محنة التراث الآخر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محنة التراث الآخر - نسخه متنی

ادریس هانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






«محنه
التراث الاخر»



ادريس هانى



كلمه المركز
لعل القضيه الاساس التى تواجه المسلمين، فى هذه
الحقبه من
تاريخهم، هى السعى من اجل تحقيق مشروع اسلامى نهضوى
متكامل.



وقد مثلت الثنائيه: التراث / الحداثه المحور
المركزى فى هذه
القضيه، فكتب الكثير فى هذا المجال، وتعددت الروى و
تنوعت.



وبدا واحضا، للباحث المسكون بهم بلوره المشروع
النهضوى
المتكامل، ان معظم المشاريع المقدمه رات الى
هذه القضيه،
وبخاصه الى ما يتعلق منها بالتراث، من منظور عقدى،
فغلبت،
كما يقول مولف هذا الكتاب (الايديولوجى
على الابستمولوجى
والبراغماتى التعبوى على المعرفى النقدى وهموم
الحاضر على
نزاعات الماضى).



وكان التراث الذى قدم، فى معظمه، صوره عن الماضى
تتشكل
وفق المنظور الذى يرى منه الباحث، وتتلون
بالوانه،فيجد
القارى نفسه، كما يقول جيل جاستون امام (تاريخ يودى
دور
الايديولوجيا).



واللافت، فى هذا المجال، ثابت لم يتحول منذ اللحظه
التاريخيه التى تحدد فيها الزمن الثقافى العربى
والاسلامى
وفق الاطر التى اتاحها مشروع التدوين الذى نهض فى
ظل
السلطان.



يتمثل هذا الثابت، غير المتحول على الرغم من سيروره
التحولات التاريخيه، فى ثبات بوره الرويه
ومركزيتها،والاستمرار فى نفى الاخر الذى اقصته هذه
البوره
منذ ذلك الزمن، ما يجعل محنه هذا التراث
الاخرالمقصى
المهمش قائمه ودائمه.



فقد واجه هذا التراث منعا شديدا امورست ضده مختلف
اشكال
التصفيه، ما حدا به الى ممارسه ما يحمى به نفسه
من النفى
والالغاء. فضاع قسم كبير منه، واهمل القسم الباقى،
او روى اليه
من دون معرفه به، فكان الهوى يملى ما تفرضه بيئه
ما، سياسيه،
او ثقافيه...، وتراكم ذلك بمرور الزمن، فساد الجهل
به
وتشوهيه.



وليس من شك فى ان اى مشروع نهضوى لا بد له ان يقتضب
معرفه لتراث من منظور موضوعى شمولى تكاملى،
بغيه بلوره
وعى تاريخى بالذات، وهذا لا يتم ان بقيت محنه الاخر
المقصى
المنفى قائمه فى تراثنا.



يعى المولف هذه الحقيقه، فينطلق فى مشروعه لصياغه
رويه
موضوعه متكامله للتراث من التراث الاخر غير
الرسمى،وقد
اختار لمشروعه هذا نموذجا من (الموروث الامامى)
الذى
تعرض طوال تاريخه للاقصاءمن دائره التاثير، ساعيا
الى التحول
بذلك الثابت وكسر التمركز حوله، وسبيله الى ذلك ما
قدمته
الثقافه الانسانيه من امكانات، وبذلك
يواجه اشكاليه الاتصال
بالاخر وكيفيته، فيفيد من الامكانات
الابستمولوجيه والميثودولوجيه على صعيدى النظر
وآليات البحث.



مركز الغدير للدراسات الاسلاميه
مقدمه
الطريق الى التراث صعب مستصعب. والمغامره فى
استكشاف
وهاده ومنعطفاته مهمه خطره. لهذا السبب، تحديدا، ظل
موقفنا منه موقف المتردد او الولهان، لا ندرى ما
ينبغى فعله،
ومن اين يجب ان نبدا؟! غير انناسرعان ما فوجئنا بغمر
جارف
من القراءات، اجتاحت حقل التراث، وشرعت فى اقامه
الحد
عليه بسوط الحداثه، كما استضعفته تحت سلطه خطاب
مناهج
شتى، آنئذ عزمنا على اقتحام هذا المعترك، عنوه
-لاخلسه-،
كى نساهم قدر الوسع، بجهدنا الذى لا يسمح لنفسه
باكثر من
العمل فى اطار مشروع محاوله للفهم، وتقريب ما تعذر
استيعابه من قبل الناظرين فى دفائن التراث، او ما
استنكفوا
عن مقاربته، لاسباب، مازلنا نصر على انها غير
موضوعيه وغير
نزيهه، البته!
فى هذا البين، شهد التراث اختراقا واسعا من قبل
تيارات
علمويه وايديولوجيه، كلها تتنافس على كسب الرهان
فى سباق
خاسر من الاساس، لسبب بسيط، هو ان الصوره الصراعيه
لهذه
التيارات كانت قد اكتملت خارج حقل التراث. وهى
حينما
اقتحمته، لم تكن تطمح الى اكثر من كسب جوله فى مسلسل
التبارى. ولذا لم تستطع هذه المناهج تشكيل منظار
حقيقى
لفهم يقوم بمعزل عن موثرات النزعات
الايديولوجيه،والتيارات
الفكريه لخطاب الحداثه. ومن هنا، كنا اضفنا الى
التراث ازمه
جديده، زادت فى تمنعه عن الظهور التام، بكافه
كوامنه
وخفاياه. نعم، لا ننكر ان الحداثه، بغض النظر عن
انشقاقاتها
وخلافاتها، ظلت قضيه فارضه نفسها على عالمنا
العربى
بمنظومته الفكريه والقيميه، واتاحت لنا امكانيات
ابستمولوجيه
وميتودولوجيه مكينه، على صعيد النظر وآليات البحث.



امام هذا الوضع، كيف نستطيع الظفر بفهم شمولى
وتكاملى،
للتراث؟ وما هو السبيل الى بلوره وعى تاريخى عربى،
ينزهنا
عن هذه النزعات الموثره على البحث التاريخى وآليات
النظر
فى وقائعه؟
هنا، تنتصب امامنا جمله من النماذج، فى قراءه
التراث. بعضها
يقدم نفسه كمشاريع كبرى، متكامله فى بحث التراث
والفكر
التاريخى العربى. وبعضها الاخر، لم يكن يمثل اكثر
من هجعه
لم تستوف كافه الشروط،لقراءه شامله، وجذريه
للتراث.



تمثل اطروحه حسين مروه، حول النزعات الماديه فى
الفلسفه
العربيه والاسلاميه، مغامره مبكره، ومهمه صعبه على
صعيد
القراءه الشموليه للتراث، حيث تناولت كافه جوانبه،
واعتمدت
آليات التداخل فى مكوناته المعرفيه والاجتماعيه
والتاريخيه.



وهى على احاطتها واستيعابها لمختلف جوانب الماده
التاريخيه، فى حقل التراث العربى، كانت قد اطرت
رويتها
ضمن المنظور الماركسى، الذى، على ما كان له من ميزه
الانفتاح على تاريخ البوساء المحرومين والنزعات
الاجتماعيه
والاقتصاديه التى ظلت قابعه على هامش
الاسطريوغرافيا
العربيه، فان الاشكال ظل قائما، باعتبار، ان تحكم
النزعه
الاقتصاديه فى آليه الاشتغال، داخل حقل التراث،
ما فتى يصر
على تغييب العوامل الاخرى، واهميتها فى تفسير نسبه
كبيره
من مظاهر التاريخ العربى والاسلامى. ولا تزال هذه
الاليه مصره
على تركيز المنظور الاقتصادى، فى جمله من
المقاربات، كما
هوالامر عند د. طيب تيزنى ود. عبداللّه العروى او د.
جلال
العظم..



ومن الجانب الاخر، تقوم تجربه حسن حنفى ذات الابعاد
الايديولوجيه الواضحه، فى اعاده قراءه التراث
العربى، على
قاعده الاختيار الذاتى والخصوصيه العربيه
والاسلاميه، انطلاقا
من تراثنا العقلانى، حيث تمثل مدرسه الاعتزال،
اوج هذه
العقلانيه. لكننا نبقى نلمح تاثير الابعاد
الايديولوجيه التلفيقيه،
التى بمقدار ما تحرص على صياغه رويه ايجابيه وثوريه
للتراث،
فانها تتساهل فى نقدها للتراث المعتزلى، وتعط ى
الاولويه للايديولوجى على الابستمولوجى،
وللبراغماتى التعبوى
على المعرفى النقدى، كما تغلب هموم الحاضر على
نزاعات
الماضى، ويكون التلفيق فيها بديلا عن النقد
الجذرى، القائم
على آليات اكثر صرامه وانضباطافى اشتغالها.



وتبقى تجربه اركون، هى ما يمثل خيار النقد الجذرى
للتراث،
وفق آليات اكثر انضباطا، من الناحيه المنهجيه.
فالخاصيه
الاكثر اهميه فى المشروع الاركونى، تكمن فى فسحه
المجال،
امام القراءه الشامله، التى تتناول الجوانب
المغموره من التراث،
والحقول التى احاط بها تابو (الممنوع) و(اللامفكر
فيه). وهو
مشروع تقوم آلياته على رويه يتقاطع عندها خطاب
المنهج
واستراتيجيه التاويل، اى تلتقى عندها الحداثه
ومابعدها. وهنا،
تكمن احدى اكبر الملاحظات المنهجيه، حيث لم يستطع
اركون التخلص من تجاذب تيارين متنازعين فى مشروعه.
ان
النقد الجذرى الاركونى للتراث، تاره ينحو الى خيار
العقلانيه
وفق خطاب الحداثه، وتاره يستهين بالمنهج وخطابه،
فينزع
الى كشف الانساق اللغويه على طريقه شتراوس وفوكو..
وهدم
المركزيه السياسيه فى التراث، وخرق سلطه المتعالى
وتقريب
المهمش. ويبقى الجانب الغامض فى هذه المغامره
الاركونيه،
هو ان التراث بقى حقلا لمقاربات تنحو بعيدا عن فهمه
خارج
الاطر النظريه، لخطاب مناهج الحداثه، ولا يعير
الاليه التراثيه
نفسها اى قيمه فى الكشف عن حقائقها.



اما ما يتعلق بمشروع الجابرى فهو على الرغم من سعه
معالجته، يمثل تجربه نقديه لا تمثل (النقد) الجذرى
للتراث.



انه بالاحرى توظيف لما هو ابستمولوجى فى سبيل صياغه
رويه
ايديولوجيه -تشطيريه وهواجسيه- تراهن على مشروع
عقلانيه
عربيه تكرس المعط ى المضمونى، لمصادرات الخطاب
التاريخى الكلاسيكى على قاعده التصالح مع مقررات
الاسطريوغرافيا العربيه فى افق ازمتها. وتبقى
الاليه التى يستند
اليها مشروع (الجابرى)، غامضه، وتوليفيه، تتقاطع
عندها
المناهج والمخططات (الايديولوجيه والابستمولوجيه)
والاتجاهات (ماركسيه وبنيانيه وتاويليه) والخطابات
(الحداثه
والسلفيه). وفى النتيجه، نجدانفسنا دائما امام
مشروع
ايديولوجيا، يهيمن عليها الهاجس السياسى وتطغى
عليها
النزعه السلفيه.



لقد ظلت هذه النماذج، تمثل الخيارات البارزه على
صعيد
التفكير العربى المعاصر. وهى، فى اختلافها، وقعت فى
مازق
النظره التجزيئيه والتشطيريه، التى قل ما نجد فيها
نقدا جذريا
للتراث، ولا تفسح المجال امام التراث الاخر.



ولا باس هنا من الاشاره الى احد المشاريع الفتيه،
وان كانت
تنطوى على نقد عميق لما الف حول التراث، اعنى،
مشروع د.



طه عبد الرحمن، الذى افتتحه بكتاب: (تجديد المنهج فى
تقويم التراث). نلاحظ ان انضباطا صارما، ورويه
حذره كانت
تهيمن على التحليل النقدى للمولف. فقد عاين ما كانت
تقع
فيه من م آزق، مجمل القراءات الايديولوجيه
والتجزيئيه للتراث.



والحق ان د. عبد-الرحمن، استطاع ان يستبدل(تهويل)
خطاب
الحداثه، برويه (تهوينيه)، تعيد الاعتبار الى ما
اسماه بالتقريب
التداولى للتراث، كما تهدف الى انجاز قراءه
تكامليه له، استنادا
الى الاليه، نفسها، التى توسلت بها مضامين التراث.
الا اننا
نلاحظ-رغم كل ذلك الادعاء- ان المشكله، تعود مره
اخرى،
لتستهول عقل التراث، باليات غارقه فى التجريد،
تنظر فى
المضمون الابستمولوجى، بعيدا عن النزعات
التاريخيه ذات
التاثير البارز فى نظام المعرفه. ففى الوقت الذى
يصر فيه د. طه
عبد الرحمن، على اعتبار جانب التداخل المعرفى
وتكامل
التراث، فانه لا يعير اى اهتمام لمقاربه الجانب
السياسى
والاجتماعى، فى ضوء هذا التداخل. مع ان النقد هنا،
لن تكون
له اى مصداقيه، طالما ان د. عبد الرحمن، لم يباشر
فعلا فى
مشروع تنفيذى، حيث هناك فقط، يكون للحديث معنى.



ان اهميه ما نعمل على ابرازه فى هذه المناسبه، هو
محاوله
للفهم ليس الا، ومغامره فى تقريب تراث المحنه او
بالاحرى،
محنه التراث الاخر. وذلك انطلاقا من اختيار
ابستمولوجى،
يراعى التداخل الكلى لمكونات العقل التراثى،
ويستند الى آليه
التقريب الظواهرى -الفينومينولوجى- وهو الخيار
الاكثر تجاوبا
مع المعط ى، كما انه يتيح الرويه من داخل حقل
التراث الاخر،
واعتماد شرط المعايشه والاستئناس بمعطياته، آليه
فى
التقريب الابستمولوجى لهذا المعط ى. وهكذا نكون قد
ادينا
مهمتين:
الاولى: اننا لا نسعى الى اكثر من انجاز فهم مشروع
للتراث،
ياخذ بعين الاعتبار، البعد التاريخى لمظاهره.
واعتماد منظومه
الافكار الموسسه للتراث الاخر وملابساته، كمعطيات
فى هذا
التقريب.



الثانيه: الانطلاق من التراث الاخر فى صياغه رويه
متكامله
للتراث، ليس همها تهويل التراث مقابل خطاب
الحداثه، وليس
العكس، تهوين التراث امام منجزاتها. بل ان
المتقابلين هنا هو
التراث الرسمى من جهه،والتراث اللامفكر فيه من جهه
اخرى،
اى نحن بازاء محاوله لتقريب اللامفكر فيه، وكسر
التمركز من
داخل حقل التراث، كخطوه اولى هادفه الى الحوار
الكونى بين
التراث والحداثه على قاعده حوار الخصوصيه مع
ذاتها!..



فى هذا السياق، تاتى محاولتنا هذه، من اجل تقديم
صوره عن
الاخر المقصى، فى صميم موروثنا الثقافى والتاريخى.
وقد
اخترنا لذلك نموذجا من التراث -كتاطير اجرائى
للبحث-:
(الموروث الامامى). فكان البحث يتجه صوب ابراز
مكامن
النزعات العقلانيه فى هذا الخطاب. وتكمن اهميه هذا
الاختيار،
فى كونه خارج دائره التاثير، لانه ينطلق جغرافيا
ومعرفيا من
موقع التراث المتمركز. ولان الحديث عن محنه
التراث الاخر،
تقتضى اعاده النظر فى المعط ى التاريخى،
للاسطريوغرافيا
العربيه، بدانا حديثنا عن نقد الخطاب التاريخى
العربى. فكان
المجال الاول لمقاربتنا هو (الكتابه التاريخيه). ثم
انتقلنا الى
مجال (علم الكلام)لاجراء مقاربتنا لاليات الاشتغال
الكلاميه
فى المدرسه الاماميه، مستحضرين اهم الاشكاليات
المطروحه
حينئذ. فاوضحنا ما به امتيازها، وما هو من مختصات
النظر فى
الخطاب الكلامى الامامى.



اما الحقل الثالث، فيتعلق بمجال (الحكمه)، حيث
يتجلى الدور
الابرز للمدرسه الاماميه. وقد كان اختيارنا لمصطلح
(الحكمه)
مدبرا، اذ ثمه ما يميز حقا بين (الفلسفه) Kihmosoriid
و-(الحكمه)Oidosomorii فالاشتغال الفلسفى عند
الاماميه، ظل مجالا لتقاطع ثلاثه تيارات متكامله:
المشائيه،
والاشراقيه، ومقتضيات الموروث الامامى الاصيل،
فهى
بالدرجه الاساس فلسفه الهيه. ومن هنا قدمنا
نموذجالهذه
الحكمه من خلال الفيلسوف الشيرازى، صدر المتالهين،
حيث
تناولنا الاشكال الانطلوجى فى فلسفته، وايضا عرضا
لارائه
حول (الحركه الجوهريه).



وقد كان من المفترض ان اتعرض لمبحث الفلسفه
الاشراقيه
عند شهاب الدين السهروردى، لتكتمل بذلك الصوره
الحقيقيه
لنموذجين من الفلاسفه الاماميه، مثلا معا اتجاها
فاردا، فى
مجال النظر الانطلوجى،واكتسبا سمعه خاصه، على
الرغم من
غياب الاهتمام الجاد بفلسفتهما، باستثناء الجهود
التى قام بها
هنرى كوربان فى هذا الخصوص، وبعض المحاولات غير
الكافيه
فى هذا المجال. وقد حالت دوننا وذلك ظروف،وهو ما
اعتبره
ثغره فى هذا المبحث.



كما كنا نطمح، للحديث عن شكل آخر لهذه الفلسفه، وهو
ما
مثلته (مدرسه الحكمه)، بزعامه الشيخ الاوحد، احمدبن
زين
الدين الاحسائى. وهو مشروع طموح لفلسفه اشراقيه
يتحكم
فيها منزع اخبارى شديدالصله بفلسفه (الامامه)! وقد
حال
دوننا وذلك، ما كنا نفتقده من معطيات وثائقيه، اذ
لم اتوصل
ببعض من تلك المخطوطات، للشيخ الاوحد ومدرسه
الحكمه،
الا بعد انتهائى من هذا المبحث.



اما الحقل الرابع، فيتعلق بمجال اصول التشريع، حيث
تتبعنا
تاريخيه التاصيل وآليات الاشتغال الفقهى، وتبيان
مواقع
الخصوصيه والتميز، فى مسار النظر الفقهى الامامى.
وهى
مهمه لا تزال تقتضى تقريبا اوسع، نظرالتشعب المطلب
وسعه
حقوله.



ان اولى الصعوبات التى تواجه الباحث فى التراث
الاخر -وهو
حقا ما يجعله مجالا لتصور محنوى بامتياز- مشكلتان،
احداهما
تمثل سببا تاريخيا للاخرى. فهو اولا تراث واجه منعا
شديدا،
حدا به الى العزله والانطواء. وبعد ان دخل فى سلك
الممنوع،
ضاع جزء كبير من آثاره، وغابت الوثيقه، فامتنع
لزوما لذلك،
عن ان يكون حقلا سهلا للقراءه والفهم. ولعل ندره
المعطيات،
وقله الوثائق، هما ما كان منعنا من توسيع البحث،
ليشمل
الاشكال الاخرى للموروث الامامى، اعنى ما يتعلق
بالمخطوطات الاخباريه، او تلك التى تتعلق بمدرسه
الحكمه
للشيخ الاوحد -كماسبق ذكره- مع اننى آمل بان يتفهم
بعض
العوائل فى البحرين والاحساء، اهميه نقل هذه
المخطوطات
واخراجها، كى ترى النور، وبذلك تسهل على الباحثين
مهمتهم.



ويبقى املنا فى ان تكون هذه المساهمه، خطوه فى طريق
التعريف بالتراث الاخر، تعقبها محاولات اخرى. وكل
ذلك فى
سبيل تراث عربى واسلامى مكتوب ومقروء، وقبل ذلك،
متحاور مع ذاته، ومن اجل مشروع عقل عربى واسلامى
نهضوى
متكامل، متحرر من رواسب الخطاب التاريخى العربى،
وسياسه
التوزيع الجغرافى للمعرفه، سعيا الى وحده الحقيقه
فى موروث
متكثر الوجوه، وهو ما يتيح لنا امكانيه
لتاويل تراثنا، على قاعده
فهم امثل للمعاصره!



الفصل الاولname="link3">



الكتابه التاريخيه
((التاريخ ابن زمانه) والقلق الذى يعتريه،
هو ذاته القلق الذى
يعترى قلوبنا وعقولنا..)



BRAUDEL_ECRITS Sur
L'Historie.



حينما تجعلنا رذيله النسيان لا نكاد نسمع سوى
قرقعه سلاسل
العبيد وصوت الوشاه، حينما كل شى ء يرتجف امام
الطاغيه،
وعندما يصبح السعى الى نيل رضاه وتحمل جوره، امرين
خطيرين. حينئذ، يكون المورخ مطالبا بالانتصار
للشعوب. فعبثا
يستمتع نيرون، طالما يوجد داخل الامبراطوريه،
تاسيتوس!)
،حذچخزچ س چحژچخا



نقد الخطاب التاريخى
العربى
تواجهنا اشكاليتان حقيقيتان اثناء
تحليلنا لازمه الخطاب
التاريخى العربى. الاولى تتعلق بالتاريخ ذاته، من
حيث هو
معرفه، او تقنيه صائغه لمشاهد الماضى، والماده
التاريخيه التى
تمثل البوره الحيويه للمورخ! والثانيه، تتعلق
بطبيعه الخطاب
التاريخى العربى، بما يمثله من خصوصيه وفراده،
تساهم
-نسبيا- فى عزلته عن التطور الحاصل فى ميدان البحث
التاريخى، ومناهجه. الاولى، تتصل بامكانيه الحديث
عن تاريخ
علمى -علم التاريخ- وحدود موضوعيته، ووظيفته داخل
دائره
العلوم الانسانيه، ومن ثمه الحديث عن التاريخ
كعلم، والمورخ
كذات، والتاريخ كماده موضوعيه، وعن العلاقه
الصعبه،
والمازومه بين هذه العناصر الثلاثه. والثانيه،
لها صله بازمه
شامله، تعم مجمل العقل العربى وازمته الحضاريه
وتخلفه
التاريخى. انها حقا ازمه، طالما اثارت نقاشا واسعا
دون ان تجد
حلا لها مناسبا. ونلاحظ ان مدار الاشكاليه يتلخص فى
سوال
جوهرى: كيف نقدم فهما معقولا وواقعيا لاحداث
الماضى؟ او
بتعبير آخر، كيف نجعلها -اى الاحداث- تعرض فى
حقيقتها،
خارج التحكم الذهنى للمورخ. وهل بمقدورنا عزل
المورخ
عن الماده التاريخيه، او هل من الممكن ان يمنح
المورخ اجازه
لمخياله لحظه انشغاله بتلك الماده؟!
اننا ندرك تمام الادراك -ان الاحداث التاريخيه،
تعرض فى
كليتها، وان كان الامساك بجزئيتها -كما يقول ريمون
آرون- لا
يقل صعوبه عن ادراك كليتها((1)). غير ان السوال المثار
هاهنا: هل هذه الكليه من وضع التاريخ ام هى من
صياغه
المورخ؟ فالماده التى تعرض على درجه معقده من
التمفصلات والعلائق، تعكس رايا او رغبه ساكنه فى لا
وعى
المورخ. اننا بالتالى وعلى ما يراه -جيل جاستون-
امام تاريخ
يودى دورالايديولوجيا((2)). وهو صوره للتاريخ، لا تكاد
تختلف
عن التاريخ المخيالى ، وبالتالى،
لن نكون
خارج عالم (الاسطوره).



وهناك سوال آخر: هل ازمه الخطاب التاريخى العربى،
ظاهره
لازمه لهذا الخطاب من حيث هو عربى، ام انها تتعلق
بالخطاب
التاريخى بصوره عامه؟طبعا هناك اكثر من مرتاب فى
حقيقه
(علميه التاريخ)، وجدواه على صعيد حاضرنا. لذا هناك
من
تعرض للازمه ذاتها فى (التاريخ) الاوروبى، مع انه ظل
مجالا
حيا لهذه الثوره العقلانيه. من هنا نتساءل عن
الاسباب التى
جعلت المثقف العربى المعاصر، يرى ان الاشكاليه
تكاد تنحصر
فى خطابنا التاريخى العربى، او بتعبير آخر نقول: ما
معنى ان
يكتب قسطنطين زريق -مثلا- (نحن والتاريخ)، ويكتب
عبداللّه العروى (العرب والفكر التاريخى)((3))؟.



انه تحديدا، لم يكن من الممكن اثاره سوال كهذا، الا
فى العصور
المتاخره، حيث استنفذ التاريخ القديم كل اغراضه،
وادى كل
مهامه على صعيد التطاحن والتصارع السياسيين
والمذهبيين،
اللذين ظل الماضى العربى والاسلامى اسيرا لهما.
ولم يكن من
الممكن ايضا، اثاره سوال كهذا فى التفكير العربى
المعاصر، لولا
تلك الحركه التطوريه التى حدثت فى مجال (التاريخ)
خلال
القرنين الاخيرين. مع ان التاريخ ذاته،صناعه عربيه
اصيله. بلا
شك سوف نجدنا على اتفاق مع كل النقوض الموجهه الى
الكتابه التاريخيه عند العرب. لكننا لا نجد فى
المقابل اى تقدم
ناجح فى تنفيذ الانجازات التى تبلورت على صعيد
التنظير
للكتابه التاريخيه. من هنا لا نعتقد ان (علميه)
التاريخ، هى
صناعه اوروبيه خلال القرن التاسع عشر، بهذا المعنى
الحصرى
الذى ذهب اليه (فرنسوا شاتلى)((4))، بل هى اقدم من ذلك
بكثير، فالعرب كانوا مورخين كبارا، لولا انهم
وقعوا فى نوع من
التماهى والمزج، بين التاريخ والعقيده. لقد قدم ابن
خلدون
نقدا يكاد يكون جذريا للاسطريوغرافيا العربيه
السابقه لعهده.



وهى التى انزلت (التاريخ) المعاصر رتبه (العلم)، منذ
اكتشاف(المقدمه)! لكننا لم نعثر على تطبيق حقيقى
لهذه
النظريه على مستوى عرض الاحداث وفلسفتها منذ ابن
خلدون حتى فيليب حتى او عبداللّه العروى او.. وما
شهدناه هنا
لا يعدوا ان يكون محاوله سلبيه واستلابيه،لتبديل
تورخه
بتورخه (Historisation
اننا بتنا امام اشكاليه متعذره، ام ان ذلك حقا ما
عناه (بول
فاليرى)((5))
بان التاريخ علم خطير جدا.



لقد تعلمنا -ونحن فى المراحل الاولى للتعليم- ان
التاريخ،
علم بالماضى! غير ان السوال الذى كبر معنا هو: هل حقا
استطاع التاريخ الظفر بعلميته؟!
بلا شك، ان تعريفا -مغرورا- كهذا اتى سابقا لاوانه.
فقد كان
اجدر بنا تعريفه بانه: صوره عن الماضى تزيد وتنقص
بحسب
رويه المورخ. معرفه صيغت وكيفت على وفق ذهنيه ما.
ومن
ثمه فنحن امام مشاهد لا نكادنعقل منها سوى الشكل
الخارجى، فيما مضمونها ظل يتشكل فى قوالب مختلفه.
اى اننا
امام تاريخ مخيالى، تتسارع فيه وتيره الزمن، وسير
الاحداث
على هوى المورخ وطبيعه المخيال التاريخى الذى
تفرضه
بيئه ماسياسيه او ثقافيه او... هكذا اصبح الخطاب
التاريخى
العربى يشكوا اكثر من اى قطاع معرفى آخر، شده الفقر
العلمى.



وقد افادنا كثيرا ذلك التطور الحاصل فى العلوم
الانسانيه
ومناهج التفكير العلمى المعاصر،ومن ثمه تلك
الابتكاره
المذهله فى مجال البحث التاريخى، (تاريخ التاريخ)
وفلسفته،
لكى نظفر بعد عده قرون بتاريخ، لا اقل انه لا يتردد
فى ان
يدعى لنفسه العلميه والقدره على ضبط تفسير حقيقى
لما
جرى فى الماضى، وكيف جرى. اننا بالتالى امام ثوره
معرفيه
مست صميم الكتابه التاريخيه، وتبين فى ضوءها، ان
تاريخنا
العربى -بغض النظر عن مدى دقه الخطاب التاريخى
المعاصر
وعلميته- لا يزال فى حاجه الى تحررمن رواسبه التى
تعكس
ذهنيه سادت خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين!
والعرب
فى مقدمه الامم المدعوه الى الاخذ بهذه المكتسبات،
لانهم
كانوا ولا يزالوا -وهذا قدرهم- مشدودين الى التاريخ
ومتماهين معه((6))!
لكن وعلى الرغم مما حصل من تقدم علمى على صعيد مناهج
التاريخ؟ فان ذلك لا يعنى ان الازمه انحسمت بشكل
مطلق.



فقد كنا امام علم بكيفيه التاريخ، ولسنا امام علم
التاريخ
بالمعنى الحقيقى للعلم، فاذا كان هيرودوت او ابن
خلدون، قرآ
الاحداث وفق المخيال الذى تسمح به بيئتهما
التاريخيه، فان
ول ديورانت او ارلوند توينبى، لم يفعلا اكثر من
قراءه الماضى
بعقليه معاصره جدا. اذن، العلميه فى التاريخ لا
تزال مجازيه
جدا، وفى اطار نظرى محدود. ذلك بان هذه المحاوله
العقلانيه التى بدات من كانط الى هيغل، لم تات
بشى ء غير انها
عكست طموحا لتحقيق الدقه الممكنه فى ميدان
التاريخ، ولم
نعثر بعدها سوى على نوع من الاستقراء لتحقيبات
وتوصيفات
لمناهج البحث التاريخى((7)). لكننا من جهه اخرى، انتهينا
الى نمط آخر من المفاهيم، ينتهى الى جعل التاريخ،
تاريخا
مخياليا، كما فى فينومينولوجيا الروح الهيغليه((8)).



ويبقى السوال فارضا وجوده: هل هذا يعنى استحاله
وجود وعى
تاريخى، ما دام ثمه استحاله فى الظفر بمعطيات دقيقه
قدر
الامكان على صعيد الماده التاريخيه؟ فهذا -لو ثبت-
سوف
يعط ى مبررا كافيا لاعداءالمذهب التاريخى، كى
يقصوه من
دائره العلوم الجاده والمهمه؟ او بتعبير آخر، هل
سيصبح
التاريخ مذكرات يتسلى بها الامراء -كما يقولون-؟!
طبعا، ان الحديث هنا يتجه صوب اشكاليه تعم كامل
ميدان
المعرفه، الا وهى ازمه اليقين. وقد استطاع العقل
العلمى
المعاصر، التكيف مع الموقف النسبى من العلوم.
فالنسبيه
ليست طعنه حقيقيه فى خاصره اليقين،بل هى موقف ينتزع
منه روح الثبوت، ليجعل العالم كله مسرحا جديرا بان
يتعايش
فيه الثابت والمتحول. هكذا تعلمنا الثوره العلميه
والتجريبيه،
بان لا نعوض صعوبه القبض على اليقين، باعتماد
العنصر
الخارق مفسرا وحيدا لما يجرى فى عالم الاشياء. ان
النسبيه،
هى عوده بالمعرفه الى احضان المعيوش، وتحليل
العالم فى
اطار نظام العلاقات وقانون السببيه ودراسه الانسان
فى
المجال. وفى ميدان البحث التاريخى، من الصعوبه
اهمال نتائج
مدرسه الانال((9))، ومجمل نتائج الثوره
التاريخيه، التى
جعلت التاريخ يحتكم الى المحيط ويستنطق الحفريات
ويتجاوز نوعا ما دائره الروايه، الضيقه. انها ثوره
-بالفعل-
ستجعلنا ندرك ان تاريخنا العربى والاسلامى، هو
جمله
الانجازات البشريه داخل مجال زمنى (تاريخ)، ومكانى
(جغرافيا). والتداخل بين المجالين يتمظهر فى مدى
النشاط
الاجتماعى والاقتصادى والثقافى والبيئى.. هذا ما
يدفعناخطوات مهمه على صعيد اليقين التاريخى الذى
نعنى
به هنا، احراز المعرفه التاريخيه فى صميم هذا
التداخل. اذ ذاك
ندرك ان حركه الفتح لم تكن (فتحا) دائما. وسنعلم
بعدها
طبيعه الصراع الايديولوجى والسياسى فى التاريخ
العربى
والاسلامى. وسنعلم ان التاريخ القدسانى لم يكن
دائما كذلك.



بل كثيرا ما كان مظهرا خارجيا لتاريخ سياسى. على
الاقل،
نملك التحليل فى ضوء معطيات جديده، نستطيع
التوصل اليها
خارج تاثير مصادرات الخطاب التاريخى الكلاسيكى،
ومعطيات
كتاب الملل والنحل. وهى بعد هذا لن تكون سوى عوده
الى ما
كان اخفق فى تطبيقه مورخون، حاولوا ربط التاريخ
بالمجال،
مثل اليعقوبى والمسعودى.



لقد كان التاريخ -حقا- صناعه عربيه، تميز بها العرب
وتميزت
بهم طيله هذه الفتره من سياده الفكر العربى
والاسلامى. ولم
تكن وليده لحظات التثاقف التى ظلت جاريه على قدم
وساق
بين العرب والبلاد التى خضعت لحملاتهم او
الثقافات التى
احتكوا بها عبر الترجمه. فحتى عصر التدوين، كان
التاريخ عند
اليونان، تاريخ خيال وخرافه.. انه بمعناه الاخر -غير
العربى-
ش زرژژخب - اسطوره، وهو ما يفيد عند العرب معنى
الخرافه
-ااتثب-. فقد ظل العرب فى مختلف عهودهم، يميزون بين
التاريخ والاسطوره، كما ناغموا بين هذه الاخيره،
والخيال، اى
اللاحقيقه، واللامكان حخررث -ج .



ان القرآن يتحدث عن قصص الوحى، بانها حقائق من
الماضى،
(نبا من قبلكم) وليست (اساطير الاولين).. هذا
التمييز، هو
الذى جعل العرب والمسلمين -بعد ذلك- يميزون بين
التاريخ
والاسطوره، اى بين مايمكن ان نسميه، علم حقيقى
بالماضى،
وبين تامل تخييلى ذرخژح خب ، لا زمانى ولا مكانى.
وقد كانت
القصه فى القرآن، تمثل جمله من الاحداث وقعت فى
الماضى،
وتساق لغرض (العبره). وحينما تتكرر جمله من الاحداث
لتعزز
عبره ما، فذلك معناه، ان ثمه علاقه بين تلك الاحداث.
وهناك
بالتالى (سنن) وقوانين تاريخيه تربط بينها، (ولن تجد
لسنه اللّه
تبديلا). اننا امام ولاده حقيقه لفلسفه التاريخ،
قمينه بان تكون
مقدمه لما سياتى بعد ذلك فى مقدمه ابن خلدون((10))، اى
اننا امام مهمه عسيره على المورخ، هى تجميع الماده
التاريخيه بكيفيه علميه، الشواهد والادله.. ثم
تفسيرها بربطها
مع بعضها فى تسلسل وقائعى يجمع بينه(قانون)، ثم
تشكيل
ماده (العبره)! وهى العبور من الماضى الى الحاضر.
هكذا كان
ابن خلدون كغيره من الاشاعره واهل الحديث الرافضين
للسببيه فى اطار نظريه المعرفه، لا يجد مناصا فى
جعلها اساسا
لفلسفته التاريخيه..



ان مشكله العرب والمسلمين فى مجال الكتابه
التاريخيه،
تكمن فى كونهم حولوا هذه الممارسه الموضوعيه الى
وظيفه
لتركيز ايديولوجيا ما او اثبات الشرعيه لكيانات
سياسيه
مختلفه، التاريخ العربى قتلته السياسه.لذا جاء
مجزا ومتلبسا،
بناء على تجزئه الخريطه السياسيه والمذهبيه
التاريخيه للعرب
والمسلمين. فالمورخ، بالدرجه الاولى، رجل منخرط
-رغما
عنه- فى الصراع السياسى. لان قطاع المعرفه كله بيد
البلاط،
ولاحديث حينئذ عن استقلال المورخ! وحينما لا يستقل
المورخ لا يستقل التاريخ. هكذا ورثنا تاريخا عربيا
متناقضا
ومتمذهبا ومنمطا.



لقد كان التاريخ عند العرب، يمثل نبا عن الماضى. ولا
يمكن
ضمان صحه النبا الا بتحديد معيار الاخذ والرد فى
روايه النبا.



هكذا اصبح النبا لا يوخذ عن غير الثقه، تنفيذا لما
جاء فى
الكتاب: (اذا جاءكم فاسق بنبافتبينوا). لقد فهم
العرب من هذه
الايه، ان الخبر اذا جاء من فاسق، يجب التثبت عنده
والتبين.



فيغدوا مفهوم الايه بعدها، ان غير الفاسق اذا جاء
بنبا فلا يجب
على المسلمين التثبت. من هنا ركزوا على عداله
الراوى.(فالثقه) وهو عكس (الفاسق) مصدر مهم للروايه.
وقد
عمل المسلمون وسعهم فى ضبط الرجال وابتكار علم جديد
يعنى باحوال الراوى. غير ان التجربه الاسلاميه
انتهت الى نوع
من التجزئه السياسيه والمذهبيه،جعل مفهوم الثقه
ذاته يخضع
لمعايير ذلك التشطير المذهبى. فلم يعد علم الرجال
يحظ ى
بتلك المكانه العلميه، ما دام مفهوم (الثقه) اصبح
شانا مذهبيا.



وقد كان هذا هو اول تصدع فى الكتابه التاريخيه
عندالعرب.



وسوف نقدم هنا نموذجا لذلك الاختلاف المنهجى فى
الكتابه
التاريخيه العربيه، كتمهيد لبحث موقع الاخر المقصى
فى
صميم هذه التورخه العربيه،وبالذات ما يتعلق
بالتاريخ لمعرفه
الاخر!
ابن جريرالطبرى
حينما يجرى الكلام عن شيخ المورخين العرب
(الطبرى)،
يرين على انظارنا السوال عن الاسباب التى جعلت
تاريخ
(الرسل والملوك) يحظ ى بتلك المكانه الكبيره
والاهميه
القصوى فى التراث العربى. مع انه لم يكن اول كتاب
فى تاريخ
العرب والمسلمين، ولا كان مورخه ذو سابقه فى
الميدان. فقد
ارخ قبله كثيرون امثال ابى حنيفه الدينورى،
واليعقوبى.. هذا
الاخير الذى كان له الدور البارز فى احداث تجديد فى
صميم الكتابه التاريخيه عند العرب؟
هناك عوامل كثيره متداخله، تفسر لنا كيف استطاع
الطبرى
محو سمعه ما كتب قبله، وكيف تمكن من الاستئثار
بالرياده
على صعيد الكتابه التاريخيه العربيه. ان اهم تلك
الاسباب، هو
البعد المذهبى لشخصيه اليعقوبى، ليس من حيث هو
امامى
خالص، بل لان تاريخه لم يفصل على رغبه وطموح الدوله
العباسيه. كما لم يراع متطلبات المرحله السياسيه
القائمه،
ووظيفه المورخ داخلها، كما نجح فى ذلك الطبرى.
لقدكتب
اليعقوبى تاريخه على وفق تراتبيه مغايره، كان
الغرض منها هو
التاريخ للتاريخ. حاول اليعقوبى -مل ء جهده- ان
يظهر تاريخه
فى مستوى من النزاهه الموضوعيه العلميه، لم تتوفر
لمن جاء
قبله او بعده. اماالاسباب الاخرى، فتتلخص فى كون
الطبرى،
لم يكن مورخا خالصا. بل هو قبل كل شى ء، فقيه ومحدث
وقاضى. وهذا ما ساعده على انجاز مدونته الاخباريه
الشامله
على اساس اسلوب (الاسناد)، الذى ظل يمثل المنهج
الاكثر
اهميه لدى المحدثين. من هنا عمل الطبرى، ليس على
اقتفاء
طريق المحدثين فى جمع الاخبار -فحسب- بل ايضا فى
تنظيمها وتوثيق رجالاتها، مما اضفى على كتابه
طابعا دقيقا
بالمقاييس العلميه لعصره. وقد يكون للاسباب
الاخرى دور
كبير فى ذلك المجد الذى حققه الطبرى بمولفه، غير
اعتماده
على الاسناد. وهو فى قدرته على التصرف فى الاسانيد
والمتون
وانتقائها على وفق معايير سياسيه محض!
نعم، لقد مثل الطبرى نموذجا للمورخ المستقل نسبيا،
لكن
دون ان نغفل تواطوه الضمنى مع سياسه عصره، ذلك
الاستقلال الذى كان نتيجه استغناءه بثروته التى
ورثها عن
آبائه بطبرستان((11)). وهو فوق هذاوذاك صاحب مذهب
فقهى خاص، مما يقوى الاعتقاد باستقلاله. ان الطبرى
المستقل بشخصه، ظل مراعيا لسياسه عصره، ومسايرا
لطموحها -على عكس اليعقوبى- وهذا ما يظهر فى طريقه
السرد وانتقاء الاخبارواختيار مصادر التلقى... فقد
كان يعتمد
مصادر مختلفه، وينتقى اخباره منها بحسب متطلبات
الوضع
السياسى. اى انه سلك اسلوب الصمت والسكوت عن كثير من
التفاصيل التى من شانها ازعاج العباسيين، لكنه
لم يلزم نفسه
المقدار ذاته من التحفظ حينما تعرض لاخبار الدوله
الامويه.



فعندما يتعرض لحوادث عصره، فهو تحديدا بغدادى
الهوى،
و-(يعكس موقف السلطه المركزيه) كما يقرر روزنتال.
ونجد
الملاحظه ذاتهاعند برنار لويس، حينما يوكد على ان
وجهه
نظره التاريخيه بخصوص القرامطه، تقوم على اطلاع
بسيط،
وهى لا تتجاوز (نظره اى بغدادى فى زمانه)((12)).



ان الذين درسوا تاريخ (الرسل والملوك)، يعتبرونه
مشروعا
لتاريخ شمولى للامه. غير انه سرعان ما نكتشف ذلك
التجزى ء
فى موقف الطبرى من تاريخ الاتجاهات الكبرى التى
شكلت
كيان الامه. انه يعط ى الاولويه لوجهه النظر
العباسيه، مع
مراعات متكلفه لذهنيه الجمهور. وهو ما يبرر الاسباب
التى
جعلت الطبرى يسلك طرقا مختلفه فى تدوين اخبار العرب
وغيرهم. وهى كلها طرق تكشف عن ذكاء مورخ يعى خطواته
المنهجيه وعارف بذهنيه عصره. لقد عاصر الطبرى كل
التيارات التى كان لها نفوذ كبير على صعيد الخريطه
الفكريه
والمذهبيه والسياسيه للعالم الاسلامى.. فعلى هامش
الخلافه
العباسيه المركزيه، هناك التيار الشيعى العلوى
الذى كان يمثل
المعارض الاقوى للعباسيين، التيار الذى سوف يخوض
عده
ثورات سياسيه واجتماعيه. وهناك تيار الخوارج الذى
انتشر
اتباعه فى مختلف البلاد الاسلاميه. وهناك بقيه
الاتجاه الاموى
المهزوم الذى تقلصت دائره نفوذه لتنحصر فى
الاندلس..



وهناك التيار السلفى المتدفق، الذى يمثل حينئذ
القاعده
الرئيسيه فى المجتمع. ان وضعا كهذا من العسير
التعاط ى معه
دون الوقوع فى اى مازق،خصوصا اذا كان الامر يتعلق
بمهمه
فى صعوبه مشروع تاريخ شمولى يتصل بوحده الامه! فاذا
لم
يكن من العسير على الطبرى ان لا يتحفظ فى اخباره عن
الدوله الامويه تحفظه بخصوص الكثير من تفاصيل
العصرالعباسى، فكيف يتسنى له ارضاء تلك التيارات
التى
تحظ ى بنفوذها داخل العالم الاسلامى، وفى الوقت
ذاته تمثل
جبهه معارضه للسلطه العباسيه. وهل فى وسع الطبرى
المورخ ان يرضى فى الان نفسه كلا من الشيعه
والعباسيين
والسلفيين؟!
هناك ما يفسر لنا حرص الطبرى على ارضاء كل هذه
الاطراف،
مع انه لم يحقق النجاح المطلوب. فقد بلغ عنه انه الف
ثلاثه
كتب، عرض فيها فضائل اربعه شخصيات اسلاميه. كتاب
فضائل
ابى بكر وعمر، كتاب فضائل على بن ابى طالب، كتاب
فضائل
العباس. ويظهر جليا سبب اختياره لهذه الشخصيات
الاربعه.



فقد كان كتابه عن فضائل على بن ابى طالب يرمى الى
استعطاف التيار الشيعى، بينما كتابه عن فضائل ابى
بكروعمر
فهو موجه الى العامه، فى حين كتب فضائل العباس
استرضاء
للعباسيين. خصوصا حينما نعلم ان الطبرى لم يتم كل
هذه
الكتب. ويظهر من ذلك انه كان يباشر فى كتابه الفضائل
تحت
تاثير الظروف حتى اذاباشر كتاب فضائل العباس، اتته
المنيه
قبل استكماله.



هكذا نفهم الاسباب التى جعلت الطبرى يقتصر على
روايات
ابى مخنف الازدى فى اخباره عن الامويين، على الرغم
من
ميول قبيله الازد الواضحه فى معارضتها للامويين. ان
اعتماد
روايات ابى مخنف هذا،مصدرا لتدوين احداث الصراع
بين
العلويين والامويين، وايضا اخبار الخوارج وصراعهم
ضد على بن
ابى طالب او الامويين، لم يكن يزعج آنذاك غير دوله
بنى اميه
البائده. وهو بالتالى يرضى نوعا ما عموم
العلويين وبالدرجه
الاساس خلفاء بنى العباس. اما حول اخبار العباسيين،
فانه
اعتمد، كما ذهب روزنتال وبرنار لويس على منقول بسيط
يمثل وجهه النظر البغداديه. مع انه بذل كل جهده
للتصرف
فى كثير من الاخبار،لتجنب حساسيه العباسيين. لهذا
السبب
لجا الطبرى الى تعزيز روايه لابن اسحاق الذى كتب
(مغازيه)
للخليفه المنصور، بخصوص واقعه بدر الكبرى، وهى
حادثه من
شانها احراج العباسيين. فقد كان العباس جدهم
الاكبر، حتى
ذلك الوقت فى صفوف المشركين. وايراد حدث كهذا من
شانه
تقويه موقف العلويين. من هنا وتجنبا لهذا الاحراج،
سيعمل
الطبرى على توجيه هذه الاخبار فى نوع من (التخفيف)،
يجعل موقف العباس وبنيه فى تلك المرحله اهون من
موقف
باقى المشركين. والروايه تقول ان عاتكه اخت العباس،
رات
حلما ليله بدر، وكان بيوت مكه قد انهارت على
اصحابها. وقد
نهضت ثائره ابى جهل حينما انتشرخبر حلم عاتكه.. فصرخ
فى
وجه العباس: يا بنى عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه
البنيه؟ اما رضيتم ان تتنبا رجالكم حتى تتنبا
نساوكم؟ وقد
عاتب العباس نسوته على سكوته، فقصده ليله غد، للرد
عليه، الا
انه انثنى بعد ان سالمه ابو جهل((13)). وهذا ما كان يدل
على
ان العباس، وان كان حتى ذلك الوقت فى صفوف الكفار،
الا انه
لم يكن هواه خالصا معهم. وفى ذلك ما فيه من التقرب
الى
العباسيين ورفع الاحراج عن تاريخه لاحداث بدر.



ان اسلوب انتقاء الاخبار وتصنيفها والسكوت عن بعض
التفاصيل والاسهاب فى اخرى حسب متطلبات الوضع
السياسى العباسى، هو ما طبع تاريخ الطبرى وحقق
نجاحه.



لكن السوال الحاسم هنا، هل استطاع الطبرى النجاح
فى
مهمته، وهل استطاع ارضاء الجميع؟
نلاحظ ان الطبرى رغم استقلاله النسبى كفقيه ومورخ،
انتهى
الى ارضاء العباسيين اكثر من غيرهم. فلان كان نجح فى
تجميع ماده تاريخيه مهمه، افاد منها المورخون
اللاحقون، فانه
لم يوفق لارضاء الاطراف المتخاصمه التى حاول
الطبرى
ارضاءها. واكبر مثال على ذلك تعرضه لنقمه السلفيين
الذين
طوقوا داره وراموا قتله، واتهموه بالرفض. وذلك بعد
ان تجاهل
الطبرى فى كتابه (اختلاف الفقهاء) ذكر اسم
احمل بن حنبل
ولم يعتبره من الفقهاء.. كما انه ابدى رايه فى
التنزيه، حينما
ساله الحنابله عن خبر (الجلوس)، وانشد:
(سبحان من ليس له انيس
ولا له فى عرشه جليس)((14))
وقد حاول الطبرى ارضاءهم بتاليف كتاب يعتذر فيه الى
الحنابله، كما اخفى كتابه (اختلاف الفقهاء) الذى
اكتشف
مدفونا فى داره بعد موته((15)).



فالطبرى لم يكن مورخا تابعا، ان كلاما كهذا يجعلنا
فى حيره
من امرنا ونحن نخلط بين المورخ المنتمى حقيقه
لسياسه
البلاط وبين المورخ المنتمى لبيئه وسياسه عصره. فلا
نشك
فى استقلال الطبرى ولو فى حدود معينه. وان انتماءه
لا يتعدى
مراعات حساسيه الوضع السياسى والتوازنات التى
عاصرها. اما
كونه موضوعيا، فلا! ان الطبرى تصرف فى اخبار كثيره
ومارس
عمليه انتقاء دقيقه.. فهو وان كان لم يكذب او ينتحل
فى
الروايه، فقد تصرف واظهر بعضها واخفى الاخر، وترك
امر
تنقيحها على القارى ء، لذا يقول: (وليعلم الناظر فى
كتابنا هذا
ان المتمادى فى كل ما احضرت ذكره فيه انما هو على ما
رويت
من الاخبار التى انا ذاكرهاوالاثار التى انا
مسندها الى رواتها
فيه، دون ما ادرك بحجج العقول، واستنبط بفكر النفوس
الا
القليل اليسير منه. فما يكون فى كتابى هذا من خبر
ذكرناه عن
بعض الماضين مما ينكره قارئه او يستشنعه سامعه
من اجل انه
لم يعرف له وجها فى الصحه ولا معنى فى الحقيقه،
فليعلم انه
لم يوت فى ذلك من قبلنا، وانما اتى من بعض ناقليه
الينا، وانا
انما ادينا ذلك على نحو ما ادى الينا)((16)).



فعلى الرغم من ذلك، فان الطبرى استطاع النجاح فى ان
يقدم
مدونته الشامله فى نوع من الاستقلال مع شى ء من
التحيز، لذا
لم يكن محايدا.



واذا ما اردنا البحث عن موقف الطبرى من التشيع -الذى
هو
موضوع بحثنا- فاننا نجد محاوله قصوى يبدلها الطبرى
لارضاء
الشيعه وتناول اخبارهم فى تاريخه بنوع من الحياد.
غير اننا لا
ننسى ان الطبرى لم يكن ليجعل لاى طرف من الاطراف
اهميه فوق حساسيه العباسيين. فحينما يتعلق الامر
بالشيعه،
فهو يقرر وجهه النظر البغداديه، اى تلك التى ترضى
كلا من
العباسيين وقليلا ما تراعى حساسيه السلفيين.. ولهذا
السبب اتهموه بالرفض. فقد كان الطبرى مدفوعا
بمشروعه
الطامح لارضاء جل الاطراف، الى التصرف بذكاء فى بعض
الاخبار التى من شانها ان تقوى الطرف الشيعى، او
تثير حنق
الاطراف الاخرى فقد تفادى قدرالامكان ان يظهر فى
تاريخه
منحازا لفرقه، او منتصرا لها. لكن السوال الجوهرى
هنا: الى اى
حد نجح الطبرى فى استراتيجيته هذه؟ والجواب
الحقيقى،
يكمن فى ما ستكشف عنه المراحل اللاحقه، حيث
بروزمجاميع
جديده للتاريخ الاسلامى. فعلى الرغم مما بدله
الطبرى، فقد
خانه موقفه فى الكثير من المناسبات. هناك ملاحظه
اخرى
جديره بالتامل، فقد حاول الطبرى اخفاء عباره
بكاملها من
حديث (الدار) فى تفسيره الكبير، حيث يعتبر خبرا
حاسما
بالنسبه للشيعه والعلويين فيما يتعلق بامر الوصيه
بالامامه.



فالخبر كما رواه جماعه من الاخباريين والمورخين،
انه لما نزل
قوله تعالى: (وانذر عشيرتك
الاقربين)((17))«الحجرات/94-95»، قام الرسول(ص)
يدعو
اقرباءه وفيهم عمه ابو لهب فقال(ص): (يا بنى عبد
المطلب،
انى واللّه ما اعلم شابا فى العرب جاء قومه بافضل
مما جئتكم به،
انى قد جئتكم بخير الدنياوالاخره. وقد امرنى اللّه
عز وجل ان
ادعوكم اليه فايكم يومن بى ويوازرنى على هذا الامر
على ان
يكون اخى ووصيى وخليفتى فيكم؟ فسكت القوم ولم
يجيبوا
الا على، قال: (انا يا رسول اللّه اكون وزيرك على
مابعثك اللّه)
وبعد ان كرر الرسول(ص) دعوته لقومه ثلاث مرات، التفت
اليهم وقال:
(هذا اخى ووصيى وخليفتى فيكم (او عليكم) فاسمعوا له،
واطيعوا) فقام القوم يضحكون، ويقولون لابى طالب: (قد
امرك
ان تسمع لابنك وتطيع وجعله عليك اميرا).



ولا ادرى كيف اورد الطبرى نص هذا الخبر فى تاريخه
كاملا
-اللهم ان كان مقصودا- ثم يتصرف فيه ويصوره فى
تفسيره.



فقد ذكر الخبر فى (جامع البيان) على هذا النحو:
(فايكم
يوازرنى على هذا الامر، على ان يكون اخى وكذا
وكذا..



الحديث)((18)).
ولعله برر هذا التجاوز والاخفاء الذى تكرر فى
كتبه وخاصه تاريخه الى خشيه سوء الفهم عند العامه.
وهو ما
يعبر عنه بالكراهيه فى نقله لحوادث سنه 30ه.. (وفى
السنه اعنى سنه ثلاثين كان ما ذكر من امر ابى ذر
ومعاويه
واشخاص معاويه اياه من الشام الى المدينه وقد ذكر
فى سبب
ذلك امور كثيره كرهت ذكر اكثرها)((19)).



وقد تبين ان ما كره الطبرى ذكره فى هذه الحوادث،
امورا
تمس الخليفه الثالث عثمان بن عفان، كما نجدها عند
احد
المقتفين لطريقه الطبرى، وهو المورخ، ابن الاثير،
الذى قال:
(وفى هذه السنه كان ما ذكر من امر ابى ذر واشخاص
معاويه
اياه من الشام الى المدينه وقد ذكر من امر ابى ذر
واشخاص
معاويه اياه من الشام الى المدينه وقد ذكر فى سبب
ذلك امور
كثيره من سب معاويه اياه وتهديده بالقتل وحمله الى
المدينه
من الشام بغير وطاء ونفيه من المدينه على الوجه
الشنيع لا
يصلح النقل به)((20)).



/ 23