بحـوث - بحوث فی القرآن الحکیم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحوث فی القرآن الحکیم - نسخه متنی

محمدتقي مدرسي

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بحـوث

في القرآن الحكيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للـه رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين.

أمام الأمة الاسلامية- وهي تواجه الحضارة الغربية بكل أبعادها - أمامها واحد من أمرين: الاستسلام للكارثة الحضارية أو محاولة بناء حضارة اسلامية.

وإذا كانت الكارثة أخطر ما تخشاها الأمة فإن علينا السؤال عن الوسيلة التي لابد أن نصوغ بها الحضارة الاسلامية؟

والجواب بسيط، إلا أن القيام به مستصعب جداً؛ ان الوسيلة الوحيدة لذلك: تطهير الحضارة الغربية من سلبياتها المادية ثم تطعيم الفكر الإسلامي بها، وتتبع هذه العملية الخطوات التالية:

1- العودة الى المصادر الإسلامية واستنباط الجوهرة النقية منها.

2- العودة الى عناصر الحضارة الحديثة وتقييمها وفق مقاييس تلك الجوهرة.

3 - استنباط التفاصيل عن هاتين الجوهرتين.

وستكون العملية صعبة جداً، لا لأنها ستحتاج الى دراسات مُضنية فقط، بل وايضاً لأنها تفرض على القائمين بها التمتع بصفات نفسية معينة، هي التالية:

أ- الشعور العميق بضرورة الحضارة الاسلامية.

ب- منهجية التفكير.

ج- القدرة على التعاون مع الآخرين.

إن بناء الحضارة ليس من مسؤولية فردٍ او فريقٍ من الناس، بل ولا جيل واحد. إنه عملية تبدأ ولا تنتهي، إلاّ بعد توفير الخير للانسانية جمعاء.

من هنا؛ كان على كل فرد أن يقوم بدور إيجابي لكي ندفع - جميعاً - عجلة الحضارة الاسلامية الى الامام والى الأبد.

والكتاب - الذي بين أيدينا - ضوء خاطف على طريق بناء الحضارة الاسلامية. انه مساعدة اولية لأولئك الذين يريدون ان يشتركوا في عملية البناء الحضاري. ذلك لأنه يساعد على التدبر في مصدر عظيم من مصادر الفكر الحضاري الا وهو القرآن الحكيم.

يبدأ الكتاب بالخطوط العريضة لفلسفة القرآن. ثم ببعض المبادئ العامة لأدب القرآن، وينتهي بالحديث عن كيفية التدبر في القرآن.

وسيجد الباحث بعض الصعوبة في هضم الكتاب ، ولابد انه ينتبه الى طبيعة هذه الصعوبة حينما يتذكر مسؤولية الكتاب؛ التي لا تعدو المساعدة على التفكير، ولكي يكون الكتاب ناجحاً لابد ان يكون باعثاً على التفكير، ولكي يكون باعثاً على التفكير لابد ان يكون مستصعباً. ولا ننسى ان طبيعة الموضوع تفرض الصعوبة ايضاً، أليس هو البحث عن القرآن؟ أوليس القرآن ذاته استشراف من علٍ فوق سهول الحياة وهضابها؟

وقد جاء الكتاب في الأصل على أسلوب محاضرات كان قد طلب إليَّ إلقاؤها على فريق من الطلاب الجامعيين، ما لبثوا ان سجلوها، ثم عرضت عليّ، وبعد تصحيحها، اصبح الكتاب الذي بين ايدينا والذي يحتوي على فصلين: فصل في أدب القرآن وآخر في فلسفته.

ارجو ان اكون قد وفقت فيه لبيان بعض معالم القرآن الحكيم، وما توفيقي الاّ باللـه.

محمد تقي المدرسي - كربلاء المقدسة

1 / 11 / 1991 هـ

بحوث في أدب القرآن الحكيم

لماذا القرآن؟

أول سؤال يُطرح علينا هو السؤال عن السبب الذي ندعو من أجله الى القرآن الحكيم.

والواقع ان هناك عدة أسباب تُفرض علينا العودة الى القرآن والتدبر فيه، ونحن إذ نذكر بعضها بصورة مقتضبة لا نملك سوى الاعتراف بعجزنا عن الاحاطة بها جميعاً.

1- لكل منا رغباته المشروعة التي يتمنى ان يجد سبيلاً مستقيماً إليها، والقرآن الحكيم ذلك السبيل المستقيم المؤدي الى تحقيق مصالح كل شخص ورغباته.

وليست اهمية القرآن وعظمته منحصرة في أنه يحقق للناس رغباتهم المشروعة، ويهديهم الى سُبل السلام المؤدية الى مصالحهم، بل الأهم من ذلك أنه يرسي قواعد للشخصية المتكاملة التي تستطيع بلوغ مآربها

المشروعة بسهولة بالغة.

2- ومصالح الانسان بدورها ليست سوى بعض تطلعاته الكبيرة، اما البعض الآخر فيكمن في بحث الانسان الدائب عن الحق والخير، وسعيه المستمر لتحقيقهما.

إن الانسان يبتغي إرساء دعائم الحق، كما يريد الوصول الى المصالح، واهم ما يصبو إليه هو التوفيق بين هدفيه هذين: تحقيق الحق، ووصول المصلحة!

والقرآن هو ذلك الحق الذي يبتغيه البشر ويسعى نحو معرفته واقراره.

وهو - اضافة الى ذلك- يهدي الانسان الى التوفيق بينه وبين المصالح الخاصة.

إذن؛ من منّا لا يريد ان يكون إنساناً طيباً يبتعد عن الجريمة والفحشاء، ويلتزم الطرق المستقيمة، ويتحلى بالسلوك الممتاز؟ ولكن كم واحد منا يستطيع ذلك؟ طبعاً قليلون.. لماذا؟ لأن ضرورات العيش لا تدع للفرد التفكير في الخير والحق!

ولكن القرآن الحكيم يوفر هذه الفرصة، إذ انه يهدي البشر الى السُبُل القويمة للمصالح والتي لا تتنافى مع الخير والحق، بل تتكامل معهما!

3- نصطدم في هذه الحياة بعدة مشاكل، فمن صديق ينقلب علينا، ومن قريب يشاكسنا ومن خسارة تفاجئنا، وقد تصل بنا المشاكل الى حد الخروج عن محور الضبط ثم الانهيار في هاوية اليأس والضياع والانتحار.

ولكن القرآن الحكيم يضع الحلول الحاسمة للمشاكل جميعاً، بل واكثر من هذا، إنّه يصنع الانسان الذي يضع الحلول المناسبة لأية مشكلة طارئة.

ضرورة التدبر في القرآن

هذه هي فوائد القرآن. وهي بالذات الأسباب التي تدعو إلى التدبر فيه، لأن القرآن لا يفيد إلاّ من عمل به.. ولا يعمل به سوى الذي يتدبر فيه فيفهم.

بل ان التدبر في القرآن هو الوسيلة الوحيدة للعمل به، إذ أن اللـه تعالى أودع كتابه الكريم نوراً يهدي الانسان إلى ربه العظيم، فيؤمن به، وبعد الإيمان يطبق شرائعه. من هنا ليس على الإنسان سوى أمر واحد هو الانفتاح على القرآن، واستعداد التفهم له، وهذا يكون بالتدبر فيه.

يقول اللـه سبحانه: « قَدْ جَآءَكُم مِنَ اللـه نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللـه مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (المائدة/15-16(

ان القرآن ذاته نور، وليس علينا امام النور إلا أن نفتح أبصارنا لنراه، ونرى به الأشياء جميعاً.

ان الكفار والفاسقين اختاروا لأنفسهم العمى فلم يفتحوا أعينهم على النور المبين، وعملوا المستحيل في سبيل حجب النور الباهر عن التسرب إلى قلوبهم، خوفاً من امكانية تأثرهم به وتنورهم بشعاعه الكبير.

لقد كان الكفار يتواصون بهذه المقولة التي نقلها القرآن الحكيم عنهم: « وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ» (فصلت/26) انهم كانوا يحذرون من النور ويتهربون منه.

لقد جاء أحدهم الى الرسول يسأله عن قرآنه فلما تلا النبي صلى اللـه عليه وآله بعض آيات الكتاب، صعق الرجل وشدّ على فم الرسول بيده، وقال: أناشدك اللـه والرحم إلاّ سكتّ (!) ثم تولى إلى قومه قائلاً: انه سحر يؤثر!!

انه لم يستطع الصبر على تيار النور الذي كاد يلف قلبه، لذلك اسكت النبي وتولى هارباً.

ان المطلوب من الإنسان الانفتاح على القرآن واستماع آياته بتدبر وتجرد. وعندئذ سوف يجد المرء كيف تحدث المعجزة؟

لقد حاول رجل مجرم أن يتسلق جداراً لينهب المال ويغتصب النساء، فسمع صوتاً ينبعث من داخل البيت، ويتلو هذه الآية: « أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللـه» (الحديد/16)

فاستمع إلى الآية بضع ثوان، ثم انفجر باكياً وقال: بلى آن ذلك الوقت الذي يخشع قلبي القاسي لذكر اللـه وما نزل من الحق، بلى آن، فهبط من الجدار وتولى بوجهه شطر مسجد، واعتكف فيه إلى الأبد.

ان تدبر هذا الرجل في آية واحدة حوّله من مجرم متمرس بالجريمة الى معتكف في محراب العبادة.

فكيف إذا تدبر الإنسان في كل القرآن! أفلا يتحول من رجل الى مَلَك بل إلى من هو فوق درجات الملك؟

القرآن والتفسير بالرأي

يزعم فريق من المسلمين ان التدبر في القرآن غير مسموح به إلا للذي أوتي نصيباً كبيراً من العلم، ويستندون - في زعمهم هذا - الى بعض الروايات المأثورة التي نهت الناس عن تفسير القرآن بالرأي.

ولكن هذا الزعم غير منطقي أبداً. إذ ان اللـه كان أعلم بكتابه، وبخلقه، حيث أمرهم بالتدبر في آياته. بل حيث خاطب بالقرآن كل انسانٍ، وفي كل أرض وفي كل عصر.

يقول اللـه سبحانه عن كتابه: « هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ» (آل عمران/138)

وهل يمكن أن يبعث اللـه بياناً للناس جميعاً، ثم ينهاهم عن التفهم له، او التدبر فيه، إذاً فما فائدة البيان؟

ان خطابات القرآن تهتف بالناس كافة وتقول: يا أيها الناس، أو بالمؤمنين جميعاً، وتقول: يا أيها الذين آمنوا. وهذا يعني أن اللـه يريدهم ان يسمعوا كلامه، ويتفهموه. فهل نستطيع ان نزعم انه لا يجوز التدبر فيه؟

ولا يمكن ان نقول ان الروايات تنهى عن التدبر الذي أمر به اللـه، بل الأكثر منطقية القول أن الروايات نهت عن شيء، والآية أمرت بشيء آخر، أو ان الروايات بينت حدود التدبر التي لا يجوز التجاوز عنها.

فأي شيء نهت عنه الروايات؟

الواقع ان على الانسان ان يتبع الحق الذي يعرفه ويدع الذي لا يعرفه، إن اللـه سبحانه يقول: « وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ الْسَّمْعَ وَالْبَصَرَ والفؤادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً» (الاسراء/36)

وكذلك لا يجوز للانسان - في شريعة الاسلام- أن يقول شيئاً لا يعلم به، قال اللـه سبحانه: « وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللـه مَا لاَ تَعْلَمُونَ » (البقرة/169)

وقد اعتبر القرآن القول بغير علم كبيرة يعظمها اللـه ويستحقرها العباد، فقال تعالى: « وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللـه عَظِيمٌ» (النور/15)

ومن هنا لا يجوز ان ننسب فكرة او عملاً لأحد ما لم نتأكد يقيناً انتسابهما إليه. كذلك لا يجوز تفسير كلام أي فرد إلا بعد التأكد من إرادته فعلاً لما نفسره، والا اعتبر ذلك نوعاً من التحريف في كلامه وضرباً من التهمة.

وتشتد خطورة الأمر بالنسبة الى اللـه العظيم، فأي قول ينسب إليه يجب ان نتأكد بالعلم اليقين أنه قاله، وإلاّ كنا قد افترينا على اللـه كذبـاً، فقال سبحانه: « إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللـه الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ» (النحل/116)

وكذلك أي تفسير لكلام اللـه المجيد لا نعلم يقيناً مطابقته للواقع يعد نوعاً من الافتراء على اللـه، لأنه يعتبر ضرباً من نسبة القول إليه دون التأكد من ذلك.

وكان في الأمة الاسلامية - ولم يزل- فريق يريدون استغلال الدين لمصالحهم الشخصية، او يستخدموه لإثبات اهوائهم المضلة، وهكذا يبدؤون بتفسير الآيات القرآنية حسب آرائهم الخاصة. إن هؤلاء يريدون ان يجعلوا كتاب اللـه تابعاً لأفكارهم فيحمّلونه مالا يحتمل.

وقد أراد الإسلام تطويق هذا الفريق، فجاء في الكتاب « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَاُخَرُ مُتَشَابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللـه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلآَّ اُوْلُواْ الأَلْبَابِ » (آل عمران/7) ([1])

هكذا وضح القرآن نوايا هذا الفريق الفاسدة ونهى - بشكل قاطع- عن تأويل القرآن للوصول الى الأغراض الفاسدة.

وجاءت الروايات تنهى عما نهت عنه الآية ايضاً، ولكن بتعبير آخر وهو "التفسير بالرأي " والذي يعني القول حسب الهوى الشخصي، وهو يقابل التفسير وفق الحق والواقع. وبالرغم من ان القول بالرأي بصفة عامة، وأن تفسير أي كلام منسوب الى احد -تفسيره- حسب الرأي هو الآخر محرم، فإن كل ذلك بالنسبة الى كلام اللـه الحكيم يعتبر أشد حرمة، لذلك خصت الروايات هذا الأمر بالذكر وهو غير خارج عن القواعد العامة.

وإليك بعض تلك الروايات:

عن الامام الصادق u: من فسر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر، وان اخطأ فهوى أبعد من السماء. ([2])

وروي عن النبي صلى اللـه عليه وآله وسلم: من فسر القرآن برأيه فأصاب الحق فقد اخطأ. ([3])

وروي عنه ايضاً أنه قال: من فسّر القرآن برأيه بُوِّئ مقعده من النار.

اذن؛ فهناك حقيقة لا ريب فيها، هي أن القول بالرأي - خصوصاً في تفسير القرآن الحكيم- حرام أشد ما تكون الحرمة.

ولكن لا يرتبط ذلك بالتدبر في القرآن، إذ التدبر هو: التفكير المركز في الآية لمعرفة الحقيقة التي ذكر بها معرفة تعيينية.

فالتدبر إنما هو لتحصيل العلم بالقرآن، حتى لا يقول الانسان برأيه في تفسير القرآن وإنما بالعلم.

القرآن بين التزكية والتعليم

للقرآن الحكيم هدفان أساسيان إذا عرفناهما عرفنا بعض الجوانب الغامضة منه، وهما تزكية الناس وتعليمهم، ولقد أشار الكتاب الى هدفيه هذين في قوله سبحانه: « هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ» (الجمعة/2)

فالآيات القرآنية التي تُتلى على الاميين تهدف تزكيتهم ثم تعليمهم الكتاب والحكمة.

فما هو الفرق بين "التزكية" و " التعليم"، وكيف ان القرآن يجمع بينهما مرة واحدة؟

1- التزكية هي تنظيف النفس البشرية من رواسبها الجاهلية، سواء كانت من نوع الأفكار الباطلة، او المعتقدات الفاسدة، او الاخلاق السيئة.

التزكية هي تربية الانسان المتكامل الذي يفجّر طاقاته العقلية والجسدية

جميعاً باتجاه الخير والحق.

وكلمة التزكية مشتقة من الزكاة؛ وهي الطهارة. وأساس التزكية تقوية الارادة البشرية، وتحكيم حس التحرر من الاهواء والشهوات، وتحكيمه في سلوكه.

ولا تهدف التزكية اكثر من تطهير البشر وتنظيفهم.

بينما التعليم يهدف إضافة "المعارف" الجديدة للإنسان، لدفع عجلة البشر الى الامام. وهو يعتمد على طاقة العقل الكامنة فيه.

فالعلاقة بين التزكية والتعليم تشبه الى حد بعيد العلاقة بين تنظيف ماكنة السيارة وبين وضع الوقود فيها. إذ التنظيف يغسل المواد الضارة، والوقود يضيف مواد جديدة.

فوقود الإنسانية في مسيرتها الحضارية هو العلم، ولكن هذا الوقود لا ينفع من دون تنظيف ماكنة الإنسان من الاخلاق الفاسدة والأفكار الباطلة.

من هنا؛ تكمِّل عملية التزكية عملية التعليم وتأتي الواحدة تتمة للأخـرى.

2- اما كيف يجمع القرآن بين التزكية والتعليم؟ فهذا يجب ان نبحث فيه عبر عدة نقاط:

أ- ان القرآن الحكيم يوجه الناس الى الحق، بالحق ذاته، فلا يجعل الباطل وسيلة لدعوة الناس الى الحق شأن سائر الكتب التربوية التي قليلاً ما تنظر الى وسيلة تحقيق الهدف التربوي. من هنا يبين القرآن الحكيم السنن الكونية والقوانين الفطرية التي تحكم الحياة وتوجه الناس الى معرفتها لكي يزكوا انفسهم بمعرفتها.

وتوجيه القرآن نحو هذه السنن والقوانين يهدف امرين:

الاول: هداية الناس الى طريق صلاحهم والذي لا يعدو ان يكون التوفيق بين حياتهم وبين متطلبات السنن العامة.

الثاني: تعليم الناس لتلك السنن. ومن الطبيعي ان يختفي الهدف الثاني من ظاهر القرآن، إذ ان سياق الكتاب يسير باتجاه التزكية، مما ينبئ عن انها الهدف الوحيد الذي ينشده القرآن، ولكن بالرغم من ذلك فان نظرة فاحصة تهدينا الى البيانات العلمية التي تنطوي عليها الآيات. فمثلاً في سورة الرعد نجد الآية الكريمة « إِنَّ اللـه لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِاَنفُسِهِمْ» (الرعد/11)

انها حقيقة تربوية يتعرض اليها الكتاب لتثبيت المسؤولية الشخصية في نفوس الامة. وقبل هذه الآية وبعدها تذكيرات بهذه الحقيقة.

ولكن النظرة الفاحصة تهدينا الى وجود ما هو اشمل واوسع دلالة في هذه الآية، انه القانون الاجتماعي الذي يربط بين الحضارة وبين تطوير الصفات النفسية. ويقول كلما كان بناء قومٍ أكثر من هدمهم، كلما تقدمت بهم الحضارة، ولا يكثر البناء على الهدم على صعيد الواقع الا بعد وجود نفسية مناسبة على صعيد الذات.

لقد جُعل هذا القانون العلمي في هذه الآية وسيلة لتزكية الانسان وتحميله مسؤوليته تجاه التطورات الخارجية.

ونلاحظ وجود منعطف صارخ في سياق بعض الآيات الهدف منه بيان حقيقة علمية ترتبط بواقع التزكية التي يهدفها ظاهر السياق.

فمثلاً يقول اللـه سبحانه:« وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ * وَلَوْ بَسَطَ اللـه الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَــزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ * وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ » (الشورى/26-28)

نرى في السياق منعطفاً صارخاً عند قوله سبحانه: « وَلَوْ بَسَطَ اللـه الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ»

حيث لا يرتبط ظاهراً بما قبله من قوله تعالى: « وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ » وبما بعده من قوله سبحانه: « وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ»

ووضع هذا المنعطف إنما هو لبيان سُنة فطرية تجري في العباد، وهي فقدهم للتوازن إذا ثقلت عليهم النعم، باعتبار ان النعمة بحاجة الى قدر من التحمل والضبط، وربما بقدر او اكثر مما تحتاج النقمة إليها.

ان ابداع هذا المنعطف في سياق الآية الذي يبدو مستقيماً بدونه، إنما هو لهدف بيان الحقيقة العلمية في ثنايا التوجيه النفسي، ليس فقط من اجل توظيفها في خدمة التزكية، بل وأيضاً من اجل بيانها للناس.

باء: والاسلوب التربوي الذي يتبعه القرآن الحكيم في تزكية النفس أسلوب علمي بذاته، إنه اسلوب مرحلي يتابع مراحل التزكية، بما يتناسب معها من الإثارة العاطفية والتوجيه الفكري والزخم الايماني، إنه اسلوب يربط - بحكمة بالغة- بين الفكرة الموظفة والهدف المنشود.

وبكلمة؛ ان البشرية تسعى منذ قرون في سبيل وضع مناهج علمية للتربية، والقرآن سبق البشرية جميعاً في استخدام كل هذه المناهج وغيرها مما يطول بيانها تفصيلاً.

وهذا يهدينا الى حقيقتين:

1- ان بوسعنا معرفة المناهج العلمية الأصوب عن طريق تتبع المناهج القرآنية آية بآية، وموضوعاً بموضوع.

2- ان بوسعنا الانطلاق من نقطة واحدة في دراسة هذه المناهج الى قاعدة شاملة عند ملاحظتنا للقرآن الحكيم تماماً ، مثل انطلاق المهندس القدير من النظر الى عمارة واحدة الى معرفة القاعدة الهندسية التي قامت وفقها هذه العمارة، ومثل تفهم الطبيب الحاذق من وصفة طبية للقاعدة العلمية التي استند إليها ذلك الذي كتبها، وهكذا..

فمعرفة المناهج قد تهدينا الى السنن الفطرية التي روعيت عند وضع هذه المناهج وبالتالي نستطيع فهم السنن هذه.

القرآن الحكيم بين الظاهر والباطن

بعد ان تعرفنا على خطي القرآن المتشابكين؛ خط التزكية وخط التعليم، وعرفنا ان الهدف الأهم الذي يبدو من سياق آيات القرآن هو التزكية، بعد ذلك نستطيع ان نهتدي الى الظاهر والباطن.

فالظاهر هو التزكية، بينما الباطن هو التعليم.

وقد جاء في حديث مأثور: "ان ظاهر القرآن حكم وباطنه علم" والحكم هي الشريعة مع موجبات تنفيذها من ترغيب وترهيب وقصص وأمثال. بينما العلم هو السنن الفطرية التي بيّنها القرآن المجيد، والقوانين العلمية التي اشار اليها.

وجاء في حديث آخر: "ظهر القرآن الذي نزل فيهم وبطنه الذين عملوا بمثل اعمالهم". ([4])

ومن المعروف ان قصص الذين نزل فيهم القرآن تعتبر الجانب التربوي

منه، بيد أنّ القرآن حينما ينتزع من القصص سُنناً عامة تشمل الذين نزل فيهم وتسع الذين عملوا بمثل اعمالهم، تعتبر -آنئذٍ- تلك السنن علماً بالتاريخ او الاجتماع او ما اشبه.

وجاء في حديث آخر: ان رجلاً قال: سألت الامام عما يعني بقوله: للقرآن ظهر وبطن؟ قال: "ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقـع".

وهذا الحديث يؤكد معنى الحديث الاول ويتظافران على ان تنزيل القرآن هو الظاهر الذي يدل عليه اللفظ، بينما التأويل- وهو أيضاً بطن القرآن - إنما هو الواقع العلمي الذي يهدي اليه الظاهر وينطبق على كل من يشارك مع أولئك في اعمالهم.

وقد عبرت بعض الاحاديث عن علوم القرآن بـ ( البطن) لانها تخفى على الناس، ثم تظهر بالتدبر، وحسب اختلاف الناس من النواحي العقلية والعلمية تختلف درجات الخفاء، حتى يُعتبر الواقع الواحد، ظهراً بالنسبة الى فريق، وبطناً بالنسبة الى فريق آخر. لذلك تعددت البطون والاظهر بقدر تعدد درجات الناس في العقل والعلم. وجاء في حديث: ان رجلاً قال: سألت ابا جعفر u عن شيء من تفسير القرآن، فأجابني ، ثم سألته ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت فداك، كنت اجبت في هذه المسألة بجواب آخر غير هذا قبل اليوم، فقال لي: ياجابر، ان للقرآن بطناً وللبطن بطناً وظهراً وللظهر ظهراً.

وهكذا فسّر الإمام u آية واحدة عدة تفاسير حسب مستوى وعي السائل، إذ انه حينما عرف تفسيراً يشرح ظاهر القرآن استعد علمياً لمعرفة تفسير يشرح بطنه.

بهذا نعرف معنى عدة احاديث مأثورة تقول ان للقرآن سبعة ابطن او سبعون بطناً. وبهذا ايضاً نعرف قيمة التدبر باعتباره الكاشف الوحيد لبطون القرآن، فكلما تدبرنا كلما ازددنا علماً.

القرآن الحكيم بين المحكم والمتشابه

ولأن القرآن المجيد خطاب مباشر من اللـه خالق كل إنسان، وإلى كل إنسان، فلابد ان يكون مفهوماً لهم جميعاً، بقدر ما يكون عالياً عليهم، يكون مفهوماً لانه خطاب، وعالياً لانه من اللـه.

ولأن الناس درجات في العلم والإيمان؛ فلابد ان تكون آيات القرآن درجات، فتنشأ المشكلة ، حيث تكون الدرجة العالية غير مفهومة لمن هم في الدرجات الدنيا.

وهنا يتدخل القرآن ذاته لحل هذه المشكلة، بأن يوقف هؤلاء الناس عند حدّهم ويأمرهم بترك الآية غير المفهومة لهم، تركها لمن يفهمونها، ممن تتناسب درجاتهم معها، بينما هم يستوحون من تلك الآيات التي تنالها أفكارهم ويتفق معها مستوى نضجهم. والقرآن الحكيم يُسمي الآية المفهومــة بـ (المحكم) بينما يدعـو الآيـــة التي هــي أعلى من مستوى فهـم القـارئ بـ (المتشابـه)، ويأمر الناس باتباع

المحكم وترك المتشابه.

من هنا نعرف ان الناس ليسوا سواءً في المحكم والمتشابه، إذ ان المحكم الذي يبدو واضحاً عند فردٍ -لانه في مستوى فهمه- يكون متشابهاً عند فردٍ آخر، لأنه اعلى من مستواه.

وقد جاء في الحديث في تفسير المتشابه بأنه: "ما اشبه على جاهله" وعليه فانّه يجب على من لم يؤت فهم آية أمران:

1- ان يقف عند الآية ولا يصيبه الغرور فيزعم انه قادر على فهم الآية، فيفسرها برأيه فيضل ويضل الآخرين.

2- ان يلتمس من هو أعلى درجة منه لعله يتعلم منه معنى الآية. ولو لم يفهم- حتى مع التعليم- فعليه ان يدع علمه الى اهله.

هذه الحقائق هي التي تذكر بها الآية الكريمة التي تقول: « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَاُخَرُ مُتَشَابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ» (آل عمران/7)

وجاء في الحديث عن الامام الصادق u: "ان القرآن فيه محكم ومتشابه، فأما المحكم فتؤمن به وتعمل به وتدين به، وأما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به." ([5])

القرآن الحكيم والأحرف السبعة

جاء في حديث شريف: "نزل القرآن على سبعة احرف: امر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل، وقصص، ومثل." ([6])

وجاء في حديث آخر: "ان اللـه تبارك وتعالى انزل القرآن على سبعة اقسام؛ كل قسم منها كاف شاف وهي: امر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل ، ومثل، وقصص." ([7])

وقد تظافرت الاحاديث التي تقول: ان القرآن نزل على سبعة احرف.

وذهب فريق من المسلمين الى تفاسير بعيدة لهذه الكلمة، فقد قال بعضهم: ان اللـه اوحى سبع مرات، سبع كتب كلها قرآن.

بيد ان الجانب التربوي الذي يهدفــه سياق ظاهر القرآن بحاجة الى هذه الاحرف السبعة، فقسم منه امر بخير، وقسم نهي عن شر، وقسمان منه ترغيب لمن عمل بالخير ووعد له بالجنة والفلاح، وترهيب لمن اقترف الشر ووعيد له بالنار والشقاء، كل ذلك ليكون قوة تنفيذية نابعة من ذات الآية.

يبقى الجدل، وهو ضروري في كتاب يحمل سمة العقيدة، لأن هناك شبهات راسخة في قلوب البسطاء يجب تصفيتها قبل البدء بتزكية النفس، وطريق التصفية هو الجدل والمناقشة الهادفة.

وللقرآن سمة هامة تطبع جميع مناحيها، وهي سمة الحيوية التي تجعل من الفكرة واقعاً يتحرك امام اعين الناس، وتتحقق هذه السمة بواحدة من اثنتين: اما القصص التاريخية التي لها حقيقة خارجية، واما الامثال التي لاحقيقة خارجية لها.

وهذا التقسيم في القرآن الحكيم سيعطينا فرصة لفهم كتاب اللـه، إذ ان مجرد تقسيم النص- أي نص كان- يعطي الفرد قدرة هائلة على اكتشاف خفاياه!.

القرآن الحكيم واثباتات معانيه

ما هي الاثباتات اللغوية التي يمكننا الاعتماد عليها في فهم القرآن الحكيم؟

نرى ثلاثة إثباتات رئيسية لمعنى القرآن: اللغة، والسياق، والتفسير المصون.

أ- اللغـة.

بالرغم من ان اللغة العربية أشمل وأدق واجمل اللغات في انها تعطي لكل حقيقة لفظاً قريباً يتناسب معها تماماً، وبالرغم من ان العرب اختاروا لكل تطور ينشأ في شيء، لفظاً يخصه، ويوحي الى تلك الحقيقة متلبسة بذلك التطور.

بالرغم من هذا وذاك فإن الكلمات العربية اكتنفها الغموض مما افقد إيحاء اللفظ وظلاله، فلم نعد - نحن العرب- نملك رهافة الحس التي كانت بين لفظتي " قرب - اقترب" أو "فكر - افتكر" حتى لم نعد نعرف الفرق بين كلمتي "سار وسارب" و" دلك واولج" وما اشبه.

ويعود ذلك الى :

اولاً: كثرة استعمال الألفاظ في غير معانيها الأدبية، فحينما يستعمل العربي كلمة "قرب" في المجال المحدد لـ "اقترب" او حتى كلمة "سار" في موضع كلمة "سارب"، تختلط ظلال الكلمتين مع بعضهما، وتضيع الايحاءات الخاصة.

ثانياً: تعلقت اذهاننا بمعاني جامدة ومحددة لألفاظ عربية، وفقدنا الشعور بمحور شعاع الكلمة، نحن حينما نستعمل كلمة "جن" يتبادر الى اذهاننا المخلوق الغريب ، دون ان نفكر ولا لحظة حول ارتباط كلمة "ج ن ن" مع هذا المخلوق، ونستعمل كلمة "جنين" دون ان نعرف ان هناك علاقة تناسب مع معنى الولد في بطن امه (جنين) ومعنى المخلوق الغريب (جن)، وهي ان كليهما مستور عن اعين الناس.

وكذلك نطلق لفظة الخمر للدلالة على السائل المسكر ، ونطلق لفظة الخمار للدلالة على الساتر لوجه المرأة ، ولا نلاحظ ان علاقة اللفظين ببعضهما إنما هي من ناحية الستر، فهذا يستر الوجه، وتلك تستر العقل.

وهكذا تتداخل إيحاءات اللفظ العربي ببعضه، فنفقد بذلك فهم اهم سمة من سمات اللغة العربية التي لو فهمناها لَسَهل علينا فهم القرآن كثيراً.

من هنا يتوجب علينا الخروج من الفهم التقليدي للألفاظ العربية نحو افق اسمى، يستشم المعنى الايحائي العام منها.

وهذا الخروج ضروري لفهم القرآن الحكيم، إذ انه في قمة البلاغة التي تتلخص في رعاية التناسب الشامل بين الموضوع واللفظ، وبين الواقع والتعبير، فيكون كشف المنحنيات التعبيرية والايحاءات اللفظية ذات اهمية خاصـة في القرآن اكثر من أي كتاب آخـر، لأنهـا معنية فيه بشكـل لايوصف.

يبقى السؤال عن كيفية الخروج؟

والجواب: على الفرد:

1- ان يتجرد اولاً عن موجبات المناخ الفكري الذي يُصور له معنى جامداً للفظ.

/ 6