من أجل عزل فئة الدارسين (في المدارس والجامعات )، أو ما يسمونه بالمثقفين (عن علماء الدين) وهذا كان معمولاً به أيضاً في زمن رضا خان، جنباً إلى جنب مع الضغط والقمع، وأستمر في عهد محمد رضا بدون اللجوء إلى الحدّة، ولكن بخبث.





أمّا في الجامعات فكانت الخطة إبعاد الشباب عن الأصالة في الثقافة والأدب والقيم، وجرّهم نحو الشرق والغرب. ثم انتخاب المسؤولين من بين هؤلاء وتسليطهم على مصير البلدان. كي ينفذ هؤلاء ما يريده أولئك. هؤلاء ينهمكون في حرّ البلاد إلى دار البوار والتغرّب وفئة علماء الدين، بما أحيط بها من انزواء وكره وهزيمة غير قادرة على المعالجة. وهذا أفضل طريق لإبقاء حالة التخلف، ولمواصلة النهب في البلدان الخاضعة. لأن كل شيء ينساب إلى جيوب القوى الكبرى دون أن يكلف (هذه القوى) تعباً أو إنفاقاً، ودون بروز أية مشكلة في المحافل الوطنية.




والآن، إذ يجري العمل في الجامعات والمعاهد العليا على إصلاحها وتطهيرها، يلزم على الجميع أن يساعدوا القائمين بهذا الأمر، وألاّ يسمحوا إلى الأبد بجرّ الجامعات إلى الانحراف، وحينما شوهد انحراف علينا أن نسعى إلى إزالته بسرعة، وهذا الأمر الحياتي يجب أن يتحقق في المراحل الأولى بالسواعد القوية لشباب الجامعات والمعاهد العليا أنفسهم، فنجاة الجامعة من الانحراف نجاة للشعب والوطن.




أتقدم إلى كل الناشئة والشباب في المرحلة الأولى، وإلى آبائهم وأمهاتهم وأصدقائهم في المرحلة الثانية، وإلى المسؤولين والمثقفين الذين يحملون هموم وطنهم في المرحلة التالية، وأوصيهم أن يبذلوا مساعيهم بكل جدّ واجتهاد في هذا الأمر المهم، الذي يصون بلادكم من الآفات، وسلّموا الجامعة (نقية) إلى الجيل القادم.وأوصي الأجيال المتوالية أن يصونوا ويحرسوا الجامعة من الانحراف والتشرق والتغرّب لإنقاذ أنفسهم وبلدهم العزيز والإسلام مدرسة





صنع الإنسان. وبعملكم الإنساني الإسلامي هذا تقطعون يد القوى الكبرى عن بلادكم، وتبعثون اليأس في قلوبهم. كان الله في عونكم وأخذ بناصركم.






أهمية التزام مجلس الشورى الإسلامي



ز- من مهمات الأمور التزام نواب مجلس الشورى الإسلامي. لقد شاهدنا بأم أعيننا كم تلقى الإسلام وإيران من صدمات مؤلمة جراء مجلس الشورى المنحرف غير الصالح، منذ الفترة التي أعقبت المشروطة (المشروطة، كلمة عربية تطلق في إيران على الحركة الدستورية التي استهدفت أن تقيّد الشاه بشروط الدستور، انطلقت في أواخر العصر القاجاري (1315-1325 ه.ق) ونهض بها علماء الدين من أجل أن يحولوا دون استبداد الشاه. غير أن الحركة انحرفت عن مسارها، حينما تمخضت عن مجلس نيابي مملوء بنواب عملاء مهزومين). (الحركة الدستورية) حتى عصر النظام البهلوي المجرم. وأفظع وأخطر من كل زمان ما حلّ في ذلك النظام الفاسد المفروض (على الأعناق)، وما أكثر المصائب وأفدح الخسائر التي حلت بالوطن والشعب على يد أولئك الجناة التافهين المأجورين! خلال الأعوام الخمسين أدّى (أمر مجلس الشورى) بأكثريته المزيفة المنحرفة، إزاء أقلية مظلومة إلى أن تستطيع بريطانيا، والاتحاد السوفيتي، وأخيراً أميركا أن تفعل كل ما تريده على يد نفس هؤلاء المنحرفين الغافلين عن الله، وأن يدفعوا بالبلاد إلى الفساد والفناء.




بعد عصر الحركة الدستورية، لم تطبق في أي وقت من الأوقات تقريباً مواد الدستور المهمة. (وكانت السيطرة في المجلس) قبل رضا خان، بيد المتغربين والخانات (الخانات، جمع خان، وهو شيخ القبيلة الحاكم فيها بالقوة والبطش. وكان نظام الشاه يمنح هؤلاء الخانات امتيازات مالية وإدارية، كي يحكم قبضته على العشائر عن طريق هؤلاء الظلمة). والإقطاعيين، وفي عهد النظام البهلوي بيد ذلك النظام السفّاك وأتباعه ومأجوريه المطيعين.




والآن، وبفضل عناية الباري وهمة الشعب المعظم، قد وقعت مقاليد أمور البلاد بيد الجماهير، والنواب وجدوا طريقهم إلى مجلس





الشورى الإسلامي، بانتخاب الناس من دون تدخل الحكومة وخانات الولايات، ومن المؤمل أن يحول تعهدّ هؤلاء بالإسلام ومصالح البلاد دون حدوث أي انحراف، (الآن إذا حدث هذا) أوصي الشعب في الحال والمستقبل، أن يهمّوا بعزم راسخ والتزام بأحكام الإسلام ومصالح البلاد، في أن يرسلوا إلى المجلس في كل دورة من الانتخابات، نواباً ملتزمين بالإسلام وبالجمهورية الإسلامية، وهم غالباً من بين الفئات المتوسطة والمحرومة في المجتمع، وغير المنحرفة عن الصراط المستقيم نحو الغرب أو الشرق، وبدون ميول منحرفة، (نوابا) دارسين ومطلعين على شؤون الساعة والسياسة الإسلامية. وأوصي علماء الدين المحترمين وخاصة المراجع العظام أن لا يتخذوا موقف انزواء، وعدم اكتراث تجاه مسائل المجتمع، خاصة مثل مسألة انتخاب رئيس الجمهورية وانتخاب نواب المجلس. كلكم رأيتم، وسيسمع ذلك الجيل القادم، أن أيدي محترفي الألاعيب السياسية، الشرقيين والغربيين، قد أخرجوا من الساحة علماء الدين الذين وضعوا أساس النظام الدستوري بجهودهم وأتعابهم. وعلماء الدين أيضاً انطلت عليهم خدعة المتلاعبين بالسياسة، واعتبروا التدخل في أمور البلاد والمسلمين لا يتناسب مع مقامهم! وتركوا الساحة إلى المهزومين أمام الغرب، وأنزلوا بالنظام الدستوري والبلاد والإسلام ما يحتاج تصحيحه إلى زمن طويل.




والآن، وقد أزيلت الموانع ولله الحمد، وتوفرت الأجواء الحرة لتدخل كل الفئات، فلم يعد هناك أي عذر. والمسامحة في أمر المسلمين من الذنوب الكبرى التي لا تغتفر.كل فرد بمقدار قدرته





وسعة نفوذه يجب أن يكون في خدمة الإسلام والوطن العزيز. وأن يحول بجد دون نفوذ المرتبطين بالقطبين الاستعماريين ونفوذ المهزومين أمام الشرق أو الغرب والمنحرفين عن مدرسة الإسلام الكبرى. واعلموا أن أعداء الإسلام والبلدان الإسلامية، والقوتين الكبيرتين ذات الأطماع الدولية، يتغلغلون بهدوء وبتدريج في بلدنا والبلدان الإسلامية الأخرى، ويوقعون البلدان في فخ الاستثمار على يد أبناء الشعوب أنفسهم. عليكم أن تتحلوا بالوعي والحذر وأن تهبّوا للمواجهة عند إحساسكم بأول خطوة نفوذ، ولا تمهلوهم. كان الله معكم وفي عونكم.




وأطلب من نواب مجلس الشورى الإسلامي في هذا العصر والعصور المقبلة، أنه إذا قُدر، لا سمح الله، أن تفرض عناصر منحرفة بالدسائس والألاعيب السياسية نيابتها على الناس، فعلى المجلس أن يرفض توثيق نيابتهم، وأن لا يدع حتى عنصراً واحداً مخرباً وعميلاً يجد طرقه إلى المجلس. وأوصي الأقليات الدينية الرسمية أن تتعظ بدورات (مجلس) النظام البهلوي، وأن تنتخب نوابها من بين الملتزمين بدينهم، وبالجمهورية الإسلامية، وغير المرتبطين بالقوى الدولية الطامعة، ومن غير أصحاب الميول الإلحادية والمنحرفة والالتقاطية. وأطلب من كل النواب أن يتعاملوا مع زملائهم في المجلس بكل حسن نية وأخوّة، كي لا تنحرف القوانين لا سمح الله عن الإسلام. وكونوا جميعاً أوفياء للإسلام وأحكامه السماوية لتنالوا سعادة الدنيا والآخرة.




وأطلب من مجلس مراقبة الدستور، المحترم، وأوصيه سواء كان في هذا الجيل أو الأجيال المقبلة أن ينهض بواجباته الإسلامية





والوطنية بكل دقة وقدرة. وأن لا يؤثر عليه أية قوة، وأن يقف بوجه كل قانون مخالف للشريعة المطهرة وللدستور بدون أي تحفظ، وأن يلتفت إلى ضرورات البلاد التي تستوجب أحياناً تنفيذ الأحكام الثانوية، وأحياناً أخرى ولاية الفقيه. (الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر والشجاع القادر على الإدارة والتدبير ممن أقرّت له أكثرية الأمة وقبلته قائداً لها، يملك ولاية الأمر في الجمهورية الإسلامية، بنص الأصل الخامس من الدستور، وللولي الفقيه صلاحيات بموجب الشريعة الإسلامية، يستطيع أن يمارسها في الظروف الخاصة بها).




ووصيتي إلى الشعب الشريف هي أن يتواجد على الساحة في جميع الانتخابات، سواء انتخابات رئاسة الجمهورية، أو انتخابات نواب مجلس الشورى الإسلامي، أو انتخابات مجلس الخبراء من أجل تعيين مجلس القيادة أو القائد، وأن ينتخب الأفراد وفق ضوابط ذات اعتبار. فلو حدث مثلاً تساهل في انتخاب (أعضاء مجلس) الخبراء لتعيين مجلس القيادة أو القائد، ولم ينتخبوا الخبراء وفق موازين شرعية وقانونية، فقد تنزل بالإسلام والبلاد أضرار لا تعوّض. وفي هذه الحالة يصبح الجميع مسؤولين أمام الله تعالى. ومثل (التساهل) عدم التدخل. فأبناء الشعب (ابتداء) من مراجعه وعلمائه الكبار، حتى فئة الحرفيين والفلاحين والعمال والموظفين مسؤولون بأجمعهم عن مصير الوطن والإسلام، سواء في الجيل الراهن أو الأجيال المقبلة. وقد يكون عدم الحضور والتساهل في وقت من الأوقات ذنباً يقع في مرحلة رأس الذنوب الكبيرة. فعلاج الواقعة يجب أن يتم قبل وقوعها، وإلاّ فلت الزمام من يد الجميع. وهذه حقيقة لمسناها ولمستموها بعد الحركة الدستورية. فلا علاج أفضل وأسمى من أن يؤدي الشعب في جميع أرجاء البلاد ما عليه من مسؤوليات موكلة إلية وفق المعايير الإسلامية وقوانين الدستور. وأن يستشير في انتخاب رئيس الجمهورية ونواب المجلس الأفراد المتعلمين الملتزمين المتنورين المطلّعين على مجاري الأمور،





وغير المرتبطين بالبلدان المقتدرة المستغلة، والمشهورين بالتقوى والالتزام بالإسلام والجمهورية الإسلامية، وأن يستشير أيضاً العلماء والروحانيين المتقين والملتزمين بالجمهورية الإسلامية، وعلى أبناء الشعب أن يهتموا بأن يكون رئيس الجمهورية ونواب المجلس من طبقة لمست محرومية المحرومين ومظلومية المستضعفين، وممن يهتم بأمر رفاه هؤلاء (المظلومين والمستضعفين)، لا (أن يكون) من الرأسماليين والإقطاعيين والمتعالين المرفهين والغارقين في الشهوات والملذات، من الذين لا يستطيعون أن يفهموا مرارة الحرمان وعذاب الحفاة والجياع. ولنعلم أنه إذا كان رئيس الجمهورية ونواب المجلس أفراداً لائقين وملتزمين بالإسلام وممن يحملون هموم الوطن والشعب، فإن كثيراً من المشاكل لا تظهر، وإن ظهرت تُحلّ. ونفس هذه المسألة ينبغي أن تراعى بشكل خاص في انتخاب مجلس القيادة أو القائد. فإذا انتخب العشب الخبراء انتخاباً دقيقاً قائماً على استشارة المراجع العظام في كل عصر، والعلماء الكبار في جميع أرجاء البلاد والمتدينين والعلماء، فإن كثيراً من المشاكل والعقبات سوف تُدرأ عن طريق انتخاب أكثر الشخصيات لياقة والتزاماً للقيادة، أو لمجلس القيادة، أو أن هذه المشاكل سوف تحلّ بكفاءة. ومن الأصل التاسع بعد المائة والعاشر بعد المائة في الدستور، تتضح المسؤولية الثقيلة التي يتحملها الشعب في انتخاب أعضاء مجلس الخبراء والنواب، وانتخاب القائد أو مجلس القيادة، (ويتضح) أن أدنى تساهل في الانتخاب سوف ينزل بالإسلام والجمهورية الإسلامية أضراراً، وأية أضرار!، واحتمال وقوع تلك (الأضرار) أمر ذو أهمية بالغة يؤدي





إلى إيجاد تكليف إلهي. ووصيتي إلى القائد ومجلس القيادة في هذا العصر، وهو عصر هجوم القوى الكبرى وعملائها في الداخل والخارج على الجمهورية الإسلامية، بل في الواقع على الإسلام عبر واجهة الجمهورية الإسلامية، وفي العصور القادمة، أن ينذروا أنفسهم لخدمة الإسلام والجمهورية الإسلامية والمحرومين والمستضعفين، وأن لا يظنوا أن القيادة في نفسها تحفة ومقام رفيع لهم، بل هي مسؤولية ثقيلة خطرة يجلب الانزلاق فيها، إن كان عن هوى نفس لا سمح الله، العار الأبدي في هذه الدنيا، ونار غضب الله القهار في الآخرة.




أتضرّع وأبتهل إلى الله الهادي المنان أن ينجينا نحن وأنتم في هذا الإمتحان الخطر، ويقبلنا في حضرته بوجه أبيض. وهذا الخطر بدرجة أخف قليلاً قائم أيضاً أمام رؤساء الجمهورية في الحال والمستقبل، والحكومات والمسؤولين حسب درجاتهم في المسؤولية، لذلك عليهم أن يروا الله حاضراً وناظراً، وأن يروا أنفسهم في محضره المقدس. أخذ الله تعالى بأيديهم إلى سواء السبيل.






أهمية القضاء



ح- من مهمات الأمور، مسألة القضاء التي ترتبط بأرواح الناس وأموالهم وأعراضهم. ووصيتي إلى القائد ومجلس القيادة أن يبذلوا الجهد فيما عليهم من مسؤولية، تتمثل بتعيين أعلى مسؤول قضائي بأن يكون من الأشخاص الملتزمين وأصحاب التجربة والنظر في الأمور الشرعية والإسلامية والسياسية. وأطلب من





أعضاء مجلس القضاء الأعلى أن يجدّوا في إصلاح أمر القضاء الذي تدنّى في عهد النظام البائد إلى وضع مؤسف ومؤلم. وأن يبعدوا عن كرسي القضاء الهام من يتلاعب بأرواح الناس وأموالهم ومن لا يعير أهمية للعدالة الإسلامية، وأن يحدثوا التغييرات في (وزارة) العدل بهمة وجد وتدريج، وأن يتم بجد إن شاء الله تدريب وتعليم قضاة تتوفر فيهم الشروط اللازمة في الحوزات العلمية، وخاصة حوزة قم العلمية المباركة، وتقديمهم ليتعينوا بدلاً من القضاة الذين لا تتوفر فيهم الشروط المقررة الإسلامية. وسوف يسود القضاء الإسلامي إن شاء الله عاجلاً في جميع أرجاء البلاد. وأوصي القضاة المحترمين في العصر الراهن وفي العصور القادمة، أنه مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد من أحاديث عن المعصومين صلوات الله عليهم بشأن القضاء، وما يتضمنه من خطر عظيم، وما ورد بشأن القضاء بغير الحق، عليهم أن يتصدّوا لهذا الأمر الخطير، وأن لا يدعوا المنصب يقع بيد غير أهله، وأن لا يرفض هذا الأمر من هو أهل له، وأن لا يفسحوا المجال لمن هو غير أهل له. وكما أن خطر هذا المنصب كبير، اعلموا أن الأجر والفضل والثواب فيه كبير أيضاً. وتعلمون أن تصدي القضاء لأهله واجب كفائي.




الحوزات العلمية المقدسة ط- وصيتي إلى الحوزات العلمية (الحوزات العلمية:




هي مراكز الدراسات الإسلامية الحرّة، والطالب فيها يستطيع أن يواصل دراساته حتى يبلغ درجة الإجتهاد. وهي عادة مراكز إشعاع علمي وقيادي في المجتمع الإسلامي. وأشهر هذه الحوزات في إيران، حوزة قم العلمية). المقدسة هي إني ذكرت مراراً أعداء الإسلام والجمهورية الإسلامية شمروا عن ساعد الجد في هذا العصر للإطاحة بالإسلام، ويسعون بكل طريق ممكن





لتحقيق هذا الهدف الشيطاني. وأحد الطرق الهامة لمقصدهم المشؤوم والخطر على الإسلام والحوزات الإسلامية، إرسال أفراد منحرفين فاسدين ليخترقوا الحوزات العلمية، وفي ذلك خطر كبير قصير المدى يتمثل في الإساءة إلى سمعة الحوزات بارتكاب لأعمال المشينة وبالانحراف في السلوك والأخلاق، وخطرة كبير في المدى البعيد عندما يصل واحد، أو أكثر من الأفراد المحتالين إلى مراتب عالية. فهؤلاء باطلاعهم على العلوم الإسلامية وتغلغلهم بين الجماهير الفئات الطيبة القلب وجذبهم إليهم، ينزلون الضربة المهلكة بالحوزات الإسلامية والإسلام العزيز والوطن في الوقت المناسب. ونحن نعلم أن القوى الكبرى الناهبة، لها في الأوساط أفراداً بأشكال مختلفة من الوطنيين والمثقفين الزائفين والمتلبسين بلباس علماء الدين، وهذه (الفئة الأخيرة) إن وجدت المجال، فخطرها أكبر وضررها أفظع. وهؤلاء أحياناً يقضون ثلاثين أو أربعين عاماً بصبر وتحمل بين الشعوب، وبمظهر إسلامي متزمّت، أو بادّعاء القومية الإيرانية أو الوطنية، أو بحيل أخرى، ثم يؤدون مهمتهم في الوقت المناسب. وشعبنا العزيز خلال هذه الفترة القصيرة بعد انتصار الثورة رأى نماذج من مثل مجاهدي الشعب، وفدائيي الشعب، وحزب توده وعناوين أخرى. ومن اللازم على الجميع أن يحبطوا هذا اللون من المؤامرة بوعي. والأهم من كل ذلك الحوزات العلمية التي يتحمل مسؤولية تنظيمها وتصفيتها المدرّسون المحترمون والأفاضل المجربون بتأييد من مراجع العصر. ولعل أطروحة " النظام في عدم الانتظام " هي من الالقاءات المشؤومة لهؤلاء المخططين والمتآمرين.





على أي حال، وصيتي أنه في كل العصور، وخاصة في العصر الراهن حيث المخططات والمؤامرات تدبر بسرعة وقوة، النهوض من أجل تنظيم الحوزات لازم وضروري. وعلى العلماء والمدرسين والفضلاء العظام أن يبذلوا الوقت ويضعوا البرنامج الدقيق الصحيح ليحفظوا الحوزات، وخاصة الحوزات العلمية في (مدينة) قم وسائر الحوزات المهمة الكبرى، في هذه الفترة الزمنية، من الآفات. وفي الدروس المرتبطة (بالفقاهة) وفي مجال الدراسات الفقهية والأصولية، من اللازم أن لا يسمح العلماء والمدرسون المحترمون حدوث خروج عن طريقة المشايخ العظام، فالطريق الوحيد لحفظ الفقه الإسلامي هو الفقاهة. وأن يسعوا إلى أن تتعمق يوماً بعد يوم (روح) الدقة والبحث والنظر والابتكار والتحقيق. وأن يحفظ الفقه التقليدي الذي هو تراث السلف الصالح، والخروج عنه (يؤدي إلى) ارتخاء أركان التحقيق والتدقيق. وأن تضاف البحوث إلى البحوث. وفي فروع العلوم الأخرى ينبغي طبعاً وضع برامج تتناسب مع احتياجات البلاد والإسلام، ويربي من خلالها الرجال. وأعلى وأسمى المجالات العلمية التي ينبغي أن يشارك الجميع في تعليمها وتعلمها هي العلوم المعنوية الإسلامية، مثل علم الأخلاق وتهذيب النفس والسير والسلوك إلى الله، رزقنا الله وإياكم، (ذلك) فهو الجهاد الأكبر.




إصلاح القوة التنفيذية ي- من الأمور التي تستلزم الإصلاح والتصفية والمراقبة القوة التنفيذية. فمن الممكن أن يصادق المجلس على قوانين راقية ومفيدة





للجميع، وينفذها مجلس مراقبة الدستور، ويبلغها الوزير المسؤول، لكنها، ما إن تقع بيد المنفذين غير الصالحين، يمسخونها، ويعملون خلافاً للمقررات، بدفعها إلى اللعب الإداري أو إلى الطرق الملتوية التي اعتادوا عليها، أو بالتعمد بالمخالفة لخلق الاستياء بين الناس، وبالتدريج وبالتساهل يحدثون غائلة.




وصيتي إلى الوزراء المسؤولين في العصر الراهن وفي العصور الأخرى، هي أنه إضافة إلى أن الميزانية التي ترتزقون منها أنتم وموظفو الوزارات هي أموال الشعب، ومن هنا يجب أن تكونوا في خدمة الشعب، وخاصة المستضعفين، وإن إرهاق الناس والعمل خلاف الواجب حرام قد يوجب أحياناً، لا سمح الله، غضباً إلهياً، (إضافة إلى ذلك) فإنكم جميعاً بحاجة إلى مساندة الشعب. فبمساندة الشعب، وخاصة الطبقات المحرومة منه، تحقق النصر، وانقطعت يد الظلم الشاهي عن البلاد وذخائرها. وإن حرمتم يوماً من هذه المساندة تُقصوا عن مناصبكم، وكما كان الأمر في النظام الشاهنشاهي، يحتل الظالمون المناصب. انطلاقاً من هذه الحقيقة الملموسة يجب أن تسعوا في كسب الجماهير وأن تتجنبوا السلوك غير الإسلامي وغير الإنساني.




ومن هذا المنطلق أوصي وزراء الداخلية على مر التاريخ، أن يراعوا الدقة في انتخاب المحافظين (حكام المحافظات)، وأن يختاروهم من بين اللائقين، المتدينين، الملتزمين، وأهل العقل، والمتماشين مع الناس، كي يستتب الأمن في البلاد. وإن كان كل الوزراء يتحملون مهمة تعميق الإسلام وتنظيم الأمور في محل مسؤوليتهم، لكن يجب أن نعلم أن بعض أولئك لهم





(مهام) خاصة، مثل وزارة الخارجية التي تتحمل مسؤولية السفارات في خارج البلاد. لقد أوصيت وزراء الخارجية منذ بداية انتصار (الثورة) بشأن إزالة مظاهر الطاغوت من السفارات وتحويلها إلى سفارات تتناسب مع الجمهورية الإسلامية. لكن بعضهم لم يشأ أن يؤدي عملاً إيجابياً، إن لم يستطع ذلك. والآن وقد مرّ على الانتصار ثلاثة أعوام، وإن كان وزير الخارجية الحالي قد أقدم على هذا الأمر، فمن المؤمل أن ينجز هذا الأمر الهام بصرف الوقت وبالمثابرة. ووصيتي إلى وزراء الخارجية في هذا العصر والعصور التالية هي أن مسؤوليتكم جسيمة سواء في حقل إصلاح وتغيير الوزارة والسفارات، أو في حقل السياسية الخارجية وذلك بحفظ استقلال البلاد ومصالحها وإقامة علاقات حسنة مع البلدان التي لا تستهدف التدخل في أمور بلادنا. عليكم أن تتجنبوا بشكل قاطع كل أمر مشوب بالتبعية بجميع أبعادها. وأعلموا أن التبعية في بعض الأمور، مهما كان لها ظاهر خادع أو منفعة آنية، هي في النتيجة ستتلف جذور البلد. واسعوا في تحسين العلاقات مع البلدان الإسلامية، وفي إيقاظ الحكام والدعوة إلى الوحدة والاتحاد، فالله معكم.




ووصيتي إلى الشعوب والبلدان الإسلامية هي أن لا يعقدوا الأمل على مساعدة خارجية في الوصول إلى الهدف المتمثل في الإسلام وتطبيق الأحكام الإسلامية. عليكم أن نتهضوا أنفسكم بهذا الأمر الحياتي الذي يستتبعه تحقق الاستقلال والحرية. وعلى العلماء الأعلام والخطباء المحترمين في البلدان الإسلامية أن يدعوا الحكومات لتحرر نفسها من التبعية للقوى الكبرى،





ولتتفاهم مع شعوبها، وفي هذه الحالة سيكسبون النصر المؤزّر. وعليهم أن يدعوا الشعوب إلى الوحدة وإلى اخوتهم في الإيمان بمختلف بلدانهم وقومياتهم، فالإسلام العظيم سمّاهم اخوة. وأن تحققت هذه الأخوّة الإسلامية يوماً بهمة الحكومات والشعوب وبتأييد الله تعالى، فسترون أن المسلمين يشكلون أكبر قدرة عالمية. على أمل أن تتحقق يوماً بإذن رب العالمين هذه الأخوة والمساواة. ووصيتي إلى وزارة الإرشاد في جميع العصور، وخاصة العصر الراهن، بما له من خصوصيات، هي السعي من أجل التبليغ الحق أمام الباطل، وعرض الوجه الحقيقي للجمهورية الإسلامية. ونحن في هذا العصر، إذ قطعنا يد القوى الكبرى عن بلادنا، نتعرض إلى هجوم إعلامي من جميع وسائل الإعلام المرتبطة بالقوى الكبرى، وبالكلمة المسموعة والمقروءة، إلى الجمهورية الإسلامية الوليدة!! أكثر حكومات المنطقة الإسلامية التي يجب أن تمدّ لنا يد الاخوةّ، بحكم الإسلام، قد ناصبتنا وناصبت الإسلام العداء مع الأسف. وشنت هجوماً علينا خدمة للطامعين الدوليين. وقدرتنا الإعلامية ضعيفة جداً وهزيلة. وتعلمون أن العالم اليوم يدور حول محور الإعلام. ومن المؤسف أن من يسمون بالكتّاب المثقفين، الذين تتجه ميولهم إلى أحد القطبين، بدل أن يفكروا في استقلال وحرية بلدهم وشعبهم، لا تسمح لهم الروح الاستعلائية والانتهازية والاحتكارية لأن يتفكروا لحظة، وأن يأخذوا بنظر الاعتبار مصالح بلدهم وشعبهم، وأن يقارنوا بين الحرية والاستقلال في هذه الجمهورية، وبين (ما كان عليه الوضع في) النظام الظالم السابق، و(أن يقيسوا) الحياة المشرفة القيمة المقرونة بفقدان بعض وسائل





الرفاه وبطر العيش (في ظل الجمهورية الإسلامية)، بما كان عليه نظام الظلم الشاهي الذي كان يعطي (تلك الوسائل) مقرونة بالتبعية والرقية وبكيل المدح والثناء لجرائم الفساد ومنابع الظلم والفحشاء، وأن يكفوا عن إلصاق التهم والأكاذيب بهذه الجمهورية الإسلامية الوليدة، وأن يقفوا بأقلامهم وألسنتهم مع الشعب والحكومة صفاً واحداً ضد الطاغوتيين والظلمة.




ومسألة التبليغ لا تنهض بها وزارة الإرشاد وحدها، بل هي مسؤولية كل العلماء والخطباء والكتّاب والفنانين. يجب أن تسعى وزارة الخارجية لأن توفر نشرات تبليغ في السفارات تبيّن الوجه النيّر للإسلام، إذ لو سطع هذا الوجه بجماله الباهر الذي رسمه القرآن والسنة في كل الأبعاد، من تحت النقاب الذي ضُرب عليه من قبل محاولات الأعداء وبلادة الأصدقاء، فإن الإسلام سيشع نوره على العالمين. وستهتز رايته العزيزة خفاقة في كل مكان. أية مصيبة أعظم وأمرّ من أن يملك المسلمون متاعاً لا نظير له من بدء العالم حتى منتهاه، ثم هم لا يستطيعون أن يعوضوا هذه الجوهرة الثمينة التي ينشدها كل إنسان بفطرته السليمة، بل أنهم هم أيضاً عنها غافلون، وبها جاهلون، وعنها أحياناً معرضون.دور الجامعات ك- من الأمور المصيرية المهمة مسألة مراكز التعليم والتربية، ابتداء من دور الحضانة حتى الجامعات. وهي لأهميتها أكررها مكتفياً بالإشارة إليها. على الشعب المنهوب أن يعلم أن ما أنزل الضربة المهلكة بإيران والإسلام في نصف القرن الأخير، يعود في





معظمه إلى الجامعات. لو أن الجامعات ومراكز التعليم والتربية الأخرى كانت تنهض بعملية التعليم والتهذيب وتربية الأطفال والناشئة والشباب وفق منهج إسلامي ووطني، وعلى طريق مصالح البلاد، لما وقعت بلادنا إطلاقاً في حلقوم بريطانيا، وبعدها أميركا والاتحاد السوفيتي، ولما فرضت الاتفاقيات الهدامة على الشعب المحروم المسلوب، ولما انفسح المجال أما دخول المستشارين الأجانب إلى إيران، ولما انسابت ثروات إيران وما يملكه هذا الشعب المعذّب من ذهب أسود إلى الجيوب الشيطانية، ولما استطاعت الأسرة البهلوية وبطانتها أن تنهب أموال الشعب، لتبني على جماجم المظلومين المنتزهات (الشخصية) والفيلات في الداخل والخارج، ولتملأ البنوك الأجنبية من كد هؤلاء المظلومين، ولتنفقها في بطرها ومجونها هي وزمرتها.




لو كان المجلس والحكومة والسلطة القضائية وسائر الأجهزة تنبثق من جامعة إسلامية ووطنية، لما أحاطت بشعبنا اليوم المشاكل المخربة. ولو أن شخصيات عفيفة ذات اتجاه إسلامي وطني بالمعنى الصحيح، لا بالمعنى الذي يطرح اليوم مقابل الإسلام، قد شقت طريقها من الجامعات إلى السلطات الثلاثة، لكان يومنا هذا غير ما نحن عليه اليوم، ولكان وطننا غير هذا الوطن، ولتحرر محرومونا من قيود الحرمان، ولا نطوي بساط الظلم والجور الشاهي ومراكز الفحشاء والإدمان والمواخير، مما يكفي واحد منها لإبادة الجيل الشاب الفعال الكفوء بأجمعه، ولما وصلنا هذا الميراث المهلك للحرث والنسل. لو كانت الجامعات إسلامية إنسانية وطنية، لاستطاعت أن تقدم للمجتمع مئات بل آلاف المربين، ولكن ومع





شديد الأسف، كانت مهمة إدارة الجامعات ومهمة تعليم وتربية أفلاذ أكبادنا منوطة بيد المهزومين أمام الشرق الغرب، وفق ما أملي عليهم من برنامج وخطة، كانت المواقع العلمية في الجامعات بيد هؤلاء، اللهم إلاّ أقلية مظلومة محرومة (من الأساتذة والمدرسين). ومن هنا كان لا بدّ لشبابنا الأعزّة المظلومين أن يتربّوا في أحضان هذه الذئاب المرتبطة بالقوى الكبرى، وليتربعوا على كرسي التقنين والحكم والقضاء، وليعملوا وفق أوامر النظام البهلوي الجائر. والآن، وقد تحررت الجامعة من براثن هؤلاء المجرمين، فعلى الشعب وحكومة الجمهورية الإسلامية في جميع العصور أن لا يدعوا العناصر الفاسدة ذات الاتجاهات الفكرية المنحرفة، أو الميول الغربية والشرقية أن تتوغل في الجامعات والمعاهد العليا، وسائر مراكز التعليم والتربية، وأن يحولوا دون ذلك من أول خطوة، كي لا تحدث مشكلة ويفلت الزمام. ووصيتي إلى الشباب الأعزّة في الجامعات والمدارس العليا والثانويات، هي أن ينهضوا بأنفسهم وبشجاعة أمام الانحرافات، كي يصونوا الاستقلال والحرية لأنفسهم ولبلدهم وشعبهم.






القوات المسلحة



ل- القوات المسلحة، ابتداء من الجيش والحرس وقوات الدرك والشرطة وحتى اللجان (الثورة والتعبئة والعشائر لها خصوصيتها، فهي باعتبارها العضد المفتول القوى للجمهورية الإسلامية، وحارسة الثغور والطرق والمدن والقرى، وحافظة الأمن وواهبة الاستقرار للشعب، يجب أن تكون موضع اهتمام خاص من





الشعب والحكومة والمجلس، ومن اللازم أن يفهموا أن أطماع القوى الكبرى والسياسات المخربة تتجه إلى القوى المسلحة أكثر من أي شيء ومن أية فئة. فبيد القوات المسلحة تنفيذ الانقلابات وتُغيّر الأنظمة والحكومات بالأحابيل السياسية، ويعمد النفعيون الماكرون إلى شراء ذمة بعض قادتهم، وبذلك يخضعون الشعوب المظلومة لسلطتهم ويصادرون من البلدان الاستقلال والحرية.




ولو أن الأمر تصدى له قادة عفيفون، لما تسنّى لأعداء البلدان أن ينفذوا فيها مؤامرة، أو أن يحتلوها إطلاقاً، وإن تسنّى لهم ذلك مرّة فسيواجهون الفشل والهزيمة على يد القادة الملتزمين. وفي إيران، حيث تحققت معجز العصر بيد الشعب، كان للقوات المسلحة الملتزمة والقادة النزيهين الوطنيين السهم الوافي فيها.




واليوم، حيث الحرب الملعونة التي فرضها صدام التكريتي بأمر أميركا وسائر القوى المقتدرة، وبمساعدتها تواجه هزيمة سياسية وعسكرية للجيش البعثي المعتدي وحماته المقتدرين وعملائهم، فإن القوات المسلحة النظامية والانتظامية والحرس والقوات الشعبية، بدعم متواصل من الجماهير في الجبهات وخلف الجبهات، هي التي سجلت هذه المفخرة الكبرى ورفعت رأس إيران عالياً. وهكذا أعمال الشغب والمؤامرات الداخلية التي تعبأت لها الدمى المرتبطة بالغرب والشرق من أجل الإطاحة بالجمهورية الإسلامية قد أحبطت بسواعد قويّة لشباب اللجان (الثورية) وحرس التعبئة والشرطة بمساعدة الشعب الغيور. وهؤلاء الشباب المضحون الأعزاء هم اليوم يسهرون كي تستريح العوائل في





اطمئنان، كان الله في عونهم وأخذ بيدهم. إذن، أوصي القوات المسلحة عامة وصية أخوية في هذه الخطوات الأخيرة من عمري (وأقول لهم ):




أيها الأعزّة المتعشقون للإسلام، ويا من تواصلون التضحيات في الجبهات والأعمال القيمة في أرجاء البلاد يحدوكم حبّ لقاء الله، كونوا واعين منتبهين، فأصحاب الألاعيب السياسية، والسياسيون المحترفون المتغربون والمتشرقون، والأيدي الخيانية المشبوهة المستترة صوّبت رؤوس حراب أسلحتها الخيانية الإجرامية صوبكم من كل جانب، وإليكم أكثر من أي فئة أخرى. ويستهدفون أن يستغلوكم أنتم أيها الأعزّة الذين سجلتم بتضحياتكم الانتصار للثورة والحياة للإسلام للإطاحة بالجمهورية الإسلامية، وأن يعزلوكم عن الإسلام وعن الشعب باسم الإسلام وباسم خدمة الوطن والشعب، ثم يلقوكم في أحضان أحد القطبين الطامعين الدوليين، وبذلك يبددوا أتعابكم وتضحياتكم بأحابيل سياسية وبمكائد تتقمص ظواهر إسلامية ووطنية.




وصيتي المؤكدة للقوات المسلحة هي الالتزام بمقررات النظام القاضية بعدم انتماء العسكريين إلى التجمعات الحزبية والفئوية والجبهوية، وعلى القوات المسلحة عامة النظامية الانتظامية، والحرس والتعبئة وغيرهم أن يمتنعوا عن الدخول في أي حزب وتجمّع، وأن يبتعدوا عن الألاعيب السياسية. وفي هذه الحالة يستطيعون أن يحافظوا على مقدرتهم العسكرية، وأن يأمنوا الاختلافات الفئوية. وعلى قادة الجيش منع من هم تحت إمرتهم من الدخول في الأحزاب.





ولما كانت الثورة ثورة كل الشعب، وصيانتها مسؤولية (يتحملها) الجميع، فإن الواجب الشرعي والوطني يفرض على الحكومة والشعب، ومجلس الدفاع ومجلس الشورى الإسلامي أن يعارضوا منذ الخطوة الأولى فيما إذا أرادت القوات المسلحة على مستوى كبار القادة، أو على المستويات الأخرى أن تقدم على عمل يتعارض مع مصالح الإسلام والبلاد، أو أن تنتمي إلى الأحزاب مما يؤدي حتماً إلى دمارها، أو تدخل في ألاعيب سياسية. وعلى القائد ومجلس القيادة أن يحولوا دون ذلك بحزم كي يصونوا البلد من الأخطار.




أتقدم إلى القوات المسلحة في نهاية حياتي الترابية بوصية مشفقة، أن استقيموا على وفائكم - كما أنتم أوفياء اليوم - للإسلام فهو المدرسة الوحيدة للحرية والاستقلال، وبنور هدايته يدعو الله جميع (البشرية) إلى السموّ الإنساني. إنه ينقذكم وبلدكم وشعبكم من ذلّ التبعية والانقياد إلى قوى لا هدف لها سوى استعبادكم، وسوى جر بلادكم وشعبكم العزيز إلى الانحطاط، وإلى (الانغماس في) سوق الاستهلاك والخضوع لوطأة ذلك الظلم. وعليكم أن تفضلوا الحياة المشرفة وإن اقترنت بالمشاكل، على حياة ذليلة (مقرونة) بالاستعباد للأجانب وإن صحبها رفاه حيواني. واعلموا أنكم مادمتم في (تأمين) احتياجاتكم من الصناعات المتطورة، تمدون أيديكم إلى الآخرين، وتقضون عمركم بالاستجداء، فإن قدرة الابتكار في الاختراعات سوف لا تتفتح فيكم. ولقد رأيتم بأم أعينكم في هذه الفترة القصيرة بعد المقاطعة





الاقتصادية أن أولئك الذين كانوا يستشعرون العجز عن صنع أي شيء، ويستشعرون اليأس من تشغيل المصانع، قد استخدموا فكرهم لسد الكثير من احتياجات الجيش والمصانع. وانه لمن العطايا الإلهية التي كنا عنها غافلين نشوب هذه الحرب والمقاطعة الاقتصادية وإخراج الخبراء الأجانب. والآن، إن أقدم (رجال) الحكم والجيش بأنفسهم على مقاطعة بضائع الطامعين الدوليين، وصعّدوا من جهدهم وسعيهم على طريق الابتكار، فمن المؤمل أن تصل البلاد إلى حد الاكتفاء الذاتي وتنجو من استجداء الأجانب.




وهنا يجب أن أضيف أن حاجاتنا إلى الصناعات المتطوّرة للدول الأجنبية حقيقة لا تقبل الإنكار، بعد كل ما مرّ علينا من انحطاط مفروض. غير أن هذا لا يعني ضرورة التبعية لأحد القطبين في العلوم المتطورة. على الحكومة والجيش أن يسعيا لإرسال طلاب ملتزمين إلى البلدان التي تملك الصناعات الثقيلة المتطورة. دون أن تكون استعمارية ومستغلة. وأن يتجنبا الإرسال إلى أميركا والاتحاد السوفيتي والبلدان الأخرى التي تحذوا حذو هذين القطبين، اللهم إلا إذا تسنّى لهاتين القدرتين - إن شاء الله - أن تعيا أخطاءهما، وأن تتجها في مسيرة الإنسانية وحبّ النوع الإنساني واحترام حقوق الآخرين. أو أن (يستطيع) مستضعفو العالم والشعوب الواعية والمسلمون الملتزمون - بإذن الله - أن يكبحوا جماح (هاتين القدرتين)، على أمل مثل ذلك اليوم.




/ 3