المقدمة - واقع التقیة عند المذاهب و الفرق الإسلامیة من غیر الشیعة الإمامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

واقع التقیة عند المذاهب و الفرق الإسلامیة من غیر الشیعة الإمامیة - نسخه متنی

ثامر هاشم حبیب العمیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المقدمة













واقع التقيّة عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية تأليف ثامر هاشم حبيب العميدي


بِسمِ اللّه الرَحمن الرَحيم





(لا يَتَّخِذِ المُؤمِنُون الكَافِرِينَ أولِياءَ مِن دُونِ المُؤمِنينَ ومَن يفعَل ذلِك فليسَ مِن اللّهِ في شيءٍ إِلا أن تتَّقُوا مِنهُم تُقاةً ويُحذِّرُكُم اللّهُ نفسَهُ وإِلى اللّهِ المصِيرُ)





آل عمران 3 / 28











بسم اللّه الرحمن الرحيموالحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وأزكى التحية والتسليم على آله الأطهار الميامين وصحبه الأخيار المخلصين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد...





لا شكّ أنّ التقية من المفاهيم الإسلامية الأصيلة التي شرّعها اللّه عزّ وجلّ لتكون تُرساً للمؤمن، ووقاءً لعرضه وكرامته حيثما وجد نفسه لا يقوى على مقاومة الظالمين. ولقد أكّدتها السُنّة المطهّرة قولاً وفعلاً، واستعملها الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان (رضي اللّه عنهم)، وأقرّها جميع الفقهاء والمحدّثين والمفسّرين من سائر المذاهب والفرق الإسلامية. 8





ووافقت حكم العقل، لأن احتمال الضرر في شيء ما يلزم العاقل تجنّبه إذا ما استحق صاحبه اللائمة لو أقدم عليه، وهذا هو ما عُرف عند اُصوليي المذاهب الإسلامية بقاعدة : «وجوب دفع الضرر المحتمل»، كما أنّ لقاعدة : «الضرورات تبيح المحظورات» علاقة وطيدة بالتقية، مما يكشف عن مدى تغلغل هذا المفهوم الاسلامي في كثير مما يصدق عليه عنوان : «الضرر» أو «الإكراه»، سواء أكان ذلك في اُصول العقائد الإسلامية، أو الأحكام الشرعية الفرعية، بل وحتى في الآداب والأخلاق العامة كما سيتّضح في فصول هذا البحث.





فالتقية إذاً ليست هي - كما يتصوّرها البعض - من مختصّات مذهب معين من مذاهب المسلمين !! إذ أجمع الكل من المالكية، والحنفية، والشافعية، والحنبلية، والظاهرية، والطبرية، والمعتزلة، والزيدية، والخوارج، والوهابية على مشروعيتها، واستدلّوا على ذلك بالكتاب، والسُّنّة، والإجماع.





نعم، تميزت الشيعة الإمامية الاثنا عشرية عن غيرها من المذاهب الإسلامية بهذا المفهوم، لأسباب لا تخفى على من درس تاريخ التشيّع دراسة موضوعية، ووقف على المعاناة الطويلة الأمد التي مرّ بها الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام، وبأزمان متوالية كان يُنظر فيها إلى التشيّع - تبعاً لعوامل السياسة والتعصب - بأنه جريمة لا تغتفر !





أوَليس شتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على منابر المسلمين - وهو خليفتهم بالأمس - ومطاردة أصحابه، وتشريدهم أي مشرد ! والتنكيل بمن وقع في قبضة السلطة، وتعذيبهم، وقتلهم وصلبهم على جذوع 9





النخيل مبرراً كافياً لمن نجا منهم أن يلوذ بما شرّعه اللّه تعالى واكّدته السُّنّة ليحفظ من خلاله دمه وعرضه وكرامته ؟





أوَليس محاربة الإمام السبط الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، وحمله على الصلح كرهاً، وما حصل فيما بعد للإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته، وأصحابه في واقعة الطف المشهورة، وما رافقها من أحداث يندى لها جبين البشرية خجلاً مبرراً آخر لرجالات الشيعة على التقية ؟





أوَليس ما حدث لحفيد الحسين زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام، وكيف أنه صُلِب بعد استشهاده، ثم اُحرق ونسف رماده في اليمّ تشفّياً، وما آل اليه أمر أئمة الشيعة وأعلامهم في عهد الدولة العباسية وعلى أيدي خلفاء بني العباس كالمنصور الدوانيقي (ت / 158 هجري) الذي استدعى الإمام الصادق عليه السلام أكثر من مرة، وهدّده بالقتل مرّات ومرّات بعد اتهامه بشتى الاتهامات، وكيف أسرف في دماء العلويين كما أسرف من قبل أخوة السفاح (ت / 136 هجري). حتى إذا ما جاء عهد هارون الرشيد (ت / 193 هجري) اضطربت أحوال الشيعة أيّما اضطراب ! بعد أن ضيّق هارون على زعيم البيت العلوي وإمام الشيعة موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام فرماه في ظلمات السجون، ولم يخرج من سجنه إلا شهيداً يُنادى على جثمانه الطاهر بذلّ الاستخفاف : «هذا إمام الرافضة» يقنع الباحث بمسوّغات ما تميّز به الشيعة عن غيرهم من المسلمين بالتقية ؟





إنّ ما ذكره مؤرخو أهل السُّنّة في حوادث سنة (236 هجري) كفيل باقناع الباحثين على أن الشيعة الإمامية قد اضطُهدت بما لم يُضطَهد بمثله مذهب قطّ من المذاهب الإسلامية، ففي هذه السنة هُدِّم قبر الإمام الحسين بن علي بن 10





أبي طالب عليهما السلام، وحُرِثت تربته وسُقِيت بالماء، بأمر من المتوكل العباسي (ت / 247 هجري) الذي كانت بطانته معروفة بالنصب والبغض لعلي بن أبي طالب عليه السلام منهم علي بن الجهم الشاعر المشهور، وعبادة المخنث، وعمرو بن فرج الرخجي وغيرهم ممن كانوا يخوّفونه من العلويين، ويشيرون عليه بإبعادهم، والإعراض عنهم، والإساءة إليهم، وسجن رموزهم، وتعذيب قادتهم.





ويكفي الباحث أن يعلم إنّ الإمام أحمد بن حنبل (ت / 240 هجري) على الرغم من أنّ شوكته قد قويت جدّاً في عهد المتوكّل، إلا أنه قد وشى حاسدوه زوراً عليه عند المتوكّل، بأنّه قد آوى علوياً في منزله، وأنه رغب في مساعدته، فما كان من المتوكّل إلا أن أوعز إلى عبد اللّه بن إسحاق أن يتوجّه إلى منزل الإمام ويفتّشه، فبعث ابن إسحاق حاجبه مظفراً مع صاحب البريد ابن الكلبي، مع امرأتين لكي يقوم الجميع بالتحرّي عن الأمر، فما كان من هؤلاء إلا أن دخلوا على الإمام في منتصف الليل، وصارحه ابن الكلبي بالأمر، فقال الإمام أحمد : «ما أعرف من هذا شيئاً، وإني لأرى طاعته في العسر واليسر، والمنشط والمكره، والأثرة».





فقال له ابن الكلبي : «لقد أمرني أمير المؤمنين أن اُحلِّفك أنّ ما عندك طلبته، فتحلف ؟ قال : إنّ استحلفتموني، أحلف».





فأحلفه باللّه والطلاق أن لا يوجد في منزله علوي، ثمّ أخذ الكلّ بتفتيش المنزل، كما فتّشوا منزل ابيه، وفتّشت المرأتان النسوة، وكان بئر في المنزل فأدلوا شمعة فيه ونظروا، فلم يجدوا شيئاً، وبعد أن ثبت كذب





الواشين جاء كتاب المتوكّل يحمل براءة الإمام أحمد بن حنبل ممّا اتُّهم به وأوصله بمال جزيل(1).





ويتّضح من كل هذا كيف تميّزت الشيعة بالتقية، وكيف حُملوا عليها قسراً، بعد ان لم يجدوا غيرها وسيلة للأمان في تلك العهود التي تناهى فيها الظلم والاضطهاد بحقّهم.





ولعلّ من أوضح ما يصوّر هذه الحقيقة التي لا شبهة فيها، أنّنا لم نجد من بين رواة الحديث من أهل السُّنّة من يقول مثلاً : حدّثني الشيخ، ويريد به الإمام مالك بن أنس، أو أخبرني العبد الصالح، ويعني به الإمام الشافعي، أو أنبأني العالِم، أو سمعت العالم يقول كذا، ويقصد به الإمام أبا حنيفة.





بينما نجد مثل هذا التعبير مألوفاً عند رواة الحديث من أصحاب أئمّة الشيعة الإمامية، فقد يقول أحدهم : حدّثني أبو زينب، ونحن نعلم علم اليقين بأنّه لا يريد غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد يقول : حدّثني العبد الصالح، أو الشيخ، أو العالم، وهو يريد الإمام المضطهد في السجون موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام.





ولا شكّ أن لهذه الألفاظ المستعارة دلالاتها، والتي يمكن للباحث معرفتها إذا ما أرجعها إلى الظروف السياسية المحيطة بحياة اُولئك الرواة، ومن يروون عنه من الأئمة عليهم السلام، إذ لا بدّ وأن تكون هناك مصلحة عائدة للإمام والراوي نفسه، تُوخّيت بهذا اللفظ المستعار اتّقاءً من معرة الظالمين







(1) مناقب الإمام أحمد بن حنبل / ابن الجوزي : 442، حلية الأولياء / أبو نعيم 9 : 206 - 207.

/ 196