الشيعة في ايران . - شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




بسم اللّه الرحمن الرحيم .



الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين .



الشيعة في ايران .

الشيعة في ايران .




دراسة تاريخية منذالبداية حتى القرن السابع الهجري .



تاليف : رسول جعفريان .



ترجمة : علي هاشم .



مقدمة المترجم .



مقدمة
المترجم .




بسم اللّه الرحمن الرحيم .



وله الحمد والمجد والصلاة والسلام على سيدنا و نبينا محمد و آله الهداة الميامين .



لعل اشمل و اروع تعريف للشيعة هو التعريف القائل : ان الشيعة فرقة من المسلمين اهتدت بسنة نبيها
مـحـمـد ـ صـلى اللّه عليه و آله و سلم ـ في اتباع اهل بيته المنصوص على امامتهم , و هم علي و
ابناؤه الاحد عشر ـ عليهم السلام اجمعين .



و فـي ضؤ هذا التعريف يستبين لنا ان الشيعة هم اناس مسلمون يتخذون الاسلام منارا في عملهم و
سلوكهم , و ان التشيع هوالاقتدا بسنة النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ و هدي اهل بيته ـ عليهم السلام
ـ متجسدا في ولا اهل البيت ولا قلبياو عمليا, كما يدلنا التعريف على ان اهل البيت هم الائمة الذين
ورد النص على امامتهم .



وهم اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب و ابناؤه الاحد عشر بدا بالامام الحسن ,و انتهاا بالامام المهدي
ـ صلوات اللّه عليهم اجمعين فيخرج بذلك من يحسب على الشيعة من سائر فرق المسلمين كالزيدية
والاسماعيلية و نظائرهما.



و جـا فـي كتب اللغة ايضا ما يقرب من التعريف المشار اليه فقد قال في القاموس : ((و شيعة الرجل
اتـباعه و انصاره , و الفرقة على حده , و يقع على الواحدو الاثنين و الجمع , والمذكر والمونث و
قـد غلب هذا الاسم على كل من يتولى علياو اهل بيته , حتى صار اسما لهم خاصا, و جمعه اشياع و
شيع كعنب ((1)) )).



و قـال ابـن الاثير في النهاية : ((واصل الشيعة الفرقة من الناس و تقع على الواحدوالاثنين و الجمع
والمذكر والمؤنث بلفظ واحد و معنى واحد.



و قد غلب هذا الاسم على كل من يزعم ا نه يتولى عليا ـ رضي اللّه عنه ـ و اهل بيته حتى صار لهم
اسـمـا خـاصا, فاذا قيل : فلان من الشيعة , عرف ا نه منهم , و في مذهب الشيعة كذا, اي : عندهم , و
تجمع الشيعة على شيع , و اصلها من المشايعة ,و هي المتابعة والمطاوعة ((2)) )).



و قـال ابـن خـلدون في مقدمته : ((اعلم ان الشيعة لغة هم الصحب والاتباع و يطلق في عرف الفقها
والمتكلمين من الخلف والسلف على اتباع علي و بنيه ـ رضي اللّه عنهم ((3)) )).



و هكذا ورد في لسان العرب , و المصباح المنير, والصحاح , و غيرها.



و لـو تـامـلـنـا في المصادر المعنية بدراسة الشيعة و التشيع , لوقفنا على حقائق دامغة لامناص من
الـتـسليم بها و انما اقول : حقائق , لا نها ساطعة واضحة , متسمة بقوة الدلالة والبرهان حتى لا نجد
سبيلا الى انكارها وها نحن نسجل فيما ياتي عددا منها يرتبط بصميم الموضوع :.



الحقيقة الاولى .

الحقيقة الاولى .




الـتـشيع , او قل : مذهب اهل البيت : سنة نبوية اي : ان النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ هو الذي ارسى دعائم التشيع , و اسس قواعده , بل ولد التشيع مع ولادة الرسالة الاسلامية فقد جا في الاثر ا نه لما
نـزل قـولـه ـ تـعالى : (و انذر عشيرتك الاقربين ((4))), و جمع النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ
بـني هاشم و انذرهم , قال :ايكم يؤازرني ليكون اخي و وارثي و وزيري و وصيي و خليفتي فيكم
بـعـدي فـلـمـالم ـ يجبه الى ما اراد غير الامام علي ـ عليه السلام ـقال لهم : هذا اخي و وارثي و
وزيري و وصيي و خليفتي فيكم بعدي , فاسمعوا له و اطيعوا ((5)) .



و قد سجل معاصر هذه الحقيقة منشدا:.








  • ان التشيع سنة نبوية
    ودع التعصب جانبا فالحق في
    هدي النبوة والامامة فاعلما.



  • فافهم و كن مستبصرا مستسلما.
    هدي النبوة والامامة فاعلما.
    هدي النبوة والامامة فاعلما.





و لم ينطق الشيعة بهذه الحقيقة فحسب , بل شاركهم فيها عدد من الباحثين والمحققين من خلال كتبهم
و مـحـاضـراتهم و مقالاتهم التي عضدوها بالماثور في هذا المجال و تمثل اقوالهم و آراؤهم ادلة
قاطعة و براهين ساطعة على هذه الحقيقة نجتزئ هنا بنقل شذرات منها:.



قال ابن خلدون : ((كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي و يرون استحقاقه على غيره و لما عدل
به الى سواه , تاففوا من ذلك و اسفوا له , الا ان القوم لرسوخ قدمهم في الدين و حرصهم على الالفة لم
يزيدوا في ذلك على النجوى بالتافف والاسف ((6)) )).



و قال ابن حجر في الاستيعاب عند ترجمة ابي الطفيل : عامربن واثلة بن كنانة الليثي ابوالطفيل ادرك
من حياة النبي ـ صلى اللّه عليه وآله ـ ثمان سنين و كان مولده عام احد, و مات سنة مائة و يقال : انه
آخـر من مات ممن راى النبي و قد روى نحواربعة احاديث و كان محبا لعلي , و كان من اصحابه في
مشاهده و كان ثقة مامونايعترف بفضل الشيخين الا ا نه يقدم عليا انتهى باختصار ((7)) .



و نطالع في كتاب خطط الشام كلاما في غاية الروعة للاستاذ محمد كرد علي ,وهو ليس من الشيعة
و لا مـن انـصارهم , بيد ا نه نقل الحقيقة جلية في كتابه المذكورو من تحرى الامانة والنزاهة فان
نـقل الحقيقة عنده ايسر مايكون و من كانت الحقيقة ضالته فانه يعرف قيمتها اذا عثر عليها يقول هذا
المؤلف :.



((عـرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وآله و سلم ـ
مـثـل سـلـمـان الفارسي القائل : بايعنا رسول اللّه على النصح للمسلمين , والائتمام بعلي بن ابي طالب
والموالاة له .



و مـثـل ابي سعيد الخدري الذي يقول : امر الناس بخمس , فعملوا باربع و تركواواحدة و لما سئل
عـن الاربـع , قال : الصلاة , والزكاة , و صوم شهر رمضان ,والحج قيل : فما الواحدة التي تركوها؟
قال : ولاية علي بن ابي طالب قيل : و انهالمفروضة معهن ؟ قال : نعم , هي مفروضة معهن .



و مـثل ابي ذرالغفاري , و عمار بن ياسر, و حذيفة بن اليمان , و ذي الشهادتين خزيمة بن ثابت , و ابي
ايوب الانصاري , و خالدبن سعيدبن العاص , و قيس بن سعد بن عبادة ((8)) )).



و يواصل كلامه قائلا : ((و اما ما ذهب اليه بعض الكتاب من ان اصل مذهب التشيع من بدعة عبداللّه
بـن سـبـاالمعروف بابن السودا, فهو وهم , و قلة معرفة بحقيقة مذهبهم و من علم منزلة هذا الرجل
عـند الشيعة و براتهم منه , و من اقواله و اعماله , و كلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم ,
علم مبلغ هذا القول من الصواب .



لاريب في ان اول ظهور الشيعة كان في الحجاز بلد المتشيع له ((9)) )).



و يقول ايضا: ((و في دمشق يرجع عهدهم الى القرن الاول للهجرة ((10)) )).



نستشف من ذلك ان التشيع نبوي البنا.



و لـعـل الـنـصـوص التاريخية ـ التي وصفت جماعة بالتشيع ايام النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ اذ
احصت بعض الكتب اسما مائة و ثلاثة و ثلاثين صحابيا عرفوابتشيعهم و ولائهم للامام علي ـ عليه
السلام ((11)) ـ دليل آخر يرشد الى هذه الحقيقة .



يـضـاف الى هذا, ما صح في الاثر المتفق عليه بين الفريقين , كحديث المنزلة ,والثقلين , والمؤاخاة ,
والـمـباهلة , والغدير, و عشرات المفردات الواردة في هذاالمجال , فان ذلك كله يدل دلالة قاطعة
عـلـى ان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله ـهو الذي بذر بذرة التشيع المباركة و تعاهدها بنفسه
الـشـريـفـة , و اكد عليها مرارا,و لم يال جهدا في رعايتها والايصا بها حتى اللحظات الاخيرة من
عمره المقدس .



و حسبنا وقفته التاريخية في غدير خم امام الحشد الغفير من المسلمين حيث مفترق الطرق في ذلك
الهجير الملتهب , مهتما بالامر اعظم اهتمام حتى فطن المسلمون له .



و انشد حسان بن ثابت الانصاري شعرا في تلك المناسبة قال فيه :.









  • يناديهم يوم الغدير نبيهم
    فقال : فمن مولاكم و نبيكم ؟
    الهك مولانا و انت نبينا
    فقال له : قم يا علي فانني
    فمن كنت مولاه فهذا وليه
    هناك دعا اللهم وال وليه
    و كن للذي عادى عليامعاديا ((12)) .



  • بخم و اسمع بالرسول مناديا.
    فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا:.
    و لم تلق منا في الولاية عاصيا.
    رضيتك من بعدي اماما و هاديا.
    فكونوا له اتباع صدق مواليا.
    و كن للذي عادى عليامعاديا ((12)) .
    و كن للذي عادى عليامعاديا ((12)) .





والـلافـت للنظر ان اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام قد تفرد بتشيع عدد من الصحابة له
ايام النبي الاعظم ـ صلى اللّه عليه وآله ـ بينما لم يتشيع احدمنهم لابي بكر او عمر يومئذ بدليل ا ننا
لم نشم رائحة التشيع لهما في اجواالسقيفة .



و من قال بان التشيع نشا بعد حادثة السقيفة , او في ايام عثمان , او في عصرخلافة الامام علي ـ عليه
السلام ـ او بعد واقعة الطف , فان قوله لا يقوم على دليل ,و حجته داحضة .



و ثبت وهن الذاهبين الى هذه الارا عبر الحجج الدامغة التي ادلى بهاعلما الامامية و عظماؤهم امثال
الـشـيـخ الـمـفـيد ((13)) , والشريف المرتضى ((14)) , والسيد ابن طاوس ((15)) , والعلا مة
الـحـلـي ((16)) , والامـام السيد عبدالحسين شرف الدين ((17)) , والسيد حامد حسين ((18)) ,
والـعـلا مـة الامـيـنـي ((19)) , والـعـلا مـة الـمـظـفـر ((20)) ,والـمـفـكر العظيم الامام
الشهيدالصدر ((21)) , و غيرهم من العلما الابرار والمفكرين الاسلاميين .



الحقيقة الثانية .

الحقيقة
الثانية .




ان التشيع يمثل الامتداد الطبيعي للرسالة الاسلامية , و المتمم لها, والباعث على خلودها و بقائها فان الـرسـالـة الاسلامية خاتمة الرسالات , و لابد لها من ضمانة تتكفل بامتدادها و استمرارها, و هذه
الـضمانة تكون بمستوى الرسالة في كافة توجهاتها و تعاليمها و لو تصفحنا كتب التاريخ جيدا, فاننا
نـجـدهـا مجمعة على ان النبي الاكرم ـ صلى اللّه عليه وآله ـ كان شديد الحرص على دعوته , دائم
التفكيربمستقبلها, مما يتطلب ذلك منه ان يخطط لسلامة مستقبلها, وصيانتها من الانحراف .



و عـنـدمـا قـلنا : ان التشيع يمثل الامتداد الطبيعي للرسالة الاسلامية , فان هذه الامتدادية نابعة من
تفكير الرسول الاعظم ـ صلى اللّه عليه وآله ـ بمستقبل تلك الرسالة التي سيظهرها اللّه على الدين
كله و لا اخال لبيبا منصفا يخامره الشك في ان النبي ـ صلى اللّه عليه وآله ـ لم يهمل امر الامة , و لم
يترك رسالته في مهب الاقدار.



و كـيـف نـعـقل صدور ذلك منه , وهو الذي كان يامر بالتامير في السفر حتى لوكان سفر شخصين
اثنين ؟.



و كـيـف نـستسيغ ذلك منه , وهو الذي لم يخل المدينة ساعة واحدة عندما كان يذهب في غزوة او
مـهـمة ما؟ و هل يصدق ذو بصيرة ان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله ـ لم يشعر بضرورة تعيين
الخليفة بعده ؟.



و نـعـم مـا اشـار اليه اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ في خطبته التي ذكر فيها ابتداخلق السماوات
والارض و خـلـق آدم , فقال : ثم اختار سبحانه لمحمد ـ صلى اللّه عليه و آله ـ لقاه , و رضي له ما
عنده , و اكرمه عن دار الدنيا, و رغب به عن مقارنة البلوى ,فقبضه اليه كريما ـ صلى اللّه عليه و
آلـه ـ , و خـلـف فيكم ما خلفت الانبيا في اممها اذلم يتركوهم هملا بغير طريق واضح , و لا علم
قائم ((22)) .



و اذا كـنـا نـقرا في التاريخ ان المجتمعين في السقيفة قد بادروا اليها شعورا منهم بتلك الضرورة ,
فـاختار عمر ابابكر و قبل ان يموت ابوبكر نصب عمر ثم لما طعن عمر حصر الخلافة في الستة
الـذين رشحهم بنفسه فاذا كنا نقرا كل ذلك , و نعلم ان ذوي العلاقة سارعوا الى السقيفة لشعورهم
بـالـفـراغ الـذي خلفه رحيل الرسول الاعظم ـ صلى اللّه عليه و آله ـ, فكيف يروق لنا التقول على
النبي الكريم با نه اهمل الامة لتختار من تشا ؟ و هل كان هؤلا الاشخاص احرص منه على الرسالة ؟
و لا يـخـتـلف اثنان ان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله ـ كان يشعربمسؤوليته حيال دينه , و هو
الـذي كـان يبشر المسلمين بفتح كنوز كسرى و قيصر اتباعه باشيا لم يتوقعوها و يتصوروها,لابد ان يعين قيما يواصل مسيرته , و يضمن تحقيق اهدافه و
طـمـوحـاته و ليس هذاالقيم الا علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ الذي تواترت الشواهد من حياة
الـنـبـي ـصـلى اللّه عليه و آله ـ على ا نه كان يعده اعدادا رساليا خاصا و كان ((يخصه بكثيرمن
مـفـاهـيـم الـدعوة و حقائقها, و يبداه بالعطا الفكري والتثقيف , اذا استنفد الامام اسئلته و يختلي به
الـساعات الطوال في الليل والنهار, يفتح عينيه على مفاهيم الرسالة و مشاكل الطريق , و مناهج العمل
الى آخر يوم من حياته الشريفة ((23)) )).



و روى الـحاكم في المستدرك بسنده عن ابي اسحاق , قال : سالت القاسم بن العباس : كيف ورث علي
رسول اللّه ؟ قال : لا نه كان اولنا به لحوقا, و اشدنا به لزوقا ((24)) .



و في حلية الاوليا عن ابن عباس ا نه قال : كنا نتحدث ان النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ عهد الى علي
سبعين عهدا لم يعهد الى غيره ((25)) .



و روى الـنـسـائي عن ابن عباس , عن علي ـ عليه السلام ـ ا نه قال : كانت لي منزلة من رسول اللّه ـ
صـلـى اللّه عـليه و آله و سلم ـ لم تكن لاحد من الخلائق , كنت ادخل على نبي اللّه كل ليلة فان كان
يصلي , سبح فدخلت و ان لم يكن يصلي , اذن لي فدخلت ((26)) .



و روي ايـضـا عن الامام ـ عليه السلام ـ قوله : كان لي مع النبي ـ صلى اللّه عليه وآله ـ مدخلان :
مدخل بالليل , و مدخل بالنهار ((27)) .



و روي الـنـسائي عن الامام ايضا ا نه كان يقول : كنت اذا سالت رسول اللّه ـصلى اللّه عليه و آله ـ
اعطيت , و اذا سكت ابتداني .



و رواه الحاكم في المستدرك ايضا, و قال : صحيح على شرط الشيخين ((28)) .



و روى الـنـسـائي عـن ام سـلـمة ا نها كانت تقول : والذي تحلف به ام سلمة ان اقرب الناس عهدا
بـرسـول اللّه ـ صـلى اللّه عليه و آله ـ علي ـ عليه السلام ـ قالت : لماكانت غداة قبض رسول اللّه ,
فـارسـل اليه رسول اللّه , و اظنه كان بعثه في حاجة ,فجعل يقول : جا علي ؟ ثلاث مرات فجا قبل
طلوع الشمس , فلما ان جا عرفناان اليه حاجة , فخرجنا من البيت .



و كـنا عند رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله ـ يومئذ في بيت عائشة , و كنت في آخر من خرج من
الـبـيت , ثم جلست من وراالباب , فكنت ادناهم الى الباب , فاكب عليه علي , فكان آخر الناس به عهدا,
فجعل يساره و يناجيه ((29)) .



و قـال امـيـرالـمـؤمنين ـ عليه السلام ـ في خطبته القاصعة الشهيرة , و هو يصف ارتباطه الفريد
بالرسول القائد, و عناية النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ باعداده و تربيته :.



(( و قـد عـلـمتم موضعي من رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله و سلم ـ بالقرابة القريبة ,والمنزلة
الخصيصة وضعني في حجره و انا وليد, يضمني الى صدره , و يكنفني في فراشه , و يمسني جسده ,
و يشمني عرفه و كان يمضغ الشي ثم يلقمنيه و ما وجد لي كذبة في قول , و لا خطلة في فعل و قد
كنت اتبعه اتباع الفصيل اثر امه .



يـرفـع لـي في كل يوم من اخلاقه علما, و يامرني بالاقتدا به و لقد كان يجاور في كل سنة بحرا,
فاراه و لا يراه غيري .



و لـم يـجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله ـو خديجة , و انا
ثالثهما ارى نور الوحي والرسالة , و اشم ريح النبوة ((30)) )).



و ادى الادب الـعـربـي دورا عظيما مشرفا في التعبير عن هذه الحقيقة ((و كان لاحاديث الشيعة
والتشيع اثر ظاهر في اشعار الصحابة , نقل طرفا منها السيدالمرتضى في كتاب العيون والمحاسن ,
والشيخ الاميني في كتاب الغدير ((31)) )).



و قـد نـقـلـنـا سابقا ابيات حسان بن ثابت , و ننقل فيما ياتي اشعارا اخرى لبعض الصحابة فقد انشد
خزيمة بن ثابت ذوالشهادتين قائلا :.



اذا نحن بايعنا عليا فحسبنا
ابو حسن مما نخاف من الفتن .








  • وجدناه اولى الناس بالناس انه
    وصي رسول اللّه من دون اهله
    و اول من صلى من الناس كلهم
    و اول من صلى من الناس كلهم



  • اطب قريش بالكتاب و بالسنن .
    و فارسه قد كان في سالف الزمن .
    و اول من صلى من الناس كلهم





سوى خيرة النسوان واللّه ذوالمنن ((32)) .



وقال ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عند ما بويع ابوبكر:.








  • ما كنت احسب ان الامر منتقل
    اليس اول من صلى لقبلتهم
    وآخرالناس عهدا بالنبي و من
    جبريل عون له في الغسل والكفن ((33)) .



  • عن هاشم ثم منها عن ابي حسن .
    و اعلم الناس بالايات والسنن .
    جبريل عون له في الغسل والكفن ((33)) .
    جبريل عون له في الغسل والكفن ((33)) .





و قال عبداللّه بن ابي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب :.







  • و كان ولي الامر بعد محمد
    وصي رسول اللّه حقا و جاره
    و اول من صلى و من لان جانبه ((34)) .



  • علي وفي كل المواطن صاحبه .
    و اول من صلى و من لان جانبه ((34)) .
    و اول من صلى و من لان جانبه ((34)) .





و قال الصحابي جرير بن عبداللّه البجلي :.






  • فصلى الاله على احمد
    و صلى على الطهر من بعده
    عليا عنيت وصي النبي
    ي يجالد عنه غواث الامم ((35)) .



  • رسول المليك تمام النعم .
    خليفتنا القائم المدعم .
    ي يجالد عنه غواث الامم ((35)) .
    ي يجالد عنه غواث الامم ((35)) .





و قال عبدالرحمن بن حنبل :.







  • لعمري لئن بايعتم ذا حفيظة
    عفيفا عن الفحشا, ابيض ماجدا
    اباحسن فارضوا به و تبايعوا
    علي وصي المصطفى و وزيره
    و اول من صلى لذي العرش واتقى ((36)) .



  • على الدين معروف العفاف موفقا.
    صدوقا و للجبار قدما مصدقا.
    فليس كمن فيه لذي العيب منطقا.
    و اول من صلى لذي العرش واتقى ((36)) .
    و اول من صلى لذي العرش واتقى ((36)) .





نـستخلص من هذا كله ان حرص الرسول الاعظم ـ صلى اللّه عليه و آله ـ على الرسالة , و تفكيره
بـمـسـتـقبلها, و اهتمامه المركز في اعداد اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ اعدادا خاصا, و تاكيده
الـمستمر على شخصيته , و احاديثه المتواترة في بيان منزلته و مكانته , و تصريح اميرالمؤمنين ـ
عـلـيه السلام ـ نفسه بذلك في مواطن عديدة من ((نهج البلاغة )), و شهادة عدد من الصحابة الذين
زكـاهـم الفريقان , و اتفقاعلى توثيقهم و نقل الحديث عنهم , و تعبير هؤلا عن الحقيقة المشار اليها
عـبـراشـعارهم و كلماتهم كل ذلك يدل دلالة لا تقبل الشك والشبهة ان التشيع هوالامتداد الطبيعي
لـلـرسـالـة بـمـا تفرضه طبيعة الرسالة نفسها و لعل اجماع المؤرخين على تفرد اميرالمؤمنين ـ
عليه السلام ـ بفضائل و مناقب لم تكن لغيره معلم بارزعلى تلك الامتدادية .



و يـجـسـد الـتـشـيع الاطروحة الوحيدة النقية من شوائب الانحراف والهوى , بماكان عليه قادة
الاطروحة من سيرة شهد بنزاهتها و طهرها كل من ارخ لها.



الحقيقة الثالثة .

الحقيقة
الثالثة .




كـان ائمة اهل البيت ـ عليهم السلام ـ مفزع الامة والحكام في كل ما اشكل عليهم فقد كان المسلمون يـلـجـاون اليهم و يسالونهم عن كل ما اهمهم و كذلك كان يفعل الحكام و نقل لنا التاريخ عشرات بل
مـئات الشواهد التي تدل على رجوع الناس و حكامهم الى الائمة لحل اي مشكلة يستعصي حلها عليهم
((فقد كان الامام اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ هو المفزع والمرجع لحل اي مشكلة يستعصي حلها
عـلى القيادة الحاكمة يومئذ و لا نعرف في تاريخ التجربة الاسلامية على عهدالخلفا الاربعة واقعة
واحدة رجع فيها الامام الى غيره لكي يتعرف على راي الاسلام و طريقة علاجه للموقف , بينما في
الـتـاريـخ عشرات الوقائع التي احست القيادة الاسلامية الحاكمة فيها بضرورة الرجوع الى الامام
بالرغم من تحفظاتها في الموضوع ((37)) )).



فعندما فكر ابوبكر بغزو الروم , استشار جماعة من الصحابة , فقدموا و اخروا,و لم يقطعوا براي
فاستشار عليا ـ عليه السلام ـ في الامر, فقال ـ عليه السلام ـ : ان فعلت ظفرت فقال ابوبكر: بشرت
بخير و امرالناس بالخروج بعد ان امر عليهم خالد بن سعيد ((38)) .



و عن الطبري في تاريخه , عن سعيد بن المسيب , قال : جمع عمر بن الخطاب الناس , فسالهم : من اي
يـوم نكتب التاريخ ؟ فقال علي ـ عليه السلام ـ : من يوم هاجر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله ـ و
ترك ارض الشرك , ففعله عمر و هكذاوجد التاريخ الهجري ليؤرخ به المسلمون ((39)) .



و عن موطا مالك , عن بعجة بن بدر الجهني ا نه اتي عثمان بامراة قد ولدت لستة اشهر, فهم برجمها
فـقـال ـ عـليه السلام ـ ان خاصمتك بكتاب اللّه خصمتك ان اللّه ـ تعالى ـ يقول :( و حمله و فصاله
ثـلاثـون شـهـرا) ((40)) ثـم قال : ( والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم
الرضاعة ) ((41)) , فحولان مدة الرضاعة , و ستة اشهر مدة الحمل .



فقال عثمان : ردوها ((42)) .



و اتـذكر في هذا المجال قولا للخليل بن احمد الفراهيدي , شيخ سيبويه , نقله لي احد الادبا الثقات ,
قال : ((الدليل على اولوية علي استغناؤه عن الكل , و احتياج الكل اليه )) فالامام ـ صلوات اللّه عليه ـ
لم يحتج الى احد, بينما احتاج اليه الاخرون ,و كانوا يسالونه .



و رايـت شـواهد كثيرة رجع الخلفا الثلاثة فيها اليه , بخاصة الخليفة الثاني الذي اشتهر عنه قوله :
لـولا عـلي لهلك عمر و لم يرجع الى احد, و لم تعص عليه مسالة ,و لم يحرج في شي قط ذلك ا نه
اوتـي عـلـمـا مـحيطا مستوعبا, و ا نه صنع على عين اللّه , كما صرح هو بذلك في بعض كتبه الى
معاوية .



و هـكـذا سائر الائمة من اولاده الطاهرين , فانهم كانوا الملاذالوحيد للامة و حكامها و كم عجز
الـحـكـام عـن عـلاج المشاكل , التي كانت تعتريهم , فبادر الائمة الى اسعافهم , و كانوا بالمستوى
المطلوب في تلبية الحاجات و رفع المشاكل ,منطلقين من شعورهم بالمسؤولية المتمثلة بالمحافظة
على المصلحة الاسلامية العليا, و احساسهم بضرورة ادا دور ايجابي في خدمة الرسالة على الرغم
من اقصائهم عن مركزهم القيادي في زعامتها.



و نكتفي هنا بنقل مثالين في هذا المجال :.



الاول : يـتـمـثـل ((فـي الـمشكلة التي احدثها كتاب ملك الروم الى عبدالملك بن مروان , اذ عجز
عـبـدالملك عن الجواب على كتاب بمستواه , فملا الامام زين العابدين ـ عليه السلام ـ هذا الفراغ و
اجاب بالشكل الذي يحفظ للدولة كرامتها,و للامة الاسلامية هيبتها ((43)) )).



الـثاني : يتمثل ((في انقاذ الدولة الاسلامية من تحد كافر يهدد سيادتها كالتحدي الذي واجهه هشام
مـن الروم بشان النقد و عجز عن الرد عليه و كان الامام الباقر في مستوى الرد على هذا التحدي ,
فخطط للاستقلال النقدي ((44)) )).



و هـناك مئات الوقائع التي رجع فيها الحكام الامويون و العباسيون الى الائمة و استفتوهم فيها و لم
يـحـدثـنا التاريخ ان احد الائمة استفتى احدا, او استعصت عليه مسالة , او احرج في معضلة كما لم
يـحدثنا ا نهم تتلمذوا على يد احد من المسلمين وهذا دليل على عظمتهم وكفاتهم و عصمتهم , و للّه
درالشاعر اذ يقول :.







  • و وال اناسا قولهم و حديثهم
    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري .



  • روى جدنا عن جبرئيل عن الباري .
    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري .





و اجاد ابو فراس الحمداني اذ قال في ميميته العصما:.








  • ليس الرشيد كموسى في القياس ولا
    مامونكم كالرضا ان انصف الحكم .



  • مامونكم كالرضا ان انصف الحكم .
    مامونكم كالرضا ان انصف الحكم .




و كم اراد الحكام احراجهم و حـسبنا المناظرات العلمية التي جرت معهم , و مجالس الاحتجاج التي عقدت لاجل ذلك , فقد دلت
بكل وضوح ا نهم كانوا اكفا من غيرهم و احق كمادلت على تفوقهم علميا و سياسيا و اجتماعيا و لا
نـقـول هـذا من وحي التعصب والاعجاب , بل ان المصادر المعنية قد تحدثت عنه باسهاب , و اجملت
كثيرا,بخاصة مصادر الخصم , فانها نطقت بفضلهم و علمهم و نقاوة سيرتهم و عظمة اخلاقهم و لو
وجدت المجال واسعا, لاتيت بمئات الامثلة التي تقطع قول كل خطيب و لا احسب ان احدا يرتاب في
ان الـمـضايقات التي تعرض لها ائمة اهل البيت ـ عليهم السلام ـ متمثلة بالسجن , والنفي , والتشريد,
والـتـعـذيـب , والـقـتـل كانت نتيجة لشعور الحكام الامويين والعباسيين بعظمتهم , و علو شانهم ,و
حـقـانـيتهم , وجدارتهم و كان اولئك الحكام المنحرفون يعلمون علم اليقين ان الائمة افضل منهم و
احـق بالحكم و ولاية الامر بيد ان انحراف النفوس , والحسد,وحب الجاه والسلطة قد غلبت عليهم ,
بل غلبت عليهم شقوتهم .



الحقيقة الرابعة .

الحقيقة
الرابعة .




كـان ائمـة اهل البيت ـ عليهم السلام ـ يحظون بمنزلة خاصة و مكانة مرموقة بين المسلمين و كان الـمسلمون قاطبة ينظرون اليهم نظرة تبجيل و تكريم , و يحفظون حرمتهم , و يحسبون لهم حسابا
متميزا لما كانوا يلمسونه من عطا رسالي يستشعرونه في مختلف مجالاتهم , و يستفيدون منه في حل
مـشـكـلاتـهـم , والـحفاظعلى رسالتهم ((45)) كما كان المسلمون يولون احتراما خاصا للائمة
نـتـيـجة لشعورهم ان الائمة يتفردون في كل مفردة من مفردات حياتهم و قد لاحظالمسلمون ذلك
بمختلف توجهاتهم بيد ا ننا يمكن ان نقول : ان ذلك الولا ليس ولا عقيديا واعيا, بل هو ولا عاطفي لم
يـرتـكز على قاعدة صلبة و لو كان ولاعقيديا واعيا, لتمكن الائمة من تسلم مقاليد الامور و قيادة
الامـة و لـو قدر ذلك لهم , لانتشر التشيع العقيدي الواعي في كافة ارجا المعمورة والجالب للانتباه
ان عـزل الائمـة و حرمانهم من القيادة السياسية للامة لم يفقدهم مكانتهم الاجتماعية ,التي بلغت في
بـعـض الحالات مستوى تسلم السلطة ايضا, كما نجد ذلك في خلافة اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ
الذي تفرد عن غيره من الخلفا في ان الامة كلها بايعته طائعة منقادة و ((ان تلك الزعامة الواسعة التي
كانت نتيجة لايجابية الائمة في الحياة الاسلامية هي التي جعلت منه المثل الاعلى للثوار الذين قضوا
على عثمان وهي التي كانت تتمثل في مختلف العلاقات التي عاشها الائمة مع الامة ((46)) )).



و نـقرا كيف كان الامام موسى بن جعفر ـ عليه السلام ـ يقول لهارون الرشيد:انت امام الاجسام و انا
امام القلوب .



و لما اراد عبداللّه بن الحسن ان ياخذ البيعة لابنه محمد, كيف يقول للامام الصادق ـ عليه السلام : (و
اعـلم فديتك ا نك اذا اجبتني , لم يتخلف عني احد من اصحابك و لم يختلف علي اثنان من قريش و لا
غيرهم ).



ولنلحظ مدى ثقة الامة بقيادة ائمة اهل البيت , نتيجة لما يعيشونه من دورايجابي في حماية الرسالة
و مصالح الامة .



و مـثالنا على ذلك المناسبة الشهيرة التي انشد فيها الفرزدق قصيدته في الامام زين العابدين كيف ان
هيبة الحكم و جلال السلطان لم يستطع ان يشق لهشام طريقالاستلام الحجر بين الجموع المحتشدة
مـن افراد الامة في موسم الحج , بينمااستطاعت زعامة ائمة اهل البيت ان تكهرب تلك الجماهير في
لحظة , وهي تحس بمقدم الامام القائد و تشق الطريق بين يديه نحو الحجر.



و كـذلـك الـهـجـوم الـشـعبي الهائل الذي تعرض له قصر المامون نتيجة لاغضابه الامام الرضا ـ
عـلـيه السلام ـ, فلم يكن للمامون مناص من الالتجا الى الامام لحمايته من غضب الامة , فقال له الامام :
اتـق اللّه في امة محمد, و ما ولا ك من هذاالامر و خصك به فانك ضيعت امور المسلمين و فوضت
ذلك الى غيرك يحكم فيها بغيرحكم اللّه عزوجل .



ان كـل هـذه النماذج والمظاهر للزعامة االشعبية التي عاشها ائمة اهل البيت على طول الخط تبرهن
على ايجابيتهم و شعور الامة بدورهم الفعال في حماية الرسالة ((47)) .



هذه اربع حقائق موجزة احببت ان اعرضها في هذه المقدمة و ثمة حقائق اخرى ترتبط بمذهب اهل
البيت , والائمة المعصومين ـ عليهم السلام ـ و اتباعهم ,يضيق بنا المجال لطرحها.



و صفوة القول : ان خط اهل البيت هو الخط الذي نهجه رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله ـ و طلب من
المسلمين التمسك به , فاستجابت له ثلة واعية من خيرة الصحابة الذين زكتهم كتب الفريقين و اقرت
نـزاهـتـهـم و ايمانهم و حسن سيرتهم ,مما يعضد التمسك بذلك المذهب الحق , و يبرز دليلا على
احقيته و افضليته .



و رب سـائل يسال عن السبب في قلة المتمسكين بمذهب اهل البيت بين المسلمين , فنقول : ان الاهتدا
الـيـه كـالاهتدا الى رسالات السما, اذ لم يتيسر لكل احد, و ليست الكثرة مقياسا من منظار القرآن
الكريم , بل ان صحة العقيدة , و قوة الدليل والبرهان , و تشخيص الحق , و وعي الحقيقة هي المقاييس
التي يعرضهاالقرآن في هذا المجال و ان هناك اسبابا متنوعة لهذه القلة قد تظافرت فادت اليها,و هذا
موضوع يحتاج الى دراسة مستقلة مفصلة ليس موضعها هنا.



بـيـد ان الـمـثير للانتباه هو ان التشيع قد انتشر في حواضر كثيرة خلال القرن الثالث , والرابع ,
والخامس , والسادس على الرغم من الاجوا المشاكسة التي كان يعيشها و اشار مؤلف الكتاب الى هذه
الحقيقة كما شهد القرن الثاني اتساع القواعد الشعبية الموالية لاهل البيت , مما ادى الى سقوط الدولة
الاموية و مجي العباسيين الذين لم يفلحوا في القضا على الامويين , لولا رفعهم شعار اهل البيت ,الذين
كـان يـعرفهم الناس على ا نهم آل محمد من اولاد علي و فاطمة و استغل العباسيون ذلك الشعار, و
خـدعـوا الامـة , و انـتـهجوا اساليب ملتوية في الوصول الى الحكم و حسبنا ذلك الشعار دليلا على
انـشداد الامة الى اهل البيت لما عرفوه عنهم من نزاهة و كفاة , و ما لمسوه من عطا ثر جاد به ائمة
اهل البيت عليهم .



امـا الـتـشيع في ايران , فقد تكفل هذا الكتاب بدراسته دراسة تاريخية مفصلة و قد انجزت تعريبه
اسـتجابة لاقتراح الاستاذ الفاضل الدكتور السيد محموداسداللهي , احد اساتذة اللغة العربية بكلية
الاداب بجامعة مشهد, ليكون رسالتي في مرحلة الماجستير فاتممته و حصلت على شهادة الماجستير
بـتـقـدير امتيازو اني اذ اشكراللّه ـ جل شانه ـ و ادعوه ان يرشدنا لما فيه صلاحنا, يطيب لي ان
اقدم جزيل شكري للاستاذ الكريم اسداللهي على اقتراحه هذا الكتاب , و دفاعه المخلص الجاد عند
مناقشة الرسالة , و اتمنى له عقبى الدار.



و من الجدير ذكره ان موضوع الكتاب , والشعور بضرورة خدمة المذهب الامامي المظلوم هما اللذان
حفزاني على الاستجابة للاقتراح المذكور والايفاض اليه .



و لا يخفى ان الترجمة فن من الفنون التي وجدت لها موقعا متميزا في الميدان العلمي هذا اليوم و هي
لاتقل عن التاليف او التصحيح اوالتحقيق , بل ربما هي اصعب من هذه الحقول العلمية المشار اليها, لان
نـقـل الفكرة الى لغة اخرى دون الاخلال بمعناها و محتواها يحتاج الى براعة خاصة لا تتيسر لكل
احد و هذا النقل مهمة شاقة لا يدركها الا من مارسها, اذ يعنى صب الفكرة في قالب آخر بعداستيعابها
و هـضـمـها في اللغة المنقول عنها و لابد للمترجم من مؤهلات تمكنه من مزاولة هذاالعمل العلمي
العسير منها:.



ان يـكـون ذا حـصيلة علمية متنوعة , و ان يكون متمكنا من اللغتين , و له قلم ادبي جيد كما يتابع ما
يصدر من ترجمات مختلفة .



اود ان اسـجـل في ختام هذه المقدمة بعض الملاحظات حول الكتاب بشكل عام و يتخللها حديث عن
الجهود المبذولة في مجال التحقيق ليتبين ان التحقيق قدرافق التعريب في بعض المواطن .



1 ـ موضوع الكتاب موضوع جيد رائع بعامة و لعله بكر من نوعه , اذ عرض دراسة تاريخية مسهبة
عن الشيعة والتشيع في ايران لم يعرضها احد بهذا التفصيل الى الان و قد ابدع مؤلفه حقا بما بذله من
جهود مشكورة محمودة في البحث والتنقيب , و تتبع المصادر, و عرض المطالب والموضوعات بنحو
متسلسل فله من اللّه الاجر, و منا الدعا و له الشكر على ترحيبه بترجمة الكتاب .



2 ـ احـتـوى الـكـتاب على معلومات تاريخية ثمينة منقولة عن مصادر فارسية لم تعرب بعد, و هي
جـديـرة بالتامل والمطالعة على سبيل المثال , تحدث المؤلف عن مراسيم عاشورا, و نقل في حديثه
مـعلومات عن كتاب ((نقض )) تفيد ان عددا كبيرامن علماالسنة و قضاتهم كانوا يقيمون العزا على
سيدالشهدا الامام الحسين ـعليه السلام و هذا يدل على ان اقامة العزا لم تقتصر على الشيعة وحدهم .



3 ـ بـدا الـمـؤلـف دراسـته بالحديث عن ضروب التشيع , فذكر ا نها ثلاثة هي :التشيع السياسي ,
والعقيدي , والتشيع المتمثل بمودة اهل البيت ـعليهم السلام و يمكن ان نعبر عن الضربين الاخيرين
بـالـتـشـيع العقيدي الواعي ,والتشيع العاطفي ثم انتقل المؤلف الى ذكر عدد من البواعث على تغلغل
الـتشيع بين الفرس , و تطرق بعد ذلك الى الموالي و نزعاتهم الدينية , و اعداد بعضهم من قبل الائمة
الـمعصومين ـ عليهم السلام , و مساهمتهم في ثورة المختار, و نزعة الغلوعند بعض الموالي و في
حديثه هذا كله نقاط لافتة للنظر, نطالع فيها نقطتين مهمتين :.



الاولـى : اشـار المؤلف الى ان العرب هم واضعو لبنات التشيع و ليس غيرهم ,و اثبت ذلك بالدليل و
هذه حقيقة ذهب اليها كثير من الباحثين المنصفين .



و انما اراد المؤلف ان يدحض الظن القائل بان التشيع فارسي النشاة والهوية ,وهو ما ذهب اليه بعض
الدارسين المغفلين او المغرضين علما ان اتهام التشيع بفارسية النشاة والهوية ليس مثلبة للتشيع , لان
الفرس قوم كغيرهم من الاقوام ,فيهم الحسن والردي , والصالح والطالح و لهم مناقب و مثالب كسائر
الاقوام من عرب , و ترك , و غيرهما.



و لا نـرتاب في ان التشيع عربي النشاة والهوية و هذه حقيقة لا ينكرها الامكابر, غير ا ننا نقول :
ان عددا من اقطاب التسنن و ائمته و رجاله كانوا من غيرالعرب , كالفرس , والروم , والترك و ليس
فـي هـذا عـيب او نقص , لان المقياس القرآني للتفاضل هو التقوى , لا الانحدار القومي , والانتساب
الـعرقي و اذا كان للفرس دور في خدمة الاسلام والمسلمين , فان المسلم العقيدي الواعي يتلقى ذلك
بـرحـابـة صدره و يبدو ان هذا التوجه كان طبيعيا في القرون الخالية و انما فطن له ذوو النفوس
الـوضيعة في العصور المتاخرة لمرب في انفسهم لا يخفى على اللبيب كنهها و نذكر هنا ان احدا من
الشيعة لم ينبز سنيا بهوية مذهبه , و قومية رجاله و عظمائه و حسبنا ان ائمة الشيعة كانوا من سادة
العرب و صفوة اهل الحجاز الشريف .



الـثـانـيـة : الـمع المؤلف في حديثه عن الموالي والائمة الاثني عشرـ عليهم السلام ـالى ان معظم
اصـحـاب الائمـة كانوا من العرب , و بينهم عدد قليل من الموالي ومصدره في هذا البحث هو كتاب
الـشـيخ الطوسي ـ رضوان اللّه عليه و نستخلص من كلامه فيما اذا كان عدد من اصحاب الائمة من
الـموالي : ان الانتساب الى المدينة لايدل على الارومة العرقية , اذ ان كثيرا من العرب هاجروا الى
ايران , و توطنوا بعض حواضرها و نسبوا انفسهم اليها و هناك ارقام كثيرة مشهورة ذكر فيها لقب
فـارسـي واصـحابها من العرب الاقحاح , كابي الفرج الاصفهاني مثلا اذ نسب الى اصفهان ,بينما كان
اموي المحتد و امثال ابي الفرج كثيرون .



فاللقب ليس معلما على القومية والهوية بخاصة ان هناك اسبابا جمة دفعت المتلقبين بالالقاب الفارسية
الـى اختيارها والجالب للانتباه هنا ان العرب المهاجرين الى الامصار الفارسية لم يروا عيبا و نقصا
فـي الانـتـساب الى هذه الامصار و هذا توجه محمود يدل على تحرر من التعصب القومي والعرقي
البغيض .



كما ان هناك نقاطا اخرى مفيدة في هذا البحث منها : اثبات نزاهة المختارو صحة عقيدته و مذهبه ,
و ان مـا نـسـب اليه كان من تخرصات المغرضين وتقولاتهم و منها: ان الموالي كانوا ذوي نزعات
مـتـنوعة , و قليل منهم ركن الى التشيع فمنهم السني المتعصب , و منهم الخارجي المتحجر, و منهم
الـعـبـاسـي الـمتعنت , و منهم المغالي في عقيدته و ثلة منهم آمنت بالتشيع و هذه حقيقة اجمع عليها
الـمـؤرخون و منها : عدم وجود فرقة باسم الكيسانية في التاريخ اعتمادا على كتاب بعنوان مذاهب
ابتدعتها السياسة في الاسلام لمؤلفه عبدالواحدالانصاري .



/ 33