من اعماق الصلاة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من اعماق الصلاة - نسخه متنی

السید علی حسینی الخامنه ای

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






من أعماق الصلاة


آية الله السيد علي الخامنئي دام ظله



الصلاة والمناجاة هي الرابطة الوثيقة بين الانسان وربّه، بين المخلوق وخالقه. الصلاة هي المهدئ والباعث على اطمئنان القلوب المضطربة والمتعبة، والمنزِّهة للباطن والمنيرة لروح الانسان.


إنّها الباعث والميثاق للتحرك والاستعداد، بنحو واقعي بعيد عن التلون والخداع، للتخلص ممّا هو سيّىء وردىء، والتزود بكل ما هو صالح وجميل، وهي برنامج للعثور على النفس ومن ثمّ صناعتها وتهذيبها.


وبكلمة موجزة:


هي رابطة وإفاضة دائمة مع منبع ومظهر كل ما هو جميل، مع الله. لماذا عدَّت الصلاة أفضل وأهم من جميع الواجبات؟ واعتبرت أساس الدين وعموده؟



لماذا تردّ جميع الأعمال من دونها؟ ما هو السرّ الخارق الكامن فيها؟


بوسعنا ملاحظة الصلاة من أبعاد مختلفة:


أولاً:


لا بدّ من الاشارة إلى الهدف من خلق الانسان، إلى الشيء الذي يعدّ من الخطوط الأساسية في الرؤية الكونية للاسلام، كون الانسان مخلوقاً والاعتقاد بأنّ هناك قدرة حكمية أوجدته، يستلزم أن يكون هناك هدف وقصد من خلقه وإيجاده.


يمكن أن نعدّ هذا الهدف قطع مسافة للوصول إلى محطة، قطع طريق بواسطة مخطط دقيق وبوسائل معينة للوصول - في النهاية - إلى تلك المحطة وذلك المنزل، وفي هذه الصورة لا بد لنا من تعرف الطريق المنتهي إلى تلك الغاية، وتحديد المسير وجعل الهدف دوماً نصب أعيننا، لنتمكن من بلوغ تلك النتيجة الموعود بها، إنّ الذي يضع قدمه على الطريق، عليه أن يتحرك بنحو مستقيم، ملتفتاً دائماً إلى الهدف، لا تشغله الطرق الملتوية والحركات التي تعيقه عن الاتجاه الصحيح، ولأجل حفظ الاتجاه الصحيح عليه أن لا يتمرد على أوامر القائد والمرشد (الرسول) الذي عيّن له.


وذلك الهدف هو رفعة الانسان وتكامله اللاّمتناهي،



والعودة إلى الله، وبروز الخصال الحسنة فيه، وتفجير طاقات الانسان وقابلياته الكامنة، وتوظيفها بأجمعها في طريق إصلاح نفسه والعالم والانسانية.


على الانسان -إذن- أن يعرف الله، وأن يسلك الطريق الذي حدّده الله لتساميه، دون أيّ تباطؤ أو تأمل.


إنّ ما يجعل معنى لحياة الانسان هو أن يفعل الأشياء التي تقربه من هدفه، وأن يتجنب كلّ ما يضره، أو يعيقه عن الهدف، هذه هي فلسفة الحياة، ودونها تغدو الحياة تافهة لا معنى لها.


وبعبارة أخرى:


إنّ الحياة مدرسة ومختبر لا بدّ أن نطبق فيها جميع القوانين والنظريات التي أوجدها خالق العالم والحياة، ليمكن الوصول إلى نتيجة عالية ومرضية، هذه القوانين التي هي سنن الله في خلقه، يجب معرفتها وصياغة حياتنا وفقاً لها، ولا بدّ أيضاً من معرفة النفس واستكشاف ذخائرها واحتياجاتها ، تلك هي مسؤولية الانسان وواجبه العظيم الذي بمجرد أدائه يكون الانسان قادراً على التحرك الواعي الناجح، لولاه لا يمكن التحرك، أو يكون عن غير وعي، فلا يحالفه التوفيق.


والدين عبر تحديده للهدف والاتجاه والطريق والوسيلة يمنح الانسان أيضاً القدرة والزاد الضروري لقطع الطريق،



وإن أهم متاع يحمله سالكو هذا الطريق هو -ذكر الله- وإنّ روح الطلب والرجاء والاطمئنان -وهي أجنحة هذا التحليق- إنّما تتفرع وتتولد من ذكر الله.


إنّ ذكر الله يجعل الهدف وهو الاتصال به تعالى، أي منتهى الكمال والحسن، نصب العين دوماً، ويحول دون الضياع، ويجعل السائر حاساً وحذراً بالنسبة إلى الطريق والوسيلة، ويمنحه قوّة القلب والاطمئنان والنشاط، ويحفظه من الانزلاق والانخداع بالمظاهر الخلابة، أو الخوف من المنغصات.


إنّ المجتمع الاسلامي وكل مجموعة أو فرد مسلم، يمكنه أن يخطو في الطريق الذي حدده الاسلام ودعا إليه جميع الأنبياء، باستقامة ودون توقف أو تراجع إذا لم ينس الله. ومن هنا يسعى الدين جاهداً وبمختلف الطرق والوسائل لإحياءِ ذكر الله في قلوب المتدينين بشكل دائم.


ومن أهم الأعمال المفعمة بالدوافع لذكر الله، ويمكنها أن تجعل الانسان مستغرقا بذكره تعالى وأن تكون موقظة للانسان، وشاخصاً وعلامة ترشد السائر إلى الصراط المستقيم، وتحفظه من الضياع والانحراف، وأن تمنع من حدوث لحظة غفلة في حياة الانسان هي الصلاة.


في غمرة الانشغالات الفكرية التي تعتري الانسان،



نادراً ما يلتفت إلى نفسه،وهدفه في الحياة، أو يفكر بمضي الساعات والأيام،فما أكثر الأيام التي تترك مكانها للّيل، وللأيام الأخرى التي ستسرع من جديد، ما أكثر الأسابيع والأشهر التي تمضي دون أن يلتفت الانسان إلى بدايتها ونهايتها، أو يشعر بمضي الحياة ومعناها أو بطلانها.


الصلاة جرس منبّه، ومنذر في مختلف ساعات اللّيل والنهار، إنها تزود الانسان ببرنامج وتريد منه عهداً، وتعطي لليله ونهاره معنى وتشعره بقيمة الزمن إنّها تدعوه خلال الزمان الذي يكون فيه منشغلاً غير ملتفت إلى مضي الزمن وانقضاء العمر وترشده إلى انقضاء يوم وشروع آخر، وأنّ عليه أن يجدّ ويتحمل مسؤولية أكبر وأن يفعل ما هو أهم، لقد انقضى جزء من العمر بلا استثمار فيجب أن يكون أكثر سعيا وعطاءً، إذ انّ الهدف عظيم، فلنسع لنيله قبل فوات الأوان.


ومن جهة أخرى، فإنّ نسيان الهدف تحت ضغظ المشاغل الماديّة هو أمر واضح وطبيعي وإن إمكانية الوفاء بجميع التعهدات الواقعة في طريق الهدف، والملقاة على عاتق الانسان في كل يوم أمر شبه مستحيل، والسماع بمن حرفته هذه أشدّ محالاً.


علاوة على ذلك لا يتوفر أبداً الزمن الكافي لنيل جميع متطلبات وأفكار هذه الرسالة-الرسالة الاسلامية التي تصنع



حياة الانسان وسعادته -في اليوم واللَّيلة فهذه فرصة يستحيل أن تقع في متناول اليد.


الصلاة تتضمن خلاصة أصول هذه العقيدة، وما فيها من الأقوال والحركات المتناسقة والمنظمة هو علامة الاسلام.


بوسعنا تشبيه الصلاة بالسلام الوطني للدول، مع فارق في المعنى ونوع العطاء، لاجل أن ترسّخ الدولة أصولها ومتبنياتها الفكرية في ذهن الشعب، وبنائه على هذا النمط الفكري، تعمد إلى تكرار قراءة السلام الوطني الذي يمثل خلاصة الشكل المقبول لنمط الحياة وأهدافها لدى الدولة.


تكرار السلام الوطني سبب لتثبيت الناس على هذا النحو من الفكر، وتلقينهم أنهم أتباع هذا الوطن:


والسائرون باتجاه تلك الأهداف، إذ أنّ نسيان أصول وأهداف الدولة، يعني تغيير المسار وعدم انتهاجه، هذا التكرار يجعلهم مستعدين للخدمة في هذه الجبهة، ويعلمهم المخططات والطرق، ويرشدهم إلى المسؤوليات والواجبات ويحي في أذهانهم أسس الدولة، ويعيّن لهم الوظيفة، ويزودهم -حينئذ- بالشجاعة والجرأة والاقدام، ويهيؤهم للعمل.


الصلاة خلاصة أصول العقيدة الاسلامية، والمضيئة



لطريق المسلمين، والمرشدة إلى المسؤوليات والتكاليف والطرق والنتائج.


الصلاة تدفع المسلمين في مطلع النهار، وفي أثنائه، وعند الليل، لأن يطلبوا بألسنتهم تفهم أسس العقيدة والطريق الصحيح والهدف والنتيجة وتضطرهم إلى العمل بقوة معنوية. هذه هي الصلاة، إنّها تأخذ بالانسان خطوة فخطوة ودرجة فدرجة حتِّى تصل به إلى قمة الايمان، والعمل الكامل، وتجعل منه عنصراً ذا قيمة ومسلماً سوياً. أجل، الصلاة هي معراج المؤمن.


/ 7