كلمة المجمع . - موسوعة التاریخ الإسلامی جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة التاریخ الإسلامی - جلد 1

محمد هادی الیوسفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید








العصر النبوي .




الجز الاول .




العهد المكي .




الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي .




قم ـ ص ب 3654 / 37185.




الهاتف : 737117.




الكتاب :موسوعة التاريخ الاسلامي / ج 1.




المؤلف :الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي .




الناشر :مجمع الفكر الاسلامي .




الطبعة :الاولى / ربيع الثاني 1417 ه ق .




تنضيد الحروف :مجمع الفكر الاسلامي .




الليتوغراف :نگارش ـ قم .




الطبعة :مؤسسة الهادي ـ قم .




الكمية :3000 نسخة .




جميع الحقوق محفوظة لمجمع الفكر الاسلامي

كلمة المجمع .



يعتبر التاريخ الاسلامي مصدرا مهما من مصادر المعرفة الاسلامية باعتبارين .




الاول : ان الـتاريخ ـ بشكل عام ـ ترجمة حقيقية وتعبير واقعي عن الافكار والارا والمفاهيم التي
تبناها الانسان على مدى التاريخ فجسدها في سلوكه ونشاطه .




والثاني : ان التاريخ مجموعة تجارب ودروس وعبر كلفت البشرية ضحايا هائلة وطاقات ضخمة ,
لـذلـك كـان جـديرا بامعان النظر فيه وبذل الجهود الحثيثة لتحليل احداثه والاهتدا الى سننه لكي
تتوضح للبشرية الحقائق التي ترسم لها خطي السعادة والشقا.




وتـجـلـت فـي التاريخ الاسلامي عظمة الاسلام وشموخه وحيويته , فكان مصدرا من مصادر فهم
السيرة النبوية فضلا عن قدرته على التعبير عن التجربة الاولى للاسلام القادر على صنع الانسان
الامثل والمجتمع الامثل ,ولهذا فهو جدير بالدراسة العلمية الموضوعية المعمقة .




وتـتـمـثـل الـمهمة الاولى لكل باحث في التاريخ الاسلامي في البحث عن المادة الاساسية للتحليل
الـتاريخي بعد ان كان التاريخ بشكل عام والتاريخ الاسلامي بشكل خاص عرضة للاهمال والتحريف
بـدا بـمـشـكـلـة الـمـنع من تدوين الاحاديث والسنة النبوية الشريفة التي تشكل البنية الاساسية
للتجربة الاسلامية الفريدة وانتها باخضاع المؤرخين ونتاجاتهم لاهوا الحكام علاوة على المتاجرة
بـكـل مـا يـمـكن نسبته الى رسول الاسلام (ع ) وصحابته الكرام من قبل الرواة والمحدثين غير
الـورعـيـن فكم من حوادث مهمة لم تدون او دونت مختزلة بحج ة الاختصار او لاستلزامها الطعن
بـبـعـض الـحـكام من صحابة وتابعين , فادت الى تزييف الحقائق التاريخية وتشويهها بما لايتناسب
وعظمة تاريخنا الاسلامي الوضا.




ومن هنا كان على الباحث الموضوعي والمؤرخ المحقق ان يقوم قبل كل شي بنقد موضوعي لكل ما جا
فـي كـتـب التاريخ والحديث والتراجم والرجال والتفسير بعد عرضه على العقل السليم ونصوص
الـقـرآن الـكـريـم ومـحـكـمات السـنة النبوية الشريفة , وهذا ما قام به المحقق المتضلع فضيلة
الـشـيـخ محمد هادي اليوسفي الغروي في كتابه هذا ( موسوعة التاريخ الاسلامي ) اذاعتمد على
الـتـتبع اللازم في المصادر الاصلية التي تحتوي على حوادث تاريخية ترتبط بموضوع بحثه , ثم
عـرضـهـا على القرآن الكريم وا صول السنة الشريفة والعقل السليم , وقد حاول من خلال بحوثه
تفنيد ما اورده المستشرقون ومن حذا حذوهم في تشويه معالم الصورة الاسلامية الناصعة , وتقديم
الـصـورة الاقرب الى الواقع عن الاسلام من خلال تاريخه المجيد وهذه هي الحلقة الاولى من هذه
الـمـوسـوعـة وتـختص بالعهد المكي من العصر النبوي بدا بحوادث السنة الاولى للهجرة وسوف
يستمر البحث في الحلقات الاتية ـ ان شا اللّه تعالى ـ عن تاريخ الرسول الاكرم واهل بيته الطاهرين
.




ونحن اذ نبارك له جهده المشكور , نتمنى له التوفيق في مواصلة هذاالنشاط المبارك وآخر دعوانا
ان الحمد للّه رب العالمين .




قسم التاريخ في مجمع الفكر الاسلامي .




8/9/1373.




تقديم .




كيف ينبغي ان ندرس تاريخ الاسلام .




التاريخ قبل الاسلام :



لم يكن للناس قبل الاسلام مادة للتاريخ , اللهم الا ما توارثوه بالرواية , مما كان شائعا بينهم من اخبار آبـائهـم واجـدادهـم وانـسـابهم وشعوبهم وقبائلهم وملوكهم , وما في حياة اولئك من قصص فيها
الـبـطـولـة والكرم والوفا , وما كان من خبر الاسر التي تناوبت الامرة على الناس وماقاموا به من
تـجـهيز الجيوش واقامة الحروب وبنا المدن والقصور , الى امثال ذلك , مما قامت فيه الذاكرة مقام
الـكـتـاب والـلـسان مقام القلم , يعي الناس منه ويحفظون ثم يؤدونها كما هي او باضافة او نقيصة ,
وكثيرا ماكان باضافات وتحريفات .




كـان هـذا عند الفرس المجوس , واليهود الاسرائيليين , والعرب الجاهليين المشركين , واختص
هـؤلا باخبار الجاهلية الاولى و انسابها , ومافيها من قصص عن البيت وزمزم وجرهم , وماكان من
امـرهـا , ثـم مـاكان من خبرالاسر التي تناوبت الزعامة والامرة على قريش , وماجرى قبل ذلك
لسدمارب في اليمن , وماتبعه من تفرق الناس في البلاد.




التاريخ بعد الاسلام :



ثم ظهرت الرسالة المحمدية بصفتها اعظم حادث في حياة البشر عامة والعرب خاصة , فكان محور تـاريـخ الـبشر عامة والعرب خاصة , فما اجتمع ملامنهم او تفرق الا وحديثهم عنه , ولاتحركت
جـيـوشـهم و كتائبهم الا له اوعليه , حتى تتوجت جهوده بمعنى قوله سبحانه ( اذا جا نصر اللّه
والفتح ورايت الناس يدخلون في دين اللّه افواجا ) فنبذوا ما كانوا فيه من الجاهلية الجهلا والضلالة
العميا بهداية القرآن والاسلام .




ويـومـئذ وبـظهور النبي (ع ) وظهور دعوته , ظهر مورد جديد للتاريخ ,وهي احاديث الصحابة
والـتـابعين واهل بيته (ع ) عن ولادته و حياته , وماقام به (ع ) من جهاد وجـهود في سبيل اللّه ,
واصطدام في ذلك مع المشركين ,ودعوة الى التوحيد , وماكان فيها من اثر للسيف والسنان واللسان
والبيان ,واصبحت هذه هي مواد التاريخ الجديد بصورة عامة وسيرة الرسول بصورة خاصة .




تدوين السيرة النبوية وتاريخ الاسلام :.




ولم يدون في تاريخ الاسلام او في سيرته (ع ) شي , حتى مضت ايام الخلفا , لم يدون في هذه المدة
شـي سـوى القرآن الكريم وتقويم اعرابه بمبادئ وقواعد النحو على يد ابي الاسود الدؤلي باملا
امـيـر الـمـؤمـنين علي ابن ابي طالب (ع ) , وقد كان رسول اللّه (ع ) يحفز المسلمين على كتابة
القرآن حرصا على حفظه وصيانته , كما ان تفشي العجمة على السنة ابنا العرب على اثر اختلاطهم
بـغيرهم عند اتساع الرقعة الاسلامية دفعت ابا الاسودالدؤلي الى عرض ذلك على علي (ع ) فكان
ذلك حافزا على تدوين النحو.




وبـهـذا الاخـتلاط ايضا تفشت فيهم اخبار الماضين من ملوك الفرس وبني اسرائيل , فلما كانت ايام
مـعاوية احب ان يدون في التاريخ القديم كتاب فاستقدم عبيد بن شرية من صنعا اليمن فكتب له كتاب
اخبار الماضين من ملوك اليمن من العرب البائدة وغيرهم ومنهم الفرس والحبشة .




وقـد كان المسلمون يحبون ان يخلدوا آثار مايتعلق بسيرة الرسول (ع ) ,وقد كان هذا يحقق ما في
نـفـوسهم من تعلق به ـ عليه الصلاة والسـلام ـ ,ولكنهم ـ ببالغ الاسف ـ منعوا عن تدوين احاديثه
مـخـافـة ان يـختلط الحديث بالقرآن الكريم ـ كما زعموا ـ , بل منعوا حتى عن التحديث بحديثه ,
حـاشـاامـير المؤمنين عليا (ع ) , فانه لم يشارك في هذا المنع ولم يؤيده , بل كما املى النحو على
كاتبه ابي الاسود الدؤلي كتب هو ايضابعض الكتب في الفقه والحديث , وامر كاتبه الراتب عبيد اللّه
بـن ابـي رافـع ان يـكـتـب المهم من اقضيته , واحكامه في فنون الفقه من الوضؤ والصلاة وسائر
الابواب «1» .




وبـهـذا الـموقف من امير المؤمنين (ع ) , وبفعل حاجة المسلمين الى احاديث نبيهم ظهر فيهم غير
واحـد مـن حملة الاحاديث العلما الفقها ,ولكن حيث استمر هذا المنع رسميا من قبل الخلفا بعد علي
وابـنـه الـحـسـن (ع )الـى ايـام عـمـر بن عبد العزيز , قام رجال كلهم محدثون , لم يدونوا في
الحديث والفقه شيئا , ولكنهم عوضوا عن كتابة احاديثه بكتابة شي من سيرته (ع ).




اصول السيرة النبوية وتطورها في القرنين الاول والثاني :.




لا شك في الاهمية الكبرى التي كانت لاقوال النبي (ع ) واعماله في حياته , واكثر منها بعد وفاته .




ومـن الـطـبيعي ان تورث هذه الاهمية عناية بتدوين تفاصيل حياته وجمع الاخبار و الاحاديث عنه
(ع ).




وطـبـيعي ايضا ان تكون القصص الشعبية عن سيرته موجودة في حياته معتنى بها ـ كحال الناس في
العناية بقصص الانبيا من قبل ـ.




وطبيعي ايضا ان يكون بعض الصحابة والتابعين قد تفوق على اقرانه في علمه بسيرته و مغازيه .




كتاب السيرة الاوائل :



ان اول من صنف في السيرة هو عروة بن الزبير بن العوام ( ت 92 ه).




وذكـر ابن سعد في كتابه «الطبقات » مايفيد : ان اول من تخصص فيهاهو ابان بن عثمان بن عفان
(ت 105 ه) , روى بعضها عنه المغيرة بن عبدالرحمن .




ثم تنبه الى جمع اخبارها والتحديث بها وهب بن منبه اليمني (ت 110 ه).




ثـم عـاصم بن عمر بن قتادة ( ت 120 ه) الذي يروي عنه ابن اسحاق بعض اخبار سيرته كخبره
عن دعا النبي للاستسقا في طريق تبوك , وكثرة النفاق .




ثم شرحبيل بن سعد الشامي (ت 123 ه).




ثم عبـد اللّه بن ابي بكر بن حزم القاضي (ت 135 ه) الذي طلب منه عمر بن عبد العزيز ان يكتب
اليه ماعنده من الاحاديث فنشرها بين الناس .




ثم موسى بن عقبة (ت 141 ه).




ثم معمر بن راشد (ت 150 ه).




ثم محمد بن اسحاق بن يسار المدني وقيل بشار ـ بن خيار من سبي عين تمر بالعراق (ت 153 ه).




ثم راويته زياد بن عبد الملك البكائي الكوفي العامري (ت 183 ه).




ثم محمد بن عمر بن واقد المعروف بالواقدي صاحب كتاب المغازي (ت 207 ه).




ثم راوية ابن زياد البكائي عن ابن اسحاق : عبد الملك بن هشام الحميري اليمني البصري (ت 218
ه).




ولـم يصلنا من كتب هؤلا شي سوى سيرة ابن اسحاق برواية ابن هشام عن البكائي عن ابن اسحاق ,
ومغازي الواقدي , اللهم الا روايات في طيات امهات المصادر التاريخية فيما بعد.




المؤرخون الاوائل :.




والى جـانب هؤلا ظهر من لم يقتصر على اخبار سيرة الرسول (ع ) ,بل جمع اليها اخبار الجاهلية
قبل الاسلام , ثم اخبار الخلفا بعده , او جمع اخبار بعض الخلفا , او الائمة من اهل البيت (ع ) فقط ,
فكانوا مؤرخين بالمعنى العام .




منهم : محمد بن السائب الكلبي الكوفي النسابة (ت 146 ه).




وابو مخنف لوط بن يحيى الازدي الكوفي (ت 157 ه).




وهشام بن محمد الكلبي الكوفي (ت 206 ه).




ونصر بن مزاحم المنقري الكوفي (ت 212 ه).




وعبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت 274 ه).




واحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279 ه).




وابراهيم بن محمد الثقفي الكوفي الاصبهاني (ت 283 ه).




وابو الفرج علي بن الحسين الاموي الاصبهاني (ت 284ه).




واحمد بن واضح بن يعقوب البغدادي (ت 292 ه).




ومحمد بن جرير الطبري (ت 310 ه).




وعلي بن الحسين المسعودي البغدادي (ت 346 ه).




ومحمد بن محمد بن النعمان التلعكبري المفيد (ت 413 ه).




الاثر الباقي في السيرة :.




عـرفنا ان الكتابة في سيرة رسول اللّه (ع ) كانت قد حصلت في التابعين وتابعي التابعين , كما راينا
قـائمة اسمائهم وتواريخ وفياتهم , ولكنها لم تكن كثيرة , بل هي مهما اطلنا الحديث عنها كانت قليلة
جدا , لاتعدو ان تكون صحفا فيها بعض الاخبار عن سيرة المختار (ع ).




امـا الكتاب الذي كتبت له الموفقية والنجاح وشهرة الاعتماد والوثوق فهو سيرة محمد بن اسحاق ,
التي الفها في اوائل ايام العباسيين .




يـروون ا نـه دخل يوما على المنصور وبين يديه ابنه المهدي , فقال له المنصور : اتعرف هذا يابن
اسحاق ؟ قال : نعم , هذا ابن امير المؤمنين : فقال :اذهب فصنف له كتابا منذ خلق اللّه آدم (ع ) الى
يـومك هذا فذهب ابن اسـحاق فصنف له الكتاب واتاه به فلما رآه قال : لقد طولته يابن اسحاق فاذهب
فاختصره فاختصره , والقي الكتاب الكبير في خزانة الخليفة .




وفـي هذا المعنى روي عن ابن عدي الرجالي المعروف ا نه كان يقول في ابن اسحاق : «لو لم يكن
لابن اسحاق من الفضل الا ا نه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لايحصل منها شي للاشتغال بمغازي
رسـول اللّه (ع ) ومـبـعـثـه ومـبـتـدا الـخلق لكانت هذه فضيلة سبق بها ابن اسحاق , وقد فتشت
احاديثه الكثيرة فلم اجد ماتهيئ ان يقطع عليه بالضعف , وربما اخطا واتهم في الشي كما يخطي غيره
ولـم يـتـخلف في الرواية عنه الثقات والائمة الاثبات ,اخرج له مسلم في المبايعات , واستشهد به
البخاري في مواضع , وروى له ابوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه ».




ثم اصبح ابن اسحاق في الحقيقة عمدة المؤلفين في السيرة , فما من كتاب في السيرة الا وهو مستمد
منه وراو عنه , اللهم الا ما ناتي عليه من مغازي الواقدي ورواية كاتبه ابن سعد عنه , وما روي عن
ائمة اهل البيت (ع ) ,وكذلك اصبح كتاب ابن اسحاق عمدة الكتب في السيرة لقرائها منذ ان كتبه الى
يومنا هذا ولاسيما بعد تهذيبها من قبل ابن هشام ـ بحيث ا نك لاتكاد تجدرجلا يدرس سيرة الرسول
الكريم الا وكتاب ابن اسحاق كتابه الاول والام في ذلك .




عمل ابن هشام في سيرة ابن اسحاق :.




وقد جا بعده عبد الملك بن هشام الحميري البصري (ت 218 ه)بنصف قرن تقريبا , فروى سيرة
ابـن اسـحاق برواية زياد بن عبد الملك البكائي العامري الكوفي (ت 183 ه) ولكنه لم يروها كما
هـي بـل تـنـاولـهـا بكثيرمن التمرير والاختصار والاضافة والنقد احيانا , والمعارضة بروايات
اخـرلغيره , عبر عن اعماله هذه بقوله في صدر سيرته : «وانا ـ ان شا اللّه ـمبتدئ هذا الكتاب
بـذكـر اسـماعيل بن ابراهيم , ومن ولد رسول اللّه من ولده , اولادهم لاصلابهم الاول فالاول من
اسماعيل الى رسول اللّه ,ومايعرض من حديثهم ـ وتارك ذكر غيرهم من ولد اسماعيل للاختصار
ـ الـى حديث سيرة رسول اللّه وتارك بعض مايذكره ابن اسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول اللّه
فيه ذكر ولانزل فيه من القرآن شي , وليس سببا لشي من هذا الكتاب ولاتفسيرا له ولاشاهدا عليه
, لـما ذكرت من الاختصار ,واشعارا ذكرها لم ار احدا من اهل العلم بالشعر يعرفها , واشيا بعضها
يشنع الحديث به ( ومستقص ـ ان شا اللّه تعالى ـ ماسوى ذلك منه بمبلغ الرواية له والعلم به » «2» .




اذن فـقد اسقط ابن هشام من عمل ابن اسحاق : تاريخ الانبيا من آدم الى ابراهيم , ومن ولد اسماعيل
مـن لـيس في عمود النسب النبوي الشريف , كماحذف من الاخبار مايسؤ بعض الناس مـالـم يـثـبت لديه ولكن ه زاد فيه مما ثبتت لديه من رواية , ولذلك نسبت السيرة اليه وعرفت به ,
حتى لايكاد يذكر ابن اسحاق معه , فقد عرفت سيرة ابن اسـحاق بين العلمامنذعهد بعيد باسم سيرة
ابن هشام , لما له فيها من رواية وتهذيب .




وبـهـذا الصدد قال ابن خلكان في ترجمة ابن هشام : «وابن هشام هذاهو الذي جمع سيرة رسول
اللّه مـن الـمـغـازي والـسـير لابن اسحاق وهذبهاولخصها , وهي السيرة الموجودة بايدي الناس
المعروفة بسيرة ابن هشام ».




ولـم تـنقطع العناية بالتاليف في السيرة الى يومنا هذا , الا ان الموضوع في ذاته ليس امرا يقوم على
الـتـجـارب , او فـكـرة يقيمها برهان وينقضهابرهان , شان النظريات العلمية التي نرى تجديدها
وتـغـييرها على مر السنين ,وانما هو من العلوم النقلية لا العقلية , فكان المشتغلون به اولا محدثين
نـاقـلين ,ث م جا من بعدهم جامعين مبوبين ثم ناقدين معلقين ولم يكن قابلاللتجديد في جوهره , الا
بمقدار قليل حسب النقد الدقيق , وانما كان التجديد في اشكاله وصوره شرحا او اختصارا , او شيئا
من النقد قليلا مشيرا الى مافيه من اخطا.




ولـعـل الـذين تناولوا السيرة بالتلخيص والاختصار , انما خففوا مـن ثقل الكتاب بعض اخباره التي
اسـتـبـعـدوها غير مؤمنين بصحتها , ناقلين من الاخبار مايرون فيها القرب من الحق , ومستبعدين
مالايجري في ذلك مع فكرتهم وعقيدتهم مفندين اياه رادين له .




ولعل من علل انتشار اخبار ابن اسحاق ثم كتابه في السيرة كثرة رحلاته , فالراجح في تاريخ مولده
فـي الـمدينة ا نه كان سنة 85 ه ولا يرتاب الرجاليون واصحاب الطبقات في ا نه امضى شبابه في
الـمـديـنـة فـتـى جميلا«فارسي الخلقة » جذاب الوجه له شعرة حسنة ولذلك حكى ابن النديم
بـشانه في فهرسته : ا نه اتهم با نه يجلس في مؤخر المسجد للصلاة فيغازل بعض النسا , فامر امير
المدينة باحضاره و ضربه اسواطا ونهاه عن الجلوس في مؤخر المسجد ولعله لهذا لم يرو عنه من
اهل المدينة غير راو واحد هوابراهيم بن سعد فحسب «3» .




ولـعـله لهذا رحل منها سنة 115 ه اي في الثلاثين من عمره الى الاسكندرية في مصر , ويظن ا نها
اولى رحلاته , فانفرد برواية احاديث عن عدة من رجال الحديث بها.




ثم رحل الى الكوفة والحيرة , ولعله بها التقى بالمنصور فصنف لابنه المهدي كتاب السيرة كما سبق
, فـرواهـا عـنـه زيـاد بن عبد الملك البكائي العامري وغيره , ورحل الى الجزيرة اي الموصل ,
والـري حـتـى اذا بـنـيت بغدادفرجع اليها وفيها القى عصا الترحال , وله من كل هذه البلدان رواة
كثيرون وعاش في بغداد حتى توفي بها فدفن في مقابر الخيزران .




وقد كان ابن اسحاق يعد في طبقة تلامذة عبد الملك بن شهاب الزهري واقرانه , وله عنه روايات ,
ونـقـل اصـحاب الطبقات ان شيخه ابن شهاب الزهري لم يكن يتهمه بشي بل كان يوثقه , وتبعه في
تـوثيق ابن اسحاق من الفقها الائمة : سفيان الثوري وشعبة , بالاضافة الى راويته زيادابن عبد الملك
الـبـكـائي عـنـه وان كان هشام بن عروة بن الزبير من رواة السيرة , ومالك بن انس من ائمة الفقها
يـتحاملان عليه بالجرح والتضعيف ويتهمانه بالكذب والدجل والتدليس , والقول بالقدر , والنقل عن
غـير الثقات ,واخطا في الانساب ولكن لعله لان ابن اسحاق كان يطعن في نسب مالك وعلمه ويقول :
«4»اذن فالحملة متقابلة من الطرفين
, والتضعيف ضعيف لانه معلوم الوجه والعلة «الشخصية ».




مغازي الواقدي :.




امـا الـواقـدي مـحـمـد بن عمر بن واقد مولى بني سهم , فقد ذكر تلميذه ابن سعد في «الطبقات
الـكـبـرى » ا نه ولد في المدينة سنة 130 ه اي بعدخروج ابن اسحاق منها بخمسة عشر عاما ,
ولـذلـك لـم يرو عنه وان كان قدروى عن سائر رواة الاخبار عن الزهري , مع تشابه كبير بين
فـقرات كتاب السيرة لابن اسحاق وكتاب المغازي للواقدي , ولذلك زعم مستشرقان هما( فلهوزن
وهورفتس ) ا نه سرق منه ولم يسنده اليه , وفند زعمهما مستشرق آخر هو ( مارسدن جونس )
محقق المغازي كما في مقدمته للكتاب «5» ثم احتمل ان يكون الواقدي قد اعرض عن الرواية عن
ابن اسحاق نظرا الى عدم توثيق علما المدينة له .




ثـم قـال : يـبدو واضحا للقارئ الحديث ان من اهم السمات التي تجعل الواقدي في منزلة خاصة بين
اصحاب السير والمغازي تطبيقه المنهج التاريخي العلمي الفني , فانا نلاحظ عند الواقدي ـ اكثر مما
نـلاحـظ عـند غيره من المؤرخين المتقدمين ـ ا نه كان يرتب التفاصيل المختلفة للحوادث بطريقة
منطقية لاتتغير , فهو مثلا يبدا مغازيه بذكر قائمة طويلة من الرجال الذين نقل عنهم تلك الاخبار ثم
يـذكـر الـمغازي واحدة واحدة مع تاريخ محدد للغزوة بدقة ,وغالبا مايذكر تفاصيل جغرافية عن
مـوقع الغزوة , ثم يذكر المغازي التي غزاها النبي بنفسه , واسما الذين استخلفهم على المدينة اثنا
غزواته , واخيرايذكر شعار المسلمين في القتال , كل ذلك بالاضافة الى وصفه لكل غزوة باسلوب
موحد : فيذكر اولا اسم الغزوة وتاريخها واميرها.




وكثيرا مايقدم لنا الواقدي قصة الواقعة باسناد جامع , اي يجمع الرجال والاسانيد في متن واحد واذا
كانت الغزوة قد نزل فيها آيـات كثيرة من القرآن الكريم , فان الواقدي يفردها وحدها مع تفسيرها
ويضعها في نهاية اخبار الغزوة , وفي المغازي المهمه يذكر الواقدي اسما الذين استشهدوافيها.




وان مـا اورده فـي الـكتاب من التفاصيل الجغرافية ليوحي بجهده ومعرفته للدقائق في الاخبار التي
جمعها في رحلته الى شرق الارض وغربهاطلباللعلم «6» وقد روى الخطيب البغدادي وابن سيد
الـنـاس «7» عن الواقدي ا نه قال : ماادركت رجلا من ابنا الصحابة وابنا الشهدا ولامولى لهم الا
سـالـتـه : هل سمعت احدا من اهلك يخبرك عن مشهده واين قتل ؟ فاذااعلمني مضيت الى الموضع
فـاعـايـنـه , ومـا علمت غزاة الا مضيت الى الموضع فاعاينه , حتى لقد مضيت الى «المريسيع »
فنظرت اليها.




ورووا عـن هارون الغروي قال : رايت الواقدي بمكة ومعه ركوة فقلت : اين تريد ؟ قال : اريد ان
امضي الى حنين حتى ارى الموضع والوقعة .




ويشهد لنباهة الواقدي بهذا الشان ماقصه تلميذه وراويته ابن سـعدفي الطبقات :.




ان هـارون الـرشـيد ويحيى بن خالد البرمكي حين زارا المدينة في حجتهما , طلبا من يدلهما على
الـمـشـاهـد وقـبـور الشهدا , فدلوهما على الواقدي ,فصحبهما في زيارتهما فلم يدع موضعا من
الـمـواضـع ولامـشهدا من المشاهد الا مر بهما عليه فمنحه هارون الرشيد بعشرة آلاف درهـم ,
فصرفها في قضاديون كانت قد تراكمت عليه وزوج بعض ولده وبقي في يسر وسعة «8» .




ولكنه يعود فيقول : انه لحقه دين بعد ذلك فذهب الى العراق سنة180 ه «9» ويفصل الخطيب عن
الـواقـدي يـقـول : كـانـت للناس في يدي مائة الف درهم اضارب بها في الحنطة , وتلفت الدراهم ,
فـشخصت الى العراق فقصدت يحيى بن خالد البرمكي «10» , ويفصل ابن سـعد عنه ايضا يقول :
ثـم ان الـدهـر اعـضنا , فقالت لي ام عبداللّه : ياابا عبد اللّه ماقعودك وهذا وزيرامير المؤمنين قد
عـرفـك وسـالـك ان تـسير اليه حيث استقرت به الدار فرحلت من المدينة ولما دخل بغداد وجد
الخليفة والبلاط قد انتقلوا الى الرقة بالشام فرحل اليهم حتى لحق بهم «11» فيقول : صار الي من
السلطان ستمائة الف درهم ماوجبت علي فيها الزكاة «12» ثم رجع معهم الى بغداد وبقي بها , حتى
قدمها المامون فجعله قاضيا لعسكر المهدي «13» وكان العسكر في الجانب الشرقي وكان الواقدي
فـي الـجـانـب الغربي فلما انتقل حمل كتبه على عشرين ومائة وقر «14» فولي القضا مدة اربع
سنوات قبل وفاته , واوصى الى المامون فقبل وصيته وارسل اليه باكفانه وقضى دينه «15» .




ذكـر ابـن سـعد ـ وهو تلميذه وكاتبه وراويته ـ يقول : مات ببغداد ليلة الثلاثا لاحدى عشرة ليلة
خلت من ذي الحجة سنة سبع ومائتين ودفن يوم الثلاثا في مقابر الخيزران , وهو ابن ثمان وسبعين
سنة «16» .




مكانة الواقدي في الرواية والعلم :.




وتـتـجـلـى مـكـانته في الرواية والعلم في وصف كاتبه وتلميذه ابن سعد له حيث يقول : كان عالما
بالمغازي والسيرة والفتوح واختلاف الناس في الحديث والاحكام , واجتماعهم على مااجمعوا عليه ,
وقد فسر ذلك في كتب استخرجها ووضعها وحدث بها «17» .




وقـال عـنه ابن النديم في الفهرست : انه كان عنده غلامان يعملان ليلاونهارا في نسخ الكتب , وقد
ترك عند وفاته ستمائة قمطر من الكتب يحتاج كل منها الى رجلين لحمله «18» .




ونـقـل الـخـطـيب البغدادي عن علي بن المديني : ان ماجمع الواقدي من الاحاديث بلغ عشرين الف
حديث «19» .




ونـقـل ابن سيد الناس عن يحيى بن معين ا نه قال : اغرب الواقدي على رسول اللّه في عشرين الف
حـديـث ثم قال ابن سيد الناس : وقد روينا عنه من تتبعه آثار مواضع الوقائع وسؤاله من ابنا الشهدا
والـصـحـابـة ومـوالـيـهـم عـن احـوال سـلـفـهـم مايقتضي انفرادا بالروايات واخبارا لاتدخل
تحت الحصر «20» .




ونـقـل الذهبي عن ابراهيم الحربي ا نه كان يقول عنه : انه كان اعلم الناس بامر الاسلام , فاما امر
الجاهلية فلم يعلم منها شيئا «21» ثم ذكروا له زها ثلاثين كتابا.




ونرى في قائمة كتبه كتاب الطبقات , ولنا ان نتمثله في كتاب الطبقات الكبرى لتلميذه وكاتبه محمد
بن سعد , فقد نقل عنه كثيرا ولاشك ا نه صنفه على غرار كتاب شيخه وروى فيه عن غيره ايضا.




ومـن كتبه كتاب الردة , ذكر فيه ارتداد العرب بعد وفاة النبي (ع ) ,ومحاربة الصحابة لطلحة بن
خويلد الاسدي ومسيلمة الكذاب وسجاح في اليمامة والاسود العنسي في اليمن وقد نقل عنه تليمذه
ابـن سـعـد فـي الـطبقات والطبري في تاريخه اخبار الاحـداث التي تلت وفاة النبي , وانما هو من
كتابه في الردة .




ويمكن القول بان مانقله ابن سعد , والطبري عنه عن الواقدي من اخبار الجاهلية فهو من كتاب سموه
: «كـتـاب الـتـاريخ والمغازي والمبعث » ,هكذا بتقديم المغازي على المبعث وتاخير المبعث عن
الـمغازي , الذي عدوه غير كتاب المغازي والطبري ينقل المغازي عن الواقـدي مباشرة ولكنه حين
يورد اخبار الجاهلية وماقبل الاسلام فانه يرويها عن ابن سعد عن الواقدي , مما يدل على ا نه اعتمد
فـي الـمغازي على كتاب المغازي للواقدي ,واما في اخبار الجاهلية فهي من كتاب آخر له لعله هو
التاريخ والمبعث .




ومـن كـتـبه «فتوح الشام وفتوح العراق » , وقد نقل البلاذري في كتابه «فتوح البلدان » عن
الـواقـدي كـثـيـرا , وهو من تلامذة ابن سعد كاتب الواقدي , فهو قد روى كتاب شيخه له ورواه
الـبـلاذري كما نقل ابن كثير في «البداية والنهاية » كثيرا من حوادث سنة 64 ه والطبري نقل
عنه كثيرا من حوادث النصف الثاني من القرن الثاني اي التي عاشها الواقدي .




حول تشيع الواقدي وابن اسحاق :.




قـال ابـن النديم «22» في فهرسته عن الواقدي : كان يتشيع , حسن المذهب ,يلزم التقية , وهو
الذي روى ان عليا كان من معجزات النبي (ع ) كالعصالموسى واحيا الموتى لعيسى بن مريم (ع ) ,
وغير ذلك من الاخبار «23» .




ونـقـل هذا القول عنه السيد الامين العاملي صاحب «اعيان الشيعة »وترجم له «24» , وكذلك
ذكـره آقـا بـزرك الطهراني في «الذريعة الى تصانيف الشيعة » «25» عند الحديث عن تاريخ
الـواقـدي بـينما لم يذكره الشيخ الطوسي في فهرسته ولارجاله ولاذكر كتابا من كتبه حتى مقتل
الحسين (ع ).




وابـن ابـي الـحديد حينما ينقل فقرة طويلة عن الواقدي ثم يورد رواية اخرى مختلفة عن الاولى
يبدؤها بقوله : «وفي روايـة الشيعة » «26» , مما يدل على ا نه لم يعتبره شيعيا ولاممثلا لهم .




ومن الطريف ان يلاحظ ان ابن اسحاق ايضا كان يتهم بالتشيع «27» .




ولـعـل الـسبب في وصفهما بالتشيع لايرجع الى عقيدتهما الشخصية , بل الى ماورد في كتابيهما من
الاخـبار التي يعرضونها مما تقتضيه طبيعة التاليف في مثل هـذه الموضوعات لا عن عقيدة صحيحة
بـهـا , والـى مـااورداه فـي بعض المواضع من كتابيهما بشان جماعة من الصحابة منهم بعض الخلفا
فيذكرانهم بعبارات لاتضعهم في الموضع الموضـوع لهما عند كثير من المسلمين .




ولذلك فان اكثر النقاد من المحدثين الاوائل كانوا يضعفون الواقدي في الحديث .




فقد قال البخاري والرازي والنسائي والدارقطني : انه متروك الحديث ,ولكنهم لم يجمعوا على ذلك
, فقد وصفه الدرآوردي با نه : امير المؤمنين في الحديث .




وقال يزيد بن هارون : الواقدي ثقة .




ووثـقـه مـصـعـب الزبيري , ومجاهد بن موسى , والمسيب وابو عبيد القاسم بن سلام , وابو بكر
الصغائي «28» .




وقال ابراهيم الحربي : هو آمن الناس على اهل الاسلام «29» .




وقـال ابن النديم : كان عالما بالمغازي والسير والفتوح واختلاف الناس في الحديث والفقه والاحكام
والاخبار «30» .




امـا بـالـنسبة لابن اسحاق : فقد عقد الخطيب البغدادي في كتابه «تاريخ بغداد» وكذلك ابن سيد
الناس في كتابه « عيون الاثر » فصلين فندا فيهما جميع المطاعن التي وجهت اليه .




وبالنسبة لتشيعه وقوله بالقدر قالا ماملخصه : اما مارمي به من التدليس والقـدر والتشيع فلا يوجب
رد روايـته , ولايوقع فيها كبير وهن ,اما التدليس فمنه القادح وغير القادح , ولايحمل ماوقع هنا
مـن مـطلق التدليس على التدليس المقيد بالقادح في العدالة , وكذلك القدر والتشيع لايقتضيان الردالا
بضميمة اخرى لم نجدها هنا والعجيب ا نك لاتجد شيئا من هذاالتشكيك في عبد الملك بن هشام مهذ
ب سيرة ابن اسحاق , فلو كان العيب في هذا الباقي من سيرة ابن اسحاق لشمل الشك ابن هشام ايضا.




وعندئذ نطمئن الى ان العيب ليس في هذا الباقي بل فيما قال عنه ابن هشام : «وتارك بعض مايذكره
ابـن اسحاق في هذا الكتاب اشيا بعضهايشنع الحديث به , وبعض يسؤ بعض الناس ذكره , وبعض لم
يقر لنا البكائي بروايته , ومستقص ماسوى ذلك ».




وعندئـذ تجد محور اتهام التشيع ايضا وقد راينا ا نا اذا استثنينا هذين المتهمين بالتشيع لم يبق لعامة
الـمـسـلمين شي يذكر في السيرة ولا المغازي وعندئذ ندرك ايضا ان السابقين الاولين الى تدوين
سـيـرة الـرسـول ومـغـازيـه اي الـصـدر الاول مـن تاريخ الاسلام هم من شيعة ائمة اهل البيت
(ع )اوالمقاربين لهم المتهمين بهم .




نقد كتب السيرة :



لـعل النظر الى تراث السلف الصالح ـ ولاسيما سيرة الرسول الكريم ـبنظرة التقـديس , هو الذي ادى بـالـمؤلفين في السيرة على اختلاف طبقاتهم ان لايقفوا موقـف الناقد البصير , فلم نر منهم من
يـعـرض لـمـا تحمله السيرة بين دفتيها من اخبار ضعيفة بعيدة عن الحقيقة لينقدها وياتي على نقاط
الـضـعـف فـيها , فهذا ماحرمه هذا العلم في جميع ادواره السالفة الى عهدنا هذا الاخير ,حيث اخذ
الـمستشرقون والمتاثرون بهم يتناولون خبرا او خبرين من السيرة وسيلة للطعن في شخص النبي
الـكـريم (ع ) او مايتصل به , فمن بعض اصحاب الاقلام الجديدة بان في السيرة اخبارا لاتمت الى
الحق بصلة في قليل ولاكثير ,ثم تجرؤوا فاقدموا على تهذيب السيرة مما الصق بها وهي ليست منها
«31».




وغرام الرسول (ع ) بزوجة زيد ربيبه ان سيرة محمد (ع ) كسائر العظما اضيف اليها ماليس منها , اما عن حب وهوى وحسن نية وطوية ,
وامـا عـن حـقـد وسؤ قصد متعمد , ولكنهاتمتاز عن سير جميع العظما بان شيئا كثيرا منها ضمه
الـوحـي الالـهـي وضـمـن حـفـظه القرآن الكريم , وكثيرا منها مروي على لسان الحفاظ الثقات
مـن الـمـحدثين فعلى هذه الاسس الصحيحة يجب ان تبنى السيرة , وان تحلل التحليل العلمي النزيه
بملاحظة ظروف الوسط وحال البيئة وجوانبها المختلفة من عقائد ونظم وعادات وتقاليد وطقوس
, وان لايـبـنـى الاسـاس عـلى المعجزات والكرامات وخوارق العادات الا ماخرج بالدليل بل يبنى
عـلـى اسـاس «ان اللّه ابى ان يجري الاشيا الا باسباب » «32» اللهم الا ما خرج بالدليل الثابت
المعقول .




الخلاف في كتب السيرة وبينها :.




ان الدارس لكتب السيرة والتاريخ يلاحظ ان ماروته من انباالخوارق والمعجزات وغيرها من كثير
مـن الانبا , ينقص ثم يزيد بزيادة الازمان التي وضعت فيها هذه الكتب , فقديمها اقل رواية للخوارق
مـن مـتـاخرها , وماورد من الخوارق في الكتب القديمة اقل بعدا عن مقتضى العقل مما ورد في كتب
المتاخرين .




فـهـذه سيرة ابن هشام او قل ابن اسحاق اقدم السير المعروفة اليوم تغفل كثيرا عما ذكره ابو الفدا
في تاريخه وماذكره القاضي عياض في «الشفا» وعن جميع كتب المتاخرين تقريبا.














/ 37