كلمه المركز - مدخل إلی دراسة نص الغدیر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدخل إلی دراسة نص الغدیر - نسخه متنی

محمد مهدی الآصفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مدخل
الى دراسه نص الغدير
name="link1">

دراسه لمبدا
النص..و مناقشه لنظريه
الاختيار فى مساله الامامه والولايه

الشيخ محمد مهدى الاصفى

كلمه المركز

كلمه المركز


بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين والصلاه والسلام على سيد
المرسلين
محمد وآله الطاهرين.

تشكل الامامه ركنا اساسا من اركان العقيده والكيان
الفكرى
والاجتماعى للمسلمين.

ولخطوره هذه المساله
وتاثيرهاالمباشر على سلامه المسيره والشريعه
الاسلاميه كانت
عنايه الرسول (ص) بالغه واهتمامه واسعا ومتواصلا فى
بيان
هذه المساله.

وتشخيص المستحق للامامه من بعده،
بالصفات
تاره، وبالشخص تاره اخرى.

ذلك لان الامام يخلف النبى (ص) فى حفظ الرساله،
وبيان
محتواها، والعمل بها، كما يحفظ وحده الامه وسلامه
مسارها.

ومن الثابت تاريخيا ان اول مساله اختلف المسلمون
فيها هى
مساله الامامه.

فقد حدث الخلاف بين المسلمين فى
سقيفه بنى ساعده فى من يتولى شوون الامامه
والخلافه،
وجسد الرسول (ص) الطاهر لما يزل مسجى.

واستمر الصراع حول مساله الامامه والخلافه كاعمق
صراع،
واكثر الصراعات اثرا فى حياه الامه فكريا
وسياسياواجتماعيا.

وهذا الصراع ما كان له ان يحدث، وما كان لتلك الفرقه
التى
شقت صف الامه على امتداد الاجيال، واغرقتها
بالمواجهه الدمويه ان تقع بهذا الشكل الذى حدث، لو
ان
المسلمين تمسكوا بما صدر عن النبى (ص) من بيان
وتشخيص فى هذه المساله.

فقد حرص النبى (ص) على مستقبل الامه، وحفظ مسيرتها
منذ بدء الدعوه فلم يكن ليدعها تتخبط فى الفوضى
والخلاف،وهو الحكيم الموتمن على هذه الرساله ومصير
الامه،
الذى وصفه رب العزه بقوله: (لقد جاءكم رسول من
انفسكم
عزيزعليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رووف رحيم)
التوبه: 128.

ولقد ارخ رواه الحديث مساله الامامه وتشخيص الامام
على بن
ابى طالب مستحقا لها على لسان النبى (ص) ومعينا له،
بدءامن
بدايه الدعوه فى حديث انذار العشيره، يوم جمع رسول
اللّه
(ص) بنى هاشم، ودعاهم الى الاسلام، فلم يجيبوه،
فنادى فيهم النبى (ص): (فايكم يوازرنى على هذا الامر
على ان
يكون اخى ووصيى وخليفتى فيكم، فاحجم القوم الا
عليا،
وهواصغر القوم يومئذ حيث قام وقال: انا يا رسول
اللّه، فقال:
انت).

ويسجل التاريخ والرواه، وعلماء السير ان ابرز حدث
تاريخى فى
حياه الامه قد حدث بعد رجوع النبى (ص) من حجه الوداع
حيث استوقف الحجيج قرب ماء يدعى غدير خم.

والقى فيهم
خطبته الشهيره خطبه الوداع، التى جاء فيها: (. ...ايها
الناس ان
اللّه مولاى، وانا مولى المومنين، وانا اولى بهم من
انفسهم، فمن
كنت مولاه فهذا على مولاه، اللهم وال من والاه وعاد
من
عاداه. ...).

وبهذا النص، وبالنص السابق، وبعشرات النصوص من
الكتاب
والسنه يثبت ان الامامه والولايه مساله تعيينيه،
وان عليا
قدعين بهذا النص وبغيره من النصوص.

فى حين ذهب فريق
آخر من المسلمين الى تاول هذه النصوص، وحملها على
غير
ماتحمل من دلاله.

ولقد كان نص الغدير من اشهر النصوص، واكثرها اهميه
فى
الفكر والمعتقد والتاريخ الاسلامى.

وقد تناول الشيخ محمد مهدى الاصفى فى كتابه القيم
هذا
(المدخل الى دراسه نص الغدير).

مساله الامامه ونظريات تعيين الامام فى الفكر
والمعتقد
الاسلامى من خلال آراء المتكلمين والمفسرين
والفقهاء
من المذاهب الاسلاميه السنيه الى جانب معتقد
الشيعه
الاماميه، تناول بالنقد والمناقشه والتمحيص
والاستدلال
والتحليل النظريات الثلاث التى ظهرت فى الفكر
الاسلامى
وهى:
1 - نظريه انعقاد الامامه بالغلبه والثوره المسلحه.

2 - نظريه الاختيار (الشورى).

وهاتان النظريتان هما لجمهور اهل السنه.

3 - نظريه النص.

وهى معتقد الشيعه الاماميه.

ثم انتهى بعد جوله استدلاليه تحليليه، وربط بين
العقيده
ومساله الامامه والولايه، ومناقشه للادله
ومستندات النظريات
الثلاث الى ابطال نظريتى الغلبه والشورى، والدفاع
عن صحه
وادله (نظريه النص).

وفى مسارات البحث والاستدلال يجد القارى منهجا
جديدا فى
البحث، وبنيه نظريه متكامله فى الصياغه
والمقدمات والنتائج،
وتوظيفا فنيا ناضجا لادله العقل والنقل، وطريقه
النقد
والاستخلاص.

وان (مركز الغدير) اذ يشكر للمولف هذا الجهد العلمى
الموفق
ويتولى طبع ونشر هذا الكتاب القيم ليدعو القراء الى
قراءته بروح موضوعيه، وطريقه حياديه علميه لتتحقق
الفائده
المرجوه.

سائلين المولى القدير التسديد وقبول العمل، انه
سميع مجيب.

مركز الغدير للدراسات الاسلاميه
1 / رجب / 1417 ه
الاتجاهات الثلاثه فى مساله الامامه

الاتجاهات الثلاثه فى مساله
الامامه


من خلال قراءه فى تاريخ الفقه والكلام الاسلاميين
نلتقى ثلاثه
اتجاهات وآراء، فى مساله الامامه والولايه
بعدرسول اللّه(ص)،
وهى: -
اولا : نظريه انعقاد الامامه بالغلبه والثوره
المسلحه.

ثانيا : نظريه الاختيار.

هاتان النظريتان لجمهور اهل السنه.

ثالثا : نظريه النص، وهى نظريه الشيعه الاماميه.

وفيما يلى نحاول، ان شاء اللّه، القاء نظره على كل
من هذه
النظريات الثلاث ونقدها ومناقشتها.

اولا - انعقاد الامامه بالثوره المسلحه (الغلبه) name="link4">
يذهب جمهور فقهاء اهل السنه الى انعقاد الامامه
للحاكم
بالثوره المسلحه والسيطره على مواقع القوه واسقاط
النظام بالقوه العسكريه، ولا يحتاج انعقاد
الامامه حينئذ الى
عقد البيعه من قبل جمهور المسلمين او من جانب اهل
الحل والعقد.

وهذا مذهب معروف وقديم عند اهل السنه.

يقول
ابو يعلى الفراء:
قال احمد بن حنبل فى روايه عبدوس بن مالك العطار:
(ومن
غلب عليهم بالسيف، حتى صار خليفه وسمى
اميرالمومنين فلا
يحل لاحد يومن باللّه واليوم الاخر ان يبيت ولا
يراه اماما برا كان
او فاجرا.

وقال احمد ايضا فى روايه ابى الحرث: يخرج عليه من
يطلب
الملك، فيكون مع هذا قوم ومع هذا قوم، (تكون
الجمعه مع من
غلب).

واحتج بان ابن عمر صلى باهل المدينه فى زمن
الحره،
وقال: (نحن مع من غلب).

ويقول التفتازانى فى شرح المقاصد:
اذا مات الامام وتصدى للامامه من يستجمع شرائطها من
غير
بيعه واستخلاف، وقهر الناس بشوكته، انعقدت
الخلافه له.

وكذا
اذا كان فاسقا او جاهلا على الاظهر، الا انه يعصى
بما
فعل،ويجب طاعه الامام ما لم يخالف حكم الشرع سواء
كان
عادلا او جائرا.

ويقول الدكتور محمد رافت عثمان:

ويقول الدكتور محمد رافت عثمان


وجمهور العلماء على انعقادها بهذا الطريق سواء
اكانت شروط
الامامه متوافره فى هذا المتغلب او لم تتوافر فيه،
حتى ولو كان
المتغلب فاسقا او جاهلا انعقدت امامته، بل لو تغلبت
امراه على
الامامه انعقدت لها، وكذا اذا تغلب عليها عبد، وذلك
لان
العلماء ينظرون الى انه لو قيل بعدم انعقاد امامه
المتغلب لادى
ذلك الى وقوع الفتن بالتصادم بين
المتغلب ومعاونيه، وبين
الامام الموجود ومن يقف بجانبه، ولانتشر الفساد
بين الناس
بعدم انعقاد الاحكام التى صدرت عن هذاالمتغلب، اذ
يلزم عليه
عدم صحه زواج من زوجها، لانه لا ولى لها، وان من
يتولى
امامه المسلمين بعده عليه ان يقيم الحدود اولا
وياخذ الجزيه
ثانيا.

بل ان العلماء نصوا على انه لو تغلب آخر على هذا
المتغلب فقعد
مكانه انعزل الاول وصارالثانى اماما، فالعلماء
يقارنون بين نوعين
من الشر، فيختارون اهونهما الى الامه، ولا يفتون
بتعريضها
لاعظم الشرين.

المناقشه :
وهذا كلام لا يسلم من المواخذه والمناقشه.

ونلخص
نحن
مواخذاتنا على هذا الاستدلال فى ثلاث نقاط :
النقطه الاولى

النقطه الاولى


ان الاصل فى الموقف الشرعى من الفئات التى تغتصب
السلطه
الشرعيه ليس هو الاستسلام والقبول والانقياد،
وانماالرفض،
والرد، وتحريم الركون، حتى فيما اذا عجزت الامه عن
اداء
فريضه النهى عن المنكر والرفض والرد، فيما اذا
كان من غير
الممكن احباط الثوره المسلحه، ونصره الامام
المغلوب على
امره، وكان مردود المقاومه سلبيا على الامه،وضرها
اكثر من
نفعها.

..اقول:
حتى فى هذه الحاله يكون الكف عن المقاومه والرفض
استثناء
وليس باصل، والاصل هو المقاومه، ولا ننفى
هذاالاستثناء فى
ظرفه الخاص به، الا ان الاستثناء يبقى استثناء، ولا
يتحول الى
اصل.

وعندما نستعرض كلمات هولاء الاعلام نجد انهم
يقررون
الحكم بالتسليم، والركون، والانقياد، وحرمه
المعارضه والمقاومه على نحو الاصل، وليس على نحو
الاستثناء.

وقد قرانا قبل قليل كلمه الامام احمد بروايه عبدوس
بن مالك
القطان: (ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفه وسمى امير
المومنين لا يحل لاحد يومن باللّه واليوم الاخر ان
يبيت ولا يراه
اماما، برا كان او فاجرا).

النقطه الثانيه

النقطه الثانيه


ان مال هذا الاستدلال-اذا سلم من المواخذه الاولى -
الى
(قاعده الضرر) المعروفه لدى الفقهاء، والتى تبتنى
على الحديث المعروف عن رسول اللّه(ص): (لا ضرر ولا
ضرار
فى الاسلام).

الاستدلال بقاعده الضرر :

الاستدلال بقاعده الضرر


وتقرير الاستدلال ب (قاعده الضرر):
ان المقاومه والرفض اذا كانا يتسببان للمومنين
بضرر بليغ
وكان الضرر فيها اكبر من نفعها.

..فان قاعده الضرر
ترفع الحكم
بتحريم الركون والانقياد للحكم الجديد، كما ترفع
الحكم
بوجوب المقاومه والرد، اذا كانت هذه المقاومه سببا
للاضراربالمومنين.

فان القاعده فى هذه الحاله تكون- كما يقول علماء
الاصول-
حاكمه على اطلاقات الاحكام الاوليه المقتضيه
للمقاومه والرد
والرفض، وترفع اطلاقها، وتقيدها بما اذا لم تكن
ضرريه، كما ان
وجوب الصلاه والوضوء والصوم فى اطلاقات الوجوب
يرتفع فى
حالات الضرر.

ومهمه دليل الضرر هو التصرف فى ناحيه
المحمول ورفع الحكم (المحمول) فيما اذاكان ضرريا،
سواء
كان حكما تكليفيا كما فى الامثله المتقدمه، او حكما
وضعيا،
كاللزوم فى المعاملات الضرريه.

قاعده الضرر رافعه وليست بمشرعه:

قاعده الضرر رافعه وليست بمشرعه


والمناقشه فى هذا الاستدلال واضحه، فان دليل الضرر
يرفع
الحكم الذى ينشامنه الضرر على المكلف، سواء كان
حكماتكليفيا كوجوب الصلاه والصيام، او حكما وضعيا
كاللزوم
فى المعامله، دون ان يكون لدليل (الضرر) تاثير فى
وضع الحكم
الذى يكون عدمه ضرريا للمكلف سواء فى ذلك الحكم
الوضعى
والحكم التكليفى.

فان دليل (لا ضرر ولا ضرار) لا يزيد مقتضاه على النفى
ورفع
الحكم الذى يتسبب فى اضرار المكلف دون
اثبات الاحكام
التكليفيه والوضعيه التى يتضرر المكلف من عدمها.

ولذلك يقول الفقهاء ان دليل الضرر رافع فقط وليس
بمشرع
ولا واضع.

فلا يمكن اثبات الضمان مثلا بقاعده الضرر فى
المعاملات التى
يترتب فيها الضرر على عدم الضمان، وعليه فلا
يمكن الاستدلال بهذا الدليل اذا صح الاستدلال به
فى اكثر من
رفع الالزام بمعارضه الحاكم الظالم المتغلب، ورفع
وجوب النهى عن المنكر، ومقاومه الفئه الظالمه
المتغلبه على
الامر.

وهذا هو اقصى ما يمكن استفادته من دليل الضرر الذى
هو روح
الاستدلال الذى قراناه فى النص المتقدم، ولا يتكفل
دليل
الضرر قطعا اثبات شرعيه الاداره التى قامت بصوره
غير
مشروعه، وانعقاد الامامه للحاكم الذى فرض سلطانه
على المسلمين بالانقلاب العسكرى، من دون بيعه ورضا
من
المسلمين، كما لا يثبت دليل الضرر صحه الزواج الذى
يعقده الحاكم الذى جاء بطريقه غير مشروعه لغير
البالغه ولغير
البالغ، ولا يثبت حق الحاكم فى اجراء الحدود
الشرعيه،
اوشرعيه نزع الاملاك وجبايه الاموال، فان مقتضى
دليل الضرر
كما ذكرنا لا يزيد على الرفع، ولا يصل الى مرحله
الوضع.

وليس ما وراء هذا الدليل دليل آخر للحكم بوجوب
الانقياد
للظالم المتغلب على البلاد والعباد.

النقطه الثالثه

النقطه الثالثه


وابلغ من ذلك كله فى مجافاه روح الاسلام تصريح فريق
من
الفقهاء بانعقاد الامامه للحاكم المتغلب حتى اذا
كان
فاسقا،ظاهر الفسق، جاهلا، بين الجهل، فاجرا،
مجاهرا
بالمنكرات، لايتورع عنها.

وقد اوجبوا طاعه الحاكم المنتصر المتغلب مع كل هذه
الصفات.

والقرآن والسنه الصحيحه صريحان فى الرفض،
والرد،والمقاومه، ووجوب النهى عن المنكر، وحرمه
الركون
والطاعه.

يقول تعالى: (ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم
النار) هود:
113.

ويقول تعالى: (ولا تطيعوا امر المسرفين الذين
يفسدون
فى الارض ولا يصلحون) الشعراء: 151 - 152.

ويقول تعالى: (فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما او
كفورا)
الانسان: 24.

ويقول تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له
الهدى
ويتب-ع غير سبيل المومنين نوله ما تولى ونصله
جهنم وساءت
مصيرا) النساء: 115.

ويقول تعالى: (ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا
واتبع هواه
وكان امره فرطا) الكهف: 28.

ويقول تعالى: (الم تر الى الذين يزعمون انهم آمنوا
بما انزل
اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى
الطاغوت وقد
امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا
بعيدا)
النساء: 60.

ويقول تعالى: (ان الذين توفاهم الملائكه ظالمى
انفسهم قالوا
فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا الم
تكن ارض
اللّه واسعه فتهاجروا فيها فاولئك ماواهم جهنم
وساءت مصيرا)
النساء: 97.

وهذه الايه الكريمه، وان كانت تخص من حيث المورد
المستضعفين من المسلمين من الذين لم يهاجروا مع
رسول
اللّهالى المدينه، ولم يلتحقوا به، الا ان هذا
المورد لا يخصص
الوارد قطعا، وتبقى الايه المباركه على شمولها فى
الدلاله على
وجوب رفض الظلم والاستكبار والاستضعاف بكل الاشكال
والوسائل حتى لو اقتضى الامر الهجره.

ويقول تعالى: (والذين اذا اصابهم البغى هم ينتصرون)
الشورى:
39.

ويامر القرآن بقتال الفئه الباغيه، حتى تفى ء
الى امراللّه:
(وان طائفتان من المومنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما
فان بغت
احداهما على الاخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفى ء
الى امر اللّه)
الحجرات: 9.

والايه الكريمه، وان كانت نازله فى مورد الاقتتال
بين
المومنين، ولكنها صريحه وواضحه فى الامر برفض
البغى،
وقتال الباغى حتى يفى ء الى حكم اللّه.

فى الدرالمنثور عن رسول اللّه (: (ان رحى الاسلام
ستدور،
فحيث مادار القرآن فدوروا به، يوشك السلطان
والقرآن
ان يقتتلا ويتفرقا.

انه سيكون عليكم ملوك يحكمون
لكم بحكم
ولهم بغيره، فان اطعتموهم اضلوكم وان
عصيتموهم قتلوكم.

قالوا: يا رسول اللّه فكيف بنا ان ادركنا ذلك؟ قال:
تكونوا
كاصحاب عيسى(ع): نشروا بالمناشير، ورفعواعلى الخشب.

موت فى طاعه خير من حياه فى معصيه).

وفى نهج السعاده: قال ابو عطاء: خرج علينا امير
المومنين على
بن ابى طالب(ع) محزونا يتنفس فقال: (كيف انتم
وزمان قد
اظلكم، تعطل فيه الحدود ويتخذ المال فيه دولا،
ويعادى فيه
اولياء اللّه، ويوالى فيه اعداء اللّه؟ قلنا يا
امير المومنين،فان
ادركنا ذلك الزمان فكيف نصنع ؟ قال: كونوا كاصحاب
عيسى(ع): نشروا بالمناشير وصلبوا على الخشب، موت
فى طاعه اللّه -عزوجل خير من حياه فى معصيه اللّه).

ثانيا - نظريه الاختيار

ثانيا نظريه الاختيار


ذهب القائلون بهذه النظريه الى انعقاد الامامه
باختيار اهل
الحل والعقد من المسلمين.

واعتبروا هذا الاختيار
كاشفا
عن اذن اللّه تعالى، وعلى هذا الاساس جعلوا اختيار
الناس للامام
مصدرا لشرعيه الولايه والامامه.

تنعقد الامامه بالبيعه

تنعقد الامامه بالبيعه


وعلى هذا الراى تنعقد الامامه والولايه للحاكم
بصوره فعليه
وناجزه ببيعه جمع من اهل الحل والعقد يمثلون عاده
اراده مساحه واسعه من الامه او ببيعه مباشره من
شريحه كبيره
من الامه، بكيفيه وكميه يعتد بها عاده فى امثال هذه
المسائل التى يربطها الشارع باراده الجمهور، اذا
كان الحاكم
يستجمع الشروط التى يطلبها الشارع فى الامام.

والى
هذا
الراى يذهب جمهور فقهاءاهل السنه ومتكلميهم.

وفيما
يلى
نذكر بعض كلمات اعلام الجمهور.

1 - راى الماوردى :

1- راى الماوردى


يقول ابو الحسن على بن محمد الماوردى المتوفى (450ه ):
فاذا اجتمع اهل العقد والحل للاختيار تصفحوا احوال
اهل
الامامه الموجوده فيهم شروطها، فقدموا للبيعه منهم
اكثرهم
فضلا، واكملهم شروطا، ومن يسرع الناس الى طاعته،
ولا
يتوقفون عن بيعته، فاذا تعين لهم من بين الجماعه من
اداهم
الاجتهاد الى اختياره عرضوها عليه، فان اجاب اليها
بايعوه
عليها، وانعقدت ببيعتهم له الامامه، فلزم كافه
الامه الدخول
فى بيعته والانقياد لطاعته.

2 - راى القاضى عبدالجبار :

2- راى القاضى عبدالجبار


ويقول القاضى عبد الجبار المتوفى (415ه ) فى المغنى:
وان
اقام بعض اهل الحل والعقد اماما سقط وجوب
نصب الامام عن
الباقين، وصار من اقاموه اماما، ويلزمهم اظهار ذلك
بالمكاتبه
والمراسله، لئلا يتشاغل غيرهم بامام غيره.

وقدوقعت
الكفايه،
ولئلا يودى ذلك الى الفتنه.

فعدم مبايعه سائر افراد
الامه لا
يوثر فى انعقاد الامامه، لان العقد تم بمجردمبايعه
اهل الحل
والعقد، ولا يكون العقد صحيحا اذا لم يبايع الامام
اهل الحل
والعقد.

3 - راى القرطبى :

3- راى القرطبى


ويقول ابو عبداللّه القرطبى المتوفى (671ه ) فى
الجامع
لاحكام القرآن: الطريق الثالث لاثبات الامامه:
اجماع اهل
الحل والعقد: وذلك ان الجماعه فى مصرمن امصار
المسلمين،
اذا مات امامهم، ولم يكن لهم امام ولا استخلف،
فاقام اهل ذلك
المصر الذى هو حضره الامام وموضعه اماما لانفسهم،
اجتمعوا
عليه،ورضوه، فان كل من خلفهم وامامهم من المسلمين
فى
الافاق يلزمهم الدخول فى طاعه ذلك الامام، اذا لم
يكن
الامام معلنا بالفسق والفساد، لانها دعوه محيطه
بهم تجب
اجابتها، ولا يسع احد التخلف عنها، لما فى اقامه
امامين
من اختلاف الكلمه وفساد ذات البين.

قال
رسول اللّه(ص):
(ثلاث لا يغل عليهن قلب مومن، اخلاص العمل للّه،
ولزوم الجماعه، ومناصحه ولاه الامر، فان دعوه
المسلمين من
ورائهم محيطه).

4 - راى ابن تيميه :

4- راى ابن تيميه


ويقول ابن تيميه المتوفى (728 ه) فى كتابه منهاج
السنه:
الامامه عندهم -اهل السنه- تثبت بموافقه اهل الشوكه
عليها،ولا يصير الرجل اماما حتى يوافقه اهل الشوكه
الذين
يحصل بطاعتهم له مقصود الامامه.

فان المقصود من
الامامه
انمايحصل بالقدره والسلطان، فاذا بويع بيعه حصلت
بها القدره
والسلطان صار اماما.

ولهذا قال ائمه السنه: من صار
له
قدره وسلطان ان يفعل بهما مقصود الولايه فهو من
اولى الامر
الذين امر اللّه بطاعتهم، ما لم يامروا بمعصيه
اللّه، فالامامه
ملك وسلطان، والملك لا يصير ملكا بموافقه واحد ولا
اثنين ولا
اربعه، الا ان تكون موافقه هولاء تقتضى موافقه
غيرهم بحيث
يصير ملكا بذلك.

ويرى (القلانسى) ومن تبعه ان الامامه تنعقد بعلماء
الامه الذين
يحضرون موضع الامام، وليس لذلك عدد مخصوص.

اقل عدد تنعقد به البيعه :
ويتسامح الكثير من فقهاء السنه ومتكلميهم فى العدد
الذى
تنعقد ببيعتهم الامامه، فمنهم من يحدد الحد الادنى
منه بالاربعين، ومنهم بالخمسه، ومنهم من يكتفى
بالثلاثه،
ومنهم من يكتفى بالاثنين، ومنهم من يكتفى ببيعه رجل
واحدفى انعقاد الامامه، واليك طرفا من كلماتهم:
5 - راى صاحب المواقف (الايجى) :

5- راى صاحب المواقف (الايجى)


يقول القاضى عبد الرحمن الايجى الشافعى المتوفى (756
ه )
فى المواقف: وتثبت الامامه ببيعه اهل الحل
والعقد،خلافا
للشيعه.

ثم قال: اذا ثبت حصول الامامه بالاختيار
والبيعه فاعلم
ان ذلك لا يفتقر الى الاجماع، اذ لم يقم دليل
من العقل او
السمع، بل الواحد والاثنان من اهل الحل والعقد كاف.

6 - راى الماوردى ايضا :

6- راى الماوردى ايضا


وقال ابو الحسن على بن محمد الماوردى المتوفى (450ه )
فى الاحكام السلطانيه: اختلف العلماء فى عدد من
تنعقد
به الامامه منهم على مذاهب شتى.

فقالت طائفه لا
تنعقد الا
بجمهور اهل العقد والحل من كل بلد، ليكون الرضاء به
عاماوالتسليم لامامته اجماعا.

..وقالت طائفه اخرى
اقل من
تنعقد به منهم الامامه خمسه يجتمعون على عقدها او
يعقدهااحدهم برضا الاربعه، استدلالا بامرين:
احدهما: ان بيعه ابى بكر(رضى اللّه) انعقدت بخمسه
اجتمعوا
عليها، ثم تابعهم الناس فيها.

..
والثانى: ان عمر(رضى اللّه) جعل الشورى فى سته ليعقد
لاحدهم برضا الخمسه وهذا قول اكثر الفقهاء
والمتكلمين.

وقال آخرون من علماء الكوفه تنعقد بثلاثه يتولاها
احدهم برضا
الاثنين.

..وقالت طائفه اخرى تنعقد بواحد،
لان العباس قال
لعلى رضوان اللّه عليهما امدد يدك ابايعك
فيقول الناس عم
رسول اللّه(ص) بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان.

7 - راى الجبائى والمحلى وسليمان بن جرير :

7- راى الجبائى والمحلى وسليمان
بن جرير :


وذهب الجبائى من المعتزله الى: ان الامامه تنعقد
بخمسه
يجتمعون على عقدها.

وذكر جلال الدين المحلى فى شرحه على منهاج الطالبين
للنووى: ان الامامه تنعقد بالبيعه من قبل اربعه.

ونقل: انها تنعقد بمبايعه ثلاثه، لانها جماعه لا
يجوز مخالفتهم.

وقيل: ان الامامه تنعقد ببيعه رجلين من اهل الورع
والاجتهاد.

وهو راى منسوب الى سليمان بن جرير الزيدى،
وطائفه من
المعتزله.

ويذهب الى انعقاد الامامه ببيعه عدد محدود وقليل،
طائفه من
اعلام السنه وفقهائهم، لا نريد ان نطيل الوقوف
بذكركلماتهم
فى هذه المقاله.

ويذهب عدد من الفقهاء الى انعقاد الامامه ببيعه
شخص واحد
فقط كما ذكرنا.

8 - راى امام الحرم الجوينى :

8- راى امام الحرم الجوينى


يقول امام الحرمين الجوينى المتوفى (478ه ) فى
الارشاد الى
قواطع الادله فى اصول الاعتقاد:
اعلموا انه لا يشترط فى عقد الامامه الاجماع، بل
تنعقد الامامه
وان لم تجمع الامه على عقدها.

..فاذا لم
يشترطالاجماع فى
عقد الامامه لم يثبت عدد معدود ولاحد محدود،
فالوجه الحكم
بان الامامه تنعقد بعقد واحد من اهل الحل والعقد.

9 - راى للقرطبى ايضا :

9- راى للقرطبى ايضا


ويقول القرطبى المتوفى (671 ه ) فى تفسيره الجامع
لاحكام
القرآن: فان عقدها واحد من اهل الحل والعقد، فذلك
ثابت ويلزم الغير فعله، خلافا لبعض الناس، حيث قال:
لا تنعقد
الا بجماعه من اهل الحل والعقد.

..قال الامام ابو
المعالى:
من انعقدت له الامامه بعقد واحد فقد لزمت، ولا يجوز
خلعه من
غير حدث وتغير امر.

قال: وهذا مجمع عليه.

10 - راى الاشعرى :

10- راى الاشعرى


ويروى عبد القاهر البغدادى عن ابى الحسن الاشعرى
المتوفى
(330 ه ): ان الامامه تنعقد لمن يصلح لها بعقد رجل واحد
من
اهل الاجتهاد والورع، اذا عقدها لمن يصلح لها، فاذا
فعل ذلك
وجب على الباقين طاعته.

يقول البزدوى: وحكى عن الاشعرى انه قال: اذا عقد
واحد من
اهل الراى والتدبير وهو مشهور، لواحد هو افضل
الناس عقد
الخلافه يصير خليفه.

وهذا راى معروف لدى فقهاء اهل السنه ومتكلميهم.

وقد اشترط بعضهم فى صحه انعقاد الامامه بواحد
الاشهاد على
البيعه.

يقول النووى فى الروضه: لاصح لا
يشترطالاشهاد ان
كان العاقدون جمعا، وان كان واحدا اشترط الاشهاد.

اضواء على نظريه الاختيار

اضواء على نظريه الاختيار


نقد نظريه الاختيار

نقد نظريه الاختيار


هذا مذهب جمهور (اهل السنه) فى الامامه.

وحيث ان نظريه (الاختيار) هى الاساس فى شرعيه
الامامه
والولايه عند طائفه واسعه من المسلمين وهم اهل
السنه،فى
مقابل نظريه (النص) التى يتبناها الشيعه الاماميه.

فسوف نقف
عند هذه النظريه وقفه طويله للمناقشه
والنقدوالبحث.

اجمال النقد :

اجمال النقد


لا يعتمد شى ء من هذه الكلمات التى نقلناها عن
اعلام اهل
السنه فى نظريه الاختيار نصا صريحا من كتاب اللّه
وسنه رسوله.

فلا نجد نصا فى الكتاب وما صح من سنه
رسول
اللّه فى الاذن بولايه من اختاره المسلمون اماما
لهم باتفاق
اهل الحل والعقد، او باكثريتهم، او بمبايعه خمسه
او ثلاثه او
واحد من اهل الحل والعقد، او بمبايعه جمع غفير من
الناس.

ولا
نجد اذنا من اللّه تعالى بولايه من تغلب على الامر
بالعنف
والقوه.

ولا يصح اسناد شى ء من هذه الولايات الى
اللّهتعالى، ولا
نجد فى النصوص الاسلاميه اثباتا لشرعيه شى ء من هذه
الولايات على الاطلاق.

وبناء على ذلك فان اسناد شى ء من هذه الولايات الى
اللّه تعالى
يعد من الافتراء على اللّه الذى تستنكره الايه
الكريمه من سوره
يونس: (قل اآللّه اذن لكم ام على اللّه تفترون) يونس:
59.

والولايه والحاكميه والسياده على الناس للّه تعالى
فقط:فى
محكم كتاب اللّه: (ان الحكم الا للّه) يوسف: 40، 67
الانعام: 57.

وعليه فان الولايه من دون اذن اللّه ولايه محرمه
يحظرها اللّه
تعالى على عباده، يقول تعالى: (ولا تتبعوا من دونه
اولياء)الاعراف: 3.

(وما كان لهم من دون اللّه من اولياء) هود: 20.

فاذا كانت الولايه من دون اذن اللّه محظوره ومحرمه
على
المومنين، وهو صريح القرآن، ولم تكن الولايه
بالاختيار
يعتمداذنا صريحا من اللّه ورسوله فى نص من كتاب
اللّه او ما
صح من سنه رسول اللّه(ص)، فلا محاله لا يبقى دليل على
شرعيه مثل هذه الولايات مهما يكن حجم اهل الحل
والعقد
ومساحه البيعه، فاذا سقطت نظريه (الاختيار) عن
الاعتبار فلا
محاله تكون نظريه (النص) هى الاساس فى مساله الولايه
والامامه.

وهذا اجمال للنقد.

ولا بد لهذا الاجمال من تفصيل وشرح فى ضوء كتاب
اللّه،
واليك هذا التفصيل.

تفصيل النقد :

تفصيل النقد


مناقشه ادله اصل (الاختيار)


اصل (الاختيار) فى الامامه لابد ان يعتمد احدى
الفرضيتين
الاتيتين:
1 - فرضيه حق تقرير المصير.

2 - فرضيه التفويض.

وفيما
يلى
توضيح اجمالى لكل من هاتين الفرضيتين:
اولا - فرضيه حق تقرير المصير السياسى :

اولا فرضيه حق تقرير المصير
السياسى


ان اصل (الاختيار) فى نصب الحاكم مذهب سياسى شائع فى
الانظمه الحديثه، وبموجب هذا المذهب يختار
الناس بالوسائل
الديمقراطيه الميسره الحاكم الذى يلى امر الناس.

وهذا الاصل يعتمد فى الانظمه السياسيه الحديثه
مبدا حق
تقرير المصير، وهو مذهب فكرى وسياسى معروف
فى المجتمعات الحديثه.

نظريه العقد الاجتماعى :

نظريه العقد الاجتماعى


وهذا المذهب يعتمد نظريه (العقد الاجتماعى)
المعروفه، وهى
افضل الصيغ العلميه التى تعالج مساله (شرعيه
الدوله)فى
الانظمه السياسيه العلمانيه منذ القرن الثامن عشر
الميلادى
الى اليوم.

وظهرت النواه الاولى لهذه النظريه على يد الفيلسوف
الانجليزى توماس هابس(16791588) فى القرن السابع
عشرالميلادى.

وتطورت على يد الطبيب والفيلسوف الانجليزى جان
لاك(17071632) وتكاملت وبلغت صيغتها العلميه الكامله
على يد جان جاك روسو الفرنسى فى ظروف الثوره
الفرنسيه.

وتعتمد هذه النظريه اصولا ثلاثه رئيسيه وهى:
1 - نفى ولايه وقيمومه انسان على انسان آخر.

2 - تقرير مبدا ولايه الانسان على نفسه، وحقه فى
تقرير
مصيره، ويعتقد اصحاب هذه النظريه ان هذا الحق حق
ذاتى للانسان.

3 - يحق للانسان ان ينقل حقه فى تقرير مصيره الى غيره
بموجب العقد الاجتماعى الذى يتم به نقل هذه السلطه
من الافراد الى الهيئه الحاكمه، وتتولى الهيئه
الحاكمه بموجبه
الاداره والقيمومه على المجتمع.

وهذه الولايه التى يمارسها الحكام على الناس فى
نظريه العقد
الاجتماعى هى بالذات ولايه الناس على انفسهم،
فان الناس
بالفطره وبالذات، بموجب هذه النظريه، قيمون على
انفسهم،
ويملكون امر انفسهم الا انهم يخولون
الهيئه الحاكمه التى
يختارونها للحكم امر هذه القيمومه والولايه.

فتنتقل هذه
الولايه من الناس الى الحكام بموجب الاتفاق والعقد
الذى
يتعاقد عليه الناس والهيئه الحاكمه.

واذا صحت هذه النظريه، فان اصل الاختيار يمكن ان
يعتمد
مبدا حق الانسان فى تقرير مصيره السياسى، ويكون
اختيارالحاكم للولايه والامامه من قبل الناس بناء
على هذا
الحق الذاتى الذى يملكه كل انسان على نفسه وبذلك
يكون
اصل الاختيار اصلا شرعيا، كما تكون ولايه الشخص
الذى
يختاره الناس للامامه والولايه على انفسهم مشروعه.

ثانيا - فرضيه التفويض :

ثانيا فرضيه التفويض


واذا كان لا يصح فى الاسلام مبدا حق الانسان فى
تقرير مصيره
السياسى، ولا يمكن اعتماد هذا المبدا فى
شرعيه(الاختيار)،
فان من الممكن افتراض مبدا آخر اساسا لشرعيه
(الاختيار)
وهو فرضيه (التفويض).

وفى هذه الفرضيه نفترض وجود
تخويل
من ناحيه اللّه تعالى للناس فى انتخاب الامام
والحاكم الذى
يلى امورهم.

فان الانسان فى النظريه الاسلاميه اذا
كان لا
يملك من امره شيئا، كما سوف نتحدث عن ذلك، ويكون
امره
كله الى اللّه تعالى، فلا يملك الانسان ان يقرر امر
نفسه بنفسه
بمعزل عن اراده اللّه تعالى وامره واذنه بالضروره،
فيسقط هذا
الافتراض من الاساس، الا ان من الممكن افتراض وجود
اذن
وتخويل من اللّه تعالى للناس ان يختاروا لانفسهم
اماما يلى
امرهم، ويتولى الحكم فيهم.

وهذا افتراض ممكن على حد
الثبوت، اذا وجدنا له اثباتا فى الشريعه.

وهذا الافتراض يصحح اصل (الاختيار) ويمنحه الشرعيه،
كما
يصحح شرعيه ولايه الحاكم الذى يتم نصبه بموجب اصل
الاختيار.

ونحن فيما يلى سوف نحاول ان شاء اللّه ان نلقى بعض
الاضواء
على كل من هذين الافتراضين، ونبحث عن امكان
كل منهما
فى مرحله الثبوت وعن ادله اثباته.

فاذا انتهينا الى
صحه وثبوت
اى منهما فان اصل (الاختيار) يكون اصلامشروعا لا
محاله.

وان لم تقاوم هاتان الفرضيتان النقود والمواخذات
العلميه
الموجهه اليهما، ولم نجد لهما دليلا على الاثبات
فلا
محاله ينبغى ان نعتمد اصل (التنصيص) فى مساله
الامامه،
ونتوقف عن قبول اصل (الاختيار)، اساسا شرعيا
للامامه
فى الاسلام.

وهذا بحث دقيق وعسير.

نسال اللّه تعالى ان ياخذ فيه بايدينا الى الصراط
المستقيم،
ويجنبنا المزالق التى تعترض هذا الطريق.

اولا - مناقشه فرضيه ( حق تقرير المصير)

اولا مناقشه فرضيه (حق تقرير
المصير)


ودراسه ومناقشه فرضيه ( العقد الاجتماعى)

ودراسه ومناقشه فرضيه ( العقد
الاجتماعى)


ان افضل الصيغ العلميه التى تعبر عن هذه الفرضيه
بصوره
علميه دقيقه هى نظريه (العقد الاجتماعى)، كما ذكرنا
قبل قليل، وهى فرضيه يفترضها علماء الفلسفه
السياسيه
للاجابه عن السوال عن مصدر شرعيه الدوله، ورغم ان
هذه
النظريه هى افضل صيغه وصلت اليها الفلسفه السياسيه
حتى
اليوم لشرعيه الدوله العلمانيه الحديثه الا انها
واجهت نقودا
علميه من قبل علماء الفلسفه السياسيه لم تتمكن من
الاجابه
عنها بصوره كافيه.

ومن هذه النقود: الملاحظات التى ذكرها العالم
الانكليزى
هارولد.

ج.

لاسكى فى كتابه (المدخل الى السياسه) ونحن
لانريد ان ندخل فى تفاصيل النظريه ولا فى تفاصيل
النقود.

وانما الذى يهمنا ان نقول ان هذه الفرضيه تتولى
الاجابه
عن السوال عن شرعيه الدوله العلمانيه الحديثه،
القائمه على
الاسس الماديه والنظريه الماديه فى الكون والحياه.

ولذلك فهذه النظريه -او الفرضيه لا تصلح للاجابه عن
هذا
السوال فى الدوله الشرعيه التى تنطلق من قاعده
الايمان بان
اللّهتعالى هو مصدر كل السلطات والصلاحيات فى حياه
الانسان.

ومن هذا المنطلق نستطيع ان نشخص بدقه موقف الاسلام
من
فرضيه (العقد الاجتماعى)، والنظام السياسى القائم
على هذه
الفرضيه وهى (الديمقراطيه).

نقد الديمقراطيه :

نقد الديمقراطيه


تبتنى (الديمقراطيه) بمعناها العلمى على اساسين
اثنين:
اولهما : سياده الشعب، فى مقابل الدكتاتوريه
السياسيه التى
تمنح السياده للحاكم، ويحق للشعب بموجب هذه
السياده الذاتيه ان يقرر مصيره بنفسه، ويحق له ان
يحول هذه
السياده الى الهيئه الحاكمه بموجب نظريه العقد
الاجتماعى.

وثانيهما : حق الشعب فى التشريع، وهو حق ثابت فى
النظريه
الديمقراطيه، يحق له فيها ان يشرع ما يراه صالحا،
ويحق له ان
يحول هذا الحق بموجب العقد الاجتماعى الى الهيئات
التشريعيه التى تنوب عن الشعب فى التشريع.

والاسلام يرد كلا
من هذين الفرضين بالصراحه.

فليس للانسان فى الاسلام سياده على نفسه وعلى
الاخرين ولا
يحق للانسان فى الاسلام ان يشرع لنفسه او لغيره.

ان نظريه (العقد الاجتماعى) تنفى فقط سياده الانسان
على
غيره من حيث الاصل، الا ما يكون من ولايه انسان على
آخربموجب التفاهم والتعاقد (بالعقد الاجتماعى).

اما
الاسلام
فينفى سياده الانسان على نفسه وعلى غيره، ويحصر
حق السياده والولايه فى اللّه تعالى.

يقول تعالى: (ان الحكم الا للّه) يوسف: 40، 67، الانعام:
57.

وليس لاحد من دون اللّه تعالى سياده وولايه على
غيره،وعلى
نفسه.

(ام اتخذوا من دونه اولياء فاللّه هو الولى)
الشورى: 9،
(افحسب الذين كفروا ان يتخذوا عبادى من دونى
اولياء)
الكهف: 102، (وما كان لهم من دون اللّه من اولياء) هود:
20،
(قل اغير اللّه اتخذ وليا فاطر السموات والارض)
الانعام: 14،
وليس من حق الانسان فى الاسلام ان يشرع دينا ونظاما
لنفسه
فى الحياه الدنيا.

(افغير دين اللّهيبغون وله اسلم
من فى
السموات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون) آل عمران:
83،
(اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولاتتبعوا من دونه
اولياء)
الاعراف: 3، وهذا وذاك -حق السياده وحق التشريع
للانسان-
اصلان فى الاسلام يرتبطان مباشره ب (التوحيد).

والديمقراطيه تنفى كلا من هذين الاصلين، وتعتمد
الشعب
مصدرا شرعيا للسياده وللتشريع، وهو امر يتقاطع
تقاطعاصريحا مع اصل التوحيد.

ولهذا السبب فان
الديمقراطيه، وان كانت متبناه سياسيا من قبل انظمه
ومجتمعات غيرالحاديه، الا ان الفلسفه الحاكمه
عليها هى
(الالحاد).

وهذا اجمال لا بد له من تفصيل وشرح.

فان (الولايه) و (الامامه) فى الاسلام ترتبط بمساله
(التوحيد)
ارتباطا مباشرا.

فهى اشبه (بالاصول) منها الى
(الفروع).

وينبغى
ان نتناول هذه المساله، ونتعامل معها بطريقه
منطقيه وعقليه
على هدى كتاب اللّه وسنه رسول اللّه(ص).

ونتجاوز الاساليب والوسائل غير العلميه التى لا
تنتهى بنا الى
حجه ويقين.

وسوف نتحدث ان شاءاللّه عن قضيه(الولايه) فى
الاسلام،
وعلاقتها المباشره بالتوحيد، وعن التوحيد
فى الولاء، والشرك
فى الولاء.

الولايه والامامه وعلاقتها بالتوحيد :

الولايه والامامه وعلاقتها
بالتوحيد


الولايه تعتبر اساسا من اهم اسس فهم المجتمع
الاسلامى،
والنسيج الذى يتالف منه هذا المجتمع الذى يعبر عنه
القرآن بالامه الوسط: (وكذلك جعلناكم امه وسطا
لتكونوا
شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) البقره:
143.

ونحن لا نريد ان ندخل فى تفاصيل هذا البحث العميق فى
الاسلام، وانما نريد فقط ان نقتصر فى هذا
البحث على العلاقه القائمه ما بين الامام
والرعيه، وان هذه
العلاقه قائمه على اساس فكرى واضح ومحدد، توضحه
الايه السادسه من سوره الاحزاب المباركه، بصوره
دقيقه،
يقول تعالى: (النبى اولى بالمومنين من انفسهم).

وهذا المعنى من (الاولويه) الثابته لرسول اللّه(ص)
فى محكم
القرآن، هو الثابت لائمه المسلمين من بعده.

ونحن نبحث عن معنى الولايه الثابته لرسول اللّه(ص)
فى هذه
الايه المباركه، ثم نبحث عن انتقال
هذه الولايه الى ائمه المسلمين وولاه الامر من
بعد الرسول(ص).

نظره فى آيه الاحزاب :

نظره فى آيه الاحزاب


الايه الكريمه السادسه من سوره الاحزاب واضحه فى
تشخيص
وتحديد العلاقه التى تربط رسول اللّه(ص) بهذه
الامه:وهى
علاقه الاولويه: (النبى اولى بالمومنين من انفسهم ).

ومعنى (الاولويه) تقديم اراده رسول اللّه(ص)
بالمومنين على
اراده المومنين بانفسهم.

وهذا التقديم نستفيده
بشكل واضح
من صيغه افعل التفضيل الوارده فى الايه المباركه: (
اولى ).

وانما يصح هذا التقديم عندما تتزاحم الارادتان
اراده الحاكم
واراده المحكوم، فتتقدم حينئذ اراده رسول اللّه(ص)
على اراده
المومنين.

وهذه (الاولويه) هى (الولايه) الثابته لرسول اللّه(ص)
على
الناس من جانب اللّه.

ولم يذكر احد لهذه الاولويه
اسما
غير(الولايه)، ولم ينف احد هذه (الاولويه) عن ولايه
رسول
اللّه(ص) على امته.

وهذه (الاولويه) هى جوهر الحاكميه وحقيقتها وليس
لحاكميه
احد على آخر معنى غير تقديم وتحكيم اراده
الحاكم على
المحكومين، عند تزاحم الارادات.

وهذه الولايه ثابته لائمه المسلمين وولاه الامور
من بعد رسول
اللّه(ص)، وهو ما نفهمه من نص (الغدير) المعروف
عندماسال
رسول اللّه(ص) جماهير المسلمين فى (غدير خم) عند
عودته
من حجه الوداع: (الست اولى بكم من انفسكم؟)قالوا:
بلى.

قال:
(من كنت مولاه فهذا على مولاه).

وواضح ان هذه الولايه التى يقررها رسول اللّه(ص)
لعلى من
بعده هى نفسها الولايه التى منحها اللّهتعالى له فى
قوله
عزشانه: (النبى اولى بالمومنين من انفسهم).

وهذه الولايه، وحق الطاعه، هى التى تذكرها الايه
الكريمه للّه
ولرسوله ولاولى الامر فى سياق واحد فى آيه
النساء:(اطيعوا اللّه
واطيعوا الرسول واولى الامر منكم) النساء: 59.

فلا معنى للولايه والحاكميه، كما ذكرنا، غير هذه
الاولويه،
واولويه اراده الحاكم على اراده المحكوم ليست من
المقولات التى تقبل التشكيك.

فان حقيقه كل (ولايه)
هى
تقديم اراده الحاكم على المحكوم، وتحكيم اراده
الاول على
الثانى.

مبدا الاستناد الى الحجه :

مبدا الاستناد الى الحجه


واذا ثبتت هذه الحقائق، فلا بد فى اثبات ولايه
انسان على الاخر
من الاستناد الى حجه قطعيه لاسناد الولايه
والحاكميه الى
شخص من جانب اللّه تعالى او رسوله(ص) فى نص عام او
خاص.

ومن دون استناد هذه الولايه الى اللّه تكون
هذه الولايه من
الولايه من دون اللّه تعالى وقد حرمها اللّه وحظرها
على عباده
يقول تعالى: (ولا تتبعوا من دونه اولياء)الاعراف:3
ويقول تعالى:
(وما كان لهم من دون اللّه من اولياء) هود: 20.

ومن دون اثبات قطعى لاستناد الولايه الى اللّه
تعالى تكون
دعوى الولايه من الافتراء على اللّه، وهو حرام
وظلم، ومن اقبح
انواع الظلم.

يقول تعالى: (قل اآللّه اذن لكم ام على اللّه تفترون)
يونس: 59.

فلا يجوز الولايه من غير الاستناد الى اللّه، ولا
تصح الولايه من
غير اثبات قطعى لهذا الاستناد.

واذا اتخذنا هاتين النقطتين اصلا، فلا يجوز التمسك
بحق
تقرير المصير اساسا للاختيار.

وقد تحدثنا عنه بما
فيه الكفايه ان
شاءاللّه.

ثانيا - مناقشه فرضيه التفويض الالهى

ثانيا مناقشه فرضيه التفويض
الالهى


واذا سقط علميا مبدا (حق تقرير المصير)، وثبت لدينا
ان هذا
الحق للّه تعالى فقط، وليس لاحد من دون اللّه تعالى
مثل هذا
الحق.

..ننتقل الى السوال التالى:
هل هناك تفويض من جانب اللّه تعالى للناس فى اختيار
الامام
(بموجب الشروط والصفات العامه) التى تقررها
الشريعه ام لا؟
فاذا وجدنا مثل هذا التفويض فى النصوص الاسلاميه
الصريحه
والصحيحه فان مبدا (الاختيار) عندئذ يستند الى
نص شرعى
صريح وصحيح، وهو (نص التفويض)، ولا يبقى مجال
للمناقشه
والتشكيك فى شرعيه مبدا (الاختيار) اساسالانتخاب
الامام
والحاكم فى المجتمع الاسلامى.

ومبدا (التفويض) ليس بمعنى حق الناس فى تقرير امر
السياده
والولايه، وليس بمعنى نفى الولايه الالهيه المطلقه
على الناس،
كما تقرره الديمقراطيه.

ونحن على يقين انه ليس هناك من اهل العلم من الفقهاء
والمتكلمين من يذهب الى ان مبدا (الاختيار) يعتمد
اصل(حق
تقرير المصير) على الطريقه الديمقراطيه.

اذن لا يبقى اساس شرعى لمبدا الاختيار غير (التفويض)
من
جانب اللّه، وهو الاساس الوحيد لمبدا الاختيار.

وليس بين مبدا (التفويض) و (التوحيد) تقاطع مطلقا،
كما
كان ذلك فى العلاقه بين (التوحيد) و (حق تقرير
المصير)
على الطريقه الديمقراطيه.

الا ان الشان كل الشان فى وجود نص يدل على التفويض،
بما
يتطلبه من الصراحه ووثاقه السند.

ولم نعثر نحن على
مثل هذا
النص، ولو كان لبان، كما يقول اهل العلم، ولم يطل
الاختلاف
فى امر الامامه والولايه بين المسلمين الى هذا
الحد.

ومن عجب ان امر شرعيه الولايه السياسيه فى تاريخ
الاسلام
تعتمد مبدا (الاختيار)، ومبدا الاختيار قائم على
اساس(التفويض).

وليس بين ايدينا نص صريح وصحيح يثبت هذا التخويل
والتفويض من جانب اللّه تعالى.

عدم الدليل دليل العدم:

عدم الدليل دليل العدم


واذا علمنا ان حق الولايه والسياده والحكم للّه
تعالى فقط، ولا
يشاركه فيه غيره، فلا يجوز ان ينتقل هذا الحق الى
احدمن
الناس بغير اذن اللّه، وبدون تفويض صريح منه.

وما لم يثبت التفويض بدليل واضح من اللّه لا يحق
لاحد من
الناس ان يمارس سياده وولايه على غيره.

ولما كانت فرضيه التفويض اساسا لمبدا الاختيار،
فلا يمكن
عاده ان يكون هناك نص فى تفويض هذا الحق من
اللّهتعالى الى
الناس، ويكون هذا النص هو اساس شرعيه مبدا
الاختيار، ثم
يضيع هذا النص فيما ضاع من تراثنا التشريعى.

فان مثل هذا النص يكتسب اهميه كبرى، نظرا لانه هو
الاساس
الوحيد لشرعيه الاختيار، فلا يمكن ان يضيع مثل
هذاالنص،
الذى اعتمده المسلمون منذ وفاه رسول اللّه(ص) الى
نهايه
عصر الخلافه فى شرعيه امر الاختيار،
والشرعيه السياسيه
لولايه الخلفاء الذين تولوا امور الناس بعد رسول
اللّه(ص).

،
ولذلك نقول: ان عدم وجود دليل على التفويض فى مثل
هذه
الحاله دليل على عدم التفويض.

قراءه فى ادله التفويض :

قراءه فى ادله التفويض


نقصد بالتفويض: ان يفوض اللّه تعالى امر اختيار
الامام الى
الناس بشروط واوصاف عامه تحددها النصوص الشرعيه.

ولما كان امر اختيار الامام من شوون اللّه تعالى
وحده، وليس
لاحد من دون اللّه ان يختار لنفسه او لغيره اماما،
ولم
يثبت للناس ولايه وسياده على انفسهم كما فى
(الديمقراطيه).

..فلابد ان يكون تفويض هذا الحق من
اللّه تعالى
الى عباده بنص صريح من اللّه تعالى او رسوله(ص).

وليس من
دون ذلك سبيل الى اثبات مثل هذا التفويض.

وقد استعرضت المناهج الفقهيه والاصوليه والكلاميه
التى
يذكرها الفقهاء والمتكلمون لاثبات التفويض، كما
استعرضت نصوص باب الاماره والولايه فى كتب الحديث،
والابواب المقاربه لها، فلم اجد دليلا مقنعا، ولا
نصا فى
التفويض،بالمعنى الدقيق لكلمه النص.

وبين يدى طائفه من الادله والنصوص التى قد يتمسك
بها
على التفويض، وهى اهم ما فى هذا الباب، واكثر ما
يمكن التمسك به، اوردها فيما يلى لنتامل فيها.

وسوف اتحدث عن ادله التفويض فى مرحلتين:
فى المرحله الاولى استعرض الادله التى يتمسك بها
القائلون
بمبدا الاختيار على شرعيه الجانب (الكبروى)
من التفويض،
واقصد بالجانب الكبروى من هذه المساله: الادله
الداله على
شرعيه مبدا التفويض بصوره كليه، بغض النظرعن
تطبيقات
هذه المساله.

وفى المرحله الثانيه اتحدث عن الادله التى يتمسك
بها
القائلون بمبدا الاختيار على الجانب (الصغروى) من
التفويض،واقصد بالجانب الصغروى من هذه المساله:
الجانب
التطبيقى من مساله التفويض، فى مقابل الجانب
المبدئى
والكلى من شرعيه التفويض.

فان شرعيه (التفويض) على فرض الصحه لا تتم لواحد او
اثنين
من الناس، فلا يمكن ان يفوض اللّه تعالى واحدا او
اثنين فى امر
الامامه، فيخولهم اختيار الامام لعامه الامه،
ويلزم الناس جميعا
بطاعتهم، ولا يمكن ان تجتمع الامه عاده على امام
ليكون
تفويض الامه كلها هو المصداق الوحيد للتفويض
الشرعى، لان
مثل هذا التفويض لا يحل مشكله شرعيه اختيار
الامام، لامتناع
اجتماع الناس على امام واحد عاده.

اذن نتساءل، بماذا تتحقق شرعيه التفويض اذا كان من
غير
الممكن ان يجتمع الناس عاده على امام واحد؟ وما
هوالتطبيق
والمصداق للتفويض الشرعى؟ وما هو مصداق الاختيار
المشروع
للامام؟ وهذا هو الجانب (الصغروى)التطبيقى لمساله
التفويض.

وفيما يلى نستعرض ان شاء اللّه ادله التفويض فى كل
من هاتين
المرحلتين ونناقشها:
اولا - ادله الجانب الكبروى (المبدئى) لمساله name="link40">
التفويض
1 - مبدا الاباحه الاوليه :

1- مبدا الاباحه الاوليه


يستند البعض الى نظريه (الاباحه الاوليه) فى
الاسلام فى
فرضيه (حق تقرير المصير) او (فرضيه التفويض).

ولابد من ايضاح لهذه المساله لنعرف موقع هذه
المساله من
مساله الولايه والامامه وامكان الاستناد اليها
لاثبات (حق تقرير
المصير) او على الاقل لاثبات فرضيه (التفويض).

وهذه مساله معروفه، وتختلف فيها آراء الاسلاميين
فى علم
الاصول، وتعرف ب (مساله الحظر والاباحه).

والخلاف فى هذه المساله فى ان الاصل الاولى فى
التصرف فى
الاشياء، اذا لم يرد دليل من ناحيه الشارع على
الحرمه،هل هو
الحظر حتى يثبت خلافه او الاباحه حتى يثبت خلافها؟
فالقائلون بالحظر يستدلون بان ذلك من التصرف فى ملك
اللّه
وسلطانه، وهو بحاجه الى اذن وترخيص من اللّه
تعالى.

والمفروض فى المساله عدم صدور مثل هذا الاذن
والترخيص.

والقائلون بالاباحه يستدلون بنصوص اسلاميه كثيره
من الكتاب
والسنه على ان اللّه تعالى قد اذن لعباده فى التصرف
فيمالم
يرد فيه حظر من ناحيته، واباح لهم ان يسعوا فى مناكب
الارض
وياكلوا من رزقه الا ما حرمه عليهم.

واكثر الاسلاميين يذهبون مذهب (الاباحه) فى هذه
المساله،
بينما يتوقف القائلون بالحظر عن التصرف حتى يرد
اذن خاص
او عام من اللّه تعالى.

ولا يمكن ان يستند القائلون بحق الانسان فى تقرير
مصيره الى
هذه الاباحه، او يستند على الاقل اليها فى التفويض
من جانب
اللّه تعالى للانسان فى امر نفسه وتقرير مصيرها.

اما حق الانسان فى تقرير مصيره على الطريقه
الديمقراطيه فلا
يمكن الاستناد اليه على الاباحه قطعا.

واما التفويض من جانب اللّه بادله الاباحه العامه
والاذن العام
الوارد فى الكتاب والسنه فلا يمكن الاستناد اليها،
لان اللّهتعالى
قد صرح فى كتابه بانه تعالى حظر على عباده كل ولايه
وقيمومه من دونه، واختص هو سبحانه وتعالى وحده
بهذه الولايه والقيمومه لنفسه ولمن اذن لهم بهذه
الولايه
والقيمومه فى حياه الانسان، والقرآن الكريم صريح
فى ذلك.

قال تعالى: (ان الحكم الا للّه)، وقال تعالى: (ولا
تتبعوا من دونه
اولياء).

وهاتان الايتان والايات الاخرى الوارده على طريقه
الحصر فى
انحصار الحاكميه والولايه فى اللّه تعالى،
وتوحيدالحاكميه
والولايه، صريحه فى نفى التفويض لمن يعرف اساليب
القرآن.

على اننا سوف نناقش دلاله مبدا الاباحه العامه على
التفويض
مره اخرى من غير هذا المنطلق عند مناقشه
قاعده التسليط
بصوره اكثر تفصيلا ووضوحا، فانتظر ذلك فانه قريب ان
شاء
اللّه.

2 - قاعده التسليط :

2- قاعده التسليط


ومن ذلك قاعده التسليط المعروفه فى الفقه، وفحوى
هذه
القاعده ولايه الانسان على نفسه.

ومن شوون هذه
الولايه
ان يحق للناس ان يختاروا لانفسهم اماما يتولى
امورهم.

وللمناقشه فى دلاله هذه القاعده على (التفويض) مجال
واسع،
فان ادله هذه القاعده -على فرض صحتها وارده فى
موردالاموال، والتعدى منها الى الانفس يحتاج الى
عنايه.

واقول : على فرض صحه القاعده، وصحه الاستدلال بها
على
الولايه الشامله على الانفس.

..فلا يصح الاستدلال
بهاعلى
تفويض امر الامامه الى الناس.

فان مجال تطبيقات هذ
القاعده
هى الاختيارات التى تتعلق بشوون الافراد كما
فى مساله اصاله
(الاباحه) فى مساله (الحظر والاباحه) المعروفه، فان
قاعده
التسليط واصاله الاباحه واردتان فى
مواردالاختيارات التى
تتعلق بشوون الافراد، ولا يمكن ان نتمسك بها فى مثل
امر
الامامه الذى يتعلق بامر الامه كلها.

فليس من الممكن - عاده- تحصيل اجماع الامه على امامه
شخص وولايته.

وعندئذ فاما ان تنفذ القاعده والاصل فى كل فرد فرد
سلبا
وايجابا، فيتحول امرالولايه والامامه الى فوضى لا
يقرهاالشرع
ولاالعقل.

واما ان نلغى اراده الاقليه وناخذ باراده
الاكثريه، وهو نقض
للقاعده وللاصل معا، فتستبطن القاعده نقض نفسها.

ولا يمكن الدفاع عن هذا (النقض) بضروره التفكيك فى
تطبيق القاعده بين الاكثريه التى تختار اماما
لنفسها والاقليه
التى ترفضه، فتنفذ القاعده فى الاكثريه، ونلغيها
فى الاقليه،
بحكم العقل، بادعاءان هذه القاعده ليست قاعده
عقليه آبيه
للتخصيص، وانما هى قاعده شرعيه تقبل التخصيص بحكم
العقل.

فاذا كان تطبيق القاعده فى مورد الاكثريه والاقليه
مجتمعين
يودى الى خلل وفساد فى المجتمع، فان العقل
يحكم بضروره
الغاء القاعده فى مورد الاقليه، وتخصيصها
بالاكثريه.

اقول : لا يمكن الدفاع عن تطبيق قاعده التسليط على
الامامه
بمثل هذا الدفاع، وذلك لان لالغاء حق الاقليه فى
اختيارالامام
وجها آخر لا يمكن توجيهه، وهو تحكيم اراده الاكثريه
السياسيه على الاقليه.

فان الحاكم المرشح من قبل
الاكثريه يحكم الاقليه بالضروره، وهو بمعنى تحكيم
اراده
الاكثريه على الاقليه.

..وهذا شى ء آخر غير الغاء حق
الاقليه فى
اختيارالامام وحرمانها من ممارسه حقها فى اختيار
الامام،
والتفكيك فى تطبيق قاعده التسليط بين الاقليه
والاكثريه.

/ 5