التشريع الاسلامي <p/>مناهجه ومقاصده <p/>الجزء السابع - تشریع الاسلامی، مناهجه و مقاصده جلد 7

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تشریع الاسلامی، مناهجه و مقاصده - جلد 7

سید محمد تقی مدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

آية اللـه السيد محمد تقي المدرسي

التشريع الاسلامي

مناهجه ومقاصده

الجزء السابع

اسم الكتاب : التشريع الاسلامي مناهجه ومقاصده ( الجزء السابع )

المؤلف : آية الله السيد محمد تقي المدرسي

الناشر : دار نشر المدرسي للطباعة والنشر

الطبعة الأولى : 1419 هـ - 1998 م

عدد النسخ : 3000 نسخة

السعر : 1000 تومان

شابك 7-3-91248-964 ( الجزء السابع ) ISBN 964-91248-3-7 (VOL 7 )

شابك X -7-91248-964 ( دورة في 10 اجزاء) ISBN 964-91248-7-X (10 VOL.SET)

المقدمـة

الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم المرسيلن محمد وآله الهداة الميامين .

هل نحن بحاجة الى تجديد الفقه ؟

سؤال يثير كل عجب ، اولسنا نعيش كل 24 ساعة يوماً جديداً تطلع فيه الشمس صباحاً ثم تزول عند الظهيرة ، وتميل عشياً نحو المغيب ليسترها الأفق ويأتي الشفق ، والليل وما وسق ؟

ويولد كل عام جيل ، ويشب جيل ، ويموت جيل ، وتستمر الحياة . وربنا سبحانه كل يوم هو في شأن ، فلماذا البحث عن ضرورة التجديد ، اوليس التجديد سنة الله التي تكسي حقائق الخلق اناقة وسناءاً وجمالاً ؟

إنما السؤال الضروري هو كيف نجدد تجديداً يجتمع فيه قوة الماضي ، وحاجة الحاضر، وتطلع المستقبل ؟

من أجل الاجابة عن هذا السؤال ، توكلنا على الله منذ عقد من الزمان ، وشرعنا بحوله وقوته في تأليف هذه السلسلة من الدراسات التي اسميتها بالتشريع الاسلامي ..

ولــولا الثقة بالله وبكبير فضله لما بدأت ، ولما تابعت ولما وفقت .. انهـا نعمـة من الله

لابد ان احدث بها لكي لايقول أحد انى يكون لي ان اقوم بهذا المشروع او بذاك . انه الله الذي وسعت رحمته كل شيء ، فلماذا تمنعها عن نفسك باليأس .. انظر الى الشجرة التي في بيتك ، وتأمل كيف أتاحها ربنا ما احتاجت اليه من املاح الأرض ، الى مياه الغيث ، الى لطائف الهواء ، الى ضياء الشمس .. حتى أصبحت دوحة ثابتة الجذور ، وارفة الظلال، ورائعة المنظر . فهل يمنعك الرب سبحانه فضله ؟!

وتابعنا المسيرة بتوفيق الله ، واليوم نجد انفسنا في منتصف الطريق ، وها هو الجزء السابع يمتد فوق كفك انشاء الله . وهو يدخل في صميم مشروعنا ، لأنه محاولة جادة لاستنباط الاحكام الفقهية المتجددة من حكمها المنصوصة في الكتاب والسنة .

إذ القرآن كتاب احكمت آياته ثم فصلت ؛ فهي حكم وأمثال ، واصول محكمات ، وفروع متشابهات . فالأمثلة تتشعب من حكمها ، والفروع ثمرات الأصول . وبالتأمل في حكمة الكتاب ، تتوضح الأمثال التي ذكرت والتي لم تذكر ، وبالتدبر في الأصول التي هي الميزان والفرقان تعرف الفروع المتشابهة التي ترد اليها مما ذكرت في الكتاب اولم تذكر ، ومما احتاج اليها الناس سابقاً ومما سوف يحتاجون . ويقودنا هذا المنهج الى سلامة الذوق في فقه الاحكام ، وهي الشرط الاساسي لكل فقيه . إذ ليس الاستنباط مجرد النظر في الأدلة الفرعية الخاصة بمسألة شرعية . فلعل مسألة ما تفقد الأدلة او تتعارض فيها الأدلة ، فعلينا حينئذ ان نرجع الى الأصول المحكمة . وهذا الذوق السليم يفضل بعض الفقهاء عن غيرهم .

ولاريب ان تلك الأصول المنصوصة خير من بعض القواعد الناشئة من الفلسفة اليونانية، التي هي بذاتها مادة اختلاف ، بل ان تصبح مرجعاً لحل الاختلافات .

وقد انتشرت هذه الثقافة بين المسلمين بسبب توقف التدبر في الكتاب والسنة ، والاعتماد على منهج الرأي والقياس . وقد حذّر أئمة الهدى عليهم الصلاة والسلام عن ذلك بشدة .

ان القضايا المتجددة التي طرحت على الساحة في مختلف الحقول ، جعلت الحاجة الى التدبر في آيات الكتاب ، وفي احاديث السنة اكثر الحاحاً من أي يوم مضى . فمثلاً في موضوعات الحرب التي بحثناها في هذا الجزء تجد كل شيء تقريباً قد تغير ، ابتداءً من النظريات العسكرية في الدفاع والهجوم ، وانتهاءً بقضايا الأسرى والغنائم ، واستمراراً مع طريقة اعلان الحرب وانهاءها .. واستخدام انواع الأسلحة ومنهج تعبئة الجنود وادارتها وما الى ذلك مما يدعو الى المزيد من التأمل في الكتاب والسنة .. بالاضافة الى دراسة واعية للقضايا نفسها لمعرفة طبيعتها ، حتى يتسنى استنباط احكامها من آيات الكتاب وأحاديث النبي وأهل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام .

ونحن نرجو ان نكون قد وفقنا في هذه الدراسة ، ان نخطو الخطوة الأولى على الطريق الذي نأمل ان يوفق الله لمتابعة سلوكه رجالاً آخرين . كما نرجو ان يدخر ربنا ثواب ذلك عنده ، ليوم لاينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم ، والحمد لله أولاً وأخراً ودائماً سرمداً .

محمد تقي المدرسي

3/ جمادي الأول / 1419 هـ

طهران

الفـلاح

دعائم الايمـان

التقـوى

الوفاء بعهد الله

التقوى من دعائم الايمان ، ومن التقوى الوفاء بعهد الله . فما هو العهد ، وما هو العهد عند الله، وما هو عهد الله الى الانسان وماهي مسؤولية العهد؟ ولماذا ينقض البشر عهده ؟ وماهي عاقبة نقض العهد ؟ ومع من يكون العهد ؟ بيان ذلك فيما يلي :

العهد وعهد الله :

كلمات الوعد والعهد والعقد تعبر عن معاني متقاربة . فالوعد التزام الفرد من طرف واحد بينما العهد تباني طرف مع طرف ثان على أمر ، بينما العقد اتفاق من طرفين كل يلتزم بأمر ويجعل التزامه شرطاً لإلتزام الطرف الآخر . فالعقد عهد مسدّد ، والعقد والعهد هما وعد مشدّد من طرفين . ولعل اصل معنى العهد، معرفة شيء والاعتراف به .

واعترف ان هذه المعاني هي استنتاج من اللغة ، ولم استطع حتى الآن ان استوضح كلمة العهد من آية كريمة، بالرغم من آيات الكتاب في العهد واضحة المعاني ، بالذات قوله سبحانه في قصـة النبي موسى بن عمران عليه السلام : « أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ» (طه/86)، الذي يتشابه وقوله سبحانه في سورة الحديد « فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاَمَدُ» (الحديد/16) . فالأمد هو الوقت هنا ، والعهد ثمة هو الوقت الذي مضى على بني اسرائيل من غيبة نبيهم في الطور . ولعل ما اشتهر من قول الناس عهد فلان تعبيراً عن عصره وزمانه ، هو من هذا

المضمار ، حيث ان الوقت مقارن لحياته ، وهو يعهده ويعرفه . والله العالم .

هذا والذي يستظهر من بعض الآيات ، أن العهد يتميز عن العقد ، بأن العهد يعكس الظلال التالية :

ألف : الاستمرار ؛ العقد صفقة قد تنتهي في ساعة ، بينما العهد هو ما يتعاهده الانسان في حياته .

باء : الانتماء ؛ فالعهد يكون في العلاقة التي تتم بين جهتين لتنظيم حياة مستقبلية .

جيم : الولاية ؛ فالامامة عهد كما في آية الابتلاء حين عبر الله تعالى عن امامة ابراهيم عليه السلام بالعهد . ولعله معنى قوله : « أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌ مُّبِينٌ » (يس / 60)، حيث ان عبادة الشيطان توليه ، وعبادة الله توليه سبحانه .

العهد عند الله :

والله سبحانه قد عهد للانسان بعهد، وعهد اليه بعهد. فمثلاً عهد الرسل عند ربهم كشف العذاب عمن آمن بهم ، بينما عهد الله الى بني آدم ألاّ يعبدوا الشيطان ..

1/ فمن عهد الله لبعض اولياءه ، انه وعدهم الشفاعة لمن اذن لهم . قال الله سبحانه : «لاَّ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً» (مريم/87) .

نستفيد من الآية ، ان الشفاعة عهد من عند الله لبعض عباده .

2/ ومن العهد الذي تفضل الله به على بعض اولياءه ، كشف الرجز عمن آمن برسله. قال الله سبحانه : « وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الْرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرآئِيلَ » (الاعراف / 134) .

3/ وقـال سبحانه : « وَقَالُوا يَآ أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَـدُونَ» (الزخرف/49) .

ونستوحي من الآيتين أن الله قد عهد لموسى ان يكشف الرجز لمن آمن به .

4/ وقال سبحانـه : « يَا بَنِي إِسْرَآئِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي

اُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ » (البقرة/40) .

ونستفيد من الآية ان هناك عهداً عند اللـه لبنـي اسرائيـل، لعلـه هـو العهـد بنصـر بنـي

اسرائيل على اعداءهم ان هم استقاموا. وهذا المحتوى نستوحيه من آيات كثيرة فـي القـرآن ، مثل قوله سبحانه : « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (محمد / 7).

عهد الله الى الانسان :

1/ لعل اول عهد لله سبحانه الى البشر ، عبادته وحده وألاّ يعبدوا الشيطـان . وذلك هـو الميثاق في عالم الذر، حيث ان الله سبحانه قال لبنـي آدم : « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلى » (الاعراف/172).

وقـال الله سبحانه عند بيانه عهده الى الانسـان : « أَلَمْ أَعْهَـدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِـي ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌ مُّبِيــنٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُون » (يس/60-63) .

هكذا كان عهده واحداً في بندين ؛ التمرد على الشيطان والنهي عن عبادته، ثم الاستقامة على التوحيد وعبادة الله وحده .

2/ ومن عهد الله الى المؤمنين، الاستقامة حتى الشهادة . قال الله سبحانه : « إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِاَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » (التوبة/111) .

لقد عهدوا الله ببذل انفسهم له سبحانه، وعهد اليهم بالجنة. ومن اوفى بعهده من الله؟

3/ وطهارة المساجد من الأوثان ومن كل دنس ، هو العهد الآخر الذي ( أمر به الانبياء عليهم السلام، وبالذات ابراهيم واسماعيل ) . قال الله سبحانه : « وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَـامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلى إِبْرَاهِيـمَ وإِسْمَاعِيـلَ أَن طَهِّرَا

بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ » (البقرة / 125) .

اما عهد الله لآدم عليه السلام ، فلعله كان اجتناب الشجرة ، فنسيه فلم يجد الرب له عزماً حسبما يأتي في آية كريمة .

مسؤولية العهد :

ومسؤولية العهد الوفاء به . وعهد الله يعني - فيما يعني - العهد ( والبيعة ) مع الرسول . ومن العهد الاستقامة في الصراع . والوفاء بالعهد من علائم التقوى .

1/ كل عهد بين الانسان والانسان يجعل الله سبحانه شاهداً عليه ، ووكيلاً فيه . فانه عهد مع الله تعالى، ولايجوز نقضه. ومثله اليمين؛ فمن حلف بالله العظيم كان عليه الوفاء، ولا يجوز له الحنث. قال الله سبحانه : « وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَاتَفْعَلُونَ» (النحل/91).

2/ وقـد امتدح الله المؤمنين ووصفهـم بأنهـم الذين يوفـون بعهدهم ، فقال سبحانه : « وَالَّذِينَ هُمْ لاَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ » (المؤمنون/ 8) .

3/ وقال تعالى في صفة المصلين حقاً ( والصلاة حقاً رمز الإيمان ) : « وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ » (المعارج / 32) .

4/ وهكذا امتدح الكتاب العزيـز رجالاً صدقـوا ما عاهدوا الله عليه ، فقال سبحانه : « مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا *ّلِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ اِنَّ اللَّه كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً » (الاحزاب/23-24) .

وصدقهم في عهدهم، استقامتهم في الحرب والسلام حتى انقضاء اجلهم، حيث فازوا بأعلى الدرجات .

5/ ومن هنا فان الله سبحانه قد ذم رجالاً نقضوا عهدهم مع الله في ساعة البأس فولوا الأدبار ، فقال سبحانه : « وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً » (الأحزاب/ 15) .

6/ ومن ابرز تجليات العهد بيعة الرسول . وقد وعد الله الذين يوفون بعهد الله (وبالذات في التسليم للولاية الإلهية) بأجر عظيم ، فقال سبحانه : « إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَن أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً » (الفتح/10) .

7/ وكذلك كان الوفاء بالعهد من صفات المؤمنين ، حيث قال الله تعالى : « أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ اُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ اُولُوا الاَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ» (الرعد/ 19-20) .

8/ والوفاء بالعهد من علامات التقوى ، حيث يقول ربنا سبحانه : « بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» (آل عمران/ 76) .

نقض العهد :

أول ما يصيب المرء من نقض العهد ، فقدان احترامه عند من عاهده ، ثم النفاق والفسق في الدنيا ، والهوان واللعنة والعذاب في الآخرة .

1/ لقد أكرم الله آدم أبي البشر حتى أسجد له ملائكته، ولكنه لما نسي العهد لم يجد له عزماً . (فلم يكن النبي آدم عليه السلام من أولي العزم في الرسل عليهم جميعاً سلام الله). قال الله سبحانه : « وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَى ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» (طه/115) .

2/ والخسران جزاء نقض العهد ، كما هو جزاء قطع ما أمر الله به ان يـوصل من ولاية وقرابـة ، والافساد في الأرض . قال الله سبحانـه : « الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ اُوْلَئِكَ هُمُ ُالْخَاسِرُونَ» (البقرة/27) .

وأي خسارة أكبر من تفكك المجتمع ، وانهيار المدنية ، وضياع قيم الوحي، وشياع الفوضى ؟

3/ ونقض العهد من علامات الفسق ( كما هو من علائم النفاق والكفر ، وربما الفسق من اثاره ايضاً ) . قال الله سبحانـه : « وَمَا وَجَدْنَا لاَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وإِنْ وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ

لَفَاسِقِينَ » (الاعراف/102) .

4/ وقد عاهد الله فريق من الناس بالتصدق لو أن الله أغناهم بفضله. ولكنهم نقضوا العهد فلم يتصدقوا، بل بخلوا. فاعقبهم الله نفاقاً في قلوبهم الى يوم القيامة، بسبب خلف وعدهم مع الله سبحانه. قال ربنا تعالى : « وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ ءَاتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الْصَّالِحِيـنَ * فَلَمَّآ ءَاتَاهُم مِن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَاَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُوا اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ » (التوبة/75-77) .

5/ ونقض العهد من علائم الكفر وعدم الايمان ، حيث يقول ربنا سبحانه عن فريق من بني اسرائيل : « اَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ » (البقرة/100) .

6/ اما يوم القيامة حيث الموازين القسط ، فان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمناً قليلاً وينقضون عهدهم وينكثون ايمانهم بما يحصلون عليه من حطام الدنيا ، فانهم لا نصيب لهم هناك عند الله، حيث لا يكلمهم الله ( هواناً ) ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم، إذ قال عز وجـل : « إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَخَلاَقَ لَهُمْ فِي الاَخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ » (آل عمران/77) .

7/ وقال سبحانه : « وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ اُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ » (الرعد / 25) .

ويبدو ان ذلك يشمل الدنيا حيث اللعنة؛ أي البعد عن رحمات الرب المادية والمعنوية، وسوء الدار حيث الحياة النكرة والعيش الضنك . كما يشمل الآخرة، حيث الهوان والعذاب الأليم .

8/ وجزاء كل خلف للعهد بحسبه . فاذا نقض طرف عسكري عهده، كان للطرف الآخر الهجوم عليه ، حيث قال سبحانه : « إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِنْدَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لاَيُؤْمِنُــونَ * الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لايَتَّقُونَ * فإِمَّا

تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ » (الأنفال/ 55-57) .

عوامل النقض :

وللنقض عوامله التي منها النسيان ، حيث وجدناه عند آدم عليه السلام فلم يجد الرب له عزماً. مما يهدينا الى أن من العزم الوفاء بالعهد، ومن عوامل النقض المصالح الدنيوية ، حيث يبيع البعض عهده بحطام الدنيا وطول الأمد وعدم الصبر. وعدم وفاء الطرف الآخر .

1/ لقد نهى ربنا تعالى ان يشتري الانسان بعهد الله ثمناً قليلاً. ( وكل ثمن يحصل عليه المرء لقاء نقض العهد فهو قليل ) ، لأن ما عند الله خير للانسان ان كان يعلم ( ما أعده الله لمن وفى بعهده من الفضل العظيم ). قال الله تعالى : « وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ » (النحل/ 95) .

2/ لقد غاب النبي موسى عليه السلام عن قومه اربعين يوماً، وهي مدة قصيرة نسبياً ، فاخلفوا موعده. قال الله تعالى : « فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِن رَّبِّكُمْ فَاَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي » (طه / 86) .

ونستوحي من ذلك؛ ان طول الأمد قد يتسبب في نقض العهد ومخالفة الوعد . والله العالم .

3/ ومن عوامل النقض ( المشروعة ) عدم وفاء الطرف الآخر به ، حيث اشترط الرب تعالى للوفاء بعهده ان يفي الناس بعهودهم ، فقال تعالى : « يَا بَنِي إِسْرَآئِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي اُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ » (البقرة/40) .

ومن خاتمة الآية نستوحي؛ ان من عومل نقض العهد ان يرهب الانسان غير الله. ، فالرهبة من العباد سبب لترك الوفاء ، وعلاجه الرهبة من الرب وحده .

طرف العهد :

الظالم لنفسه والمشرك بربه كيف يؤمنان على العهد ؟

وهكذا يبدو من القرآن الحكيم التوصية بعدم التعاهد معهما .

1/ عندما انبـأ الرب تعالى ابراهيم الخليل عليه السلام بأنه جاعله للناس إماماً ، سأل الخليل ربه هل يجعلها لذريته ايضاً في استفهام مشحون بالرغبة. فذكره الجليل سبحانه، بأن عهده لاينال الظالمين. ( فاذا كان ابراهيم نفسه قد ابتلي بكلمات فأتمهنّ حتى جعله الله للناس اماماً ، فكيف ينال الظالمين بمجرد انهم من ذرية ابراهيم ؟ ) قال الله سبحانه : « وإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَاَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لاَ يَنالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ » (البقرة / 124) .

ونستوحي من الآية؛ عدم صلاحية الظالم ليكون طرفاً للعهد .

2 / وكذلك نجد الكتاب العزيز يأمر النبي صلى الله عليه وآله بفسخ العلاقات مع المشركين، وامهالهم مدة اربعة اشهر ، حيث يقول ربنا سبحانه : « بَرَآءَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُم مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الاَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا اَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَاَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ » (التوبة/1-2) .

3/ ولكن هناك اطرافاً من المشركين يمكن ان يتم العهد معهم الى مدتهم ، لأنهم احترموا عهدهم. قال الله سبحانه : « إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَاَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ » (التوبة/4).

4/ إلاّ ان الأصل عدم ابرام العهد مع المشركين، لأنهم لايصدقون في قولهم. قال الله سبحانه: « كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * كَيْفَ وإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لايَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِاَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ » (التوبة/7-8) .

ونستفيد من ذلك؛ ان المشرك لايصلح طرفاً للعهد، أوليس المشرك نقض أكبر عهد عنده من الله بالتوحيد ورفض الشرك ، فكيف يؤمن على عهد جديد ؟

الله لن يخلف :

من أوفى بعهده من الله؟ ولكن البعض يفترون على الله الكذب، فيزعمون ان الله سبحانه

لايعذبهم بذنوبهم ، ولم يعهد لهم الله بذلك قط .

1/ وهكذا يتساءل الكتاب العزيز هل اطلع ( الكافر بآيات الله ) الغيب حتى عرف انه يؤتى مالاً وولداً ، ام انه اتخذ عند الرحمن عهداً بذلك، وان الله سبحانه لن يخلف عهده مع احد . قال ربنا سبحانه : « أَفَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِاَيَاتِنَا وَقَالَ لاُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً » (مريم/77-78) .

2/ وهكذا زعم اليهـود انهم مبــرءون من العذاب من دون عهـد اتخـذوه عند الله حتى

لايخلفه ، بل تمنياً من انفسهم . قال الله سبحانه : « وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلآَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللّهِ عَهْدَاً فَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَالاَ تَعْلَمُونَ» (البقرة/80) .

3/ وقد قرأنا في آية قرآنية انه « وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ » (التوبة/111). وقرأنا ان الله قال لبني اسرائيل: « أَوْفُوا بِعَهْدِي اُوفِ بِعَهْدِكُمْ » (البقرة/40) . مما يدل على ان الوفاء يجب ان يكون متبادلاً .

بصائر الآيات

1/ يبـدو ان العهد هو ما يعهده الانسان ويعترف به ، وهو وعد على الانسان الذي يعطيـه .

2/ وعهد الله الذي عهده للمؤمنين ان ينصرهم إن هم نصروه . ومن عهده الشفاعة لبعض اولياءه (لعل الرسل جميعاً ، ورسولنا الأعظم وأهل بيته خصوصاً) . ومن عهده ان يكشف العذاب عمن آمن من الناس بالرسل قبل ان يحق عليهم .

3/ وعهد الله الى البشر ؛ اولاً : عبادته وحده ، والاّ يعبدوا الشيطان . ثانياً : الاستقامة حتى الموت او القتل ، وذلك هو البيع الذي بايعه المؤمنون . ثالثاً : طهارة المساجد ( من الوثن وكل دنس ) . ([1])

4/ وعهد الله مسؤول عنه . ( وكل عهد بين طرفين جعلا ربهما شاهداً عليه، هو عهد مسؤول ) . وهكذا كان الوفاء بالعهد من علامات المؤمن ، ومن صفات المصلين . وقد امتدح الله رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، بينما ذم آخرين تولّوا عن الحرب ، حيث كانوا قد عاهدوا الله على الصبر، وكان عهد الله مسؤولاً. والوفاء بالعهد كان من علائم التقوى .

5/ الفسق والنفاق والهوان والخسران واللعنة والعذاب ، كل ذلك من عواقب نقض العهد. ومن عواقبه عدم احترام الطرف الآخر للعهد .

6/ من أسباب خلف العهد؛ النسيان كما في أبينا آدم حين عهد ربه فنسى. (والطمع بثروة الأغنياء المتمثل في) شراء ثمن قليل بالعهد ، او رهبة الاقوياء، او خلف الطرف الآخر . وعلى الانسان ان يعرف ان ما عند الله خير له مما في ايدي الناس ، وان الله احق بان يخشاه ، وان عليه ان يفي بوعده مع الله حتى يفي الله له . ولعل من أسباب نسيان العهد طول الأمد .

7/ والمشرك والظالم لا عهد لهما، ( وهكذا ينبغي للانسان ان يختار لعهده المؤمن ) .

8/ والله سبحانه لايخلف عهده ، ( وعلى الانسان ان يطمئن الى عهد ربه ) .

فقـه الآيات

1/ (الاعراف/134) و (الزخرف/49) ؛ ليس الايمان هو الايمان الموسمي الذي يدعيه الفرد عند اشتداد الازمة ثم لايلبث ان يتركه عند الفرج ، وانما على الانسان ان يسعى لبلوغ درجة من اليقين يجعله مؤمناً في السراء والضراء .

2/ (آل عمران/183) ؛ لايجوز الافتراء على الله ، والتهرب عن واجب الانقياد للولاية الشرعية بادعاء شرط إضافي لا دليل عليه فيها ؛ كما زعم اليهود ان شرط الرسالة قربان يأتي به الرسول فتأكله النار ، وكانوا في ذلك كاذبين .

3/ (البقرة/125) ؛ على سدنة بيوت الله ( وهم الانبيـاء والاوليـاء ) ان يعملوا من اجل

تطهيرها للعابدين. ونستوحي من ذلك أموراً :

أولاً : ان شرط ولاية أحد على البيت خدمة البيت بتطهيره .

ثانياً : ان حكمة التطهير استقبال العابدين، وجعله يستهويهم .

ثالثاً : الطهارة قيمة الهية، ولذلك ينبغي العمل لتطهير بيوت الله من كل دنس ووسخ، كما انه ينبغـي تجنيب المسجد من كل نجس ورجس. فمن كان جنباً او حائضاً او حاملاً نجاسة مسرية او مشركاً لايدخل المساجد .

4/ (النحل/91) ، (الانعام/152) و (الرعد/20) ؛ الصلة بين الناس أساس الحضارة ، وقاعدة المجتمع . واذا كانت هذه الصلة تحت مظلة الولاية الالهية، فهي - اذاً - شرعية؛ وفي شرعيتها الفوائد التالية :

أولاً : انها ذات حماية ايمانية ، حيث ان الذي يخالف عهده او يمينه الذي جعل الله كفيلاً عليه فيهما ، فإنه يستخف بأمر ربه. وهذا من علامات الكفر والفسق والنفاق .

ثانياً : انها مؤطرة باطار التقوى ، حيث انها لا تصح مع مخالفة حدود الله . ومن حدود الله حقوق عباده. فالعهد الذي يضر بالانسان أيّا كان ضرراً بالغاً ، يكون عهداً ملغياً. وكذلك الذي ينتهي الى ظلم احد من البشر ، فإنه يكون من التعاون على الإثم والعدوان . وهكذا العهد الذي يؤدي الى الإثم وارتكاب الفواحش . ومن هنا فان العهد الشرعي لابد ان يكون عهداً ظاهراً بعيداً عن الضرر والظلم والإثم .

5/ وأساس العهد كلمة التقوى التي يصل الفرد بها بين إلتزامه بما عاهد عليه وبين شرفـه وقيمتـه وايمانـه . وهكذا العهد هو الجامع المشترك لطائفة من الإلتزامات التي هي - بدورها - حجر الزاوية في العلاقات الاجتماعية؛ وهي العقد ، والميثاق ، والمعاهدات (السياسية - العسكرية او الاقتصادية) بين الدول او الجماعات . وفيما يلي نستعرض طائفة من احكام العهد وأبعاده المختلفة :

ألف : العهد الفردي

الارادة ( المشيئة ) هي التي تنشأ الإلتزام عند الانسان، وقد يكون للالتزام شخص او اشخاص، وقد لايكون له أي طرف. وهو بدوره يتفرع الى شعبتين :

أولاً : ان يلتزم الشخص بشيء ويجعل الله عليه كفيلاً . وهذا هو العهد الشرعي الذي يبحثه الفقهاء عند البحث عن النذر واليمين .

/ 25