«الانتظار الموجه »</center> - انتظار الموجه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

انتظار الموجه - نسخه متنی

محمد مهدی آصفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





«الانتظار
الموجه »



بسم اللّه الرحمن الرحيم
(ولقد كتبنا فى الزبور، من بعد
الذكر، ان الارض يرثها عبادى
الصالحون)«الانبياء/50».



للانتظار علاقه عضويه وشيجه بالحركه، فهى من
نتائجه، وهو
من عواصمها. وسوف نبحث، ان شاء اللّه، اولا، فى
علاقته بها،
وثانيا فى علاقتها به.



علاقه
الانتظار بالحركه



التوجيه النفسى لمساله الانتظار

التوجيه
النفسى لمساله الانتظار




يحب بعض الناس ان يصوروا حاله (الانتظار) بانها
مساله نفسيه
نابعه من حاله الحرمان فى الطبقات المحرومه فى
المجتمع
والتاريخ، وحاله الهروب من الواقع المثقل بالمتاعب
الى
الاستغراق فى تصور المستقبل الذى يتمكن فيه
المحرومون
من استعاده جميع حقوقهم واستعاده السياده والحقوق
المغتصبه، وهذا نوع من (احلام اليقظه)، او الهروب من
الواقع
الى التخيل.



مناقشه التوجيه المقدم
اقول: ان هذا التوجيه لمساله الانتظار غير علمى
بالتاكيد، اذا
قدر لنا ان ننظر فى تاريخ المساله والمساحه الواسعه
التى
تحتلها من العقائد الدينيه المعروفه فى تاريخ
الانسان.



الانتظار فى المدارس الفكريه(غير الدينيه)

الانتظار
فى المدارس الفكريه (غيرالدينيه)



تتجاوز مساله الانتظار الدائره الدينيه وتعم
المذاهب
والاتجاهات غير الدينيه كالماركسيه مثلا، كما يقول
برتراندراسل: (الانتظار لا يخص الاديان فحسب، بل
المدارس
والمذاهب ايضا تنتظر ظهور منقذ ينشر العدل ويحقق
العداله).



والانتظار، كما يقول راسل، عند الماركسيين، هو
الانتظار
نفسه عند المسيحيين.



وللانتظار، عند (تولستوى) المعنى نفسه الموجود عند
المسيحيين، الا ان هذا الروائى الروسى يختلف عن
المسيحيين فى الزاويه التى يطرح منها المساله.



الانتظار فى الاديان السابقه على الاسلام

الانتظار
فى الاديان السابقه على الاسلام



نقرا، فى العهد القديم من الكتاب المقدس: (لا تقلق
لوجود
الاشرار والظالمين فسوف تنقطع سلاله الظالمين،
والمنتظرون لعدل اللّه يرثون الارض والذين لعنوا
يتفرقون،
والصالحون من الناس هم الذين يرثون الارض ويعيشون
فيها
الى نهايه العالم).



وهذه الحقيقه التى يقررها المزمور 37، من كتاب
المزامير، هى
التى جاءت فى القرآن الكريم: (ولقد كتبنا فى الزبور،
من بعد
الذكر، ان الارض يرثها عبادى
الصالحون)«الانبياء/05(ص)».



الانتظار عند المسلمين (من اهل السنه)

الانتظار
عند المسلمين(من اهل السنه)



ولا يختص انتظار (المهدى المنقذ)،(ع)، بالشيعه، فقد
تواترت
روايات المهدى(عج) من طرق السنه باسانيد صحيحه
ومستفيضه لا يمكن التشكيك فيها كما وردت من طرق
الشيعه الاماميه.



يقول عبد الرحمن بن خلدون، من علماء القرن الثامن
الهجرى،
وصاحب المقدمه الشهيره لكتاب (العبر...



): (اعلم ان
المشهور
من الكافه، من اهل الاسلام، على مر الاعصار، انه لا
بد فى آخر
الزمان من ظهور رجل من اهل البيت يويد الدين ويظهر
العدل،
ويتبعه المسلمون، يستولى على الممالك الاسلاميه
ويسمى
ب(المهدى)، ويكون خروج الدجال وما بعده من اشراط
الساعه
الثابته فى الصحيح على اثره، وان عيسى(ع) ينزل من
بعده
فيقتل الدجال، او ينزل معه فيساعده على قتله وياتم
بالمهدى
فى صلاته).



ويقول الشيخ عبد المحسن العباد، المدرس بالجامعه
الاسلاميه فى المدينه المنوره، فى بحث قيم له: (اثر
حادث
الحرم المولم حصلت بعض التساولات، فاوضح بعض
العلماء،
فى الاذاعه والصحف، صحه كثير من الاحاديث الوارده
عن
رسول اللّه(ص)، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن عبداللّه
بن باز،
رئيس اداره البحوث العلميه والدعوه والارشاد كتب
فى بعض
الصحف مثبتا ذلك بالاحاديث الصحيحه المستفيضه عن
رسول اللّه(ص).



ومنهم الشيخ عبد العزيز بن صالح امام
وخطيب المسجد النبوى).



ثم يذكر انه كتب هذه الرساله موضحا ان القول بخروج
المهدى
آخر الزمان تدل عليه الروايات الصحيحه، وهو ما عليه
العلماء
من اهل السنه فى القديم والحديث الا ما شذ.



ويقول ابن حجر الهيثمى، فى الصواعق المحرقه، فى
قوله
تعالى: (وانه لعلم للساعه فلا تمترن
بها...



)«الزخرف/61»، قال
مقاتل ومن تبعه من المفسرين: ان هذه الايه نزلت فى
المهدى.



وستاتى الاحاديث المصرحه بانه من اهل البيت النبوى
وحينئذ
ففى الايه دلاله على البركه فى نسل فاطمه وعلى رضى
اللّه
عنهما، وان اللّه ليخرج منهما كثيرا طيبا، وان يجعل
نسلهما
مفاتيح الحكمه، ومعادن الرحمه.



وسر ذلك ان النبى(ص)
اعاذها وذريتها من الشيطان الرجيم، ودعا لعلى(ع)
بمثل
ذلك.



ويقول الشيخ ناصر الدين الالبانى من شيوخ الحديث
المعاصرين فى مجله (التمدن الاسلامى): (اما مساله
المهدى
فليعلم ان فى خروجه احاديث كثيره صحيحه.



قسم كبير
منها
له اسانيد صحيحه وانا مورد هنا امثله منها)، ثم يذكر
طائفه
من هذه الاحاديث.



احاديث الانتظار عند الشيعه الاماميه

احاديث
الانتظار عند الشيعه الاماميه



اما احاديث انتظار الامام المهدى(عج) عند الشيعه
الاماميه
فهى كثيره، متواتره، وردت طائفه منها بطرق صحيحه.



وقد جمع بعض العلماء هذه الاحاديث فى منهج علمى
قيم،
منهم: الشيخ لطف اللّه الصافى الگلپايگانى فى كتابه
القيم
(منتخب الاثر)، ومنهم الشيخ على الكورانى فى موسوعه
الامام
المهدى وغيرهما.



ولسنا الان بصدد استعراض هذه الروايات عن اى من
الطريقين.



فليس موضوع دراستنا هذه دراسه الاحاديث الوارده فى
الامام
المهدى(عج) ومناقشه هذه الروايات من حيث السند
والدلاله،
وانما نطلب فى هذه الدراسه امرا آخر نساله تعالى ان
يوفقنا له،
ونترك مساله الاحاديث الوارده فى الامام المهدى
الى مجالها
المخصص من كتب الحديث.



والمساله التى نريد ان نتحدث
عنها، هنا، ان شاء اللّه هى:
ما هو الانتظار؟ وما قيمته الحضاريه؟
الانتظار مفهوم اسلامى وقيمه حضاريه
وعلى هذا المفهوم يترتب سلوك حضارى معين، فقد يفهم
الناس الانتظار بطريقه سلبيه يتحول فيها هذا
المفهوم الى
عامل للتخدير والاعاقه عن الحركه.



وقد يفهم بطريقه ايجابيه تجعل منه عاملا من عوامل
التحريك
والبعث والاثاره فى حياه الناس.



اذن لا بد لنا من ان نقدم تصورا دقيقا لمساله
الانتظار، وهذه
هى مهمتنا الاساسيه فى هذه الدراسه.



الانتظار ثقافه ومفهوم حضارى يدخل فى تكوين
عقليتنا
واسلوب تفكيرنا ومنهج حياتنا ورويتنا الى
المستقبل، وبشكل
فاعل وموثر، وله تاثير فى رسم الخط السياسى الذى
نرسمه
لحاضرنا ومستقبلنا.



وللانتظار عمق حضارى فى حياتنا يقرب من الف وتسعين
سنه
لان الغيبه الصغرى انتهت سنه 329ه، وقد مر على هذا
التاريخ
الف وتسعون سنه تقريبا..وخلال هذا التاريخ دخلت هذه
المساله فى صياغه عقليتنا السياسيه والحركيه بشكل
موثر.



ولو
قمنا نظريا بعمليه تجريد لتاريخنا السياسى والحركى
عن عامل
(الانتظار) لكان لهذا التاريخ الطويل شان آخر.



والذى يقرا (دعاء الندبه) الذى يداب عليه المومنون
ايام
الجمعه يعرف عمق هذه المساله ونفوذها فى نفوس
المومنين
وعقليتهم ومنهجهم فى التفكير والحركه.



انحاء الانتظار

انحاء
الانتظار



يكون انتظار الانقاذ على نحوين:
النحو الاول من الانتظار
انتظار الانقاذ فى ما ليس بوسع الانسان ان يقدمه او
يوخره،
كما لو كان الغريق ينتظر وصول فريق الانقاذ اليه من
الساحل
ويراهم مقبلين اليه لانقاذه.



فانه من الموكد ان
الغريق لا
يستطيع ان يقدم وصول فريق الانقاذ اليه، الا انه من
الموكد
ايضا ان هذا الانتظار يبعث فى الغريق نفسه املا
قويا فى النجاه
ويدخل نور الامل على ظلمات الياس التى تحيط به من كل
جانب.



و (الامل) يمنح الانسان (المقاومه) بالضروره، فيواصل
الغريق
المقاومه حتى يصل فريق الانقاذ اليه.



وعجيب امر هذا
الانسان
اذا انهار، واذا قاوم.. فاذا انهار لا يتمكن احد من
ان يثبته او
يبنى ويعيد ما ينهار منه.



وقد يكون هذا الذى ينهار
كيان
سياسى ضخم، وليس فردا او جماعه.



وكلنا قد شاهد فى
وقت
قريب انهيار الاتحاد السوفيتى، ثانى اعظم كيانين
سياسيين
فى العالم، ان لم يكن الاول المكرر منهما.



واذا قاوم الانسان ورزقه اللّه القدره على
المقاومه والصمود فلا
يفت شى ء فى مقاومته وصموده ولا يضعف شى ء ثباته
ومقاومته.



ومن عجب ان يتحول هذا الانسان الكائن من
لحم
ودم واعصاب الى كتله مرصوصه وقويه يتحمل من العذاب
ما
يتفتت منه صلب الحديد.



ولا شك فى ان هذه المقاومه من
اللّه
تعالى، ولا شك فى ان (الامل) من اسباب هذه المقاومه،
وهاتان معادلتان لا سبيل للتشكيك فيهما:
المعادله الاولى:
ان (الانتظار) يبعث على (الامل)، ويخترق ظلمات الياس
التى
تكتنف حياه الانسان.



المعادله الثانيه:
ان (الامل) يمنح الانسان (المقاومه).



النحو الثانى من الانتظار
وهو ما يستطيع الانسان ان يقربه ويدعى به، كالشفاء
من
المرض وانجاز مشروع عمرانى او علمى او تجارى
والانتصار
على العدو والتخلص من الفقر، فان كل ذلك من
الانتظار، وامر
تعجيل هذه الامور او تاخيرها وتاجيلها بيد الانسان
نفسه.



فمن الممكن ان يعجل بالشفاء ومن الممكن ان يوخره او
ينفيه،
ومن الممكن ان يعجل بالمشروع التجارى او العمرانى
او
العلمى او يوخره، او يلغيه راسا.



ومن الممكن ان يعجل
بالنصر
والغنى او يوخرهما او ينفيهما راسا.



وبهذا التقرير يختلف امر هذا الانتظار عن النحو
الاول الذى
تحدثنا عنه، فان بامكان الانسان ان يتدخل فى تحقيق
ما
ينتظره والاسراع به او تاجيله او الغائه.



ولذلك فان الانتظار من النوع الثانى يمنح الانسان
بالاضافه
الى (الامل) و(المقاومه): (الحركه).



وهذه الاخيره،
اعنى
(الحركه)، تخص هذا النحو من الانتظار، فان الانسان
اذا عرف
ان نجاته وخلاصه يتوقفان على حركته وعمله وجهده سوف
يبذل لخلاصه ونجاته فى عمله من الجهد والحركه ما لا
قبل له
به من قبل.



ففى الانتظار، من النحو الاول، لم يكن بامكان
الانسان غير
(الامل) و(المقاومه).



اما الانتظار الاخير فهو يمنح
الانسان
بالاضافه الى (الامل) و(المقاومه) (الحركه) ايضا:


1- امل فى النفس يمكن الانسان من اختراق الحاضر
ورويه
المستقبل، وشتان بين من يرى (اللّه) و(الكون)
و(الانسان) من
خلال معاناه الحاضر فقط وبين من يرى ذلك كله من خلال
الحاضر والماضى والمستقبل.



ولا شك فى ان هذه الرويه
تختلف عن تلك ولا شك فى ان العتمه والظلمه والسلبيه
التى
تكتنف الرويه الاولى تسلم منها الرويه الثانيه.




2- ومقاومه تمكن الانسان من مواصله الصمود ومقاومه
الانهيار والسقوط حتى وصول المدد، وما لم يكن
للانسان امل
فى وصول المدد فانه لا يقاوم.




3- وحركه تمكن الانسان من تحقيق الخلاص والنجاه
وتحقيق
القوه والغنى والكفاءه.



وهذا الانتظار هو(الانتظار
الحركى)، وهو
افضل انواع الانتظار، والانتظار الذى نحن بصدد
دراسته من
هذا النوع الاخير.



آليه التغيير

آليه
التغيير



وهذا الانتظار يشبه توقع الناس من اللّه ان يغير
امورهم من
السى ء الى الحسن، ومن الفقر الى الغنى، ومن العجز
الى
الكفاءه، ومن الهزيمه الى النصر.



ولا شك فى انه توقع
صحيح
وعقلانى، فان الانسان ركام من الضعف والعجز والفقر
والجهل
والسوء.



واللّه تعالى هو المومل ليغير ذلك كله ويحوله الى
القوه والكفاءه
والغنى والعلم والحسن.



وليس من باس على الانسان من
هذا
التوقع والانتظار من اللّه تعالى ولكن بشرط ان يسلك
الانسان
لتحقيق هذا الانتظار الاليه المعقوله التى دعا
اليها اللّه تعالى
لهذا التغيير، فان هذا التغيير من جانب اللّه تعالى
لا شك فى
ذلك، ولكن ضمن آليه معينه، وما لم يستخدم الانسان
هذه
الاليه، فلا يصح له ان يتوقع او ينتظر هذا التغيير
من جانب اللّه.



وهذه الاليه هى ان يبدا الانسان بتغيير ما بنفسه
حتى يغير اللّه
تعالى ما به.



ان ما بنا من التخلف الاقتصادى والهزيمه العسكريه
والتخلف
العلمى وسوء الاداره...



ناشى ء عما بانفسنا من
الاشكاليه والضعف
والكسل والياس، وفقدان الجراه والشجاعه والجهل...



فاذا غيرنا (ما بانفسنا) غير اللّه تعالى ما بنا من
دون شك.



وليس
من شك فى ان اللّه تعالى هو وحده الذى يغير ما بنا.



كما ليس من شك فى اننا لو لم نغير ما بانفسنا لا يغير
اللّه ما بنا
الا ان شاء اللّه، وهاتان حقيقتان تابيان النقاش
والتشكيك.



وانتظار التغيير من اللّه تعالى حق ليس فيه شك،
ولكن على ان
يقترن هذا الانتظار بالحركه والفعل من ناحيه
الانسان، وهذا هو
الانتظار الحركى فى توضيح ثان.



الانتظار (حركه) وليس (رصدا)

الانتظار
(حركه) وليس (رصدا)



ان من الخطا ان نفهم الانتظار على انه رصد سلبى
للاحداث
المتوقعه من دون ان يكون لنا دور فيه سلبا او ايجابا
كما نرصد
خسوف القمر وكسوف الشمس، فالتفسير الصحيح للانتظار
انه
(حركه) و(فعل) و(جهد) و(عمل)، وسوف ندخل ان شاء اللّه
فى
تفاصيل هذا البحث.



ما هو السبب فى تاخير(الفرج)؟

ما
هو السبب فى تاخير(الفرج)؟



على الاجابه الصحيحه عن هذا السوال يتوقف فهم
المعنى
الصحيح للانتظار، وهل هو بمعنى(الرصد) او(الحركه)؟
الراى الاول:
فاذا كان السبب فى تاخير الفرج بظهور الامام (عجل
اللّه فرجه)
وثورته الكونيه الشامله هو ان تمتلى ء الارض ظلما
وجورا، فلا
بد من ان يكون الانتظار بمعنى (الرصد)، فلا يجوز لنا
ان نوسع
رقعه الظلم والجور فى الارض، ببداهه الاسلام.



ولا يصح لنا ان نكافح الظلم والجور لان ذلك يودى الى
اطاله
زمن الغيبه، بموجب هذه الروايه.. فلا بد من ان نرصد
اذن
تطور الظلم والجور فى حياتنا السياسيه والاقتصاديه
والعسكريه والقضائيه، حتى اذا امتلات الارض ظلما
وجورا
ظهر الامام(ع)، واعلن الثوره ضد الظالمين والفرج عن
المظلومين.



الراى الثانى:
واذا كان السبب فى تاخير الفرج هو عدم وجود الانصار
الذين
يعدون المجتمع لظهور الامام والذين يوطئون الارض
ويمهدونها لثورته الشامله، ويدعمون ثوره الامام
ويسندونها،
فان الامر يختلف.



فلا بد من العمل والاعداد
والتوطئه، والامر
بالمعروف والنهى عن المنكر لاقامه سلطان الحق على
وجه
الارض لياتى الفرج بظهور الامام (عجل اللّه فرجه).



وبناء عليه
لا يكون الانتظار بمعنى(الرصد)، بل بمعنى(الحركه)،
والعمل،
والجهاد لاقامه سلطان الحق على وجه الارض، الامر
الذى
يقتضى اعدادا يوط ى ء الارض لظهور الامام وثورته
الشامله.



ويختلف معنى الانتظار سلبا وايجابا بين(الرصد)
و(الحركه)
بناء على هذا الفهم لظهور الامام(ع) وظهور الفرج على
يده.



ونحن نناقش الان هذه المساله لنصل الى الجواب
الصحيح.



نقد الراى الاول
لنا مجموعه ملاحظات على الراى الاول، وهى:


1- ليس معنى ان تمتلى الارض ظلما وجورا هو ان يجف نبع
التوحيد والعدل على وجه الارض، ولا تبقى رقعه يعبد
الناس
عليها اللّه تعالى، فهذا امر مستحيل وعلى خلاف سنن
اللّه
تعالى.. وانما المقصود بهذه الكلمه طغيان سلطان
الباطل على
الحق فى الصراع القائم بين الحق والباطل دائما.




2- ولا يمكن ان يزيد طغيان سلطان الباطل على الحق
اكثر
مما هو عليه الان.



فقد طغى الظلم على وجه الارض شر
طغيان، وان الذى يجرى فى بلاد البلقان على مسلمى
البوسنه
والهرسك بايدى الصرب امر يقل نظيره فى تاريخ الظلم
والارهاب، ولطالما شق الصرب بطون النساء الحوامل،
واخرجوا
من ارحامهن الاجنه، وقتلوا الاطفال الصغار، وقطعوا
رووسهم،
ولعبوا بها (لعبه الكره) امام اعين آبائهم وامهاتهم.



وفى الشيشان يذبح الروس اطفال المسلمين، ويقدمون
لحومهم طعاما للخنازير.



والظلم الذى مارسه
الشيوعيون على
مسلمى بلاد آسيا الوسط ى ابان الحكم الشيوعى امر
تقشعر له
الجلود.



وما يجرى على المسلمين فى سجون اسرائيل من
العذاب الوحشى امر فوق حدود التعبير.



وفوق ذلك كله
واعظم
منه، ما جرى ويجرى فى العراق من ظلم وتصفيه واباده
وتعذيب واضطهاد للمومنين على يد جلاوزه البعث من
فئه
صدام، مما لا يقوى على وصفه التعبير.



.. اقول ان الذى يجرى من الظلم فى اقطار العالم
الاسلامى
على المسلمين، فى كل مكان تقريبا، امر رهيب يدل على
شى ء
اكثر من الظلم والجور ومن (امتلاء الارض ظلما
وجورا)، انه
يدل، ومن دون مواخذه، على نضوب نبع الضمير فى
الاسره
الدوليه المعاصره وفى الحضاره البشريه الماديه
المعاصره.



ونضوب الضمير موشر خطر فى تاريخ الانسان يعقبه
دائما
السقوط الحضارى الذى يعبر عنه القرآن ب (هلاك
الامم).



و(الضمير) حاجه اساسيه ورئيسيه للانسان، وكما لا
يمكن ان
يعيش من دون (الامن)، ومن دون (الطب والعلاج)، ومن
دون
(الغذاء)، ومن دون (النظام السياسى)، ومن دون
(العلم)،
كذلك لا يمكن ان يعيش من دون الضمير، ومتى آل امر
هذا
النبع الى النضوب، فان السقوط الحضارى هو النتيجه
الطبيعيه
لهذه الحاله، وبعد السقوط ياتى قانون (الاستبدال)
و(التبديل)
و(الارث)، وهذه هى حاله قيام ثوره الامام(ع) الكونيه
وقيام
الدوله العالميه الشامله.




3- وقد كانت غيبه الامام(ع) بسبب طغيان الشر والفساد
والظلم، ولولا ذلك لم يغب، فكيف يكون طغيان الفساد
والظلم
سببا لظهور الامام(ع) وخروجه؟


4- وبعكس ما يتوقعه بعض الناس يتجه العالم اليوم
باتجاه
سقوط الموسسات السياسيه والعسكريه والاقتصاديه
الظالمه.



فقد شاهدنا باعيننا كيف سقط الاتحاد السوفيتى خلال
بضعه
اشهر، وكان مثله مثل بناء خاو، منخور من الداخل لم
يتمكن
احد من دعمه واسناده عند سقوطه.



ورياح التغيير اليوم تهب على امريكا وتعرضها لهزات
عنيفه
وقويه فى اقتصادها وامنها واخلاقها ومصداقيتها،
بوصفها دوله
كبرى.



ان النظام الجاهلى اليوم آخذ بالعد العكسى موذنا
بالسقوط
والانهيار، فكيف نتوقع ان يزداد هذا النظام قوه
وشراسه
وضراوه؟


5 - على ان الذى يوجد فى نصوص الغيبه: (يملا الارض
عدلا
كما ملئت ظلما وجورا) وليس (بعد ان ملئت ظلما وجورا).



وليس معنى ذلك ان الامام ينتظر ان يطغى الفساد
والظلم
اكثر مما ظهر الى اليوم ليظهر، وانما معنى النص ان
الامام(ع)
اذا ظهر يملا الارض عدلا، ويكافح الظلم والفساد فى
المجتمع،
حتى يطهر المجتمع البشرى منه كما امتلا المجتمع
البشرى
بالظلم والفساد من قبل.



روى الاعمش، عن ابى وائل، ان امير المومنين(ع) قال
فى
المهدى(ع): (يخرج على حين غفله من الناس واماته من
الحق
واظهار من الجور، يفرح لخروجه اهل السماء وسكانها،
ويملا
الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا) وفى روايه اخرى:
(يملا
الارض عدلا وقسطا، كما ملئت جورا وظلما) او (بعدما
ملئت
ظلما وجورا).



وفى رايى ان معنى جمله (تملا الارض ظلما وجورا) ان
يكثر
الظلم والجور حتى يضج الناس منه، ويفقد الظلم غطاءه
الاعلامى الذى يخرجه للناس اخراجا حسنا، فيبرز
للناس فى
صورته الحقيقيه، وتفشل هذه الانظمه فى تحقيق ما تعد
الناس به من خير، ويبدا الناس بعد هذا الاحباط
الواسع بالبحث
عن النظام الالهى الذى ينقذهم من هذه الاحباطات،
وعن
القائد الربانى الذى ياخذ بايديهم الى اللّه تعالى.



وقد بدات
تتعاقب الاحباطات المتواليه فى حياه الناس واحده
بعد اخرى،
وكان اعظم هذه الاحباطات سقوط الاتحاد السوفيتى
والهزات
العنيفه التى تعرضت لها امريكا فى السنوات
الاخيره، وكل
واحد من هذه الاحباطات يوجه الناس الى النظام
الالهى
والقائد الربانى المنقذ.



هذا، على نحو الاجمال نقد الراى الاول فى اسباب
تاخير الفرج.



والان نبحث فى الراى الثانى.



الراى الثانى فى اسباب تاخير الفرج
يعتمد الراى الثانى، فى فهم اسباب تاخير الفرج
وتاخير ظهور
الامام، الاسباب الموضوعيه، وفى مقدمتها عدم وجود
العدد
الكافى من الانصار من الناحيه الكميه وعدم وجود
الكيفيه
المطلوبه فى انصار الامام وشيعته من الناحيه
الكيفيه.



ان
الثوره التى يقودها الامام ثوره كونيه شامله،
يتولى فيها
المستضعفون والمحرومون الامامه والقيمومه على
المجتمع
البشرى (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا فى الارض
ونجعلهم ائمه ونجعلهم الوارثين)«القصص/5».



يرث
المستضعفون المومنون، فى هذه المرحله، ما كان
يتداوله
الطغاه فى ما بينهم من السلطان والمال (ونجعلهم
الوارثين)،
(ان الارض يرثها عبادى الصالحون)، ويتم لهم السلطان
على
وجه الارض (ونمكن لهم فى الارض)، ويطهر الامام فى
هذه
المرحله الارض كلها من لوثه الشرك والظلم (يملا
الارض
عدلا كما ملئت ظلما وجورا)، ولا يبقى، كما فى طائفه
من
الروايات، فى المشارق والمغارب، ارض لا يودى فيها
لا اله الا
اللّه.



ومحور هذه الثوره الشامله (التوحيد) و(العدل).



ومثل
هذه
الثوره لا بد لها من اعداد واسع، وتوطئه على مستوى
عال من
الناحيتين الكميه والكيفيه، ومن دون هذا الاعداد،
وهذه
التوطئه لا يمكن ان تتم هذه الثوره الشامله، فى سنن
اللّه
تعالى فى التاريخ.



دور السنن الالهيه والامداد الغيبى فى الثوره name="link11">
لا تتم الثوره، فى مواجهه العتاه والطغاه والانظمه
والموسسات
الجاهليه الحاكمه والمتسلطه على رقاب الناس، من
دون
امداد غيبى واسناد وتاييد من جانب اللّه بالتاكيد.



والنصوص
الاسلاميه توكد وجود هذا الامداد الالهى وتصف
كيفيته.



الا ان هذا المدد الالهى احد طرفى هذه القضيه
والطرف الاخر
هو دور السنن الالهيه فى التاريخ والمجتمع فى تحقيق
هذه
الثوره الكونيه وتطويرها واكمالها.



فان هذه السنن
لا تتبدل ولا
تتغير (سنه اللّه فى الذين خلوا من قبل، ولن تجد
لسنه اللّه
تبديلا)«الاحزاب/62»، ولا تعارض المدد والاسناد
الالهيين.



وشان هذه الثوره شان دعوه رسول اللّه(ص) الى
التوحيد،
والحركه التى نهض بها(ص) لتحقيق التوحيد فى حياه
الناس.



فقد كانت هذه الحركه موضع الامداد الالهى الغيبى
بالتاكيد،
ونصر اللّه تعالى رسوله(ص) بالملائكه المسومين
والمردفين
والرياح وجند لم يروهم، ونصره على اعدائه بالرعب،
ولكن اللّه
تعالى امر رسوله(ص) بان يعد العده لهذه المعركه
المصيريه
(واعدوا لهم ما استطعتم من قوه)«الانفال/60».



وتمت مراحل هذه المعركه بموجب سنن اللّه تعالى فى
التاريخ
والمجتمع، ينتصر فيها رسول اللّه(ص) على اعدائه
حينا
وينتكس حينا آخر، ويستخدم الجند والمال والسلاح فى
هذه
المعركه، ويخطط لها، ويفاجى ء العدو بوسائل
واساليب جديده
للقتال، ويفاجئه فى الزمان والمكان، ولا يعارض
شى ء من ذلك
الاعداد الغيبى الالهى لرسوله(ص) الذى لا نشك فيه،
وهما
وجهان لقضيه واحده.



ولا تشذ الثوره الكونيه التى يقودها حفيده عن
الدعوه والثوره
التى قادها هو(ص)، من قبل، بامر من اللّه تعالى.



ومن جمله هذه السنن التى لا بد منها، فى هذه الثوره
الكونيه،
(الاعداد) و(التوطئه) قبل ظهور الامام و(النصره)
و(الانصار)
حين ظهور الامام(ع)، ومن دون هذا الاعداد والنصره
والتوطئه لا يمكن ان تتم ثوره بهذا الحجم الكبير فى
تاريخ
الانسان.



ونحن، فى ما يلى، نستعرض طائفتين من النصوص تختص
اولاهما ب (الاعداد والتوطئه) والاخرى ب (الانصار
والنصره)
لنتامل فيهما ان شاء اللّه.



والطائفه الاولى من النصوص هى النصوص المتعلقه
ب(الموطئين)، وهم الجيل الذى يعد الارض والمجتمع
لظهور
الامام(عج)، وثورته الكونيه الشامله.



وهذا الجيل
بطبيعته
يسبق ظهور الامام(ع)، والطائفه الثانيه من النصوص
تخص
(الانصار)، وهم الجيل الذى ينهض بهم الامام(ع).



ويقود
بهم
الثوره على الظالمين.



اذن نحن بين يدى جيلين:




1- جيل (الموطئين) الذى يمهدون الارض لظهور الامام.




2- جيل (الانصار) الذين ينهض بهم الامام(ع)، ويثور بهم
على
الظالمين.



وفى ما يلى نستعرض، ان شاء اللّه، هاتين
الطائفتين
من النصوص.



جيل (الموطئين) فى النصوص الاسلاميه

جيل
(الموطئين) فى النصوص الاسلاميه



تضافرت طائفه من النصوص الاسلاميه، من الفريقين
(الشيعه
والسنه)، عن جيل الموطئين الذين يوطئون الارض لدوله
الامام المهدى(عج)، وقد حددت هذه النصوص عددا من
الاقاليم الاسلاميه المعروفه لهذا الجيل، واهم هذه
الاقاليم
التى تخص جيل الموطئين هى: المشرق وخراسان (ويظهر ان
المشرق هو خراسان) وقم، ورى، واليمن، وفى ما يلى
النصوص
التى تخص جيل الموطئين فى هذه الاقاليم:


1- الموطئون فى المشرق:

1-
الموطئون فى المشرق



روى الحاكم، فى مستدرك الصحيحين، عن عبداللّه بن
مسعود، قال: اتانا رسول اللّه(ص) فخرج الينا مستبشرا
يعرف
السرور فى وجهه، فما سالناه عن شى ء الا اخبرنا به
ولا سكتنا الا
ابتدانا حتى مر فتيه من بنى هاشم منهم الحسن
والحسين،
فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول
اللّه، ما نزال
نرى فى وجهك شيئا نكرهه؟
فقال: (انا اهل بيت اختار اللّه لنا الاخره على
الدنيا، وانه سيلقى
اهل بيتى من بعدى تطريدا وتشريدا فى البلاد حتى
ترتفع
رايات سود فى المشرق، فيسالون الحق لا يعطونه، ثم
يسالونه
فلا يعطونه، ثم يسالونه فلا يعطونه فيقاتلون
فينصرون.



فمن ادركه منكم ومن اعقابكم فليات امام اهل بيتى،
ولو حبوا
على الثلج فانها رايات هدى، يدفعونها الى رجل من
اهل بيتى).



وعن الامام الصادق(ع): (كانى بقوم قد خرجوا بالمشرق
يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه، فاذا راوا ذلك
وضعوا
سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما شاءوا فلا يقبلونه
حتى
يقوموا ولا يدفعونها الا الى صاحبكم (اى الامام
المهدى(ع)
قتلاهم شهداء).




2- الموطئون من خراسان:

2-
الموطئون من خراسان



عن محمد بن الحنفيه، والروايه موضوعه، ولكن يبدو
انها
عن الامام امير المومنين على بن ابى طالب(ع): (ثم
تخرج رايه
من خراسان يهزمون اصحاب السفيانى حتى تنزل ببيت
المقدس توط ى ء للمهدى سلطانه).




3 - الموطئون من (قم) و(رى):

3
- الموطئون من(قم) و(رى)



روى المجلسى فى بحار الانوار: (رجل من قم يدعو الناس
الى
الحق يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد، لا تزلهم
الرياح
العواصف، لا يملون من الحرب ولا يجبنون وعلى اللّه
يتوكلون
والعاقبه للمتقين).




4- الموطئون من اليمن:

الدلالات



عن الامام الباقر(ع) فى قياده اليمانى قبل ظهور
الامام:
(وليس فى الرايات اهدى من رايه اليمانى، هى رايه هدى
لانه
يدعو الى صاحبكم).



الدلالات



1- الجيل الصلب:

1-
الجيل الصلب:



واول ما يلفت النظر فى هذا الجيل هو الصلابه والقوه
والاستحكام، فهو جيل صعب، شديد المراس، يوط ى ء
الارض
لظهور الامام، ويواجه وحده طواغيت الارض.



والامام
الصادق(ع) يفسر، كما فى روايه محمد بن يعقوب الكلينى
قوله
تعالى: (فاذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا
اولى باس
شديد)«الاسراء/5» بهذا الجيل، وتصفهم الروايه بهذا
الوصف
العجيب: قلوبهم كزبر الحديد، لا تزلهم الرياح
العواصف، انها
قلوب ومن طبيعه القلوب اللين والرقه، ولكن هذه
القلوب
تتحول فى مواجهه الطغاه والعتاه الى زبر من الحديد
لا تلين
ولا ترق.



ان الصلابه والقوه من خصائص الاجيال التى
يحملها
اللّه تعالى مسووليه التغيير، والثوره، ومن خصائص
الاجيال التى
يضعها اللّه تعالى فى منعطفات التاريخ الكبرى لنقل
الناس من
مرحله الى مرحله، وهذا الجيل يحمل هذه الخصائص.




2- جيل التحدى والتمرد:

2-جيل التحدى والتمرد



ومهمه هذا الجيل هى تحدى (النظام العالمى) والتمرد
عليه،
وما ادراك ما النظام العالمى وكيف صمم على خدمه
القوى
الكبرى ومن دار فى فلكها والاحتفاظ بمراكز القوه
والمواقع
الاستراتيجيه لها فى مختلف مناطق الارض.



انها
مسووليه
شاقه وعسيره ودقيقه يتعهد بها هذا النظام على مستوى
العالم
كله، وليس على مستوى منطقه او اقليم من الارض فحسب.



ان هذا النظام يتكون من مجموعه من المعادلات
والموازنات
السياسيه والاقتصاديه والعسكريه والاعلاميه
الدقيقه، ومن
انظمه اعضاء الاسره الدوليه ومن مجموعه من الخطوط
الحمراء والخضراء والصفراء فيما بين هذه الانظمه
وهذه
المجموعه من الاتفاقات والتنازلات وتنظيم الادوار
واقتسام
الموارد والاسواق ومصادر الثروه ومناطق النفوذ،
اقول: ان هذه
المجموعه المعقده تمكن القوى الكبرى من السيطره
على
الوضع العالمى، كما تمكن العتله الصغيره (العصا
الضخمه من
حديد تستخدم فى اعمال الهدم والحمل)، اى الانسان،
من
حمل الاثقال الكبيره بحركه خفيفه.



ولذلك فان النظام
العالمى قبل سقوط الاتحاد السوفيتى، وبعد ذلك،
يبقى امرا
يحترمه الجميع، لان هولاء يستفيدون منه كل بمقدار
حجمه
وقوته.. وهولاء الشباب من جيل الموطئين يخترقون
ببساطه
ومن دون تردد هذه الخطوط الحمراء، ويغيرون هذه
المعادلات والموازنات التى يتفاهم عليها الجميع
ويتلقونها
بالقبول والاحترام، ويفسدون على هذه الانظمه
والموسسات
الدوليه استقرارها وتوازنها وهيبتها الدوليه.



ولا سبيل لها على هولاء الشباب، ولا تستطيع ان
تتحملهم ولا
تتمكن من ان تدفعهم.



فان اكثر قوه هذه الانظمه
وهيبتها
الدوليه فى مواجهه انظمه وموسسات من مثلها، واقوى
ما
تملك من السلاح هو القتل والسجن والتعذيب
والمطارده.



وهولاء لا يخافون شيئا من ذلك ولا يرهبهم شى ء من
ذلك.



والوصف الموجود فى الروايه دقيق.



فى وصف هذا الجيل:
(لا
تزلهم الرياح العواصف، لا يملون من الحرب ولا
يجبنون وعلى
اللّه يتوكلون والعاقبه للمتقين).



ان الذى لا يجبن
لا يمل
الحرب ولا تزله الرياح العواصف بطبيعه الحال، وقوه
هولاء
وميزتهم انهم لا يجبنون، وهذه هى مشكلتهم فى حساب
الانظمه والقوى الكبرى.



فى موسم الانتخابات العامه للرئاسه الامريكيه، فى
عهد الرئيس
الامريكى الاسبق، جرى حوار تلفزيونى ضمن النشاط
الاعلامى
الذى يقوم به عاده المرشحون للرئاسه الامريكيه،
بين الرئيس
الامريكى الاسبق كارتر والمرشح الاخر المنافس له
على
الرئاسه، فقال له هذا الاخير: ان امريكا خسرت
الكثير من
هيبتها الدوليه فى حادث تفجير مقر القوات البحريه
الامريكيه
فى بيروت(المارينز) وتتحمل انت مخاطبا الرئيس
الامريكى
مباشره مسووليه هذه الخساره بالكامل، فقال له
الرئيس
الامريكى بالحرف الواحد: وماذا ترانى قادرا ان افعل
فى مواجهه
انسان جاء هو ليطلب الموت!؟ ان اقصى ما نتمكن منه هو
ان
نردع الناس بالرعب والارهاب من امثال ذلك، فاذا كان
الذى
يقوم على هذا التفجير هو من يطلب الموت ويلقى بنفسه
على
الموت فماذا ترانى قادرا ان افعل فى ردعه؟ وماذا
كنت تفعل
انت لو كنت فى مثل موقعى فى هذا الظرف!؟.



هذه هى بعض ملامح جيل التحدى الذى برز فى مواجهه
الانظمه والقوى الكبرى فى العراق وايران
وافغانستان ولبنان
وفلسطين والجزائر ومصر والسودان، واخيرا فى
الشيشان
والبوسنه والهرسك.



عجيب امر هذا الجيل، يسب جلاديه ويشتمهم، وهو فى
قبضتهم وتحت سلطانهم وسياطهم، يصبون عليه العذاب
صبا
فلا ينثنى ابناوه، ولا يلينون ولا يئنون ولا
يصرخون.



وان
احدهم ليقول لجلاديه، وهم يعذبونه بما لا يعلم الا
اللّه من
فنون التعذيب: سوف ابقى فى نفسك حسره ان تسمع منى
صرخه تالم او انين او توجع.




3- ردود الفعل العالميه:

3-ردود
الفعل العالميه



وردود الفعل العالميه تجاه هذا الجيل، كما تصرح به
هذه
النصوص، ردود فعل غاضبه وساخطه، لان هذا الجيل يعرض
هذه المعادلات والموازنات لهزات عنيفه وحقيقيه،
ولذلك فان
ردود الفعل العالميه تجاهه تتسم بالغضب والسخط
دائما.



روى
عن ابان بن تغلب عن الامام الصادق (ع): (اذا ظهرت رايه
الحق
لعنها اهل الشرق واهل الغرب.



اتدرى لم ذلك؟ قلت: لا.



قال:
للذى يلقى الناس من اهل بيته قبل ظهوره).



واهل بيته قبل ظهوره، عاده، هم الموطئون الذين
يثيرون
المتاعب لهذه الانظمه والموسسات ويسلبون
استقرارها
وراحتها.



وروى ثقه الاسلام الكلينى فى الكافى(كتاب
الروضه)
فى تفسير قوله تعالى: (وبعثنا عليكم عبادا لنا اولى
باس
شديد)، عن الامام الصادق، قال: قوم يبعثهم اللّه قبل
خروج
القائم فلا يدعون واترا لال محمد، الا قتلوه.



وردود الافعال العالميه، المذكوره فى هذه النصوص،
تشبه الى
حد كبير ردود الافعال العالميه اليوم تجاه الصحوه
الاسلاميه
التى يسمونها ب(الاصوليه الاسلاميه)، وينعتونها
بالارهاب
وباقسى النعوت.



مشروع التوطئه

مشروع
التوطئه



توطئه الارض لثوره الامام (عجل اللّه فرجه) مهمه
واسعه
وكبيره، ومعقده ينهض بها هذا الجيل فى مواجهه عتاه
الارض
وطغاتها المستكبرين وائمه الكفر.. وهولاء العتاه
يعدون جميعا
جبهه سياسيه عريضه، رغم كل التناقضات القائمه فى ما
بينهم، وهى جبهه تملك الكثير من اسباب القوه من
المال
والسلطان السياسى والجيش والاعلام والعلاقات
والنظم،
وتستخدم جميع هذه الاسباب فى ضرب الصحوه الاسلاميه
الناشئه واجهاضها.



ولا بد لهذا الجيل الذى ينهض
بمشروع
اعداد الارض لظهور الامام من ان يواجه هذه القوه
بالاليه
نفسها التى تستخدمها جبهه الاستكبار العالميه
وتزيد عليها
بالتربيه الايمانيه والجهاديه والتوعيه السياسيه.



وعليه فان
مشروع التوطئه الذى ينهض به جيل الموطئين يتكون من
بعدين:
البعد الاول:
التربيه الايمانيه والجهاديه والتوعيه السياسيه،
وهذا ما تفقده
الجبهه المقابله.



البعد الثانى:
الاليه السياسيه والعسكريه والاقتصاديه والاداريه
والاعلاميه
التى لا بد منها فى مثل هذه المعركه.



وليس من شك فى ان الفئه المومنه التى تعد الارض
لظهور
الامام لابد لها من اعداد هذه القوه، وان كانت لا
تستطيع ان
تكافى ء الجبهه العالميه المضاده.



وهذه الاليه
السياسيه
والعسكريه والاقتصاديه والاعلاميه لا تتحقق من غير
وجود
نظام سياسى ودوله على وجه الارض.



وهذه هى دوله
الموطئين التى وردت الروايات بالتبشير بها كثيرا.



ولا بد
ليقرب ظهور الامام من تحقيق هذه القوه على وجه
الارض،
ومن دون ذلك لا تتهيا الاسباب الطبيعيه لظهور
الامام..
والاعداد لهذه القوه يحتاج الى عمل وحركه فى واقع
الحياه ولا
يغنى (الرصد) و (الانتظار) عنها شيئا.



جيل الانصار فى الروايات الاسلاميه

جيل
الانصار فى الروايات الاسلاميه



جيل الموطئين يسبق جيل الانصار، وافراد هذا الجيل
هم
تلامذه الجيل الذى يسبقهم، ويتميزون منه بمزايا
وقيم
يتفردون بها.



ونحن سوف نستعرض النصوص الوارده فى
نموذج واحد فقط من هذا الجيل، وهو شباب (الطالقان)،
وهذه
الروايات وردت باسانيد الفريقين: السنه والشيعه
وطرقهم.



شباب الطالقان:

شباب
الطالقان



وسوف نستعرض الروايات التى رواها المحدثون، من
السنه
والشيعه، والمتعلقه ب (شباب الطالقان).



روى المتقى الهندى فى (كنز العمال) والسيوط ى فى
(الحاوى) فى انصار الامام من(الطالقان): (ويحا
للطالقان، فان
للّه عز وجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضه، ولكن
بها رجال
عرفوا اللّه حق معرفته وهم انصار المهدى).



وفى
(ينابيع
الموده) للقندوزى: (بخ بخ للطالقان).



روى المجلسى فى
بحار
الانوار: (له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضه،
ورايه لم تنشر
مذ طويت، ورجال كان قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك
فى
ذات اللّه اشد من الجمر، لو حملوا على الجبال
لازالوها.



لا
يقصدون براياتهم بلده الا خربوها كان على خيولهم
العقبان،
يتمسحون بسرج الامام يطلبون بذلك البركه، ويحفون
به
ويقونه بانفسهم فى الحروب.



يبيتون قياما على
اطرافهم
ويصبحون على خيولهم.



رهبان بالليل ليوث بالنهار.



هم اطوع من الامه
لسيدها،
كالمصابيح كان فى قلوبهم القناديل وهم من خشيته
مشفقون.



يدعون بالشهاده ويتمنون ان يقتلوا فى سبيل اللّه.



شعارهم:
يالثارات الحسين، اذا ساروا يسير الرعب امامهم
مسيره شهر
يمشون الى المولى ارسالا، بهم ينصر اللّه امام
الحق).



اصحاب الامام شباب:

اصحاب
الامام شباب



والروايات تشير الى ان الغالب من اصحاب الامام من
الشباب ولا
يوجد فيهم من الكهول والشيوخ الا نادرا.



روى المجلسى فى البحار: (اصحاب المهدى شباب لا كهول
فيهم الا كمثل كحل العين).



عدد قاده انصار الامام:

عدد
قاده انصار الامام



روى المجلسى فى بحار الانوار: (فيجمع اللّه عليه
اصحابه،
وهم ثلاثمئه وثلاثه عشر رجلا، ويجمعهم عليه على غير
ميعاد
فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول
اللّه(ص) قد
توارثته الابناء عن الاباء).



وفى اغلب الروايات ان هذا العدد الذى يبايع الامام،
بين الركن
والمقام، هو عدد قاده جيش الامام.



الدلالات والتاملات:

الدلالات
والتاملات



ولابد من ان نشير، قبل ان ندخل فى التاملات
والدلالات، الى
ان اللغه المالوفه وقت صدورها لغه رمزيه، فالسيوف
هى
الاسلحه، والخيول هى مراكب القتال، كما ان الوصف ب
(رهبان
بالليل ليوث بالنهار) تعبير رمزى ومجازى من العباده
والتهجد
فى الليل والشجاعه والجراه فى النهار.



وهذه لغه معروفه لمن يالف طريقه التعبير فى النصوص
والروايات الاسلاميه، والان نبدا بالحديث عن
الدلالات
والتاملات فى هذه الروايات.




1- كنوز ليست من ذهب ولا فضه:

1-كنوزليست من ذهب ولا
فضه



انصار الامام كنوز، والكنز هو الثروه المخبوءه
يجهل الناس
مكانها، وقد يكون الكنز فى بيت الانسان وتحت قدميه
او فى
ارض مجاوره لبيته او فى مدينته، ولكنه يجهله وانصار
الامام
كنوز مخباه، قد يكون احدهم فى بيت احدنا او بجواره
او فى
مدينته، وهو لا يعرفه وقد يزدريه، وتحتقره عيون
الناس التى لا
تعرف ان تنفذ الى الاعماق لتعرف الكنوز، ان هذه
البصيره
واليقين والاقبال على اللّه والشجاعه والجراه
والذوبان فى ذات
اللّه التى يتصف بها هولاء لا تتكون دفعه بل كانت
موجوده فى
نفوس هولاء الشباب الا انها كانت خافيه عن اعين
الناس، كما
تختفى الكنوز عن العيون.




2- القوه والوعى:

2-
القوه والوعى



يقول تعالى، فى صفه عباده الصالحين ابراهيم واسحاق
ويعقوب عليهم السلام: (واذكر عبادنا ابراهيم
واسحاق ويعقوب
اولى الايدى والابصار انا اخلصناهم بخالصه ذكرى
الدار
وانهم عندنا لمن المصطفين الاخيار) «صادر45 47».



وهذا
من
اروع الوصف.



فانه لابد للبصيره من قوه، ومن دون القوه تضيع
البصيره
وتخمد ولا يحمل البصيره الا المومن القوى فاذا ضعف
فقد
البصيره، ولابد للقوه من بصيره، فان القوه من دون
بصيره
تتحول الى لجاج وعناد واستكبار، ويصف اللّه تعالى
ابراهيم
واسحاق ويعقوب عليهم السلام بانهم اولى (الايدى)
و(الابصار)
اى القوه والبصيره.



وتشير النصوص التى قرانا طائفه
منها قريبا
ان انصار المهدى(ع) اولو الايدى والابصار.




3- الوعى والبصيره:

3-
الوعى والبصيره



وتعبير الروايه عن حاله الوعى والبصيره، لدى انصار
الامام،
تعبير عجيب (كالمصابيح كان فى قلوبهم القناديل)،
وهل
يمكن ان يخترق الظلام القنديل؟ قد يحاصر الظلام
القناديل
ولكنه لا يستطيع ان يخترقها.



وانصار الامام لا ينفذ الى نفوسهم ووعيهم الشك
والريب، مهما
تكاثفت ظلماتهما ومهما تعاقبت الفتن.



لذلك لا
يدخلهم
الشك ولا يترددون ولا يتراجعون ولا ينظرون وراءهم
اذا مضوا
فى الطريق، والتعبير فى الروايه: (لا يشوبها شك فى
ذات اللّه)
هو امر غير الشك، انه خليط من الشك واليقين، او
لحظات من
الشك تخترق حالات اليقين ولا تثبت لليقين الذى
يهزمها،
وهذا امر يحصل للكثير من المومنين، الا ان انصار
الامام لا
يشوب يقينهم شك يقين خالص من دون شائبه من الشك
والريب.




4- عزم نافذ:

4-
عزم نافذ



وهذه البصيره تمنحهم عزما نافذا لا تردد ولا تراجع
فيه،
والتعبير عن هذا العزم ب(الجمر) تعبير رائع ومعبر،
فان الجمر
ينفذ ويخترق ما دام ملتهبا، والتعبير هكذا (اشد من
الجمر) هو
اروع تعبير اعرفه عن نفوذ العزم، ولست ادرى ما اودع
اللّه تعالى
فى نفوس شباب الطالقان من كنوز الوعى واليقين
والعزم
والقوه فان التعبيرات الوارده فى هذا النص تعابير
غير مالوفه
كان الحديث عنهم حديث وجد وهيام (زبر الحديد
كالمصابيح،
كان فى قلوبهم القناديل، اشد من الجمر، رهبان
بالليل ليوث
بالنهار) وكان النص يستفرغ كل ما فى وسع اللغه
لتتمكن من
التعبير عن وعى هولاء الشباب وبصيرتهم وقوتهم
ونفوذ
عزمهم.




5- القوه:

5-
القوه



ويصف النص شباب الطالقان بقوه هائله لا عهد لنا بها
فى من
نعرف من الشباب.



تاملوا هذه العباره: (كان قلوبهم
زبر
الحديد).



ارايت احدا يتمكن من ان يصهر او يكسر او يلين زبر
الحديد
بقبضه يده؟ (لو حملوا على الجبال لازالوها، لا
يقصدون
براياتهم بلده الا خربوها كان على خيولهم العقبان).



هذه تعابير عجيبه تنبى ء عن قوه هائله، وهذه القوه
ليست من
نوع القوه التى يملكها طواغيت الارض، وانما هى قوه
عزم
واراده وقوه يقين.




6- الاستماته وحب الشهاده:

6-الاستماته
وحب الشهاده



(يدعون بالشهاده ويتمنون ان يقتلوا فى سبيل اللّه).



ان الموت
الذى يرعب الشيوخ فى التسعينات، وبعد المئه من
اعمارهم،
وقد فقدوا جميع لذات الحياه وشهواتها.. اقول ان
الموت الذى
يرعب الشيوخ يهيم به هولاء الشباب وهم فى غضاضه
العمر،
وحب الشهاده ينبع من امرين وينتج امرين فى حياه
الناس.



اما الامران اللذان هما مصدر حب الشهاده فى النفس
فهما
الاعراض عن الدنيا والاقبال على اللّه، فاذا كافح
الانسان حب
الدنيا فى قلبه وازال منه التعلق والاغترار بها فقد
قطع الشوط
الاول من الطريق وهو اشق الشوطين.



والشوط الاخر هو
ان
يتعلق القلب بحب اللّه تعالى ويهيم بذكره وحبه،
وينصرف
صاحبه الى اللّه تعالى بكل قلبه ووجهه، وهولاء لا
يهمهم من امر
الدنيا شى ء يعيشون مع الاخرين فى الدنيا ويحضرون
معهم
الاسواق والاجتماعات غير انهم غائبون عنها
بقلوبهم، ويصدق
فيهم الحاضر الغائب.



هولاء المستميتون الذين يحبون
الموت
الذى يخيف الناس ويدعون بالشهاده ويجدون فيها لقاء
اللّه
ويشتاقون اليها كما يشتاق الناس الى لذاتهم فى
الدنيا او اعظم
من شوق الناس الى لذاتهم من الدنيا.



وقليل من الناس من يفهم هولاء، اما الناس فى الغرب
فلا سبيل
لهم الى ان يفهموهم.. فهم يصفونهم حينا
بالانتحاريين،
والمنتحر هو الذى يمل الدنيا وينتهى فيها الى طريق
مسدود،
وهولاء الشباب يجدون ابواب الدنيا امامهم مفتوحه،
تضحك
لهم الدنيا وتظلل عليهم بكل بهجتها وزينتها
واغرائها.



فلم
يملوا الدنيا ولم يصلوا فيها الى طريق مسدود، وانما
اعرضوا
عنها، لانهم اشتاقوا الى لقاء اللّه، ويصفونهم
بالارهاب، وهولاء
ليسوا بارهابيين ولو قالوا انهم لا يخافون الارهاب
لكانوا اقرب
الى الواقع.



وهذان هما مصدر حب الشهاده والقتل فى
سبيل
اللّه.



اما الذى ينتج عن حب الشهاده فهو العزم
والقوه، ان
المستميت الذى تمكن من ان يحرر نفسه من الدنيا يجد
فى
نفسه من العزم والقوه ما لا يجده سائر الناس.



وهذان،
اى العزم
والقوه، لا علاقه لهما بما فى ايدى الناس من الجبهه
الاخرى
من اسباب القوه الماديه، من دون ان ننفى ضروره تلك
الاسباب واهميتها فى ظهور الامام وقرب الفرج.




7- تعادل الشخصيه:

7-
تعادل الشخصيه



(ليوث بالليل رهبان بالنهار).



من ابرز معالم هذا
الجيل التعادل
فى الشخصيه، وهذا سر قوتهم ونفوذهم، تعادل بين
الدنيا
والاخره، وتعادل بين القوه والبصيره.



واللّه تعالى
يحب هذه
الموازنه والتعادل، ويكره الافراط والتفريط
والجنوح الى اليمين
واليسار.



يقول تعالى: (وابتغ فى ما آتاك اللّه الدار
الاخره ولا
تنس نصيبك من الدنيا) «القصص 77».



ويقول تعالى فى ما
يعلمنا من الدعاء: (ربنا آتنا فى الدنيا حسنه وفى
الاخره حسنه)
«البقره 201».



ويقول تعالى: (ولا تجعل يدك مغلوله الى
عنقك
ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) «الاسراء
29».



ومن هذه الموازنه التعادل بين الخشوع والعبوديه
للّه والتذلل
للمومنين والصرامه والقوه مع الكافرين (اذله على
المومنين
اعزه على الكافرين) «المائده 54»، ومن هذه الموازنه
التعادل
بين الاتكال على اللّه والجهد والعمل والتخطيط.



ويصف امير
المومنين(ع) لهمام رحمه اللّه، كما فى روايه
الشريف الرضى،
اطرافا من هذه الموازنه والتعادل فى شخصيه
(المتقين)،
فيقول: (فمن علامه احدهم انك ترى له قوه فى دين وحزما
فى لين وعلما فى حلم وقصدا فى غنى وتجملا فى فاقه
وصبرا
فى شده.



يعمل الاعمال الصالحه وهو على وجل، ويبيت
حذرا
ويصبح فرحا، يمزج الحلم بالعلم والقول بالعمل.



فى
الزلازل
وقور وفى الرخاء شكور، نفسه منه فى عناء والناس منه
فى
راحه).



وهذه الموازنه من الملامح الواضحه فى شخصيه
انصار
الامام.




8- رهبان بالليل ليوث بالنهار:

8-رهبان بالليل ليوث بالنهار



والى هذه الموازنه تشير الروايه (رهبان بالليل ليوث
بالنهار).



ولليل والنهار دوران مختلفان فى بناء شخصيه
الانسان.



ولكن
هذين الدورين متكاملان يكمل احدهما الاخر ولابد
منهما معا
فى بناء شخصيه الانسان المومن الداعيه والمجاهد،
فلولا قيام
الليل لم يثبت الانسان فى مواجهه العقبات الصعبه فى
النهار
ولم يتمكن من مواصله الحركه على طريق ذات الشوكه فى
النهار.



ولولا حركه النهار لعزل الليل صاحبه من
القيام برساله
الدعوه الى اللّه فى وسط المجتمع، وفقد الانسان
دوره الثانى
فى الحياه الدنيا بعد عبوديه اللّه، وهو الدعوه الى
عبوديه اللّه.



وفى القرآن تاكيد على دور الليل فى اعداد الانسان
للدعوه الى
اللّه واهتمام به.



ومن اوائل ما نزل على رسول
اللّه(ص)، فى بدء
الدعوه والوحى، سوره المزمل المباركه التى يدعو
اللّه تعالى
فيها نبيه الى ان يعد نفسه فى الليل اعدادا لتحمل
القول
الثقيل فى النهار.



يقول تعالى مخاطبا نبيه:
(يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص
منه قليلا او
زد عليه ورتل القرآن ترتيلا انا سنلقى عليك قولا
ثقيلا ان
ناشئه الليل هى اشد وطا واقوم قيلا ان لك فى النهار
سبحا
طويلا) «المزمل 71».



والتعبير عن الليل بالناشئه دقيق ومعبر، فانه
ينشى ء الانسان
الذى يقيمه انشاء ويصنعه صنعا للاعمال الصعبه
ويوط ى ء
شخصيته ويعدها اعدادا للمهام الكبيره ويقوم سلوكه.



وقوله(قيلا) يعنى تقويما: (ان ناشئه الليل هى اشد وطا
واقوم
قيلا).



وفى خطبه المتقين يصف الامام امير المومنين(ع)
لهمام رحمه اللّه، كما فى روايه الشريف الرضى،
شطرى حياه
المتقين وهما الليل والنهار فاستمع اليه:
(اما الليل فصافون اقدامهم، تالين لاجزاء القرآن
يتلونه ترتيلا،
يحزنون به انفسهم يستثيرون به دواء دائهم، فاذا
مروا ب ايه
تشويق ركنوا اليها طمعا وتطلعت نفوسهم اليها شوقا،
وظنوا
انها نصب اعينهم.



واذا مروا ب ايه فيها تخويف اصغوا
اليها
مسامع قلوبهم.



اما النهار فحلماء علماء ابرار
اتقياء، قد براهم
الخوف برى القداح، ينظر اليهم الناظر فيحسبهم مرضى
وما
بالقوم من مرض، ويقول: لقد خولطوا ولقد خالطهم امر
عظيم).



ان الليل والنهار شطرا حياه الانسان وهما
يتكاملان،
ولليل رجال ودوله، وللنهار رجال ودوله، ورجال
النهار
تنقصهم دوله الليل، ورجال الليل تنقصهم دوله
النهار فى
الدعوه الى اللّه واقامه الحق وتعبيد الناس للّه،
وانصار الامام
المهدى (عجل اللّه فرجه) رجال الليل والنهار،
وآتاهم اللّه دوله
الليل والنهار.



سمه العبيد من الخشوع عليهم للّه ان ضمتهم
الاسحارفاذا
ترجلت الضحى شهدت لهم بيض القواضب انهم
احرارولولا انهم
رجال دوله الليل لم يتمكنوا من مواجهه طغاه الارض
بمفردهم، ولولا انهم رجال النهار لم يتمكنوا من
تطهير الارض
من لوثه الشرك واقامه التوحيد والعدل على وجه
الارض، ولو
لم يكونوا من رجال النهار لم يحكموا التوحيد والعدل
فى حياه
الناس.



ولو لم يكونوا من رجال الليل لاخذهم الغرور
وشط بهم
عن الصراط المستقيم.



مرحلتان ام جيلان:

مرحلتان
ام جيلان



اذن نحن امام جيلين، اولهما جيل يشهد سقوط التجربه
الاشتراكيه الماركسيه، والتجربه الديمقراطيه
الراسماليه
وانهيارهما ويوط ى ء الارض لظهور الامام (عجل
اللّه فرجه)،
وهو (جيل الموطئين)، وثانيهما جيل ينهض بنصره
الامام(ع)
ويقاتل بين يديه، وهو (جيل الانصار).



هل هما جيلان
فقط ام
جيلان ومرحلتان من التاريخ؟ لست اعلم، ولكن من
المستبعد
ان يتم هذا العمل العظيم فى جيل واحد.



واجبات مرحله (الانتظار) ومسوولياتها

واجبات مرحله
(الانتظار) ومسوولياتها



نحن الان نعيش فى مرحله (الانتظار)، وقد تكون اطول
مرحله
فى تاريخ الاسلام، فما هى اهم واجباتها
ومسوولياتها؟ فى ما
ياتى عرض موجز لتلك الواجبات والمسووليات:
اولا: (الوعى)
والوعى على انحاء:
ا- وعى التوحيد، وان الكون كله من اللّه وكل شى ء
مسخر بامره،
وهو قادر على كل شى ء، وكل شى ء فى السماء والارض
جند
مسخر له لا يملك من امره شيئا.



ب- وعى وعد اللّه وسط الاجواء السياسيه الضاغطه وفى
مرحله
الضعف والانحسار، وفى اجواء النكسه.



وان من اشق
الامور فى
مثل هذه الاجواء الضاغطه ان يتلقى الانسان بوعى
قوله تعالى:
(ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم
مومنين) «آل
عمرانر139».



/ 3