اضواء على ازمة الخليج - اضواء علی ازمة الخلیج نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اضواء علی ازمة الخلیج - نسخه متنی

سید محمد تقی مدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید









اضواء على ازمة الخليج

حاضر العراق ومستقبله



بنظر آية الله السيد محمد تقي المدرسي



بسم الله الرحمن الرحيم

المـــــقــــدمة



من ابجديات الحياة البشرية التي لا يمكن تجاهلها ، ان لهذه الحياة قانونا يحكمها وان اختلفت الرؤى في صياغة هذا القانون لتعدد الايديولوجيات السائدة في التاريخ البشري ، الا ان هناك قوانينا تعارف عليها البشر واصبحت امورا مسلما بها ولا يمكن تجاوزها .



وكل من يحاول تجاوز هذا القانون فان ممن حوله يحاولون اعادته الى جادة الصواب التي يعتقدونها ،ويبدو ان هذا القانون السائد هو من سنن الكون الالهية التي رسخها الله في العقل البشري وذلك لحماية البشر من الدمار والهلاك ، فحتى الغابة التي لا يقطنها سوى الحيوانات تعتمد القانون ، وان كان هذا القانون قاسيا في معظم مراحله وتطبيقاته ، ومن هنا تنبع الضرورة القانوينة في حياة المخلوقات البشرية لكيلا يهتز النظام الذي يسير عليه الكون . حينما اجتاح الجيش العراقي دولة الكويت في الثاني من آب ( اغسطس ) الماضي كانت مفاجأة غير مرتقبة للرأي العام العالمي والعربي بالاخص ، وذلك لان العالم كان يجهل حقيقة الرئيس العراقي " صدام حسين " او يحاول تجاهل هذه الحقيقة القائمة على العدوان وحب السيطرة حيث اثبت طاغية بغداد انه لا يلتزم بأي قانون ولا يعترف بابسط القوانين السياسية الداعية الى عدم الاعتداء على الدول المجاورة والتي ساعدته في تجاوز ازماته السياسية . فلقد فاجأ النظام العراقي بغزوه الكويت الرأي العام العالمي الذي كان يعيش ازمات سياسية تقليدية ليفجر ازمة سياسية تجاوزت اطرها الأقليمية لتصبح ازمة عالمية سلبت انظار الجميع ، لانها تقع في اخطر منطقة تهم العالم وهي الخليج والتي تعتبر موطن البترول الرئيسي في العالم .



وبدأت وسائل الاعلام العالمية تتوجه الى الازمة الحالية ليس لان النظام العراقي تجاوز القانون الدولي واحتل دولة وشعبا كانا آمنين في عقد التسعينات الذي يسير باتجاه الانفتاح والواقعية بل لان الغزو العراقي كان يستهدف ابار النفط في الخليج الذي يشكل منطقة استراتيجية وضرورة حيوية للإدارة الاميركية لا يمكنها التنازل عنها بسهولة مهما كلفتها من تضحيات ،لان الحفاظ على الامن في هذه المنطقة بالتالي هو ضمان لا ستمرار دورة الحياة الاميركية . ان خلفيات الازمة الراهنة لا تكمن في أن الرئيس العراقي يتصور ان دولة الكويت جزء من الاراضي العراقية و يجب استرجاعها و يعيد الفرع الى الاصل فقط كما يحلو له ترديد ذلك في خطاباته السياسية بعد احتلال الكويت ، بل أن المشكلة تكمنى في الطموحات السياسية الغير مشروعة التي يحملها " صدام " والرغبة المجنونة التي تتملكه دائما وهي السيطرة وحب التسلط بقوة السلاح .



ان الازمة السياسية التي نعيشها ليست ازمة حدود بل أزمة عقول ، فالسياسة الخاطئة التي سار عليها النظام العراقي اوصلته الى هذا المنحدر الخطير الذي جعلته يفكر في احتلال الكويت لحل ازماته الاقتصادية والسياسية بعد ان شاهد العالم يقف الى جانبه في حربه المدمرة ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية .



لقد خرج النظام العراقي من حربه مع ايران بديون ثقيلة بلغت اكثر من مائة مليار دولار، استدان جزءا منها من دول الخليج وبالذات من الكويت ، ولم يكن رفع اسعار النفط من قبل الكويت والامارات في الاوبك سببا رئيسيا في نشوب الأزمة الحالية بل هي الفتيل الذي اشعله العراق لاشعال الأزمة وذلك للمطالبة بحقول الرميلة النفطية وجزر بوبيان التي يعتبرها العراق جزرا استراتيجية بالنسبة لحماية آمنه القومي .



لقد راود صدام الحلم القديم الذي فشل في تنفيذه الرئيس العراقي السابق عبدالكريم قاسم في احتلال الكويت ، وبدأ في ذكرالحقوق التاريخية للعراق في الكويت ، وكأن الرئيس العراقي صدام يسعى لرسم خريطة المنطقة من جديد .



وبعد ذلك بدأ " صدام حسين " باستغلال الشعارات الرنانة وذلك لا ستمالة الشعوب العربية برفع شعار الوحدة العربية وتوزيع الثروات ، لكسب الرأي الاسلامي الى صفه واعلان المعاداة للكيان الصهيوني الذي هدده قبل اشهر من الازمة حينما هدد باحراق نصف اسرائيل و ذلك لخداع الشعوب المسلمة والشعب الفلسطيني . وكأنه تناسى تدمير المفاعل النووي العراقي في الثمانينات من قبل الطائرات الاسرائيلية ، وبدلا من الانتقام من الكيان الغاصب لفلسطين بقوة السلاح قام بتوجيه الجيش العراقي نحو احتلال الكويت .



حيث أدخل المنطقة في مأزق خطير ، فبعد يومين من الغزو العراقي حشدت الولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها قوات عسكرية بلغت اكثرمن (350) الف مقاتل بالأضافة الى القوات العربية والاسلامية ، ومن ثم زادت الادارة الأميركية من حشد قوة عسكرية لتبلغ (500) الف جندي والتي استخدمت في الحل العسكري بعد أن فشلت كل الحلول السلمية والدبلوماسية مع العراق لسحب قواته من الأراضي الكويتية . وهكذا تم الانحساب الغير مشروط بعد يوم واحد فقط من المعركة البرية .



وبالتالي اصبحت منطقة الخليج تحت الاحتلال الاميركي بحجة حماية آبار النفط ، ومع اننا ندين هذا الوجود العسكري و نرفضه الا ان السبب الرئيسي هو الغزو العراقي للكويت الذي سبب في وجود هذه القوات الاجنبية ، وذلك لان دول الخليج غير قادرة على حماية امنها والوقوف امام العدوان العراقي واخراجه من الكويت ، نظرا لضعفها العسكري والسياسي .



ولاشك ان لهذا الوجود العسكري في بلادنا مساوى وسلبيات كان يمكن تجاوزها لو ان العراق لم يقم بغزوه للكويت ، لان وجود القوات العسكرية الاجنبية يعني استعمارا استيطانيا جديدا، قد لا ينتهي الا في عدة سنوات قادمة .



في الجانب الآخر ترى الولايات المتحدة ان تحقيق الانسحاب العراقي هو أمر في غاية الخطورة ، ذلك لضمان عدم سقوط مصداقيتها امام العالم ، وحلفائها في المناطق الأخرى ، وقد استخدمت القوة العسكرية بعنف لتضمن عدم انكسار هيبتها السياسية بالاضافة الى تخريب مصالحها الاقتصادية وبالذات في منطقة الخليج التي تعتبر منطقة حيوية للادارة الاميركية .



ومن الامور التي لايمكمن تجاهلها في ازمة الخليج ان الرئيس العراقي استطاع الا ستفادة من ثغرات امنية لازالت مشتعلة في المنطقة مثل القضية الفلسطينية , حيث ربط صدام حسين الانسحاب من الكويت بحل الصراع العربي الاسرائيلى وبالتالي استطاع ان يكسب الى جانبه جزء من الشعوب العربية والاسلامية المخدوعة بشعاراته .



وهذا الربط بين ازمة الخليج و قضية فلسطين كان من اجل احراج الادارة الاميركية التي كانت تتغاضى بشكل مفضوح عن انتهاكات الكيان الاسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني وخصوصاً في ظل الانتفاضة التي تشهدها الاراضي المحتلة .



واننا وان كنا نرفض الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ، الا ان ذلك لا يعني ان حل القضية الفلسطينية يأتي عبر الكويت ، فالغزو العراقي كانت له خسائر اقتصادية وسياسية كثيرة على مجمل الشرق الاوسط وبالخصوص الشعب الفلسطيني التي يتواجد جزء منه في الكويت ، ولقد صرح رئيس الصندوق الفلسطيني ان خسائر الشعب الفلسطيني من الغزو العراقي بلغت اكثر من (15) مليار دولار بفعل اعتماد فلسطيني الداخل على تحويلات الجالية الفلسطينية في الكويت ، فاذن ماهي استفادة القضية الفلسطينية من الغزو العراقي الذي يحاول صدام حسين اقحامها في دوامة الخسائر الاقتصادية ؟ بالأضافة الى ان ازمة الخليج اثرت سياسيا على الانتفاضة الاسلامية في فلسطين التي كانت تتصدر الاخبار العالمية .



فلو كان الرئيس العراقي حريصا على حل القضية الفلسطينية لما قام بغزو الكويت ، ولكن مايؤسف هو ان تنخدع بعض التيارات الاسلامية و تصدق ان وعود (صدام) جادة في دعم قضية تحرير فلسطين وعلى رأس اولئك بعض التنظيمات الفلسطينية ، التي صفقت لصدام حسين منتظرة منه القيام بتحرير فلسطين بعد احتلاله الكويت .



ان ما قام به الرئيس العراقي هو محاولة لأجل تصدير ازماته الداخلية وخصوصا الاقتصادية للخارج من اجل الاستمرار على رأس السلطة السياسة ، وذلك لان النظام العراقي كان يعاني من ازمة اقتصادية خانقة بالإضافة الى ازماته السياسية .



ولقد كان هناك رقم غائب عن المعادلة السياسية وهو المعارضة العراقية التي كان العالم يتجاهلها قبل الأزمة الحالية التي انتهت بصورة غير مشرفة للقوات العراقية ، عن عمد واصرار ، ولم تكن وسائل الاعلام العربي والعالمي تتحدث عن المعارضة العراقية التي كانت محاصرة اعلاميا وسياسيا بل كان يصف رموزها بالارهاب وعمليات المقاومة بالتدمير والتخريب .



ان المعارضة العراقية التي حوصرت من قبل الجميع تعتبر مظلومة ، لان الجميع حاول ان يتناساها وبينما كانت تحاول فضح النظام العراقي و كشف جرائم صدام للعالم كان الجميع لا يذكرها كأن هناك اتفاق بين وسائل الاعلام العالمية على تجاهل المعارضة العراقية و مطالبها باسقاط الديكاتور الجاثم على صدر الشعب العراقي .



ان كل عراقي هو مأساة تتحرك لان جرائم "صدام" شملت الجميع ولم تترك عائلة في العراق الا وشملتها ، فاليوم هناك اكثر من مليون وسبعمائة الف عراقي في المنفى يستخدم النظام لمطاردة الفاعلين منهم وسائل مختلفة لا يمكن ان يتصورها العقل البشري في احيان كثيرة فلقد لاحقت المخابرات العراقية آية الله السيد حسن الشيرازي واغتالته في بيروت ولا حقت العلامة السيد مهدي الحكيم و اغتالته في السودان .



اما داخل العراق فقد تحول الى سجن كبير يضم الشعب العراقي بأكمله ، بالاضافة الى اعتقال اكثر من (50) الف معارض في سجونه الخاصة التي تمثل اكاديميات متطورة في التعذيب والارهاب ، والمؤسف حقا ان جرائم النظام العراقي كان يتستر عليها الغرب والشرق ، فبينما يقوم الرئيس العراقي بإبادة مدينة بأكملها في كردستان العراق (حلبجة) بالاسلحة الكيماوية لم يندد احد ولم يعترض احد مع فداحة العملية و بشاعتها بحق الانسانية المعذبة .



ان السكوت على جرائم النظام العراقي بحق ابناء شعبه كان احدى الدوافع التي جعلت صدام حسين يصل الى هذه الحالة من الغطرسة ، بحيث لا يعبأ بأي قانون دولي او يحترم اي ميثاق دولي ، وهكذا فان الدعم العسكري الذي تلقاه النظام الديكتاتوري في في بغداد من العالم اثناء حربه ضد ايران أهله لامتلاك قدرة عسكرية هائلة يهدد بها جيرانه ويحتل دولة الكويت .



وفي ظل هذا التجاهل المتعمد من قبل وسائل الاعلام للمعارضة العراقية كانت أزمة الخليج هي القنبلة التي كشفت زيف النظام العراقي الذي يتستر تحت الشعارات الوطنية والقومية وابرزت المعارضة العراقية الى الواقع بعد تجاهل طويل الامد.



ان بروز دور المعارضة العراقية لايجب ان يقتصر على المجال الاعلامي بل ان المطلوب اليوم من العالم الاعتراف بالمعارضة كبديل سياسي عن نظام بغداد الديكتاتوري و سحب الاعتراف السياسي من هذا النظام في المحافل الدولية و ذلك لانه لايمثل ارادة الشعب العراقي، وخصوصا بعد توقيع الميثاق المشترك لفصائل المعارضة العراقية في دمشق بكافة تياراتها الاسلامية والكردية والقومية، لأن المعارضة العراقية تمثل الشعب العراقي وهي تستمد شرعيتها من انبثاقها و تمثيلها للشعب بكافة اتجاهانه ، لذا فان الاستمرار في سياسة تجاهل وتناسي دور المعارضة العراقية سوف يجعل مصدر التهديد باقيا على المنطقة، لان ذلك يساهم في دعم وبقاء النظام العراقي المستبد الذي يفتعل الازمات السياسية والحروب لتدمير المنطقة وفقا لرغباته المجنونة وبعكس ذلك فإن دعم المعارضة العراقية يعين انقاذ شعب العراق من هيمنة وتسلط النظام العراقي الذي هجر عشر الشعب العراقي الى الخارج وقمع بوسائل الارهاب كل الاصوات المعارضة له في الداخل وقتل اكثر من (101) عالم دين ابرزهم المفكر الاسلامي آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر واخته المجاهدة بنت الهدى.



***



ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب لأجل طرح رؤية المعارضة العراقية ومواقفها اتجاه ازمة الخليج والتطورات الأخيرة و ذلك من خلال اعداد هذه المقابلات الصحفية التي اجريت مع سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي الذي يعتبر من ابرز زعماء المعارضة العراقية والذي اجري معه حوالي عشرين لقاءاً صحفيا ارتأينا نشرها لتعميم الفائدة والتعرف على الموقف الحقيقي للمعارضة العراقية في ظل تشابك الاطراف والامور في هذه الازمة التي يحتاج تفكيكها الى مزيد من النباهة السياسية.



اما عن آية الله المدرسي فهو اشهر من أن يعرف اذ ان له تأثيرا واضحا على القضية العراقية سواء على شكل الادارة المباشرة لمجاميع كبيرة داخل العراق وخارجه أو على شكل الارشاد والتوجيه لبعض الحركات الاسلامية المعارضة على الساحة العراقية في الاطروحات السياسية والفكرية، هذا بالأضافة الى ان منظومته الفكرية المميزة التي أعلن عنها من خلال سلسلة المحاضرات والكتب والدراسات والبحوث التي واصل عليها لاكثر من عشرين عاما في هذا المجال، مما جعل تأثيره واسعا في الكثير من المناطق التي تعمها حالة الصحوة الدينية.



ومن اجل تعميم هذه الفائدة تم اعداد هذا الكتاب.



الناشر

1/3/1991

الفصل الاول :المقابلات الصحفية التي أجريت مع سماحة آية الله المدرسي حول الأزمة.



نطالب بتوحيد المعارضة العراقية،



وطرحها كبديل سياسي لنظام بغداد.



نص المقابلة التي اجراها مراسل وكالة انباء رويتر مع سماحته



بتاريخ 23-9-1990.



زيارتكم سوريا.. ماهي ابرز النشاطات واللقاءات التي قمتم بها؟



* وجودي في سوريا ليس غريباً بأعتبار ان دمشق تعبر محطة اساسية من محطات المعارضة العراقية بكافة فصائلها الاسلامية والوطنية.



وكان لي في هذه الزيارة بالذات لقاءات مفيدة مع سائر اطراف المعارضة، لمحاولة تشكيل جبهة موحدة. كما التقيت السيد عبدالحليم خدّام نائب رئيس الجمهورية. والذي دار الحديث معه حول القضية العراقية بالذات، وكيفية اقناع العالم بالحل البديل الذي ندعو اليه، بين حلينّ كلاهما صعب. الاول القبول بعدوان صدام على الكويت، والثاني: شن حرب مدمرة لا تبقي ولاتذر في المنطقة. وكلا الحلينّ من وجهة نظرنا مرفوضان، حيث ان صدام ببقائه سوف يهدد أمن المنطقة، اما خيار الحرب فخطره معروف، ونحن بصفتنا ممثلين للشعب العراقي المسحوق. الذي تراكمت عليه الويلات والمآسي خلال عشرين عاماً من حكم النظام الحالي، خصوصاً في الثلث الاخيرمن فترة هذا الحكم، نرفض الحرب لانها خيار سوف يجلب على العراق المزيد من المآسي والويلات، وسوف يضر اول ما يضر بشعب العراق و بأقتصاده و بجيشه وبكل مكتسباته التي تحققت خلال قرون.



اما الحل البديل الذي نرى انفسنا جزءآ منه, ونرى العالم يشكل الجزء الاهم، وهو العمل على توحيد المعارضة ثم محاولة طرحها كبديل للنظام، ومطالبة دول العالم بسحب اعترافها بنظام صدام، وجعل ذلك سابقة قانونية في مواجهة من يتحدى الأرادة الدولية. ثم الاعتراف بالمعارضة لذلك النظام. هذا الامر يسهم وبشكل كبير في زيادة فعل دور المعارضة في اضعاف ومن ثم اسقاط نظام صدام حسين. و بذلك نستطيع ان نجنب المنطقة ويلات الحرب، في نفس الوقت الذي نكون قد جنبنا المنطقة من شرور هذا النظام. وهذا كان احد الاسباب الرئيسة لزيارتنا للقطر السوري.



* قلتم ان على العالم ان يسحب اعترافه بنظام صدام.. هل ترون ان سحب الاعتراف يكفي لاسقاط النظام؟ أم أن هناك مسؤولية أكبر تنتظر المعارضة العراقية بعد ذلك؟



* الواقع ، المعارضة مستمرة في القيام بواجبها، ولكن خلال الفترة الماضي، مرت المعارضة بحالة لاتحسد عليها. ليس فقط من قبل اشرس دكتاتور (صدام) ، الذي تبدأ قائمة عقوباته بالاعدام، لتنتهي الى العقوبات الجماعية المدمرة والى استخدام السلاح الكيمياوي المدمر ضد الأبرياء العزّل كما حصل في شمال العراق، وفي منطقة الاهوار في الجنوب، والتي راح ضحية هذه الاعمال الاجرامية عشرات الألوف من ابناء شعبنا ليس فقط من قبل صدام ونظامه، وإنما من دول العالم ايضاً.



المعارضة العراقية كانت مظلومة في الداخل، ومطاردة في الخارج. لاسباب سياسية معروفة واليوم حيث خرجت المعارضة من هذه الازمة، وبدأت تنشط بشكل جدّي في الساحة، فأن الاعتراف بها ودعمها بشكل جدي من قبل النظام الدولي كفيل بتغيير نظام الحكم في العراق واستبداله بنظام ديمقراطي يتوائم ومسيرة السلام الدولي.



وتعلمون ان المعارضة في الخارج تمثل اعدداً كبيرة من ابناء العراق، الذين يربو عددهم على المليون ونصف المليون من الذين هاجروا أو هجروا من العراق بسبب دكتاتورية صدام، وهؤلاء يشكلون كتلة كبيرة. هذا اضافة الى ان المعارضة في الداخل في تنامي مستمر، ولو تسنى للمعارضة في الخارج ان تقوم بدور فاعل، فأنها سوف تنشط المعارضة في الداخل، والتي تتمثل في المقاومة المسلحة في الشمال، الكردية وغير الكردية، وفي داخل كل مدينة عراقية. اضافة الى الحشود الكبيرة من المتواجدين في الاهوار في جنوب العراق. هؤلاء الذين يشكلون من حيث المجموع قوة تستطيع ان تقوم بدور فعال في تضعيف النظام الحاكم و تضعيف الشعب العراقي.



ان مشكلة العالم اليوم مع صدام حسين وليست مع اطفال العراق ونسائه وشيوخه. يجب على العالم ان يفصل بين المجرم وبين رهينة يتستر المجرم بها.



* ماهو المطلوب من العالم غير عملية اسقاط الاعتراف الدولي بالنظام؟ هل مطلوب منه تقديم مساعدات مالية وعسكرية لجماعات المعارضة في الداخل والخارج؟



* تفكير دول العالم بأن هناك معارضة لنظام صدام والاعتراف بها، يعتبر الطريق الى ممارسة الضغط على النظام ومن ثم اسقاطه. وكل دولة تقدر حسب سياستها منهجية سلوك هذا الطريق. ولكن بالنسبة لنا، فاننا نعتقد ان دول العالم، لم تدخر جهدا في دعم نظام صدام. وهذه قضية لا يمكن ان نمر عليها بسلام.



* هناك تقرير نشر قبل أيام يقول ان من الصعوبة ان تقوم المعارضة العراقية الآن بأي دور فعال لاسقاط النظام، لان النظام العراقي يمتلك اجهزة مخابرات محكمة ومستشرية في كل مكان وان الامل الوحيد هو الجيش العراقي الذي يمكن ان يقوم بدور التغير، فما رأيكم بهذا الكلام؟



* لاريب ان نظام صدام حسين يستفيد من كل الوسائل القمعية في ترضيخ الشعب العراقي، ولكن نحن نعلم علماً، ونتعامل بشكل متواصل مع مجاميع المعارضة الحقيقية في الداخل، والمسلحة بالبطع. ولكن تبقى هذه المجاميع ضعيفة بسبب ضعف الامكانات.



طبيعياً الجيش العراقي بأستطاعته القيام بدور، ونحن نعلم ان في صفوف هذا الجيش عناصر كثيرة عارضت غزو الكويت، خصوصاً بعد قبوله بأتفاقية الجزائر، حيث عرف الجميع بأن حرب صدام مع ايران لم تعد بأي نتيجة ايجابية ملموسة، وانما العكس تماما حيث لم تخلف الاً الدمار، وان صدام عاد لاتفاقية الجزائر التي وقعها، ثم مزقّها. وهو الآن يحاول ان يجمع تلك الاوراق الى بعضها ويقدمها للعالم.



* ذكرتم انه تم الاجتماع بزعماء المعارضة خلال وجودكم في دمشق.. هل بالامكان معرفة من تم الاجتماع معه؟ واين وصلت المحادثات على طريق تشكيل جبهة موحدة ؟



* تبشر كل الاجتماعات بالخير، وهناك قناعة مشتركة لدى الجميع بأن الفرصة ذهبية ويجب ان نستثمرها لصالح قضية شعبنا.



* نرجع الى موضوع الدعم الدولي... هل تؤكد عن لسانكم انكم تطالبون المجموعة الدولية بالاضافة الى الاعتراف بالمعارضة، تقديم مساعدات مالية وعسكرية؟



* الاعتراف اولاً ثم الدعم دون تحديد نوعيته.



* سحبت دول العالم اعترافها بنظام صدام حسين وقدمت الدعم للمعارضة العراقية.. كيف يمكن للمعارضة ان تسقط النظام ؟



* قبل كل شيء يجب ان يتحول هذا الى ما يسمى بحكومة المنفى، ورعاية مئات الألوف من العراقيين في الخارج، وهناك خطوات عديدة يمكن ان يقوم بها هؤلاء العراقيون. ابتداءاً من تشكيلهم قوة ضاغطة على بعض القوى التي تؤيد نظام صدام حسين، ولوتأييداً ضمنياً، وذلك بالتغاضي عن عدوانه على الكويت. ونحن بصراحة نطالب هذه القوى بأن يعرفوا بأن عدوان صدام على الكويت، يجب ان يدعوهم الى المزيد من المعرفة بطبيعة نظام صدام العدوانية التي سببت الحشود الاميركية والاجنبية في المنطقة.



في ظني ان قوات الاسلاميين يمكن ان يصبحوا جسراً للتفاهم في هذا المجال. فهم من جهة يضغطون على نظام صدام دولياً ، ومن جهة ثانية ان كل الجهات المعارضة جسراً للتفاهم في هذا المجال. فهم من جهة لها امتداداتها التنظيمية في الداخل. والدعم الدولي سوف ينشط هذه الامتدادات. ابتداءاً من اخواننا الاكراد في شمال العراق، وانتهاءً بسائر المعارضة. وتعبئة الطاقات العراقية في الخارج يشكل رقماً هائلاً كما هو واقع، فكثير من هؤلاء قد يصل عددهم الى 60000 خدموا عسكرياً في العراق، وبالتالي فهم لازالوا يمتلكون تدريبات عالية مما يعني ان لملمة هؤلاء يشكل قوة كبيرة.



ثم نعمد الى تعرية نظام صدام دولياً، فالنظام يرى نفسه بطلاً حيث انه بمجرد دخوله في حلبة الصراع مع اميركا يعطيه هيبة معينة، وعلينا تجريده من هذه الحالة، و تبيين حقيقة الوضع، وأن هذا ماهو الانوع من الجنون سوف تذهب ضحيتها شعوب المنطقة.



وهناك ناحية ثالثة وهي الناحية المعنوية. فالانسان العراقي اليوم عنده شعور بالاحباط، وقيام العالم بتأييد المعارضة ودعمها سوف يبدد هذا الشعور.



* نحن نعرف بأن هناك تيارات اسلامية وقومية وغيرها في العراق، فهل يعني ذلك ان الاجتماعات التي تجري الان بين مختلف هذه التيارات ستترك الخلافات الايديولوجية جانبا لتتوحد حول هدف واحد وهو اسقاط النظام؟



* هناك نظرية تقول " دع الماضي فلا تحمل همومه، ودع المستقبل ولاتفكر في تغيراته وفكر بالحاضر"



ان اللحظة التي نعيشها لحظة تاريخية، وقد قدرت فصائل المعارضة بمختلف اتجاهاتها بأن حل الازمة وتجنيب الشعب العراقي خطر الكارثة لا يكون بتحميل اللحظة الراهنة احزان وهموم المستقبل.



من هنا فان الخلافات الايديولوجية وغيرها قد ارجئت خصوصا ان هناك مجموعة مبادىء تم الاتفاق عليها بين كل فصائل المعارضة العراقية.



الاول:- وحدة العراق ارضا وشعباً. الثاني:- ان الهدف المرحلي هو اسقاط النظام وعدم القبول به ابداً. الثالث:- بعد اسقاط النظام يرجع الامر الى حكم الشعب.



وفي تصوري ان هذه الثلاثة تشكل المحاور الرئيسية لاجتماعات المعارضة ... ثم لكل حادث حديث.



مطالبتنا بتجنب الحرب ليس إستسلاماً



لصدام، وانما هو لاستخدام وســائل أخرى لاسقـاطه.

مقابلة صحفية مع سماحة آية الله المدرسي اجرتها وكالة الانباء الكويتية بتاريخ 23-9-1990.



* الحديث الآن صار عن ادانة الغزو و.. ماهو الدور المستقبلي لمنظمة العمل وللمعارضة العراقية بشكل عام. هل هناك وسائل ممكنة تحرك الشارع العراقي للقيام بأي اعمال في الداخل توقف هذا الرجل عن التمدد والاطماع الأخرى؟



*نحن نرى بأن هذا الدّور لو احسّنا اداءه يعكس استراتيجية سليمة وينعكس على الحالة العامة للأزمة، السبب في ذلك (هوالدّور الطبيعي) حينما يكون النظام منحرفاً فإن اول من يجب أن يقوم بوقف انحرافه هو شعبه وهذا حقه، لأن صدام يدعي بأنه يمثل هذا الشعب فأن يقوم الشعب بوقف عدوانه هو اول المسائل.



من جهة اخرى إذا العالم دعم هذا الشعب وأيّده فلا يأتي احد بعد اليوم بل وفي المستقبل يأتي ويسأل لماذا دعمت هذا الشعب! لأن هذا الشعب اصل والنظام فرع لهذا الأصل.



الصّورة الآن مكتملة نظام موجود دول عالمية ايضاً في مقابل هذا النظام أدانت النظام وقامت بحشد القوات وما الى ذلك . كان في هذه الصورة الغائب الأكبر يبقى هو صاحب المصلحة الحقيقية هو الشعب العراقي.



وفي ظننا لو أن الشعب العراقي أتيحت له الفرصة ليقوم بدور ما، فإنه يقوم بالدّور الأساسي والحاسم. اي الضغط الدّولي بل وحتى العسكري قد يكون مجرد عوامل مساعدة، اما العامل الأساسى والحاسم والكلمة الأخيرة لابدّ أن تكون للشعب العراقي نفسه والشعب العراقي في الداخل مغلوب على امره وابتلي بوحش كاسر يتجاوز بعدوانه وجرائمه كل المقاييس السابقة في تاريخنا في العراق ( فهو رجل تبدأ قائمة عقوباته بالإعدام حتى إنه يسجن الشخص الذي يحلُم بانقلاب حدث في العراق إذا تحدث عن حلمه لمدة 7 سنوات ) لكن السؤال:



كيف نحرك الداخل؟ كيف نحرك الخارج وكيف نبلور قوة الجماهير في ساحة الصراع ؟

لنبدأ بالمعارضة بالخارج.



المعارضة ينبغي أن تتوحد بين كل فصائلها على إختلاف إيدولوجياتها واستراتيجياتها، لأن المعارضة اذا لم تتوحد في هذه اللحظة فلن تتوحد في أي يوم قادم لأنه لم يأتي ولم تمرّ بنا لحظة حاسمة في حياتنا وتاريخنا مثل هذه اللحظة.



ثم المعارضة الموحّدة تكتسب احتراماً عالمياً، ويبدو لي انّ العالم اليوم ينتظر الخطوة الأولى من المعارضة ليقوم هو بالخطوة التالية وهي اعترافه بهذه المعارضة كممثل بصورة او بأخرى للشعب العراقي. هذه نقطة حسّاسة.



من ناحية اخرى هناك جماهير عراقية في الخارج لاتقلُّ اهمية عن الجماهير في الداخل لأنها منتشرة حيث تشرق الشمس من اقصى الأرض الى اقصاها هذه الجماهير تستطيع اذا عُبئت و تهيأت لها الظّروف تستطيع أن تقوم بدور.



لأن الجماهير في الداخل كانت صدمتها بالنظام كبيرة واكبر حينما رأت أن العالم ينظر الى هذا النظام يفعل ما يفعل وهو ساكت عنه. في العراق لا اقلاً خمس مرات استخدمت الغازات الكيمياوية ضد المعارضة ( اقل شيء ضحية هذه الاسلحة الكيمياوية في اللحظات الأولى 3 آلاف قتيل ).



هذا الشعب الذي رأى العالم مع صدام لضربهم بالكيمياوي هذا الشعب يحتاج الى مبادرة من العالم حتى يستعيد انفاسه وشخصيته المحطمة والمنهارة.



والخلاصة: علينا كسب الدول المعادية لصدام، وكذلك تعبئة الطاقات العراقية في الخارج ثم محاولة تعبئة الطاقات المعارضة في الداخل وهي طاقات بالتأكيد ليست قليلة. العالم الى الآن لم يعرف مدى اهمية المعارضة في الداخل .



* هل هناك اتصالات بين قوى المعارضة في الخارج، مؤتمر للتوحيد ...؟



* بلى. اساس زيارتنا هنا وزيارة الأخوة القادمين من ايران الى سوريا لأجل هذا الهدف. وهناك إرهاصات تدل على اتفاق مبدئي على مجموعة من الأفكار فالمباحثات والمفاوضات جارية وجيدة وحتى الآن تبشر بالخير.



* مامدى مساهمتكم في مساعدة المقاومة في داخل الكويت ؟



* مساعدتنا المباشرة قد لاتكون حقيقية ولكن تعرفون الاخوة في الكويت استلهموا بصورة أو بأخرى من افكارنا حتى هذا في الشريط المسجل الذي يمكن أن يكون قد وصلكم بنصوص من محاضراتي التي حوّلها الشباب الى داخل الكويت، وباعتباري كنت فترة طويلة في الكويت 10 سنوات في السبعينات عندنا مجاميع من الإخوان في الكويت. والآن يشكلون في خارج الكويت تحركات لابأس بها.



فىاليوم الثانى من الغزو أصدرت بياناً حيث كان خلال 24 ساعة كان اتصالنا صعباً، بطرق عديدة حاولنا الاتصال ولكن اتصلنا بالكويت بطرق أخرى وحتى الآن ثلاثة من الاخوة استشهدوا ومجموعة فقدوا واحد الشباب استشهد وهو يُكبّر.



* ماهي توقعاتك حول ماسيجري في أزمة الخليج؟



* الحرب بعد وجود اسبابها تتفجر بصورة عفوية. وهذه الحرب لو وقعت فستكون مدمّرة للساحة الدولية.



والقبول بالإعتذار من صدام يعني حرباً مؤجّلة، فهو إن هضم الكويت الآن فستهضم المنطقة مستقبلاً.



وأخيراً تقوية المقاومة العراقية وإبرازها في الصورة لتقوم بالعمل الحاسم. تجنب الحرب ليس إستسلاماً لصدام، وانما هو لا ستخدام وسائل أخرى لإسقاط صدام.

اولوياتنا في العمل السياسي: اقناع



العالم بسحب إعترافه القانوني بنظام



صدام حسين.



نص المقابلة الصحفية التي اجرتها جريدة الشرق الاوسط الصادرة في لندن مع سماحة آية الله المدرسي. * متى تأسست منظمة العمل الإسلامي وماهي توجهاتها الأساسية ؟



في أعقاب نكسة حزيران 1967م كانت هناك موجة من الإعتراض بالعالم الإسلامي والعربي، وتجسدت في نشوء مجموعة من الحركات كرد فعل لهزيمة 67م، منظمة العمل الاسلامي واحدة من الحركات التي أُنشئت بالعراق بهدف تجديد الروح إلى العالم العربي ضمن أطر اسلامية وقيم إسلامية، ومحاولة التغلب على العوامل المضادة التي كانت في العالم العربي يومئذ، ولكن سرعان ما اصطدمت المنظمة بنظام الحكم في العراق الذي جاء عبر إنقلاب عسكري في سنة 1967م و تبلورت حالة المعارضة في المنظمة بعدئذ واستخدمت هذه الحالة حتى اليوم.



أهدافها تلخصت في كلمات ثلاث ! لله .. للحق .. للحرية .



ومن شعاراتها أمة مؤمنة .. وحضارة إسلامية، وبعد إنتصار الثورة في إيران، اتخذت من طهران مراكزاً لها، واستمرت في المعارضة ضد النظام البعثي في بغداد.



* الحركات الاسلامية هل فُهمت من منظارها الصحيح أم أنها لاقت صعوبات بسب سوء الفهم؟



* من الطبيعي ان الحركات الاسلامية في ظني قد تعرضت إلى تشويه من قبل أجهزة الاعلام العالمية، بسبب أن صراعاً قام بين القوى الكبرى والنظام الاسلامي الناشيء في إيران، وصنفت كل الحركات الإسلامية ضمن هذا الصراع، وحينما تتناول اجهزة الإعلام العالمية قضية ما تستطيع أن تتعامل مع طريقتها الخاصة وأسلوبها في توجيه الرأي العام تجاه فكر معين.



الحركات الإسلامية في ثلاثة أبعاد البعد الاول: العودة إلى الاصالة أي ان الانسان ابن تاريخه وابن قيمة وابن أصالته وكرامته.



البعد الثاني: اليأس الإسلامي من النظريات الوافدة ورأي أن هذه النظريات لم تعد قادرة على تفجير الطاقات الحضارية وتحقيق طموحاته المستقبلية.



البعد الثالث: البعد السياسي باعتبار ان حقوق الإنسان في كثير من بلدان العالم الثالث والعالم الإسلامي لم تكن تُراعى بالصورة المثلى و طبيعي بان الحركات الإسلامية كانت من بين مهامها التصدي إلى هذا الموضوع والمطالبة باقرار حقوق الإنسان كما أمر بذلك الدين الإسلامي والقيم الإسلامية.



* أين تلتقي السياسية بالدين، ومتى نشأت العلاقة بين السياسة والدين؟



* السياسة مافتأت متصلة بالدين ولكن بفارق، في بعض الاحيان كانت السياسة تسير الديانات، وفي بعض الأحيان الديانات كانت توجه السياسة عبر تاريخنا البشري.



بالنسبة لنا نرى بأن الإسلام بالنسبة للمسلمين وبالذات العرب منهم لايشكل فقط قيماً ومباديء، وإنما يشكل ايضاً امتداداً و تاريخاً وحضارة تليدة، وبالتالي نحن نرى أن العالم الإسلامي في ظل القيم الإسلامية يجب أن يستعيد امجاده في صورة أفضل للأسباب التالية:-



أولا: القيم الإسلامية أقرب إلى رؤية الإنسان العادي يعني إنسان الشارع، لإن الإسلام يقدر أن يعبيء طاقته أفضل بأعتبار هذا الإنسان معتقد به وحتى لو لم يكن هذا المسلم يمارس طقوسه بصورة كاملة لكن بصورة عامة.



وحينما أنت تراني تقول اني مسلم وملتزم بالقيم العامة وأنا شخصياً لا حظت بعض الناس المنتمين إلى المباديء المختلفة قد يكون هو منتمي إلى مبدأ يساري أو يميني أو وطني، لكن في قرارة نفسه لايزال يحس بإنه جزء من هذه الأمة وهذه القيم مترسخة ومتكرسة في نفسه، مما يدل على أن هذا الإنسان لايمكن تجزأته، هذا الإنسان المسلم العادي لايمكن إنتزاع تلك القيم من ضميره وللتعامل مع هذه القيم بصورة حضارية أفضل، علينا أن نُزيل حالة التعارض والتضاد بين القيم التي يمتلكها وبين الواقع الذي يعيشه، نجعل القيم في مسيرة الواقع أو بدل من أن نقوم بمحاربة البناء الحضاري، نجعل القيم تقوم بدور ايجابي في البناء الحضاري للأنسان المسلم، وهذا الاسلوب هو الاسلوب الافضل بالنسبة لتحقيق طموحاتنا كبشر نريد أن نحقق تقدماً وبالتالي رفاه وسعادة في هذه الدنيا.



العامل الثاني: إن القيم الإسلامية في رؤيتنا، قيم قادرة على صنع الإنسان المتكامل، الإنسان العصري، صحيح أن بعض التشريعات والمفردات والوسائل يمكن أن تتغير، يعني بالنسبة لنا يمكن بعض الفروع تتعرض لعملية. الإستنباط وإعادة النظر بما يتلاءم مع الظروف المستحدثة، والمتغيرات الحديثة، ولكن ذات القيم قادرة على صنع واقعنا، وهي أي القيم المذكورة موجودة في القرآن الكريم الذي هو عبارة عن جملة قيم ومجموعة افكار قابلة للتطبيق في كل يوم ، وأي آية قرآنية ممكن تطبيقها اليوم ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان و إيتاء ذي القربي و ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى ) مفردات الخير هذه ليست أموراً تختلف من عصر لعصر من مصر لمصر بل هي أمور عامة وممكن التعامل معها حضارياً.



* لماذا يلاحظ بإستمرار تلكأ برامج الإسلاميين و تعرضها للأزمات فما هو السبب في ذلك؟



* بالنسبة إلى الموجهين عبر التاريخ، الدعاة إلى الله، إبتداءاً من الانبياء والاوصياء وانتهاءاً بالصديقيين والعاملين في الساحات ، هؤلاء يتعرضون للأزمات التالية:-



السبب الأول: عملية الإصلاح ودفع الإنسان للحياة الأكمل والأمثل، عملية لاتتم بسهولة، والدليل على ذلك دعنا نطبق هنا نظرية أو منهجية في التأهل الذاتي، أنا شخصياً أن أصبح رجلاً متكاملاً، أفي بحقوق الناس واحترم رأي الآخرين وأخدمهم ألاقي صعوبة في داخلي وليس بالسهولة أن استطيع أن احقق طموحي في تكميل ذاتي فكيف بانسان يريد أن يكمل الآخرين، يكمل عقولهم ليتحرر من الخرافة والأسطورة، يكمل قلوبهم يتحرر من الحنين والانانية والعصبية، يكمل إراداتهم لتتحرر من الخوف والشهوة، وبالتالي يريد أن يصنع ذلك تجاه انسان يمتلك حياته ويسيطر عليها بدل أن تمتلكه الحياة وتسيطر عليه .



وهذه الصعوبة الأولى لإن المصلح سواءاً كان نبياً أو من يتبع نهج الأنبياء ، المصلح الديني هذا سوف يواجه ضعفاً في البشر و نقاط الضعف في البشر عديدة كأتباعهم للشهوات، ضعف الإرادة وتراكم الخرافة والجهل، هذه المشاكل سوف تقف عقبة أمام هذا المصلح حتى يواجهها والمصلحون يعرفون ذلك منذ البدء. والنبي شعيب يقول( ان أريد الاّ الاصلاح ما استطعت) يعني الإصلاح ليس بإستطاعتي كله إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ثم يعود ويقول: ( وماتوفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب) بالتالي يجب أن تعرف بأن الإصلاح حتى الحدود الضيقة هو عملية صعبة بحاجة إلى توفيق الله سبحانه وتعالى.



السبب الثاني: مركز القوة في المجتمع خصوصاً القوة التي تدفع المجتمع إلى الثبات أو الجمود، هذه القوة تشكل مراكز ذات تأثير في المجتمع. النبي الأعظم (ص) حينما بعث وجد مركز قوة قائماً في المجتمع يتمثل في قوة قريش، التي كانت ترى نفسها سيدة للجزيرة العربية وبالتالي ما كان يمكن لها أن تتنازل بسهولة عن إمتيازاتها وعن سيطرتها وعن قوتها فواجهت الرسول (ص)، كذلك بالنسبة لعبدالله بن أُبي حينما جاء النبي (ص) إلى المدينة وبالتالي أهل المدينة بايعوا النبي ليس كنبي فقط وإنما كحاكم بينما كان عبدالله يرى نفسه أحق بالملك من الرسول على المدينة بدأ طول حياته إلى أن توفي معارضاً للرسول وكان شيخ المنافقين.



والمصلح ايضاً سوف يواجه مراكز القوى، يعني بالتالي مواجهته للعناصر التي تعيش على سلبية المجتمع ، تعيش على جمود المجتمع، على جهل المجتمع، حيث أن هناك عناصر يستخفون بالناس ويضلونهم يجهّلونهم لكي يعيشوا على أكتافهم وهذه مشكلة ثانية.



السبب الثالث: أن القوى الأجنبية كانت تتعرض لقسم من الدعاة والمصلحين خصوصاً في الفترة الأخيرة باعتبار أي مصلح سواء كان مصلحاً دينياً أو غير ديني يتبنى ويتصدى لفكرة إنقاذ بلاده وشعبه من السيطرة للقوى الأجنبية، وطبيعي الأجنبي أيضاً سوف يقلق من هذا الإتجاه ويعمل على معارضته إلى أبعد مدى ممكن. ملاحقات القوى الأجنبية لجمال الدين الافغاني و محمد عبده في كل مكان كانت جزءاً من معاناة المصلحين في القرن الآخير...



* كيف ترون الاسلوب في تقليل مخاطر العمل الطائفي ؟



* الطائفية جزء من جهل الأمة، يعني الإنسان حينما يكون عاقلاً وعادلاً يبدأ بالنظر إلى نقاط الإتفاق بينه وبين الآخرين، حينما يكون جاهلاً فإنه يركز نظره على أسباب الخلاف ، مراكز الخلاف و يعقد نفسه والآخرين ضمن دوائر عصبية مغلقة ( الطائفية بمعنى تفريق الامة إلى طوائف سواء إلى مذاهب أو عنصرية أو قومية أو ما أشبه وعانت منها أمتنا ومازالت ) فالإسلام و حّد أُمماً مختلفة وشعوبا متفاوتة ، حتى الآن في القرن العشرين المسافات أُختزلت ووسائل النقل ووسائل الإتصال التلفون، التلفاز، الراديو، جرائد وما أشبه هذه قربت العالم و جعلته كقرية واحدة ولكن مع ذلك نحن نلمس بأن هناك من لم يزل يريد تأجيج النعرات الطائفية. وهذا أمر مخالف للدين و للشريعة فالأمة الإسلامية أمة واحدة. فالإمام علي يقول: ( الناس صنفان : أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) يعني أنظر إلى كل إنسان وكأنه هناك و ، شائج تربطني إليه، إما أخ لك في الدين وإما لاأقل هو بشر و أنت بشر، كما قال النبي (ص) الأكرم: ( الناس من آدم وآدم من تراب). وهذا الحديث يختصر الموضوع في قالب إنساني و يذيب كل الفوارق ومنها نهج العمل الطائفي وهذه كلمة عظيمة جداً تدعو إلى تجاوز كل الحواجز مهما كانت ، بالذات حينما كانت آنذاك الأمة في ذلك المستوى ذات التحزبات والدوائر الإجتماعية في دائرة واحدة هي الأمة الواحدة، وإذا كانت هناك طائفية، أي الإنتماء لطائفة مثلاً يعني كانت موجودة ولكن ضمن الدوائر الإيجابية فإن الإنسان في هذه الطائفة يجب أن يدرك ان وظيفته أن يخدم طائفته منطلقاً إلى خدمة سائر الطوائف، لأن القرآن حدد مسؤولية الطوائف وقال: ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.. ) ، فإذا اعترف بالشعوب فهناك شعوب وهناك قبائل وهناك طوائف وعشائر كل شيء محترم ولكن الهدف من هذه الدوائر ليس أن نجعل كل دائرة تتناقض مع الدائرة الأخرى وإنما الهدف أن نجعل كل دائرة تتكامل مع الدائرة الاخرى لإن القرآن يقول ( لتعارفوا) ثم يعطي القيمة الاساسية ( إن اكرمكم عندالله أتقاكم ) ...



* آية الله المدرسي.. دعنا نتوجه بالحديث معكم عن معاناة الحركة الإسلامية في العراق.. فهل لكم أن تتحدثوا إلينا بشأن هذا الموضوع؟



* في الواقع: الحركة الإسلامية نصيبها في المعاناة والمشاكل لم يكن أقل من نصيب كل أبناء الشعب العراقي. فصدام بدأ نظامه في وقت كانت نسمات الحرية تهب على المنطقة كلها ، تعرفون بعد نكبة حزيران أحست الشعوب الإسلامية بأن عليها أن تقوم بدور أكبر في رسم سياستها حتى لاتتكرر النكبة، الشعب العراقي أيضاً بحث عن حريته، لكن صدام جاء ككابح لهذه الحرية ولهذه القوة المتنامية عند الشعب العراقي كسائر الشعوب إستهدفت إستعادة الحرية كدرس من دروس حزيران. لذلك جاء هذا الحاكم بنظرية مقننة للإرهاب تتجسد في قمع أي قوة تنمو في المجتمع مع غض النظر أن هذه القوة تعارض أولا تعارض، المهم أنه يجب أن يقتلع جذور المعارضة بل جذور إمكانية المعارضة يعني مثل فرعون كيف كان يقتل كل ولد حتى لا يصبح موسى في المسقتبل.



هذه النظرية كانت مطبقة تماما في العراق لذلك الحركة الإسلامية وسائر الحركات كانت تواجه بقمع غريب لا يمكن أن نتصوره ولذلك العالم لا يصدقنا كلما نقول هناك في العراق قمع وقتل و إرهاب لإن الذي يحدث غريب لا يوجد مثله في ظني في أي مكان في العالم ليس فقط بالنسبة للمعارضة لأي إنسان، اضرب لكم مثلاً وهذا المثل قد يكون أشبه بالاسطورة ولكنه واقع، رجل بالليل حلم بأنه جرى في العراق انقلاب عسكري و نقل حلمه لبعض الناس ، في اليوم الثاني تناقل النبأ أبناء الحي الخبر فالجواسيس أخبروا مديرية الأمن والمخابرات فأتوه وأخذوه وحاكموه لماذا هكذا حلمت؟ قال انا حلمت بدون إرادتي. فسألوه بالحلم من قام بالإنقلاب العسكري؟ قال لا أعرفهم؟ قال لاأعرفهم؟ قالوا لابد أن تقول من الذي قام به، ولما لم يقل شيئاً حكموا عليه بالإعدام، ثم صدر عفو، و تحول الإعدام الى مؤبد، ثم كان عفواً آخر وتحول المؤبد إلى سبع سنوات!! فالنظام العراقي لائحة العقوبات عنده واقعاً تبدأ بالإعدام و تنتهي بالإمور الأخرى، إن في العراق ما يمكن أن نصفه بمنزلة القوانين قانون يقضي على من يتهم بسبب الإعدام!! لماذا صدام اتفق مع إيران مثلاً، صدر في الفترة الأخيرة " هذا كلام لا يعقل"، كما أن الإعدامات الجماعية في العراق شيء طبيعي، وأخذ الناس بذنب غيرهم شيء طبيعي، إستخدام الاسلحة الكيماوية أمر طبيعي.



أنا اعرف مثلاً شاب جاءوا إلى بيته وأخذوه والده من فوق السطح ينظر كيف يأخذونه و بالتالي اعدموه في نفس المكان، الولد أعدم والوالد مات قهرا ً، وأفراد نعرفهم كل عوائلهم أبيدت حتى الطفل الرضيع قتل، مثل هذه الأمور وعندي بعض الاشياء الاخرى صعب علي أن اتكلم بها لأن الإنسان قد لا يصدق. فالحركة الإسلامية لم تكن الوحيدة التي تعرضت إلى هجمات صدام و إنما الناس أيضاً، وبالنسبة إلى منظمة العمل قيادة المنظمة في داخل العراق باستثناء واحد أعدمت في العراق و هذا لا نعتبره شيئاً كثيراًً حينما نعرف طبيعة النظام. قرية الدجيل اطلقت قذيفة ( آر- بي- جي ) واحدة على موكب صدام ، أصيبت سيارة واحدة كان جزاؤها أن أبيدت جميعها وللأسف بعض الشعوب لاتعرف ماكان يجري ولكن الحكومات في الغرب كانت تعرف ماذا يجري في العراق في ظني والدليل على ذلك قيام تلفزيوناتهم بعرض أفلام فيديو لتلك الإيام ولكن لوجود المصلحة لهم يلتزمون الصمت، لكن سواء كانت المصلحة صحيحة أو غير صحيحة بالتالي الشعب العراقي هو الضحية .



* مامدى إستمداد القانون العراقي من التشريع الإسلامي؟



من المعروف أن أي دولة إسلامية فيها عدد من الشروط المفروض أن يكون القانون مستمدا من التشريع الإسلامي فهل يدل هذا على أن القانون في العراق ليس من التشريع الإسلامي؟



* بالتأكيد القانون العراقي أولاً منذ البداية أحد مصادر تشريعه الإسلام وليس المصدر الوحيد، وثانياً وجود القانون الإسلامي وحده لا يكفي إلا إذا ضمنا تطبيقه عبر منهجية معينة، قوامها أن المطبق يكون رجلاً مؤمناً والناس يكون لهم حق النظر فيما يطبقه وفيما يعمله وهذا بالطبع مفقود في العراق والقوانين المستحدثة التي تطبق خصوصاً مراسيم الجمهوية التي خرجت وبالذات أحكام العقوبات كانت بعيدة كل البعد عن سماحة الإسلام وعن قيم المسلمين وحتى عن الإعراف التي كانت بيننا نحن العرب، وبعبارة مختصرة يمكن القول أن الإسلام والتشريع الإسلامي بريء مما يرتكبه الحاكم العراقي من مجارز وتجاوزات .



* هل اللجوء للعمل العسكري كان جزءاً من مهام منظمة العمل الإسلامي في مواجهة نظام صدام؟



* بالطبع المنظمة خاضت علميات عسكرية في العراق دفاعاً عن النفس. لإن النظام الذي يعدم الإنسان على أساس إمتلاكه الكتاب آو منشور هذا النظام لا يقاوم بالتظاهرات ولا يقاوم بأي شكل من اشكال المقاومة المعروفة، إما يجب الرضا به مائة بالمائة وإما مقاومته بطريقة عسكرية في الداخل، ونحن نؤمن بضرورة الدفاع عن النفس بعمليات عسكرية ولكن ضمن حدود معينة يعني مع الأخذ بعين الإعتبار أن لا تراق الدماء البريئة أو الاعمال الضيقة التي يكون ضحيتها أناس غير مجرمين أو غير مذنبين.



* حرب الخليج الأخيرة كيف كانت على الحركات الإسلامية المعارضة؟



* نحن في تقديرنا أن صدام صدر أزمته إلى الخارج بعد غزوه للكويت حيث كانت أزمته موجودة داخل العراق وهي صراع بين الشعب وبين الحكم، فافتعل الحرب من أجل أن يتخلص من أزمته ومن قبل استفاد من الحرب مع إيران وكرس وجوده حتى أقنع الدول العظمى بأنه يدافع عن مصالحها، وفي الواقع صدام ما كان يدافع عن مصالح تلك الدول بقدر ماكان يكرس وجوداً عدوانياً لذاته داخل العراق وفي المنطقة ، الآن تعرفون أن إحتلال الكويت وبياناته الرسمية للنظام العراقي صدام نفسه في هذه الأزمة توحي بأن الرجل جاع فقام بعملية عسكرية مسلحة أي أنه ما نسميه في العراق بـ ( النهيبة )، وقبل احتلال الكويت باربع و عشرين ساعة، التلفزيون العراقي كان يعكس زيارة صدام لبعض العوائل و يذهب لكل عائلة و يفتح الثلاجة ويقول: الثلاجة فارغة، يقولون سيدي: ماعندنا شيء يقول لهم هذه الكويت بجانبكم، يعني كأنه ينشر قيماً وحشية قيم الغاب في المجتمع العراقي، فهو يصدر أزماته كلما شعر بنمو الصراع بينه وبين الشعب، غداً يصدر أزمة أخرى أيضاً ولذلك القضية العراقية المعارضة كانت كأي إنسان آخر من الشعب العراقي من أساليب هذا النظام .



* في المرحلة الأخيرة كانت هناك محاولة لتحويل الازمة إلى قضية دينية فما رأي الدين في ضم الكويت للعراق ...؟



* أصدرت بياناً و أعتقد أن صحيفتكم كانت من الصحف التي نشرت هذا البيان وأشرت فيه بان صدام لا علاقة له لا بالدين ولا بالعروبة ولا بأي شيء آخر سوى الغدر والقتل، فإذا رأينا أبا لهب يحمل لافتة قرآنية و يمشي بالشوارع نحن لا يمكن أن نصدق به لأن أبا لهب رجل يُعرف تاريخه وعمله و حركته فالدين بالنسبة إلى صدام مجرد تغطية لجرائمه كذلك شعار الوطنية التي يدعي بها كلها وسائل يستخدمها لتغطية جرائمة. فلو كان الدين هو الدافع لصدام لما كان يدخل المنطقة في حرب لمدة ثمان سنوات يذهب ضحيتها مليون إنسان بين قتيل ومعوق، ونتائج حرب الخليج الأولى تدل على أن الرجل لا علاقة له بالدين، وكان بإمكانه حتى بشأن قضية إتفاقية (75) التي على أساسها قام بالحرب، كان يمكن أن يطرحها في منظمة الأمم المتحدة أو المؤتمر الإسلامي أو حتى محكمة لاهاي أوحتى مكان آخر، وبالتالي يأخذ حقه إذا كان له حق هذا أولاً . ثم أن الرجل قتل العلماء والمراجع مثل الشيخ عبدالعزيز البدري والسيد محمد باقر الصدر والسيد حسن الشيرازي وكبار العلماء وقتل مئات الناس، وأساساً وجود صدام في حكم العراق خلافاً لرضا الناس و خلافاً لقيم الدين، ووجوده في الحكم مخالف للدين فكيف يدعيّ أنه يدافع عن الدين وعن قيم الدين ؟!



أما بالنسبة للعروبة، فانها لا تشير إلى أن الطريق إلى القدس يمر عبر الكويت ! هناك طريق آخر و اذا كان صدام يريد أن يخدم القضية العربية أو القضية الفلسطينية، كان بامكانه أن يحيي الجبهة الشرقية بالتعاون مع سوريا ومع الأردن ومع الفلسطينيين من أجل دور مؤثر في دعم هذه القضية, وأساساً كان بأمكانه أن لا يخوض حرباً مع إيران، و إيران دولة كانت في أيام الشاه تقف بجانب اسرائيل وتبيع البترول الى اسرائيل وكانت في ايران سفارة إسرائيلية و اليهود كانوا متحكمين في الإقتصاد الايراني ثم بعد ذلك يسقط هذا الكيان وكان بامكان صدام أن يقف مع هذا التطور ليكون جسراً بين إيران وبين العالم العربي لدعم القضية الفلسطينية، أما بالنسبة للوطنية ولشعاراتها التي يرفعها صدام فإن الشعب العراقي حصد نتائجها من الناحية الإقتصادية 80 مليار دولار ديوناً مستحقة للأجنبي، و هذا يعني أن فوائد الديون العراقية تغطي على أموال البترول في العراق فكيف بسائر المصاريف, أما الدمار أما الإرهاب فإنه صبغ كل مناحي الحياة في العراق، فحضارة العراق و تاريخ العراق أصبح مجموعة ركام، الشعب العراقي مثقفون وكتاب و تجار وفلاحون و عسكريون، هاربون من جحيم النظام، سواء في إيران أو في تركيا أو في سوريا أو في أوربا أو في أنحاء العالم أكثر من مليون و نصف عراقي مهاجر من داخل العراق، و أتحدى صدام حسين بان يعطي مجالاً للشعب العراقي لمدة اسبوع ويقوم بفتح الحدود، إنه يخاف الشعب، يخاف هذا المارد ولذلك يحرص على أن يواجهه بالإرهاب والقتل ولو قام بفتح الحدود الآن لوجدنا كيف سيعلن هذا الشعب رفضه لنظامه بالرغم من محاولاته لجعل قضية إحتلال الكويت ذات مغريات كاذبة للعراقيين .



بل إن 700 ألف انسان غير كويتي في الكويت سارعوا إلى الخروج من الكويت لأنهم عرفوا واكتشفوا أن النظام الحاكم في العراق، ليس وطنياً ولا إسلامياً ولا أنسانياً، وهو مخالف ومعاد لكل القيم العربية والإسلامية والإنسانية .



* في ظل هذه الظروف ماهي نشاطات المنظمة داخل العراق و خارجة ؟



* في داخل العراق المنظمة تسعى إلى استمرار المعارضة باشكالها المختلفة ضد النظام ومنها الجانب العسكري .. في الخارج حاولت العمل ومازالت مع المعارضة العراقية بكل فصائلها الإسلامية والوطنية الكردية لتكون البديل المناسب لنظام القهر صدام ولمد يد الإنقاذ لشعبنا المظلوم والمقهور في العراق.



* في هذه الأزمة هل تعتقد بالحل السياسي؟



* إذا كان الحل السياسي يعني وجود صدام وإستمراره فإنه حل هش وسوف لا ينفع، لإن صدام ليس الرجل الذي يمكن أن نثق به ويثق به أي إنسان في العالم، تاريخه، تاريخ الغدر، ولايمكن الثقة به أبداً، أما إذا كان الحل السياسي يهدف إلى محاولة لتغيير النظام ودعم الشعب العراقي لمقاومته، فإنه يبدو لي أنه حل ممكن ولو اتفقت آراء الجميع على هذا الحل و بالأسلوب الذي إقترحته لهذا الحل حيث سيكون مفيداً إذ من شأنه أن يجنبنا حرباً عسكريةً مدمرة للمنطقة و يجبنبنا أخطار وجود صدام على رأس النظام من كل ما يعني ذلك من دمار مستقبلي أو الأخطار المستقبلية على المنطقة.



* مارأيكم بوجود القوات الأمريكية والقوات الأجنبية في الاراضي العربية؟



أنا رأيي أُلخصه في كلمة، نحن نرى أن الأمم المتحدة ومنظماتها و مجلس الأمن الدولي منها بالتالي مشروع حضاري و يجب أن يستمر وقوم بدوره في ردع الظالمين والمعتدين وأي قرار يتخذه مجلس الأمن الدولي يعتبر قرار مقبول خصوصاً في الاتجاه الذي يرد لردع العدوان.



* ألا تخشون من إستمرار هذا الوجود؟



يبدولي أن العالم والتقنية العسكرية في العالم تجاوزت مرحلة القواعد العسكرية خارج الدول ففي أقصى الأرض و أي مكان آخر يحدث شيء فأي قوة تستطيع أن تصل هناك خلال فترة بسيطة وكذلك أنا شخصياً لا أرى بأن الدول العظمى بحاجة إلى ضبط العالم إلى قواعد عسكرية خارج أراضيها.



* ماهي أولويات عملكم في الموسم السياسي الحالي؟



* الاولوية في هذه الفترة للعمل السياسي ومحاولة إقناع العالم إعلامياً و عبر العلاقات بأن المعارضة العراقية هي البديل وأن عليه يعني على العالم سحب اعترافه بنظام صدام بإعتباره رجل معتدي على جيرانه و بإعتباره ليس رجل دولة شريف يمكن الإعتماد عليه، فسحب الإعتراف محاولة نبذلها لإقناع العالم باهمية مثل هذه الخطوة وما لها من أثر ايجابي في مقاومة شعبنا العراقي للنظام.



* مارأيكم بالحصار الغذائي الذي فرض.؟



* الحصار جيد و يجب أن يستمر ولكن يجب أن يستثنى الدواء والغذاء، لإن الذي سيتعرض إلى مضايقته بسبب الحصار الغذائي والطبي هو الشعب العراقي المغلوب على أمره.



* التضامن الإسلامي كشعار كيف له أن يأخذ دوره في ظل هذه المشاكل؟



* نحن على أي حال آسفين لازلنا كمسلمين كقوى شعبية لسنا بالمستوى المطلوب للوصول لهذا الدور أي القيام بدور التدخل في الازمات وحلها، وهذه دعوة قديمة كنت قد وجهتها لعلماء المسلمين رعاهم الله كي يجتمعوا ويكتلوا أنفسهم، و كذلك الحركات الإسلامية و المفكرين وكل القوى الخيرة في العالم الإسلامي باعتبارها قوى شعبية تكون على ارتباط مع بعضها البعض حتى تقوم في اللحظة الحرجة والمناسبة مثل هذه اللحظة بدور أساسي مثل قضية افغانستان و حرب الخليج الأولى، أزمة الخليج الثانية وقضية فلسيطين و قضايا كثيرة، والهيئات الشعبية والقوى الجماهيرية، وآمل أن تكون هذه الازمات باعثة إلى ايجاد مثل هذه القوى إنشاء الله .



* هل حصلتم على دعم من قبل الحركات الإسلامية من الدول الإسلامية؟



* نعم دعم نظري دائماً موجود، ولكن الدعم العملي ليس موجود وللأسف.



* أنا أدعو صحيفكم لثلاثة أمور أساسية:-



الأمر الأول: محاولة دعم المعارضة والشعب العراقي فهذا الأمر أساسي وهام إذ لابد أن نرفد مقاومة الشعب العراقي بحركات إعلامية مؤثرة.



الأمر الثاني: أدعو إلى التوجه الجاد، من قبل الجميع، جميع القوى و بالذات القوى الدولية إلى الثغرات التي لاتزال في منطقتنا التي تؤمن بالديكتاتور مثل صدام أن يستغل على الصعيد العربي مثل القضية الفلسطينية. حيث آن الأوان للتوجه الجاد لها، وإلا فإن أي جرح في جسد الأمة ينزف و يقضي على كيانها، بالإضافة إلى ما توفره من مناخات لظهور ظاهرة الطغيان في الانظمة مثل طغيان صدام.



الأمر الثالث: أنه نحن يجب أن نتوجه إلى الشعوب اكثر فأكثر، فلو كانت في العراق حرية و ديمقراطية لما كان صدام يستطيع أن يقوم بعمل بمثل هذا العدوان على الكويت.



وأي مكان نقدر أن نزيد فيه مساحات الحرية وإحترام حقوق الإنسان فإنه سيكون عنصر إستقرار و سوف تكون هناك حالة من الإطمئنان على مستقبل أي بلاد تشهد هذه الحرية، وسيجد أي ديكتاتور مثل صدام صعوبة لان يحّول البلد الآمن المدافع عن الكرامة والقوانين والقيم الدولية إلى وحش كاسر ومستغل ينفذ إرادته مثلما يحاول أن يفعله صدام مع الشعب العراقي. واشكركم على هذا اللقاء، وأرجو أن تهتم وسائل الاعدام لا سيما العربية منها بالمعاناة التي نعانيها نحن في العراق والشعب العراقي حتى في الخارج وما يشكله هذا الأمر من مأساة قوة المأساة ومرارة قوة مرارة الهجرة وإبتعاده عن الوطن.

ثلاث محاورمتفق عليها بين المعارضة:



لا لصدام، الخيار المستقبلي للشعـــب،



تجميد الخلافــات لما بعـــد صدام .



نص المقابلة التي اجرتها صحيفة القبس الدولي مع سماحته بتاريخ 24/9/1990.



* سماحة السيد المدرسي: ما موقعك من المعارضة؟



* في الواقع الناس يعتبروني المرشد الروحي لبعض الحركات منها منظمة العمل الاسلامي وحركة المهجرين العراقيين .



* المعارضة العراقية بأقسامها كانت في السنوات الماضية لم تظهر على السطح إلاّ خلال الاجتياح العراقي فما السر في ذلك ؟



* المعارضة كان معتماً عليها وليست خاملة، العالم كان يغفر لصدام ماكان يفعله داخلياً، لأنه يقوم بدور نيابةً عن العالم وهو وقف امتداد الثورة الإسلامية في ايران، لذلك ضاع صوت المعارضة العراقية.



والحق أن المعارضة قامت في الداخل بأعمال كبيرة حتى أن أخ صدام من أمه (( برزان ))، اضطر ان يكتب كتاب (( سبع محاولات لاغتيال الرئيس )) يذكر فيه قسماً من المحاولات التي قام بها أعضاء منظمة العمل الإسلامي إن السجون العراقية اليوم تستضيف ربع مليون عراقي و اعتقد ان معظمهم من فصائل المعارضة بكل ايديولوجياتها.



من جهة اخرى في الشمال حركات كردية معارضة و أخليت منطقة الشمال من سكانها واستبدلت بآخرين بسب وجود معارضة في شمال العراق وفي العالم كانت تظاهرات و اعتصامات واضرابات عن الطعام وهكذا لكن التيار العالمي كان في اتجاه آخر لكن بعدما ارتفع هذا الغطاء ( غطاء التعتيم ) بدأت المعارضة تظهر على السطح، والآن ليست المعارضة في أوج قدرتها، لأنها أصيبت في السابق بإحباطات كثيرة نأمل أن تكون المعارضة في الأسابيع القادمة أفضل من هذه الأيام.



* هل هناك بوادر ائتلاف لعناصر المعارضة العراقية ؟



* بالتأكيد هناك الآن مفاوضات جادة في دمشق وهناك بشائر وارهاصات تدل على ذلك .



* نتمنى ذهاب صدام، بعد ذهابه ألا ترون أن الساحة خالية من البديل؟



* المشكلة التي في ظني على الساحة الدولية هي عدم الإعتراف بالبديل، وأنا الآن ادعو و بعثت رسائل إلى المجالس النيابية في العالم في هذا الإطار، إطار سحب الإعتراف عن النظام والاعتراف بالمعارضة وليكن ذلك بادرة قانونية في هذا العالم. وقد استلمت أجوبة عامة وكأنه لم تختمر الفكرة عندهم، واتصلت ببعض الحكومات وحاولت أن أشجعها في هذا الاتجاه وهو الاعتراف بالمعارضة و سحب الشرعية وهذا هو العقدة الرئيسية في قضية المعارضة.



* سيدي ماذا ترى عن نظام الحكم بعد سقوط صدام، هل هو برأيك سيصير حكماً اسلامياً ديمقراطياً أم ماذا؟



* هناك ثلاث محاور متفق عليها بين المعارضة حتى الآن.



1/ لالصدام 2/النظام القادم نظام يختاره الشعب 3/تأجيل الخلافات ( ووضعها في الثلاجة الى أن نرى ما يحدث ).



وفي ظني النظام في العراق يلزم أن يكون نظاماً اسلامياً، باعتبار اسلامية الشعب العراقي، ولكن ليس بالضرورة أن يكون نسخة من نظام اسلامي في مكان آخر. قد يكون باعتبار الحالة الجغرافية والايديولوجية بالنسبة للشعب العراقي تختلف من مكان لآخر وفي ظّني كانت مشكلة العالم لوقف دعمهم لحركات المعارضة ككل إنهم كانوا يفكرون إنًّ هذه الحركات تصب بالتالي في خانة المعارضة الاسلامية والمعارضة الاسلامية نسخة اخرى عن النظام الكذائي، والنظام الكذائي يعني مجموع سلسلة من الأفكار التي تنتج هذه التخوفات.



* أما ترى أن إمتداد مثل هذه الحركات يأتي من مكان آخر؟



* كتاب لي مطبوع قبل خمس سنوات أنه لا تظنوا أن الحركة الاسلامية في العراق هي بنت الحركة الكذائية، ولكن الحركة الاسلامية العراقية حركة لها أصالتها، معروفة منذ ثورة العشرين بقيادة العلماء ضدّ البريطانيين.



* انها نابعة من حالتها وأصالتها العراقية، العراق دولة عريقة، سواء عند الشعية ام السنة هناك مراكز علمية في سامراء والموصل وللشيعة مركز علمي بالنجف قديم منذ الف سنة. العراق عند اصالته العلمية والتاريخية الدينية، فباعتبار وجود هذه الأصالة العلمية الدّينية افتراض بأن العراق يصبح تابعاً لحالة خارجية لان العراق في الفترة الماضية دولة مستقلة حتى الحركات والنضال كانت ذات حالة داخلية .



* سيدي: بالنسبة للحركات الاسلامية هل لها امتداد داخل العراق ومؤيدين في العراق برؤيتكم؟ وهل عددهم كبير ويدعو للتفاؤل ؟



نحن عندنا في الداخل اعداد متزايدة من الشباب المؤيدون، لكن هؤلاء محكومون بآلية الإرهاب عند النظام، وآلية الإرهاب عند النظام آلية متطورة جدا تتوسل بشتى الطرق لمسخ شخصية الانسان. العراق في ظل هذه الآلية تحوّل الى معسكر كبير يحكمه نظام عسكري تام وحالة قمعية شديدة وأساليب غريبة في سلب الانسان إرادته ليس في إقناعه وانما سلب إرادته، وأنه يستسلم استسلاماً تاماً، هذه الحالة جعلت المعارضة الاسلامية في الداخل مصابة بصدمات متتالية ولكنها لا زالت تقوم بدور فاعل خصوصاً في مجال توعية الجيل الصاعد بحقيقة نظام صدام.



/ 6