مصباح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مصباح - نسخه متنی

سید روح اللَّه الموسوی الخمینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید








بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد الله المستكنّ في حجاب العلماء والمستتر في غيب الصفات والأسماء ، المختفي بعزّ جلاله والظاهر الغر المحتجب بنور جماله؛ الذي بقهر كبريائه محجوب عن قلوب الأولياء، وبظهور سنائه يظهر في مرائي الخلفاء. والصلاة والسلام على أصل الأنوار ومحرم سرّ الأسرار، المستغرق في غيب الهويّة والمنمحى عنه التعينات السوائية، أصل أصول حقيقة الخلافة وروح




أرواح منصب الولاية ، المستتر في حجاب عزّ الخلال والمخمّر بيدي الجلال والجمال، كاشف رموز الأحدية بجملتها ومظهر حقائق الإلهيّة برمّتها، المرآة الأتم الأمجد، سيدنا، أبي القاسم، محمد، صلى الله عليه وعلى آله، الشموس الطالعة من فلك الخلافة الأحمدية(ص)، والبدور المنيرة من أفق الولاية العلوية(ع)، سيّما خليفته، القائم مقام في الملك والملكوت، المتحد بحقيقته في الحضرة الجبروت واللاهوت، "أصل شجرة طوبى"، وحقيقة "سدرة المنتهى"، "الرفيق الأعلى" في مقام "أو أدنى"، معلم الروحانيين ومؤيّد الأنبياء والمرسلين، علي، أمير المؤمنين، عليه صلوات الله وملائكته ورسله أجمعين . وبعد، يقول المفتخر بالانتساب إلى المبعوث إلى الثقلين، والمتمسك بعروة وثقى الثقلين، السيد روح الله بن العالم المقتول، السيد مصطفى الموسوي الخميني القاطن، بقم الشريف، أحسن الله حالهما واصلح مآلهما، إني أحببت أن أكشف لك في هذه الرسالة، بعون الله وليّ الهداية في البداية والنهاية، طليعة من حقيقة الخلافة المحمدية(ص)، ورشحة من حقيقة الولاية العلوية، عليهما التحيات الأزلية الأبدية ، وكيفيّة سريانهما في عوالم الغيب والشهود ونفوذهما في مراتب النزول والصعود؛ ونشير إلى لمحة من مقام النبوّة، بطريق الإجمال بل الرمز والإشارة في المقال، وأنها أيضاً سارية في العوالم، دائمة باقية أزلية أبدية؛ في مشكاتين، فيهما مصابيح نورية وأنوار مضيئة. ثم نلقي إليك حقيقة الشجرة المنهىّ عنها أبونا، آدم عليه السلام، ومظاهرها، بطريق الرمز في الكلام، حسب ما نستفيد من معادن الوحي والتنزيل ومحال معرفة الربّ الجليل، وكيفيّة التوفيق بين الأخبار الواردة على اختلافها بحسب الظاهر، لتوافقها عند أولي البصائر وأصحاب القلوب والخواطر، في شجرة نوريّة ينشعب عنها فروع إيمانيّة. ثم نهدي إليك هديّة عرفانيّة، هي كشف السرّ عن قوسي الوجود في سلسلتي النزول والصعود في دائرة ملكوتيّة، يستفاد منها قوسان وجوديتان تنقسمان بقطاع يقينيّة. وبالحري أن نسمّيها مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية. وأرجو من الله التوفيق، فإنه خير معين ورفيق، واستمدّ من أوليائه الطاهرة في الدنيا والآخرة




المشكاة الأولى فيما يستكشف من بعض أسرار الخلافة المحمّديّة(ص) والولاية العلوية(ع) في الحضرة العلمّية، ونبذة يسيرة من مقام النبوّة، بطريق الرمز والإشارة بلسان أولياء المعرفة من خلّص شيعة أهل بيت العصمة والطهارة، عليهم الصلاة و السلام



وفيها "مصابيح" نوريّة تشير إلى حقائق يقينيّة يستفاد منها معارف إيمانية. مصباح 1 اعلم، أيها المهاجر إلى الله بقدم المعرفة واليقين، رزقك الله وإيّانا الموت في هذا الطريق المستبين وجعلنا وإيّاك من السالكين الراشدين، أنّ الهويّة الغيبيّة الأحدية والعنقا

????1

????2

????3

المغرب المستكنّ في غيب الهويّة والحقيقة الكامنة تحت السرادقات النوريّة والحجب الظلمانيّة في "عماء" وبطون وغيب وكمون لا اسم لها في عوالم الذكر الحكيم، ولا رسم، ولا أثر لحقيقتها المقدسة في الملك والملكوت، ولا وسم؛ منقطع عنها آمال العارفين، وتزلّ لدى سرادقات جلالها أقدام السالكين، محجوب عن ساحة قدسها قلوب الأولياء والكاملين، غير معروفة لأحد من الأنبياء والمرسلين، ولا معبودة لأحد من العابدين والسالكين الراشدين، ولا مقصودة لأصحاب المعرفة من المكاشفين، حتّى قال أشرف الخليقة أجمعين :



ما عرفناك حقّ معرفتك، وما عبدناك حق عبادتك. وقيل بالفارسية :



"عنقا شكار كس نشود دام بازكير كانجا هميشه بادبه دست است دام را" وقد ثبت ذاك في مدارك أصحاب القلوب حتّى قالوا:



إنّ العجز عن المعرفة غاية معرفة أهل المكاشفة




مصباح 2 هذه الحقيقة الغيبيّة لا تنظر نظر لطف أو قهر ولا تتوجه توجّه رحمة أو غضب إلى العوالم الغيبيّة، والشهادتّية، من الروحانّيين القاطنين في الحضرة الملكوت والملائكة المقرّبين الساكنين في عالم الجبروت؛ بل هي بذاتها، بلا توسّط شيء، لا تنظر إلى الأسماء والصفات ولا تتجلّى في صورة أو مرآة؛ غيب مصون من الظهور، مستور غير مكشوف عن وجهها حجاب النور؛ فهو الباطن المطلق والغيب الغير المبدأ للمشتق . مصباح 3 البطون والغيب اللّذان نسبنا هما إلى هذه الحقيقة الغيبيّة ليسا مقابلين للظهور الذي من الصفات في مقام "الواحديّه" والحضرة الجمعيّة؛ ولا "الباطن" هو الّذي كان من الأسماء الإلهيّة الذي هو من أمهات الأسماء الحقيقيّة. فإنّ البطون الّذي من الأوصاف القدسيّة و"الباطن" الّذي من الأسماء الربوبيّة، كلّ واحد منها التجلّي بذلك المقام؛ وهما متأخّران عن تلك الحضرة. بل التعبير بمثل هذه الأوصاف والأسماء لضيق المجال في المقال. فالحقيقة الّتي قلب الأولياء عن التوجّه إليها محروم، كيف يمكن أن يعبّر عنها بما كان من مقولة المفهوم ؟ و نعم ما قيل :



"ألا إنّ ثوباً خيط من نسج تسعة وعشرين حرفاً من معاليه قاصر" فاللفظ قاصر، والمتكلّم أبكم، والسامع أصمّ. كما قيل بالفارسيّة :



"من كنك خوابديده وعالم تمام كر من عاجزم زكفتن وخلق از شنيدنش" مصباح 4 وهذه الحقيقة الغيبيّة غير مربوطة بالخلق، متبائنة الحقيقة عنهم، ولا سنخيّة بينها وبينهم أصلاً ولا اشتراك أبداً. فإذا قرع سمعك في مطاوي كلمات الأولياء




الكاملين نفي الارتباط وعدم الاشتراك والتباين بالذات، فكلامهم محمول على ذلك؛ وإذا سمعت الحكم بالاشتراك والارتباط، بل رفع التغاير والغيريّة، من العرفاء المكاشفين، فمحمول على غير تلك المرتبة الأحديّة الغيبيّة. وسيأتيك، إن شاء الله، زيادة تحقيق في مصباحه . مصباح 5 إياك وأن تزلّ قدمك من شبهات أصحاب التكلّم وأغاليطهم الفاسدة ووهميّات أرباب الفلسفة الرسميّة من المتفلسفين وأكاذيبهم الكاسدة



فإنّ تجارتهم غير رابحة في سوق اليقين وبضاعتهم مزجاة في ميدان السابقين. "ذرهم في خوضهم يلعبون." وبآيات الله وأسمائه يجحدون. ولهم عذاب البعد عن حق اليقين ونار الحرمان عن جوار المقرّبين . ولهذا تراهم قد ينفون الارتباط ويحكمون بالاختلاف بين الحقائق الوجوديّة ويعزلون الحقّ عن الخلق، وما عرفوا أنّ ذلك يؤدّي إلى التعطيل ومغلوليّة يد الجليل:



"غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا." وقد يذهبون إلى الاختلاط المؤدّي إلى التشبيه غافلا عن حقيقة التنزيه. والعارف المكاشف والمتألّة السالك سبيل المعارف يكون ذا العينين:



بيمنتهما ينظر إلى الارتباط والاستهلاك، بل نفي الغيريّة والكثرة؛ وبالأخرى إلى نفيه وحصول أحكام الكثرة وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه؛ حتّى لا تزلّ قدمه في التوحيد ويدخل في زمرة أهل التجريد . مصباح 6 قد ورد أخبار كثيرة من طرق أهل بيت العصمة (ع) تشير إلى ما ذكرنا. منها، ما في الكافي الشريف في كتابة عن عبدالرحيم بن عتيك القصير على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبدالله (ع) وفيما أجاب (ع):




فاعلم، رحمك الله، أنّ المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله تعالى. فانف عن الله تعالى البطلان والتشبية؛ فلا نفى ولا تشبيه؛ هو الله الثابت الموجود...إلى آخره . وفية أيضا عن الحسن بن سعيد، قال :



سئل أبوجعفر الثاني(ع):



يجوز أن يقال لله إنه شيء ؟ قال (ع):



نعم. يخرجه من الحدين:



حد التعطيل وحد التشبيه. مصباح 7 إن الأسماء والصفات الإلهية أيضاً غير مرتبطة بهذا المقام الغيبي، بحسب كثراتها العلميّة، غير قادرة على أخذ الفيض من حضرته بلا توسّط شيء؛ حتى اسم "الله" الأعظم بحسب أحد المقامين الذي كان استجماعه للأسماء استجماع الكل للأجزاء؛ وبالأخرة، مقام ظهوره في مرائي الصفات والأسماء؛ فإنّ بينها وبينه حجاب نوري مقهور الذات ، مندكة الإنية في الهويّة الغيبيّة ، معدوم التعيّن ، غير موصوف بصفة. وهذا مقام آخر للاسم الأعظم والحجاب الأكبر. وهذا هو الفيض الأقدس من شوائب الكثرة والظهور، وإن كان ظاهراً بحسب مقامه الأول؛ كما يأتي بيانه إن شاء الله . مصباح 8 وإذا انكشف على سرك أنّ هذه الحقيقة الغيبية أجل من أن ينال بحضرتها أيدي الخائضين ويستفيض من جناب قدسها أحد من المستفيضين، ولم يكن واحد من الأسماء والصفات بمالها من التعينات محرم سرّها ولم يؤذن لأحد من المذكورات دخول خدرها، فلا بد لظهور الأسماء وبروزها وكشف أسرار كنوزها من خليفة إلهية




غيبية، يستخلف عنها في الظهور في الأسماء وينعكس نورها في تلك المرايا، حتى ينفتح أبواب البركات وتنشقّ عيون الخيرات وينفلق صبح الأزل ويتصل الآخر بالأول، فصدر الأمر باللسان الغيبي من مصدر الغيب على الحجاب الأكبر والفيض الأقدس الأنور بالظهور في ملابس الأسماء والصفات ولبس كسوة التعينات؛ فأطاع أمره وأنفذ رأيه . مصباح 9 هذه الخليفة الإلهية والحقيقة القدسيّة التي هي أصل الظهور لابدّ وأن يكون لها وجه غيبي إلى الهوية الغيبية، ولا يظهر بذلك الوجه أبداً ، ووجه إلى عالم الأسماء والصفات؛ بهذا الوجه يتجلّى فيها ويظهر في مراياها في الحضرة الواحدية الجمعية . مصباح 10 أول ما يستفيض من حضرة الفيض الأقدس والخليفة الكبرى حضرة الاسم الأعظم أي الاسم "الله" بحسب مقام تعينه، باستجماع جميع الأسماء والصفات وظهوره في جميع المظاهر والآيات. فإن التعيّن الأول للحقيقة اللامتعينة هو كل التعينات والظهورات. ولا يرتبط واحد من الأسماء والصفات بهذا الفيض الأقدس إلاّ بتوسّط الاسم الأعظم على الترتيب المنسق:



كل حسب مقامه الخاص به




مصباح 11 أول ما ظهر من مظاهر الاسم الأعظم مقام الرحمانية والرحيمية الذاتيتين. وهما من الأسماء الجماليّة الشاملة على كل الأسماء؛ ولهذا سبقت رحمته غضبه. وبعدهما الأسماء الأخر من الأسماء الجلالية على حسب مقاماتها . مصباح 12 هذه الخلافة هي الخلافة في الظهور والإفاضة والتعيّن بالأسماء والاتصاف بالصفات من الجمال والجلال، لاستهلاك التعينات الصفاتية والأسمائية في الحضرة المستخلف عنه وانداكاك كل الإنيات في مقام غيبه وعدم الحكم لواحد منها وعدم الظهور لها . مصباح 13 فهذه الخليفة الإلهية ظاهرة في جميع المرائي الأسمائية منعكسة نورها فيها حسب قبول المرآة واستعدادها؛ سارية فيها سريان النفس في قواها؛ متعينة بتعيناتها تعين الحقيقة اللا بشرطية مع المخلوطة. ولا يعلم كيفية هذا السريان والنفوذ ولا حقيقة هذا التحقق والنزول إلا الخلّص من الأولياء الكاملين والعرفاء الشامخين الذين يشهدون نفوذ الفيض المقدس الإطلاقي وانبساطه على هياكل الماهيات بالشهود الإيماني والذوق العرفاني. والمرقاة لأمثال هذه المعارف بل كل الحقائق للسالك العارف ، معرفة النفس فعليك بتحصيل هذه المعرفة؛ فإنها مفتاح المفاتيح ومصباح المصابيح:



من عرفها فقد عرف ربه . مصباح 14 أول تكثر وقع في دار الوجود، هي هذه الكثرة الأسمائية والصفاتية في الحضرة




العلمية ومقام الواحدية الجمعية بظهور الخليفة الإلهية في صور التعينات الأسمائية وتلبسه بلباس الكثرات واكتسائه بكسوة الصفات



وهذه الكثرة هي مبدأ مبادئ كل كثرة وقعت في العين، وأصل أصول الاختلاف لمراتب الوجود في الدارين. مصباح 15 كل اسم كان أفقه أقرب من الفيض الأقدس، كانت وحدته أتمّ، وجهة غيبه أشد وأقوم، وجهات الكثرة والظهور فيه أنقص وعن أفقها أبعد، وعلى سبيل التعاكس، كلّما بُعد عن حضرته ورفض عن مقام قربه، كانت الكثرة فيه أظهر، وجهات الظهور أكثر. ومن ذلك يستكشف على قلب كلّ عارف مكاشف ويعرف كلّ سالك عارف أنّ الاسم الأعظم المستجمع لجميع الأسماء والصفات مع اشتماله للكثرات واستجماعه للرسوم والتعينات كان من أفق الوحدة أقرب. وكان ذلك الاشتمال بوجه منزّه عن الكثرة الحقيقية؛ بل حقيقته متحد مع الفيض الأقدس ومقام الغيب المشوب، واختلافهما بمحض الاعتبار، كاختلاف المشيئة والفيض المقدس مع التعين الأول المعبّر عنه في لسان الحكماء "بالعقل الأول" . مصباح 16 إياك وأن تظن من قولنا :



إن مرتبة الاسم "الله" الأعظم أقرب الأسماء إلى عالم القدس وأول مظاهر الفيض الأقدس باعتبار اشتماله على كل الأسماء والصفات ، أن ساير الأسماء الإلهية غير جامعاً لحقائق الأسماء ، ناقصة في تجوهر ذاتها



فإن هذا ظن الذين كفروا بأسماء الله ويلحدون فيها ، فحجبوا عن أنوار وجهه الكريم . بل الإيمان بها أن تعتقد أن كل اسم من الأسماء الإلهية جامع لجميع الأسماء مشتمل على كل الحقائق . كيف ، وهى متحدة الذات مع الذات المقدسة ، والكل متحد مع الكل ؛ ولازم عينية الذات مع الصفات والصفات بعضها مع بعض ذلك. وأما قولنا :



إن الإسم الكذائى من أسماء الجلال ، وذاك من أسماء الجمال ،




وهذا "الرحمن الرحيم" وذلك "القهار الجبار" ، باعتبار ظهور كل فيما أختص به ، وان ما يقابلة باطن فيه :



فـ "الرحيم" تكون الرحمة فية ظاهرة ، والسخط باطنا فيه . والجمال ظهور الجمال وبطون الجلال ؛ والجلال بالعكس



و"الظاهر" مختلف في الباطن ، و"الباطن" مستكن في الظاهر . وكذا "الأول" في الآخر ، و "الآخر" في الأول. وأما اسم "الله" الأعظم ، رب الأسماء والأرباب ، فهو في حد الإعتدال والإستقامة ؛ وله البرزخية الكبرى :



لا الجمال يغلب جلاله ، ولا الجلال جماله ؛ لا الظاهر حاكم على باطنه ، ولا الباطن على ظاهره . فهو الظاهر في عين البطون ، والباطن في عين الظهور ، والأول بعين الآخرية ، والأخر بعين الأولية . فاعرف ذلك ، فإنه باب واسع للمعرفة . مصباح 17 فالآن قد طلعت شمس الحق من مشرقها وعين الحقيقة من أفقها من أنّ التعبير بـ "التعين" و "المشمولية" و "المحيطيّة" و "المحاطيّة" لضيق العبارة وقصور الإشارة. وإياك أيها الأخ الروحاني، وأن تفهم من تلك العبارات وهذه التعبيرات معانيها العرفيّة ومصطلحاتها الرسميّة، فتقع في الكفر بأسماء الله والبعد عن ساحة قدسه ومقام أنسه. فإن الألفاظ والعبارات حجب الحقائق والمعاني؛ والعارف الرباني لابدّ وأن يخرقها ويلقيها، وينظر بنور القلب إلى الحقائق الغيبية، وإن كانت في بدو الأمر للجمهور محتاجاً إليها؛ كما أن الحواس الظاهرة مرقاة للمعاني العقلية والحقائق الكليّة النوريّة حتى صحّ من أصحاب الحكمة :



إنَّ من فقد حساً، فقد فَقَدَ علماً. مصباح 18 فانظر، أيّها السالك سبيل الحق، إلى الآيات الشريفة في أواخر "الحشر" وتدبّر فيها بعين البصيرة. وهي قوله تبارك وتعالى:




" هو الله الذي لااله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم . هوالله الذي لااله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون . هو الله الخالق البارىء المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم



صدق الله العظيم. فانظر كيف حكم تعالى شأنه في الآيات الثلاثة الشريفة باتحاد حضرة الإلهية مع غيب الهوية باعتبار اندكاكها في ذاته واستهلاكها في إنيته. ثم، حكم، تعالى شأنه باتحاد الصفات الجماليّة والجلاليّة والأسماء الذاتية والصفاتية والأفعالية على الترتيب المنظم مع الذات الأحدية. ففيها إشارة لطيفة إلى ما قدمنا لمن "ألقى السمع وهو شهيد ." مصباح 19 قال الشيخ العارف الكامل القاضي السعيد الشريف القمي رضوان الله عليه في البوارق الملكوتية :



من المتضح عند أهل الذوق الأكمل والمشرب الأسهل أن "الله" اسم جامع لحقائق جميع الأسماء الإلهية. لست أعني أن غيره لا يتضمّن سائر الأسماء؛ إذ لاريب عند أهل الذوق أن كل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء الإلهية؛ فإن كل اسم ينعت بجميع النعوت، إلاّ أن هيهنا مراتب:



أحدها، مرتبة السدنة والرعايا. والثانية، الأرباب والرؤساء. والثالثة، الملك والسلطان. فللإسم "الله" هذه المرتبة الأخيرة؛ فلهذا اختص بالجامعية . انتهى كلامه . مصباح 20 لاتتوهمن التهافت بين ما ذكره ذلك العارف الجليل، والذى سبق منّا في بعض




المصابيح السالفة. فإنّا قد آمنّا بأن بعض الأسماء حاكم على بعض بتوسّط أو بلا وسط



كما مرّت الإشارة إليها. كما أنّ بعض الأسماء ربّ الحقائق الروحانيّة؛ وبعضها ربّ الحقائق الملكوتيّة؛ وبعضها ربّ الصور الملكيّة الكائنة. وهو قدّس الله سره، أيضا مؤمن بما أوضحنا سبيله من أن أسماء الجمال مستتر فيها الجلال، وأسماء الجلال مستكنّ فيها الجمال، والإختصاص بالإسم باعتبار الظهور؛ كما صنع الشيخ محي الدين في الأسماء الذاتية والصفتيّة والأفعالية؛ وأشير إليه في النبوي:



إنّ الجنّة حفت بالمكاره. والنار حفت بالشهوات. وقد أشار مولانا ومولى الكونين أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، إشار ة لطيفة خفيّة إلى ذلك بقوله:



ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله وبعده ومعه. أو "فيه" فإن مظهرية كل شيء للاسم "الله" الأعظم، مع اختصاص كلّ مربوب باسم، ليس إلاّ من جهة أنّ كل اسم يستكنّ فيه كلّ الأسماء والحقائق . مصباح 21 إذا علمت بالعلم اليقين الخالي عن الشبهات والمعرفة الكاملة المقدسة عن الجهالات أن التكثر الواقع في الحضرة "الواحدية" ومرتبة الألوهية هو من تجلي الفيض الأقدس في صور الأسماء والصفات وانعكاس نوره في مرائيها ، فاعلم أن لهذه الأسماء الإلهية وجهين :



وجها إلى أنفسها وتعيناتها ؛ وبه يظهر أحكام الكثرة والغيرية ؛ ولها لوازم في الحضرة العلمية وتأثير في الأمر والخلق . كما سيأتي تفصيله ، أن شاء الله . ووجها إلى الحضرة الغيب المشوب ومقام الفيض الأقدس الفاني في الذات الأحدية والمستهلك في غيب الهوية . وبهذا كلها فانية الذات ، مقهورة الإنية تحت كبرياء الأحدية ، غير متكثرة الهوية والمهية




مصباح 22 إذا عثرت على آثار من معادن الحكمة ومحال المعرفة تنفي الصفات عن حضرة الذات والواحد من جميع الجهات ، فاعلم أن المقصود نفيها عن تلك الهوية الغيبية الأحدية المقهورة عندها الأسماء والصفات . وإذا رأيت ايقاعها عليها في التنزيل العزيز الحكيم من لدن عليّ عظيم وفي أحاديث الأئمة المعصومين ، صلوات الله عليهم أجمعين ، فاعرف أنها بحسب الظهور بفيضه الأقدس في الحضرة "الواحدية" ومقام الجمعية الإلهية . مصباح 23 إني لأتعجب من العارف ، المتقدم ذكره ، مع شأنه وقوة سلوكه كيف ذهل عن ذلك المقام الذي هو مقام نظر العرفاء العظام حتى حكم بنفي الصفات الثبوتية عن الحق ، جل شأنه ، وحكم بأن الصفات كلها ترجع إلى معان سلبية ؛ وتحاشى ، كل التحاشي ، عن عينية الصفات للذات . وأعجب منه الحكم بالإشتراك اللفظي بين الأسماء الإلهية والخلقية والصفات الواقعة على الحق والخلق . وأعجب من الأعجب ما سلك في "الطليعة" الأولى من البوارق الملكوتية من أن مايوصف بوصف فله صورة ، لأن الوصف أعظم الحدود للشىء في المعاني ولا إحاطة أوضح من إحاطة الصفة في العوالي . وجعل ذلك سر ما ورد في الخبر :



إن الله لا يوصف مع ذهابه ، قدس الله سره ، في تلك الرسالة على ماسمعت في المصابيح السابقة إلى أن كل الأسماء مشتملة على جميع مراتب الأسماء فإذا كانت الأسماء كل الحقائق ، فلها مقام الإطلاق ، كما للإسم "الله" ، فكانت لمبادئها التي هي الصفات مقام الإطلاق . وظني أن ذهابه إلى ذلك لعدم استطاعتة على جمع الأخبار ، فوقع فيما وقع . وليس هذا المختصر الموضوع لغير تلك الأبحاث محل تفصيل تلك المباحث العظام ؛ فالواجب أن نكتفي بنقل كلام منه في عينية الصفات للذات . فإني لا أتملك إلا من ذكره والكلام فيه




مصباح 24 قال ، رضى الله تعالى عنه ، في المجلد الثالث من شرح كتاب التوحيد ، لشيخنا الصدوق ، القمي ، رضى الله تعالى عنه -وهو كتاب عزيز كريم متفرد في بابه- في باب اسماء الله تعالى والفرق بين معانيها وبين معانى اسماء المخلوقين . بهذه العبارة :



المقام الثاني في رجوع تلك الصفات ، أى الذاتية منها ، إلى سلب نقائصها . ولنذكر في هذه الغاية القصوى برهانين :



البرهان الأول ، قد بينا أن تلك المفهومات التي عندنا أمور وجودية ، وأنها لا سبيل لها إلى حضرة الأحدية ، تعالى شأنه . فالذى عند الله ، جل جلاله ، منها ، لو كانت على المعنى الذي يليق بعز جلاله ، أمور وجودية ؛ ولا ريب أنها صفات ؛ وأن الصفة ما يكون معه الشىء بحال ؛ وكل ما يكون معه الشىء بحال ، يكون لا محالة غير ذلك الشىء بالضرورة ؛ وكل ما يكون غيرالمبدأ الأول وكان أمراً ثبوتياً ، معلول الله . ثم ، ساق إلى آخر البرهان بذكر توالى فاسدة ، كلها مبتنية على تلك المقدمات . ثم أقام ، قدس سره ، برهاناً آخر مبتنيآ على بعض مقدمات هذا البرهان . ثم قال :



هذه الذي ذكرنا إلى الآن ، هي البراهين العقلية على المطلبين المذكورين ؛ أي ، اشتراك الصفات بين الخالق و المخلوق اشتراكاً لفظياً ؛ ورجوع الصفات الذاتية إلى سلب القائص



وأما النقل فمتضافر ؛ بل يكاد أن يكون من المتواتر . إنتهى . وقد ذكر في "المقام الأول" - أي مقام إثبات الإشتراك اللفظي بين صفات الخالق والمخلوق - برهاناً وصفة بـ "أجود البراهين" . وعمدة مقدماته أن "الذات" يقال لما به الشيء هو هو ، و "الصفة" لما يكون معه الشىء بحال




مصباح 25 إن المصابيح السالفة رفعت الظلام عن وجه قلبك ، وعلمتك مالم تكن تعلم من كيفية عينية الذات والصفات والأسماء . وعلمت أن الصفات لم تكن من قبيل الحالات والعوراض الزائدة عليها ؛ بل هي عبارة عن تجليها بفيضها الأقدس في الحضرة "الواحدية" وظهورها في الكسوة الأسمائية والصفاتية ؛ وحقيقة الأسماء بباطن ذاتها هي الحقيقة المطلقة الغيبية . فبالمراجعة إليها تعرف ما في كلام هذا العارف الجليل ، رضوان الله عليه ، من أن برهانه يرجع إلى المناقشة اللفظية والمباحثة اللغوية التي هي من وظيفة علماء اللغة والإشتقاق ؛ وليس للعارف الكامل شأن معها ، ولا من جبلته أن يحوم حولها ؛ فإنها الحجاب عن معرفة الله والقاطع طريق السلوك إليه ؛ مع أن هذا العارف السالك كر على ما فر منه



فلقائل أن يقول :



أيها الشيخ العارف ، جعلك الله في أعلى درجات النعيم ، أنت الذي فررت من الإشتراك المعنوى بين الحق والخلق ، وجعلت التنزية ملاذ التشبيه ، ما الذي دعاك إلى الذهاب ألى أن الصفة ما معه الشئ بحال في أي موطن من المواطن حصل وفي أي موجود من الموجودات وجد ؟ بمجرد أن الصفة في الخلق ، لا مطلقاً ؛ بل في عالم المادة والهيولى كذلك



هل هذا إلاّ التشبيه الذي وردت الأخبار الصحيحة من أهل بيت العصمة والطهارة ، صلوات الله عليهم ، بل الكتاب العزيز ، على نفيه ؟ وفررت منه حتى وقعت من نفي الصفات التي قال الله تعالى شأنة في حقها :



(ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ماكانوا يعملون . ) وقال تعالى شأنه :



(قل ادعوا الله أو أدعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ). وهل زعمت أن من قال من الحكماء العظام والأولياء الكرام ، رضوان الله




عليهم ، بعينية الصفات للذات المقدسة أنها بما ذكرت عينها ؟ وهل المراد إلا أن الوجود الحقيقي بأحدية جمعه يصلح فيه المتغائرات ويجمع فيه الكثرات بالهوية الوحدانية الجمعية المنزهة عن شائبة الكثرة ؟ فنطق لسان الحكماء المتألهين لإفادة ذلك الأمر العظيم الذي كان العلم به من أجل المعارف الإلهية بأن بسيط الحقيقة كل الأشياء بالوحدة الجمعية الإلهية. وقالت العرفاء الكاملون إن الذات الأحدية تجلى بالفيض الأقدس، أي الخليفة الكبرى، في الحضرة الواحدية، وظهرفي كسوة الصفات والأسماء؛ وليس بين الظاهر والمظهر اختلاف إلاّ بالإعتبار



هذا؛ وليس هيهنا موضع البحث عن هذه الحقائق فإن هذه الرسالة موضوعة لبيان غيرها؛ فلنرجع إلى المقصود . مصباح 26 إعلم، أيها الخليل الروحاني، وفقك الله لمرضاته وجعلك وإيانا من أصحاب شهود أسمائه وصفاته، أنّ هذه الخلافة من أعظم شؤونات الإلهية وأكرم مقامات الربوبية، باب أبواب الظهور والوجود ومفتاح مفاتيح الغيب والشهود؛ وهي مقام "العندية" التي فيها مفاتيح الغيب التي لايعلمها إلا هو. بها ظهرت الأسماء بعد بطونها وبرزت الصفات غب كمونها. وهذه هي الحجاب الأعظم الذي يعدم عنده كل صغير وكبير، ويستهلك لدى حضرته كل غني وفقير. وهذه الفضاء اللايتناهى الذي فوق العرش الذي لا خلأ فيه ولاملأ. وهذه سبحات وجهه التي لو كشفت الحجب النورانية والظلمانية، لأحرقت ما انتهى إليه بصره. فسبحان ما أعظم قدره وأجل شأنة وأكرم وجهه وأرفع سلطانه. سبوح قدوس، رب السموات الأسمائية والأراضي الخلقية




فيا عجباً من خفاش يريد أن يمدح شمس الشموس الطالعة ! وحرباء يصف البيصاء القاهرة الساطعة ! فما أعجز القلم والبيان وأكل القلب واللسان ! " قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي." فكيف بمبدأ الكلمات ومصدر الآيات ! فإن أبحر الوجود وأقلام عالم الغيب والشهود تعجز عن وصف تجل من تجلياته. بهر برهانه وعظم سلطانه . مصباح 27 هذه الخلافة هي روح الخلافة المحمدية (ص) ، وربها وأصلها ومبدؤها؛ منها بدأ أصل الخلافة في العوالم كلها؛ بل أصل الخلافة والخليفة والمستخلف إليه. وهذه ظهرت، تمام الظهور، في حضرة اسم "الله" الأعظم رب الحقيقة المطلقة المحمدية (ص)، أصل الحقايق الكلية الإلهية



فهي أصل الخلافة، والخلافة ظهورها؛ بل هي الظاهرة في هذه الحضرة، لإتحاد الظاهر والمظهر؛ كما أشار إليه في الوحي الإلهي، إشارة لطيفة، بقول تعالى :



" أنا أنزلناه في ليلة القدر " . وقال شيخنا وأستاذنا في المعارف الإلهية، العارف الكامل، الميرزا محمد علي الشاه أبادي الإصفهاني، أدام الله أيام بركاته، في أول مجلس تشرفت بحضوره وسألته عن كيفية الوحي الإلهي، في ضمن بياناته أن "هاء" في قوله تبارك وتعالى :



/ 6