نسبه وولادته - رسالة فی رد مذهب الوهابیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رسالة فی رد مذهب الوهابیة - نسخه متنی

السید محمد عصار

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




رسالة في ردّ مذهب الوهّابية


تأ ليف :


العلاّ مة السيّد محمّد العصّار


تحقيق :


الشيخ نعمان النصري.


موجز عن حياة المؤ لف :


السيد محمد العصار.


نسبه وولادته


هو محمد بن محمود الحسيني اللواساني الطهراني المعروف بـ ((العصار)) ولد في سنة (1264ه /1848م ) وتوفي سنة (1356ه /1937م ) وكان حكيماً ، متكّلماً ، فقيهاً ، اءصولياً ، شاعراً ، ومن مفسّري الشيعة . عاش في طهران ومشهد ، لقّب في اءوائل عمره بالناظم ثم ّ بـ ((آشفته تهراني )) أ ي الغاضب الطهراني وفي اءواخر عمره لقّب بـ ((العصّار)) وكانت عائلته في الا صل من مازندران . اءبوه هو الحاج السيد محمود اللواساني ، عاش اءولاً في مدينة لواسان ثم ّ هاجر إ لى طهران . وقد أ رّخ المؤ لف نفسه ولاته في كتاب تاريخ العصّار ومقدّمة تفسير ناسخ التفاسير جاء فيه :


((ولدت ُ في سنة تربّع ناصر الدين شاه القاجاري على كرسي الحكم اءو السنة التالية لها ويعني سنة (1264ه /1848م ) اءو (1265ه /1849م ) .

دراسته الحوزوية


درس العصّار مقدّمات العلوم في طهران ، وفي الثالثة عشرة من عمره الشريف سافر إ لى طالقان برفقة اُستاذه ، وبعد مدّة عاد إ لى طهران ، فدرس كتابي معالم الاُصول وشرح اللمعة على يد الشيخ محمد حسن الچاله ميداني وملاّ اسماعيل القره باغي . وبعد إ تمام مرحلة السطوح في طهران هاجر إ لى مدينة كربلاء المقدسة للتتلمذ على يدي علمائها وفقهائها آنذاك اءمثال زين العابدين المازندراني (ت 1309 ه /1892م ) والذي كان مرجعاًللتقليد في الهند ومازندران .

سفره إ لى السعودية والبلدان العربيّة


بعد ذلك َ سافر إ لى مدينة الرسول على ساكنها الصلاة والسلام ، حيث التقى هناك مع حاكمها آنذاك خالد باشا ، واءنشد قصيدة في مدحه فأ جازه بهدية ، وبقي مدة في المدينة حيث اءلّف كتاب التحفة المدنيّة في العروض سنة (1290ه /1873م ) . وفي نفس تلك السنة سافر إ لى مكّة زادها اللّه شرفا وقد حضر هناك دروس السيّد أ حمد دحلان ودرس الا دبيات عند الشيخ محمّد بسيوني وحصل على إ جازة الرواية للصحاح الستّة لا هل العامّة من المولى عبدالغني الهندي الحنفي وغير ذلك . وسافر اءيضاً إ لى بيروت ودمشق ثم ّ عاد إ لى النجف ، وبعدها وفي سنة (1296 ه /1879م ) سافر إ لى سامراء لحضور دروس الميرزا الشيرازي ، وبقي هناك إ لى سنة (1301ه /1884م ) حيث ترك سامراء متوّجهاً إ لى طهران مسقط راءسه ، فبقي فيها عدّة سنوات . ونقل عنه اءنّه بعد اثنتي عشرة سنة من العزلة والابتعاد عن الناس ترك طهران في الثاني من ذي الحجّة الحرام سنة (1340ه ـ كانون الثاني 1922) ورحل إ لى مدينة مشهد المقدسة ، وبقي إ لى اءواخر عمره بجوار مشهد الا مام الرضا عليه السلام .

اءساتذته


حضر السيّد العصّار طيلة زمان دراسته في الحوزة العلمية عند كبار اءساتذة عصره ، فقد درس عند الميرزا الشيرازي (ت 1312ه /1894م ) والا خوند الخراساني (ت 1329ه /1911م ) كما حصل على إ جازة الرواية من الميرزا حسين النوري (ت 1320ه /1902م ) والسيد مهدي القزويني (ت 1300ه / 1883م ) والسيد محمّد بحر العلوم والشيخ محمد حسن المامقاني (ت 1323ه /1905م ) والشيخ عباس كاشف الغطاء من علماء الشيعة والشيخ محمد بسيوني المكي الشافعي من علماء اءهل السنّة .

تلاميذه


لقد ربّى السيد العصّار مجموعة كبيرة من الطلبة وغذّاهم من فيض علومه ، وقد اءشار صاحب الذريعة إ لى اءحدهم وهو الميرزا اءحمد بن صالح البادكوبئي (ت 1300ه /1883م ) .

سيرته العلمية


لقد عاش المترجم حياة حافلة بالعلم والمعرفة وترك آثاراً علمية كبيرة ، ولكن ّ كثيراً منها ـ كما ينقل عنه ـ تعرّض للسرقة اءو الضياع بسبب تنقّلاته المستمرة من مكان آخر ، ويعلم مما كتبه السيد المترجم له اءنّه تعرض خلال حياته للفقر والمصائب الكبيرة ، وتعرّض في كثيرة من الا حيان لمحاولات الاغتيال ، من ذلك ماذكره في كتاب تاريخ العصّار:


في الوقت الذي كثر فيه اءصحاب الحوائج والمسائل علي َّ ، فإ ن ّ ذلك َ لم يكن ليمنعني من تخصيص عمدة وقتي لطلب العلم ، وبحمد اللّه لم اءتحسّر اءو اءندم على ذلك وكان مايسرّني ويؤ نسني هو اءن اءكون قرب المحبوب الحقيقي . ولا ني كنت من العلماء الذين يوجهون الناس ويعبئونهم حتى الشيخوخة فقد تعرّضت للا غتيال وجرحت خمس مرّات ولكن ّ اللّه تعالى نجاني من القتل بلطفه . وبقيت مدّة طويلة تحت العلاج كي يتسنى لي الشفاء من تلك الا لام والجروح ، وقد نجّاني اللّه تعالى من الغرق في السفر مرّتين ، وكذلك َ حفظني من الحرق والهدم ، بعد كل ّ تلك الحوادث الجسيمة آثرت العزلة وترك الاختلاط مع كافة طبقات المجتمع ممّا حدا بي إ لى التعمّق في المسائل العلمية والنظر الدقيق في المطالب . وفي اءواخر عمري اءصبت بالضعف الجسمي واءصيبت عيناي بالعمى فاُجريت عملية جراحية لهما ولكنها لم تترك تأ ثيراً على العين اليمنى ، ولكن العين اليسرى حصل لها بعض التحسّن حيث تسنّى لي بواسطة النظّارة والعدسة المكبّرة القراءة والكتابة ولكن بصعوبة .

آراؤ ه الخاصة في المنهج الحوزوي


للسيد آراء خاصة يعتقد بها بالنسبة للمنهج المتبع في الحوزة العلمية ويرشد الطلبة وخصوصاً طلبة العلوم القديمة حيث كتب :


لا يلزم على الطلبة الدخول في دراسة علم المنطق من اءي جهة وكون المنطق يعصم الفكر من الخطاء كما هو معروف لا وجه له إ لى اءن يقول :


. . . ولذا تعتبر جميع الاصطلاحات المنطقية سريعة النسيان وقليلة الاستعمال في العلوم الاُخرى ، حتّى في الحكمة فإ ن ّ الاعتقاد السائد اءن ّ المنطق وضع لا جل فهم الحكمة ولكن لا اءصل لهذه الشهرة . واءمّا الفقه فيكفي دراسة المتون الفقهية التي تحيط برؤ وس المسائل ويكفي من الاُصول المختصرات منه كتهذيب العلامة ومعالم الاُصول ، وبعدها تلخيص الاُصول وتلخيص الفرائد الذي هو توضيح المطالب المهمّة التي تنفع في الفقه ، واءمّا الرجوع إ لى المطولات مثل القوانين والفصول والفرائد للشيخ الا نصاري وكفاية الاُصول فهو من اءسباب التأ خير في الدراسة بلا مبرّر .


وكذلك َ حضور درس خارج الفقه والاُصول تضييع للعمر . وبنظري فإ ن ّ قراءة بعض الكتب الاستدلالية مثل شرح اللمعة والمسائل وجامع المقاصد في حال وجود مدرّس قادر على الجمع بين تدريس هذه الكتب والتحقيق في مسائلها اءحسن واءكمل من حضور بحث الخارج ، وهو نافع للطلبة بشكل كبير .


آثاره


1 ـ بركات الرضويّة :


وهو دورة اُصولية كاملة وقد جمع فيه بين كتابي تلخيص الاُصول وتلخيص الرسائل . 2 ـ فقاهة الرضويّة :


في الفقه الاستدلالي وهو جزءان :


الا وّل في مقدمات الفقه واُصوله في اءبواب العبادات والمعاملات اءتمّه في (24 ذي الحجة سنة 1346ه ) . ثم ّ ذيّله برسالة رجالية في اءسماء واءلقاب الا ئمة :


واءصحابهم ورواة كل رواية واءتمّها في (2 ربيع الثاني 1347ه ) . واءمّا الجزء الثاني فهو من اءوّل الطهّارة إ لى آخر التيمم ، بداء بتأ ليفه في (24 ذي الحجة 1346ه ) وأ تمّه في (النصف من شعبان 1350ه ) . وقال حول كتابه فقاهة الرضوية :


وصحيح أ ن ّ مقدّمة الكتاب مفصّلة ومطولة ولكن ّ فائدتها هي اءن ّ الطالب إ ذا كان حاضر الذهن متوجّه إ لى مطالب الكتاب فإ نّه سيستغني عن الرجوع إ لى الكتب المصنّفة في الاُصول والقواعد الفقهية المعروفة كقواعد الشهيد الا وّل وتمهيد القواعد للشهيد الثاني و . .


3 ـ تفسير ناسخ التفاسير:


يوجد نسخة خطية منها في الا ستانة الرضوية المقدسة . 4 ـ تلخيص الكفاية . 5 ـ شرح الزيارة الجامعة المسماة بالا لهامات الرضوية . 6 ـ قوامع الا وهام في الردّ على كتاب ينابيع الا سلام تأ ليف اءحد النصارى كتبه في تخطئة الدين الا سلامي . 7 ـ رسالة في ردّ مذهب الوهابيّة ـ وهي التي بين يديك ـ . 8 ـ مواهب الرضوية في الردّ على الدعاة من المسيحيين والبهائيين والقاديانيين . 9 ـ مختصر حياة الا مام الرضا عليه السلام . 10 ـ الا شراقات الرضوية :


وهو شرح بالعربية على منظومة السبزواري . 11 ـ التوحيد الكمالي والا خلاق الكمالية ـ في علم الا خلاق ـ مجلدين كتبه في فترة إ قامته في طهران . 12 ـ ومن آثاره الشعرية :


اء ـ لسان الغيب في استقبال المثنوي كتبه في اءوقات التهجد في السحر ، وامتاز بكثرة الاقبال عليه من الناس . ب ـ بيان الغيب في استقبال خواجه حافظ . ج ـ نياح الغيب في خروج الا مام الحسين عليه السلام من المدينة وواقعة الطف إ لى رجوع اءهل بيته :


إ لى المدينة . وقد طبع مع كتاب آداب السلوك للرعية والمملوك . د ـ شرح منظوم على ((گلشن راز)) . إ ضافة إ لى ذلك َ فقد نظم المؤ لّف مجموعة كبيرة من القصائد الغزليات والمخمّسات والرباعيات باللغتين العربية والفارسية . 13 ـ كما كتب شروحاً وحواشي كثيرة منها:


اء ـ شرح كشف قواعد العلامة . ب ـ حاشية على كشف الفوائد للعلامة الحلّي . ج ـ وجوه تأ مل على مكاسب الشيخ الا نصاري . د ـ شروح على قواعد الشهيد الا وّل . ه ـ شرح وجيز على منظومة السيد بحر العلوم . 14 ـ قام المؤ لف بتصحيح قسم من الكتب المهمّة منها:


اء ـ مكاسب الشيخ مرتضى الا نصاري . ب ـ مستدركات الوسائل . ج ـ قواعد الشهيد الا وّل . د ـ كشف الفوائد للعلامة الحلّي . ه ـ منظومة السيد بحر العلوم . و ـ جزءان من إ قبال السيد ابن طاووس .

وفاته


توفّي المرحوم العصّار في التاسع من محرّم سنة 1356ه 22 آذار 1937 في مشهد المقدسة و دفن في الايوان الذهبي للا مام الرضا عليه السلام . منهج التحقيق اعتمدت في تحقيق هذه ِ الرسالة الشريفة على مخطوطتين موجودتين في مكتبة الاستانة الرضوية المقدسة الاُولى كاملة بخط النستعليق ورمزت لها بالرمز:


((س )) وهي رديئة الخط وكُتبت سنة 1343 ه وعدد اءوراقها 30 بطول 21 وعرض 17سم وهي مختلفة السطور. واءمّا الثانية فرمزنا إ ليها برمز:


((ن )) تمتاز بجودة الخطّ ولكنها ناقصة من الا خير وخطها النسخ وعدد الا سطر 24 وعدد الا وراق 24 بطول 21 وعرض 17 سم . وقد قمت بمقابلت النسختين وبّينت مابينهما من الا ختلاف واءصلحت الا خطاء الا ملائية التي وردت واءشرت لها بالهامش واستخرجت الا يات والروايات من كتب الفريقين وغيرها، وقمت بتقطيع الرسالة طبقا للقواعد الحديثة واءشكلت مايحتاج إ لى الشكل من العبارات وغير ذلك مما يرتبط بالا خراج والتقويم . واءشرت اءحيانا بكلمة الا صل اءو النسختين إ لى ((س )) و ((ن )) واءساءل اللّه تعالى ان يجعل ذلك َ العمل القليل خالصاً لوجهه الكريم وآخر دعوانا اءن الحمدُ للّه رب ِّ العالمين وصلّى اللّه على محمد وآله الطاهرين . نعمان النصري.


الصفحة الا ولى من النسخة ((س )).


الصفحة الا ولى من النسخة ((ن )).


الصفحة الا خيرة من النسخة ((س )).


مقدّمة المؤ لّف

«رَب ِّ اشْرَح ْ لي صَدْرِي وَيَسِّرْ لي اءمري واحلُل ْ عُقْدة ً مِن ْ لساني يَفْقَهُوا قولي »(1) . الحمد للّه الّذي هدانا إ لى الاسلام ، وجعلنا من اُمّة محمّد (ص) والا ئمّة الكرام عليهم الصّلاة والسّلام ، والّلعنة الدّائمة على اءعدائهم من الا ن إ لى قيام يوم القيام . وبعد ؛ فيقول العبد الجاني محمّد الحسيني ّ الطهراني ّ ، حليف الا ثام والا ماني :


إ نّي ـ وللّه الحمد ـ من سوء القضاء اءو لكون ا للّه تعالى يفعل ما يشاء واقع في زمان تهاجم الفتن ، وتعاظم اءعداء الدّين ، المصرّين على تبديل الفرائض والسّنن ، وتعطيل الا حكام بجدّ اءكيد في السّر والعلن ، وظهور ذلك للعين والعيان اءغنانا عن تفصيل العناوين بالبيان . والعجب من الجماعة الوهّابية من اءنّهم اءسّسوا اءساس العناد ، بعنوان ديانة العباد ، اءعلى واءعظم من البابيّة والبهائيّة ؛ حيث زعموا اءنفسهم موحّدين ، وكّل فرق المسلمين مشركين ، وجعلوا القتل والنّهب والا سر والغصب ديانة حقّة ، وعبادة مستحقّة ، واءعجب من ذلك إ قامتهم الدليل على مرامهم من التنزيل ، بعنوان ظاهره لاالتاءويل ، زاعمين اءنهّم جند اللّه الغالبون ، وسائر المسلمين كفّار مشركون ، ولم اءرَ من كتبهم إ لا شطرا ، ولا من اءدلّتهم الاّ نزرا . ولقد اءراني من كتبهم كرّاسا ناقصا اءوّلا واَّخرا بعض الا حباب ، من السادة الا جلّة الا نجاب ، وسلالة العلماء الا علام الا طياب ، سائلا منّي التعرّض لا جوبة مقالاتهم ، والردّ لاستدلالاتهم ، فاءجبته حبّا وكرامة ، وبعد اءن كتبت ما يمكن جوابا عمّا في الا وراق الناقصة وجدت تلك النّسخة تامّة ً سليمة ً(2) اءوّلا واَّخرا ، وقد تعرّض لما عليه بعض اءصدقائنا المعاصرين القاطن في الكاظمين ، والرّسالة ـ على ماعرفه المعاصر ـ لمحمّد بن عبد الوهاب الحجازي ؛ إ مام الفرقة الوهّابية ، وظنّي اءنّه كذلك وإ ن لم اءجد في هذه الا وراق والرّسالة ما يشير إ لى صاحب المقال المصرّ بإ ضلال الجهّال ـ وذلك لكون ذلك المعاصر المتعرّض لردّ كلمات هذا المضل ّ القاصر والزنديق المجاهر قريب العهد بتهاجم الوهّابية على كربلا[ء] ، ومطّلعا على إ مامهم وراءيهم في تلك الا وقات . و كيف كان ؛ فنحن نرى ما قاله القائل زورا ، واءلقى إ ليه الشيطان زخرف القول غرورا ، وعلينا إ قامة البرهان ، وإ بطال ما اءلقى واءوحى إ ليه الشيطان ، فنبداء بإ زهاق اءباطيله من ابتداء اءقاويله فنقول :


قال مريد الشيطان الرجيم :


((بسم اللّه الرّحمن الرّحيم )) إ غفالاً للجهّال ، بكونه مؤ سّس الا ضلال ، وجالب الخزي وخيبة الا مال ، إ لى العامّة والجهّال ، واللّه العالم بالسرّ واءخفى و اءعماق الخيال ، ثم ّ قال :


((اعلم ـ رحمك اللّه ـ اءن ّ التوحيد هو إ فراد اللّه بالعبادة ، وهو دين الرسل والّذين اءرسلهم اللّه تعالى به إ لى عباده ؛ فاءوّلهم نوح ؛ اءرسله اللّه تعالى إ لى قومه لمّا غلوا في الصالحين :


ودّا ، وسواعا ، ويغوث ، ويعوق ، ونسرا ، واَّخر الرّسل محمّد (ص) ، وهو الّذي كسّر صور ه ؤ لاء الصالحين ، اءرسله اللّه إ لى اءُناس يتعبّدون ، ويحجّون ، ويتصدّقون ، ويذكرون اللّه كثيرا ولكنّهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين اللّه يقولون نريد منهم التّقرّب إ لى اللّه ، ونريد شفاعتهم عنده ، مثل الملائكة ، وعيسى بن مريم ، واءُناس غيرهم من الصّالحين ، فبعث اللّه محمّدا يجدّد لهم دين اءبيهم إ براهيم ، ويخبرهم اءن هذا التقرّب والاعتقاد محض حق ّ اللّه ، لا يصلح منه شي ء لملك مقرّب ، ولا نبي ّ مرسل ، فضلا من (3) غيرهما ، وإ لاّ فهؤ لاء المشركين (4) الّذين قاتلهم رسول اللّه ، يقرّون باءن ّ اللّه تعالى هو الخالق الرّازق ، وحده لا شريك له ، واءنّه لا يرزق ، ولا يحيي ، ولا يميت إ لاّ هو ، واءن جميع السّماوات السّبع ومن فيهن ّ ، والا رض ومن فيها ، كلّهم عبيده ، وتحت تصرّفه وقهره ، فإ ذا اءردت الدّليل على اءن ّ هؤ لاء المشركين الّذين قاتلهم رسول اللّه يشهدون بهذا ، فاقراء قوله تعالى :


«قُل ْ مَن ْ يَرْزُقُكُم ْ مِن َ السّماءِ والا رض ِ اءمّن ْ يَملك ُ السَّمْع َ والا بْصَارَ ومَن ْ يُخْرج ُ الحَي َّ من الميِّت ِ ويُخْرِج ُ المَيِّت َ مِن َ الحَي ِّ ومن يُدَبِّرُ الا مْرَ فَسَيَقُولُون َ اللَّه ُ فَقُل ْ اءفلا تَتَّقُون َ»(5) وقوله تعالى «قُل ْ لِمَن ْ الا رض ُ وَمَن ْ فيها إ ن ْ كُنْتُم ْ تَعْلَمون َ سَيَقُولُون َ اللّه ُ قُل ْ اءفَلا تَذكَّرون َ»(6) وقوله تعالى «قُل ْ مَن ْ بِيَدِه ِ مَلَكوت ُ كل ِّ شي ء وَهُوَ يجيرُ ولا يجارُ عَلَيْه إ ن كُنْتُم ْ تَعْلَمون َ سَيَقُولُون َ اللّه قُل ْ فاءنّى تُسْحَروْن َ»(7) إ لى غير ذلك من الا يات )) انتهى محّل الحاجة . اءقول :


ويشير بذلك إ لى قوله تعالى «قُل ْ لِمَن ْ الا رض ُ وَمَن ْ فيها إ ن كنتم تعلمون (8) سَيَقولون َ للّه قل اءفلا تذكرّون قل من رب ّ السماوات والا رض ورب ّ العرش العظيم سيقولون اللّه قل أ فلا تتقون » ولابدّ لنا من توضيح مقالاته وتشريح كلماته وتلخيص مراداته ، ثم بيان ما يرد على مراده من عباراته . وقبل الشّروع في التّوضيح والتّشريح لابدّ لنا من تقديم مقدّمة شريفة يستمدّ بها على تخريب [الـ ] اءساس الّذي اءسّسه بإ بطال استدلالاته السّخيفة ، وهي اءن ّ العبادة خضوع وخشوع خاص ّ لا ينبغي لا حد غير اللّه تعالى ، وفعلها بتلك الخصوصيّة لغيره تعالى تشريك له في العبادة وإ ن لم يسم ّ عبادة بل سمّي شفاعة ، وسياءتي بيان المناسبة بين العبادة والشفاعة ببعض معانيها المتصوّرة إ ن شاء اللّه تعالى . والخضوع الخاص ّ فيما جبّل به الا شياء تكوينا يرشدنا إ ليه قوله تبارك وتعالى :


«وإ ن من شي ء إ لاّ يسبّح ُ بحَمْدِه وَل كِن ْ لا تَفْقَهون َ تَسْبِيْحَهُم ْ»(9) وأ يضا له خضوع تشريعي ّ يدلّنا عليه قوله تعالى :


«وله يسجد من في السماوات والا رض »(10) الخ وقوله تعالى :


«له من في السّموات والا رض كل ّ له قانتون »(11) وقوله تعالى في وصف المؤ منين :


«الراكعون السّاجدون الا مرون بالمعروف »(12) الخ إ لى غير ذلك مما دل ّ على تشريع كيفيّة العبادة للّه تعالى ، والخضوع التّكويني للا شياء ناش ٍ عن علمها الفطري ّ باءن ّ المولى الحقيقي ّ [الّذي ] يستحق ّ العبادة والخضوع التشريعي ّ بالكيفيّة الخاصّة يحتاج إ لى معلّم يعلّم العباد كيفيّة العبادة للّه تعالى ، والنبي ّ هو المنبئ عن اللّه ، واءنّه المولى المستحق ّ فقط للعبادة ، ولا يستحقّها غيره ، فيعبده المتعلّمون إ ما خوفا من ناره ، اءو شوقا إ لى جنّته ، اءو لكونه اءهلاً لذلك كما نطق به اءمير المؤ منين عليه السلام في مناجاته حيث قال :


((إ لهي ما عبدتُك َ خَوفا مِن نارِك َ ، ولا شوقا إ لى جنّتك ، بل وجدتك اءهلاً لذ لك ))(13). ينطق ُ العقل ُ [بل ] اللّه َ اعبدوا(14)ولشمس ٍ قمرٍ لا تَسجُدُوا ذا نداء لم يزل مرتفعا(15)بنداء العقل جمع اهتدوا اءيقنت اءنفس ُ جمع بالنِّدا(16)وبظلم وعتوّ جحدوا قلدوا اءسلافهم في منكرٍوللات ٍ ولعزّى سجدوا.


من هو المستحق للعبادة

وحاصل المقصود اءن ّ المعبود هو اللّه ، ولايستحق ّ العبادة سواه ؛ لانحصار موجباتها به وحده لاشريك له ، فالعابد لغيره مشرك ولو كان هواه اءو مايهواه ، ولو كان محبوبا للا ل ه فضلاً عن اءن يكون مخلوقا لا وجاهة له عند اللّه كالخشبة المنحوتة اءو الذّهب المصوغ باءي شكل ٍ ترضاه ، والخضوع بغير الكيفيّة المخصوصة للا كابر من الا ولياء لا يصدق عليه العبادة ، ولو اُطلق عليه لفظها كان إ طلاقا مجازيّا اءو توسّعا بمعنى جعل الخضوع لهم خضوعا للّه بغير الكيفيّة الخاصّة لكون ذ لك حبّا لمحبوب ا للّه تعالى وحب ّ محبوب اللّه حب ّ اللّه ، وذلك واضح لمن تدبّر واءنصف لا لمن عاند واعتسف .

تبصرة تذييلية


جملة ((العبوديّة جوهرة كنهها الرّبوبيّة )) يجب اءن يكون لها معنى معقولاً اءراده المتكلّم بها سواء اءذعنّا كونها من الا حاديث القدسيّة اءم لا ، وما يتوهّم من ظاهرها من اءن ّ العبوديّة موصلة للعبد بمقام الرّبوبيّة غير مراد قطعا للزوم انقلاب الشّي ء إ لى ضدّه ، فيكون العبد مولى ، وه ذا خلف . والمعنى المعقول اءن يراد بها اءن ّ العبوديّة تجعل (17) العبد واسطة لا يصال فيض التّربية مّن الرّب الا على إ لى المربوبين ، فيكون ربّا بالغير ، وبذ لك تصير(18) له رتبة عالية لا ينالها من لم يحصل له مقام العبوديّة للرب ّ الا على ، وبذلك كان النبي ّ المصطفى (ص) اءفضل من جميع الا نبياء العظام ؛ لا حرازه مقام العبوديّة اءوّلاً ، وشرّف بلقب العبوديّة قبل الرسالة كما يشير إ ليه شهادة اءن محمّدا عبده ورسوله حيث قدّم العبوديّة على الرسالة ، وعلى ذلك يتفرّع تفضيل بعض الا نبياء على بعض ، كما اءنّه يتفرّع على ذلك ثبوت حق ّ للعبد على الرّب ّ ، فيصح ّ اءن يقال :


اللهم إ نّي اءساءلك بحق ّ محمّد وعلي ٍّ وفاطمة والحسن والحسين والتّسعة المعصومين من ذرّية الحسين صلوات اللّه عليه وعليهم اءجمعين ؛ لا نّهم بالعبوديّة استحقّوا التكريم والوجاهة عند اللّه وحبّه تعالى لهم :


؛ وذلك لاقتضاء ذات العبوديّة لثبوت ه ذا الحق ّ عليه ، والموجب لذلك عليه تعالى هو نفسه جل ّ جلاله وعظم شاءنه وسلطانه ولا إ له غيره ؛ إ ذ لا موجب سواه .


ليس على خالق اءرض وسماحق ّ لمخلوق إ ليه ينتما إ لاّ حقوق اءوجب الفيض لهاعليه من بذل الوجود العدما تكريمه لعبده المنتجب ِحق ّ له بفضله إ ختتما

وجوب تعظيم ما ينسب إ لى المنتجبين

ويتفرّع على ذلك وجوب التعظيم والتكريم على الا نام لكل ما ينسب إ لى ذلك العبد المنتجب كالباب ، بل عتبة داره وقبره والضريح الدائر حول قبره ، وه ذا الوجوب استحسان عقلائي ّ عليه عامّة اءهل العرف في سيَرهم واءعمالهم ، وه ذا مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه ، ولنعم ما قيل :


اءمر على جدار ديار ليلى اُقبّل ذا الجدارَ وذا الجدارا وما حب ّ الدِّيارِ شغفن َ قَلْبي ولكن ْ حب ُّ من سَكَن َ الدِّيارا(19)

الا ثار المترتبة على الا ضافة التشريفية

والعارفون بما عليه قاطبة العقلاء من حيث كونهم عقلاء في محاوراتهم ، كثيرا ما يرتّبون على الا ضافة التّشريفيّة اُمورا كثيرة ، ففي اءمثال :


بيت اللّه وكتاب اللّه ورسول اللّه في المحاورات كثيرة ؛ كلُّها إ ضافة تشريفيّة فيقال نديم السلطان كاتب السّلطان واءمين السّلطان ، ولا شك ّ عندهم اءن ّ الا نسان محترم حيّا وميّتا ، ويدل ّ على ذلك مضافا إ لى سيرة العقلاء جعل التّغسيل والتّكفين والتّدفين في الشّرع ، وجريان اءحكام الحياة على الا موات من الشّجاج وقطع الا عضاء ، واءحكام القبور من حرمة النّبش واستحباب تعليته عن الا رض وغيرها ، وجعل العلامة لها ، فإ ذا كان الا نسان مكرّما فكلّما ازداد له الشّرافة والا ضافة التّشريفيّة بكونه نبي ّ اللّه اءو وليّه اءو حبيبه زاد احترامه واحترام ما ينسب إ ليه ، والمنكر لذ لك إ مّا معاند لجوج اءو مجامل لجوج . بل نقول :


إ ن المنكر لذ لك منكر لما هو ضروري ّ في الدّين ، فهو مرتدّ من الدّين (ومن يرتد عن دينه فاءولئك هم الكافرون )(20) يشمله ، فيجب اءن يجري عليهم اءحكام الارتداد ، بل يجب إ عدامهم لكونهم مؤ سّسين للفساد ، ولا يختص ّ رفع الفساد في الا رض بالمسلمين ، بل يجب على عامّة العباد . إ ذا عرفت ما تلونا عليك فاعلم اءن ّ مراده من اءوّل مقاله بعد التّسمية بقوله :


((اعلم يرحمك )) إ لى اَّخر كلامه اءن ّ التوّحيد عبارة عن إ فراد اللّه تعالى وتخصيصه بالعبادة ، فلا يشرك في عبادته اءحد ، فكل ُّ من اءشرك اءحدا في العبادة مع اللّه فهو مشرك يجب قتاله ، كما قاتل النبي ّ (ص) المشركين لذ لك مع كونهم قائلين باللّه الخالق الرازق المحيي المميت المدبّر ، ويوضّح اءن ّ ه ذا خلاصة مقالاته الّتي يشير إ ليها بعد ذلك ، واءنت عرفت ممّا ذكرنا اءن ّ العبادة بالمعنى المذكور في المقدّمة مختصّة باللّه تعالى ، لكن ّ ما ذكره من اختصاص التوّحيد بذلك ، وكون التوّحيد الّذي قاتل [عليه ] النبي ّ (ص) المشركين مختصا بالتوّحيد في العبادة باطل لا ينبغي صدوره عن العاقل ؛ لا ن ّ التوّحيد للذات اءعلى واءشرف ما يتحقّق به التوّحيد ، بل ليس اءحد موحّدا إ لا باعتقاد في مقامات اءربع :


توحيد الذات ، وتوحيد الصفات ، وتوحيد الا فعال ، وتوحيد العبادة ، وسيجي ء زيادة بيان لذ لك إ ن شاء اللّه تعالى . ه ذا مضافا [ إ لى ] اءن النبي ّ (ص) لم يقاتل المشركين في العبادة وحدهم ، بل قاتل المجوس القائلين بالنور والظُّلمة ، واليهود القائلين باءن ّ عزيرا ابن اللّه (21) ، والنصارى القائلين بالا قانيم الثّلاثة ، ومشركي العرب القائلين باءن اءوثانهم اَّلهة ، والدّهريّة المنكرين للصانع ، القائلين باءنه لا يهلكنا إ لا الدهر(22) إ لى غير ذلك من اءقسام المشركين وعبدة الكواكب (23) والشمس والقمر ، فليس الشرك منحصرا بالشرك في العبادة ، ولم يكن مقاتلة النبي ّ (ص) مختصّة بهم . ثم ّ إ ن ّ المشار إ ليه بقوله :


((ويخبرهم اءن ه ذا التقرّب والاعتقاد محض حق ّ اللّه )) غير مفهوم لنا ، بل لا يتصّور له معنى ، لا ن ّ المشار إ ليه بالاعتقاد لابدّ اءن يكون هو الاعتقاد بوساطة المخلوق بين العبد وخالقه ، وليس فيما(24) اءشار إ ليه في كلامه مايناسب للاعتقاد المذكور ، ويكون حقّا للّه محضا ؛ لا ن معنى كونه حقّا للّه اءن يعتقد ذ لك للّه ، ولا يمكن ذلك بالنسبة إ لى اللّه ؛ فإ ن ّ الوساطة بين إ ثنين إ نما تكون (25) بثالث ، فلا تكون الوساطة للّه بين نفسه وعبده . والحاصل اءن ّ الاعتقاد بالوساطة ليس حقّا للّه ، فيكون عطف الاعتقاد على التقرّب وجعله حقّا للّه باطلاً . فإ ن قلت :


كيف يتصوّر كون الشّفاعة للّه وقد قال اللّه تعالى :


«قل للّه الشفاعة جميعا»(26) ؟. قلت :


معنى كون الشفاعة للّه اءن ّ الشفاعة لا تكون (27) لا حد إ لا بإ ذن من اللّه له ، والوساطة به ذا المعنى اءيضا حق ّ له تعالى ، ونحن نقول به بمعنى اءن ّ الوساطة بين العبد وخالقه للمخلوق لابدّ اءن تكون بإ ذن منه تعالى ، وهي به ذا المعنى عين الشفاعة ومحض له تعالى فلا يجوز اءن يجعل اءحد واسطة عنده إ لّا بإ ذنه ، فيكون ماءذونا في الوساطة والشفاعة ، فيكون الاستشفاع ماءذونا فيه ، بل ماءمورا به لقوله تعالى لنبيّه :


«فأ ْذَن ْ لمن ْ شئْت َ منهم واستغفرْ لَهُم ْ»(28)وقوله تعالى :


«واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك َ وللمُؤ ْمنين َ والمُؤ ْمِنات ِ»(29) وغيرهما من الا يات ، ولا يمكن اءن ياءذن في الشفاعة له وللائمة من ذريته بقوله :


«والّذين َ اَّمَنوا واتَّبَعَتْهُم ْ ذُرِّيَّتُهم بإ يْمان أ لحقنا بهم ْ ذُرِّيَّتَهُم ْ»(30)ويمنعنا عن الاستشفاع بهم ، بل يّدل قوله تعالى :


«وابْتَغُوْا إ ليه الوَسِيْلَة َ »(31) [ على ] اءمرنا بالاستشفاع . وعلى ه ذا نقول :


الاستشفاع بالا صنام ليس ماءذونا فيه ، بخلاف الاستشفاع بالا نبياء والا ولياء ؛ فإ نّه اءمر ماءذون فيه ، مرغوب إ ليه ؛ فلا يكون شركا . و سيجي ء زيادة تحقيق وتوضيح لذ لك إ ن شاء اللّه تعالى . ثم قال :


((إ ذا تحقّقت اءنّهم مقرّون به ذا ، ولم يدخلهم في التوحيد الّذي دعاهم إ ليه رسول اللّه (ص) عرفت أ ن ّ التوحيد الّذي جحدوه هو توحيد العبادة الّذي يسمّيه المشركون في زماننا :


الاعتقاد ، كانوا يدعون اللّه ليلاً ونهارا ، ثم منهم من يدعو الملائكة لا جل صلاحهم وقربهم من اللّه ليشفعوا له ، اءو يدعو رجلاً صالحا مثل اللاّ ت ، اءو نبيّا مثل عيسى عليه السلام وعرفت اءن ّ رسول اللّه (ص) قاتلهم على ه ذا الشّرك ودعاهم إ لى إ خلاص العبادة للّه كما قال اللّه تعالى :


/ 10