قول ابن عباس بأنه لا توبة لقاتل العمد بالآية والرواية
في الآيات الكريمة التى تحرم قتل النفس
بسم الله الرحمن الرحيم ( كتاب الجراح ) ( فصل ) ( في تحريم القتل و من يجب عليه القصاص و من لا يجب عليه ) قال الله تعالى " و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ( 1 ) " يعنى إلا بالقود أو ما يقوم مقامه ، و قال تعالى " و لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ( 2 ) " و قال " و إذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت ( 3 ) " و قال تعالى " و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ( 4 ) " و قال " و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه وأعد له عذابا عظيما ( 5 ) " .
و تمسك ابن عباس بظاهر هذه الآية فقال : لا توبة لقاتل العمد .
و قال نسخت هذه الآية قوله " و لا تقتلوا النفس التي حرم الله " إلى قوله " إلا من تاب " لان هذه الآية نزلت قبل قوله " و من يقتل مؤمنا متعمدا " بستة أشهر ، و احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : ما نازلت ربي في شيء كما نازلته في توبة قاتل العمد فأبى على .
1 - الانعام : 151 .
2 - أسرى : 31 .
3 - التكوير : 9 .
4 - أسرى : 33 .
5 - النساء : 93 .
بيان القصاص ووجوبه بالكتاب والسنة
أول ما ينظر الله تعالى يوم القيامة بين الناس في الدماء
الحق أنه لقاتل العمد توبة بالكتاب والسنة
و الصحيح أن له التوبة لقوله تعالى " و هو الذي يقبل التوبة عن عباده ( 1 ) " .
و روى عبد الله بن مسعود قال : سألت رسول الله عليه السلام أي الكبائر أكبر ؟ قال : أن تجعل لله ندا ، و قد خلقك ، قلت : ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك ، و في بعضها قلت ثم أي قال أن تزني بحليلة جارك .
و روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه و آله قال أول ما ينظر الله بين الناس في الدماء و روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : من أعان على قتل حر مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله .
و روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه و آله مر بقتيل فقال : من لهذا ؟ فلم يذكر له أحد ، فغضب ثم قال : و الذي نفسى بيده لو اشترك فيه أهل السماء و الارض لاكبهم الله في النار ، و هو أيضا معلوم خطره بدلالة العقل و إجماع الامة .
فأما القصاص و وجوبه فدليله قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثى بالانثي ( 2 ) " و قال تعالى " و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل " و قال تعالى " و لكم في القصاص حيوة " ( 3 ) و هذه أخصر كلمة و أعم فايدة ، لان معناها إذا علم القاتل أنه إذا قتل قتل كف عن القتل ، فلم يقتل فلا يقتل ، فصار حيوة للجميع ، و هو أخصر من قول العرب القتل أنفى للقتل ، لان قولهم أربعة عشر حرفا و كلمة القرآن عشرة أحرف ، ثم لفظ القتل متكرر و عذوبة اللفظ بينهما ما بين السماء و الارض .
و قال تعالى " و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ألى قوله " و الجروح قصاص " ( 4 ) فان قيل هذا إخبار عن شرع من تقدم فالجواب عنه أن ذلك و إن كان شرعا لمن تقدم فقد صار شرعا لنا بدليل الاجماع ، على أنه قرئ النفس بالنفس نصبا و العين بالعين رفعا
1 - الشورى : 25 .
2 - البقرة : 178 .
3 - البقرة : 179 .
4 - المائدة : 45 .
إذا قتل مسلم كافرا لم يقتل به مطلقا
شرائط جريان القصاص التكافؤ في الدماء واستواء الحرمة
الجروح قصاص بالكتاب والسنة
فالنصب إخبار عن شرع من قبلنا ، و الرفع استيناف حكم لنا ، و قرء أبو عمرو " و الجروح قصاص " و المعنى ما قلناه .
و روى أنس قال كسرت الربيع بنت معوذ و هي عمة أنس ثنية جارية من الانصار فطلب القوم القصاص فأتوا النبي عليه السلام فأمر صلى الله عليه و آله بالقصاص فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك : لا و الله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله فقال : يا أنس كتاب الله القصاص فرضى القوم و قبلوا الارش فقال رسول الله صلى الله عليه و آله إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره .
فموضع الدلالة أن النبي صلى الله عليه و آله قال " كتاب الله القصاص " و ليس في الكتاب السن بألسن إلا هذا فثبت بالدليل بذلك أنه شرع لنا .
و روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال لا يحل دم إمرء مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس .
و روي عن أبو شريح الكعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله .
.
ثم أنتم يا خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل و أنا و الله عاقله فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، و إن أحبوا قبلوا الدية .
كل شخصين تكافأ دماهما ، و استوت حرمتهما ، جرى القصاص بينهما ، و التكافي في الدماء و التساوي في الحرمة أن يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه ، فإذا تكافأ الدمان قتل كل واحد منهما بصاحبه ، فيقتل الحر بالحر و الحرة بالحرة ، إذا ردوا فاضل الدية عندنا ، و عندهم لا يرد ، و الحرة بالحر بلا خلاف ، و العبد بالعبد ، و الامة بالامة ، و الامه بالعبد ، و العبد بالامة ، و اليهودي بالنصراني ، و المجوسي باليهودي و النصراني بالمجوسى ، فالشرك كله ملة واحدة ، و لهذا توارثوا كلهم بعضهم من بعض .
إذا قتل مسلم كافرا لم يقتل به ، سواء كان معاهدا أو مستأمنا أو حربيا ، فالمعاهد هو الذمي ، و المستأمن من دخل إلينا بأمان في رسالة أو حاجة من تجارة و نحوها ، و الحربى من كان مباينا مقاطعا في دار الحرب و فيه خلاف .
إذا قتل عبد عبدا عمدا محضا قتل به وفيه فروع
إذا قتل الحر عبدا لم يقتل به
حكاية من الساجى في قتل المؤمن بالكافر وأشعار لابى المصرخى في ذلك
إذا قتل كافر كافرا ثم أسلم القاتل قبل القود وفيه فروع
فإذا ثبت أنه لا قود عليه فعليه التعزير ، و عليه الدية و الكفارة ، فأما إن قتل كافر كافرا ثم أسلم القاتل قبل القود ، أو جرح كافر كافرا ثم أسلم الجارح و مات المجروح فانه يستوفى منه حال إسلامه ما وجب عليه حال كفره عند الجماعة و قال الاوزاعى لا يقتل به و هو الصحيح عندي لعموم الاخبار .
حكى الساجي حكاية في قتل المومن بالكافر ، فقال حدثنا موسى بن اسحق الانصاري قال حدثنا على بن عمروس الانصاري قال تقدم إلى أبى يوسف في مسلم قتل كافرا فأراد أن يقيده به ، و كان على رأس أبى يوسف رجل في يده رقاع فناوله الرقاع و حبس منها رقعة ، فقال : ما تلك الرقعة ؟ فقال فيها شعر ، فقال هاتها فأعطاه فإذا فيها شعر لشاعر بغدادي كان يكنى أبا المصرخى يقول : يا قاتل المسلم بالكافر جرت و ما العادل كالجائر يا من ببغداد و أطرافها من فقهاء الناس أو شاعر جار على الدين أبو يوسف بقتله المسلم بالكافر فاسترجعوا و ابكوا على دينكم و اصطبروا فالأَجر للصابر فأخذ أبو يوسف الرقعة و دخل على الرشيد فأخبره ، فقال له احتل فيها ، فلما كان المجلس الثاني قال أبو يوسف لاولياء القتيل إيتوني بشاهدين عدلين يشهدان عندي انه كان يؤدى الجزية عن يد ، فتعذر ذلك فأهدر دمه و أخذوا الدية .
إذا قتل الحر عبدا لم يقتل به ، سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره ، فان كان عبد نفسه عزرناه ، و عليه الكفارة ، و إن كان عبد غيره عزر و عليه الكفارة و القيمة و فيه خلاف إذا قتل عبد عبدا عمدا محضا قتل به فيقتل العبد بالعبد ، و الامة بالامة ، و العبد بالامة ، و الامة بالعبد ، لقوله " و العبد بالعبد و الانثى بالانثي " و لم يفصل .
فإذا ثبت أن القود يجب على القاتل ، فان القود لسيده لان العبد ملكه ، و هذا بدل ملكه فكان بدل الملك للمالك و هو بالخيار بين القتل و العفو ، فان قتل فلا كلام و إن عفا على مال تعلقت قيمة المقتول برقبة القاتل ، و لم تخل قيمة القاتل من ثلاثة
أحوال إما أن تكون وفق قيمة المقتول أو أكثر أو أقل .فان كانت قيمته وفق قيمة المقتول فسيده بالخيار بين أن يفديه أو يسلمه للبيع فان فداه زال الارش عن رقبة عبده ، و لا كلام ، و إن سلمه للبيع نظرت ، فان بيع بوفق القيمة فلا كلام ، و إن بيع بأكثر كان الفضل لسيده ، و إن بيع بأقل فلا شيء على السيد لانه ليس عليه أكثر من تسليم عبده و قد فعل .و إن كانت قيمته أكثر فسيده بالخيار أيضا بين أن يفديه أو يسلمه للبيع ، فان فداه فلا كلام ، و إن سلمه للبيع نظرت ، فان أمكن أن يباع منه ما تعلق برقبته كان الباقى لسيده ، و إن لم يمكن إلا بيع الكل بيع واخذ من قيمته بحسب أرش جنايته و الباقى لسيده .و إن كانت قيمته دون قيمة المقتول فالسيد أيضا بالخيار بين أن يسلمه للبيع أو يفديه ، فان سلم للبيع نظرت فان بيع بما تعلق برقبته مثل أن اشتراه راغب فزاد فيه فلا كلام ، و إن اشترى بقيمته فذاك الفضل يسقط ، و لم يكن على سيده شيء ، و إن أراد السيد أن يفديه فبكم يفديه ؟ قال قوم يفديه بقيمته لا ، لانه لا يجب عليه أكثر من قيمة عبده و قال آخرون يفديه بأرش الجناية بالغا ما بلغت و الاول أقوى ، و الثاني أظهر في رواياتنا .و هذه مسألة تتكرر فنقول إذا جنى العبد تعلق أرش الجناية برقبته ، فان أراد السيد أن يفديه فبكم يفديه ؟ عند قوم بأقل الامرين من قيمته أو أرش الجناية ، لانه إن كانت قيمته أقل فليس عليه قيمة عبده ، و إن كانت الجناية أقل فليس عليه غيرها ، و عند آخرين بالخيار بين أن يفديه بأرش الجناية بالغا ما بلغ ، أو يسلمه للبيع ، لانه قد يرغب فيه راغب فيشتريه بذلك القدر أو أكثر ، و هذا أظهر في رواياتنا على ما بيناه .فان قتل عشرة أعبد عبدا لرجل دفعة واحدة ، فالقود عليهم كلهم مثل الاحرار ، فإذا ثبت هذا فسيد العبد المقتول بالخيار بين القصاص و العفو ، فان اقتص فلا كلام أن عندنا إن زادت أثمانهم على قيمة عبده وجب عليه رد ما فضل ، و إن كان ثمنهم وفقا لقيمتهم
إذا قتل عبد عبدا بين شريكين
إذا قتل عبد واحد عبدين لرجلين
أو دونها فلا شيء عليه ، و لم يعتبر ذلك أحد .و إن اختار العفو فان عفا عن الكل تعلقت قيمة عبده برقابهم ، فيكون في رقبة كل واحد منهم عشر قيمته ، و كان ذلك القدر ككل القيمة على ما فصلناه إذا قتل عبد عبدا ، و يكون سيده على ما شرحناه حرفا بحرف ، فان عفا عن خمسة و قتل خمسة كان له لانه لو اختار قتل الكل أو العفو عن الكل كان له ، و إذا قتل خمسة و عفا عن خمسة تعلق برقبة كل واحد منهم عشر قيمته ، فيلزم الخمسة نصف قيمته .فأما إن قتل عبد واحد عبدين لرجلين لكل واحد منهما عبد ينفرد به ، فان عفوا على مال تعلق برقبته قيمة كل واحد منهما ، و يكون سيده بالخيار على ما فصلناه إذا قتل عبدا واحدا ، فان اختار القود قدمنا الاول لان حقه أسبق ، فإذا قتله سقط حق الثاني لان حقه متعلق برقبته ، فإذا هلك سقط حقه كما لو مات .و إن اختار الاول العفو على مال تعلقت قيمة عبده برقبته ، و كان سيد الثاني بالخيار فان عفا على مال تعلقت قيمته أيضا برقبته فصارت القيمتان في رقبته ، و يكون لسيده الخيار على ما فصلناه في الواحد ، و إن اختار الثاني القصاص فعل فإذا قتله سقط حق الاول عن رقبته ، لانه تعلق بها لا ، فإذا هلك تلف حقه كما لو مات .فان قتل عبدا بين شريكين ، كانا بالخيار بين القود و العفو ، فان عفوا تعلقت القيمة برقبته ، و يكون سيده بالخيار على ما فصلناه إذا كان العبد المقتول لواحد ، و إن قتلاه فلا كلام ، و إن عفا أحدهما على مال ثبت نصف قيمة عبده برقبة القاتل ، و إن عفا مطلقا فعلى قولين ، فإذا سقط القود سقط حق السيد الآخر من القود لان القود لا يتبعض و عندنا لا يسقط حق الآخر من القود إذا رد مقدار ما عفا عنه الاول ، و كذلك القول في وليي الحر إذا عفا أحدهما لم يسقط حق الآخر من القود .فمن قال يسقط حق الآخر يقول ثبت قيمة نصيبه برقبة القاتل فقد تعلق برقبته كل قيمته العبد المقتول ، فيكون الحكم فيه كما لو عفوا ، و إن أعتقاه بعد الوفاة لم ينفذ العتق لان الميت لا يلحقه العتق ، و إن أعتقاه قبل أن يقتل ثم قتله عبد كان القصاص و العفو إلى وارثه دون المعتق ، فان لم يكن له وارث مناسب كان القصاص لمولاه فيكون
إذا تداعا رجلان لقيطا وبادرا فقتلاه قبل أن يحلق بواحد منهما
إذا قتل الرجل ولده لم يقتل به بحال ، وقيل يقتل به على تفصيل
إذا توالت عليه جناية وضمان يد
بيان الضمان في قيمته وضمان أطرافه
دية العبد إذا قتل ما لم يزد قيمته على دية الحر
بالخيار بين القود و العفو على فصلناه في السيد سواء .دية العبد إذا قتل ما لم يزد قيمته على دية الحر فان زاد عليه لم يكن فيه إلا دية الحر و كذلك في الامة قيمتها ما لم تزد على دية الحرة و فيه خلاف .فإذا ثبت هذا فالكلام في فصلين في قيمته و ضمان أطرافه ، أما قيمته فما ذكرناه سواء قتله عمدا أو خطأ ، و أما أطرافه فان ذهبت بالجناية مثل أن يقطع يده قاطع ففيها نصف قيمته ، و إن غصبه فذهبت يده عند الغاصب فعليه قيمة ما نقص ، و إن كان ذلك ثلثي قيمته .و إن توالت عليه جناية و ضمان يد ، مثل أن غصبه فضمنه باليد ثم قطع يده فضمنها بالجناية ، فعليه أكثر الامرين من ضمانه الجناية أو اليد ، فان كان ضمان الجناية أقل فعليه ضمان اليد ، و إن كان ضمان اليد أقل كان ضمانه نصف القيمة أرش الجناية لانه قد ضمنه بكل واحد منهما .إذا قتل الرجل ولده لم يقتل به بحال سواء قتله حذفا بالسيف ، أو ذبحا و على أى وجه قتله عندنا و عند أكثرهم ، و قال بعضهم يقتل به على تفصيل له ، فإذا ثبت أنه لا يقاد به فعليه التعزير و الكفارة ، و إذا قتله جده فلا قود أيضا و كذلك كل جد و إن علا فأما الام و أمهاتها و أمهات الاب ، يقدن عندنا بالولد ، و عندهم لا يقدن كالآباء .إذا تداعا رجلان لقيطا لم نلحقه بهما معا حلافا لمن ألحقه بهما ، و بالمرأتين فإذا لم نلحقه بهما أقر عنا بينهما ، فمن خرج اسمه ألحقناه به ، و عندهم بالقافة أو يترك حتى يبلغ فينتسب إلى من شاء منهما .فان بادرا فقتلاه قبل أن يلحق بواحد منهما ، فلا قود على واحد منهما لان كل واحد منهما يجوز أن يكون هو الاب ، فان رجعا عن الاعتراف به معا لم يقبل رجوعهما لانه قد حكم بأن أحدهما أبوه فلا يقبل رجوعه عنه ، كرجل ادعى لقيطا ثم قال ليس منى لم يقبل منه ، فإذا لم نقبل رجوعهما معا لم يقتل واحد منهما ، فان رجع أحدهما و أقام الآخر على اعترافه ، ثبت نسبه من المعترف ، و انتفى عن المنكر ،
إذا كان له زوجة منها ولد ولها ولد من غيره فقتلها
رجل له زوجة وله منها ولد ، فقتل هذا الرجل زوجته فكيف الميراث
إذا أتت امرأة بولد على فراشي رجلين فبادرا فقتلاه وفيه فروع
لانهما قد اتفقا على أن هذا أبوه ، فحكمنا بقولهما أن أحدهما أبوه باعترافهما و إقرارهما و سقط الآخر .فأما أبوه فلا قود عليه و عليه نصف الدية لوارث الولد ، و أما الآخر فهو أجنبي شارك الاب في قتل ولده فعليه القود ، و عندنا يجب أن يرد على ورثته نصف الدية ، فان عفا عنه سقط عنه القود و وجب عليه نصف الدية ، و على كل واحد منهما الكفارة لانهما اشتركا في دمه .فأما إن أتت إمرأة بولد على فراشى رجلين مثل أن طلقها ثلاثا فنكحت في عدتها ثم أتت بولد لتمام أكثر مدة الحمل من طلاق الاول و لستة أشهر من وطي الثاني ، فانا نقرع بينهما ، فمن خرجت القرعة عليه ألحقناه به ، و انتفى عن الآخر ، فان بادرا فقتلاه قبل ثبوت نسبه منهما فلا قود على واحد منهما ، لجواز أن يكون هو الاب فان جحداه لم يقبل منهما و لم يقتل واحد منهما أيضا .و إن جحد أحدهما و لم يجحده الآخر ، لم ينتف عن الجاحد أيضا و لم نقتل واحدا منهما ، و يفارق إذا اعترفا به ثم اتفقا على أنه لاحدهما لان الثبوت كان بالاعتراف فسقط بالاعتراف أنه لاحدهما ، و ههنا ثبوته بالفراش ، فإذا جحد أحدهما أنه أبوه لم يزل الفراش بجحوده ، فلهذا لم يقبل منه فلا يقتل واحد منهما به أيضا .رجل له زوجة و له منها ولد فقتل هذا الرجل زوجته ، لم يرثها و ورثها ولده و لم يرث القصاص من أبيه ، لانه لو قتله أبوه لم يملك القصاص عليه ، و إن لم يقتلها لكن قذفها كان لها عليه حد القذف ، فان ماتت سقطت الحد عنه ، لان و ارثها ولده منها ، و لا يرث الحد على أبيه كما لا يحد بقذف ابنه .فان كانت بحالها و لم يكن هكذا لكن لها ولد من غيره ، فقتلها الزوج لم يرثها و ورثها ولدها من غيره ، و ورث القصاص على زوج امه لان زوج امه لو قتله قتل به و هكذا إن قذفها ورث الحد ولدها من غيره ، لانه لو قذفه يحد له .فان كان له زوجة له منها ولد و لها ولد من غيره فقتلها ورث ولدها منه و ولدها من غيره التركة دون الزوج ، و القصاص يسقط عن الزوج لان احد ورثتها ولده ، و
رجل له زوجة له منها ولدان أحدهما قتل أباه ثم قتل الآخر أمه فيه كلام
الفصل بين القصاص والحد في تلك المسألة
المسألة بحالها ، لكنه لم يقتلها لكن قذفها
المسألة بحالها ، فهل يكون للولد القصاص أم لا
ولده لا يرث عليه القصاص فيسقط ما قابل نصيب ولده و يسقط نصيب الآخر لان القصاص لا يتبعض .و يقتضى مذهبنا أن نقول إن له القصاص بشرط أن يرد نصيب ولدها منه فأما الدية يجب عليه لهما لولده منها النصف و للاخر النصف .فان كانت بحالها لكن قذفها وجب لها الحد فان لم يستوف حتى ماتت لم يرث ولده عليه الحد و كان للاخر أن يحده كاملا بلا خلاف .و فصلوا بين القصاص و الحد بأن القصاص لا يتبعض و الحد يرثه الكل و كل واحد منهم ، فلو كانوا عشرة فعفا تسعة كان للعاشر أن يحد و ليس كذلك القصاص ، لانهم إذا كانوا عشرة فعفا واحد سقط القود ، و قد قلنا إن عندنا لا فرق بينهما ، و أنه لا يسقط القصاص أنه يحتاج في القصاص أن يرد حق الغير ، و ليس كذلك الحد فانه لا يسقط منه شيء ، و له الاستيفاء على الكمال .رجل له زوجة له منها ولدان أحدهما قتل أباه ثم قتل الآخر امه فان القصاص على الثاني و هو قاتل الام دون قاتل الاب ، فيكون القود على الثاني لكن فرضوا إذا كان الاول قتل أباه ، و إنما قيل القصاص على الثاني ، لان الاول لما قتل أباه لم يرث منه شيئا لانه قاتل و ورثه زوجته و ولده فورث ولده سبعة أثمان ماله و سبعة أثمان القصاص على أخيه و ورثت الزوجة ثمن المال و ثمن القصاص على ولدها ، فلما قتل الاخر امه لم يرث منها شيئا و ورث قاتل الاب ما خلفت و هو ثمن تركتها و ثمن ما ورثته من زوجها من المال ، و ثمن ما ورثته من القصاص عليه ، فلما ملك بعض قصاص نفسه سقط عنه القصاص و كان له قتل أخيه بامه ، فلقاتل الام على قاتل الاب سبعة أثمان دية أبيه ، و لقاتل الاب على قاتل الام القود .فان قتله فلا كلام و إن عفا عنه ثبت له عليه دية امه و له عليه سبعة أثمان دية أبيه و هذه المسألة لا يصح على أصلنا لان عندنا أن المرأة لا ترث من القصاص شيئا بحال ، و إنما ترث من الدية فإذا ثبت ذلك ، فلقاتل الاب القود على قاتل الام
المسألة بحالها فبادر أحدهما وقتل صاحبه
كان له زوجة وله ابنان فأبانها ثم إن أحدهما قتل أباه وقتل الآخر منهما أمه كان لكل واحد منهما على أخيه القود
المسألة بحالها لكنهم كانوا ثلاثة فقتل أحدهم واحدا منهم
إذا كانوا أربعة إخوة فقتل الثانى الكبير ثم قتل الثالث الصغير
بالام ، و لقاتل الام على قاتل الاب القود ، لانه المختص بوارثية قصاصه وحده .فأما إذا كانوا أربعة إخوة فقتل الثاني الكبير ، ثم قتل الثالث الصغير ، فعلى الثالث القود دون الثاني لان الثاني لما قتل الكبير لم يرث منه شيئا و ورثه الثالث و الصغير نصفين بينهما ، و ورثا القود على أخيهما نصفين ، فلما قتل الثالث الرابع لم يرث منه شيئا و ورثه قاتل الكبير ، فورث منه تركته من مال نفسه و ما ورثه من مال الكبير و ما ورثه من القود ، و هو النصف ، و ورث جميع القود على أخيه الثالث ، فسقط عنه القود ، و وجب عليه نصف الدية لاخيه الثالث ، و كان له قتل أخيه الثالث بالصغير ، فان قتله فذاك ، و إن عفا عنه ثبت له عليه كمال دية أخيه ، و ثبت لقاتل الصغير على قاتل الكبير نصف دية الكبير .فان كانت بحالها و لم يكونوا أربعة بل كانوا ثلاثة فقتل أحدهم واحدا منهم لم يرثه و ورثه قاتله ، و ورث القصاص على أخيه القاتل ، فان قتله فبأخيه و إن عفا عنه وجب له عليه دية أخيه .إن كان له زوجة و له ابنان فأبانها ثم إن أحدهما قتل أباه ، و قتل الآخر منهما امه ، فعلى كل واحد منهما القود ههنا بلا خلاف ، لان الزوجة باين منه لا ترث ، و الاول لما قتل أباه لم يرثه و ورثه أخوه ماله و ورث القصاص على أخيه ، فلما قتل الآخر امه لم يرث منها شيئا و ورثها قاتل الاب و ورث على أخيه القصاص بامه فثبت لكل واحد منهما على أخيه القود ، فان بادر أحدهما فقتل صاحبه كان لورثة المقتول قتل القاتل المستقيد .فان لم يبادر أحدهما بذلك ، و لكنهما تشاحا ، فليس لواحد منهما مزية على صاحبه ، فيقرع بينهما ، فأيهما خرجت قرعته كان له أن يتقدم بالقصاص ، فإذا اقتص منه كان لورثة المقتول قتل القاتل قودا ، فان و كل من خرجت القرعة له صحت الوكالة لانه يستوفى حقه من القود في حياته ، و إن و كل من خرجت عليه القرعة فالوكاله صحيحة ، لكنه إذا قتل بطلت وكالته ، و إن عفى كل واحد منهما عن صاحبه على مال وجب له عليه دية قتيله ، فيكون لقاتل الام على قاتل الاب دية أبيه و لقاتل
إذا جرحه أحدهما مائة جراحة والآخر جراحة واحدة فمات
إذا قتل جماعة واحدا قتلوا به أجمعين بشرائط
كل شخصين لا يجرى القصاص بينهما في النفس لم يجر في الاطراف
كل نفسين جرى القصاص بينهما في النفس جرى القصاص بينهما في الاطراف
لا يقتل الكامل بالناقص ويقتل الناقص بالكامل
الاب على قاتل الام دية الام .لا يقتل الكامل بالناقص ، و يقتل الناقص بالكامل ، و يقتل الكافر بالمسلم ، و العبد بالحر .و الولد بالولد إجماعا .كل نفسين جرى القصاص بينهما في النفس جرى القصاص بينهما في الاطراف سواء اتفقا في الدية أو اختلفا فيها كالحرين و الحرتين و الحر و الحرة ، و العبدين و الامتين و الامة و العبد و الكافرين و الكافرتين و الكافر و الكافرة ، و يقطع الناقص بالكامل ، و لا يقطع الكمل بالناقص كما قلناه في النفس سواء .و كل شخصين لا يجرى القصاص بينهما في الانفس كذلك لا يجرى في الاطراف كالحر و العبد و الكافر و المسلم هذا قولنا طردا و عكسا ، و عند جماعة ، أن عندنا إذا اقتص للمرأة من الرجل في بعض أطرافها ردت فاضل الدية إذا كان ذلك فوق ثلث الدية كما قلناه في النفس سواء .إذا قتل جماعة واحدا قتلوا به أجمعين بشرطين أحدهما أن يكون كل واحد منهم مكافئا له أعني لو تفرد بقتله قتل به و هو ألا يكون فيهم مسلم يشارك الكفار في قتل كافر و لا والد يشارك غيره في قتل ولده ، و الثاني أن يكون جناية كل واحد منهم لو انفرد بها كان منها التلف ، أن عندنا أنهم متى قتلوا الجماعة ردوا فاضل الدية و متى أراد أوليآء المقتول قتل واحد كان لهم ، ورد الباقون على أوليآء المقاد منه ما يصيبهم من الدية ، لو كانت دية ، و لم يعتبر ذلك أحد و فيها خلاف من وجه آخر .إذا جرحه أحدهما مائة جراحة و الآخر جراحة واحدة فمات فهما قاتلان و عليهما القود .فإذا تقرر هذا فالولى بالخيار بين أن يقتلهما معا ، و بين أن يعفو عنهما و يأخذ من كل واحد منهما نصف الدية ، و بين أن يقتل أحدهما و يعفو عن الآخر فيأخذ منه نصف الدية عندهم ، و عندنا يؤخذ منه نصف الدية فيرده على أوليآء المقاد منه .و جملته أن الحكم فيه كما لو جرحه كل واحد منهما جرحا واحدا فان أجافه أحدهما و جرحه الآخر جايفة فمات منهما فهما قاتلان ، و أولياء المقتول مخيرون
على ما قلناه .إذا قطع واحد يده و آخر رجله ، و أوصحه الثالث فسرى إلى نفسه فهم قتلة كلهم و ولى المقتول مخير بين أن يقتص أو يعفو ، فان اقتص كان له أن يقتص في الجراح فيقطع القاطع ثم يقتله و يوضح الذي أوضحه ثم يقتله لان القصاص هذا ، و إن عفا نظرت فان عفا عن الكل أخذ الدية أثلاثا و إن عفا عن واحد على ثلث الدية كان له قتل الآخرين ، أن عندنا أنه يحتاج أن يرد فاضل الدية .إذا قطع واحد يده و آخر رجله و أوضحه الثالث ثم اندملت الموضحة و سرى القطعان إلى نفسه ، فمات ، فلوليه مع صاحب الموضحة الخيار بين أن يقتص منه موضحة و بين أن يعفو على مال ، و أما الآخران فهما قاتلان ، لان التي اندملت لا سراية لها بعد الاندمال ، فلا قود على صاحبها ، و يكون الآخران كأنه لا ثالث معهما ، و الحكم على ما مضى .فان كانت بحالها فادعى صاحب الموضحة أن الموضحة اندملت ، و السراية من القطعين فصدقه الولى و كذبه القاطعان ، نظرت في ما يختار الولى فان اختار القصاص بعد تصديقه على القاطعين ، كان له ، لانه لا ضرر عليهما في نفوذ تصديقه فان للولي القصاص منهما ، و له العفو كيف اختار ، لانها لو كانت اندملت أو عفا على مال فالقود على هذين ، و إن لم يكن اندملت فلوليه أن يقتلهما و يعفو عن الثالث .فان اختار الولى العفو على مال لم يقبل منه و لم ينفذ تصديقه على القاطعين و كان القول قولهما أنها ما اندملت ، لانه يجر إلى نفسه و عليهما ضرر فيما يذكره أما الجر فانه يأخذ من هذين كمال الدية و من الذي صدقه أرش جنايته ، و لو لم يندمل لم يكن له أكثر من الدية و أما الضرر عليهما فانهما إذا لم يندمل كان عليهما ثلثا الدية ، و إذا اندملت فعليهما كمال الدية ، فكان عليهما ضرر في تصديقه ، و لهذا لم ينفذ تصديقه عليهما .إذا اشترك جماعة في جرح يوجب القود على الواحد كقلع العين و قطع اليد ، فعليهم القود عندنا و عند جماعة و فيه خلاف .
إذا اختلف هو والمجنون بعد إفاقته فقال قتلته وأنت عاقل فأنكر
إذا اختلف الصبى وولى القتيل بعد بلوغه فقال قتلته وأنت بالغ فانكر
لا قصاص على الصبى والمجنون إذا قتلا
إذا اشترك جماعة في جرح يوجب القود على الواحد كقلع العين
فإذا ثبت هذا فانا نقطع الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في الجراح معا و لم ينفرد أحدهم ببعضه ، و معناه أن يضعوا السكين على موضع واحد و يمرها الكل على المكان حتى لا يتميز فعل أحدهم عن فعل الثاني ، فههنا نقطعهم لان كل واحد منهم قاطع أن عندنا أنه إذا قطعهم رد فاضل الدية كما قلناه في النفس سواء ، و إن اختار قطع واحد قطعه ورد الباقون على المقطوع قود ما لزمهم من ذلك ، و أما إن قطع واحد البعض و الآخر ما بقي أو وضع أحدهما سكينا من فوق و الآخر سكينا من أسفل و غمزا حتى التقيا السكينان ، فلا قود ههنا ، لان كل واحد منهما جارح يد ، و ليس بقاطع ، و فعلهم لا يتجزى ، فلاجل هذا يبطل القود .لا قصاص على الصبي و المجنون إذا قتلا لما رواه على عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : رفع القلم عن ثلثة : عن الصبي حتى يحتلم ، و عن النائم حتى ينتبه ، و عن المجنون حتى يفيق ، و روي عن على عليه السلام أنه قال : لا قصاص على من لم يبلغ ، و لا مخالف له .فإذا ثبت هذا فان اختلف الصبي و ولى القتيل بعد بلوغ الصبي فقال وليه قتلته و أنت بالغ فعليك القود ، و قال بل و أنا صبي فلا قود علي فالقول قول الجاني لان الاصل الصغر حتى يعلم زواله .و إن اختلف هو و المجنون فقال : قتلته و أنت عاقل فقال : بل و أنا مجنون ، نظرت فان كان يعرف له حال جنون و إفاقة ، فالقول قول الجاني لانه أعرف بوقته ، و إن لم يعرف له حال جنون فالقول قول الولى ، لان الاصل صحته و سلامته حتى يعلم أنه مجنون .فإذا ثبت هذا ، فان كان القتل خطأ فالدية على العاقلة بلا خلاف ، و إن كان عمدا فلا قود عليه و كان خطأ الدية على العاقلة على مقتضى إطلاق أخبارنا ، و قال بعضهم هو عمد الخطأ الدية في ماله خاصة مغلظة ، و أما الكفارة ففي ماله خاصة .
إذا قتله بعصا خفيفة صقيلة
إذا ضربه بمثقل يقصد به القتل غالبا كاللت والدبوس
إذا جرحه بما يثقب البدن ولا يجرح كالمسلة والمخيط
* فصل * * في صفة قتل العمد وجراح العمد * قتل العمد إنما يكون إذا جرحه بماله حد يجرح ويفسح ويبضع اللحم
( فصل ) ( في صفة قتل العمد و جراح العمد ) إذا جرحه بماله حد يجرح و يفسح و يبضع اللحم كالسيف و السكين و الخنجر و ما في معناه مما يحدد فيجرح كالرصاص و النحاس و الذهب و الفضة و الخشب و القصب و الليطة ( 1 ) و الزجاج ، فكل هذا فيه القود إذا مات منه ، صغيرا كان الجرح أو كبيرا صغيرة كانت الآلة أو كبيرة لقوله تعالى : " و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " و هذا قد قتل مظلوما و أما إن جرحه بما يثقب البدن و لا يجرح كالمسلة و المخيط و هو شيء عريض رأسه حاد و لا يحدد رأسه ، فمات فعليه القود للاية ، و أما إن كان صغيرا كالأَبرة و نحوها فغزره فيه فمات ، فان كان غرزه في مقتل كالعين و أصول الاذنين ، و الخاصرة و الخصيتين فعليه القود لانه مقتل ، و إن كان في مقتل كالرأس و الفخذ و الصلب و العضد ، فان كان لم يزل زمنا حتى مات فعليه القود للاية ، و لان الظاهر أنه منه و أما إن مات من ساعته قال قوم عليه القود لان له سراية في البدن كالمسلة و قال آخرون لا قود في هذا لان هذا لا يقتل غالبا كالعصا الصغير و الاول أقوى للآية .إذا ضربه بمثقل يقصد به القتل غالبا كاللت و الدبوس ( 2 ) و الخشبة الثقيلة و الحجر فقتله فعليه القود ، و كذلك إذا قتله يكل ما يقصد به القتل غالبا ، مثل أن حرقه أو غرقه أو غمه حتى تلف أو هدم عليه بيتا ، أو طينه عليه بغير طعام حتى مات أو و إلى عليه بالخنق ، ففي كل هذا القود .فأما إن قتله بعصا خفيفة صقيلة نظرت فان كان نضو الخلقة ضعيف القوة و البطش يموت مثله منه ، فهو عمد محض ، و إن كان قوى الخلقة و البطش لم يكن عمدا عند 1 - الليطة : قشر القصبة .2 - اللت : القدوم ، و الفأس العظيمة ، و الدبوس المقمعة من الحديد .
إذا ضربه بسوط أو عصا خفيفة و والى عليه حتى مات
إذا خنقه بيده أولف على حلقه حبلا ولم يزل يوالي حتى مات وفيه فروع
قوم ، و كذلك عندنا ، و في جملة ما ذكرناه خلاف و نحن نشرح هذه الجملة .أما المثقل فمعروف فمتى قتله به فعليه القود ، و أما الخنق فان خنقه بيده أو بيديه أولف على حلقه حبلا أو منديلا و لم يزل يوالى حتى مات فعليه القود ، و هكذا إن جعل على نفسه شيئا منع خروج نفسه مثل مخدة أو ثوب أو سده بيده مدة يموت في مثلها ، فمات ، فعليه القود ، و إن مات في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو عمد الخطأ فيه الدية مغلظة على العاقلة .هذا إذا لم يرسله حتى مات ، فأما إن خنقه مدة يموت في مثلها غالبا فلم يمت فأرسله ، ثم مات نظرت ، فان كان منقطع النفس و لم يتردد نفسه فعليه القود ، لانه أرسله و هو في حكم المذبوح ، و إن تردد نفسه و لم يزل زمنا منه حتى مات ، فعليه أيضا القود ، لان الظاهر أنه مات من ذلك الخنق ، فان بري و زال الالم بعد ذلك فلا ضمان عليه ، لانه مات من الخنق ، مثل الجراحة إذا اندملت ثم مات .نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 24 / 5 / 1373 فايل 2 : از صفحه 17 إلى 31 فأما إن خنقه بحبل جعل له خراطة فأدخلها في حلقه ثم جعله على كرسى أو شيء عال و شد الحبل من فوقه بشيء ثم رفع ذلك الكرسي من تحته فتعلق بنفسه فعليه القود ، و إن مات من ساعته لانه لا قتل بالخنق أعجل و لا أوحى منه .و إذا ضربه بسوط أو عصا ضعيفة فان و الا عليه العدد الذي يموت منه غالبا فعليه القود ، و هذا يختلف باختلاف الانسان ، فان كان نضو الخلقة ضعيف الجسم مات غالبا من العدد القليل ، و إن كان قوى الخلقة و الجسم ، لم يمت غالبا إلا من العدد الكثير فان كان عددا لا يموت منه غالبا لكنه مات لشدة حر أو برد لان مثل هذا العدد يقتل في هذا الزمان ، فعليه القود ، و إن كان الزمان معتدلا فلا قود ، لان هذا العدد لا يقتل في هذا الزمان غالبا .و جملته أن هذا يختلف باختلاف حال الانسان في نفسه ، و باختلاف الزمان ، فان كان مثله يموت من هذا العدد في هذا الزمان ، فعليه القود ، و إن كان مثله لا يموت من هذا العدد في هذا الزمان فلا قود لكنه عمد الخطأ ففيه الدية مغلظة في ماله عندنا خاصة .
إذا طرحه فى النار فلم يمكنه الخروج منها أو أمكنه و لم يفعل حتى مات
إذا أخذ حرا فحبسه فمات في حبسه أو طين عليه البيت
و إذا أخذ حرا فحبسه فمات في حبسه فان كان يراعيه بالطعام و الشراب فمات في الحبس فلا ضمان بوجه ، صغيرا كان أو كبيرا ، و قال بعضهم إن كان كبيرا مثل هذا ، و كان صغيرا فان مات حتف أنفه فلا ضمان ، و إن مات بسبب مثل أن لدغته حية أو عقرب أو قتله سبع أو وقع عليه حائط أو سقف فقتله فعليه الضمان ، و هذا الذي يقتضيه مذهبنا و أخبارنا .فأما إن منعه الطعام أو الشراب أو هما أو طين عليه البيت فمات ، فان مات في مدة يموت فيها غالبا فعليه القود ، و إن كان لا يموت فيها غالبا فلا قود ، و فيه الدية و هذا يختلف باختلاف حال الانسان و الزمان ، فان كان جايعا أو عطشانا و الزمان شديد الحر ، مات في الزمان القليل و إن كان شبعان و ريان و الزمان معتدل أو شديد البرد لم يمت في الزمان الطويل ، فيعتبر هذا فيه ، فان كان في مدة يموت مثله فيها فعليه القود و إن كان لا يموت غالبا فيها فعليه الدية .و إذا طرحه في النار نظرت فان أسعر له نارا في حفيرة حتى إذا تجحمت ألقاه فيها فلم يمكنه الخروج منها حتى مات ، فعليه القود ، و إن كانت النار على بسيط الارض فمات فان لم يمكنه التخلص منها مثل أن كان ضعيف الخلقة أو كبيرا أو مكتوفا أو مكتوف لكن النار قهرته و منعته من الخروج فعليه القود .و أما إن أمكنه الخروج منها فلم يفعل حتى مات ، و إنما يعلم هذا منه بأن يقول أنا قادر على الخروج و لست أخرج أو كان بقرب البئر ، و معلوم أنه لو انقلب حصل خارجا عنها فلا قود ، لانه أعان على قتل نفسه ، و أما الدية قال قوم : فيه الدية لانه هو الجاني بإلقائه في النار و ترك التخلص مع القدرة لا يسقط الضمان عن الجاني كما لو جرحه فترك المجروح مداواة نفسه حتى مات فانه ضامن .و قال آخرون لا دية ، و إنما عليه ضمان ما شيطته النار ، لانه لما قدر على الخلاص فلم يفعل ، كان هو الذي أهلك نفسه و أتلفها ، فهو كما لو خرج منها ثم عاد فيها ، و يفارق الجراح إذا لم يداو نفسه لان السراية عنه حصلت ، و لم يزد ذلك بترك التداوي ، و ليس كذلك النار لانها تستأنف إحراقا و إتلافا الاول ، فلهذا
إذا جرحه جرحا يبقى معه حياة مستقرة ثم وجأه الآخر
إذا جنى على رجل وصيره في حكم المذبوح ثم وجأه الآخر
إذا رماه من شاهق فاستقبله غيره بالسيف فقده بنصفين
إذا طرحه في الماء بقرب الساحل فابتلعه الحوت فيه فروع
إذا ألقاه فى الماء فغرق و هلك و فيه فروع
لم يكن عليه الدية ، و هذا أقوى لان الاصل براءة الذمة .و أما إذا ألقاه في الماء فغرق و هلك نظرت ، فان ألقاه في لجة البحر فعليه القود سواء كان يحسن السباحة أو لا يحسنها ، لان البحر مهلك على كل حال ، و إن كان بقرب الساحل ، فان لم يكن يحسن السباحة أو كان يحسنها أنه كان مكتوفا لم يمكنه الخروج منه ، فعليه القود ، لانه يقتل غالبا و إن كان يحسن السباحة و لم يكن مكتوفا و علم من حاله أنه أمكنه الخروج فلم يفعل حتى هلك فلا قود و في الدية قولان مثل النار سواء .فأما إن طرحه في الماء بقرب الساحل و كان ممن يمكنه الخروج منه فلم يخرج حتى ابتلعه الحوت ، فلا قود و فيه الدية ، لانه السبب في هلاك نفسه ، و إن ألقاه في لجة البحر فقبل وصوله إلى الماء التقمه الحوت ، قال قوم عليه القود لانه أهلكه بنفس الالقاء ، بدليل أنه لو لم يأخذه الحوت كان هلاكه فيه ، فكأن الحوت أتلفه بعد أن حصل منه ما فيه هلاكه كما لو قتله ثم ألقاه و قال آخرون : لا قود ، لانه ما هلك بنفس الالقاء و لا قصد هلاكه به ، و إنما هلك بشيء آخر كما لو رمى به من شاهق فاستقبله غيره بالسيف فقده بنصفين ، فان القود على الثاني لان هلاكه به ، و لا قود على الدافع ، و القولان قويان أن الاول أقواهما .إذا جنى عليه رجل جناية صيره بها في حكم المذبوح ثم وجأه الآخر مثل أن قطع الاول حلقومه و مريه ثم جاءه الآخر فقده باثنين أو أبان الاول حشوته و أمعاءه ثم ذبحه الآخر فالأَول قاتل عليه القود ، و الثاني ليس بقاتل و لا شيء عليه ، التعزير ، لان الاول صيره في حكم المذبوح ، لان الحيوة التي فيه مستقرة و الثاني عليه التعزير لانه أتلف ميتا و لو قلنا يلزمه دية الميت لكان قويا ، و لان الفعل الاول سقط حكم جنايته بدليل أنه لا يصح توبته و لا وصيته و لا إسلامه و لا كفره فصار كالمذبوح و لم يكن الثاني قاتلا .هذا إذا صيره الاول في حكم المذبوح ، و إن كانت بالعكس من هذا فجرحه الاول جرحا يبقى معه حيوة مستقرة ثم وجأه الآخر مثل أن جرحه الاول في
إذا جرح رجلا ثم جاء آخر فوجأه بذبح أو غيره وفيه فروع
حكم الحيوان في إباحة أكله كذلك يعتبر بالحياة المستقرة
في معنى الحياة المستقرة وأن عمر بن الخطاب جرح كذلك
حلقه ، فوسطه الثاني ( 1 ) أو شق الاول بطنه ، ثم ذبحه الثاني ، فلا فصل بين أن يكون جرح الاول يكون معه حيوة أو لا يكون هناك حيوة مستقرة و حركة حركة المذبوح ، فالباب واحد ، فالأَول جارح ، و الثاني قاتل ، بعكس ما قلناه .و لان فيه حيوة مستقرة عقيب جرح الاول بدليل أن حركته يزيد على حركة المذبوح ، قاذا قتله الثاني فقد قتل من فيه حيوة مستقرة فكان هو القاتل كما لو قتل عليلا قد أشرف على الموت و فيه حيوة مستقرة و لانه أحكام الحيوة ثابتة فيه إجماعا من الوصية و غيرها .و يروى أن عمر بن الخطاب لما جرح كان فيه جرحان ، فدخل الطبيب فسقاه لبنا فخرج من الجرح ، فقال اعهد إلى الناس فعهد و أوصى و أجمعوا على تنفيذ عهده و وصاياه .فإذا كان حكم الحيوة قائما فيه كان القاتل هو الثاني ، و إذا ثبت أن القاتل هو الثاني و الاول هو الجارح ، كان لكل واحد منهما حكم نفسه أما الاول فالولى ينظر في جرحه ، فان كان لا قود فيه كان له المال و كان في الثاني بالخيار بين العفو و القتل ، و إن كان جرح الاول فيه القود مثل أن قطع يده ثم قتله الثاني ، كان في الاول بالخيار بين القطع و العفو على مال ، و هكذا في الثاني بالخيار بين القتل و العفو على مال ، فيأخذ كل الدية .و هكذا حكم الحيوان في إباحة أكله ، فان قطع الذئب الحلقوم و المري أو شق جوفها و أبان حشوتها فأدركها صاحبها و فيها حياة ، لم يحل له ذبحها و أكلها لان حركتها حركة المذبوح ، فهي كالميتة ، و إن كان الذئب إنما عقرها عقرا لم يصيرها في حكم المذبوح ، مثل أن شق جوفها أو حلقها فأدركها صاحبها و فيها حياة مستقرة فذبحها جاز أكلها ، لان فيها حياة مستقرة .إذا جرح رجلا جرحا ثم جاء آخر فوجأه بذبح أو بغيره لم يخل من أحد أمرين إما أن يذبحه الثاني بعد اندمال الاول أو قبله ، فان ذبحه بعد الاندمال ، فالأَول جارح 1 - اى قطعه بنصفين .
و الثاني قاتل لانه قتله بعد استقرار الجرح الاول ، فينظر فيه ، فان كان جرحا لا قود فيه فلوليه أرشه ، و هو في الثاني بالخيار بين العفو و القتل ، و إن كان الاول فيه القصاص مثل أن قطع يده فهو في الاول بالخيار بين القطع و العفو ، و في الثاني بالخيار بين العفو و القتل .هذا إذا كان بعد اندمال الاول فأما إن كان الثاني قبل اندمال الاول ، فالأَول جارح و الثاني قاتل ، كالمسألة قبلها سواء ، لان قتل الثاني قطع سراية الاول ، فهو كما لو اندملت الاولى .قالوا أ ليس لو جرحاه معا فسرى إلى نفسه فهما قاتلان ؟ هلا قلتم ههنا مثله ، قيل : الفصل بينهما إذا جرحاه أن كل واحد من الجرحين سواء ، و لم يقطع الثاني سراية الاول ، فكان تلفه بهما ، فلهذا كانا قاتلين ، و ليس هكذا ههنا ، لان قتل الثاني قطع سراية الاول ، فكان القتل من فعل الثاني وحده ، فلهذا كان الثاني هو القاتل وحده و كان الحكم فيه كما لو قتله الثاني بعد اندمال الاول ، و قد مضى حكمه .فاما إذا كان القاتل هو الجارح و هو إذا جرحه ثم عاد فقتله لم يخل من أحد أمرين : إما أن يكون بعد اندمال الاول أو قبله ، فان كان بعد الاندمال فلكل واحد منهما حكم نفسه ، كما لو كانا جار حين سواء ، لان القتل حصل بعد استقرار الجرح الاول ، فكان لكل واحد منهما حكم نفسه ، فالولي ينظر في الاول ، فان كان مما لا قود فيه ففيه الارش ثم هو بالخيار بعد هذا بين القتل ، و العفو على كمال الدية .و إن كان الاول فيه القصاص ، مثل أن قطع يده ثم عاد فقتله ، فهو في الاول بالخيار بين القطع و العفو على مال : فله نصف الدية ، ثم هو بالخيار بين القتل و العفو على مال : فيكون له كل الدية .هذا إذا عاد فقتله بعد اندمال الاول فأما إن قتله قبل الاندمال مثل أن قطع يده ثم قتله ، فالولى بالخيار بين القصاص و العفو ، فان اختار القصاص كان له القطع ، و العفو و القتل بعده ، و لا يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس ، و إن اختار العفو دخل أرش
المسألة بحالها ، وداوى المجروح نفسه بسم لا يقتل غالبا
إذا جرح رجلا جرحا يكون منه التلف فداوى المجروح نفسه بسم ساعة
أرش الطرف يدخل في دية النفس وأما قود الطرف . .
الطرف في دية النفس ، فلا يكون له الدية .و أرش الطرف يدخل في دية النفس ، وقود الطرف لا يدخل في قود النفس ، و قال بعضهم لا فصل بينهما ، فلا يدخل أرش الطرف في دية النفس كما لا يدخل قصاصه في قصاص النفس .و الذى يقتضيه مذهبنا أنه يدخل كل واحد منهما في بدل النفس ، أما الاول فلا إشكال فيه ، و أما القصاص فلان أصحابنا رووا أنه إذا مثل إنسان بغيره فقتله فلم يكن له القتل ، و ليس له التمثيل بصاحبه ، و قال بعضهم له أن يقطع يده ثم يقتله و لا يكون ذلك قصاصا بل يكون للمماثلة كما لو أجافه ثم قتله كان للولي أن يجيفه ثم يقتله ، و إن كان لا قصاص في الجائفة .إذا جرح رجلا جرحا يكون منه التلف ، فالكلام في فصلين : إذا داوى المجروح نفسه ، و إذا خاط جرح نفسه : فأما إن داوى جرحه بسم فهو على ثلثة أضرب سم يقتل في الحال ، وسم يقتل و لا يقتل ، و الغالب أنه لا يقتل ، وسم يقتل و لا يقتل ، و الغالب أنه يقتل .فان كان السم سم ساعة ، و كان مجهزا منفردا في الحال فداوى به نفسه ، إما بأن يشربه متداويا أو وضعه على الجرح ، فمات ، فلا فصل بين أن يعلمه قاتلا أو لا يعلمه ، الباب واحد ، فانه لا قود على الجارح في النفس لان المجروح هو الذي قتل نفسه .فإذا قتلها قطع سراية الجرح ، و مات من فعل نفسه ، فهو كما لو جرحه ثم ذبح هو نفسه ، فانه لا قود على الجارح ، و يكون كأنه اندمل ذلك الجرح ، فان لم يكن فيه قصاص فعليه الارش ، و إن كان فيه القصاص فولى القتيل بالخيار بين أن يقتص و بين أن يعفو على مال ، هذا إذا كان السم موجبا .و أما إن كان السم لا يقتل غالبا فلا قود في النفس على الجارح ، لان القتل حصل بفعلين أحدهما عمد محض و هو فعل الجارح ، و الآخر عمد الخطأ و هو فعل المجروح ، لانه عمد في فعله و أخطأ في قصده ، فهو كما لو جرحه جارح ثم جرح نفسه
هل يكون فعل هذا المجروح عمد محض أو عمد الخطأ
كل من هلك بعمدين محضين كان حكمه هكذا
المسألة بحالها ، وكان السم يقتل غالبا
عمد الخطأ فانه لا قود على الجارح .فإذا ثبت أنه لا قود عليه ، فما قابل فعل المجروح هدر ، و ما قابل فعل الجاني مضمون ، و عليه الكفارة ، لانه شاركه في قتل نفسه ، و عليه نصف الدية مغلظة حالة في ماله ، لانها وجبت عن عمد محض .و أما إن كان السم يقتل غالبا قال قوم على الجارح القود لانه مات عن عمدين محضين ، فان المجروح داوى نفسه بما يقتل غالبا فهو كما لو جرح نفسه فمات من الجرحين معا ، و سقط القود بفعل المجروح ، لا لمعنى في فعله ، فكان على شريكه القود كما لو شارك الاب في قتل ولده فان عليه القود .و قال آخرون لا قود على الجارح ، لانهما و إن كانا عمدين محضين فأحدهما مضمون بحال ، قال هذا القائل و هكذا كل من هلك بعمدين محضين أحدهما لا يضمن شيئا بحال ، فهذا حكمه ، كما لو شارك الاسد في قتل إنسان أو شارك الغير في قتل نفسه ، فالكل على قولين .و فيهم من قال : على الجارح ههنا القود و في شريك الاسد قولان ، و الفصل بينهما أن شريك الاسد شارك غيره في عمد محض ، فلهذا كان عليه القود ، و ليس كذلك ههنا لانه شارك غيره و ذلك الغير مثل عمد الخطأ فانه إنما داوى نفسه طلبا للمصلحة ، فبان مفسدة ، فإذا كان شريكه جنا عمد الخطأ لم يكن عليه القود .فكان تحقيق الخلاف ، هل فعل المجروح عمد محض أو عمد الخطأ فمن قال عمد محض فالشريك على قولين ، و من قال عمد الخطأ قال لا قود على شريكه .و الذى يقتضيه مذهبنا أن فعل المجروح عمد الخطأ لا يجب به قود ، و فعل الجاني عمد محض يجب فيه القود بشرط رد فاضل الدية ، على ما بيناه .فمن قال عليه القود فالولى بالخيار بين القصاص و العفو على مال ، فان قتل فلا كلام أن عندنا يرد نصف الدية ، و إن عفا على مال فله نصف الدية مغلظة في ماله و هكذا من قال لا قود عليه ، قال : عليه نصف الدية مغلظة حالة في ماله لانها وجبت عن عمد محض .
إذا قطع مسلم يد نصرانى له عهد وذمة فأسلم وسرت الجناية
المسألة بحالها ، وكان المجروح مولى عليه فخاطه فمات
إذا جرحه جرحا يكون منه التلف فخاط جرحه بالا برة وفيه فروع
فأما إذا خيط جرحه بالابرة لم يخل من أحد أمرين إما أن يخاط في لحم ميت أو حى ، فان كان في لحم ميت فوجود الخياطة و عدمها سواء ، فانه لا سراية منه بحال و القاتل الجارح ، و الولي بالخيار بين القصاص و العفو على كل الدية .و إن خيط في لحم حى لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يكون المجروح هو الذي خاط نفسه أو بعض العوام ، أو الامام ، فان كان هو الذي خاط نفسه أو غيره بأمره الباب واحد ، فإذا سرى إلى نفسه فمات فالحكم فيه كالقسم الثالث من السم منهم من قال ليس على الجارح القود ، و منهم من قال عليه القود كما لو شارك سبعا ، و قد مضى قولنا أنه لا يسقط عنه القود .فان كان الذي خاطه بعض العوام كانه حضر بعض العوام و قهره فخاطه فالأَول جارح ، و الخياط جارح ، فإذا سرى إلى نفسه فمات فهو كما لو جرحاه معا ، سواء فسرى إلى نفسه فمات فعليهما القود معا ، و الولي بالخيار بين القتل و العفو على ما قلناه في موضع .و إن كان الذي خاطه له هو الامام ، لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون المجروح مولى عليه أو مولى عليه ، فان كان مولى عليه فان كان بالغا عاقلا فالإِمام عندهم كأحد العوام ، و عليهما القود .و إن كان المجروح مولى عليه كالصبى و المجنون فخاطه فمات ، فمنهم من قال على الامام القود و الجارح معا و منهم من قال لا قود عليهما لانه إذا سقط عن الامام سقط عن الجارح ، و على كل واحد منهما نصف الدية مغلظة ، و من قال يجب على الامام نصف الدية ، قال بعضهم يجب في بيت المال ، و قال آخرون على عاقلته ، و خطأ الامام و عمد الخطا سواء .و عندنا لا يتقدر ذلك في الامام لانه لا يفعل إلا ماله فعله لعصمته فان فعل ماله فعله من مصلحته ، فأدى ذلك إلى موته كانت الدية في بيت المال .إذا قطع مسلم يد نصرانى له عهد و ذمة مؤبدة أو إلى مدة فأسلم و سرت الجناية إلى نفسه و هو مسلم ثم مات فلا قود على القاطع ، و هكذا لو قطع حر يد عبد فاعتق فسرت إلى
إذا أرسل إلى حربى سهما فأسلم ثم وقع فيه فقتله
إذا أرسل على نصرانى سهما فأسلم ثم وقع فيه السهم وفيه فروع
إذا قطع يد مرتد ثم أسلم ومات أو يد حربى كذلك
نفسه ، فلا قود على القاطع ، لان التكافى إذا كان معدوما حال القطع موجودا حال السراية ، فلا قود في القطع و لا في السراية ، كالصبى إذا قطع يد بالغ ثم بلغ الصبي و سرى القطع ، فلا قود على الصبي .فإذا ثبت أنه لا قصاص ففيه دية حر مسلم ، لان الجناية إذا وقعت مضمونة كان الاعتبار بأرشها حال الاستقرار ، بدليل أنه لو قطع يدى مسلم و رجليه ففيه ديتان ، فان سرى إلى نفسه ففيه دية واحدة و لو قطع إصبعا ففيه عشر الدية ، فان صارت نفسا ففيه الدية اعتبارا بحال الاستقرار .فأما إن قطع يد مرتد ثم أسلم ثم مات أو يد حربى ثم أسلم ثم مات ، فكان القطع حال كفره و السراية حال إسلامه ، فلا قود لما مضى ، والدية لا تجب ههنا لان الجناية إذا لم تكن مضمونة لم يكن سرايتها مضمونة كما لو قطع الامام سارقا فسرى إلى نفسه ، أو قطع رجلا قصاصا فسرى إلى نفسه ، فلا ضمان في السراية .إذا أرسل على نصرانى سهما فأسلم ثم وقع فيه السهم أو على عبد فاعتق ثم وقع فيه السهم أو على مرتد فأسلم ثم وقع فيه السهم ، فقتله ، فلا قود في هذه الثلاث مسائل لما مضى ، لان الاعتبار بالقصد إلى تناول نفس مكافئة حين الجناية ، و حين الجناية هو الارسال ، و التكافى موجود حينئذ ، فلا قصاص ، و فيه دية مسلم لان الاصابة حصلت و هو محقون الدم فكان مضمونا بالدية .فأما إذا أرسل إلى حربى سهما فأسلم ثم وقع فيه فقتله فلا قود ، و قال قوم فيه الدية ، و قال بعضهم لا دية فيه ، لانه أرسل السهم و كان له الارسال ، فلما أسلم لم يمكنه تداركه فهو مفرط في الرمي و لا في الاصابة ، فلهذا لا دية فيه ، و يفارق المرتد لانه أرسل إليه السهم و هو مفرط حين الارسال ، لان قتل المرتد إلى الامام لا إلى آحاد الناس ، و قتله بالسيف لا بالسهم ، فلما كان مفرطا كان عليه الضمان .قال و إن لحق المرتد بدار الحرب فلم يقدر عليه الامام فلا ضمان عليه ، إذا قتله ، و الاول أقوى عندنا ، لان الاصابة صادفت مسلما محقون الدم ، فكان عليه الضمان كما لو أرسله إلى مرتد فأصابه و هو مسلم .
المسألة بحالها : عاد إلى الاسلام قبل أن يسري الجناية ثم مات
1 إذا ارتد ثم أسلم ثم مات مسلما فالكلام في الكفارة والقود والدية
إذا قطع مسلم يد مسلم فارتد المقطوع ثم سرى إلى نفسه فيه مسألتان
إذا قطع يد نصرانى ثم أسلم ومات أو يد عبد فاعتق ثم مات
فقد حصل من هذه الجملة في القطع و السراية أنه إذا قطع يد نصرانى ثم أسلم و مات أو يد عبد فاعتق ثم مات ، لا قود عليه ، و عليه الدية ، و إن قطع يد حربي أو مرتد ثم أسلم ثم مات لا قود ، و لا دية ، و حصل في الرمي إذا رمى في هذه المسائل الاربع أن لا قود فيها ، و فيها الدية اعتبارا بحال الاصابة ، فاعتبرنا القصاص بحال الجناية ، و المال بحال الاصابة إذا قطع مسلم يد مسلم فارتد المقطوع ثم سرى إلى نفسه فمات ، فيه مسئلتان احداهما إذا ارتد ثم أسلم ثم مات مسلما ، و الثانية إذا ارتد ثم مات في الردة .فالأَولى إذا ارتد ثم أسلم ثم مات مسلما فالكلام فيها في ثلاثة أحكام : الكفارة و القود ، والدية ، فأما الكفارة فواجبة بكل حال سواء مكث مرتدا زمانا سرت فيه الجناية إلى نفسه أو لم يمكث ، لان الكفارة يجب بقتل نفس لها حرمة ، و قد قتل نفسا لها حرمة ، لان الحرمة موجودة في الطرفين حال الجناية و حال السراية ، فأوجبنا عليه الكفارة .و أما القود فلا يخلو المقطوع من أحد أمرين إما أن يقيم على الردة مدة يسرى فيها الجراح أو لا يقيم ، فان أقام مدة يسرى الجرح فيها ثم عاد إلى الاسلام فلا قود ، لان القصاص إنما يجب بالقطع ، و كل السراية ، بدلالة أنه لو قطع مسلم يد مسلم فارتد المقطوع و مات على ردته لا قود عليه و لو قطع يد مرتد فأسلم المرتد و مات مسلما لا قود فيه .فإذا كان وجوبه بالقطع و كل السراية ، فان بعض السراية ههنا هدر ، لانها حال الردة ، فقد مات من أمرين مضمون و غير مضمون ، فسقط القود ، لان القصاص لا يتبعض .و أما إن عاد إلى الاسلام قبل أن يكون لها سراية حال الردة ثم مات ، قال قوم لا قود لانه حصل حال السراية حال لو مات فيها لا قود ، فوجب أن يسقط القود رأسا ، و قال آخرون عليه القود لان الجناية و كل السراية حصلت حال التكافى ، فكان عليه القود و هو الاقوى عندي .
المسألة بحالها : ثبت في الردة مدة يكون فيها سراية ثم أسلم
و أما الدية فتصور المسألة إذا كان القطع خطأ أو عفا على مال ، فإذا قطع يده ثم ارتد ثم عاد إلى الاسلام و مات لم يخل من أحد أمرين إما أن يسلم قبل أن يكون لها سراية أو بعد أن يكون لها سراية .فان أسلم قبل أن حصل فيها سراية حال الردة وجبت الدية كاملة ، لانها جناية مضمونة سرت إلى النفس و هي مضمونة و اعتبار الدية بحال الاستقرار ، و هو حال الاستقرار مسلم ، فأوجبنا فيه كمال الدية .و إن ثبت في الردة مدة يكون فيها سراية ثم أسلم ، قال قوم : فيه نصف الدية لان التلف حصل من أمرين مضمون و غير مضمون ، فالمضمون القطع و بعض السراية و غير المضمون بعض السراية ، فكان فيه نصف الدية ، كما لو قطع يده ثم ارتد المقطوع فقطع آخر يده و هو مرتد فمات ففيه نصف الدية على القاطع الاول .و قال آخرون فيه كمال الدية لان الجناية إذا كانت مضمونة كان الاعتبار فيها بحال الاستقرار ، و حال الاستقرار هو حر مسلم ، فكان فيه كمال الدية ، لانه قد وجد الكمال في الطرفين ، و هذا الاقوى .هذا إذا ارتد بعد أن جرح ثم عاد إلى الاسلام فمات ، فأما إن كان المجني عليه مرتدا أو قتل في الردة فلا قود في النفس و لا دية ، و لا كفارة .لان هذه الاحكام تجب لحرمة النفس ، بدليل أنه لو قتل مرتدا أو حربيا لا ضمان عليه ، فإذا كان وجوبها لحرمة النفس ، فإذا ارتد سقطت حرمته ، فوجب أن لا يجب فيه دية و لا قود و لا كفارة .و أما القصاص في اليد المقطوعة في حال الاسلام قال قوم لا قصاص فيها ، و قال الآخرون فيها القصاص ، و هو الاقوى ، لظاهر الآية .فمن قال فيه القود ، فالمجني عليه قد مات مرتدا ، من الذي يستوفى القصاص ؟ قال قوم يستوفيه وليه المسلم ، و هو الذي يقتضيه مذهبنا ، لان عندنا يرث المسلم الكافر و من قال لا يرث المسلم الكافر قال قوم منهم يستوفيه الامام ، و قال آخرون يستوفيه وليه المناسب دون كل أحد ، لان القصاص يجب للتشفى و المناسب هو صاحب التشفي
فان اقتص فلا كلام و إن عفى على مال عندنا يكون لورثته المسلمين ، و عندهم يكون لبيت المال فيئا .قالوا و لا يمتنع أن يكون القصاص له ، و إذا حصل العفو على المال كان لغيره ، ألا ترى أنه لو كان عليه ديون و له ابن فقتل كان القصاص لولده و لو عفا ثبت المال لغرمائه و متى عفا فهل يثبت المال أم لا ؟ و إذا ثبت فما قدره ؟ يأتي في التفريع على قول من قال لا قود في الطرف .فإذا قال لا قصاص في الطرف قال قوم لا يجب المال أيضا لان حكم الطرف تابع للنفس ، و قال آخرون يثبت أرش الطرف لان الطرف إذا كان مضمونا حين القطع ، لم يسقط حكمه بسقوط حكم السراية .ألا ترى أنه لو قطع يد رجل ثم جاء آخر فقتله في الحال فقد قطع الثاني حكم سراية القطع ، و لم يغير حكم القطع ، فكذلك إذا كان القاطع لحكم السراية هو الردة وجب أن لا يغير حكم السراية .فمن قال لا ضمان في الطرف فلا كلام ، و من قال يضمن فما الذي يضمن ؟ قالوا يجب عليه أقل الامرين من أرشه أو الدية ، فان كان الارش أقل من الدية مثل أن قطع يده فعليه أرش الطرف لا ، لا ن السراية كانت حال الردة و السراية مضمونة ، فلا يزيد أرش الطرف على السراية ، و إن كان الارش أكثر من الدية مثل أن قطع يديه و رجليه و اذنيه ، ففيه الدية لا ، لانه لو فعل هذا بمسلم فسرت إلى نفسه و هو مسلم كان فيه الدية فقط و قال بعضهم يجب أرش الجناية بالغا ما بلغ و لو كان ديات .و الذى يقوى في نفسى و يقتضيه مذهبنا أنه لا قود عليه في قطع الطرف ، و لا دية لانا قد بينا أن الطرف يدخل قصاصه في قصاص النفس ، و كذلك ديته ، و ههنا النفس مضمونة و يجب أن لا يجب فيها القصاص و لا الدية بحال .إذا فقأ عيني عبد أو قطع يديه أو قطع رجليه ، و قيمته ألفا دينار لم يخل من أحد أمرين إما أن يندمل أو يسري إلى نفسه ، فان اندمل و هو رقيق وجب على الجاني
إذا قطع يدى نصرانى ثم أسلم أو تمجس وسرى إلى نفسه
كلام في أن اعتبار الدية بحال الاستقرار
المسألة بحالها : اعتق ثم اندملت حال الحرية أو سرت إلى نفسه
ألفا دينار ، لان الجناية متى اندملت فما وجب بالجناية يستقر بالاندمال و الذي وجب بها ألفا دينار .و عندنا لا يجب أكثر من ألف دينار لانه لا يزاد في ضمان أطرافه على أطراف الحر كالنفس عندنا سواء ، و أما إن أعتق ثم اندملت حال الحرية استقر أيضا على الجاني ألفا دينار ، و عندنا ألف دينار ، لما مضى ، و يكون جميعه لسيده ، لانه ملك السيد حال الجناية ، فكان ما استقر بالاندمال له .و إن سرت إلى نفسه فمات ، نظرت ، فان مات قبل العتق ، فالواجب عندنا ألف دينار لانه لا يزاد قيمته في باب الضمان على دية الحر ، و عند بعضهم يجب ألفا دينار ، و يكون ما يستقر على المتلف لسيده بلا خلاف ، لانه تلف على ملكه .و إن أعتق ثم سرت إلى نفسه فمات و هو حر فانه يجب فيه دية الحر عندنا و عند جماعة ممن خالف فيما تقدم .و قال بعضهم يستقر لموته ألفا دينار لان أرش الجناية يستقر بالاندمال مرة و بالسراية اخرى و لو استقرت بالاندمال لوجب ألفا دينار فكذلك إذا استقر بالسراية إلى النفس .قال من خالف : هذا غلط لانها جناية مضمونة سرت إلى النفس و هي مضمونة ، فوجب أن يعتبر بدل النفس بحال الاستقرار ، ألا ترى أنه لو قطع يدى حر و رجليه و اذنيه و قلع عينيه ففيه أربع ديات ، فان سرت إلى نفسه وجب فيه دية واحدة اعتبارا بحال الاستقرار .و هكذا لو قطع أنملة وجب فيها أرشها ، فان سرت إلى النفس كان فيها الدية اعتبارا بحال الاستقرار .و هكذا لو قطع يدي نصراني ثم أسلم وجب فيه دية مسلم اعتبارا بحال الاستقرار و هكذا لو قلع عين عبد قيمته ألف درهم فاعتق ثم سرت إلى نفسه كان فيه دية حر مسلم اعتبارا بحال الاستقرار .و على هذا لو قطع يدي نصراني ثم تمجس و سرى إلى نفسه ، و قيل إنه يقر على دينه وجب فيه دية مجوسي ثمان مائة درهم اعتبارا بحال الاستقرار ، و من قال لا يقر
إذا قطع يدى عبد فأعتق وسرت الجناية إلى نفسه فمن الذى يستحق الدية
عليه ، فهو مرتد و الواجب فيه أقل الامرين من أرش الجناية أو دية نصرانى ، و على قول بعضهم أرش الجناية بالغا ما بلغت .و أما الكلام فيمن يستحقه : فان الذي يستحقه ههنا هو السيد وحده ، لان الجناية أوجبت ألفى دينار كلها للسيد ، و إذا أعتق و سرت إلى نفسه و هو حر نقص السراية نصف ما قد كان ملكه السيد حين الجناية ، و أقل أحواله أن يكون ذلك دون غيره .قالوا هلا قلتم لوارثه أعنى العبد اعتبارا بوارثه حال الوفاة ، دون من كان يملكه حين الجناية ، كما قلتم فيمن قطع يد نصرانى فأسلم ثم سرت إلى نفسه كانت الدية لورثته المسلمين دون من كان وليه حين الجناية .قلنا الفصل بينهما إذا قطعت يد النصراني كان الواجب فيها له ، فإذا أسلم فسرت كان المالك لها هو ، فمات عنها و هي له ، فكانت لوارثه حين الوفاة ، و في مسئلتنا كان المالك للارش حين الجناية هو السيد ، فإذا أعتق العبد لم يتحول ملك عبده لعقبه ، فلهذا كان لسيده دون ورثة العبد .قالوا فهلا جعلتم الدية بين السيد و ورثة العبد ، لان الجناية كانت حال الرق و السراية حال الحرية ، كما قلتم إذا قلع عين عبد قيمته ألف دينار فاعتق فسرى إلى نفسه فمات ، ففيه دية مسلم حر نصفها لورثته و نصفها لسيده .قلنا الفصل بينهما أنه إذا كانت قيمته ألف دينار كان في يده نصف قيمته خمس مائة دينار فإذا أعتق فمات كان الواجب ألف دينار ، زاد بالسراية حال الحرية خمس مائة دينار ، فكانت الزيادة حال الحرية لوارثه ، و الواجب حال الرق لسيده و ليس كذلك في مسئلتنا لانه لما سرت حال الحرية نقص الارش بها ، فكان للصاحب ألفا دينار فنقص ألف دينار بالسراية ، و لم يزد حال الحرية شيء ، فلهذا لم يكن لوارثه شيء بحال فأقل أحواله يتفرد بما بقي له .فوز ان هذا من مسئلتنا أن يكون قيمته ألفى دينار فقطع قاطع يده ، ففيه ألف دينار ، ثم أعتق ثم مات ففيه دية حر مسلم كلها للسيد لانه ما زاد بالسراية شيء ،
إذا قطع يدى عبد قيمته ألف ولم يزل يتناقص حتى ساوى عشرة ثم مات
إذا قطع يد عبد ثم أعتق العبد ثم سرى إلى نفسه فالكلام في ثلاثة فصول
فبان الفصل بينهما ، و عندنا أنها مثل الاولى ، لانه لا يضمن يده بأكثر مما يضمن به يد الحر سواء و هذا أصل في باب الجنايات متى اندمل الجرح فذاك الواجب بالجرح يستقر بالاندمال ، و إن صار الجرح نفسا استقر بالسراية بدل النفس ، ثم ينظر فيه ، فان زاد بالسراية حال الحرية كان بدل النفس بين السيد و الورثة ، و إن نقص بالسراية أو لم يزد و لم ينقص ، كان كله للسيد .إذا قطع يد عبد ثم أعتق العبد ثم سرى إلى نفسه فمات فالكلام في ثلاثة فصول في القود و قدر الواجب و فيمن يستحق ذلك الواجب : أما القود فلا يجب عليه لان القود إنما يجب بالقصد إلى تناول نفس مكافئة حال الجناية ، و هذا لا يكافيه حال الجناية ، فلا قود فيه ألا ترى أن عبدا لو قطع يد نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 24 / 5 / 1373 فايل 3 : از صفحه 31 إلى 44 عبد و اعتق القاطع ثم مات المقطوع ، كان على القاطع القود اعتبارا بحال الجناية ، و هكذا لو قطع يد هذا العبد حر نصرانى أو حر مستأمن ثم أعتق ثم سرى إلى نفسه و مات ، فلا قود على القاطع ، لانه حر فلا يقتل بالعبد .فإذا ثبت أنه لا يقتل به وجب عليه دية حر مسلم ، لان الجناية إذا كانت مضمونة فسرت إلى النفس و هي مضمونة كان الاعتبار ببدل النفس حال الاستقرار ، و هو حين الاستقرار حر مسلم ، فلهذا كان فيه كمال الدية .و لا يدخل على هذا إذا قطع يدي عبد قيمته ألف دينار ، فلم يزل يتناقص حتى صار يساوي عشرة دراهم ، ثم مات ، فان عليه أكثر ما كانت قيمته إلى حين الوفات ، لانا قلنا الجناية إذا سرت إلى ضمان النفس كان الاعتبار بحال الاستقرار ، و ضمان العبد ضمان الاموال ، و ليس بضمان النفوس ، فبان الفصل بينهما .فإذا ثبت أن الواجب دية حر مسلم فللسيد أقل الامرين من نصف قيمته أو كمال ديته ، فان كان نصف القيمة أقل فليس له الزيادة عليها ، لان الزيادة على ذلك حدث بالسراية حال الحرية ، و لا حق له فيما زاد بالسراية حال الحرية .
إذا قطع حر يد عبد فأعتق ثم قطع آخر رجله ثم سرى إلى نفسه فالكلام فيها في أربعة فصول : القود ، والقدر الواجب ، ومن عليه ، ومن له
و إن كان نصف القيمة أكثر من الدية ، فله كمال الدية ، لان الواجب بالجناية نقص بالسراية حال الحرية ، فكان النقص من حق السيد ، فكان الباقى له بعد النقصان بدلالة أن الباقى بقية ملكه .و هكذا الحكم فيه إذا كان نصف القيمة وفق الدية فان له كمال الدية ، لان السراية حال الحرية لم يزد بها شيء ، فلهذا كان كله له .فأما إذا حصلت له عليه جناية حال الرق و جناية حال الحرية ، ففية مسئلتان احداهما إذا جنى عليه جان حال الرق فقطع يده و جان حال الحرية فقطع رجله ، و الثانية إذا جنى عليه جان حال الرق فقطع يده و جانيان حال الحرية أحدهما قطع يده الاخرى و الآخر رجله ، و الاولى أسهل من الثانية ، و إنما يتبين الكلام في الثانية إذا تكلم على الاولى .و جملته إذا قطع حر يد عبد فاعتق العبد ثم قطع آخر رجله ثم سرى إلى نفسه فمات فالكلام فيها في أربعة فصول في القود و قدر الواجب ، و من عليه ، و له .أما القود فلا يجب على الاول في الطرف ، لانه ليس بكفو له حال الجناية ، و لا القود في النفس لان القطع إذا لم يضمن بالقود ، لم يضمن سرايته بالقود .و أما الجاني حال الحرية فعليه القود في الطرف و النفس معا ، لانه قصد إلى تناول نفس مكافية له حال الجناية ، فأوجبنا عليه القود ، و ذلك أن النفس إذا خرجت عن عمدين محضين ، فإذا سقط عن أحدهما و هو الاول لا لمعنى في فعله ، لكن لكمال فيه ، لم يسقط عن الثاني ، كما لو شارك الاجنبي الاب في قتل ولده ، و الحر العبد في قتل عبد ، و المسلم الكافر في قتل كافر ، فالقود يجب على الاجنبي ، و على العبد ، و على الكافر ، دون من شاركه لان القود يسقط عمن شاركه لا لمعنى في فعله ، بل لكمال في نفسه ، فلهذا كان عليه القود .و قال بعضهم عليه القود في الطرف لما مضى ، و أما في النفس فلا قود عليه فيها ، لانها تلفت عن سراية جرحين : أحدهما حال الرق ، و الآخر حال الحرية ، فامتزجت السراية عن جرحين أحدهما يوجب القود دون الآخر فسقط القود في النفس كما لو قتل حران من نصفه حر و نصفه عبد ، فانه لا قود على واحد منهما ، و الاول أصح عندنا
إذا قطع حر يد عبد ثم قطع آخر يده الاخرى والفرق بينها وبين المسألة قبلها
إذا قتلا من نصفه حر ونصفه عبد ، والفرق بينها وبين المسألة قبلها
لما مضى .و الفرق بين المسئلتين أنهما إذا قتلا من نصفه حر فكل واحد قصد إلى تناول نفس مكافية له حال الحيوة ، فلهذا لم يجب القود على واحد منهما .يؤيد هذا أن القود في الطرف لم يجب و ليس كذلك في مسئلتنا لانه قصد إلى تناول نفس مكافية حال الجناية ، فلهذا كان عليه القود .يؤيد هذا أن القود في الطرف وجب ، و إذا سرت إلى نفسه فقطعه بعد العتق ، كان كأنه قتله بعد العتق و لو قتله بعد العتق كان عليه القود في النفس ، كذلك إذا سرت جنايته حال الحرية ، فدل على ما قلناه .فأما قدر الواجب ، فانه دية حر مسلم لان الجناية كانت مضمونة فسرت إلى نفس مضمونة ، كان فيها الدية اعتبارا ببدل النفس حال الاستقرار .فإذا ثبت أن الدية دية حر مسلم ، فان وجوبها على الجارحين معا نصفين ، لان الجنايات إذا صارت نفسا كانت تنقسط على عدد الجناة ، لا الجنايات ، و لا تفاضل بينهما ، و إن كان أحدهما أكثر ، بدليل أنه لو جرحه أحدهما جرحا واحدا و الآخر مائة جرح ، فمات فكانت الدية نصفين على عدد الجناة ، لا عدد الجنايات .قالوا هلا جعلتموها على المفاضلة كما قلتم لو قطع حر يد عبد ثم قطع آخر يده الاخرى ، ثم سرى إلى نفسه ، كانت عليهما قيمته ، و على الاول منهما أكثر مما على الثاني .قلنا الفصل بينهما أن الواجب في العبد قيمته و اعتبار القيمة فيه بحال الجناية لانه إتلاف مال ، فكان الاول أكثر من الثاني ، لان الثاني جنا عليه و قد نقصت قيمته بالجرح الاول ، فلا يجب عليه كما يجب على الاول .و ليس كذلك ههنا ، لان الجناية صارت نفسا و كان الاعتبار ببدل النفس حال الاستقرار ، و هما حال الاستقرار متفقان فيما يجب على كل واحد منهما ، فان الحر لا ينتقص بدل نفسه بالجناية عليه ، فلهذا كانا سواء فأما مسألة العبد التي فيها ست طرق فهي نشرح فيما بعد إن شاء الله تعالى .
إذا قطع حر يد عبد ثم عاد الحر فقطع يده الاخرى
فإذا ثبت أن الواجب عليهما الدية نصفين ، فالكلام في المستحق لذلك ، يكون للسيد منها أقل الامرين من نصف قيمة العبد أو نصف الدية ، فان كان نصف قيمته أقل من نصف الدية فلا شيء له أرش الجناية ، لان الزيادة حصلت بالسراية حال الحرية ، فلا حق له فيها ، و إن كان نصف القيمة أكثر من نصف الدية ، فليس له إلا نصف الدية ، لان نصف القيمة نقصت بالجناية حال الحرية ، فليس له إلا نصف الدية .قالوا كيف قلتم في هذه المسألة للسيد أقل الامرين من نصف القيمة أو نصف الدية ، و قلتم في المسألة قبلها عليه أقل الامرين من نصف قيمته أو كمال الدية .قلنا الفصل واضح و ذلك أن الجاني في الاولى واحد لا ، فكان عليه بدل النفس كله ، و كانت جنايته على ملك السيد ، فلهذا كان له أقل الامرين من نصف قيمته أو كمال الدية .و ليس كذلك في مسئلتنا لان فيها جانيين : جان حال الرق ، و جان حال الحرية ، فعلى كل واحد منهما نصف الدية ، فلو أوجبنا له أكثر من نصف الدية جعلنا بعض ذلك على الجاني حال الحرية ، و لا شيء له على من جنى حال الحرية ، فلهذا كان له أقل الامرين من نصف قيمته أو نصف الدية .و الكلام بعده في جنس الدية و جنسها مائة من الابل لانها دية حر مسلم ، و كانت من الابل لان الاعتبار بحال الاستقرار ، و هو حال الاستقرار حر مسلم ، فلهذا كانت الدية من الابل فيكون للسيد منها أقل الامرين من نصف قيمته أو نصف الدية فيكون للوارث النصف و الباقى للسيد ، فان أراد وارث المجني عليه أن يعطى السيد نصف قيمة العبد و يستبقى الابل لنفسه لم يكن له ذلك إلا برضا السيد ، لان حق السيد نفس الابل ، فلا يدفع عن حقه بغير رضاه .و أما الكلام في التفريع عليها : إذا قطع حر يد عبد ثم أعتق ثم عاد فقطع يده الاخرى ثم اندمل الجرحان معا فلكل واحد حكم نفسه أما القطع حال الرق فلا قود عليه ، لانه حر قطع يد عبد ، و عليه نصف قيمة العبد بالاندمال ، لان كل قطع اندمل
فالواجب به يستقر بالاندمال ، و يكن للسيد لانه جناية على مملوكه .و أما القطع حال الحرية فعليه القود ، لانه حر قطع يد حر فديته له فالمقطوع بالخيار بين القصاص و العفو ، فان اقتص فلا كلام فيه ، و إن عفا على مال كان له نصف الدية ، لان في اليد نصف الدية ، و يكون له لا حق للسيد فيها لانها دية يد حر فكانت له دون من كان بيده .فان قطع يده حال الرق ثم قطع رجله حال الحرية ثم سرى إلى نفسه و مات فأما القطع حال الرق فلا قود عليه فيه ، لانه حر قطع يد عبد ، و أما القطع حال الحرية فعليه القطع لانه يكافيه و أما النفس فلا قود فيها لان السراية كانت عن قطعين أحدهما حال الرق و الآخر حال الحرية أحدهما مضمون ، و الآخر مضمون فلا قود فيه كما لو قطع يده عمد الخطأ ، و الاخرى عمدا محضا فلا قصاص في النفس .فإذا ثبت هذا فان مات عن هذه السراية ففيه دية حر مسلم ، لان الجناية إذا صارت نفسا كان الاعتبار فيها بحال الاستقرار ، و هو حين الاستقرار حر مسلم فأما المستحق فللسيد منها أقل الامرين من نصف قيمته أو نصف الدية ، لانه إن كانت قيمته أقل من نصف الدية فما زاد فبالسراية حال الحرية ، فلا شيء له فيها ، و الباقي للوارث .و إن كان نصف القيمة أكثر من نصف الدية فللسيد نصف الدية عندنا ، لان دية العبد لا يزاد على دية الحر ، و عندهم لان ما وجب له بالجناية حال الرق نقص بالسراية حال الحرية ، فكان الباقي بعد النقصان له ، و الباقى للوارث ، و أما الوارث فهو بالخيار بين القصاص و بين العفو ، فان عفا على مال كان له ما زاد على حق السيد و إن اختار القصاص قطع يده .فان كان حق السيد نصف الدية فقد استوفى حقه فلا شيء له ، مع القطع ، و إن كان حق السيد أقل من نصف الدية ، كان قطع الوارث هذه اليد بنصف الدية ، و ما فضل على ما كان للسيد يكون للوارث ، فهذا الوارث يجتمع له القصاص في اليد و المال ، فما زاد على نصيب السيد إذا كان نصيبه دون نصف الدية .
المسألة بحالها وقد ذبحه القاطع الاول
إذا قطع حر يده حال الرق وحر آخر يده حال الحرية ثم ذبح المقطوع
فان قطع حر يده حال الرق و حر آخر يده حال الحرية ثم ذبح المقطوع لم يخل من ثلثة أحوال إما أن يذبحه القاطع الاول أو الثاني أو أجنبي .فان ذبحه القاطع الاول ، و هو الذي قطع يده حال الرق ، و ذبحه حال الحرية استقر حكم القاطع حال الحرية ، سواء اندمل قطعه أو لم يندمل ، لان الاول لما ذبحه حال الحرية قطع سراية القطع حال الحرية ، فالوارث بالخيار بين أن يقتص من القاطع حال الحرية و بين أن يعفو على مال .فان قطع فلا كلام ، و إن عفا على مال كان له نصف دية الحر لانها يد حر يكون كلها للوارث لا حق للسيد فيها ، لانه حق وجب بالجناية عليه حال الحرية .و أما القطع الذي كان حال الرق فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون القاطع ذبحه بعد الاندمال أو قبله ، فان كان ذبحه بعد الاندمال ، فقد استقر القطع حال الرق و استقر به نصف القيمة يكون للسيد ، لانه أرش وجب بالجناية على ملكه ، و أما الوراث فهو بالخيار بين قتله و العفو ، لانه ذبحه و هو حر فان قتل فلا كلام ، و إن عفا على مال ، كان له كمال الدية لانه ذبح حرا مسلما .فأما إن ذبحه قبل الاندمال ، دخل أرش الطرف في بدل النفس ، لان الذبح بعد القطع بمنزلة السراية بعد القطع ، فأما القصاص في الطرف فلا يدخل في قصاص النفس عند قوم ، و عندنا يدخل .فمن قال لا يدخل ، سقط ههنا لعدم التكافؤ حال القطع ، فيكون عليه القود في النفس ، فان اختار الوارث القود سقط حق السيد لانه لا يجتمع القصاص و أخذ دية اليد قبل الاندمال بحال ، و إن عفا على مال وجبت دية حر مسلم اعتبار بحال الاستقرار و يكون للسيد منها أقل الامرين من نصف قيمته أو نصف الدية مما لو جنى عليه جان حال الرق ، و جان حال الحرية ، و يكون الباقى للوارث .هذا إذا ذبحه الاول ، فأما إن ذبحه الثاني ، فإذا فعل الثاني هذا فقد قطع يده حال الحرية ، و ذبحه حال الحرية ، و استقر حكم القطع في حال الرق ، و صار كالمندمل ، لان ذبح الثاني قطع سراية القطع الموجود حال الرق فلا فصل بين
إذا جنا عليه جان حال الرق ثم أعتق فجنى عليه آخران حال الحرية ، الكلام فيها أيضا في أربعة : القود ، وقدر الواجب من المال ومن عليه ومن له
المسألة بحالها وقد ذبحه أجنبى
المسألة بحالها وقد ذبحه القاطع الثانى
أن يكون الثاني ذبحه بعد اندمال القطع حال الرق أو قبل الاندمال الباب واحد ، و يكون على القاطع حال الرق نصف قيمته بالغا ما بلغ ، ما لم يزد على نصف دية الحر عندنا كما لو اندمل ، و يكون ذلك للسيد لانه أنما جنى على مملوكه .و أما القاطع حال الحرية فقد قطع يد حر ثم ذبحه ، فلا يخلو إما أن يكون الذبح بعد اندمال القطع أو قبله ، فان كان بعد اندماله فلكل واحد منهما حكم نفسه فالولى بالخيار بين أربعة أشياء : من قطع ، و قتل ، و له العفو عنهما ، فيكون له الدية في النفس ، و نصف الدية في اليد ، و له أن يعفو عن اليد ، فيكون له الدية و يقتص من النفس ، و له أن يقتص في اليد و يأخذ الدية للنفس .هذا إذا قتله بعد الاندمال فأما إن ذبحه قبل الاندمال ، فالولى بالخيار بين العفو و القود ، فان اختار القود قطع و قتل ، و إن اختار العفو كان دية واحدة لا لانه قطع صار نفسا فدخل بدله في بدل النفس .و إن كان الذابح أجنبيا فقد قطع سراية القطعين معا ، فكأنه ذبحه بعد اندمال كل واحد من القطعين فلا قود على القاطع حال الرق ، و عليه نصف قيمة العبد لسيده ، و على القاطع حال الحرية القود في الطرف ، و الوراث بالخيار بين القصاص و العفو .و أما الثالث فقد ذبح حرا مسلما فوارثه بالخيار بين أن يقتص في النفس ، و بين أن يعفو فيكون له كمال الدية لان دية النفس لا ينقص بقطع أطرافها .فأما ( 1 ) إذا جنا عليه جان حال الرق ، فقطع يده ثم أعتق فجنى عليه آخران حال الحرية ، فقطع أحدهما يده و الآخر رجله ، فالكلام فيها في أربعة فصول : في القود ، و قدر الواجب من المال ، و فيمن يجب ذلك عليه و له .فأما القود ، فلا يجب على القاطع حال الرق قود في الطرف و لا في النفس ، لانه مكاف حال الجناية ، و لا في السراية ، لان القود إذا لم يجب في القطع لم يجب في سرايته .و أما القاطعان حال الحرية فعلى كل واحد منهما القود في القطع ، و أما 1 - الثانية خ ل . القود في النفس فالأَصح عندنا و عندهم أن عليهما القود في النفس ، و حكى عن بعضهم أن القطع في الطرف عليهما دون القود في النفس و أما الواجب فهو الدية دية حر مسلم لان الجناية إذا كانت مضمونة ، فإذا سرت إلى النفس و هي مضمونة كان الاعتبار بحال الاستقرار ، فهو حال الاستقرار حر مسلم ، فكان فيه كمال الدية .فإذا ثبت أن الواجب هو الدية ، فعلى كل واحد من الجناة ثلثها ، لان النفس هلكت بجنايتهم ، و قد وجب فيها الدية ، فكانت عليهم أثلاثا : ثلثها على الجاني حال الرق ، و الثلثان على من جنى حال الحرية .و أما من يجب ذلك له ، فان الواجب على من جنا حال الحرية لورثته لا يستحق السيد شيئا منه بحال ، لانهما جنيا على مال غيره ، و لا يستحق على من جنا على ملكه شيئا بوجه ، و أما الجاني حال الرق فقد جنا على ملك السيد و قد استقر عليه بهذه الجناية ثلث الدية .و ما للسيد من هذا الواجب ؟ قال قوم له أقل الامرين من أرش الجناية أو ثلث الدية ، و قال آخرون له أقل الامرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية ، و الاول أصح عندنا لان الاول لما جنا عليه هو ملك للسيد ، فلما جنى عليه آخران بعد العتق و ليس بملك للسيد ، فكانت جنايتهما حال الحرية في حكم المعدومة في حق السيد إذ لا فرق بين عدمها و بين وجودها ، و لا حق له فيها ، و إذا كانت كالمعدومة كان الجاني حال الرق كالمنفرد بالجناية .و لو انفرد بها ثم أعتق العبد ثم سرى إلى نفسه كان على الجاني أقل الامرين من أرش الجناية أو كمال الدية ، فإذا شارك من لا حق للسيد فيه صار عليه الثلث ، و كان هذا الثلث مع الآخرين ككل الدية معه وحده فأوجبنا عليه أقل الامرين من أرش الجناية أو ثلث الدية ، لانه إن كان الارش بأقل من ثلثها فلا شيء له في الزيادة و إن كان أكثر من ثلثها فما وجب على الجاني في ملكه إلا ثلثها فلا يستحق عليه أكثر منها .فإذا أردت التفريع على هذا القول قابلت بين أرش الجناية و قدر ما يجب على
إذا جنا عليه الاول ثم ارتد المجنى عليه ثم جنا عليه آخران وهو مرتد
الاعتبار بأرش الجناية لا بعدد الجناة ، ومعنى ذلك
إذا قطع الجانى إصبعه حال الرق وأرشها عشر الدية ثم أعتق فجنا عليه آخران حال الحرية ثم سرى إلى نفسه فمات
هذا الجاني من الدية ، فجعلت للسيد الاقل منها ، بيانه قطع الجاني حال الرق أصبعه و أرشها عشر الدية ثم أعتق فجنا آخران عليه حال الحرية ثم سرى إلى نفسه للسيد أقل الامرين من أرش الجناية أو ثلث الدية .فان كان أرش الجناية حال القطع نصف القيمة مثل أن قطع يده فللسيد أقل الامرين من أرش الجناية و هو نصف القيمة أو ثلث الدية ، و إن كان أرش الجناية حال الرق كل قيمته مثل أن قطع يديه فللسيد أقل الامرين من أرش الجناية و هو كمال قيمته أو ثلث الدية .فان كان أرش الجناية حال الرق أكثر من قيمته مثل أن قطع يديه و رجليه و اذنيه ، فللسيد أقل الامرين من أرش الجناية ، و هو كل القيمة أو ثلث الدية ، لان الجناية متى وجب بها قيم كثيره فانها إذا صارت نفسا كان الواجب فيها بدل النفس لا ، و يدخل أرش الجناية في بدل النفس ، فلهذا كان الواجب قيمة واحدة .و معنى ما قلناه من أن الاعتبار بأرش الجناية لا بعدد الجناة إنما قصد به أنه يقابل بين أرش الجناية و ما لزمه من الدية ، فيكون للسيد الاقل منهما ، و إلا فلا بد من معرفة عدد الجناة لمعنى آخر ، و هو أن يعلم بذلك حصة الجاني حال الرق ، فان ذلك لا يعلم إلا بعد معرفة عدد الجناة .فأما من قال عليه أقل الامرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية قال لانه لو جنا عليه جان و هو ملك للسيد ، فلما أعتق جنا عليه آخران في ملكه كان كما و لو جنا عليه جان في ملكه و آخر ان في ملكه ثم مات عبدا مثل أن باعه السيد بعد جناية الاول فجنا الآخران عليه في ملك المشتري ثم مات كان عليهم قيمته على كل واحد ثلثها .و هكذا لو جنا عليه الاول ثم ارتد ثم جنا عليه آخران و هو مرتد ثم مات كان على الجاني قبل الردة ثلث قيمته كما أن على الجاني حال الرق ثلث قيمته إذا مات عبدا .فلو أعتق العبد بعد جناية الاول و جنى عليه آخران حال الحرية كان الواجب على الجاني حال الرق ثلث الدية فكان عليه ثلث القيمة إذا مات عبدا ، و ثلث الدية
فروع فيما إذا كان عدد الجناة حال الرق أكثر أو اتفق العددان
إذا مات حرا و وجب للسيد من ذلك أقل الامرين من ثلث قيمته و ثلث الدية ، لانه إن كان ثلث القيمة أقل من ثلث الدية فلا شيء للسيد فيما زاد على ثلثه بالسراية حال الحرية ، و إن كان ثلث الدية أقل مما وجب عليه بالجناية في ملكه فله ثلث الدية ، فلا يلزمه أكثر مما وجب عليه بالجناية في ملكه .فعلى هذا القول إذا أردت التفريع فلا تنظر إلى أرش الجناية قل أو كثر ، و أنظر إلى عدد الجناة ، ثم أنظر ما الذي يجب عليه إذا مات عبدا ، فقابل بينه و بين ما يجب عليه إذا مات حرا ، و اجعل للسيد الاقل منهما .بيانه جنى جان حال الرق و آخر ان حال الحرية ، للسيد أقل الامرين من ثلث قيمته أو ثلث الدية جنا جان حال الرق و ثلثة حال الحرية للسيد أقل الامرين من ربع قيمته أو ربع الدية .جان جنا حال الرق و تسعة حال الحرية للسيد أقل الامرين من عشر قيمته أو عشر الدية فإذا ثبت هذا فعلى هذين القولين أجر المسائل كلها .فأما إن كان بالضد من هذا ، فكان عدد الجناة حال الرق أكثر : جانيان حال الرق و جان حال الحرية قال قوم للسيد أقل الامرين من أرش الجناية أو ثلثي الدية و قال آخرون له أقل الامرين من ثلثي القيمة أو ثلثي الدية .ثلثة حال الرق و واحد حال الحرية قولان أحدهما للسيد أقل الامرين من أرش الجناية أو ثلثة أرباع الدية ، و الثاني له أقل الامرين من ثلثة أرباع القيمة أو ثلثة أرباع الدية .تسعة حال الرق و جان حال الحرية قولان أحدهما للسيد أقل الامرين من أرش الجناية أو تسعة أعشار الدية ، و الثاني له أقل الامرين من تسعة أعشار القيمة أو تسعة أعشار الدية .فان اتفق العدد ان خسمة حال الرق و خمسة حال الحرية قولان أحدهما له أقل الامرين من أرش الجناية أو نصف الدية ، و الثاني له أقل الامرين من نصف القيمة أو نصف الدية ، و هكذا لو جنا عليه جان حال الرق و جان حال الحرية
المسألة بحالها ، وقد أكره المأمور بقتله
إذا أمر خليفة الامام أو واليه بقتل رجل بغير حق
هل الامام بأمر بقتل من لا يستحق القتل ؟
الباب واحد .و قد يتيسر واحد القولين ، و هو إذا اتفق أرش الجناية و قدر ما لزمه من الدية على وجه واحد ، مثل أن كان أرش الجناية و ما وجب عليه من الدية نصف الدية فههنا لا تظهر الفائدة لانك إن راعيت أرش الجناية كان و نصف الدية سواء ، و إن راعيت نصف القيمة كان و نصف الدية سواء ، بلى متى اختلفا ظهرت الفائدة .الامام عندنا لا يأمر بقتل من لا يستحق القتل لعصمته ، و أجاز الفقهاء ذلك بناء على مذهبهم ، فأما خليفة الامام فيجوز فيه ذلك ، و الحكم فيهما سواء بلا خلاف ، فيفرض في خليفة الامام .فإذا أمر خليفة الامام رجلا بقتل رجل بغير حق نظرت ، فان كان المأمور عالما بذلك لم يجز له قتله ، و لا يحل له أن يطيعه لقوله عليه السلام " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " فان خالف و قبل منه و أطاعه في قتله فعلى القاتل القود و الكفارة ، لانه قد قتله جبرا ، و الآمر لا قود عليه و لا كفارة ، لكنه آثم بما فعل و عصا بلا خلاف .و إن كان المأمور يعتقد أن قتله حق و أن الامام أو خليفته لا يقتل إلا بحق و أن طاعته فيما أمر به من هذا واجبة ، فلا قود على المأمور عندهم ، لانه فعل ما هو عنده فرض و طاعة و على الآمر القود ، لان المأمور كالآلة ، فإذا أمر بقتله فكأنه استعمل آلته في قتله ، فكان عليه القود ، و الولي بالخيار بين القصاص و العفو ، و لم يذكر فيه خلاف ، و الذى يقتضيه مذهبنا أن على المأمور القتل لانه المباشر ، للظواهر كلها .فأما إن أكرهه على قتله فقال إن قتلته و إلا قتلتك لم يحل له قتله ، و إن كان خائفا على نفسه ، لان قتل المومن لا يستباح بالاكراه على قتله ، فان خالف و قتل فقد أتى كبيرة بقتل نفس محترمة ، فأما الضمان فعندنا أن القود على القاتل و عند قوم منهم ، و قال بعضهم : عليه و على الآمر القود ، كأنهما باشرا قتله و اشتركا فيه .فان اختار الولى قتلهما معا كان له ، و إن عفا عنهما فعلى كل واحد منهما نصف الدية ، و الكفارة ، و قال آخرون على الآمر القود وحده ، و على المكره نصف
الدية ، فان عفا الولى عن الامام فعليه نصف الدية ، و على كل واحد منهما الكفارة فلا يختلف قول الفريقين أن الدية عليهما نصفين ، و أن على كل واحد منهما الكفارة و فيه خلاف ذكرناه في الخلاف .فأما الكلام فيمن خرج على الامام و دعا إلى نفسه و انفرد في منعة كالخوارج و الغلاة و البغاة ، فالحكم فيه كالحكم في خليفة الامام سواء حرفا بحرف و أما المتغلب باللصوصية ، و هو من خرج متغلبا على موضع لقطع الطريق و اللصوصية ، فإذا أمر غيره بقتل رجل ظلما فقتله المأمور ، فان علم المأمور أنه ظلم فالقود عليه بلا خلاف ، و إن كان جاهلا أنه بغير حق ، فالقود عليه أيضا دون الآمر بلا خلاف ، لان مخالفة طاعته و الهرب منه قربة ، و إن أكرهه هذا اللص على قتل رجل فقتله فعندنا أن القود على القاتل مثل غيره ، و قال قوم القود عليهما ، و فيهم من قال : حكمه حكم الامام إذا أكره غيره على قتل غيره بغير حق ، و قد مضى ، و فيهم من قال على قولين .إذا كان عبد صغير لا يعقل ، و يعتقد أن كل ما يأمره سيده فعليه فعله ، أو كان كبيرا أعجميا يعتقد طاعة مولاه واجبة و حتما في كل ما يأمره ، و لا يعلم أنه لا طاعة في معصية الله .فإذا كان كذلك فإذا أمره بقتل رجل فقتله فعلى السيد القود ، لان العبد يتصرف عن رأى مولاه ، فكان كالآلة له بمنزلة السكين و السيف ، و كان على السيد القود وحده .قالوا : أ ليس لو أمره بسرقة فسرق لا قطع على السيد ؟ هلا قلتم مثله ههنا ؟ قلنا الفصل بينهما من وجهين أحدهما أن القود يجب بالقتل بالمباشرة و بالسبب فجاز أن يجب القود بالامر لانه من الاسباب ، و ليس كذلك القطع في السرقة لانه لا يجب إلا عن مباشرة ، و لا يجب بالسبب ، فلهذا لم يكن هذا السبب مما يجب به القطع عليه .و الثاني أن القود لما دخلت النيابة في استيفائة جاز أن يجب القود بالاستنابة
المسألة بحالها ، وقد كان المأمور بالقتل بالغا عافلا
إذا أمر عبده بقتل نفسه فقال : اقتلنى أو اقتل نفسك فأطاعه
فيه ، و القطع في السرقة لما لم يدخل الاستنابة فيه لان المسروق منه لا يستنيب في قطع اللص بحال ، فكذلك لم يجب القطع به بالاستنابة فيه ، فبان الفصل بينهما .هذا فصل الفقهاء ، و الذى رواه أصحابنا أن العبد آلته كالسيف و السكين مطلقا ، فلا يحتاج إلى ما ذكروه .فأما إن كان هذا العبد بهذه الصفة مملوكا لغيره ، و يعتقد أن أمر هذا الآمر طاعة في كل ما يأمره ، فأمره بقتل غيره فقتله فالحكم فيه كما لو كان عبد نفسه ، و القود على الآمر عندهم ، و يقتضى مذهبنا أن القود على القاتل إن كان بالغا .و أما إن أمره بقتله فقال ا قتلنى فقتله هدر دمه ، لانه كالآلة له قتل نفسه بها ، و إن قال له اقتل نفسك أيها العبد فقتل العبد نفسه ، فان كان العبد كبيرا فلا ضمان على الآمر ، لان كل عبد و إن كان جاهلا يعلم أنه لا يجب عليه قتل نفسه بأمر غيره .فان كان العبد صغيرا أو مجنونا لا يعقل ، فقال له اقتل نفسك فقتلها ، كان الضمان على الآمر لان الصغير قد يعتقد هذا حقا ، فكان الصغير كالآلة للآمر ، فكان عليه الضمان .فأما إن كان المأمور حرا صغيرا يعقل أو كبيرا جاهلا ، فأمره بقتل رجل فالقود على الآمر ، لانه كالآلة له ، و إن قال له اقتل نفسك فان كان كبيرا فلا شيء على الآمر لما مضى ، و إن كان صغيرا لا تمييز له فعلى الآمر القود ، لانه كالآلة في قتل نفسه .هذا إذا كان المأمور لا يعقل لصغر أو جهالة مع الكبر فأما إن كان المأمور عاقلا مميزا إما بالغا أو صبيا مراهقا فأمره بقتل رجل فقتله فالحكم يتعلق بالمأمور ، و يسقط الامر و حكمه ، لانه إذا كان عاقلا مميزا فقد أقدم على ما يعلم أنه لا يجوز باختياره فان كان عبدا كبيرا فعليه القود ، و إن كان صغيرا فلا قود ، و لكن يجب الدية متعلقة برقبته .و ما تلك الدية ؟ فمن قال إن عمده في حكم العمد ، فالدية مغلظة حالة في رقبته ، و من قال عمده في حكم الخطأ فالدية مخففة مؤجلة في رقبته ، و عندنا أن
إذا سقاه سما يقتل غالبا ، وفيه فروع في المخاصمة بين الولى والساقى
المسألة بحالها ، وقد كان الصبى غير عاقل وغير مميز
إذا كان المأمور صبيا مراهقا عاقلا مميزا فأكرهه خليفة الامام على قتل فأطاعه فالكلام في أن عمد هذا الصبى عمد أوعمده خطأ
خطأه و عمده سواء .و إن كان المأمور حرا فان كان بالغا فالقود عليه ، و إن كان بالغ فلا قود ، و وجبت الدية ، فمن قال عمده عمد ، قال : الدية مغلظه حالة في ماله ، و من قال عمده خطأ ، فالدية مخففة مؤجلة على العاقلة و هو مذهبنا .فأما إن كان مراهقا عاقلا مميزا فأكرهه خليفة الامام على قتل رجل فقتله ، فلا قود عندهم على المكره قولا واحدا ، و هل على المكره ؟ على قولين : فمن قال عمد الصبي عمد فعلى المكره القود لانه قتل عمد ، فالمكره كاجنبي شارك الاب في قتل ولده ، فعلى الاجنبي القود ، و كذلك ههنا على المكره القود ، و على المكره نصف الدية مغلظة حالة في ماله .و من قال عمده في حكم الخطأ قال لا قود على المكره لانه شارك الخاطئ لكن عليه نصف الدية حالة مغلظة ، و على المكره نصف الدية مخففة مؤجلة على العاقلة .و الذي يقتضيه عموم أخبارنا أن المراهق إذا كان جاز عشر سنين فانه يجب عليه القود ، و إن عمده عمد ، و قد بينا أن الاكراه لا يصح في القتل فالقود ههنا عليه خاصة .و أما إذا لم يكن عاقلا و لا مميزا فعمده و خطأه سواء في الدية - : فإذا انفرد بالقتل كانت على عاقلته الدية ، و إن أكرهه غيره على ذلك ينبغى أن نقول إن الدية بينهما نصفان و لا قود ، لان فعل المكره كأنه فعل المكره و لا عقل له و لا تميز يمنعه منه ، أنه لا يجب عليه القود لانه شاركه فعل الخاطئ .إذا سقاه سما يقتل غالبا فان أكرهه على ذلك مثل أن أوجره إياه و صبه في خلقه ، و ذكر أنه يقتل غالبا ، فعليه القود ، لانه قتله بما يقتل به غالبا كالسيف و نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 24 / 5 / 1373 فايل 4 : از صفحه 45 إلى 58 السكين و المثقل ، و إن قال الساقي لا يقتل غالبا فان صدقه الولى فلا قود ، و إن كذبه و أقام الولى البينة أنه يقتل غالبا فعليه القود ، كما لو ثبت ذلك باعترافه ، و إن لم يكن معه بينة و مع الساقي بينة أنه سم لا يقتل غالبا فلا قود عليه ، و عليه الدية ، لان البينة إذا ثبتت لم يلتفت إلى قول الولى .
إذا جعل الطعام المسموم في دار نفسه فدخل الغير وأكله
إذا جعل السم في طعام وأطعمه رجلا بكره أو ناوله فلم يعلم وأكل الطعام
فان لم يكن مع واحد منهما بينة فقال الولى يقتل غالبا و قال الساقي لا يقتل غالبا ، فالقول قول الساقي ، لانه اعترف بصفة ما سقاه ، و لان الاصل براءة ذمته ، فان قالت البينة هذا السم يقتل النضو النحيف و الضعيف الخلقة ، و لا يقتل القوي الشديد ، فان كان المقتول نضوا فعليه القود ، و إن كان قويا فلا قود و عليه الدية .و إن كان السم يقتل غالبا و قال الساقي لم أعلم أنه يقتل غالبا قال قوم : لا قود عليه لانه ذكر شبهة ، و القود يسقط بالشبهة ، و عليه الدية ، و قال آخرون لا يقبل قوله و عليه القود و هو الاقوى عندي ، لانه قد فعل فعلا يقتل غالبا و قوله لم أعلم أنه يقتل غالبا لا يقبل قوله فيه .فان كان السم يقتل غالبا فجعله في طعام ، فان لم يكسر الطعام حدته و لم يعد له فهو كالسم البحت ، و إن عدله و أخرجه عن القتل غالبا فلا قود .هذا كله إذا أكرهه على أكله أو شربه ، فأما إن لم يكرهه فان ناوله فشرب فان كان الشارب صبيا لا يعقل أو مجنونا أو أعجميا لا يعقل فناوله فشرب فمات فعليه القود .فأما إن جعل السم في الطعام فأكله الغير لم يخل من أحد أمرين إما أن يجعله في طعام نفسه أو طعام غيره ، فان جعله في طعام نفسه و أطعمه إياه ، فان قال هذا سم فأخذه و أكل ، فلا ضمان على المطعم ، سواء قال له فيه سم يقتل غالبا أو لم يقل لانه هو المختار لقتل نفسه ، فهو كما لو ناوله سيفا فقتل به نفسه .و أما إن لم يعلمه فقدمه إليه أو ناوله فأكل منه ، قال قوم عليه القود و هو الاقوى عندي ، لانه لم يختر شرب ذلك بدليل أنه لو علم به لم يأكله ، و قال آخرون لا قود عليه ، لانه الذي أكله باختياره ، فكان شبهة في سقوط القود عنه .فمن قال عليه القود ، فلا كلام ، و من قال لا قود ، قال عليه الدية بلا شبهة ، لانه مات بسبب كان منه بغير علمه ، فأقل الاحوال وجوب الدية .فأما إن جعل هذا الطعام المسموم في دار نفسه فدخل الغير فأكله ، فلا ضمان على صاحب الطعام ، لان الآكل هو الذي تعدى بدخول دار غيره بغير أمره ، فإذا هلك فلا ضمان على صاحب الدار كما لو دخل إليها فسقط في بئر فمات فلا ضمان .
إذا كتفه وألقاه في أرض ذات حيات فقتلته وفيه فروع
إذا رماه بين يدى السبع في فضاء أو رمى السبع بالقرب منه فقتله السبع
إذا كتفه وقيده وطرحه في أرض مسبعة فافترسه الاسد وأكله
فأما إن خلطه بطعام غيره ضمن صاحب الطعام لانه أتلفه على مالكه ، فان جعله في بيت مالكه و لا علم له بالسم فدخل بيت نفسه فوجد طعامه فأكله ، فالأَقوى عندي أن عليه القود ، و قال قوم لا ضمان عليه بحال ، و قال قوم لا قود و عليه الدية .إذا كتفه و قيده و طرحه في أرض مسبعة فافترسه السبع فأكله ، فلا ضمان عليه لانه بمنزلة الممسك و الذابح غيره ، و لو أمسكه على غيره فقتله الغير فلا ضمان على الممسك .و إذا رماه بين يدي السبع في فضاء أو رمى السبع بالقرب منه ، فقتله السبع ، قالوا لا ضمان عليه لان السبع يفر مما جرى هذا المجرى .و يقوى في نفسى أن عليه الضمان في المسئلتين و إذا حبسه مع السبع في موضع من بيت أو بئر فقتله السبع فعليه القود ، لانه اضطره إلى قتله .هذا إذا بقر بطنه أو قتله فأما إن جرحه جرحا فسرى إلى نفسه نظرت ، فان كان جرحا يقتل غالبا فعليه القود ، و إلا فلا قود عليه ، و عليه الدية ، لانه بمنزلة الآلة ، فهو كما لو تلبس هو بالجناية فانه هكذا .و أما الحية فان كتفه و ألقاه في أرض ذات حيات فقتلته فلا ضمان لما مضى ، و إن ألقاه إلى حية أو ألقى الحية عليه فلا ضمان أيضا ، و إن حاصره معها في مضيق فقتله قالوا لا قود ، لان الحية تهرب من الانسان في مضيق غالبا ، و يفارق الاسد ، لانه يقتل في المضايق غالبا ، فبان الفصل بينهما ، فأما إن أمسك حية فأنهشه إياها فلا فرق بين أن يضغطها أولا يضغطها الحكم واحد ، لانها تعض سواء ضغطها أو لم يفعل ذلك .فان قتله الحية فان كانت تقتل غالبا مثل حيات السراة و الا صحر قرب الطايف أفاعي مكة ، و ثعبان مصر ، و عقارب نصيبين ، فعليه القود لانها تقتل غالبا و إن كان لا يقتل غالبا مثل ثعبان الحجاز ، و عقرب صغيرة ، قال قوم لا قود لانه لا يقتل غالبا و عليه الدية ، و قال آخرون عليه القود لانه من جنس ما يقتل غالبا و هكذا الحكم فيه إذا القمة أو أعضه إياه فجرحه الاسد فالحكم فيه كالحية سواء ، لانه جعله كالآلة .
إذا قتل رجلا زنا وهو محصن
إذا قتل نصرانى مرتدا ففيها ثلاثة أوجه
إذا جرج مسلم نصرانيا ثم ارتد الجارح ثم سرى إلى نفسه
إذا قتل مرتد نصرانيا له ذمة في الاسلام
إذا قتل مرتد نصرانيا له ذمة ببذل أو جزية أو عهد ، قال قوم : عليه القود ، و قال آخرون لا قود عليه ، سواء رجع إلى الاسلام أو أقام على الكفر ، و يقوى في نفسى أنه إن أقام على الكفر أنه يجب عليه القود ، و إن رجع فلا قود عليه فمن قال لا قود عليه قال عليه دية نصرانى فان رجع كانت في ذمته ، و إن مات أو قتل في ردته تعلقت بتركته يستوفى منها ، و الباقي لبيت المال عندهم ، و عندنا لورثته المسلمين .و من قال عليه القود ، فان رجع إلى الاسلام فالقود بحاله ، و ولي القتيل بالخيار بين القود و العفو ، و أخذ الدية ، فان اختار القود قتله قودا ، و كان مقدما على القتل بالردة ، لانه حق لآدمي ، و إن اختار العفو قتل بالردة و كانت الدية في تركته و الباقي لمن ذكرناه .فان جرح مسلم نصرانيا ثم ارتد الجارح ثم سرى إلى نفسه فمات ، فليس على المرتد قود ، لعدم التكافؤ حال الجناية ، و يفارق هذا إذا قتله و هو مرتد لوجود التكافؤ حال القتل .فرع : فأما إن قتل نصرانى مرتدا ففيها ثلثة أوجه : قال قوم لا قود عليه و لا دية و قال آخرون عليه القود ، فان عفا عنه فعليه الدية و هو الاقوى عندي ، لان المرتد و إن وجب قتله فانما قتله إلى أهل ملته ، و الامام ، فإذا قتله غيره كان القود عليه ، كمن وجب عليه القصاص ، فان قتله ولي المقتول كان عليه القود .و قال بعضهم عليه القود فإذا عفا عنه فلا دية أما القود فلانه قتل من يعتقد مكافيا له ، لانه عاد عنده إلى دين حق فقد قتل من لا يجوز له قتله ، فكان عليه القود و أما الدية فانما يجب عليه بقتل نفس لها حرمة ، و هذه لا حرمة لها ، و الصحيح عندهم الاول ، لانه لا ضمان عليه بحال ، لانه مباح الدم لكفره ، فإذا قتله نصرانى فلا قود عليه كالحربي ، و قد بينا أن الاقوى عندنا الثاني لقوله " النفس بالنفس " و لقوله تعالى : " الحر بالحر " و ذلك على عمومه إلا ما خصه الدليل .فأما من زنا و هو محصن فقد وجب قتله ، و صار مباح الدم ، و على الامام قتله فان قتله رجل من المسلمين قال قوم عليه القود لانه قتله من ليس إليه القتل ، كما لو
إذا وجد على امرءته رجلا فقتله ، وفيه احاديث وحكاية
وجب عليه القود فقتله الولى ، و قال آخرون لا قود عليه و هو الاقوى عندي ، لما روي أن رجلا قتل رجلا فادعى أنه وجده مع إمرأته ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام عليه القود ، إلا أن يأتي ببينة ، فأوجب عليه القود مع عدم البينة و نفاه مع قيام البينة .و روي أن سعدا قال : يا رسول الله أ رأيت إن وجدت مع إمرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء ؟ قال : نعم ، فدل على أنه إذا أتى بأربعة شهداء لم يمهله .و في بعضها قال : يا رسول الله أقتله ؟ قال : كفى بالسيف شا ، أراد أن يقول شاهدا ثم وقف فقال : لا .و روى على بن أبى طالب عليه السلام أن النبي صلى الله عليه و آله قال لابى بكر لو وجدت مع إمرأتك رجلا ما كنت صانعا به ؟ قال أقتله و قال لعمر : لو وجدت مع إمرأتك رجلا ما كنت صانعا به قال أقتله ، فقال لسهيل بن بيضاء لو وجدت مع إمرأتك رجلا ما كنت صانعا به ؟ قال أقول لها لعنك الله يا خبيثة ، و أقول له لعنك الله يا خبيث ، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : سهيل أراد التأول .فموضع الدلالة أن النبي صلى الله عليه و آله أقر أبا بكر و عمر على ما قالا .و روى سعيد بن المسيب أن رجلا من أهل الشام يقال له ابن خيبري وجد مع إمرأته رجلا فقتله و قتلها فأشكل على معوية القضاء فيه ، فكتب معوية إلى أبى موسى الاشعرى يسئل له عن ذلك على بن أبى طالب فقال على عليه السلام : إن هذا الشيء ما هو بأرضنا ، عزمت عليك لتخبرني ، فقال أبو موسى الاشعرى كتب إلى في ذلك معوية ، فقال على أنا أبو حسن و في بعضها : القود إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته .و روى الشعبي قال غزا معنا رجل فاستخلف أخاه على إمرأته فأتته امرأة فقالت له : هل لك في إمرأة أخيك عندها رجل يحدثها ؟ فنصب السلم فعلا على السطح و اطلع عليهما فإذا هى تنتف له دجاجة و هو يرتجز و يقول : و أشعث غره الاسلام مني خلوت بعرسه ليل التمام أبيت على ترائبها و يمشي على جرداء لاحقة الحزام كأن مواضع الربلات منها فيام ينظرون إلى فيام
قال فنزل فقتله و رمى بجيفته إلى الطريق ، فبلغ ذلك عمر فقال أنشد الله عبدا عنده علم هذا القتيل إلا أخبرني ، فقام الرجل فأخبره بما كان فأهدر عمر دمه ، و قال أبعده الله ، و أسحقه الله ، قالوا إنما أهدر دمه لانه علم صحته .إذا أمسك رجلا فجاء آخر فقتله فعلى القاتل القود بلا خلاف ، و أما الممسك فان كان مازحا متلاعبا فلا شيء عليه ، و إن كان أمسكه للقتل أو ليضربه و لم يعلم أنه يقتله فقد عصى ربه .و روى أصحابنا أنه يحبس حتى يموت ، و قال بعضهم يعزر و لا شيء عليه غيره و قال بعضهم إن كان مازحا عزر ، و إن كان للقتل فعليهما القود .و أما الرائي فلا يجب عليه القود عندنا و عند جماعة ، و روى أصحابنا أنه يسمل عينه ، و قال قوم يجب عليه القتل .إذا جنا عليه جناية أتلف يها عضوا مثل إيضاح رأس أو قطع طرف ، فان كان بآلة يكون فيها تلف هذا العضو غالبا فعليه القود ، و إن كان بآلة لا يقطع غالبا فهو عمد الخطأ ، فلا قود ، لان الاطراف يجرى مجرى النفس ، بدليل أنا نقطع الجماعة بالواحد كما نقتل الجماعة بالواحد .ثم ثبت أنه لو قتله بآلة يقصد بها القتل غالبا فعليه القود ، و إن لم يكن القتل بها غالبا فلا قود فكذلك الاعضاء ، و ذلك مثل أن رماه بحجر صغير فأوضحه ، و كان هذا مما يوضح غالبا و لا يقتل غالبا ، فان مات منه فالقصاص واجب في الموضحة ، دون النفس ، لانا نعتبر كل واحد من الامرين على طبقه .إذا جنا على عين الرجل فان قلع الحدقة و أبانها و جعله نحيفا فعليه القود لقوله " و العين و العين " و ليس للمجني عليه أن يليه بنفسه ، لانه أعمى لا يرى كيف يصنع ، فربما جنا فأخذ أكثر من حقه ، لكنه يوكل فإذا و كل قال قوم له أن يقتص بأصبعه فانه إذا لوى أصبعه و مكنها من الحدقة تناولها من محلها بسرعة ، لانه أقرب إلى المماثلة و منهم من قال لا يقتص بالاصبع ، لكن بالحديد ، لان الحديد إذا عوج رأسه كان أعجل و أوحى من الاصبع ، و هو الاقوى عندي .
إذا قطع ذكر رجل وأنثييه أو قطع شفرى امرءة
إذا قتل الصبى أو المجنون أو السكران رجلا
المسألة بحالها ، وقد ذهب بضوئها والحدقة باقية بحالها
و أما إن جنا عليها فذهب بضوئها ، و الحدقة باقية بحالها ، مثل أن لكمه أو لطمه أو دق رأسه بشيء فنزل الماء في عينيه ، فعليه القود في الضوء لان ضوء العين كالنفس ، و يصنع بالجاني مثل ما صنع من لكمة أو لطمة أو ما فعل به عندهم ، لا لان هذا فيه القصاص ، لكنه به يستوفى القصاص .فان ذهب البصر بذلك فلا كلام ، و إن لم يذهب فان أمكن أن يذهب به بعلاج كدواء يذر فيها ، أو شيء يوضع عليها ، فيذهب البصر دون الحدقة ، فعل ، فان لم يمكن ذلك قرب إليها حديدة محمية حتى يذهب بصره ، فان لم يذهب و خيف أن يذهب الحدقة ، ترك و أخذت دية العين لئلا يأخذ المجني عليه أكثر من حقه .و الذي رواه أصحابنا في هذه القضيه أن يحمى حديدة و يبل قطن يوضع على الاجفان لئلا يحترق ، و تقرب منه الحديدة حتى تذوب الناظرة و تبقى الحدقة .إذا قتل الصبي أو المجنون رجلا فلا قصاص على واحد منهما لقوله عليه السلام " رفع القلم عن ثلثة عن الصبي حتى يحتلم ، و عن النائم حتى ينتبه ، و عن المجنون حتى يفيق ، و يجب فيها الدية و ما تلك الدية ؟ قال قوم : هو في حكم العمد ، و قال آخرون هو في حكم الخطاء ، و هو مذهبنا .فمن قال في حكم العمد ، قال الدية مغلظة حالة في ماله ، و من قال في حكم الخطا على ما نذهب إليه ، قال الدية مخففة مؤجلة على العاقلة .و أما السكران فالحكم فيه كالصاحي ، و أما من جن بسبب هو معذور فيه مثل أن يشرب الادوية المجننة ، فذهب عقله فهو كالسكران .إذا قطع ذكر رجل و أنثييه فعليه القود فيهما ، لان كل واحد منهما عضو له حد ينتهى إليه يقتص عليهما و يقطعهما مع تلك الجلدة ، و أما الشفران فهما الاسكتان المحيطان بالفرج بمنزلة الشفتين من الفم ، و هو للنساء خاصة ، فظاهر مذهبنا يقتضى أن فيهما القصاص ، و لا قود فيهما بحال عند قوم ، لانه لحم ليس له حد ينتهى إليه فهو كالاليتين و لحم العضد و الفخذ ، و عضلة الساق ، فكل هذا لا قصاص فيه ، ففي الشفرين الدية ، و في الذكر و الانثيين القصاص ، فان عفي ففي كل واحد منهما
إذا قتل عمدا محضا فما الذى أوجب عليه ؟ فيه أبحاث وفروع
إذا كان المجنى عليه خنثى مشكل له ما للرجال وما للنساء فقطع رجل ذكره وأنثييه وشفريه فيه فروع
كمال الدية في الذكر الدية ، و في الانثين كمال الدية .فان كان المجني عليه خنثى مشكل له ذكر الرجال و فرج النساء ، فقطع قاطع ذكره و أنثييه و شفريه ، لم يخل حاله من أحد أمرين إما أن يصبر حتى يتبين أمره أو لا يصبر ، فان صبر حتى بان أمره لم يخل من أحد أمرين إما أن يتبين ذكرا أو أنثى .فان بان ذكرا نظرت في الجاني فان كان رجلا فعليه القود في الذكر و الانثيين و حكومة في الشفرين ، لانهما من الرجل خلقة زايدة ، و إن كان الجاني إمرأة فلا قود عليها في شيء و لكن عليها في الذكر و الانثيين ديتان ، لان هذا خلقة أصلية ، و عليها حكومة في الشفرين لانهما من الرجل خلقة زايدة .هذا إذا بان رجلا فأما إن بان إمرأة نظرت في الجاني ، فان كان رجلا فلا قود ، لان الذكر و الانثيين منها خلقة زائدة ، و هي من الرجل خلقة أصلية ، و عليه فيهما حكومة و عليه في الشفرين الدية .و إن كان الجاني إمرأة فلا قصاص ههنا ، لانه لا قصاص في الشفرين ، لكن عليها في الشفرين الدية ، و في الذكر و الانثيين حكومة .هذا إذا صبر حتى بان أمره ، فان لم يصبر لم يخل من أحد أمرين إما أن يطالب بالقصاص أو بالدية ، فان طالب بالقصاص فلا قصاص له ، لانا لا نعلم فيما وجب له القصاص ، فانه يحتمل أن يكون له القصاص في الذكر و الانثيين ، و يحتمل أن يكون أنثى فلا قصاص له بحال .و إن قال اطالب بالدية لم يخل من أحد أمرين إما أن يطالب بالدية و يعفو عن القصاص ، أو لا يعفو ، فان طالب بها و عفا عن القصاص صح عفوه عن القصاص و اعطى من الدية اليقين : و هو دية الشفرين ، لانا نقطع أن حقه لا يقصر عنهما ، و يعطيه حكومة في الذكر و الانثيين ، لانه اليقين ، فان بان إمرأة فقد استوفى حقه و إن بان رجلا بان أنه يستحق دية في الذكر ، ودية في الانثيين ، و حكومة في الشفرين فيكمل ذلك له مع الذي استوفاه .و أما إن قال اطالب بالدية و لا أعفو عن القصاص حتى يتبين الامر ، قلنا له لا دية لك مع بقاء القصاص ، لانه إن كان كل القصاص في الذكر و الانثيين ، فلا دية لك في الشفرين فمن المحال أن يكون لك الدية مع بقاء القصاص .فان قال إذا لم يكن لي دية فهل أستحق أن آخذ حكومة ما أم لا ؟ قال بعضهم لا يعطى شيئا بحال لانا نجهل حكومة ماذا تستحق لانه إن كان ذكرا فله حكومة الشفرين ، و إن كان أنثى فله حكومة الذكر و الانثيين ، فإذا جهلنا الحكومة في ذلك فلا حكومة لك .و قال آخرون و هو الاصح : إن له حكومة ، لان الجهل بعين الحكومة ليس جهلا بأن له حكومة ، و أن حقه لا ينفك عن حكومة ، سواء بان إمرأة أو رجلا فعلى هذا يجب أن يدفع إليه حكومة .فمن قال لا يدفع إليه فلا كلام ، و من قال له حكومة فما هي ؟ قال بعضهم : له حكومة ما قطع منه آخرا لانه يكون تقويما بعد الجناية و التقويم بعد الجناية دون التقويم قبلها ، و ليس بشيء و الصحيح أن يعطى حكومة الشفرين ، لانه أقل ما يأخذ حكومته ، فانها دون ذكر الرجل و أنثييه .إذا قتل عمدا محضا ما الذي يجب عليه ؟ قال قوم القتل أوجب أحد شيئين : القود أو الدية ، فكل واحد منهما أصل في نفسه ، فان اختار أحدهما ثبت و سقط الآخر و إن عفى عن أحدهما سقط الآخر فعلى هذا موجب القتل القود أو الدية .و قال آخرون القتل أوجب القود فقط ، و الولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو فان قتل فلا كلام ، و إن عفا على مال سقط القود ، و ثبتت الدية ، بدلا عن القود ، فيكون الدية على هذا بدلا عن بدل و على المذهبين معا يثبت الدية بالعفو سواء رضي الجاني ذلك أو لم يرض ، و فيه خلاف .و الذى نص أصحابنا عليه و اقتضته أخبارهم أن القتل يوجب القود و الولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو فان قتل فلا كلام و إن عفا لم يثبت الدية إلا برضا الجاني و إن بذل القود و لم يقبل الدية لم يكن للولي عليه غيره فان طلب الولي الدية و بذلها الجاني ، كانت فيه الدية مقدرة على ما نذكره في الديات ، فان لم يرض بها الولى جاز أن يفادى نفسه بالزيادة عليها على ما يتراضيان عليه . و إذا قلنا إن القتل يوجب القود فقط ، فان عفا عن الدية لم يسقط ، لانه عفا عما لم يجب له كما لو عفا عن الشفعة قبل البيع و إن عفا عن القود فاما أن يعفو على مال أو على مال أو يطلق ، فان عفى على مال ثبت المال ، و إن عفى على مال سقط القود .و لم يجب المال .و إن أطلق قال قوم يسقط القود إلى مال ، و هو الذي يقتضيه مذهبنا ، لان الذي وجب له هو القود ، فإذا عفى عنه فقد عفى عن كل ما وجب له ، و منهم من قال يجب المال بمجرد العفو .و من قال يوجب أحد شيئين القود أو الدية فالكلام في فصلين إذا اختار و إذا عفا ، فان اختار الدية تعينت و سقط القود لانه إذا كان مخيرا فيهما فإذا اختار أحدهما تعين و سقط الآخر ، فان أراد العدول بعد هذا إلى القود لم يكن له ، لانه يعدل عن الادنى إلى ما هو أعلى ، و إن اختار القصاص تعين و سقطت الدية فان أراد ههنا أن يعفو على مال قال قوم ليس له ذلك ، و قال آخرون : يجوز أن يعدل عنه إلى الدية فانه لا يمتنع أن يعود إلى ما كان له بعد تركه .فأما العفو فان عفا عن الدية ثبت القصاص ، و إن عفا عن القصاص أولا فأما أن يعفو على مال أو مال أو يطلق فان عفا على مال سقط المال ، لانه قد وجب له أحد شيئين ، فإذا عفا عن أحدهما ثبت الآخر ، و قوله على مال إسقاط بعد ثبوته ، و إن عفا على مال ثبت المال لانه وجب له أحدهما لا بعينه ، فإذا عفا عن أحدهما على ثبوت الآخر ثبت و إن عفا مطلقا ثبت المال .و الفرق بين هذا و بين القول الاول أن ههنا أوجب أحد شيئين القود أو المال فإذا عفا عن أحدهما مطلقا علم أنه أراد استبقاء الآخر ، و ليس كذلك إذا قيل أوجب القود فقط ، لان الواجب هناك القود لا ، فإذا أطلق العفو لم يجب شيء لانه قد عفا عن كل ما وجب له ، فلهذا لم يجب له شيء .إذا كان القتل قتلا يجب به الدية و هو الخطأ المحض ، و عمد الخطأ ، و عمد لا يجب به القود : مثل أن قتل الوالد ولده ، أو قتل المسلم كافرا وجبت الدية ، و كانت
المسألة بحالها ، وكان الوارث واحدا مولى عليه
المسألة بحالها ، وكان بعض الورثة مولى عليه
إذا كان القتل قتلا يجب به القصاص ، فهل تكون ميراثا للجميع
إذا كان القتل قتلا يجب به الدية ، فهل تكون ميراثا للجميع
ميراثا لجميع ورثته ممن يرث تركته من المال الذكور منهم و الاناث ، و سواء كان الميراث بنسب أو سبب و هي الزوجية أو ولاء ، و لم يختلفوا أن العقل موروث كالمال لقوله تعالى " و من يقتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " و الاهل عبارة عن جميع هؤلاء .و أما الكلام في القصاص و هو إذا قتل عمدا محضا فانه كالدية في الميراث ، يرثه من يرثها ، فالدية يرثها من يرث المال ، و القود يرثه من يرث الدية و المال معا .هذا مذهب الاكثر و قال قوم يرثه العصبات من الرجال دون النساء ، و فيه خلاف ، و الاقوى عندي الاول .و إن كان الثاني قد ذهب إليه جماعة من أصحابنا ، و ذكرناه نحن في النهاية و مختصر الفرائض ، فأما الزوج و الزوجة فلا خلاف بين أصحابنا أنه لا حظ لهما في القصاص ، و لهما نصيبهما من الميراث من الدية .فإذا ورثه ورثته فان كانوا أهل رشد لا يولى عليهم فليس لبعضهم أن يستوفيه بغير إذن شريكه ، فان كان شريكه حاضرا فحتى يستأذنه و إن كان غائبا فحتى يحضر الغائب و لا خلاف في هذين الفصلين عندهم ، و عندنا له أن يستوفيه بشرط أن يضمن للباقين ما يخصهم من الدية .و أما إن كان بعضهم رشيدا لا يولى عليه و بعضهم يولى عليه ، مثل أن كانوا إخوة بعضهم صغارا و مجانين ، و بعضهم عقلاء بالغون ، لم يكن للكبير أن يستوفى حق الصغير بل يصبر حتى يبلغ الطفل و يفيق المجنون ، أو يموت ، فيقوم وارثه مقامه ، و فيه خلاف .و عندنا أن للرشيد أن يستوفي حق نفسه من الدية و القصاص ، فان اقتص ضمن للباقين نصيبهم من الدية ، و إن أخذ الدية كان للصغار إذا بلغوا القصاص بشرط أن يرد على أوليآء القاتل ما غرمه من الدية ، أو عفا عنه بعضهم ، فان لم يرد لم يكن له استيفاء حقه من الدية ، و يبطل القصاص .فان كان الوارث واحدا يولى عليه مجنون أو صغير و له أب أو جد مثل أن قتلت امه و قد طلقها أبوه فالقود له وحده ، و ليس لابيه أن يستوفيه بل يصبر حتى إذا بلغ
إذا وجب القصاص لمفلس بعد الحجر عليه أو قبله
إذا وجب القصاص لاثنين فعفا أحدهما عن القصاص
كان ذلك إليه ، و سواء كان القصاص طرفا أو نفسا ، و سواء كان الولى أبا أو جدا أو الوصي الباب واحد ، و فيه خلاف .فإذا ثبت أنه ليس للوالد أن يقتص لولده الطفل أو المجنون ، فان القاتل يحبس حتى يبلغ الصبي و يفيق المجنون ، لان في الحبس منفعتهما معا : للقاتل بالعيش و لهذا بالاستيثاق ، فإذا ثبت هذا فأراد الولى أن يعفو على مال ، فان كان الطفل في كفاية لم يكن ذلك له لانه يفوت عليه التشفي ، و عندنا له ذلك ، لان له القصاص على ما قلناه إذا بلغ ، فلا يبطل التشفي .و إن كان فقيرا لا مال له ، قال قوم له العفو على مال ، لان المال خير من التشفي و قال آخرون ليس له العفو على مال ، لانه إذا لم يكن له مال كانت نفقته في بيت المال ، قالوا و الاول أصح ، و عندنا له ذلك لما بيناه إذا وجب القصاص لاثنين فعفى أحدهما عن القصاص لم يسقط حق أخيه عندنا ، و له أن يقتص إذا رد على أوليآء القاتل قدر ما عفا عنه ، و يسقط حقه فقط ، و قال بعضهم يسقط حقه و حق أخيه و ادعوا أنه إجماع الصحابة ، و قد بينا أنا نخالف فيه قالوا إذا ثبت ذلك فان حق الذي لم يعف ثبت في الدية ، و أما حق العافي سقط من القصاص ، و يثبت له المال إن عفا على مال أو مطلقا ، و إن عفا على مال سقط المال .إذا وجب القصاص لمفلس لم يخل من أحد أمرين إما أن يجب له قبل الحجر عليه أو بعده فان كان قبل الحجر فهو كالموسر ، و فيه المسائل الثلاث ، إن عفا على مال ثبت المال ، و إن عفا على مال سقط ، و إن عفا مطلقا عندنا يسقط ، و قال بعضهم لا يسقط المال ، و أما إن كان بعد الحجر عليه ، فالحكم فيه و فيمن مات و عليه دين و خلف قودا و في المحجور عليه لسفه و في المريض سواء ، و الكلام في هؤلاء الاربعة يتكلم عليهم في الجملة .فلهم العفو عن القود ، فإذا عفوا ففيه المسائل الثلاث إن عفوا على مال ثبت المال و إذا وجب صرف في حقه ، أما المفلس فيقسم الدية بين الغرماء ، و كذلك وارث الميت و المحجور عليه لسفه يستوفيه له وليه ، و المريض يستوفيه لنفسه كسائر الاموال ، و
إن عفوا مطلقا فمن قال أوجب أحد شيئين ثبت المال و صرف في حقوقه على ما مضى ، و من قال يوجب القود فقد سقط حق القود ، و لم يجب المال .و ليس للغرماء إجباره على العفو على مال لانه إنما يجب بالاختيار و الاختيار اكتساب ، فليس لهم إجباره على اكتساب المال ، فان عفوا على مال فان المفلس و وارث الميت الذي عليه الدين و المحجور عليه لسفه الحكم فيهم واحد ، و هو كما لو عفوا مطلقا و قد مضى شرحه .و الذى رواه أصحابنا أنه إذا كان عليه دين لم يكن لوليه العفو على مال ، و لا القود إلا أن يضمن حق الغرماء ، و أما المريض فانه يعتبر ذلك في حقه من الثلث .إذا وجب له على غيره قصاص لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون نفسا أو طرفا فان كان نفسا فلولى الدم أن يقتص بنفسه لقوله تعالى " و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " و ليس له أن يضرب رقبته إلا بسيف مسموم ، لما روى عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : إن الله كتب عليكم الاحسان ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، و ليحد أحدكم شفرته ، و ليرح ذبيحته ، فإذا أمر بذل في البهايم ففى الآدميين أولى .فان كان معه سيف كال مسموم أو صارم مسموم لم يكن له ، لان في الكال تعذيبه ، و المسموم لا يمكن غسله لانه يهريه ، و يقتضى مذهبنا جوازه لانه يغتسل أولا و يتكفن ثم يقام عليه القود ، و لا يغسل بعد موته فان حصرت الآلة في سيف صارم مسموم مكن من الاستيفاء بضرب الرقبة فان ضرب الرقبة و قطع الرأس فقد استوفا حقه ، و إن ضرب على الرقبة سألناه فان قال عمدت إليه قال قوم يعزر لانه جنا عليه بأن جرحه في موضع الجرح ، و إن قال أخطأت نظرت ، فان كان مما لا يخطى فيه في العادة مثل أن ضرب رجله أو فخذه أو وسطه لم يقبل قوله أنه أخطأ و إن كان قد يخطى و لا يخطى و الغالب أنه لا يخطى ، كما لو ضربه في حرف رأسه لم يقبل قوله و عزر ، و إن كان مثله يخطى به مثل أن ضربه على رأسه بالقرب من الرقبة أو على أكتافه بالقرب من الرقبة ، فالقول قوله مع يمينه أنه أخطأ ، فان حلف و إلا عزر .فإذا ثبت هذا فهل له أن يكمل الاستيفاء أم لا ؟ قال بعضهم : ليس له ذلك ، و
إذا وكل في الاستيفاء رجلا ثم عفى عن القود فيه ثلاث مسائل
يجوز التوكيل في استيفاء القصاص وشرائط ذلك
يقال : له و كل من يحسن الاستيفاء ، و قال آخرون يمكن ثانيا ليستوفيه .و الذى نقوله أنه إن كان لا يحسن و كل و إن كان يحسن استوفاه ، و أما إن كان القصاص في الطرف ، لم يمكن ولي القطع من قطعه بنفسه ، لانه لا يؤمن أن يكون من حرصه على التشفي أن يقطع منه في موضع القطع ، فيجنى عليه ، و يفارق النفس ، لانه قد استحق إتلاف جملتها .التوكيل في إثبات القصاص جايز فان استوفاه الوكيل بمشهد منه جاز لانه ليس فيه تغرير بهدر الدماء ، و إن أراد الاستيفاء بغيبة من الموكل ، منهم من قال يجوز ، و منهم من قال لا يجوز إلا بمشهد منه ، و الذى يقتضيه مذهبنا أنه يجوز .و أما التوكيل بالاستيفاء بغيبة منه ، منهم من قال العقد باطل إذا قيل لا يستوفيه إلا بمشهد منه ، و قال آخرون يصح التوكيل .إذا قال يستوفيه بغيبة منه و هو الصحيح عندنا ، فمتى اقتص الوكيل قبل عفو الموكل وقع الاقتصاص موقعه ، سواء قيل يصح التوكيل أولا يصح لانه إن كان صحيحا فلا إشكال فيه ، و إن كان فاسدا فهو استيفاء باذن فلا يضر فساد العقد .فأما إن عفا الموكل عن القود ، فان حكم العفو و تصرف الوكيل لا يختلف ، سواء قيل الوكالة صحيحة أو فاسدة ، فإذا عفا الموكل عن القود ، ففيها ثلاث مسائل : إحداها عفا بعد أن قتل الوكيل كان عفوه باطلا لانه عفا لا عن حق .الثانية عفا عن القود ، و علم به الوكيل فلم يلتفت إلى هذا ، و قتل القاتل فالحكم متعلق بالوكيل وحده ، و كان عليه القود لانه قتله بعد علمه بالعفو ، فهو كما لو قتله ابتداء .الثالثة قتله الوكيل بعد العفو ، و قبل العلم بالعفو ، قال قوم لا ضمان عليه ، و قال آخرون عليه الدية ، و ذلك أنه مبنى على أنه هل يصح عفوه أم لا ؟ فقال بعضهم صح ، و قال آخرون لم يصح ، و هذه أصل المسألة .الموكل إذا فسخ الوكالة بغير علم الوكيل هل ينفسخ الوكالة أم لا ، على وجهين بناء على هذه المسألة أحدهما يصح و هو الصحيح عندهم ، و الآخر لا يصح ، و قد روى
إذا وجب القصاص على حامل فكيف يقتص منها
المسألة بحالها ، فأدى الدية فهل يرجع بها على موكله ؟
أصحابنا القولين و الاظهر أنه لا يصح ، فمن قال لا يصح عفوه كان وجود العفو و عدمه سواء إذا قتله قصاصا ، و لا ضمان على أحد بقتله ، و منهم من قال على الوكيل الكفارة .نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 24 / 5 / 1373 فايل 5 : از صفحه 58 إلى 71 و من قال عفوه صحيح ، قال : قتل نفسا محقونة الدم أنه لا قود عليه ، لانه قتل بسبب سائغ مفرط فيه ، كالقاتل بتأويل سائغ جايز لا قود عليه ، أن عليه الدية ، لان عفوه قد صح .فإذا ثبت أن عليه الدية فانها دية مغلظة يجب في ذمته عند قوم ، و قال آخرون مؤجلة على العاقلة ، لانه إنما قتله معتقدا أنه مباح الدم و أخطأ ظنه فيه ، فكان بمنزلة الخطأ ، و الاول عندهم أصح .فمن قال على العاقلة فلا تفريع ، و من قال عليه ، فهل يرجع بها على موكله أم لا ؟ الصحيح عندهم أنه لا يرجع عليه بشيء ، لانه قد عفا عن القود و قد أحسن في فعله ، و قال بعضهم يرجع عليه به ، لانه غره بالعفو من علمه ، و الذي يقتضيه أظهر رواياتنا أن عليه الدية ، و يرجع بها على الذي عفا لانه لم يعلمه العفو .فمن قال يرجع فلا تفريع ، و من قال لا يرجع فقد استقرت الدية عليه ، و أما الموكل فهل يستحق بالعفو شيئا أم لا ؟ نظرت ، فان عفا على مال لم يجب المال ، و إن عفا مطلقا فعلى قولين : فمن قال أوجب القتل القود على ما نقوله ، قال لا يثبت المال ، و من قال أحد شيئين قال وجبت الدية في تركة المقتول .و هكذا إذا عفى على مال وجبت الدية في تركة المقتول ، و لورثة هذا الجاني الذي قتله الوكيل الدية على الوكيل ، و للموكل عليهم الدية يرجع الموكل عليهم ، و يرجعون هم على الوكيل ، و يرجع الوكيل على الموكل على ما قلناه ، و لا يرجع الموكل على الوكيل بشيء .إذا وجب القصاص على حامل أو على حايل فلم يقتص منها حتى حملت فانه لا يستقاد منها و هي حامل لقوله " و الانثى بالانثي " و لم يقل الانثى و حملها بالانثي و قال " فلا يسرف في القتل " و قال " فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " و هذا يزيد على المثل .
إذا حكم الحاكم بقتل الحامل قصاصا فقتلها الولى مبادرا
إذا ادعت أنها حامل وأنكر ولى الدم ؟
فإذا وضعته فعليها أن ترضعه اللبأ الذي لا يقوم بدنه إلا به ، لانه يقال المولود به يعيش ، فإذا شرب اللبأ ، فان كان هناك إمرأة راتبة ترضعه بأجرة أو اجرة قتلت لان له من يعيش به ، و إن لم يكن هناك من ترضعه بوجه بهيمة و لا إنسان لم يجز قتلها .و أما إن وجد بهيمة يشرب لبنها أو إمرأة مترددة راتبة أو نساء كذلك بهذه الصورة ، فالمستحب لولى الدم التأنى و الصبر حتى يستقل بنفسه عن اللبن ، لان عليه في اختلاف الالبان مشقة ، فان لم يفعل و أبى إلا اختيار القصاص كان له ذلك ، لان لهذا الطفل ما يعيش به و يستقل .هذا إذا ثبت أنها حامل بقول القوابل أو باعتراف ولي الدم ، فأما إن ادعت أنها حامل و أنكر الولى و لم يكن هناك قوابل ، قال قوم لا يؤخذ بقولها حتى يشهد أربع قوابل عدول بذلك ، و منهم من قال يؤخر ذلك حتى يتبين أمرها ، و الاول أقوى ، و الثاني أحوط .إذا حكم الحاكم بقتل الحامل قصاصا فقتلها الولى ففيها ثلث فصول في الاثم ، و الضمان ، و من عليه الضمان أما المأثم فان كانا عالمين بأنها حامل أثما معا بقتل الجنين : الحاكم بتمكينه ، و الولي بالمباشرة ، و إن كانا جاهلين فلا إثم عليهما ، و إن كان أحدهما عالما و الآخر جاهلا ، فالعالم مأثوم و الآخر معذور .فأما الكلام في الضمان ، فان الحامل مضمونة لان قتلها مستحق .و أما الجنين فينظر فيه ، فان لم تلقه فلا ضمان عندهم ، لانه لا يقطع بوجوده فلا يضمن بالشك و إن ألقت الحمل نظرت فان ألقته ميتا ففيه الغرة و الكفارة ، و الغرة رقبة جيدة قيمتها عشر دية امه أو نصف عشر دية أبيه عند قوم ، و عندنا عشر دية امه و إن ألقته حيا ضمنا من قتلها فمات ، ففيه دية كاملة و الكفارة .فإذا ثبت أنه مضمون فالضمان على من ؟ لا يخلو من أربعة أحوال إما أن يكونا
إذا قتل واحد جماعة واحدا بعد واحد فهل يتداخل القصاص
عالمين ، أو الحاكم عالما و الولي جاهلا ، أو يكون الولى عالما و الحاكم جاهلا ، أو جاهلين .فان كانا عالمين : فالضمان على الحاكم لان الولى طلب بحقه و هو لا يعلم حقه فقضى له بذلك و فوضه إليه ، فكان الضمان عليه ، و إن كان الحاكم عالما و الولي جاهلا فمثل ذلك .و إن كان الحاكم جاهلا و الولي عالما ، فالضمان على الولى دون الحاكم لانه قتل الجنين مع العلم بحاله ، فكان التفريط منه ، و إن كانا جاهلين قال قوم على الحاكم الضمان لانهما تساويا في الجهالة ، و انفرد بالتمكين ، و قال آخرون على الولى لانهما تساويا في الجهالة ، و انفرد بالمباشرة ، و قال قوم الضمان على الولى بكل حال دون الحاكم لان الحاكم مكنه من قتل واحد فقتل هو اثنين ، و لانه هو المباشر ، و هذا هو الاقوى عندي .فكل موضع قلنا الضمان على الولى فالدية على عاقلته ، و الكفارة في ماله ، لانه قتل خطأ ، و كل موضع قيل على الحاكم ، فهذا من خطأ الحاكم ، فقال قوم على عاقلته كغير الامام ، و قال آخرون في بيت المال لان خطاء الحاكم يكثر ، و كذلك الامام عندهم ، فلو جعل على عاقلته بادوا بالديات .فمن قال : الدية على عاقلته ، قال : الكفارة في ماله ، و من قال في بيت المال فالكفارة على قولين أحدهما في ماله ، و الثاني في بيت المال .و الذى نقول إن خطأ الحاكم على بيت المال ، فأما الامام فلا يخطئ عندنا ، و إنما قلنا ذلك ، لما رواه أصحابنا من أن ما أخطأت الحكام فهو في بيت المال .إذا قتل واحد جماعة كأنه قتل في التقدير عشرة واحدا بعد واحد ، وجب لولى كل قتيل عليه القود ، لا يتعلق حقه بحق غيره فان قتل بالاول سقط حق الباقين إلى بدل النفس ، فيكون لكل واحد في تركته كمال الدية ، و إن قام واحد فقتله سقط حق كل واحد من الباقين إلى كمال الدية .و قال بعضهم يتداخل حقوقهم من القصاص ، فليس لواحد منهم أن ينفرد بقتله
إذا قطع يد رجل وقتل آخر فما يفعل به ؟
إذا قتل واحد جماعة دفعة واحدة
المسألة بحالها ، وكان ولى أحدهم غائبا أو صغيرا
بل يقتل بجماعتهم ، فان قتلوه فقد استوفوا حقوقهم ، و إن بادر واحد فقتله فقد استوفا حقه و سقط حق الباقين ، و هكذا نقول أنا نقول إن لكل واحد أن ينفرد بقتله و لا يتداخل حقوقهم .فإذا ثبت ذلك فقتل واحد جماعة لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يقتلهم واحدا بعد واحد ، أو دفعة واحدة ، أو أشكل الامر ، فان قتلهم واحدا بعد واحد قدمنا الاول فالأَول ، فيقال له اختر فان اختار القصاص استوفى حقه و سقط حق الباقين عندنا ، لا إلى مال ، و عند بعضهم إلى الديات ، و إن اختار الدية و بذلها الجاني عندنا يقال للثاني اختر على ما قلناه للاول كذلك ، حتى نأتى على آخرهم .فان سبق الاوسط أو الاخير فثبت القتل استحب للامام أن يبعث إلى الاول فيعرفه ذلك ، فان لم يفعل و مكن هذا من قتله فقد أساء ، و سقط حق الباقين عندنا لا إلى مال ، و عندهم إلى الديات و الترتيب مستحق فان جاء رجل فثبت عنده القصاص فقضى له ثم وافي آخر فثبت القصاص لنفسه ، و كان قبل الاول ، قدمنا حق من قتله أولا .و إن كان ولي أحدهم غايبا أو صغيرا و ولى الآخر كبيرا لكنه قد قتل ولي الصغير أو الغايب أولا صبرنا حتى يكبر الصغير و يقدم الغايب ، فان قتله الحاضر البالغ فقد أساء و سقط حق الصغير و الغايب عندنا لا إلى مال و عندهم إلى الدية .و إن كان قد قتلهم دفعة واحدة مثل أن أمر السيف على حلوقهم أو جرحهم فماتوا في وقت واحد ، أو حرقهم أو غرقهم أو هدم عليهم بيتا فليس بعضهم أولى من صاحبه فيقرع بينهم فكل من خرج اسمه كان التخيير إليه ، ثم يقرع بين الباقين أبدا ، و إن أشكل الامر قلنا للقاتل من قتلته أولا ؟ فان أخبرنا عملنا على قوله ، و إن لم يخبرنا أقر عنا بينهم ، كما لو كان دفعة واحدة .إذا قطع يد رجل و قتل آخر قطعناه باليد ، و قتلناه بالآخر عندنا ، و قال بعضهم يقتل و لا يقطع ، فان قتل أولا ثم قطع آخر قطعناه أيضا بالثاني و قتلناه بالاول ، لانه يمكن استيفاء الحقين معا .
رجل قطع يدى رجل فقطعنا يديه ثم سرى إلى نفس المجنى عليه
إذا قطع يد واحد وقتل آخر ثم سرى القطع إلى من قطعت يده
المسألة بحالها ، ولكن كان الامر بالعكس
إذا قطع أصبع رجل ويد آخر فما يفعل به
فأما إن كان هذا في الاطراف : قطع اصبع رجل و يد آخر وجب عليه القصاص في الاصبع للاول ، و للآخر في اليد ، فيكون لمن قطعت أصبعه الخيار بين القصاص و العفو ، فان عفا وجب له دية أصبع عشر من الابل ، أنا نراعي رضا القاطع بذلك و يكون الثاني بالخيار بين القطع و العفو .فان اختار الاول القصاص قطعنا له الاصبع ، و تكون من قطعت يده بالخيار بين قطعه و بين العفو ، فان عفا كان له كمال الدية و إن اقتص كان له دية أصبع عشر من الابل .فان كانت بالضد من هذا قطع أولا يد رجل ثم قطع أصبعا من آخر ، وجب لكل واحد منهما القصاص على الترتيب ، يقطع يده أولا باليد ، و يكون للثاني دية أصبع ، و إن عفا الاول على مال كان الثاني بالخيار بين قطع أصبعه و بين العفو عنها ، و لا يقدم قطع الاصبع على قطع اليد ، لان فيه نقصان حق الاول لانه وجب له قطع يد كاملة .فرع على هذه المسألة : إذا قطع يد واحد و قتل آخر ، قلنا : يقطع و يقتل ، يقطع بالاول ، و يقتل بالثاني ، فان سرى القطع إلى من قطعت يده فمات فلوليه أن يأخذ من تركة الجاني نصف الدية لان يد المجني عليه صارت نفسا ، و القطع إذا صار نفسا دخل أرشه في بدلها ، و صار الواجب فيها الدية ، فاقتضى أن يرجع وليه في تركة القاتل بكمال الدية لكن المجني عليه قد قطع يده أولا ، فقد استوفى ما قام مقام نصف الدية فكأنه استوفى نصف الدية و بقى له نصفها يستوفيه .فرع هذه : رجل قطع يدي رجل قطعنا يديه بيديه ، ثم سرى إلى نفس المجني عليه فمات ، وجب القود على الجاني ، لان جرحه صار نفسا فلولى القتيل الخيار بين العفو و القتل ، فان قتل فلا كلام ، و إن عفا على مال لم يثبت له لانه قد استوفا فيه ما قام مقام الدية ، و هما يداه ، فلهذا لم يكن له العفو على مال ، و ليس هيهنا قتل أوجب قودا و لا يعفا فيه على مال إلا هذه المسألة .فإذا قطع يد رجل و قتل آخر ففيه ثلاث مسائل إحداها ما تقدم أنه قطع بالاول
و قتل بالثاني ثم سرى القطع إلى المجني عليه فمات ، و قد قلنا يرجع ولي المقطوع في تركة القاتل بنصف الدية على ما قلناه .الثانية قطع واحدا و قتل آخر ثم مات الجاني ثم سرى القطع إلى المجني عليه فقد مات الجاني و عليه قطع و قتل في حق الاول ، و في حق الثاني القتل و قد فات القود بوفاته ، فلولى القتيل الثاني كمال الدية في تركته ، و أما ولي الاول فكان له القطع و القتل فينظر فيه فان مات الجاني قبل أن يقتص من يده ففى تركته كمال الدية و إن مات بعد أن أخذت يده قودا أخذ من تركته نصف الدية ، لانه بقطع اليد قبض ما قام مقام نصف الدية و الذي يقتضيه مذهبنا أنه متى مات لا يجب في تركته الدية في المسائل كلها لانها تثبت برضا القاتل و قد مات .الثالثة قطع يد واحد و قتل آخر ثم سرى القطع إلى المجني عليه فمات و الجاني بحاله ، فانه قد وجب عليه القود بالقتل و القطع ، و القود بقطع اليد ، إلا أنه يقتل بمن قتله آخرا لانه و إن كان قطع الاول سبق فقد وجب قتله بالثاني قبل وجوب القتل عليه بالمقطوع ، لان المقطوع مات بعد أن بأشر قتل الثاني ، فان قتله بالثاني كان للاول الدية ، و إن عفا الثاني كان للاول قطعه و قتله ، و العفو على ما يرى .فرع رجل قطع أنملة العليا من أصبع رجل وجب القصاص فيها ، لان لها مفصلا معينا فهو كاليد ، فان مكن المجني عليه من القصاص فقطع أنملتين العليا و الوسطى سألناه ، فان قال عمدت إليه فعليه القصاص في الوسطى قودا ، و إن قال أخطأت فالقول قوله ، لان هذا مما يتم فيه الخطأ ، و وجب عليه دية أنملة ثلثة أبعرة و ثلث ، لان في كل أصبع عشرا من الابل و في كل أصبع ثلاث أنامل ، و في الابهام عشرة ، و في أنملة منها خمس ، لان الابهام له أنملتان لا .و أما الدية قال قوم في ماله لانه ثبت باعترافه و هو مذهبنا ، و قال آخرون على العاقلة .فرع : يهودى قطع يد مسلم فقطع المسلم يده قصاصا فاندمل اليهودي و سرى القطع إلى نفس المسلم ، فلولى المسلم الخيار في قتل اليهودي و العفو ، فان قتله فلا
المسألة بحالها ، ولكن المقطوع كلتا اليدين
إذا قطعت امرءة يد رجل فقطع يدها بيده واندملت يدها وسرى القطع إلى نفس الرجل
المسألة بحالها ، ولكن المقطوع كلتا اليدين
يهودى قطع يد مسلم فقطع المسلم يده قصاصا فاندمل اليهودى وسرى القطع إلى نفس المسلم فيه أبحاث
كلام ، و إن عفا على مال ثبت المال و كم الذي يجب ؟ قال قوم يثبت له دية مسلم إلا سدسا ، لان المسلم قد أخذ يد اليهودي و قيمتها ألفان ، لان ديته أربعة ألف عندهم ، و ذلك سدس دية المسلم ، فقد أخذ ما قام سدس ديته ، فكان له أخذ ما بقي .و قال آخرون يرجع عليه بنصف دية مسلم ، لان المسلم لما قطع يد اليهودي بيده فقد رضي أن يأخذ منه بدل يده يدا هى دون يده ، و إذا رضي بهذا فكأنه كان مسلما قطع يده فأخذ يده بيده ، ثم سرى إلى نفسه ، فليس لوليه إلا نصف ديته ، فكذلك ههنا .و هذا هو الاصح عندهم ، و يقوى عندي الاول ، أن دية اليهودي عندنا ثمان مائة فيرجع عليه بدية المسلم إلا أربع مائة درهم .فان كانت بحالها فقطع اليهودي يدي مسلم فقطع المسلم يدي اليهودي ، و سرى إلى نفس المسلم و اندمل اليهودي ، فلولى المسلم القود في النفس ، فان قتل فلا كلام ، و إن عفا على مال قال قوم يستحق ثلثي دية مسلم لان في يدى اليهودي دية اليهودي وديته أربعة آلاف ، فقد أخذ ما قام مقام ثلث دية المسلم ، فيكون له ما بقي .و قال آخرون لا يستحق شيئا لانه قد رضي أن يأخذ يدي اليهودي بيديه ، فقد استوفا بيديه ما قام مقام دية نفسه ، كما لو كان الجاني مسلما ، و على ما قلناه يقتضى أن له أن يرجع عليه بدية المسلم إلا دية اليهودي ، و هي ثمان مائة .و على هذا لو قطعت إمرأة يد رجل فقطع يدها بيده ثم اندملت يدها و سرى القطع إلى نفس الرجل فلوليه القصاص في نفس المرأة ، و له العفو ، فان اقتص فلا كلام فان عفا قال قوم يرجع بثلثة أرباع دية الرجل لان في يدها نصف ديتها ، و ديتها نصف دية الرجل ، فقد أخذ منها ما قام مقام ربع دية الرجل ، فيرجع بما بقي و كذلك نقول و قال آخرون يرجع عليها بنصف دية الرجل لانه قد رضي أن يأخذ يدها بيده .فان كانت بحالها فقطعت يدى رجل فقطع يديها بيديه ثم اندملت يداها و سرى القطع إلى نفس الرجل ، فلولى الرجل القصاص و العفو ، فان اقتص فلا كلام ، و إن عفا فعلى الوجهين أحدهما يأخذ نصف دية الرجل لانه قد استوفى يديها ، و هي
المسألة بحالها : فقطع المجنى عليه يد الجانى ثم سرى القطع إلى الجانى وبعده سرى إلى المجنى عليه
إذا قطع رجل يد رجل ثم عاد القاطع فقتله فاقتص وليه يد الجانى ومات بالسرايه عن هذا القطع
إذا قطع رجل يد رجل فاقتص منه ثم سرى إلى نفس المقتص فمات و بعد ذلك سرى إلى نفس المقتص منه فمات
إذا قتل رجل رجلا ثم هلك القاتل قبل أن يستقاد منه
إذا قطع رجل يد رجل فقطع المجنى عليه يد الجانى فاندمل المجنى عليه وسرى القطع إلى نفس الجانى
إذا قطعت يدى الرجل ورجليه فاقتص منها واندملت هى وسرى القطع إلى الرجل
تقوم مقام نصف دية الرجل ، فكان له ما بقي ، و الثاني : لا يرجع بشيء لانه قد رضي يديها بيديه و الاول أصح عندنا .فان قطعت يدى الرجل و رجليه فقطع يديها و رجليها ، و اندملت فسرى القطع إلى الرجل تطرق أحد الوجهين ههنا و ليس لولى الرجل إلا القصاص أو العفو ، و لا مال له ، لانا إن اعتبرنا قيمة ما أخذ منها فقد أخذ ما قام مقام ديتها ، و هي دية الرجل فلا يرجع و إن قلنا الاعتبار به ، فان رضي ذلك بيديه و رجليه فلا يرجع أيضا بشيء .إن قطع رجل يد رجل فقطع المجني عليه يد الجاني ثم اندمل المجني عليه و سرى القطع إلى نفس الجاني كان هذا هدرا عندنا ، و عند جماعة ، و قال قوم على المجني عليه الضمان فيكون عليه كمال دية الجاني .إذا قتل رجل رجلا و وجب القود عليه فهلك القاتل قبل أن يستقاد منه ، سقط القصاص إلى الدية عند قوم ، و قال آخرون يسقط القود ألى مال ، و هو الذي يقتضيه مذهبنا .إذا قطع رجل يد رجل فاقتص منه ثم سرى إلى نفس المقتص فمات ثم سرى إلى نفس المقتص منه ، فمات ، كانت نفس المقتص منه قصاصا عن نفس المقتص ، لانه استوفى منه قطعا بقطع ، فلما سرى القطع إلى نفس المقتص و هو المجني عليه استحقت نفس الجاني قصاصا ، فلما سرى إلى نفسه القطع كانت السراية عن قصاص اليد إلى نفس مستحقه قودا ، فوقع القصاص موقعه كما لو قتل قصاصا بعد أن أخذت يده قصاصا .و مثل هذا ما نقول فيه إذا قطع يد رجل ثم عاد القاطع فقتله وجب على الجاني قصاص في الطرف و قصاص في النفس ، فلو أن ولي المجني عليه قطع يد الجاني فمات بالسراية عن هذا القطع ، كان فيه استيفاء ما وجب عليه من القصاص في النفس بالسراية الحادثة عن قطعه ، فكذلك هيهنا .فان كانت بحالها فقطع المجني عليه يد الجاني ، ثم سرى القطع إلى الجاني ، ثم سرى القطع إلى المجني عليه ، فقد هلك الجاني قبل موت المجني عليه ، فهل يكون نفسه قصاصا عن نفس المجني عليه أم لا ؟ قال قوم يكون قصاص لان السراية
المسألة بحالها وكانت الجناية مما لا يوجب القود
إذا جنى رجل على رجل بما يوجب القود ثم عفا المجنى عليه وبعد ذلك سرى القطع إلى المجني عليه
إلى نفسه ، وجبت عن قصاص ، فوجب أن يكون قصاصا كما لو سرى إلى نفسه بعد أن سرى إلى نفس المجني عليه .و قال آخرون و هو الاصح عندنا أن نفسه هدر ، و لا يكون قصاصا لان السراية حصلت قبل وجوب القصاص عليها ، فلو قلنا يكون قصاصا عن نفسه كان هذا سلفا في القصاص ، و ذلك لا يجوز .إذا جنى رجل على رجل جناية فقطع يده أو رجله في الجملة جناية يجب فيها القود ، ثم عفا المجني عليه عن الجاني ، ثم سرى القطع إلى المجني عليه فمات ، فالذي رواه أصحابنا أن لوليه القصاص إذا رد على ولي المعفو عنه دية ما عفا له عنه و كذلك إن أخذ الدية إلا القدر المعفو عنه .و قال المخالف : لا قصاص لوليه على الجاني ، لان الجناية إذا صارت نفسا كانت بمنزلة الجناية الواحدة ، و لو كانت واحدة تقتل بها فعفا عن بعضها سقط القود في الكل ، فكذلك ههنا ، و لان المجني عليه إذا عفا ثم سرى إلى نفسه كانت السراية عن جناية لا قصاص فيها ، و هذه لا يوجب القصاص كما لو كانت خطأ ، أو جنى والد على ولده .فإذا ثبت أنه لا قصاص على الجاني كان لولى المجني عليه أن يرجع على الجاني فينظر فيه ، فان كان المجني عليه عفا على مال كان لوليه أن يرجع بكمال الدية ، و إن كان عفوه على مال كان لوليه أن يرجع بنصف الدية لان المجني عليه قد عفا عن نصفها .هذا إذا كانت الجناية يوجب القود فأما إن كانت عمدا لا يوجب القود مثل أن يقطع يده من نصف الساعد أو جرحه في عضده أو ظهره ، ثم عفا المجني عليه عن القصاص ثم مات العافي فلوليه القصاص ههنا ، لان عفوه عن القصاص كلا عفو ، فانه عفا عن القصاص فيما لم يجب له فيه القصاص ، و يكون وليه بالخيار بين القصاص و العفو ، فان قتل فلا كلام و إن عفا على مال وجب له كمال الدية .فان قطع يد رجل ثم إن المجني عليه عفى عن القاطع فعاد القاطع فقتل العافي
إذا اشترك اثنان في قتل نفسه ، فيه أبحاث وفروع
إذاقطع يد رجل وعفى المجنى عليه عن القاطع ثم عاد القاطع فقتل العافى
قال قوم لولى المقتول القصاص و العفو على مال ، فيكون له كمال الدية ، لان القتل عنده بعد الجرح بمنزلة قتله بعد اندمال الجرح ، فكأنه قتله قبل أن قطع يده ، و إن قتله قبل القطع كان وليه بالخيار كذلك ههنا ، و قال بعضهم لا قصاص عليه في النفس ، لكن لوليه نصف الدية أما القصاص يسقط لان القتل بعد القطع بمنزلة السراية فهو كالجناية الواحدة عفا عن بعضها فسقط القصاص عن جميعها ، و أما الدية فله نصف الدية لانه بالعفو قد استوفا نصف الدية .و الصحيح عندهم هذين ، و هو أن لوليه القصاص أو العفو على نصف الدية و هو مذهبنا ، أما القصاص فلان القصاص في الطرف لا يدخل في قصاص النفس ، بدليل أنه لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان لوليه القطع و القتل معا ، فلما عفا عن القصاص في الطرف لم يدخل في قصاص النفس ، فكان له القصاص فيها .و يفارق الدية لان أرش الطرف يدخل في بدل النفس ، بدليل أنه لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان فيه دية النفس لا ، و لم يستحق دية اليد ودية النفس أيضا فلهذا دخل أرش الطرف في دية النفس ، فأوجبنا عليه نصف الدية فبان الفصل بينهما .إذا اشترك نفسان في قتل نفس لم يخل من ثلثة أحوال إما أن يكونا ممن لو قتله كل واحد منهما قتل به ، أولا يقتل به واحد منهما ، أو يقتل به أحدهما دون الآخر : فان كان كل واحد منهما ممن يقتل به مثل حرين قتلا حرا أو عبدين قتلا عبدا أو مشركين قتل مشركا قتلا معا به ، و إن كان كل واحد منهما ممن لا يقتل به مثل حرين قتلا عبدا أو مسلمين قتلا مشركا أو أب وجد قتلا ولدا ، فلا قصاص على واحد منهما ، و هكذا لو كانا ممن يقتلان به فقتلا خطأ أو عمد الخطأ فلا قصاص .و إن كان أحدهما لو انفرد بقتله قتل به دون الآخر لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون القود لم يجب على أحدهما لمعنى فيه أو في فعله ، فان كان لمعنى فيه مثل أن شارك أجنبيا في قتل ولده أو نصرانيا في قتل نصرانى أو عبدا في قتل عبد ، فعلى شريكه القود دونه .و إن كان القود لم يجب عليه لمعنى في فعله مثل أن كان عمدا محضا شارك من
إذا قتل الرجل عمدا وله وليان فيه فروع
قتله خطأ أو عمد الخطأ فلا قود على واحد منهما ، و قال بعضهم على العامد القود ، سواء سقط عن شريكه لمعنى فيه أو في فعله و هو الاقوى عندي .فأما إذا قتله و معه صبي أو مجنون و كان القتل عمدا منهما ، فالكلام أولا في حكم قتل الصبي و المجنون ، هل له عمد أم لا ؟ أما قتله عمدا فهو مشاهد ، لكن الكلام في حكمه ، و قال قوم عمده عمد و قال آخرون عمده في حكم الخطأ و هو مذهبنا لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ ، و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى ينتبه و على القولين معا لا قود عليه .و أما الدية فمن قال عمده عمد ، فالدية مغلظة حالة في ماله ، و من قال خطأ على ما قلناه ، فالدية مخففة مؤجلة على عاقلته .فإذا شارك العامد صبيا في قتل العمد ، فمن قال عمده عمد فعلى الشريك القود ، و من قال خطأ قال لا قود على شريكه ، لانه شارك من لا قود عليه في فعله ، و الاول شارك من لا قود عليه لا لمعنى في فعله ، و على ما قلناه على العامد القود و إن قلنا أن عمد الصبي خطأ ، لكن يجب القود بشرط أن يرد على أوليائه فاضل الدية كما قلناه في البالغين .فإذا ثبت هذا فان كان فعل شريكه مضمون ، مثل أن شارك سبعا في قتل إنسان أو شارك رجلا في قتل نفسه مثل أن جرحه و جرح نفسه أو جرحه مرتدا ثم أسلم فجرحه آخر في حال إسلامه فانه لا ضمان على أحدهما بحال .و هل على شريكه القود ؟ قال قوم لا قود عليه لانه أحسن حالا من شريك الخاطى ، فان الخاطى يضمن بوجه ، و السبع لا ضمان في فعل بوجه ، و قال آخرون عليه القود ، و هو مذهبنا ، لانهما عامدان لا قود على أحدهما لا لمعنى في فعله ، فهو كشريك الاب في قتل ولده ، و هذا أصل في كل نفسين قتلا رجلا .فعلى ما فصلناه إذا قتل الرجل عمدا و له وليان ابنان أو أخوان أو عمان الباب واحد و نفرض في الابنين لانه أوضح : قتل أبوهما عمدا فهما بالخيار بين القتل و العفو فان عفوا على مال ثبت لهما الدية على القاتل ، و إن عفو اعلى مال سقط القود إلى
المسألة بحالها : فبادر أحدهما فقتل القاتل فيه ثلاث مسائل 70
مال ، و إن عفوا مطلقا قال قوم ثبت المال ، و قال آخرون لا يثبت ، و هو مذهبنا .و إن عفا أحدهما سقط القود عندهم ، و عندنا لا يسقط القود إذا رد بمقدار ما عفا الآخر ، و إن اختارا القود كان ذلك لهما ، أنه لا يمكنهما استيفاؤه معا ، فإما أن يوكلا غيرهما أو يوكل أحدهما أخاه في استيفائه ، فان أراد أحدهما أن يقتص لم يكن ذلك له إلا باذن أخيه عندهم ، لان القصاص لهما فلا يستوفيه أحدهما ، و عندنا له ذلك بالشرط الذي تقدم .فان بادر أحدهما فقتله عندنا لا قود عليه ، و قالوا لا يخلو من أحد أمرين إما أن يقتله قبل عفو أخيه أو بعد عفوه ، فان قتله قبل عفوه فهل عليه القود أم لا على قولين .و إن قتله بعد عفوه لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون بعد حكم الحاكم بسقوط القود عن القاتل أو قبل حكمه فان كان قبل حكمه فان قتله قبل العلم بالعفو فهل عليه القود أم لا على القولين أن الصحيح ههنا أن عليه القود ، و الصحيح في التي قبلها أنه لا قود عليه .و أما إن قتله بعد العفو قبل العلم بالعفو ، فانها مبنية على التي قبلها ، فمن قال عليه القود إذا قتله قبل العلم بالعفو فههنا أولى ، و من قال لا قود عليه إذا قتل قبل العلم بالعفو فهل عليه القود أم لا ؟ على قولين .هذه الثلاث مسائل على قولين إذا قتله قبل حكم الحاكم فاما إن قتله بعد حكم الحاكم بسقوط القود عن القاتل فعليه القود قولا واحدا ، سواء علم بحكمه أو لم يعلم و إن عفا أحدهما ثم عاد فقتله فعيه القود قولا واحدا ، و كذلك عندنا ، و إن عفوا معا ثم عادا أو أحدهما فقتله فعلى من قتله القود .هذه ثلاث مسائل عليه القود فيها قولا واحدا ، و عندنا يجب في الاخيرتين القود و هما القتل بعد العفو منهما ، أو من أحدهما ، فأما المتقدمة فلا توجب القود بحال بل لكل واحد منهم القود بعد عفو صاحبه ، بشرط أن يرد دية ما قد عفا عنه ، و كذلك لو كانوا مائة فعفى تسعة و تسعون ، كان للباقي القود بالشرط الذي ذكرناه .
و أما التفريع على كل واحد من القولين على مذهبهم : فإذا قال على الولى القاتل القود ، حكم بأن قاتل الاب قتل ظلما لا على وجه القصاص ، وفات أن يستقاد منه بمنزلة أن قتله أجنبي أو مات حتف أنفه ، فتعلقت الدية بتركته ، و يقتل به الولى القاتل قصاص فإذا ثبت أن الدية تعلقت بتركته ، فهي في تركته نصفها للولي الذي لم يقتل ، و نصفها لورثة الولى القاتل .و إذا قيل لا قود على الولى القاتل لم يخل الولى الذي لم يقتل من أحد أمرين إما أن يكون قد عفا عن الفود أو لم يعف عنه ، فان لم يكن عفا عنه فعلى الولى القاتل نصف دية قاتل الاب ، لانه قتله و هو يستحق نصفه ، فقد أتلف حقه و حق أخيه ، و أوجبنا عليه حق أخيه .فإذا ثبت أن عليه الدية ، فان للولي الذي لم يعف نصف الدية لان حقه سقط عن القود بغير اختيار ، فانتقل نصيبه إلى الدية ، فكان له نصفه ، فقد تقرر أن على الولى القاتل نصف دية قاتل الاب ، و للولي الذي لم يقتل نصف دية أبيه ، و على من يستحقها ؟ قال قوم يستحقه على أخيه ، و قال آخرون يجب هذا النصف للولي الذي لم يقتل في تركة قاتل الاب .فمن قال وجب للولي الذي لم يقتل نصف الدية على أخيه دون تركة قاتل أبيه نظرت فان أبرأ الورثة عن هذا النصف الذي وجب له على أخيه لم يصح ، لانه أبرأ محل حقه و إن أبرأ أخاه عنه صح الابراء لانه أبرا محل حقه ، و ليس لورثة قاتل الاب حق بحال ، فلا يرجعون على الولى القاتل بشيء ، لان الحق سقط عنه بكل حال ، و أنه لما قتل قاتل أبيه استوفى نصيبه منه ، و وجب عليه بذلك نصف الدية لاخيه و قد أبرأه عنه أخوه فلم يبق عليه حق .و من قال نصف الدية له في تركة قاتل أبيه ، فعلى هذا له ذلك في تركة قاتل أبيه و لورثة قاتل الاب نصف الدية على أخيه ، فان أبرء الذي لم يقتل أخاه عن نصف الدية لم يبرأ لان حقه على أخيه ، و إن أبرأ ورثة قاتل أخيه عن نصف الدية صح الابراء ، و سقط حقه الذي وجب له عليهم ، و لورثة قاتل الاب نصف الدية على الولى
إذا قطع يد رجل من الكوع ثم قطع آخر تلك اليد من المرفق فيه فروع
القاتل ، يرجعون بها عليه كما لو كان عليه ألف دينار لرجل ، و لهم ألف دينار على رجل ، ثم أبرأ هم من له الدين برأوا منه ، و كان لهم أن يطالبوا بحقهم على الغير ، كذلك ههنا .هذا إذا كان قبل عفو أحدهما ، و أما إن كان بعد العفو لم يخل من أحد أمرين إما أن يعفو على مال أو مال ، فان عفا على مال أو مطلقا ، و قيل إن إطلاقه يجب به المال ، فالحكم فيه كما لو كان هذا قبل أن عفا أخوه ، إذ لا فصل بين أن يثبت المال في ذمته بالعفو ، أو القود ، و يكون الحكم على ما قلناه حرفا بحرف .و أما إن عفا على مال أو مطلقا و قيل إطلاقه لا يجب به المال ، سقط حق العافي عن القصاص ، و يجب الدية معا ، و يثبت لغير العافي نصف الدية في ذمة قاتل الاب ، فإذا قتله فقد قتل من له في ذمته نصف الدية ، و وجب بقتله عليه كمال الدية و يسقط عن الدية نصفها في مقابلة ماله في ذمته ، و يجب عليه لورثة قاتل الاب نصف الدية .إذا قطع يد رجل من الكوع ، ثم قطع آخر تلك اليد من المرفق قبل اندمال الاول ، ثم سرى إلى نفسه فمات ، فهما قاتلان عندنا و عند جماعة ، و قال قوم الاول قاطع و الثاني هو القاتل ، يقطع الاول و لا يقتل ، و يقتل الثاني به .فإذا ثبت أن عليهما القتل فولى القتيل بالخيار إن اختار القود قطع الاول ثم قتله ، و إن قطعه ثم أراد العفو على مال لم يكن له ، لانه لو عفا ثبت له نصف الدية ، لانهما قاتلان ، و قد أخذ اليد منه ، و هي يقوم مقام نصف الدية ، و ليس له المال .نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 25 / 5 / 1373 فايل 6 : از صفحه 71 إلى 86 و أما الثاني فقد قطع ذراعا لا كف عليه ، ينظر فيه فان كان للقاطع مثله قطعت به ، فان قتله بعد ذلك فلا كلام ، و إن اختار العفو على مال كان له نصف الدية إلا قدر حكومة ذراع لا كف له ، و إن كان القاطع كاملا و ليس له ذراع لا كف عليه ، فهل للولي قطعه من المرفق أم لا ؟ قال قوم : له ذلك ، و هو مذهبنا ، و قال آخرون لا يقطع من المرفق ، لئلا يعفو الولى بعد قطعه ، فيكون قد ظلمه بأن أخذ منه يدا كاملة
إذا قتل رجل رجلا يجب به القود فبما يستقيد منه ؟
إذا وجب قتل القاتل لجماعة من الاولياء فكيف يصنع ؟
و هو ذراع عليه كف بذراع لا كف عليها ، و هذا لا يجوز .وأصل هذه المسألة إذا أجافه وأردا المجني عليه القود من الجائفة ، نظرت فان كان بعد الاندمال لم يكن له ، و إن كان قبل الاندمال و بعد السراية منها ، فله قتله ، و قال قوم له أن يجيفه ثم يقتله ، و قال آخرون ليس له ذلك ، و هكذا كل جرح لا قصاص فيه ، إذا صارت نفسا .و عندنا ليس له في جميع ذلك إلا القتل فقط فأما قطع اليد من المرفق بقطع اليد من المرفق المقطوعة من الكوع ، فعندنا و إن جاز ذلك ، فانما يجوز إذا رد دية اليد إلى الكوع ، و من أجاز ذلك لم يوجب رد شيء أصلا .إذا وجب قتله لجماعة من الاولياء كالاخوة و الاعمام ، فقد قلنا إن على مذهبنا أن لكل واحد أن ينفرد بقتله ، بشرط أن يضمن حصة الباقين ، و عندهم ليس له ذلك ، بل يوكلون من يستوفى لهم ، فان تشاحوا و لم يفعلوا ، و قال كل واحد أنا أتولى قتله ، أقرع بينهم ، فمن خرج اسمه كان ذلك إليه لكن ليس له الآن قتله إلا باذنهم ، لان حقوقهم قائمة و إنما ثبت له حق التقديم و القتل .إذا قتل رجل رجلا يجب به القود ، استقيد منه بالسيف لا أو ما جرى مجراه و عندهم يقتل بمثل ما قتل به ، فان قتله بالسيف أو حرقه أو غرقه أو خنقه أو منعه الطعام و الشراب حتى مات قتل بمثله ، و قال بعضهم لا قود عليه فيما قتله به مثقلة الحديد ، و النار ، و ما عدا هذين من الاشياء لا يجب به القتل ، فالكلام معه في ما عدا الحديد و النار ، هل يجب به القود أم لا ؟ و في القتل بالنار و الحديد هل يقتل بمثل ما قتله به أم لا ؟ فعند قوم يقتل بمثل ما قتل و من قال لا يجب القود إلا في المثقله أو النار ، قال : لا يستقاد إلا بالسيف ، فمن قال لا يقتل بمثل ما قتل قال : كل آلة قتل بها فانه يقتل بها الا ثلثة : السحر ، و اللواط ، و إذا أوجره الخمر .فإذا قتله بالسحر فلا يقتل بلا خلاف ، لان إتيان السحر معصية و اما إذا لاط بغلام أو جارية فقتلهما أو أوجره الخمر حتى مات ، قال قوم يفعل به من جنس ما فعل ، إن
إذا جرحه فسرى إلى نفسه ومات فهل يجب القصاص في الجرح ؟
لاط فانه يتخذ آلة شبه آلة اللواط فيصنع به مثل ما صنع ، و أما في الخمر فانه يوجر الماء مكان الخمر حتى يموت لانه أشبه بما فعل .و قال الاكثر أنه يقتل بالسيف ، كما لو قتله بالسحر ، و هو مذهبنا فأما ما عدا هذه الاشياء ، فان حرقه بالنار حرق بمثلها عندهم ، و كذلك الماء و الحبس .فإذا فعل به مثل ما فعل فان مات فذاك و إن لم يمت فماذا يصنع به ؟ قال قوم يوالى عليه بذلك حتى يموت ، إلا إذا قتله بقطع اليدين ، و الجايفة ، فانه يصنع به مثل ما صنع ، فان مات و إلا فقد تعذرت الموالاة فيما كان منه ، لانه لا محل لها سوى هذا فيقتل بالسيف و قال آخرون يفعل به مثل ذلك فان مات و إلا قتل بالسيف و قد بينا أن عندنا في جميع ذلك لا يقتل إلا بالسيف .إذا جرحه فسرى إلى نفسه و مات ، و وجب القصاص في النفس ، فهل يجب القصاص في الجرح أم لا ؟ لم يخل الجرح من أحد أمرين إما أن يكون جرحا لو انفرد وجب فيه القصاص أو لا قصاص فيه لو انفرد فان كان لو انفرد فيه القصاص إذا سرى إلى النفس كان وليه بالخيار بين أن يقتل و بين أن يقتص في الجرح ، ثم يقتل ، و قال قوم : ليس له القتل ، و هو مذهبنا .و إن كان مما لو انفرد و اندمل لا قصاص فيه مثل الهاشمة و المنقلة و المأمومة و الجائفة ، و قطع اليدين من بعض الذراع ، و الرجل من نصف الساق ، فهذه إذا صارت نفسا قال قوم ليس له القصاص ، و قال قوم آخرون له ذلك ، و على ما قلناه ليس له ذلك
اعتبار المماثلة في الاطراف بالاسم وفي الجرح بالمساحة
شرائط هذا القصاص : التساوى في الحرية ، الاشتراك في الاسم الخاص ، السلامة
* فصل * * في القصاص والشجاج وغير ذلك * وجوب القصاص في الطرف ) ما دون النفس ( ومعنى ذلك
( فصل ) ( في القصاص و الشجاج و غير ذلك ) قد مضى الكلام في القصاص في النفس ، و هيهنا القصاص فيما دون النفس ، قال الله تعالى : " النفس بالنفس و العين بالعين و الانف بالانف " إلى قوله " و الجروح قصاص " ففصل الاعضاء و عم في آخر الاية .في القصاص فيما دون النفس شيئان جرح يشق ، و عضو يقطع ، فأما العضو الذي يقطع فكل عضو ينتهى إلى مفصل كاليد و الرجل و العين و الانف و اللسان و الاذن و الذكر ، ففى كلها قصاص لان لها حدا ينتهى إليه .و إنما يجب القصاص فيها بثلاثة شرايط التساوى في الحرية ، و هي أن يكونا حرين مسلمين ، أو يكون المجني عليه أكمل ، و الثاني الاشتراك في الاسم الخاص يمين بيمين ، و يسار بيسار فانه لا يقطع يمين بيسار و لا يسار بيمين ، و الثالث السلامة فانا لا نقطع اليد الصحيحة باليد الشلاء فأما الاطراف من الجراح التي فيها القصاص و هو ما كان في الرأس و الوجه لا ، فان القصاص يجب فيها بشرط واحد ، و هو التكافوء في الحرية أو يكون المجني عليه أكمل .و أما التساوى في الاسم الخاص فهذا لا يوجد في الرأس ، لانه ليس له رأسان و لا السلامة من الشلل ، فان الشلل لا يكون في الرأس .و القصاص في الاطراف و الجراح في باب الوجوب سواء ، و إنما يختلفان من وجه آخر ، و هو أنا لا نعتبر المماثلة في الاطراف بالقدر من حيث الكبر و الصغر ، و نعتبره في الجراح بالمساحة على ما نبينه فيما بعد .و الفصل بينهما أنا لو اعتبرنا المماثلة في الاطراف في القدر و المساحة أفضي إلى سقوط القصاص فيها ، لانه لا يكاد يدان يتفقان في القدر ، و ليس كذلك الجراح
كيفية القصاص في الشجاح وأنه لا يقتص منها إلا في الموضحة
لانه يعرف عرضه و طوله و عمقه ، فيستوفيه بالمساحة ، فلهذا اعتبرناها بالمساحة .فبان الفصل بينهما .قد ذكرنا في الخلاف الشجاح و أن الذي يقتص منها الموضحة فحسب وحدها و ما عداها فيه الدية ، أو الحكومة على الخلاف فيها ، و الكلام في كيفية القصاص و جملته أنا نعتبر في القصاص المماثلة ، و ينظر إلى طول الشجة و عرضها ، لان عرضها يختلف باختلاف الحديدة فان كانت الحديده غليظة كانت الشجة عريضة ، و إن كانت دقيقة كانت الشجة دقيقة ، فاعتبرنا مساحة طولها و عرضها فأما الاطراف فلا يعتبر فيها الكبر و الصغر ، بل يؤخذ اليد الغليظة بالدقيقة ، و السمينة بالهزيلة ، و لا نعتبر المساحة لما تقدم .و إنما نعتبر الاستواء في السلامة مع التكافي الحرية ، قال الله تعالى " و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الانف بالانف و الاذن بالاذن و ألسن بألسن " فاعتبر الاسم فقط ، فلهذا راعيناه .و ليس كذلك الشجاج لانا إذا اعتبرنا المساحة طولا و عرضا لم يسقط القصاص .فأما عمق الشجة فلا نراعيه و إنما نراعى إيضاح العظم فقط ، لانا لو اعتبرنا العمق لم يمكن أخذ القصاص فان أحد الرأسين قد يكون أغلظ من الآخر و أسمن و أكثر لحما منه ، فلا يمكن اعتبار المماثلة ، فالعمق في الشجة كالمساحة في الاطراف ، و المساحة في الشجاج كالاسم في الاطراف .فإذا ثبت ذلك ، فالقصاص يجوز من الموضحة قبل الاندمال عند قوم ، و قال قوم لا يجوز إلا بعد الاندمال ، و هو الاحوط عندنا ، لانها ربما صارت نفسا .و أول ما يعمل أن يجعل على موضع الشجة مقياسا من خيط أو خشبة ، فإذا عرف قدرها حلق مثل ذلك المكان بعينه من رأس الشاج ، ليكون أسهل على المقتص منه ، لانه لو كان الشعر قائما ربما جنا فأخذ أكثر من حقه ، فان لم يحلقه فقد ترك الاحتياط و كان جايزا ، لان استيفاء القصاص ممكن .فإذا حلق المكان جعل ذلك المقياس عليه ، وخط على الطرفين خطا بسواد أو
رأس الجانى والمجنى عليه على ثلاثة أحوال
حمرة حتى لا يزيد على قدر حقه ثم يضبط المقتص منه لئلا يتحرك فيجنى عليه أكثر من ذلك ، و يكون الزيادة هدرا ، لانه هو الذي يجني على نفسه .فإذا ضبط وضع الحديد من عند العلامة ، و أوضحه إلى العلامة الثانية ، فان قيل هذا سهل استوفاه دفعة واحدة ، و إن قيل هذا يشق عليه استوفا بعضها اليوم و بعضها غدا كما نقول في القصاص في الاطراف ، يؤخر عن شدة الحر و البرد إلى اعتدال الزمان .و لا يخلو رأس الجاني و المجني عليه من ثلثة أحوال إما أن يتفقا في القدر و المساحة ، أو يكون رأس المجني عليه أكبر أو أصغر ، فان كانا سواء نظرت ، فان كانت الشجة في بعض الرأس أو في كله استوفى الكل على ما فصلناه .و إن كان رأس المجني عليه أكبر مثل أن يكون من جبهته إلى قفاه شبرا و نصف شبر ، و الجانى شبر فقط نظرت ، فان كانت الموضحة في بعض رأس المجني عليه ، و ذلك القدر جميع رأس الجاني ، فانه يستوفى جميع رأسه ، لانه مثله في المساحة ، و إن كانت الشجة في جميع رأس المجني عليه كأن ثلثيها كل رأس الجاني ، فانه يستوفى جميع رأسه من أوله إلى آخره ، و لا ينزل عن الرأس إلى جبهة ، لان الجبهة عضو آخر ، و لا عن رأسه إلى قفاه ، لان القفا عضو آخر ، و لا يوضح موضع آخر لئلا يصير موضحتين بموضحة واحدة .فإذا لم يأخذ إلا ذلك القدر نظرنا تاما قدر ما بقي ، فأخذنا منه ما لا بقدر ما بقي ، فان كان الباقى هو الثلث أخذ منه أرش ثلث موضحته كما قلنا إذا قطع يدا كاملة و يده ناقصة أصبع ، فالمجني عليه يقطع اليد و يأخذ دية أصبع كذلك هيهنا .فأما إن كان رأس المجني عليه أصغر من رأس الجاني أخذنا قدر مساحتها من رأس الجاني إن شاء بدء من الجبهة إلى حيث ينتهي المساحة ، و إن شاء بدأ من القفا إلى حيث ينتهى المسافة فان هذا السمت محل للاقتصاص ، لكنه بقدر طول الجناية لا يزداد عليها ، و كذلك لو اختار أن يأخذ من وسط الرأس بقدر المساحة لان هذا السمت محل للقصاص .
فإذا ثبت أنه يستوفي قدر المساحة ، نظرت ، فان لم يزد عليها فلا كلام ، و إن زاد عليها فان كان عامدا فالزيادة موضحة يجب فيها القود ، لانه ابتداء إيضاح على وجه العمد ، فإذا ثبت أنها موضحة منفردة لم يمكن أخذ القصاص فيها من رأسه لان محلها ما اندمل و لكنه يصبر حتى إذا اندمل أخذ القصاص في محل الاندمال .هذا إذا قال عمدت ، فان قال أخطأت فالقول قوله لانه الجاني ، فكان أعرف بصفة الجناية ، فإذا حلف كان عليه أرش موضحة كاملة لما مضى .ما كان في الرأس يسمى شجاجا ، فإذا كان مثله في البدن يسمى جرحا ، فكل جرح على البدن ينتهى إلى عظم كالعضد و الساعد و الكف و الفخذ و الساق و القدم فالقصاص فيه واجب ، و الكلام في كيفيته على ما شرحناه سواء ، و إن عفا كان فيه حكومة دون المقدر عندهم ، و عندنا فيه مقدر شرحناه في النهاية و تهذيب الاحكام و قال بعضهم لا قصاص في الجراح في البدن و فيه حكومة .إذا شجه دون الموضحة مثل أن شجه متلاحمة قال قوم فيه القود ، و قال آخرون لا قود فيها ، و الاول أقوى للظاهر ، و من قال لا قصاص فيها ، قال لانه يفضي إلى أخذ موضحة بمتلاحمة و ذلك أنه قد يكون رأس المشجوج غليظ الجلد كثير اللحم فيكون سمك المتلاحمة فيها نصف أنملة ، و يكون رأس الشاج رقيق الجلد قليل اللحم فيكون سمك الموضحة فيه نصف أنملة أو أقل فإذا أقدنا منه شجة سمكها نصف أنملة أوضحناه بمتلاحمة و هذا لا سبيل إليه .فإذا ثبت أنه لا قصاص فيها فان لم يعلم قدرها من الموضحة ، ففيها الحكومة ، و هو أن يصبر حتى يندمل ثم يقومه عبدا و حرا على ما يأتي ذكره ، و يأخذ منه الحكومة .و إن علمت قدرها من الموضحة و إنما يعلم ذلك بأن يكون برأس المشجوج موضحة بقرب هذه المتلاحمة فيدخل الميل في الموضحة فيعرف قدر سمكها ثم يدخل الميل في المتلاحمة فيعرف قدر سمكها ثم يعتبر السمكين بحساب ذلك ، فيعرف قدرها ، فان كان نصف موضحة أخذ منه نصف دية موضحة ، و ما زاد أو نقص فبحسابه . و إن أشكل الامر قال قوم ينظر فان تحققنا النصف و شككنا في الزيادة رجعنا إلى التقويم ، فان بانت القيمة نصف موضحة علمنا أنها نصف موضحة و الشك مطروح و إن بانت القيمة أقل من نصف موضحة تبينا الغلط في التقويم ، لانا قد تحققنا النصف فلا نتركه بغير يقين .و إن بان التقويم أكثر من نصف موضحة تبينا أن الزيادة على النصف كانت موجودة و صار ما شككنا فيه من الزيادة معلوما ، و أخذنا القيمة كما لو قطع بعض لسانه فتحققنا الثلث ، و شككنا في الزيادة ، فاعتبرناه بالحروف ، فبان نقصان النصف زال الشك باليقين ، و أوجبنا النصف .و منهم من قال إذا شككنا في الزيادة أوجبنا أكثر الامرين كما قلنا فيمن غصب عبدا فقطع يده ، فانا نوجب أكثر الامرين من نصف قيمته أو ما نقص .قال بعضهم هذا غلط لانه إذا غصبه فقطع يده فقد ضمنه باليد و بالجناية فأوجبنا عليه أكثر الامرين ، و ههنا إنما ضمنه بالجناية فقط ، فلهذا لم نوجب أكثر الامرين .قال هذا : و يمكن عندي أخذ القصاص فيما دون الموضحة ، بأن يكون بالقرب من المتلاحمة موضحة ، فيعرف قدر سمكها ، فإذا عرف أنها نصف موضحة و وجدنا في رأس الشاج موضحة بالقرب في ذاك المكان فيعرف سمكها ، فيعلم كم عمق نصف موضحة في رأسه ، فيدخل الحديد بقدر ذلك و يشق قدر طولها و عرضها ، و هذا مذهبنا .فأما إن أخذ أرشها ، ففيها مقدر عندنا ، و لا يحتاج إلى تكلف ما قالوه من الحكومة .قد ذكرنا أن القصاص يجرى في الاطراف من المفاصل في اليدين ، و الرجلين ، و الاذنين ، و العينين ، و الانف ، و الاسنان ، و اللسان ، و الذكر لقوله " النفس بالنفس و العين بالعين " الآية فنص على ما نص ، و نبه على اليدين و الرجلين إذا كان لها حد ينتهي إليه أمكن اعتباره بغير زيادة .و إنما يجب بثلاثة شروط : الاتفاق في الحرية و السلامة و الاشتراك في الاسم الخاص ، يمين بيمين ، و يسار بيسار ، و لا يعتبر القدر و المساحة بل تؤخذ اليد الغليظة
إذا قطع يدا كاملة الاصابع ويده ناقصة أصبع
إذا خلع كتفه واقتلع العظم الذى هو المشط من ظهره
إذا قطع يده من مفصل المرفق وقال المجنى عليه : أنا أقتص من الكوع وآخذ منه حكومة في الذراع
القصاص في الاطراف إذا قطع يده من مفصل الكوع ففيه القود وإذا قطعها من بعض الذراع فلا قصاص
السمينة باليد الدقيقة الهزيلة الضعيفة ، لظاهر الآية ، و لما تقدم من أن اعتبار المساحة يؤدى إلى سقوط القصاص ، لتعذر الاتفاق بين الايادي على صورة واحدة كبرا و صغرا .فإذا ثبت ذلك ، ففى اليد أربع مسائل إحداها قطع يده من مفصل الكوع ، فيقطع بها يده من مفصل الكوع ، و يكون المجني عليه بالخيار بين أخذ القصاص و العفو على مال ، و إذا عفا ، كان فيها نصف الدية خمسون من الابل .الثانية إن قطع يده من بعض الذراع فلا قصاص فيها من بعض الذراع ، لان نصف الذراع لا يمكن قبول قطعه خوفا على إتلافه أو أخذ أكثر من حقه ، فيكون المجني عليه بالخيار بين العفو على مال ، و له دية يد و حكومة فيما زاد عليها من الذراع و بين القصاص فيقتص اليد من الكوع ، و يأخذ حكومة فيما بقي من الذراع .الثالثة قطع من مفصل المرفق فله القصاص من المرفق ، لانه مفصل ، و المجني عليه بالخيار بين أن يعفو فيأخذ دية اليد خمسين من الابل ، و حكومة في الساعدين ، و بين أن يقتص من المرفق .فان قال أنا اقتص من الكوع و آخذ منه حكومة في الذراع لم يكن له ، لانه إذا أمكنه استيفاء حقه أجمع قودا فلا معنى لاستيفاء بعض و أخذ الحكومة فيما بقي .و يفارق المسألة قبلها حيث كان له القصاص في الكوع و أخذ الحكومة فيما بقي من الذراع ، لانه لا يمكنه استيفاء جميع حقه قصاصا ، لان نصف الذراع لا مفصل له ، و هكذا إذا قطع يده من مفصل المنكب على هذا التفصيل .الرابعة خلع كتفه و اقتلع العظم الذي هو المشط من ظهره ، سئل أهل الخبرة فان قالوا يمكن استيفاء ذلك قصاصا و لا يخاف عليه الجائفة استوفاه قصاصا لان له حدا ينتهى إليه ، و إن قالوا لا نأمن عليه الجائفة فالمجني عليه بالخيار بين العفو و أخذ دية اليد خمسون من الابل و فيما زاد على ذلك حكومة ، و بين أن يأخذ القصاص من المنكب و فيما زاد عليه حكومة .إذا قطع يدا كاملة الاصابع ، و يده ناقصة أصبع ، فالمجني عليه بالخيار بين العفو على مال ، و له دية خمسون من الابل ، و بين أن يقتص فيأخذ يدا ناقصة أصبع
إذا قطع أصبع رجل فسرت إلى كفه حتى ذهبت ثم اندملت فيه فروع
المسألة بعكسها : يده شلاء وقد قطع يدا صحيحة
إذا قطع يدا صحيحة ويده شلاء
قصاصا و يأخذ دية الاصبع المفقودة ، و فيه خلاف ، و يقوى في نفسى أن ليس له دية الاصبع إلا أن يكون قد أخذ ديتها ، فيلزمه ذلك .و كل عضو يؤخذ قودا إذا كن موجودا وجب أن يؤخذ ديته إذا كان مفقودا ، مثل أن قطع أصبعين و له أصبع واحدة .فان كانت يده شلاء فقطع صحيحة فالمجني عليه بالخيار بين أخذ الدية و بين أخذ الشلاء بالصحيحة ، و يرجع فيه إلى أهل الخبرة ، فان قالوا متى قطعت الشلاء بقيت أفواه العروق مفتحة و لا ينحسم و لا ينضم بشيء ، و لا يؤمن التلف بقطعها ، لم يقطعها ، لانا لا نأخذ نفسا بيد ، و إن قالوا ينحسم و يبرأ في العادة أخذنا بها ، لانه قد رضي بأخذ ما هو أنقص من حقه ، فهو كالضعيفة بالقوية .إذا قطع يدا شلاء و يده صحيحة لا شلل فيها ، فلا قود عليه عندنا و عند جميعهم ، و قال داود يقطع الصحيحة ، أن عندنا أن فيها ثلث اليد الصحيحة ، و عندهم فيها الحكومة .إذا قطع أصبع رجل فسرت إلى كفه فذهب كفه ثم اندملت فعليه في الاصبع التي بأشر قطعها دون السراية القصاص ، و لا يجب القصاص في السراية ، و قال بعضهم لا قصاص فيها أصلا ، و الذى يقتضيه مذهبنا أن فيهما معا القصاص .و من قال لا قصاص في الكف قال ضمان بدلها على الجاني دون العاقلة ، و كان المجني عليه بالخيار بين العفو عن القصاص و أخذ الدية و بين القصاص في الاصبع ، و أخذ الدية فيما بقي ، فان عفا عن القود كان له دية يد كاملة خمسون من الابل ، و إن اختار القطع قطع الاصبع بأصبعه ، و أخذ منه دية أربع أصابع ، أربعين من الابل ، مع الكف التي تحتها ، فدخل ما تحت الاصابع التي لا قصاص فيها في حكمها في باب الدية .فأما ما تحت الاصبع التي بأشر قطعها و ذهب ما تحتها بالسراية ، قال بعضهم ليس له المطالبة بأرشها ، لانه لما دخل ما تحت الاصابع في حكم الاصابع في الدية دخل ما تحت هذه الاصبع في حكم الاصبع في القود ، و قال آخرون لا يدخل ما تحتها في حكمها ، و له المطالبة بأرشها ، لانها تلفت عن جناية مضمونة ، فكانت السراية مضمونة و هو الاقوى .
إذا قطع أطرافه : يداه ورجلاه وأراد أن يأخذ الدية فهل يأخذ ديات ؟
إذا قطع يد رجل هل يجوز للمجنى عليه أن يقتص من الجانى والدم جار ؟
فرع هذه المسألة : إذا سرت الموضحة إلى ضوء العين
إذا اختار المجني عليه أن يأخذ قود الاصبع فأخذه كان له المطالبة بدية ما بقي في الحال ، و ليس عليه أن يصبر حتى ينظر ما يكون من الكف بعد القطع ، لان القصاص وجب في أصبعه ودية الباقي واجبة في ذمته لا يؤثر فيها اندمال القصاص و لا سرايته إلى الكف و لا إلى النفس ، فإذا لم يؤثر فيما عليه من الدية فلا معنى لتأخير استيفاء دية ما بقي ، و لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان للولي قطع يد الجاني ، فلو أراد أخذ الدية فيما بقي لم يكن له .و الفصل بينهما أن هذا القصاص لو سرى إلى نفس الجاني ، فقد استوفى حقه فلهذا صبرنا بعد القطع لننظر ما يكون فيه ، و ليس كذلك هيهنا ، لان هذا القصاص لو سرى إلى الكف كان هدرا و هكذا قلنا لو أوضحه فذهب ضوء عينه ، كان فيها القصاص ، فلو اقتص المجني عليه من الموضحة لم يكن له أخذ دية العين لننظر ما يكون من السراية ، لانها لو سرت إلى ضوء العين فقد استوفا حقه ، فلهذا انتظرناه و أمهلنا .فقد ثبت أن القصاص فيما بأشر قطعه ثابت بلا شك و إنما الكلام في أخذ الدية فيما بعد القصاص ، فان كانت سراية الجاني إلى ما لا يستحق أخذه قودا ، فله أخذ الدية في الحال ، و إن كانت إلى ما يستحق أخذه قودا بالسراية إلى ضوء العين ، لم يكن له أخذ الدية قبل أن ينظر ما يكون من حديث هذا القصاص .و من لم يثبت له القصاص في الاصبع إذا سرى إلى الكف اختلفوا في الموضحة إذا سرت إلى ضوء العين ، فقال بعضهم : لا قصاص في الموضحة مثل الاصبع سواء ، و قال قوم منهم لا يسقط القصاص في الموضحة بالسراية إلى ضوء العين ، و هو الاقوى للآية .إذا قطع يد رجل كان للمجني عليه أن يقتص من الجاني في الحال ، و الدم جار ، لكن يستحب له أن يصبر لينظر ما يكون فيها من اندمال أو سراية ، و فيه خلاف ، و يقتضي مذهبنا التوقف لانه إن سرى إلى نفس دخل قصاص الطرف في النفس عندنا على ما بيناه .إذا قطع أطراف غيره يديه و رجليه و أراد أن يأخذ الدية قال قوم له أن يأخذ
إذا شجه موضحة فسرى إلى ضوء عينه فاقتص في الموضحة لكنها لم يسر إلى ضوء عين الجانى فكيف يستوفيه
* القصاص في الموضحه * إذا شجه موضحة ففى الشعر النابت في محلها قصاص أو حكومة ؟
دية الاطراف و لو بلغت ديات ، مثل أن قطع يديه و رجليه و اذنيه ، فله أن يستوفى ثلاث ديات قبل الاندمال ، كما له أن يستوفى القصاص قبل الاندمال .و قال بعضهم له أن يستوفى دية النفس و لا يزيد عليها ، و إن كانت الجنايات أوجبت ديات كثيرة و هو الذي يقتضيه مذهبنا و قال قوم ليس له أخذ دية الطرف قبل الاستقرار ، و له أخذ القود في الطرف في الحال .] القصاص في الموضحة [ إذا شجه موضحة ففيها القصاص ، و الشعر النابت في محلها لا قصاص فيه ، لانه تبع الموضحة ، و الشعر الذي حول الموضحة فان نبت بحاله فلا كلام ، و إن لم ينبت ففيه حكومة و لا قصاص فيها ، و أما ضوء العينين ، فان كن ذهب بالسراية ، قال قوم : فيه القصاص ، و هو مذهبنا ، و قال قوم لا قصاص فيه .فإذا ثبت أن فيهما القصاص فالمجني عليه بالخيار بين العفو و بين استيفاء القود فان عفا وجبت له دية موضحة ، و حكومة في الشعر الذي لم ينبت حولها ، و في الضوء الدية ، و إن اختار القصاص اقتص في الموضحة ثم يصبر ، فان سرى القصاص إلى ضوء العين وقع القصاص موقعه ، و إن لم يسر إلى ضوء العين ، ففيه القصاص .فان أمكن الاستيفاء بأن يقرب إليها حديدة محماة يؤمن معها على الحدقة فعل حتى يذهب الضوء ، و إن لم يمكن داواها بدواء يذهب بالضوء من خوف على الحدقة من كافور أو غيره ، فان لم يمكن إذهاب الضوء إلا بذهاب الحدقه لم يكن القصاص فيه ، لانه استحق الضوء فلا يجوز أن يأخذ معه عضوا آخر ، و أما الشعر الذي على نفس الموضحة فلا شيء فيه و إن لم ينبت لانه تبع للموضحة ، و الشعر الذي حولها فان نبت فلا شيء فيه ، و إن لم ينبت فلا قصاص فيه ، و فيه حكومة ، لانه يمكن أخذه بنفسه ، سواء نبت مثله في رأس الجاني أو لم ينبت ، لانه و إن ذهب ذلك من رأس الجاني فلا ضمان فيه ، لانها سراية عن قصاص إلى ما لا يجب فيه القصاص .
إذا أزال شعر بدنه أو شعر رأسه أو لحيته ففيه حكومة أو مقدر
المسألة بحالها ، فذهب ضوء عينيه وابيضت وشخصت
فرع هذه المسألة فيما إذا لطمه فذهب ضوء عينيه
إذا لطمه فذهب ضوء عينيه لطم مثلها فان ذهب ضوء عينيه استوفى القصاص ، و إن لم يذهب الضوء يستوفي بما يمكن من حديدة حارة أو دواء يذر فيها من كافور و غيره على ما بيناه .فان كانت بحالها فذهب ضوء عينيه و أبيضت و شخصت لطم مثلها ، فان ذهب الضوء و حصل فيها البياض و شخصت ، فقد استوفى حقه و إن ذهب الضوء لكنها لم تبيض و لم يشخص فان أمكن أن يعالج بما تبيض و تشخص فعل ذلك بهما ، و إن لم يمكن فلا شيء فيه ، لانه إنما اندمل قبيحا بشين ، كما لو شجه موضحة فاقتص منه و اندملت موضحة الجاني حسنة جميلة و اندملت موضحة المجني عليه وحشة قبيحة لم يجب لاجل الشين شيء .فان كانت اللطمة ضعيفة لا يذهب بها ضوء العين فذهب به ، فلا قصاص هيهنا في العين لانا إنما نوجب القود في النفس و الجرح معا إذا كان ذلك بآلة تقتل غالبا ، و إن لم تقتل غالبا فلا قود فيها ، و قد قيل في الموضحة إن كانت بحجر يوضح مثله ففيها القصاص و إن كانت بحجر لا يوضح مثله ، فلا قصاص ، و فيها الدية كاملة كما نقول في النفس سواء إن قتله غالبا قتل به ، و إن كان مما لا يقتل غالبا لم يقتل به ، إلا أنه قد يوضح غالبا ما لا يقتل غالبا ، و إلا فلا فصل بينهما من جهة المعنى .الشعر لا يضمن بالدية عند قوم ، و إن أزال شعر جميع بدنه ، و إنما يجب فيه الحكومة إذا أعدم الانبات و فيه خلاف ، و عندنا فيه ما يضمن .فمن قال لا يضمن قال فيها الحكومة فمتى أزال فان لم يعد فالحكم على ما مضى و إن عاد و نبت كالذي كان ، فلا شيء فيه ، و إن كانت اللحية كثيفة فعادت خفيفة ، ففيها حكومة ، سواء عادت قبيحة أو أحسن منها ، و إن كانت خفيفة فعادت كثيفة ، فان عادت قبيحة ففيها حكومة الشين و القباحة ، و إن عادت أحسن فلا شيء عليه .و عندنا يضمن شعر الرأس إذا لم يعد بكمال الدية ، و كذلك شعر اللحية و شعر الحاجبين بنصف الدية و شعر الاشفار مثله ، و إن عاد ففي شعر اللحية ثلث الدية ، و
في الباقى حكومة ، و كذلك ما عدا هذا الشعر فيه الحكومة .إذا جرح رجل رجلا ثم إن المجروح قطع من موضع الجرح لحما ثم سرى إلى نفسه فمات ، لم يخل من أحد أمرين إما أن يقطع لحما ميتا أو لحما حيا ، فان قطع لحما ميتا كان وجود هذا القطع و عدمه سواء ، و على الجاني القود ، لان قطع اللحم الميت لا سراية فيه .و إن قطع لحما حيا قال قوم لا قود على الجاني ، و قال آخرون عليه القود ، و هو الذي يقتضيه مذهبنا لانه هلك من عمدين : أحدهما مضمون و الآخر هدر ، فهو كما لو شارك السبع في قتل غيره أو جرحه غيره و جرح نفسه ، و من قال لا قود عليه قال عليه نصف الدية .] القصاص في الاصابع [ إذا قطع الانملة العليا من أصبع رجل ثم قطع المجني عليه الانملة التي تحتها ثم سرى إلى نفسه ، فان قطع لحما ميتا فعلى القاطع القود ، و إن كان القطع من لحم حى فعلى ما مضى ، منهم من قال لا قود ، و منهم من قال عليه القود و هو الاقوى عندنا .إذا قطع أصبع رجل فأصابه فيها الاكلة فقطع الكف كله خوفا على الجملة لكنه سرى إلى نفسه فمات ، فهذا القطع خوف الآكلة لا يكون إلا في لحم حى ، و قد سرى من فعلين أحدهما مضمون و الآخر مضمون فالحكم على ما مضى ، فهذه الثلث مسائل الحكم فيها واحد ، و الخلاف واحد .إذا قطع يد رجل فيها ثلاث أصابع سليمة و أصبعان شلاوان ، و يد القاطع لا شلل بها ، فلا قود على القاطع ، لانا نعتبر التكافؤ في الاطراف ، و الشلاء لا تكافي الصحيحة ، فإذا ثبت أنه لا قود عليه ، فان رضي الجاني أن يقطع يده بتلك اليد لم يجز قطعها بها ، لان القود إذا لم يجب في الاصل لم يجز استيفاؤه بالبدل ، كالحر إذا قتل عبدا ثم قال القاتل قد رضيت أن يقتلنى السيد به لم يجز قتله ، و للمجني
إذا قطع يدا تامة كاملة سليمة وفي يده أصبعان شلاوان والفرق بينها وبين المسألة قبلها
إذا قطع يدا كاملة الاصابع ويده ناقصة أصبعين
عليه القصاص في الاصابع الثلاث السليمة ، و هو بالخيار بين العفو و الاستيفاء .فان عفا عن القصاص أخذ في السليمة ثلاثين من الابل ، و يأخذ حكومة في الشلاوين يتبعهما ما تحتهما من الكف ، و كذلك الاصابع الصحيحة يتبعها ما تحتها ، و عندنا في الشلاوين ثلث ديتهما صحيحتين و إن اختار القصاص في السليمة كان له ذلك ، فيأخذ ما ذكرناه في الشلاوين يتبعهما ما تحتهما و يأخذ القصاص في السليمة و قال قوم يتبعها ما تحتها في القصاص كما يتبعها في الدية و قال بعضهم لا يتبعها هو الاقوى .فمن قال الكف يتبع الاصابع في القصاص ، فإذا قطع الاصابع فقد استوفى حقه و إذا قيل لا يتبع الاصابع في القصاص ، كان للمجني عليه أخذ الحكومة فيما تحتها ، و تلك الحكومة لا يبلغ بهادية أصبع واحدة .إذا قطع يدا كاملة الاصابع و يده ينقص أصبعين ، كان المجني عليه بالخيار بين القود و العفو على مال بغير رضا الجاني ، بلا خلاف عندهم ، و هذا أصل عليهم في ثبوت الدية بغير رضا الجاني ، و عندنا لا يثبت الدية في موضع لا في النفس و لا في الاطراف إلا برضا الجاني .فإذا كان بالخيار فإن اختار العفو عفا و أخذ كمال الدية لانه إنما يأخذ دية يده و يده كاملة ، و إن اختار القصاص أخذ الموجود ودية المفقود ، فيأخذ دية أصبعين عشرين من الابل .و قال بعضهم إن أخذ القصاص لم يكن له أخذ المال معه ، و كذلك يقول إذا كان ذلك خلقة أو ذهبت بآفة من الله ، و إن كان قد أخذ ديتها أو استحقها على غيره وجب عليه رد المال .و أما إن قطع يدا تامة كاملة سليمة و في يده أصبعان شلاوان ، فالمجني عليه بالخيار بين القصاص و العفو ، فان اختار العفو أخذ دية كاملة ، و إن اختار القصاص أخذ التي فيها أصبعان شلاوان ، و لا شيء له سوى ذلك .و الفصل بينهما أنها إذا كانت ناقصة أصبعين فهناك فقد منفعة و نقصان عدد ،
إذاكانت له أصبع زائدة فقطع يدا ذات خمس أصابع فيه فروع
فلهذا أخذ معها دية المفقود ، و ليس كذلك ههنا ، لان ههنا فقد منفعة و كمال عدد نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 25 / 5 / 1373 فايل 7 : از صفحه 86 إلى 100 و جمال ، فلهذا لم يأخذ مع القصاص شيئا كمن رضي أن يقتل العبد بالحر ، و الكافر بالمسلم ، فانه يأخذه قصاصا و لا شيء له ، كذلك ههنا .إذا كانت له أصبع زائدة فقطع يدا نظرت فان كانت مثل يده في الزيادة ، و كانت الزيادة من المقطوع في محل الزايدة من القاطع ، مثل أن كانت مع الخنصرين منهما أو مع الابهامين منهما قطعنا يده بيده ، لانهما في الخلقة سواء و في الزيادة .و إن كانت المقطوعة ذات خمس أصابع و للقاطع أصبع زايدة ، لم يخل الزيادة من أحد أمرين إما أن يكون على ساعد القاطع أو على كفه ، فان كانت على ساعد القاطع مثل أن كانت على آخر الذراع منه عند الكوع أو أعلى منه ، قطعنا يده بتلك لانا نأخذ له مثل يده ، و الزيادة تسلم للقاطع ، و إن كانت الزيادة على كف القاطع لم يقطع يده بيده ، لانها تزيد أصبعا فلا يقطعها بما هي ناقصة أصبع كما لو كانت يده ذات خمس أصابع و المقطوعة أربع أصابع ، فإذا تقرر أنا لا نقطع التي فيها أصبع زايدة بتلك ، لم تخل الزايدة من ثلاثة أحوال إما أن يكون منفردة كاحدى الاصابع ، أو ملتصقة بواحدة منها ، أو يكون على أصبع من الاصابع .فان كانت منفردة كاحدى الاصابع مثل أن كانت إلى جنب الخنصر أو الابهام ، كان المجني عليه بالخيار بين أن يعفو فيأخذ دية كاملة ، و بين أن يقتص فيأخذ خمس أصابع قصاصا و يترك الزايدة لا يأخذها و لا يأخذ الكف و هل يتبع الكف الاصابع في القصاص فلا يأخذ لاجل تركها حكومة ؟ على ما مضى ، منهم من قال : يأخذ أرش الكف ، و منهم من قال يتبع الكف و الاول أقوى .و إن كانت الزائدة ملتصقة بإحدى الاصابع ، كان المجني عليه بالخيار بين أن يعفو فيأخذ دية كاملة ، و بين أن يقتص فيأخذ أربع أصابع قودا ، و هل يتبعها ما تحتها ؟ على ما مضى من الوجهين .و ليس له أخذ الخامسة لانها ملتصقة بالزيادة ، فمتى فتق ما بينهما أدخل الالم
المسألة بحالها فقطع القاطع الاصبع الزائدة فكيف يعتبر الارش
إذا كانت يد القاطع ذات خمس أصابع ويد المقطوع ذات ست أصابع
كل أصبع أحذت قصاصا من أصلها ففى المحل الذى كانت عليه من الكف وجهان
على الزائدة التي لا حق له فيها ، فلهذا لم يكن له أخذها قصاصا ، و له ديتها عشر من الابل ، و يتبعها ما تحتها في الدية وجها واحدا .و إن كانت الزايدة نابتة على اصبع نظرت ، فان كانت نابتة على الانملة العلياء فالحكم فيه كما لو كانت الزايدة ملتصقة ، و قد مضى ، و إن كانت نابتة على الانملة الثانية كان له القصاص في ثلاث أصابع و في الانملة العليا ، ودية الانملتين الباقيتين ، و إن كانت نابتة على السفلى ، كان له القصاص في أربع أصابع و الانملتين العليا و الوسطى ودية الانملة السفلى التي عليها الاصبع الزايدة يتبعها ما تحتها في الدية و أما الكف التي تحت الاصابع فعلى ما مضى من الوجهين .و جملته أن كل أصبع أخذت قصاصا من أصلها ففى المحل الذي كانت عليه من الكف وجهان ، و كل موضع أخذنا الدية في أصبع أو أنملة منها ، كان ما تحتها من الكف تبعا لها وجها واحدا .قد مضى الكلام إذا كانت يد القاطع أكمل من يد المجني عليه فأما إن كانت يد القاطع ذات خمس أصابع ، و يد المقطوع ذات ست أصابع ، فللمقطوع القصاص لانا نأخذ ناقصا بكامل ، و يكون بالخيار بين العفو و الاستيفاء ، فان عفا على مال ثبت له دية كاملة و حكومة في الاصبع الزايدة ، و إن اختار القصاص اقتص و كان له حكومة في الاصبع الزايدة فلا يبلغ تلك الحكومة دية أصبع أصلية بحال ، لانا لا نأخذ في الخلقة الزائدة ما نأخذ في الاصلية .فإذا ثبت ذلك و فرضنا أنه قطعت الزائدة وحدها ، لانها أوضح ، إذ لا فرق بين قطعها وحدها أو مع اليد فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون لها شين بعد الاندمال أو لا شين لها ، فان كان لها شين فالأَرش عندنا على كل حال ثلث الاصبع الصحيحة .و عندهم أن يقال : هذا الحر لو كان عبدا فلا شين فيه كم كان قيمته ؟ قالوا مائة و إذا كان به شين ؟ قالوا خسمة و تسعون ، قلنا فقد بان أن النقص نصف العشر من القيمة ، فيؤخذ منه نصف عشر دية الحر و هذا أصل في التقويم ، و هو أن العبد أصل
إذا قطع يدا عليها أربع أصابع أصلية وأصبع زائدة
كيفية التقويم أن يقوم والدم جار ، أويقوم بعد الاندمال
للحر فيما لا مقدر فيه ، و الحر أصل للعبد فيما فيه مقدر .و أما إن لم يكن لها شين بحال أو اندملت و أحدثت جمالا ، فعندنا مثل ذلك لعموم الاخبار ، و عندهم الحكم فيها و فيمن شج في وجهه دون الموضحة فاندملت و أحدثت جمالا واحد .قال قوم لا شيء له فيها ، لانه لا نقص ههنا ، و قال بعضهم عليه الضمان ، لانه أصبع على كف مضمونة ، فكانت مضمونة كالاصلية .و كيفية التقويم أن يقوم و الدم جار ، لانه إن قوم بعد الاندمال لم يظهر هناك نقص ، فإذا قوم و الدم جار فلا بد من ظهور النقص .فقيل لهذا القائل إذا قومته و الدم جار أفضي إلى أن يوجب الارش الكثير مع الشين اليسير ، و الارش اليسير مع الشين الكثير ، فان هذا يوجب قدر حكومة ، و الدم جار ، و قد يندمل مع يسير من الشين فأوجب الارش الكثير مع الشين اليسير .فقال لا يمتنع هذا ، لانه قد يوضح موضحة واحدة من جبهته إلى قفاه فيكون فيها خمس من الابل ، و قد يوضح أربع مواضع في هذا السمت من رأسه فيوجب عشرين من الابل ، و هذه أقل شيئا .و حكى عن هذا القائل أنه قال أقومه عند أقرب أحوال الاندمال ، و لا أقومه و الدم جار ، و هذا أجود عندهم لانه أقرب إلى الاندمال ، و لا يؤدي إلى ما ألزم في الاول .إذا قطع يدا عليها أربع أصابع أصلية و إصبع زايدة ، مثل أن كان له البنصر و الوسطى و السبابة و الابهام أصلية ليس له خنصر أصلية و في محلها أصبع زايدة ، و إنما يعلم ذلك بضعفها و دقتها و ميلها عن الاصابع ، و لهذا القاطع يد كاملة ليس فيها أصبع زايدة ، فليس للمجني عليه القصاص في كف الجاني لان يده كاملة فلا يأخذها بناقصة ، و الناقصة الاصبع الزائدة فلا يأخذ بها أصبعا أصلية كما لا يأخذ ذكر الفحل بذكر الخنثى ، و له القصاص في الاربع الاصابع و هو بالخيار .فان اختار الدية أخذ أربعين من الابل في الاربع الاصلية ، و حكومة في
قطع الانملة العليا من سبابة رجل ثم قطع الانملة الوسطى من سبابة آخر من دون أن يكون له العليا ، والجانى نفسه له الاعليان فيه فروع 90
* القصاص في الانملة * إذا قطع من رجل أنملة لها طرفان فيه فرعان
إذا كان في يد كل واحد منهما أصبع زائدة
المسألة بالضد من هذا ، فكانت الكاملة يد المقطوع لا القاتل
الزائدة ، و يكون الكف تبعا للاصلية الزائدة ، و إن اختار القصاص أخذه من الاصلية ، و هل يتبعها ما تحتها من الكف ؟ على ما مضى ، و أخذ حكومة في الزائدة يتبعها ما تحتها من الكف .فان كانت بالضد منها كانت المقطوعة كاملة و يد القاطع فيها أربع أصابع أصلية و إصبع زائدة ، و كان الخنصر على ما فصلناه فللمجني عليه القصاص في الكف لانه يأخذ ناقصا بكامل .فان اختار الدية فله دية كاملة خمسون من الابل ، و إن اختار القصاص قطع الكف و لا شيء له سواها ، لان الزايدة بمنزلة الشلاء الاصلية ، و لو كانت شلاء أصلية فأخذ القصاص لم يكن له معها سواها ، و إنما يأخذ القصاص في الكف إذا كانت الزائدة مكان الخنصر في محل الاصلية فأما إن كانت في محل آخر ، محل المفقودة فلا يأخذ القصاص في الكف ههنا ، لانا لا نأخذ أصبعا في محل بأصبع في محل آخر .و أما إن كان في يد كل واحد منهما أصبع زائدة فان اختلفا في المحل فلا قصاص و إن كانا في المحل سواء و كانتا في الخلقة سواء أخذنا القصاص و إن اختلفا في الخلقة فكانت احداهما أكثر أنامل لم يأخذ الكاملة بالناقصة .] القصاص في الانملة [ إذا قطع من رجل أنملة لها طرفان فان كان للقاطع مثلها في تلك الاصبع ، كان عليه القصاص ، لانهما قد تساويا ، و إن لم يكن له مثلها أخذنا القصاص في الموجودة و حكومة في المفقودة ، و إن كانت أنملة القاطع لها طرفان ، و المقطوعة لها طرف واحد فلا قصاص على الجاني ، لانا لا نأخذ زائدة بناقصة ، و له دية أنملة ثلث دية أصبع ثلاث من الابل و ثلث .إذا قطع الانملة العليا من سبابة رجل ثم قطع الانملة الوسطى من سبابة آخر لم يكن له العليا ، و الجاني له الاعليان معا ، وجب القصاص عليه في أنملتيه لهما ، ثم ينظر فيه فان جاءا معا قطعنا العليا لصاحب العليا ، ثم الوسطى لصاحب الوسطى ، و إن جاء صاحب العليا أولا قطعنا له العليا فان جاء صاحب الوسطى قطعنا له الوسطى .فأما إن جاء صاحب الوسطى أولا قلنا لا قصاص لك في الوسطى الآن ، لان عليه عليا ، فلا نأخذ أ عليين بواحدة و أنت بالخيار بين العفو عن الوسطى و أخذ الدية و بين أن تصبر حتى تنظر ما يكون من صاحب العليا .ثم ينظر ، فان عفا أخذ الدية و إن صبر نظرت فان حضر صاحب العليا فأخذ القصاص فيها ، كان لصاحب الوسطى أخذ القصاص في الوسطى ، فان حضر و عفا و لم يقتص العليا قيل لصاحب الوسطى أنت بالخيار بين العفو على مال فيأخذ دية أنملة ، و بين أن يصبر فلعل العليا من الجاني تذهب فيما بعد ثم تستوفي الوسطى منه ، هذا قولهم .و كذلك قالوا فيمن قطع كفا لرجل لا أصابع عليها ، وكف القاطع لها أصابع قيل له ليس لك القصاص في كفه ، و إن اختار أخذت الحكومة ، و إلا فاصبر حتى لعل أصابع القاطع يذهب قصاصا أو لغيره ، و يبقى له كف لا أصابع لها ، فتأخذها قصاصا .فان صبر فلا كلام ، فان بادر فأخذ الوسطى و العليا معا من الجاني قبل عفو صاحب العليا ، قلنا له قد أخذت زيادة أنملة لا حق لك فيها ، و ليس لك مثلها فعليك ديتها ، و سقط قصاص العليا لفوات محلها ، و وجبت له الدية على الجاني .فالجاني له دية أنملة على صاحب الوسطى ، و عليه دية أنملة لصاحب العليا ، فيأخذ الجاني من صاحب الوسطى و يدفعها إلى صاحب العليا .و قد روى أصحابنا فيمن قطع كفا لا أصابع لها أن للمقطوع قطع يد الجاني الكاملة إذا رد دية الاصابع ، فعلى هذا إذا عفا صاحب العليا جاز لصاحب الوسطى أن يقتص منه و يرد دية الانملة العليا على الذي عفي عنه .فان قطع العليا من سبابة رجل ، و العليا و الوسطى من سبابة آخر ، و للقاطع
ذلك من سبابته ، فعليه القصاص لهما ، فإذا جاءا معا قلنا لصاحب العليا أنت بالخيار ، فان اختار العفو على مال فله ديتها ، و لصاحب العليا و الوسطى القصاص منه فيهما ، و إن اختار صاحب العليا القصاص اقتص منهما ، و كان لصاحب الوسطى الخيار فان اختار عفا و أخذت دية أنملتين ، و إن اختار اقتص و أخذ دية أنملة واحدة .فأما إن جاء صاحب العليا أولا فالحكم فيه كما لو جاءا معا و قد مضى ، و إن جاء صاحب الوسطى أولا قيل له ليس لك القصاص لان حق صاحب العليا أولا أسبق فاما أن يعفو أو يصبر ، فان عفا أخذ دية أنملتين و إن صبر فحضر صاحب العليا فالحكم فيه كما لو حضرا معا ، ينظر ما يكون من صاحب العليا على ما فصلناه .و إن كانت بحالها و لم يكن هكذا و لكن قطع الوسطى و العليا من رجل ، و العليا من آخر ، ففيها المسائل الثلاث أيضا ، إن حضرا معا نظرت ، فان اقتص صاحب العليا و الوسطى سقط قصاص صاحب العليا إلى دية أنملة ، و إن عفا صاحب العليا و الوسطى على مال فله دية أنملتين ، و لصاحب العليا القصاص ، و إن حضر صاحب العليا و الوسطى أولا فالحكم كما لو حضرا معا و قد مضى ، و إن حضر صاحب العليا أولا قلنا ليس لك القصاص لان حق الآخر أسبق ، فان صبر و إلا عفا و أخذ الدية ، فان أخذ فلا كلام ، و إن صبر حتى حضر الآخر فالحكم فيه كما لو حضرا معا ، و إن بادر صاحب العليا فقطع العليا فقد أساء بالتقدم و استوفى حقه ، و لصاحب الوسطى و العليا أن يقتص الوسطى و يأخذ دية العليا أو يعفو على مال ، و يأخذ دية أنملتين .إذا قطع يمين رجل ، فان كان للقاطع يمين قطعت بها ، و إن لم يكن له يمين و له يسار لم يقطع يسار بيمين ، و هكذا لو قطع يسار رجل ، فان كان له يسار قطعت بها ، و إن لم يكن له يسار لم يقطع يمينه بها ، فلا يقطع يمنى بيسرى ، و لا يسرى بيمنى عند جميعهم .و قال شريك أقطع اليمنى باليمنى ، فان لم يكن يمنى قطعت اليسرى ، و أقطع اليسرى باليسرى ، فان لم يكن قطعت اليمنى و هو مذهبنا .
إذا قطع اذن رجل فلم يبنها بل تعلقت بجلدة
حكم الصلاة في الاذن الملتصقة أو العظم الميتة المنجبربه
إذا قطع أذن رجل فأبانها ثم ألصقها المجنى عليه في الحال فالتصقت
إذا قطع اذن رجل فأبانها ثم ألصقها المجني عليه في الحال فالتصقت ، كان على الجاني القصاص لان القصاص عليه بالابانة و قد أبانها ، فان قال الجاني أزيلوا اذنه ثم اقتصوا منى ، قال قوم يزال لانه ألصق بنفسه ميتة فإزالتها إلى الحاكم و الامام ، فإذا ثبت هذا و قطع بها اذن الجاني ثم ألصقها الجاني فالتصقت فقد وقع القصاص موقعه لان القصاص بالابانة و قد ابينت .فان قال المجني عليه قد التصق اذنه بعد أن أبنتها أزيلوها عنه روى أصحابنا أنها تزال و لم يعللوا ، و قال من تقدم إنها تزال لما تقدم لانه من الامر بالمعروف و النهى عن المنكر ، و هذا يستقيم أيضا على مذهبنا .فأما الصلوة في هذا الاذن الملتصقة فلا يصح عندهم ، لانه حامل نجاسة في موضعها لغير ضرورة ، فلم يصح بها الصلوة ، و هكذا يقتضيه مذهبنا ، و هكذا قالوا إذا جبر عظمه بعظم ميتة ، فان لم يخف عليه التلف ازيل عنه ، فان لم يفعل لم يصح صلوته ، و إن خاف التلف اقر عليه لان النجاسة يزول حكمها ، و عندنا الصلوة تصح في هذه ، لان العظم لا ينجس عندنا بالموت إلا إذا كان عظم ما هو نجس العين كالكلب و الخنزير .فان قطع النصف من اذن الجاني قصاصا فألصقها فالتصقت كان للمجني عليه إبانتها بعد الاندمال ، فيقطع الاصل و الذى اندمل منها ، لان القصاص لا يحصل له إلا بالابانة .فأما إن قطع اذن رجل فلم يبنها بل تعلقت بجلده كان عليه القصاص لانها قد انتهت إلى حد يمكن فيه المماثلة ، و كذلك لو قطع يمين رجل فتعلقت بالجلدة كان له القصاص ، لانها قد انتهت إلى حد يمكن فيه المماثلة .فإذا ثبت هذا اقتص منه إلى الجلدة ثم يسئل أهل الطب فان قالوا المصلحة في تركها تركت و إن قالوا : المصلحة في قطعها قطعت .
إذا قطع طرف الرجل ثم اختلفا فقال الجانى كان أشل وأنكر المجنى عليه
إذا قطع ذكرا به شلل إذا كان له خصيتان فقطعهما قاطع وللقاطع ذكر وهو فحل
* القصاص في الذكر * يقطع ذكر الشاب القوى بذكر الشاب وذكر الشيخ انتشر أولا
] القصاص في الذكر [ القصاص واجب في الذكر لقوله تعالى " و الجروح قصاص " و لان له حدا ينتهى إليه مثل اليد فإذا ثبت ذلك ، فانا نقطع ذكر الشاب القوي بذكر الشاب و ذكر الشيخ ، سواء كان ممن ينتشر عليه أو لا ينتشر و بذكر الصبي الذي يقوم عليه أولا يقوم لصغره ، للظاهر ، و المراعى الاشتراك في الاسم الخاص ، مع تمام الخلقة ، و السلامة من الشلل ، و يقطع ذكر الفحل القوي بذكر الخصى الذي سلت بيضتاه و بقي ذكره ، و قال بعضهم لا قود عليه لانه لا منفعة فيه ، و الاول أقوى للظاهر .و أما إن قطع ذكر اشل و به شلل و هو الذي قد استرسل فلا ينتشر و لا يقوم و لا ينقبض و لا ينبسط ، كالخرقة فلا قود بقطعه كاليد السليمة بالشلاء لا يقطع بها .و الاغلف يقطع بالمختون للآية .إذا كان له خصيتان فقطعهما قاطع و للقاطع ذكر و هو فحل ، فعلى القاطع القود للآية ، و إن قطع احداهما قال قوم يسئل أهل الخبرة ، فان زعموا أن الباقية لا يخاف عليها في هذا الموضع قطعنا بها كما قلنا بالاصابع سواء ، و إن زعموا أن الباقية لا يؤمن عليها ذهاب منافعها ، فلا قود ههنا ، لانه يفضي إلى أخذ عضوين بعضو واحد .فإذا قيل يستقاد أخذ و لا كلام ، و إذا قيل لا قود أو قيل له القود فعفا على مال فله نصف الدية ، لان كل عضوين فيهما الدية ففى كل واحد منهما نصف الدية كاليدين و الرجلين ، و روى أصحابنا أن في اليسرى ثلثي الدية لان منها يكون الولد .إذا قطع طرف الرجل ثم اختلفا فقال الجاني كان أشل فلا قود على و لا دية ، و إنما علي حكومة ، عندهم و عندنا ثلث ديته صحيحا ، و قال المجني عليه بل كان صحيحا سليما فعليك القود ، فإذا عفوت فلى الدية ، لم يخل الطرف من أحد أمرين إما أن يكون من الاعضاء الظاهرة كاليدين و الرجلين و العينين و الانف و الاذنين ، أو من الباطنة كالذكر و الخصيتين و نحو ذلك مما لا يظهر .
إذا لم يسلم الجانى أن العضو المقطوع كان سليما في الاصل فالكلام في العضو الظاهر والباطن
فان كان في الظاهر ، قال قوم القول قول الجاني إلا أن يقيم عليه البينة ، و إن كان من الباطن فالقول قول المجني عليه ، لانه مغيب عن أبصار الناس و لا يجوز كشفه لهم .فالتفريع على هذه الطريقة أن نقول : هذا إذا لم يسلم الجاني أن هذا العضو الظاهر كان سليما في الاصل ، فالقول قوله على ما قلناه ، فأما إن سلم الجاني أن هذا العضو الظاهر كان صحيحا في الاصل لكنه كان أشل حين القطع ، فعلى هذا قال قوم القول قول المجني عليه ، و هو الصحيح عندنا و عندهم ، لانه سلم الجاني سلامة العضو و ادعى حدوث الشلل فيما بعد فعليه البينة ، و قال آخرون القول قول الجاني أيضا .فأما إن منع الجاني من سلامة العضو و هي المسألة الاولى ، فقد قلنا القول قول الجاني إلا أن بقيم المجني عليه البينة ، فان أقام البينة فأى بينة تقبل منه ؟ فمن قال القول قول الجاني مع تسليم السلامة لم يقبل من المجني عليه البينة ، حتى يشهد بأن العضو كان سليما حين الجناية ، لان الجاني قد سلم السلامة في الاصل ، و إنما يدعى الشلل حين الجناية ، فلا فائدة في البينة حتى يشهد بالسلامة حين الجناية .و من قال القول قول المجني عليه ، إذا سلم الجاني سلامة العضو فالمجني عليه هيهنا بالخيار بين أن يقيم البينة على السلامة حين القطع أو على سلامته في أصل الخلقة لانه متى ثبت سلامته سقط قول الجاني ، فانا إنما جعلنا القول قوله إذا منع السلامة فمتى ثبت السلامة بطل أن يكون القول قوله .فينظر في البينة التي أقامها المجني عليه ، فان أقامها على السلامة حين الجناية فلا حاجة إلى يمينه مع بينته و إن أقامها على السلامة في أصل الخلقة فعليه أن يحلف أنه لم يزل سليما إلى حين القطع ، لجواز أن تكون الشلل حدث بعد ذلك فلا يقطع .و في الناس من قال القول قول الجاني في الظاهرة و الباطنة ، و فيهم من قال القول
الذى يؤخذ في القود هو المارن من الانف دون القصبة
يؤخذ أنف الشام بالاخشم والاذن الصحيحة بالصماء
* القصاص في الانف * إذا قطع أنفا مجذوما فهل يقطع به الانف الصحيح
قول المجني عليه فيهما معا ، و الصحيح عندي أن القول قول الجاني في الظاهرة ، و قول المجني عليه في الباطنة .] القصاص في الانف [ القصاص يجرى في الانف لقوله تعالى " و الانف بالانف " و قوله " و الجروح قصاص " و يوخذ الانف الكبير بالصغير ، و الدقيق بالغليظ ، و الاقنى بالافطس ، لتساويهما في الاسم .فان كان المقطوع مجذوما نظرت ، فان لم يكن سقط منه شيء قطع به الانف الصحيح ، لان الجذام علة ، و نحن نأخذ الصحيح بالعليل ، و إن كان قد تناثر بعضه بالجذام فالمجني عليه بالخيار بين أن يأخذ بقدره من الدية فيما بقي ، و بين أن يقتص فيما بقي .و إن كان الذاهب مما يمكن القصاص فيه ، و هو إن ذهب بالجذام جانبه فأما إن ذهب طرفه فلا ، و ليس له إلا الدية فيما بقي ، و كيف تؤخذ الدية و القصاص في بعضه ؟ على ما يأتي فيما بعد .و يؤخذ أنف الشام بالاخشم و هو الذي لا يشم به ، لان عدم الشم علة ، و ذلك مانع من القصاص كما نأخذ الاذن الصحيحة بالصماء ، فالذي يريد أن يؤخذ قودا و يجب فيه كمال الدية هو المارن من الانف ، و المارن مالان منه ، و هو ما نزل عن قصبة الخياشيم التي هى العظم لان له حدا ينتهي إليه ، فهو من قصبة الانف كاليد من الساعد و الرجل من الساق .ثم ينظر ، فان قطعت كله فالمجني عليه بالخيار بين القود أو كمال الدية ، لان في الانف الدية ، و إن قطعه مع قصبة الانف فهو كما لو قطع اليد من بعض الساعد ، المجني عليه بالخيار بين أن يعفو و له كمال الدية في المارن ، و حكومة في القصبة كما لو قطع يده من نصف الساعد ، فان له أن يعفو ، أو يأخذ كمال الدية و
فرع المسألة : قطع يدا أظافيرها خضر أو مستخبثة أومحنية
إذا قطع اذنا مثقوبة ولا ثقبة بأذن القاطع
إذا قطع بعض الاذن فالاعتبار بالاجزاء لا المساحة
* القصاص في الاذن * تقطع الكبيرة بالصغيرة ، والثخينة بالرقيقة والسمينة بالهزيلة كالصحيحة بالصماء
حكومة في الساعد و إن اختار أخذ القصاص في المارن ، و حكومة في القصبة كالساعد سواء .و أما إن قطع بعض المارن نظرنا إلى قدره بالاجزاء ، فان كان ثلثا أو عشرا عرفنا ثم يأخذ بحسابه من أنف القاطع ، و لا يأخذ بالمساحة لانه قد يكون نصف المقطوع ككل أنف القاطع فيفضى إلى أن يأخذ أنفا بنصف أنف ، و هذا لا سبيل إليه ، فان قطع أحذ المنخرين كان له القصاص فيه ، لان له حدا ينتهي إليه ، فهو كاحدى الاصبعين لان بينهما حاجزا .] القصاص في الاذن [ في الاذن القصاص لقوله " و الاذن بالاذن " و لقوله تعالى " و الجروح قصاص " و تقطع الكبيرة بالصغيرة ، و الثخينة بالرقيقة ، و السمينة بالهزيلة ، للاتفاق في الاسم الخاص و التمام في الخلقة ، و يأخذ السميعة بالصماء لما مضى ، لان الصم آفة في إشراف الاذن ، و الاذن سليمة كذكر الخصى الذي لا ينزل .فان قطع الاذن كلها كان بالخيار بين القطع و بين كمال دية الاذن فان قطع البعض منها مسحناه ليعلم قدره بالاجزاء ثلثا أو ربعا أو عشرا ثم يأخذ ذلك الجزء من اذن القاطع ، فلا يعتبر المساحة لانا لو اعتبرناها ربما كان نصف المقطوعة ككل اذن القاطع ، فيأخذ أذنا كاملة بنصف اذن ، و هذا لا سبيل إليه .و تقطع الاذن التي لا ثقبة فيه بالمثقوبة لان الثقب ليس بنقص ، و إنما يراد للزينة و الجمال ، فان انخرم الثقب فلا قصاص ، لانا لا نأخذ الكامل بالناقص ، و يقال للمجني عليه أنت بالخيار بين أن تأخذ الدية فيها و تترك بقدر النقصان فيها من الدية أو تأخذ القصاص إلى حد الحزم ، و حكومة فيما بقي .فان قطع يدا أظافيرها خضر أو مستخبثة أو محنية قطعنا يده ، و إن كان لا علة بأظافيره ، فان لم يكن له أظافير أصلا فلا قود على القاطع ، لانها نقصان خلقة ، و لا نأخذ الكامل بالناقص ، و له دية كاملة .
إذا قلع سن مثغر وأيس من إعادتها أو عادت بعد الاياس
المسألة بحالها فمات المجنى عليه ، فيه فرعان
المسألة بحالها فعادت السن المقطوع كاملة لا نقص فيها فهل في إسالة الدم حكومة
المسألة بحالها فعادت الاسنان ولم تعد السن المقلوع أو عادت أقصر
* القصاص في الاسنان * السن قد يكون سن مثغر أو غير مثغر
] القصاص في الاسنان [ و يجرى القصاص في الاسنان لقوله تعالى " و ألسن بألسن " و متى قلع سنا لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون سن مثغر أو مثغر ، فان كان سن مثغر فلا قصاص في الحال و لا دية ، لانه يرجى عودها ، فهو كما لو نتف شعره ، فانه لا شيء فيه في الحال ، لانه يرجى عوده ، و يصبر المجني عليه حتى يساقط أسنانه التي هى أسنان اللبن و تعود .فإذا سقطت و عادت لم يخل المقلوعة من أحد أمرين إما أن تعود أولا تعود فان لم تعد سئل أهل الخبرة فان قالوا لا يؤيس من عودها إلى كذا و كذا من الزمان صبر ذلك القدر ، فان لم تعد علم أنه قد أعدم إنباتها و أيس من عودها ، فالمجني عليه بالخيار بين القصاص و بين العفو على مال و أخذ دية سن ، كما لو قلع سن من قد أثغر والمثغر هو الغلام الذي قد أسقطت سن اللبن ، و نبتت مكانها ، يقال أثغر الغلام يثغر و اثغر يثغر لغتان .و أما إن عادت السن في هذا الوقت أو مع عود الاسنان نظرت ، فان عادت أقصر من غيرها ، كان الظاهر أن القصر لاجل القلع ، فعليه من الدية بقدر ما نقصت بحساب ذلك ، فان عادت تامة قصيرة نظرت ، فان عادت متغيرة صفراء أو خضراء أو سوداء فالظاهر أنه من فعله فعليه حكومة ، و إن عادت كالتي كانت من تغير و لا نقصان فلا دية فيها و لا قصاص .و أما إسالة الدم ، فان كان عن جرح في مغرزها و هو اللحم الذي حول السن و يحيط بها ، ففيه حكومة لانها جناية على محل السن ، و إن كان الدم من نفس مغرزها ، قال قوم فيها حكومة ، و قال آخرون لا حكومة فيها و لا شيء عليه و الاول أقوى و من قال بالثاني قال لانه لم يجرح محل الدم ، فهو كما لو لطمه فرعف فانه لا حكومة عليه .هذا إذا عاش المجني عليه فأما إن مات نظرت فان مات بعد أن آيس من عودها
فقد استقر الضمان عليه ، و وليه بالخيار بين القصاص والدية ، و إن مات قبل الاياس من عودها فلا قصاص لان الحدود تدرأ بالشبهات ، و الشبهة أنا لا نعلم عودها .و أما الدية قال قوم لا دية ، لانا لا نعلم أنه أعدم إنباتها كما لو نتف شعره ، ثم مات قبل أن يعود الشعر ، و قال آخرون : عليه الدية لان القلع متحقق و العود متوهم ، فلا يسقط حقه بأمر متوهم و هو الاقوى .و أما إن قلع سن مثغر نظرت ، فان قال أهل الخبرة هذه لا تعود أبدا فالمجني عليه بالخيار بين القصاص و العفو ، و إن قالوا لا يرجى عودها إلى كذا و كذا ، فان عادت و إلا فلا تعود ، لم يكن للمجني عليه قصاص و لا دية كما قلنا في سن المثغر .ثم ينظر فيه ، فان لم تعد إلى ذلك الوقت كان المجني عليه بالخيار بين القصاص أو الدية ، و أما إن عادت هذه السن نظرت ، فان عادت قبل الاياس من عودها فهي كسن المثغر و قد مضى ، و إن عادت بعد الاياس من عودها إما بعد المدة المحدودة أو قبل المدة و قد قالوا انها لا تعود أبدا ، فهل هذه العايدة هي الاولى أو هبة مجددة من عند الله ؟ قال قوم هى تلك المقلوعة كما قلنا في سن المثغر أو إذا لطمه أو جنا على رأسه فذهب ضوء عينيه ثم عاد : إن هذا هو الاول .و قال آخرون هذه هبة مجددة من عند الله تعالى ، لان العادة ما جرت بعود سن المثغر بعد قلعها ، و الا ياس من عودها ، فإذا عادت علمنا أنه هبة مجددة من عند الله و يفارق الذي لم يثغر ، لان العادة قد جرت بالعود ، و يفارق ضوء العين لان الضوء لا يعود بعد ذهابه ، و انما يحول دونه حائل فإذا زال الحائل أبصر بالضوء الاول لا بضوء مجدد .فإذا تقرر ذلك لم يخل المجني عليه من أحد أمرين : إما أن يكون أخذ القصاص من الجاني أو الدية ، فان كان أخذ الدية ، فمن قال إن عودها هبة مجددة ، قال لا يرد شيئا لانه أخذ دية سنه ، و قد وهب الله له سنا آخر ، و من قال هذه تلك
المسألة ضدها : عادت سن الجانى بعد القصاص دون سن المجنى عليه فعدا المجنى عليه فقلعها بعد العود
إذا قلع سنه وأخذ سن الجانى قصاصا ثم عادت سن المجنى عليه فعدا الجانى فقلع هذه العائدة أيضا
المسألة بحالها وأخذ المجنى عليه القصاص في سنة ثم عادت سن الجانى ولم يعد سن المجنى عليه
قال عليه رد الدية ، لانه إنما أخذ الدية بدلا عن سنه ، و قد عادت ، فكان عليه رد بدلها .و إن كان المجني عليه أخذ القصاص فمن قال هذه هبة مجددة ، قال لا شيء عليه ، لانه أخذ القصاص في سنه ، و قد وهب الله له سنا ، و من قال هذه تلك قال عليه رد دية سن الجاني لانا بينا أنه أخذ القصاص بغير حق ، و لا قصاص عليه ، لانه إنما أخذ سن الجاني قصاصا و لا قصاص عليه فيما أخذه قصاصا فيكون عليه الدية .فان كانت المسألة بحالها ، فأخذ المجني عليه القصاص في سنه ، ثم عادت سن الجاني و لم يعد سن المجني عليه ، فمن قال هذه هبة مجددة قال لا شيء للمجني عليه لانه أخذ سن الجاني قصاصا ، و قد وهب الله له سنا ، و من قال هذه تلك فهل للمجني عليه قلعها ثانيا ؟ قال قوم له ذلك لانه أعدم سن المجني عليه ، فله قلعها أبدا حتى يعدم إنباتها ، و هو الذي يقتضيه مذهبنا ، و قال آخرون ليس له قلعها لجواز أن يكون هبة مجددة فلا يقلع ، و يكون ذلك فيقلع ، فلا نوجب القصاص بالشك .فحصل من هذا : إذا عادت ثلاثة أقوال أحدها لا شيء للمجني عليه ، و الثاني له قلعها أبدا ، و الثالث ليس له قلعها و له الدية ، فان قلع سنه و أخذ سن الجاني قصاصا ثم عادت سن المجني عليه فعدا الجاني فقلع هذه الثانية أيضا فما الذي يجب على الجاني ؟ فمن قال هذه هبة مجددة كان كأنه قلع ذلك السن ، و ليس للجاني مثلها فيسقط القصاص و له الدية ، و من قال هذه تلك ، قال : قد كان وجب للجاني عليه بعودها دية سنه ، فلما عدا الجاني فقلعها وجب عليه بقلعها ديتها للمجني عليه ، فقد وجب لكل واحد منهما على صاحبه دية سن فيتقاصان .فان كانت بحالها فعادت سن الجاني بعد القصاص دون سن المجني عليه ، فعدا المجني عليه فقلعها بعد العود ، فمن قال : هذه هبة مجددة فقد قلع المجني عليه سنا بغير حقها فعليه ديتها ، و من قال هذه تلك فمن قال له قلعها كلما نبت ، قال : قد استوفا
إذا وجب القصاص في يمين رجل فقال المجنى عليه أخرج يمينك أقتصها فأخرج الجانى يساره فقطعها المجنى عليه
إذا وجب لرجل على غيره قود لم يكن له أن يستوفيه بنفسه
إذا كان له سن زائدة فقلعها قالع
حقه ، و من قال ليس له قلعها و إنما له الدية و كان على الجاني دية سنه فلما قلع سن الجاني وجب للجاني عليه دية سنه فيه فتقاصا .السن الزائدة ما خرجت عن سمت الاسنان وصف الاسنان إما خارجة عن الصف أو داخلة في جوف الفم ، فإذا قلعها قالع لم يخل من أخد أمرين إما أن يكون للجاني سن زايدة أولا يكون ، فان لم يكن له سن زايدة فلا قصاص ، و عليه حكومة لا يبلغ بهادية سن ، و عندنا يجب فيها ثلث دية السن الاصلى ، و إن كان للجاني سن زايدة ، فان كانت في محل المقلوعة فلا قصاص أيضا لانا لا نأخذ عضوا في محل بعضو في محل آخر كما لا نأخذ السبابة بالوسطى ، و يكون عليه ثلث دية السن الاصلى عندنا ، و عندهم الحكومة .نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 27 / 5 / 1373 فايل 8 : از صفحه 100 إلى 115 و إن كان للجاني سن زائدة في محلها كان المجني عليه بالخيار بين أن يقتص منه ، و بين أن يعفو على مال و له ما ذكرناه ، فان اختار القصاص فلا فصل بين أن يكونا سواء أو أحدهما أكبر من الآخر لاشتراكهما في الاسم .إذا وجب لرجل على غيره قود في نفس أو طرف لم يكن له أن يستوفيه منه بنفسه بغير سلطان ، لانه من فروض الائمة ، فان خالف و بادر و استوفى حقه وقع موقعه و لا ضمان عليه ، و عليه التعزير ، و قال بعضهم لا تعزير عليه ، و الاول أصح لان للامام حقا في استيفائه .إذا وجب القصاص في يمين رجل فقال المجني عليه أخرج يمينك أقتصها فأخرج يساره فقطعها المجني عليه ، فهل عليه القود و الضمان بقطع يساره ؟ نظرت ، فان كان الجاني أخرجها و قد سمع من المجني عليه أخرج يمينك فأخرج يساره مع العلم بأنها يساره ، و العلم بأن القود لا يسقط عن يمينه بقطع يساره ، فإذا اجتمعت في الجاني هذه الاوصاف الثلاثة ، فلا ضمان على المجني عليه بقطع هذه اليد من قود و لا دية ، لانه بذل يده للقطع عمدا بغير عوض .
المسألة بحالها : وسرت قطع اليسار إلى نفس الجاني
فرع : من وجب عليه قطع اليمين في السرقة فأخرج يساره فقطعت
فإذا ثبت أنها قد ذهبت هدرا ، فهل على القاطع التعزير أم لا ؟ فان كان جاهلا بأنها يساره فلا تعزير عليه لانه ما قصد قطعها بغير حق ، و إن قطعها مع العلم بحاله فعليه التعزير ، لانه قطع يدا عمدا بغير حق ، و ليس إذا سقط حق الآدمى بالبذل سقط حق الله تعالى ، كما لو قال له اقتل عبدي فقتله ، سقط عنه الضمان الذي هو للسيد ، و لم يسقط حق الله من الكفارة .فإذا ثبت أن يساره هدر ، فالقود باق في يمينه ، لانه وجب عليه حق فبذل غيره لا على سبيل العوض ، فلم يسقط عنه الحق ، كما لو وجب عليه قطع يمينه ، فأهدا إلى المجني عليه ما لا و ثيابا لا على سبيل العوض عن اليمين ، فقبل ذلك المجني عليه لم يسقط القصاص به عن اليمين .و الذى يقتضيه مذهبنا أنه يسقط عنه القود ، لانا قد بينا فيما تقدم أن اليسار يقطع باليمين إذا لم يكن يمين ، و ما ذكروه قوى .و أما من وجب عليه قطع اليمين في السرقة فأخرج يساره فقطعت سقط القطع عنه في اليمين بلا خلاف ، لانه من حقوق الله و هي مبنية على التسهيل و التخفيف .فإذا ثبت أن القصاص باق في يمينه ، فان له قطع اليمين قصاصا ، لكن ليس له قطعها حتى يندمل يساره ، لانا لو قطعنا يمينه قبل اندمال اليسار ، ربما سرى إلى نفسه عن القطعين فتلف بسراية قطعين أحدهما بحق و الآخر بغير حق .فإذا اندملت يساره قطع يمينه ، و إن سرت إلى نفسه كانت نفسه هدرا لان القطع إذا لم يكن مضمونا كانت السراية مضمونة ، و سقط القصاص عن يمينه بفواته ، و يكون فواته إلى دية اليد يجب للمجني عليه في تركته ، لان القصاص سقط بغير اختيار المستقيد فكان سقوطه إلى مال .فأما إن اختل شرط من هذه الشروط الثلاثة ، فقال : ما سمعت منه أخرج يمينك بل طرق سمعي أخرج يسارك ، أو قال سمعته يقول أخرج يمينك و كنت على إخراجها فدهشت فأخرجت يسارى معتقدا أنها يمينى ، أو قال : سمعته و علمت أنها يساري
المسألة بحالها وسرى قطع اليسار إلى النفس
المسألة بحالها فقال الجانى إنما قلت : أخرج يسارك فأخرجت يسارى أو قال نعم قال أخرج يمينك لكنى دهشت فأخرجت يسارى ، أو قال : ظننت أن قطعها يسقط القود عن يمينى وفيه مسئلتان
لكنى ظننت أن قطعها يسقط القود عن يمينى .فمتى قطعها على هذا فهل استوفى حقه أم لا ؟ لم يخل المقتص من أحد أمرين إما أن يكون جاهلا بأنه قطع اليسار أو عالما بها ، فان كان جاهلا بذلك فلا قود عليه بقطع يسار الجاني ، لانه قطعها معتقدا انه يستوفى حقه بها ، فكان شبهة في سقوط القود فيها ، و لانه قطعها ببذل مالكها فلا قود عليه ، و قال قوم لا دية عليه أيضا لانه قطعها ببذل صاحبها كالتي قبلها و الصحيح أن عليه ديتها ، لانه بذلها عن يمينه ، فكان البذل على سبيل المعاوضة ، فإذا لم يصح كان على القابض الرد ، فإذا عدمت كان عليه رد بدلها كما لو قبض المشتري سلعة عن بيع فاسد فعليه ردها ، و إن كان مفقودا كان عليه رد بدلها .فأما إن كان المقتص عالما بأنها يساره فقطعها فهذا القطع مضمون لانه إنما بذلها بعوض ، فلم يسلم له ، فكان على القابض الضمان لما قدمناه .فإذا ثبت أنه مضمون فما ذلك الضمان ؟ قال قوم : مضمون بالقود لانه قطع يد غيره بغير حق مع العلم بالتحريم ، و قال آخرون و هو الصحيح أنه لا قصاص ، لانه مضمون بالدية لانه قد بذلها للقطع ، فكان شبهة في سقوط القود عنه .فإذا ثبت أن على المقتص دية اليسار ، فان القود باق له في يمين الجاني لان يساره لم يصر بدلا عن يمينه ، و لا عوضا عنها ، فكان القصاص باقيا في يمينه فعليه القصاص في يمينه ، و له دية يساره ، أن المقتص ليس له قطع اليمين في الحال حتى ينظر ما يكون من قطع اليسار لما قلناه في المسألة قبلها .فإذا توقف فإما أن يندمل أو يسرى ، فإن اندملت اليسار فقد استقر على المقتص دية اليسار ، و له قطع اليمين ، فان استوفاها قصاصا فعليه أن يدفع دية اليسار ، و إن عفا عن اليمين وجب له دية اليمين ، و عليه دية اليسار فيتقاصان .و إن سرى قطع اليسار إلى النفس فعليه ضمان النفس ، لانها سراية عن قطع مضمون سرى إلى النفس و هي مضمونة ، فكان عليه ديتها ، فعليه دية نفس يدخل فيها
المسألة بحالها واختلفا فقال الباذل بذلت يدى لتكون بدلاعن يمينى وأنكر القاطع
ضمان الطرف ، و له من هذه النفس قطع يمينها ، و قد فات بغير اختياره فيكون له دية اليمين ، و هو نصف الدية ، و عليه دية النفس فيتقاصان بالنصف ، و يفضل له عليه نصف الدية يستوفى منه .و قال بعضهم إذا قطع يساره فسرى إلى نفسه كان المستوفي ليمينه قصاصا فيسقط حقه منها ، و يكون عليه كمال الدية ، كمن وجب له قطع يد رجل فقطعه ثم عاد فقتله ، فان عليه كمال الدية كذلك ههنا .هذا إذا اتفقا من اختلاف ، فأما إن قطع يساره ثم اختلفا فقال الباذل بذلتها لتكون بدلا عن يمينى ، فلى ديتها ، و قال القاطع المقتص بل بذلتها مع العلم بأنها لا تكون بدلا عن يمينك فهدرت ، فالقول قول الباذل لان الاختلاف في نيته و إرادته و هو أعلم بها .فان حلف ثبت أنه بذلها على سبيل العوض ، فيكون الحكم على ما مضى ، فان نكل رددنا اليمين على المقتص يحلف ما بذلها إلا و هو يعلم أنها لا يكون بدلا عن اليمين ، فإذا حلف كانت هدرا ، و بقى له القصاص في يمينه .هذا إذا اختلفا فأما إن اتفقا على قطعها باليمين ، مثل أن تراضيا به فقطعت على هذا لم يكن بدلا عن يمينه ، لان ما لا يقع قصاصا عن الشيء ، لم يقع قصاصا عنه بالتراضي ، كما لو قتل عبده عبدا لرجل فقال له السيد ا قتلنى بعبدك أو اقتل عبدي الآخر بعبدك ففعل لم يقع القصاص موقعه .فإذا تقرر هذا فلا قود على المقتص في اليسار ، لانه بذلها لتكون بدلا عن اليمين ، و كان شبهة في سقوط القصاص عنه ، و عليه دية هذه اليسار لانه بذلها على سبيل العوض ، فإذا لم يسلم ما في مقابلها رجع إلى بدلها كما قلنا في المبيع و الثمن .فإذا ثبت أن على المقتص دية يساره فهل له قطع يمين الباذل أم لا ؟ قال بعضهم : ليس له قطعها لان رضاه بقطع اليسار مكان اليمين عفو منه عن اليمين ، فلهذا سقط القصاص عنها .و قال آخرون : لا يسقط ، و له قطع يمينه ، لانه أخذ اليسار بدلا عن
المسألة بحالها وقد كان أحدهما مجنونا فيه مسئلتان
اليمين ، فإذا لم يصح أخذها عن اليمين و اليمين قائمة ، كان له الرجوع إلى عين ماله كرجل باع عبدا بثمن معين فتلف الثمن قبل القبض ، رجع سيد العبد إلى عين ماله حين لم يسلم له الثمن ، كذلك ههنا يرجع المقتص إلى ما وجب له ، و هو قطع اليمين .فمن قال لا يسقط القصاص عن يمينه قال له على المقتص دية يساره ، و للمقتص قطع اليمين ، فان سرى قطع اليسار إلى النفس أو اندملت كان الحكم على ما مضى ، و من قال ليس له قطع يمينه فله ديتها ، و عليه دية يسار الباذل ، فان كانت الديتان سواء تقاصا ، و إن اختلفا مثل أن كان أحدهما رجلا و الآخر إمرأة تقاصا فيما اتفقا ، و رجع صاحب الفضل بالفضل .هذا الكلام فيه إذا كانا عاقلين فأما إن كان أحدهما مجنونا نظرت ، فان كان الجاني عاقلا ثم جن قبل القصاص عنه ، و المجني عليه المقتص عاقل ، فقال له العاقل أخرج يمينك لا قطعها فأخرجها فقطعها فقد استوفى حقه من المجنون ، لانه قبض ما كان واجبا عليه ، فوقع الاستيفاء موقعه لا ببذل المجنون ، فهو كما لو وثب على حقه من القصاص و استوفاه وقع موقعه ، و لا يراعى جهة المقتص منه كذلك ههنا .و إن قال لهذا المجنون أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها نظرت في المقتص فان كان جاهلا بأنها يسار المجنون فلا قود عليه شبهة ، و عليه دية يسار المجنون ، و إن كان عالما بأنها يساره فعليه القود في يساره ، لان المجنون لا يصح منه البذل ، فهو كما لو قطع يساره كرها ، فقد وجب عليه للمجنون قطع اليسار ، و له قطع يمين المجنون .فان كانت بالضد و هو أن جن المجني عليه و الجانى عاقل ، فقال له المجنون أخرج يسارك فأخرجها له فقطعها المجنون هدرت ، و لا ضمان عليه ، سواء اعتقد أنه يستوفيها بدلا عن يمينه أو لم يعتقد ذلك ، لان من بذل يده للمجنون يقطعها فقطعها فهو الذي أبطل حق نفسه ، كما لو بذل له ثوبا فخرقه ، و إن قال له المجنون أخرج يمينك فأخرجها فقطعها المجنون ذهبت هدرا أيضا لانه لا استيفاء للمجنون ، فيكون كأنها سقطت بآكلة ، فيكون للمجنون ديتها .
فأما إن وثب المجنون فقطع يمين الجاني فهل يكون قصاصا أم لا ؟ قال بعضهم : يكون قصاص لان المجنون إذا كان له حق معين فأتلفه كان بمنزلة الاستيفاء ، كما لو كان له وديعة عند غيره فهجم عليها فأتلفها ، فلا ضمان على المودع ، و قال بعضهم و هو الاقوى : إنه لا يكون ما فعله استيفاء لحقه و لا يكون قصاصا ، لان المجنون لا يصح منه استيفاء حقه بحال .و يفارق الوديعة لانه إذا أتلفها فلا ضمان على المودع ، لانها تلفت بغير جناية و لا تفريط كان منه ، فهو كما لو أتلفها المجنون ، فلهذا سقط عنه الضمان و ليس كذلك ههنا لان الضمان لا يسقط عنه بذهاب يمينه ، و إن كان هلاكها بغير تفريط كان منه .فبان الفصل بينهما .فمن قال قد استوفا حقه فلا كلام و من قال ما استوفا حقه كان حقه مضمونا لان إتلاف المجنون يقع مضمونا فقد ذهبت يمين الجاني بقطع المجنون ، فوجبت ديتها بقطعه ، و للمجنون دية هذه اليمين .و من قال عمد المجنون عمد ، فدية اليمين عنده عليه ، و له ديتها يتقاصان ، و من قال عمده في حكم الخطأ قال دية يمين الجاني على عاقلة المجنون ، و لهذا المجنون دية هذه اليمين على الجاني يستوفى المجنون دية يمينه من الجاني ، و يستوفى الجاني دية يمينه من عاقلة المجنون .إذا قطع يدي رجل و رجليه فالظاهر أن عليه ديتين دية في اليدين ، ودية في الرجلين ، فان مات بعد الاندمال استقرت الديتان على الجاني ، و إن سرى القطع إلى نفسه فعليه دية واحدة ، لان أرش الجناية يدخل في بدل النفس .فإذا ثبت هذا فقطع يدي رجل و رجليه ، ثم مات المجني عليه ثم اختلفا فقال الولى مات بعد الاندمال فعليك أيها الجاني كمال الديتين ، و قال الجاني مات بالسراية من القطع ، و ليس علي إلا دية واحدة ، قال بعضهم القول قول الولي .و صورة المسألة أن المجني عليه مات بعد القطع بمدة يمكن اندمال القطع فيها ، فعلى هذا يكون القول قول الولى لان الظاهر أنه قد وجب على الجاني ديتان
اختلفا فقال القاطع : مات بالسراية وقال الولى مات بسبب آخر
بدليل أن للولي المطالبة بهما قبل الاندمال على قول بعضهم ، فإذا كان الظاهر هذا احتمل أن يكون القول قول الجاني أنه ما اندمل ، و احتمال أن يكون القول قول الولي أنه قد اندمل ، فتقابلا ، و كان الظاهر وجوب الديتين ، فلا نسقطهما بأمر محتمل .و إن كان بين الموت و القطع مدة لا يمكن الاندمال فيها ، مثل أن يكون مات بعد يوم أو خمسة ، فالقول قول الجاني ههنا ، لان الظاهر معه ، لانه لا يمكن الاندمال في هذه المدة ، و يكون القول قوله مع يمينه أنه مات من سراية القطع ، لجواز أن يكون الموت بحادث القطع ، مثل أن لدغته حية أو عقرب .هذا إذا اتفقا على المدة ، فأما إن اختلفا فيها ، فقال الجاني مات قبل أن تمضي مدة يندمل في مثلها ، و قال الولى بل مضت مدة يندمل في مثلها ، فالقول قول الجاني لان الاصل بقاء المدة حتى يعلم انقضاؤها ، و بقاء الجناية و السراية حتى يعلم برؤها .فان كانت المسألة بالضد من هذا ، فقطع يد رجل فمات المقطوع ثم اختلفا فقال الجاني مات بعد الاندمال فعلى نصف الدية ، و قال الولى بل قبل الاندمال فعليك كمال الدية ، لم يخل من أحد أمرين إما أن تمضي مدة يندمل في مثلها ، أولا تمضى ، فان كان هذا بعد مضى مدة يندمل في مثلها ، فالقول قول الجاني لان الظاهر معه ، و هو أن الواجب نصف الدية ، و الولي يدعى دية كاملة ، و الاصل براءة ذمته ، فكان القول قوله .و إن كان قبل أن تمضي مدة يمكن الاندمال فيها ، فالقول قول الولى لان الظاهر معه ، و أن الاندمال لم يحصل ، فكان القول قول الولى .و إن اختلفا في المدة فقال الجاني قد مضت مدة يندمل في مثلها ، و قال الولى ما مضت ، فالقول قول الولى لان الاصل أنها ما مضت فالولي في هذه كالجاني في تلك .فرع : رجل قطع يدي رجل و رجليه و اختلفا فقال القاطع : مات من السراية فعلى دية واحدة ، و قال الولى مات من السراية و هو أنه شرب سما فمات أو قال قتل
إذا قطع يد عبد ففيه نصف قيمته وهل يمسك العبد مولاه ؟
لا يجوز أن يكون الاستيفاء بسيف مسموم أو كال
يجب عند استيفاء القصاص أن يحضر الامام عدلين من قبله
فعليك كمال الديتين ، فليس بينهما ههنا خلاف في مدة ، و إنما الخلاف فيما مات المجني عليه منه ، فمع كل واحد منهما ظاهر يدل على ما يدعيه : مع المجني عليه ظاهر لان الاصل أنه ما شرب السم ، و مع الولى ظاهر و هو أن الاصل وجوب الديتين على القاطع .و قال بعضهم يحتمل وجهين أحدهما أن القول قول الولى لان الظاهر وجوب الديتين و هو يدعي ما يسقطهما ، فكان القول قول الولى كما إذا أوضحه موضحتين ثم انخرق ما بينهما و صارت واحدة ، ثم اختلفا ، فقال الجاني انخرق ما بينهما بالسراية فعلى دية موضحة واحدة ، و قال المجني عليه أنا خرقت بينهما فعليك دية موضحتين ، قالقول قول المجني عليه و لا فصل بينهما .و يحتمل أن يكون القول قول الجاني لان الاصل أن المجني عليه ما شرب السم ، فقد ثبت أن كل واحد منهما معه ظاهر يدل على ما يدعيه و يجري مجرى مسألة الملفوف في الكساء : إذا قطعه قاطع بنصفين ثم اختلفا فقال القاطع كان ميتا حين القطع ، و قال الولى كان حيا حين القطع ، فانه يقول بعضهم : القول قول القاطع لان الاصل براءة ذمته ، و قال غيره القول قول الولى لان الاصل بقاء الحيوة كذلك ههنا .إذا وجب القصاص على إنسان و أراد أن يقتص منه ، فان الامام يحضر عند الاستيفاء عدلين متيقظين فطنين احتياطا للمقتص منه ، لئلا يدعى من له الحق أنه ما استوفاه ، و أنه هلك بغير قصاص ، و ليتأمل الآلة ، فيكون صارما مسموم ، لانه إن كان مسموما هراه .فان حضر العدلان و استوفى بحضرتهما فلا كلام ، و إن استوفى حقه بغير محضر منهما ، فان استوفاه بصارم مسموم فقد استوفى حقه ، و لا شيء عليه ، لانه استوفى حقه على واجبه ، و إن استوفى بسيف كال فقد أساء لانه عذبه و لا شيء عليه ، لانه ما استوفى أكثر من حقه ، و إن استوفاه بصارم مسموم فقد استوفا حقه ، و عليه التعزير
إذا قطع رجل يد عبد والاخر يده الاخرى تمسك المولى عبده بلا خلاف
يعطى الذى يقيم الحدود ويقتص للناس أرزاقه من بيت المال
إذا استوفى في طرف بسيف مسموم فمات عن سراية
لانه بمنزلة جناية عليه حينئذ بعد استيفاء القصاص ، فهو كما لو قتله ثم عاد فقطعه أو حرقه فانا نعزره كذلك ههنا .فأما إن كان في طرف فالحكم على ما مضى فان استوفى القطع بصارم مسموم فلا كلام ، و إن كان بسيف كال فقد أساء و لا شيء عليه ، و إن كان بسيف مسموم فمات فقد مات عن سراية مضمونة ، فهو كما لو قطع يد مرتد ثم اسلم فجرحه مسلم ثم مات أو قطع يد رجل ثم قطع آخر رجله ظلما ثم سرى إلى نفسه فكل هذا سواء ، فما قابل المضمون ضمن ، و ما قابل غيره هدر ، فيكون عليه نصف الدية و عليه التعزير .يعطى الذي يقيم الحدود و يقتص للناس من بيت المال أرزاقهم ، عندنا و عند جماعة ، و إن لم يكن بيت مال أو كان موجودا لكن هناك ما هو أهم منه كسد الثغور و تقوية المقاتلة كانت الاجرة على المقتص منه عند قوم ، و قال آخرون اجرة القصاص على المقتص المستوفي دون المستوفي منه و هو الاقوى .إذا قطع يد عبد ففيه نصف قيمته و يستوفيها و يمسك العبد مولاه ، و قال بعضهم على الجاني نصف قيمته ، و يكون السيد بالخيار بين إمساكه و يستوفي نصف قيمته ، و بين أن يسلم العبد إلى الجاني و يطالبه بكمال قيمته ، و إن قطع يدي عبد أو رجليه كان عليه كمال قيمته ، و يسلم العبد عندنا و عند جماعة يمسكه مولاه .إذا قطع رجل يد عبد و الآخر يده الاخرى كان عليهما كمال قيمته ، على كل واحد منهما نصفه ، و تمسك المولى العبد ههنا بلا خلاف و في الاول خلاف ، و فيهم من سوى بين المسئلتين فجعل العبد بين الجانبين و هو الاقوى .
المسألة بحالها : ولم يندمل الاصبع بل سرى القطع إلى الكف
إذا اختلفا فقال المجنى عليه عفوت عن الجناية فقط وقال الجانى عفوت عن القود والعقل
* فصل * * في عفو المجنى عليه بموت * إذا قطع أصبعه عمدا ثم عفا المجنى عليه وقال عفوت عن عقلها وقودها
( فصل ) ( في عفو المجني عليه بموت ) يمكن فرض المسألة إذا قطع يده أو رجله أو قلع عينه ثم عفا عنه ، لكنا نفرضها فيما إذا قطع أصبعه عمدا فانه أوضح و أوسع للتفريع ، فإذا قطع أصبعه عمدا ثم عفا المجني عليه لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يندمل الاصبع ، أو يسرى إلى الكف أو إلى النفس .فان اندملت و قد قال عفوت عن عقلها وقودها فلا قصاص عليه في الاصبع ، لانه عفا عنه ، و كان واجبا حين العفو ، و أما دية الاصبع فقد صح العفو عنها أيضا ، و قال بعضهم لا يصح العفو ، و الاول هو الصحيح .و لا فصل فيه إذا اندملت بين أن يقول عفوت عن عقلها أو قودها ، أو يزيد فيقول و ما يحدث فيها ، أو لا يزبد عليه ، لانه لا زيادة بعد الاندمال .و إن قال : عفوت عن الجناية و لم يزد على هذا ، كان عفوا عن القود دون العقل لانه ما عفى عن المال .فان اختلفا فقال المجني عليه عفوت عن الجناية فقط و قال الجاني عفوت عن القود و العقل ، فالقول قول المجني عليه ، لانهما يختلفان في إرادته فكان صاحبها أعلم بذلك .هذا إذا اندملت ، و أما إذا سرت إلى الكف و اندملت فلا قود في الاصبع الذي بأشر قطعها لانه قد عفا عنه ، و لا عقل في الاصبع ، و لانه قد عفى عنه أيضا و أما الكف بعد الاصبع فلا قود فيها لانه لا قصاص في الاطراف بالسراية و يجب على الجاني دية ما بعد الاصبع ، و هو أربع أصابع أربعون من الابل ، و يكون الكف تبعا للاصابع و سواء قال عفوت عن عقلها وقودها و ما يحدث فيها ، أو لم يقل : و ما يحدث منها ،
المسألة بحالها : سرى القطع إلى نفسه وقد كان عفا عن القود والدية وما يحدث منها
لان الحادث ههنا وجوب دية ما بعد الاصبع فهو عفو و إبراء عما لم يجب فلا يصح العفو عنه .فأما إذا سرا إلى نفسه فالقود في النفس لا يجب لانه عفا عن القود في الاصبع ، و إذا سقط فيها سقط في الكل لان القصاص لا يتبعض ، و هذا القصاص يسقط عن النفس سواء قلنا تصح الوصية من القاتل أولا نقول ، لان القولين معا فيما كان ما لا .فأما القصاص فانه يصح لانه ليس بمال بدليل أنه قد يعفو عن القود من لا يصح أن يعفو عن المال ، و هو المحجور عليه لسفه ، فلو كان القصاص ما لا ما صح عفو السفيه عنه و الذى رواه أصحابنا أنه إذا جنا عليه فعفا المجني عليه عنها ثم سرا إلى نفسه كان لاوليائه القود إذا ردوا دية ما عفى عنه على أوليآء المقتص منه ، فان لم يردوا لم يكن لهم القود .فأما دية النفس فلا يخلو إما أن يقول عفوت عنها و ما يحدث من عقلها أولا يقول عما يحدث من عقلها ، فان قال و ما يحدث منها من عقلها ، لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون بلفظ الوصية أو بلفظ العفو و الابراء .فان كان بلفظ الوصية فهذه وصية لقاتل ، و هل يصح الوصية له أم لا ؟ قال قوم : لا يصح لقوله عليه السلام ليس لقاتل شيء ، و قال آخرون يصح الوصية له لقوله صلى الله عليه و آله إن الله أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ، دل على أنها لغير وارث ، و هذا وارث ، و الذي يقتضيه مذهبنا أنها تصح للقاتل لانه لا مانع منه .فمن قال لا يصح الوصية للقاتل ، قال : تكون الدية ميراثا ، و من قال يصح كانت الدية كلها له ، إن خرجت من الثلث ، و إن لم يخرج منه كان له منها بقدر الثلث .و أما إن كان بلفظ العفو و الابراء فهل الابراء و العفو من المريض وصية أم لا ؟ قال قوم هو وصية لانه يعتبر من الثلث ، و قال آخرون هو إسقاط و إبراء ، و ليس بوصية لان الوصية نقل ملك فيما يأتى ، و الابراء و العفو إسقاط في الحال ، فلهذا لم يكن العفو كالوصية ، و عندنا أنه ليس بوصية و هل يعتبر من الثلث ؟ لاصحابنا فيه روايتان قد مضتا .
إذا قتل حر حرا خطأ ، ففيه ثلاث مسائل
إذا جنى عبد على حر جناية فارشها يتعلق برقبته
المسألة بحالها : وقد قال عفوت عن الجناية وقودها وعقلها ولم يقل وما يحدث منها
فمن قال عفوه كالوصية فالحكم فيه كما لو كان بلفظ الوصية ، و قد مضى ، و من قال هو إبراء و ليس بوصية فعلى هذا صح الابراء عما وجب له ، و هو دية الاصابع و لم يصح فيما عداه ، و لانه إبراء عما لم يجب و الابراء عما لم يجب لا يصح .فأما إن قال عفوت عن الجناية وقودها و عقلها ، و لم يقل و ما يحدث منها ، قال بعضهم لا قصاص في النفس لانه عفا عن البعض فيسقط ، و أما دية النفس فباقية بحالها لانه ما أوصى بها و لا عفا .و أما دية الاصبع وحدها ينظر فيه فان كانت بلفظ الوصية فهل يصح أم لا ؟ فمن قال الوصية للقاتل يصح ، صح له دية الاصبع ، و من قال لا يصح له لم يصح دية الاصبع ، فان كان ذلك بلفظ العفو و الابراء فمن قال هو كالوصية فالحكم على ما مضى ، و من قال إسقاط صح الابراء عن عقل الاصبع بكل حال ، لانه عفى عما وجب له عليه .إذا جنى عبد على حر جناية يتعلق أرشها برقبته ، كأنها موضحة فتعلق برقبته أرش موضحة ، ثم إن المجني عليه أبرء ، ففيه ثلاث مسائل إن أبرء العبد فقال أبرأتك أيها العبد عنها لم يصح ، لانه إبراء من لا حق له عليه ، و إن أبرء السيد برأ و سقط عن رقبة العبد ، لانها و إن كانت متعلقة برقبة العبد ، فالعبد يعود على السيد فلهذا صح ، و إن عفا مطلقا فقال عفوت عن أرش هذه الجنابة صح ، و كان راجعا إلى سيده ، و هذه وصية لغير القاتل فصحت .و إذا قتل حر حرا خطأ لم يخل من أمرين إما أن يثبت هذا عليه بالبينة أو باعترافه ، فان كان ثبوتها عليه بالبينة ، فالدية على عاقلته ، و فيه المسائل الثلاث إن أبرء الجاني لم يصح الابراء ، لانه إبراء من لا حق له عليه ، و إن أبرء العاقلة صح ، و إن أطلق فقال عفوت عن أرش هذه الجناية و أبرأت عن أرشها صح ، و إن كان راجعا إلى العاقلة و هي وصية لغير القاتل فيصح .و إن كان ثبوت القتل باعترافه فالدية في ذمته ، و فيها ثلاث مسائل :
إن أبرء العاقلة لم يصح لانه لا حق له عليهم ، و إن أبرء القاتل فقال أبرأتك عنها أو أطلق فقال أسقطت عقل هذه الجناية ، كانت هذه وصية للقاتل ، و هل يصح ؟ على قولين ، و قلنا إن عندنا يصح .ذمى قتل مسلما خطأ فان كان ثبوته بالبينة كانت الدية على عاقلته و فيه المسائل الثلاث و روى أصحابنا أن عاقلته الامام ، و إن كان باعترافه فالدية في ذمته ، و فيه المسائل الثلاث ، فان كانت أبرء له فهي وصية للقاتل ، فيكون على ما مضى من الخلاف .و لا فصل بين الذمي و المسلم في هذا ، لكن هناك فصل يخالف المسلم فيه ، و هو أن المسلم إن كان له عاقلة فالدية على عاقلته ، و إن لم يكن له عاقلة ففي بيت المال ، و الذمى إذا لم يكن له عاقلة فالدية في ذمته دون بيت المال عندهم ، و قد قلنا ما عندنا فيه .و فصلوا بينهما بأن المسلم عصبة المسلم ، بدليل أنهم يرثونه إذا لم يكن له وارث ، فلهذا عقلوا عنه ، و ليس كذلك الذمي لانه إذا لم يكن له وارث نقل ما له إلى بيت المال فيئا لا ميراثا ، و عندنا لا فرق بينهما في أن كل واحد منهما إذا لم يكن له وارث كان ميراثه للامام ، فلهذا عقل عنه .إذا جنى عبد على حر جناية لها أرش مقدر ، و نفرضها في الموضحة لم يخل من أحد أمرين : إما أن يكون عمدا أو خطأ ، فان كانت خطأ تعلق برقبة العبد خمس من الابل أخماسا ، فان اشتراه المجني عليه من سيده بما تعلق له برقبته من الابل فهل يصح أولا ؟ قال قوم يصح ، و قال بعضهم لا يصح ، لان الثمن مجهول بدليل أن الابل و إن كانت معلومة العدد و ألسن فانها مجهولة النوع و اللون ، بدلالة أنه لو أسلم إليه في خمس من الابل على هذا القدر من الصفة لم يصح ، فإذا كان مجهولا كان باطلا ، و من قال يصح و هو الاقوى ، قال : لانه حق و هو مال مستقر يملك المطالبة به ، فيصح أن يكون ثمنا في البيع كالدين المعلوم .فمن قال البيع باطل فلا كلام ، و من قال : صحيح ملك المجني عليه العبد ،
وكذلك إذا قطع يده ثم قتله كان لوليه القصاص في الطرف والنفس
كل جرح إذا اندمل وجب فيه القصاص فاذا سرى إلى النفس وجب القصاص أيضا
و سقط الارش عن رقبته ، فان أصاب المشتري بالعبد عيبا كان له رده ، فإذا رده عاد الارش إلى رقبته ، فان كانت الجناية عمدا تعلق برقبته القود في الموضحة ، فان قال المجني عليه لسيده بعني هذا العبد بأرش هذه الجناية كان يجب هذا عفوا عن القصاص و ثبوت الارش في رقبته ، و جعله ثمنا له ، فيسقط القصاص و يثبت الارش في رقبته و هل يصح أن يكون ثمنا يملكه به من سيده ؟ على ما مضى إذا كانت خطأ .كل جرح إذا اندمل وجب فيه القصاص إذا سرى إلى النفس وجب فيه القصاص عند بعضهم ، مثل أن قطع يده أو رجله أو قلع عينه أو أوضحه فله القطع في الجرح و القتل و فيه خلاف ، و قد بينا فيما مضى أن الذي يقتضيه مذهبنا أنه ليس له إلا القتل و أما قصاص الطرف ، فانه يدخل في قصاص البدن .فأما إن قطع يده ثم قتله فكذلك ، له القصاص في الطرف و النفس ، و هو الاقوى عندي ، و قال بعضهم لا قصاص في الطرف هيهنا أيضا .فمن قال له القطع و القتل بعده قال هو بالخيار بين أن يقتل و لا يقطع ، و قد ترك بعض حقه ، و بين أن يقطع و يعفو عن القتل ، فإذا فعل هذا لم يجب عليه دية اليد التي قطعها ، و قال بعضهم إذا عفا بعد قطع اليد فعليه دية اليد التي قطعها .
* كتاب الديات * وجوب الدية بحكم الكتاب والسنة
( كتاب الديات ) قال الله تعالى " و ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ، فان كان من قوم عدو لكم و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة و إن كان من قوم بينكم و بينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله و تحرير رقبة مؤمنة " ( 1 ) .فذكر الله تعالى في الآية ديتين و ثلاث كفارات ، ذكر الدية و الكفارة بقتل المؤمن في دار الاسلام فقال : " و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " .و ذكر الكفارة دون الدية بقتل المؤمن في دار الحرب في صف المشركين إذا حضر معهم الصف فقتله مسلم ففيه الكفارة دون الدية ، فقال " و إن كان من قوم عدو لكم و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " لان قوله " و إن كان " كناية عن المؤمن الذي تقدم ذكره ، و قوله " من قوم " معناه في قوم لان حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض .ثم ذكر الدية و الكفارة بقتل المؤمن في دار المعاهدين فقال " و إن كان من قوم بينكم و بينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله و تحرير رقبة مؤمنة " و عند المخالف أن ذلك كناية عن الذمي في دار الاسلام ، و ما قلنا أليق بسياق الآية ، لان الكنايات في " كان " كلها عن المؤمن ، فلا ينبغي أن يصرفها إلى غيره بلا دليل .و روى مالك عن عبد الله ابن أبى بكر بن أبى حزم عن أبيه عن جده أنه قال : كان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه و آله لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن : و في النفس مائة من الابل ، و عليه أيضا إجماع الامة و إن اختلفوا في تفصيلها . 1 - النساء .92 .
أقسام الديات : المغلظة والمخففة وذو الوجهين
* فصل * * في أقسام القتل وما يجب به من الديات * أقسام القتل : عمد محض ، عمد الخطاء ، الخطا المحض
( فصل ) ( في أقسام القتل و ما يجب به من الديات ) القتل على ثلاثة أضرب : عمد محض ، و هو أن يكون عامدا إلى قتله بآلة يقتل غالبا كالسيف و السكين و اللت و الحجر الثقيل عامدا في قصده ، و هو أن يقصد قتله بذلك ، فمتى كان عامدا في قصده عامدا في فعله فهو العمد المحض ، و الثاني خطأ محض و هو ما لم يشبه شيئا من العمد ، بأن يكون مخطئا في فعله مخطئا في قصده ، مثل أن رمى طايرا فأصاب إنسانا فقد أخطأ في الامرين معا .نام كتاب : المبسوط في فقه الامامية جلد 7 نام مصحح : محمود مهجور تاريخ : 27 / 5 / 1373 فايل 9 : از صفحه 115 إلى 129 الثالث عمد الخطأ أو شبه العمد ، و المعنى واحد ، و هو أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده ، فأما عامدا في فعله : فهو أن يعمد إلى ضربه لكنه بآلة لا يقتل غالبا كالسوط و العصا الخفيفة ، و الخطأ في القصد أن يكون قصده تأديبه و زجره و تعليمه لكنه مات منه ، فهو عامد في فعله مخطئ في قصده .و أما الديات فتنقسم ثلاثة أقسام أيضا بانقسام القتل : مغلظة في السن و الصفة و الاستيفاء : فالسن ثلاثون حقة ، و ثلاثون جذعة ، و أربعون خلفة ، و الصفة أن يكون الاربعون حوامل ، و الاستيفاء أن يكون حالة في مال القاتل ، و هي كل دية وجبت بالعمد المحض ، أن عندنا أنها كلها مسان من الابل و تؤخذ من ماله خاصة في سنة ، و قال بعضهم تؤخذ في ثلث سنين .الثانية مخففة من ثلاثة أوجه : السن و الصفة و الاستيفاء فالسن عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون ذكرا ، و عشرون بنت لبون ، و عشرون حقة و عشرون جذعة ، و الصفة لا يطلب منه حوامل ، و الاستيفاء أن يكون مؤجلة ثلاث سنين على العاقلة ، و هي كل دية وجبت بالخطأ المحض .الثالثة مغلظة من وجه مخففة من وجه فالتغليظ بألسن و الصفة على ما قلناه في العمد و التخفيف في الاجل عندنا تؤخذ في سنتين من ماله خاصة ، و عند بعضهم على العاقلة
دية الخطاء المحض مخففة إلا في ثلاثة مواضع : المكان والزمان والرحم
الجناية على الاطراف كالجناية على النفس تنقسم ثلاثة أقسام
في ثلاث سنين ، مثل الخطأ المحض و فيه خلاف .و قال بعضهم : القتل ضربان عمد محض ، و خطأ محض ، و عمد الخطأ لا يعرفه و قال شبه العمد عمد يوجب القود ، و قسم الدية ثلاثة أقسام : مغلظة و هو ما وجب بالعمد إلا أنه قسمها أرباعا ، و قد روي ذلك في أخبارنا ، و مخففة و هي الواجبة بالخطا و الثالث ما وجب بقتل الوالد ولده حذفا بالسيف ، و فيه دية مغلظة ثلثون حقة و ثلثون جذعة و أربعون خلفة : الخلفة هي الحامل و قيل ان التي يتبعها ولدها ، و المعتبر الحامل في الدية و لا يختص بسن ، و قال بعضهم يكون ثنايا .و متى أحضر الابل و اختلف ولي الدم و صاحب الابل في كونها حوامل رجع إلى أهل الخبرة فعمل على ما يقولونه و متى أحضرها حوامل فأزلقت يعنى أسقطت قبل الاقباض ، كان عليه بدلها حوامل ، و إن أزلقت بعد الاقباض فلا شيء عليه .قد ذكرنا أن القتل ثلاثة أقسام : عمد محض ، و خطأ محض ، و خطأ شبه العمد ، فهكذا الجناية على الاطراف ينقسم هذه الاقسام إذا جنى على رأسه أو على طرفه فأوضحه فان كان عامدا في فعله و قصده ، و هو أن ضربه عمدا بآلة يوضح غالبا فهو عمد محض ، و إن كان مخطئا في فعله و قصده فهو خطأ محض ، و إن كان عامدا في فعله مخطئا في قصده ، مثل أن عمد بحجر لا يوضح غالبا فكان موضحة فهو عمد الخطأ .فلا تفترق النفس و الاطراف في أقسام الجناية عليهما ، و إنما يفترقان في فصل و هو أنه قد يكون في الاطراف عمدا ، و في النفس عمد الخطأ ، و هو إذا ضربه بحجر يوضح غالبا و لا يقتل غالبا فيكون في الموضحة عمدا محضا ، و في النفس عمد الخطأ .قد ذكرنا أن الدية تغلظ في العمد المحض و عمد الخطأ ، و تخفف في الخطأ المحض ، فهذه مخففة أبدا إلا في ثلثة مواضع : المكان و الزمان و الرحم .أما المكان فالحرم ، و الزمان فالأَشهر الحرم ، و الرحم بأن يقتل ذا رحم بالنسب كالابوين و الاخوة و الاخوات و أولادهم و فيه خلاف .
إذا قتل أو قطع طرفا في الحرم استقيد منه وإذا قتل في الحل ولجأ إلى الحرم
و فيمن غلظ من لا يغلظ بالزيادة في الدية ، و إنما يغلظ بأسنان الابل ، و عندنا أنها تغلظ بأن يوجب دية و ثلث ، و قطع الاطراف يغلظ أيضا بالزمان و المكان و الرحم عنده ، و لم يذكر أصحابنا التغليظ إلا في النفس .إذا قتل أو قطع طرفا في الحرم استقيد منه بلا خلاف ، و إن قطع في الحل أو قتل ثم لجأ إلى الحرم ، فقال بعضهم : يستقاد فيه ، و عندنا لا يستقاد فيه ، بل يضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يخرج فيستقاد منه ، و به قال قوم في النفس دون الطرف فأما إذا دخل الكعبة أو المسجد الحرام فلا خلاف أنه لا يقتل فيهما حتى يخرج .الدية إذا كانت على العاقلة لم يخل العاقلة من أحد أمرين إما أن يكون من أهل الابل أو من أهلها ، فان كان من أهل الابل كالعرب و غيرهم ممن يقتنون الابل و يتمولونها كلفناهم الواجب عليهم من إبلهم ، و لا ننظر إلى إبل البلد ، فان كانت إبلهم عرابا كلفنا هم فيها ، و إن كانت إبل البلد بخاتيا ، و إن كانت إبلهم بخاتيا كان لهم أن يعطوا منها و إن كانت إبل البلد عرابا ، فان كانت إبلهم أدون من إبل البلد و أعطوا من إبل البلد قبل منهم .فإذا تقرر هذا نظرت ، فان كانت إبل العاقلة كلها نوعا واحدا كان الواجب عليهم منه ، و إن اختلفت أنواعه أخذنا من كل واحد منهم من نوع إبله لانها بمنزلة الزكاة .فأما أن يكون العاقلة من أهل الابل ، لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون بالبلد إبل أولا يكون ، فان كان في البلد إبل كلفوا من إبل البلد ، فان لم يكن في البلد إبل كلفوا من إبل أقرب البلدان إلى هذا البلد ، كما نقول في زكوة الفطرة يخرج من غالب قوت البلد ، فان لم يكن فيه غالب قوت كلف من قوت أقرب البلدان بهذا المكان .و عندنا ، إن كانت العاقلة من أهل البلد أخذ منهم ما هم من أهله ، لان الدية عندنا إما مائة من الابل أخماسا أو أرباعا ، و روي ذلك أجمع ، أو مائتان من
إذا أعوزت الابل بأن لا توجد إبل أو توجد بأكثر من ثمن مثلها
إذا كانت له إبل من غير ابل البلد فأراد أن يعدل إلى إبل البلد
أصناف الدية : مائة من الابل ، مائتان من البقر ، ألف من الغنم ، ألف دينار عشرة ألف درهم ، مائتا حلة وكل واحد أصل بنفسه
البقر ، أو ألف من الغنم ، أو ألف دينار أو عشرة ألف درهم ، أو مائتا حلة .و كل واحد من هذه الاجناس الستة أصل في نفسه ، و ليس بعضها بدلا عن بعض .هذا إذا كانت على العاقلة فأما إن كانت على القاتل ، و هو إذا قتل عمدا أو اعترف بالخطأ أو كان شبيه العمد فالحكم فيه كالحكم في العاقلة سواء عندنا و عندهم و قد مضى شرحه ، و إن كانت إبله نوعا واحدا أخذنا و إن كانت أنواعا إن شاء أعطى نوعا واحدا ، و إن شاء من كلها بالحصة .و إن كانت له إبل من إبل البلد ، فأراد أن يعدل عن إبله إلى إبل البلد ، فان كانت دون إبله لم يكن له ، و إن كانت فوقها فقد تطوع بالفضل ، و هكذا لو طلب الولى إبله ، و كانت أعلى من إبله لم يكن له ، و هكذا في القيمة إن طلب الولى القيمة و أبى القاتل إلا الابل أو بذل القاتل القيمة فأبا الولى إلا الابل لم يكن له عندهم ، لان الواجب الابل فلا يعدل عن الواجب بغير تراض ، كما لو أتلف على رجل طعاما فعليه مثله ، و لا يعدل عن المثل بغير تراض .و الذى يقتضيه مذهبنا أنه إذا كان من أهل الابل فبذل القيمة قيمة مثله كان له ذلك ، و إن قلنا ليس له ذلك كان أحوط ، فأما إن كان من أهلها فطلب الولى منه القيمة ، لم يكن له ذلك ، فأما إن كانت إبله مراضا أو نحافا أو جربة لم يقبل منه إلا السمينة .قد قلنا إنه إذا كان من أهل الابل فالأَحوط أن لا يعدل عنها مع وجودها لقوله عليه السلام و في النفس مائة من الابل فان أعوزت الابل بأن لا توجد إبل أو توجد بأكثر من ثمن مثلها ، قال قوم ينتقل إلى قيمة الابل حين القبض ألف دينار أو اثنى عشر ألف درهم ، فالدية على هذا الابل ، و القيمة بدل عنها لا عن النفس .و قال بعضهم ينتقل إلى أحد أصلين ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم كل واحد منهما بدل عن النفس لا عن الابل ، فيكون الدية ثلثة أصول : مائة من الابل أو ألف - دينار أو اثنى عشر ألف درهم ، كل واحد منها بدل عن النفس إلا أن للابل مزية و هو
أنها متى وجدت لم يعدل عنها .و قد قلنا إن عندنا ستة أصول كل واحد أصل في نفسه ، و ليس بعضها بدلا عن بعض ، بل كل واحد منها بدل عن النفس ، و هي مائة من الابل أو ألف دينار أو عشرة ألف درهم أو مائتا بقرة ، أو ألف شاة من الغنم ، أو مائتا حلة ، و كل من كان من أهل واحد من ذلك اخذ ذلك منه مع الوجود ، فإذا لم يوجد أخذ أحد الاجناس الاخر و سواء كانت بقيمة الابل أو دونها أو فوقها .] دية الموضحة [ في الموضحة خمس من الابل سواء كانت في الرأس أو على الوجه أو على الانف و فيه خلاف ، و المعتبر الاسم صغرت الموضحة أو كبرت ، لانها لو كانت مثل غرز إبرة أو نقر في طول الرأس كله فالمقدر لا يختلف بالصغر و الكبر ، لظاهر الخبر ، لانه عليه السلام قال في الموضحة خمس من الابل ، و لم يفصل .و لا فصل بين أن يكثر شينها أو يقل لما مضى و لا فرق بين أن يكون في مؤخر رأسه أو مقدمه ، لظاهر الخبر ، و لا فرق بين أن يكون على الجبهة أو على الجبين أو تحت الشعر لا يرى أو يكون مشاهدا ، الباب واحد .إذا أوضحه موضحتين ففى كل واحد منهما خمس من الابل ، لقوله في الموضحة خمس من الابل ، و لقوله و في المواضح خمس خمس .فان عاد الجاني فخرق ما بينهما حتى صارتا واحدة ففيها أرش واحد لانه صيرهما واحدة بفعله كما لو أوضحه ابتداء منه لان فعل الواحد يبنى بعضه على بعض بدليل أنه لو قطع يده و رجله ثم عاد فقتله فالدية واحدة لان الجاني واحد .فان كانت بحالها و لم يخرق بينهما ، لكن سرت الموضحة فذهب ما بينهما ، ففى الكل أرش موضحة واحدة ، لان السراية من فعل الجاني سرت .
إذا أوضحه موضحتين ثم عاد فنقب من أحدهما إلى الاخرى
إذا مد السكين إلى قفاه فأوضح الراس والقفا
إذا شجه فكان بعضها موضحة وبعضها سمحاقا وبعضها متلاحمة
اختلفا فقال الجانى أنا شققت ما بينهما فعلى موضحة وقال المجنى عليه بل أنا فعلت وعليك أرش موضحتين
المسألة بحالها : فجاء أجنبى فشق ما بينهما
فأما إن جنى أجنبي فشق ما بينهما ففي الكل أرش ثلاث مواضح : اثنتان من الاول ، و الثالثة من الثاني ، لان فعل الاثنين لا يبنى بعضه على بعض ، فأما إن شق ما بينهما المجني عليه فالفعل هدر ، و على الجاني أرش موضحتين ، كما لو قطع رجل يديه ثم قتل هو نفسه ، فان فعله هدر و على الجاني دية اليدين .فان اختلفا فقال الجاني أنا شققت ما بينهما فعلى موضحة واحدة ، و قال المجني عليه بل أنا فعلت ذلك ، فعليك أرش موضحتين ، فالقول قول المجني عليه ، لان الظاهر أرش موضحتين ، فلا يقبل قول الجاني في إسقاط ذلك و هذا يدل على أنه إذا قطع يدي رجل و رجليه و مضت مدة يندمل فيها ثم مات فقال الجاني مات بالسراية فعلى دية واحدة ، و قال الولى مات بغير سراية ، وجب أن يكون القول قول الولى لان الظاهر وجوب ديتين حتى يعلم غيره .فان شجه فكان بعضها موضحة و بعضها سمحاقا و بعضها متلاحمة ، و بعضها خارصة فالكل موضحة واحدة لانها لو كانت كلها موضحة لم تزد على أرش موضحة .فان مد السكين إلى قفاه فأوضح الرأس و القفا ، ففي موضحة الرأس مقدر ، و في الزيادة إلى القفا حكومة ، لانهما عضوان محلهما مختلف ، فان مد السكين إلى جبهته فأوضح الرأس و الجبهة معا قال قوم هما موضحتان ، لانهما عضوان ، و قال آخرون موضحة واحدة لانه إيضاح واحد في محل الايضاح ، و هو الاقوى ، و الاول قوى .فان أوضحه موضحتين فعليه أرشهما ، فان عاد الجاني فأخذ السكين فنقب من أحدهما إلى الاخرى فجعلهما واحدة في الباطن اثنتين في الظاهر ، قال قوم هما موضحتان اعتبارا بالظاهر ، كما لو شجه هاشمتين في الظاهر دون الباطن ، فانهما هاشمتان ، و قال آخرون موضحة واحدة اعتبارا بالباطن .هذا كله في الشجاج في الرأس و الوجه فأما إذا جرحه على الاعضاء في محل ينتهى إلى عظم كالساعد و العضد و الساق و الفخذ ففيها القصاص ، و أما الارش ففيها
إذا أوضحه في موضعين وهشم العظم في كل منهما واتصل الهشم في الباطن
إذا هشمه من غير شق لحم ولا جرح
إذا كان بعضها هشما وبعضها إيضاحا وبعضها سمحاقا وبعضها متلاحمة
إذا كانت الهاشمة عمدا يوجب القصاص ففى الايضاح القود ولا قصاص فيما زاد عليه من الهشم
* دية الهاشمة * معنى الهاشمة وأن فيها عشر من الابل بالسنة
حكومة عندهم ، و ليس فيها مقدر و عندنا فيها مقدر و هو نصف عشر دية ذلك العضو .] دية الهاشمة [ الهاشمة هي التي تزيد على الايضاح حتى تهشم العظم ، و فيها عشر من الابل عندنا و عند جماعة ، ثم ينظر فان كانت خطأ فهي أخماس عندهم ، و عندنا أرباع ، كما قلنا في دية النفس ، و إن كانت عمد الخطأ ففيها عشر أثلاثا بلا خلاف ، و في عمد الخطأ عليه فيما له و في الخطأ على العاقلة و عندهم الجميع على العاقلة .و إن كانت عمدا محضا ففي الايضاح القصاص ، و لا قصاص فيما زاد عليه من الهشم و غيره بلا خلاف ، و يكون المجني عليه بالخيار بين أن يعفو عن القصاص على مال ، فيكون له على الجاني عشر مغلظة حالة ، و بين أن يقتص من الموضحة و يأخذ لاجل الهشم خمسا .فان كان بعضها هشما و بعضها إيضاحا و بعضها سمحاقا و بعضها متلاحمة ، و بعضها باضعة ، فالكل هاشمة واحدة ، لانها لو كانت بطونها هشما كان الكل هاشمة كما قلنا في الموضحة .فان كان هناك هشم من شق لحم و لا جرح ، قال قوم فيها حكومة لانه كسر عظم فأشبه عظم الساعد و الساق .و قال قوم فيها خمس من الابل لانه لو أوضح من كسر كان فيها خمس و لو أوضح و كسر كان فيها عشر فوجب إذا كان هناك هشم من إيضاح أن يكون فيها خمس ، و يفارق كسر الساعد و الساق ، لانه لو كان هناك إيضاح من كسر لم يكن فيها مقدر ، فكذلك في كسر العظم من هذا المكان ، و الذى يقتضي مذهبنا أن نقول إن فيها عشرا من الابل لتناول الاسم له .فان أوضحه في موضعين و هشم العظم في كل واحدة منهما ، أنه اتصل الهشم في الباطن فصارت هاشمة واحدة ، و ظاهرهما بينهما لحم و جلد قائم فهما هاشمتان .
* دية الخارصة والباضعة * الخارصة فيها بعير والباضعة فيها بعيران والمتلاحمة فيها ثلاثة والسمحاق فيها أربعة
إذا أوضحه واحد ثم زاد آخر هشما ثم زاد آخر فجعلها منقلة . . . .
* دية المأمومة والدامغة * معنى المأمومة والدامغة ، وأن فيهما ثلث الدية
* دية المنقلة * في المنقلة ويقال لها المنقولة خمس عشرة من الابل ولا قصاص فيها
] دية المنقلة [ فأما المنقلة و يقال لها المنقولة ، ففيها خمس عشرة من الابل بلا خلاف لان النبي صلى الله عليه و آله قال و في المنقلة خمس عشرة ، و لا قصاص فيها بلا خلاف ، و المجني عليه بالخيار بين أن يعفو عن قود الايضاح منها و يأخذ كمال ديتها خمس عشرة ، و بين أن يقتص في الموضحة و يأخذ منه ما زاد عليها عشرا من الابل على ما قلناه في الهاشمة .] دية المأمومة و الدامغة [ فأما المأمومة فهي التي تبلغ ام الرأس ، وام الرأس الخريطة التي فيها الدماغ لان الدماغ في خريطة من جلد رقيق ، و الدامغة تزيد على المأمومة بأن يخرق الخريطة و اتصل إلى جوف الدماغ ، و الواجب فيهما سواء ثلث الدية بلا خلاف ، لقوله عليه السلام في المأمومة ثلث الدية ، و المجني عليه بالخيار بين أن يعفو عن قود الموضحة و يأخذ كمال ديتها ثلث الدية ، و بين أن يقتص من الجاني موضحة و يأخذ ما بقي إلى المأمومة ثمانية و عشرين بعيرا و ثلث بعير .فان أوضحه واحد ثم زاد آخر هشما ثم زاد آخر فجعلها منقلة ثم زاد آخر فجعلها مأمومه ، فعلى الاول ما بين الموضحة و الهاشمة خمس ، و على الثاني ما بين الهاشمة و المنقلة خمس ، و على الثالث ما بين المنقلة و المأمومة ثمانية عشر و ثلث .] دية الخارصة و الباضعة ..[ ما دون الموضحة عندنا فيه مقدر : الخارصة ، و هي الدامية فيها بعير و في الباضعة بعيران ، و في المتلاحمة ثلثة أبعرة ، و في السمحاق أربعة أبعر ، و من خالف جعلوها خمسة : جعلوا الدامية الخارصة ، و فيهم من جعلها ستة زاد بعد الداميه الدامغة
كل شجة فيما عدا الرأس والوجه ففيها الحكومة وعندنا فيه مقدر
قيل : إذا علم قدرها من الموضحة فالاعتبار بالمساحة كما في قطع اللسان
وعندهم فيها حكومة لا يبلغ أرش الموضحة والاعتبار بالشين
و أيها كان فلا قصاص في شيء منها عندهم و فيها حكومة لا يبلغ أرش المقدر في الموضحة و الاعتبار فيها بالشين فكلما كان الشين أكثر كانت الحكومة أكثر .و قال بعضهم هذا إذا لم يعلم قدرها من الموضحة ، فأما إن علم قدرها منها و ذلك يعلم بأحذ أمرين : إما أن يكون إلى جنب موضحة فيعرف عمقها و عمق الموضحة فيعلم قدرها أو يكون هذه الشجة في شق الموضحة يمد حد السكين في اللحم فيبضعه فيعرف قدر ذلك .فإذا علمنا بالمساحة نصفا أوجبنا فيه ذلك أو ما زاد أو نقص بحسابه ، فان تحقق النصف و شك في الزيادة رجع إلى التقويم ، فان بان بالتقويم النصف فلا كلام و إن بان دون النصف أخذ النصف و علم غلط المقوم ، و إن كان أكثر من النصف بالتقويم أوجب الاكثر ، لان ذلك الشك في الزيادة قد ظهر بالتقويم .كما يقال فيه إذا قطع لسانه اعتبر بالمساحة ، فان كان قطع نصفه أوجب نصف الدية ، و ما زاد أو نقص بحسابه ، فان علم النصف و شك في الزيادة اعتبر بالحروف ، فان بان أنه قد ذهب نصفها فلا كلام ، و إن كان قد ذهب دون النصف أخذ نصف الدية و تركت الحروف ، و إن كان قد ذهب من الحروف أكثر أوجب بقدر الحروف ، لانا تبينا به أن الزيادة على النصف التي شككنا فيها قد ذهب بالشك ، فلهذا أوجبنا أكثر من النصف .قد قلنا ما عندنا في الجراح و أما اللسان فالاعتبار عندنا بالحروف لا على ما سيجئ بيانه .و كل شجة فيما عدا الرأس و الوجه ففيها الحكومة ، و إذا انتهت الشجة إلى العظم في عضو كالعضد و الساعد و الفخذ ففيه القود ، و في الموضحة فيها عندنا نصف عشر دية ذلك العضو ، و عندهم فيه حكومة ، و فيما عداه مقدر ذكرنا شرحه في تهذيب الاحكام .
إذا أجافه رجل وجاء آخر فادخل السكين في موضع الجائفة فيها خمس مسائل
إذا جرح موضعا ثم مده إلى محل الجائفة فأجافه
* دية الجائفة * معنى الجائفة وأن فيها ثلث الدية
] دية الجائفة [ و أما الجايفه ففيها ثلث الدية بلا خلاف ، لقوله عليه السلام : في الجايفة ثلث الدية ، و الجايفة هى التي تخرق إلى الجوف من بطن أو ظهر أو صدر أو ثغرة نحر أو من جنب أو من غيره ، فكل هذا جائفة ، فأما إن جرح موضعا ثم مده إلى محل الجائفة فأجافه مثل أن يجرح فخذه و لم يزل يمد السكين حتى وصلت إلى محل الجائفة فأجافه أو قطع كتفه و لم يزل حتى مد السكين فأجافه ، فعليه ثلث الدية ، و حكومة فيما جنا على محلها كما لو أوضحه ثم مد السكين إلى قفاه ، فعليه دية موضحة و حكومة في الزيادة إلى القفا .فان أجافه رجل و جاء آخر فأدخل السكين في نفس هذه الجائفة ، ففيها خمس مسائل : إحداها إن لم يجرح شيئا و لم يحصل بها جناية فعليه التعزير ، لانه آذاه و لا أرش ، لانه ما جرحه .الثانية وسعها من باطن دون الظاهر ، أو من ظاهر دون الباطن فعليه حكومة لانها جراحة هي دون الجائفة .الثالثة وسعها من ظاهر و باطن معا ، فهذه جائفة لانه لو انفرد بهذا القدر كان جائفة .الرابعة أدخل السكين فلم يؤثر في الثقب شيئا لكنه طعن عضوا من الاعضاء الشريفة كالكبد و الطحال فعليه حكومة لانه لا مقدر فيها .الخامسة كانت الجائفة واسعة ، فأبان حشوته ، فالأَول جارح عليه ثلث الدية و الثاني قاتل عليه كمال الدية .فان خيط جائفته ثم جاء آخر ففتقها ففيه ثلاث مسائل نظرت ، فان كان قبل الاندمال فلا ضمان عليه ، و عليه التعزير لانه ما جرحه و إنما آذاه ، و إن كان قد التحم بعضها من داخل أو خارج ففتق ما التحم ، ففيها حكومة لانه بعض جائفة .
* دية السمع * إذا ثبت أن سمعه ذهب بفعل الجانى ففيه الدية
إذا قطعهما قاطع بعد الشلل
* دية الاذنين * في الاذن دية والاعتبار بحساب الاجزاء
إذا جرحه في وجنتيه فشق الجلد واللحم والعظم ودخل إلى جوف الفم
إذا جرحه فأجافه وأطلعها من ظهره أهما جائفتان ؟
إذا خيط جائفته ثم جاء آخر ففتقها ففيه ثلاث مسائل
الثالثة اندملت ثم جاء ففتقها فهي جائفة فعليه ثلث الدية ، فان أجافه جائفتين جميعا من ظاهر إلى داخل فعليه ثلثا الدية .فأما إن جرحه فأجافه و أطلعها من ظهره ، قال قوم هما جائفتان ، و منهم من قال : جائفة واحدة ، و هو الاقوى ، لان الجائفة ما نفذت إلى الجوف من ظاهر .فان جرحه في وجنتيه فشق الجلد و اللحم و كسر العظم ، و دخل إلى جوف الفم ، قال قوم هي جائفة فيها ثلث الدية ، لانها وصلت إلى جوف الفم ، و قال آخرون ليست جائفة لان الجائفة أن يصل إلى جوف يكون منه التلف غالبا ، و هذا معدوم فعلى هذا تكون هاشمة ، و ما زاد عليها إلى الفم حكومة ، و عندنا فيه مقدر ذكرناه في النهاية و غيره .] دية الاذنين [ الاذنان فيهما الدية و يجب بقطع اشرافهما و هو الاذن و المعروف الجلد القائم بين العذار و البياض التي حولها ، و في كل واحدة منهما نصف الدية لقوله عليه السلام في كتاب عمرو بن حزم و في الاذنين الدية .فان قطع بعض الاذن ففيها بحساب ذلك من الدية سواء قطع من أعلاها أو من أسفلها ، فان جنا عليهما فشلتا و استحشفتا ، قال قوم فيهما الدية ، و قال آخرون : فيهما حكومة ، و عندنا فيهما ثلثا الدية .فان قطعهما قاطع بعد الشلل فمن قال إذا شلتا فيهما الدية ، قال إذا قطعتا بعد هذا ففيها حكومة ، و من قال ففى شللهما حكومة ، قال ففي قطعهما بعد الشلل الدية كما لو جنى على عضو فيها حكومة ثم قطعه قاطع ، فعلى القاطع القود ، و عندنا يجب على من قطعهما بعد الشلل ثلث الدية لا تمام الدية .] دية السمع [ و في السمع الدية بلا خلاف لقوله عليه السلام و في السمع الدية ، فإذا ثبت ذلك فقال المجني عليه ذهب سمعي بفعل الجاني فان صدقه ، قال قوم يسئل أهل الخبرة ، فان قالوا قد أسند الصمم و أيس منه أخذ منه الدية في الحال ، و إن قالوا إنه يصبر
إلى مدة فان عاد سمعه و إلا فقد استقر صبرنا إلى ذلك الوقت ، فان لم يعد فقد استقرت الدية و إن كذبه الجاني فقال ما ذهب سمعه صيح به عند غفلاته و تأمل عند صوت الرعد ، فان ظهر أنه قد سمع فالقول قول الجاني ، لان الظاهر معه ، و يلزمه اليمين لجواز أن يكون ما شوهد منه اتفاقا ، فيحلف ليزول الاحتمال ، و إن لم يحس بشيء أصلا فالقول قول المجني عليه ، لان الجناية قد حصلت و الظاهر أنه صادق لانه لو لم يفزع عند الصوت و لا يمكن اقامة البينة عليه ، فالقول قوله مع يمينه ، لجواز أن يكون ما سمع على سبيل الاحتراز و التجلد فحلفناه ليزول الاشكال .فأما إن ذهب سمع احداهما ففيها نصف الدية ، فان ذكر أنه قد نقص سمعه فلا سبيل إلى معرفة صدقه بحال و يكون المرجع فيه إليه أن يحلف أنه قد نقص ثم الحاكم يجتهد في إيجاب حكومة فيه بقدر ما نقص ، فان ذكر أنه نقص سمع احداهما سددناها و أطلقنا الصحيحة و أقمنا رجلا يكلمه و يحدثة و هو يتباعد عنه إلى حيث يقول إنه لا يسمع ما يقول ، فإذا قال هذا اعيد عليه الصوت و الكلام ، فانه يبين كذبه .فإذا عرفنا مدى صوته سددنا الصحيحة و أطلقنا العليلة ، و لا يزال يكلمه حتى ينتهي إلى حيث يقول إنه لا يسمع ، فإذا قال هذا اعيد عليه الكلام ليظهر صدقه ، فإذا عرفنا هذا مسحنا المسافتين معا ، و نظرنا ما بينهما ، فأوجبنا عليه بالحصة من الدية و هذا مثل ما رواه أصحابنا من اعتبار الخرس من أربع جوانب .فاما إن قطع اذنيه فذهب سمعه كله فعليه ديتان : دية في الاذنين ، ودية في السمع .] دية العقل [ في العقل الدية بلا خلاف لقوله عليه السلام في كتاب عمرو بن حزم و في العقل الدية و روى جابر عنه عليه السلام مثله ، فإذا ثبت ذلك ، فان ذهب عقله كله ففيه الدية و إن ذهب بعضه : فان كان مقدرا و إنما يعرف هذا بأن يجن يوما و يفيق يوما فيعلم أن نصفه قد ذهب أو يجن يوما و يفيق يومين ، أو يجن يومين و يفيق يوما ، فإذا كان معروفا بالزمان أوجبنا من الدية بحسابه ، و إن كان الذاهب من عقله مقدر ،
إذا جنى عليه جناية فادعى المجنى عليه أن ضوء عينه قد ذهب
* دية العينين * في العينين الدية ، كما أن في ذهاب ضوئهما الدية
إذا جنى جنايه ذهب بها عقله وكانت الجناية لها أرش فهل يدخل في دية العقل
مثل أن صار يخاف من خوف ، و يفزع من الصياح ، و يستوحش في موضعه ، فهذا مدهوش لا يعلم قدر ما زال من عقله ، فالواجب فيه أرش الجناية على ما يراه الحاكم و متى جنى عليه جناية ذهب بها عقله لم يخل الجناية من أحد أمرين إما أن يكون فيها أرش أولا أرش فيها ، فان لم يكن فيها أرش كاللطمة و اللكمة ودق الرأس بما لا يشج و لا يكسر شيئا فليس في شيء من هذا أرش ، و إنما عليه التعزير فيعزر و عليه دية العقل كاملة .و إن كانت الجناية لها أرش قال قوم لا يدخل أرشها في دية العقل ، سواء كان أرشها دون دية العقل ، كالموضحة و المنقلة و المأمومة و غيرها ، أو كان مثل دية العقل أو أكثر ، كما لو قطع يديه و رجليه و قلع عينيه ، فانه يجب عليه في الجناية ما يجب فيها لو انفردت ، ودية العقل واجبة مع ذلك و هذا هو مذهبنا .و قال بعضهم إن كان أرش الجناية دون دية العقل ، دخل في دية العقل كالموضحة و الجائفه و المأمومة ، و كسر الساعد و العضد و نحو هذا ، و إن كان أرش الجناية أكثر من دية العقل دخل دية العقل فيه كما لو قطع يديه و رجليه فذهب عقله ، و جملته أن الاقل منها يدخل في الاكثر و إذا ثبت أن دية الاطراف لا يدخل في ديته ، فانه لا قصاص فيه لان محله مختلف فيه ، منهم من قال محله الدماغ ، و منهم من قال القلب ، و منهم من قال بينهما ، فإذا كان كذلك لا يمكن القود .] دية العينين [ و في العينين الدية لقوله عليه السلام و في العينين الدية و في احداهما نصف الدية بلا خلاف ، و إذا جنى عليه جناية فذهب بها ضوء عينيه فعليه الدية لما رواه معاذ أن النبي صلى الله عليه و آله قال : و في البصر الدية فإذا ثبت أن فيهما و في ضوئهما الدية فلا فصل بين أن يكونا صغيرتين أو كبيرتين ، مليحتين أو فبيحتين ، عمشاوين أو صحيحتين .و متى جنى عليه جناية فادعى المجني عليه أنه قد ذهب ضوؤه مثل أن لطمه أو أوضحه أو دق رأسه ، فذكر أن ضوءه ذهب اريتاه رجلين عدلين من أهل الخبرة بذلك إن كانت الجناية عمدا أو رجلا و إمرأتين إذا كانت خطأ ، فان زعموا أن البصر بحاله سقط قوله ، و إن قالوا قد ذهب بصره قيل فهل يرجى عوده ؟ نظرت ، فان قالوا
المسألة بحالها : فنقص ضوء إحدى عينيه فالاعتبار اسهل
إذا جنا عليه فنقص بصره فكيف يعتبر النقص
إذا ثبت أن ضوء العين ذهب بفعل الجانى فجاء أجنبى فقلع العين
لا يرجى فقد استقر القصاص أو الدية .و إن قالوا يرجى عوده لكنه لا نحده أنا لا نايس من عوده إلا بموته فعليه القود أو الدية ، لانه قد علق بمدة يفضي إلى سقوط الضمان و إن قالوا يرجى إلى سنة و لا يرجى بعدها ، أمهلناه لانه لا يموت بالتأخير إلى مدة معلومة ، فان انتهت المدة و لم يعد استقر القصاص أو الدية .فان مات قبل انتهاء المدة استقر القصاص أو الدية لانه قد تحقق عدم البصر فان اختلفا فقال الجاني بصره عاد قبل وفاته ، و قال وليه لم يعد ، فالقول قول الولى لان الاصل أنه ما عاد حتى يعلم عوده .فان كانت بحالها و لم يمت في المدة لكن جاء أجنبي فقلع العين كان على الاول القود أو الدية ، و على الثاني حكومة ، و عندنا عليه ثلث دية العين لان الاول ذهب بالضوء ، و الثاني قلع عينا لا ضوء لها فهي كعين الاعمى ، فان اختلف الجانيان فقال الاول عاد ضوؤهما فلا شيء على لانك قلعتها بعد عوده ، و قال الثاني ما كان عاد فلا قود علي و لا دية ، فالقول قول الثاني مع يمينه .فان قال المجني عليه صدق الاول قد كان عاد بصري ، قلنا له فقد أبرأت الاول عن الضمان ، و شهادتك لا يقبل على الثاني ، لانك تريد أن يلزمه القود لك أو الدية بقولك ، فلهذا لم يقبل قوله .إذا جنا عليه فنقص بصره ، فان ذكر أنه قد نقص بصره في العينين معا لم يمكن معرفة قدره و لا سبيل إلى معرفة ذلك إلا من جهته ، فكان القول قوله مع يمينه ، فإذا حلف قضى له الحاكم بقدر ما يؤدى اجتهاده إليه ، و روى في أخبارنا أن عينيه تقاسان إلى عين من هو في سنه و يستظهر عليه بالايمان .فأما إذا نقص ضوء احداهما أمكن اعتباره بالمسافة ، و هو أن يعصب العليلة و يطلق الصحيحة و ينصب له شخص على نشز أو تل أو ربوة أو في مستو من الارض فكلما ذكر أنه يبصره فلا يزال يباعد عليه حتى ينتهى مدى بصره فإذا قال : قد انتهى ، ما عليه لون الشخص حتى يعلم صدقه من كذبه ، لان قصده أن يبعد المدى فانه
إذا قلع عينه فقال المجنى عليه كانت بصيرة وقال الجانى انما كانت عمياه
إذا قلع عينا فيها بياض على بياضها أو على سوادها أو على الناظر من دون أن يحجز البصر
المسألة بحالها : فزعم أهل الخبرة أن بصره يقل إذا بعدت ويكثر إذا قربت
كلما بعد و قصر مدى البصر العليلة ، كان أكثر لحقه ، فلهذا غيرنا الشخص .فإذا عرفنا قدر المسافة ذرعا عصبنا الصحيحة ، و أطلقنا العليلة و نصبنا له شخصا و لا يزال يتباعد عنه حتى يقول لا ابصره بعد هذا ، و قصده ههنا تقليل المسافة ليكثر حقه فإذا فعل هذا أدرنا بالشخص من ناحية إلى ناحية و كلفناه أن ينظر إليه ، فان اتفقت المسافتان علم صدقه ، و إن اختلفتا علم كذبه ، فلا يزال معه حتى يسكن النفس إلى صدقه ، فيمسح المسافة ههنا ، و ينظر ما بين المسافتين ، فيؤخذ بالحصة من الدية مثل السمع سواء .و إن زعم أهل الخبرة و الطب أن بصره يقل إذا بعدت المسافة ، و يكثر إذا قربت ، و أمكن هذا في المذارعة عملت عليه ، بيانه أن يقال الرجل يبصر إلى مائة ذراع ، و هذا منتهى بصره ، فإذا أراد أن يبصر على مائتي ذراع احتاج إلى ضعفي ذلك البصر لبعده ، فعلى هذا إذا أبصر بالصحيحة إلى مائتي ذراع و البصر بالعليلة إلى مائة علمنا أنه قد نقص ثلثا ضوئها لانها لا يستدرك المائة التي بعد هذه المائة الا بضعفى بصره ، فيعلم أنه قد نقص ثلثا ضوئها ، فنوجب ثلثي الدية ، و هذا عندي أنه لا يضبط .فان قلع عينا فيها بياض على بياضها أو سوادها أو على الناظر أنه لا يحجز البصر ، و عين الجاني ليس ذلك عليها قلعناها بها لان هذا لا يغير حكمها ، فهو كالثؤلول على اليد ، و يد الجاني لا شيء عليها فانها يقطع بها ، فان نقص بصره بهذا البياض و ضوؤهما فان عرف لذلك قدر أوجبت الدية بالحصة فيها ، و أما القصاص فلا يجب لانه لا يوخذ السليمة الصحيحة بالناقصة و إن لم يعرف قدر نقصان الضوء ففيها حكومة و إن جنا عليها فبدرت أو شخصت أو احولت ففيها حكومة لانه شين .نام كتاب : المبسوط جلد 7 مصحح : مهجور فايل 10 : از 129 تا 144 إذا قلع عينه فقال المجني عليه كانت بصيرة و قال الجاني كانت عمياء ، فان لم يسلم له الجاني ذلك ، بل قال ولد اعمى فالقول قول الجاني مع يمينه ، لان هذا مما لا يتعذر على المجني عليه اقامة البينة به ، فان هذا لا يخفى على أهله و عشيرته و جيرانه و معامليه .
إذا جنى عليه فأتلف الشعر والاجفان فالدية ثابتة وهل في الشعر حكومة
* دية الاجفان * في الاربعة اجفان دية كاملة بحكم السنة
كلام فيما يصح تحمل الشهادة على أنه كان يبصر
و إن سلم أنه كان يبصر بها لكنه خالفه فقال ذهبت ثم جنيت عليها قال قوم القول قول المجني عليه لان الاصل السلامة حتى يعلم غيرها و قال آخرون الاصل براءة ذمة الجاني فالقول قوله مع يمينه و هما جميعا قويان و الاول أقوى فأما الكلام فيما يصح تحمل الشهادة عليه أنه كان يبصر فهو أن يتبع الشخص بصره ، و يتوقى بعينه ما يتوقى البصير في طرفه و نحوه ، و يشاهد بتجنب البئر في طرفه و غيرها ، و يعدل في العطفات خلف من يطلبه فإذا شاهدوه هكذا فقد تحملوا الشهادة على أنه بصير لان هذه أفعال البصير ، و هكذا الشهادة على صحة اليدين فهو أن يشاهد ببطش بهما بصنعة يعلمها أو كتابة و نحو ذلك .فإذا عرف هذا عرف السلامة و يصح أن يشهد لليدين بالصحة و كذلك الصبي و المعتوه متى علم أنه صحيح فهو على الصحة حتى يعلم غيرها ، و لا فرق بين الصغير و الكبير في هذا الباب أكثر من المنازعة بين الجاني و بين وليه إذا كان مولى عليه ، و بينه و بين المجني عليه إذا كان رشيدا و إذا توجهت اليمين على الرشيد حلف ، و إذا توجهت على المولى عليه لم يحلف و لا وليه و ترك حتى إذا بلغ الصبي و عقل المجنون حلف .] دية الاجفان [ في الاربعة أجفان الدية كاملة و في كل واحدة منهما مائتان و خمسون دينارا و روى اصحابنا أن في السفلى ثلث ديتها ، و في العليا ثلثاها و قال بعضهم فيها الحكومة و متى قلعت الاجفان و العينان معا ففى الكل ديتان ، فان جنى على احداهما فأعدم إنباتها ففيها حكومة عند بعضهم و قال قوم فيها الدية و هو الذي يقتضيه مذهبنا .فان أتلف الشعر و الاجفان ، قال قوم فيه دية فقط و الشعر تبع ، كما لو قطع اليد و عليها شعر ، و قال آخرون في الاجفان دية و حكومة في الشعر لان شعر العينين فيها جمال و منفعة ، و شعر اليد لا جمال فيه و لا منفعة ، و يقتضى مذهبنا أن فيها ديتين .
إذا جنى على أنفه فصار أشل أو ذهب شمه
إذا قطع المارن من دون أن يبينه بل كان متعلقا بجلده فأعاده فالتزق
إذا قطع المارن وأبانه فأعاده المجنى عليه والدم جار فالتزق والتحم
إذا كان قطع كل المارن ففيه الدية كاملة وإن قطع بعضه فبالحصة
* دية الانف * في الانف الدية والاعتبار بالمارن دون القصبة
] دية الانف [ و في الانف الدية بلا خلاف لقوله عليه السلام و في الانف الدية و في الانف إذا أوعى جذعا مائة من الابل ، و معنى أوعى استوعب و عن على عليه السلام في الانف مائة من الابل ، فإذا ثبت أن فيه الدية فانما الدية في المارن و هو ما لان منه و هو دون قصبة الانف و ذلك المنخران و الحاجز إلى القصبة .فان كان قطع كل المارن ففيه الدية كاملة و إن قطع بعضه ففيه بالحصة مساحة كما قلنا في الاذن فان شق الحاجز بين المنخرين ففيه حكومة سواء اندمل أو بقي منفرجا أنه إذا كان منفرجا فالحكومة فيه أكثر منه إذا كان ملتحما .فان قطع إحدى المنخرين قال قوم فيه ثلث الدية لان هناك حاجزا و منخرين فإذا قطع منخرا واحدا ففيه ثلث الدية و قال بعضهم فيه نصف الدية و هو مذهبنا لانه ذهب بنصف المنفعة و نصف الجمال .فان قطع المارن و أبانه فأعاده المجني عليه و الدم جار فالتزق و التحم فعلى الجاني كمال الدية ، لانه لا يقر على هذا فالإِمام يجبره على قلعه لانه ميتة لا يصح صلوته معه .فأما إن لم يبن المارن لكنه تعلق بجلده ، فأعاده و الدم جار فالتزق فلا دية لانه ما أبانه و عليه حكومة لانها جناية اندملت و لا مقدر فيها فان قطع الانف و القصب معا فعليه دية و حكومة في القصبة و هكذا لو قطع المارن و ألحم الذي تحته إلى الشفة ففيه دية و حكومة في الزيادة .فان جنى على أنفه فصار أشل قال قوم فيه الدية كاملة ، و قال آخرون : فيه حكومة و عندنا فيه ثلثا الدية ، فأما إن جنى على أنفه فصار معوجا ففيه حكومة كما لو جنا على أصبعه فأعوجت .إذا جنى على أنفه فذهب شمه ففيه الدية بلا خلاف لقوله عليه السلام في الشم الدية فان اختلف هو و الجانى فقال ذهب شمى و قال الجاني ما ذهب و هو بحاله اغتفل
إذا شق شفته فاندمل ففيه فرعان
إذا جنا عليها جان فيبستا حتى صارتا مقلصتين
* دية الشفتين * في الشفتين الدية وفي عليا هما ثلثا الدية وفي السفلى ثلث الدية
إذا قطع أنفه فذهب بذلك شمه
إذا ادعى المجنى عليه أن شمه قد نقص
بالروايح الطيبة و المنتنة من خلفه فان هش الطيب و تنكر المنتنة علمنا أنه كذب ، و كان القول قول الجاني ، و إن لم يتغير لذلك فالقول قوله مع يمينه ، و له الدية .فان ادعى نقص شمه كان القول قوله لانه لا يتوصل إليه إلا من جهته ، فالجناية قد حصلت فالقول قوله ، و الحاكم يوجب فيه بقدر ما يؤدى إليه اجتهاده من الحكومة فان أخذ دية الشم ثم عاد شمه رد الدية لانا تبينا أنه ما زال شمه و إنما حال دونه حائل ثم ذهب الحايل .فان قطع أنفه فذهب شمه ففيه ديتان كما لو قطع أذنه فذهب سمعه ، فإذا أخذنا دية الشم ثم إن المجني عليه وضع يده على أنفه فستره فقال الجاني قد عاد شمه و لو لا هذا ما وضع يده على أنفه فالقول قول المجني عليه لانه قد يضع يده على أنفه حكا و عبثا و امتخاطا و سترا من الحر و البرد و غير ذلك و قد يضع لما قال الجاني فإذا احتمل هذا سقط قول الجاني ، و كان القول قول المجني عليه إنه ما عاد .] دية الشفتين [ في الشفتين الدية كاملة و في السفلى عندنا ثلثا الدية و في العليا ثلث الدية ، و و به قال بعض الصحابة ، و قال المخالف بينهما نصفين ، و سواء كانتا غليظتين أو دقيقتين أو طويلتين أو قصيرتين لا يختلف الحكم فيه .فأما إن جنا عليها جان فيبستا حتى صارتا مقلصتين لا تنطبقان على الاسنان أو استرختا فصارتا لا يتقلصان عن الاسنان إذا كشر أو ضحك ففيهما الدية لانهما في حكم المتلفتين ، و لا يبقى فيهما منفعة بجمال ، فان لم تيبسا بكل حال لكن تقلصتا بعض التقلص ففيه الحكومة و قال بعضهم فيه الدية بالحصة و الاول أقوى لان هذا يتعذر الوصول إليه .فان شق الشفة فاندمل ملتاما أو ملتام ففيه حكومة إلا أنه إذا لم يندمل ملتاما كانت الحكومة أكثر ، و قد روى أصحابنا فيه المقدر في الحالين ، و في كل جرح في
ساير الاعضاء سواء اندمل على صحة أو على فساد و شرحه طويل ذكرناه في تهذيب الاحكام .وحد الشفة السفلى عرضا ما تجافا عن الاسنان و اللثة فيما ارتفع عن جلد الذقن وحد عرض العليا ما تجافي عن الاسنان و اللثة إلى اتصاله بالمنخرين و الحاجز بينهما و الطول حد طول الفم إلى جانبيه ، و ليست حاشية الشدقين منهما ، فان قطع بعضهما ففيها الدية بحسابه على ما قلناه في الاذنين يعتبر بالمساحة .و في الشفتين القود إذا قطعهما متعمدا بلا خلاف لان لهما حدا ينتهى إليه و قال بعضهم لا قصاص فيهما لانه قطع لحم من لحم من مفصل .] دية اللسان [ في اللسان الدية كاملة بلا خلاف لقوله عليه السلام و في اللسان الدية ، فان جنى على لسانه فذهب نطقه ففيه كمال الدية فان ذهب ذوقه ففيه الدية ، و إذا جنى على لسانه فذهب بعض كلامه فالصحيح عندنا و عندهم أنه يعتبر بحروف المعجم كلها و هي ثمانية و عشرون حرفا ، و لم يعد لا فيها لانه قد ذكر فيها بالالف و اللام ، فان كان النصف منها ففيه نصف الدية و ما زاد أو نقص فبحسابه .و قال بعضهم الاعتبار بالحروف اللثية دون الحلقية و الشفوية ، فان الحاء و الخاء من حروف الحلق ، و البا و الواو و الفا من الحروف الشفوية لا حظ للسان فيها فلا يعتد عليه بما لم يذهب به و الاول اصح لان هذه الحروف و إن لم يكن من حروف اللسان فانه لا ينتفع بها إلا مع وجود اللسان .فعلى قول من اعتبر حروف اللسان فقط إن كان نصفها ففيها كمال الدية ، و على قول من اعتبر الكل نصف الدية ، فإذا ذهب بحرف واحد فمن اعتبر الكل قال فيه جزء من ثمانية و عشرين جزءا من الدية ، سواء كان حرفا خف على اللسان و قل هجاؤه ، أو ثقل على اللسان و كثر هجاؤه كالسين و الشين ، و الصاد و التاء و الثاء لان كل ما فيه مقدر لم يختلف المقدر باختلاف قدره كالاصابع .
إذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام أو بالعكس
إذا جنى عليه وكان سريع الكلام فزادت سرعته أو ثقيله فزاد ثقلا
المسألة بحالها : فذهب من كل كلمة حرف فقام غيره مقامه
فرع : إذا قصم ظهره فشلت رجلاه
المسألة بحالها فذهب من الحروف حرف يزول معه الكلمة
و إذا جنا عليه فذهب من الحروف حرف يزول معه الكلمة بزواله مثل أن أعدم الحا فصار محمد ممد ، و مكان أحمد أمد ، فعليه دية الحا وحدها و لا دية عليه في حروف باقى الكلمة و إن كان قد ذهب معناها لانه ما أتلفها و إن كان قد ذهب منفعة غيره .ألا ترى أنه لو قصم ظهره فشلت رجلاه فعليه ديتان دية في الظهر ودية في الرجلين ، و عندنا ثلثاهما و لو ذهب مشيه مع سلامة الرجلين لم يكن عليه الا دية الظهر وحده .و إذا ذهب من كل كلمة حرف فقام غيره مقامه فصار يقول مكان محمد مخمد ، فجعل مكان الحاء خاء فعليه دية الحاء وحدها ، لانها ما أذهب غيرها فان جنى عليه بعد الاول جان آخر فذهبت الخاء التي كان يأتى بها مكان الحاء لم يجب عليه الا دية الخاء وحدها ، لانها أصلية في نفسها ، و إن وقعت مكان غيرها .فان جنا عليه و كان سريع الكلام فزادت السرعة أو ثقيل الكلام فزاد ثقلا أو كان لا يفصح بقلب الراء عينا لكنه يأتى بها مضطربة ، فزاد الاضطراب حتى صارت عينا صحيحة أو كان يأتى بالراء صحيحة فغيرها تغييرا و لم يذهب بها جملة ، ففى كل هذا حكومة لانه أدخل نقصا فيها و لم يذهب بأصلها .فان قطع بعض اللسان نظرت فان قطع ربعه فذهب ربع الكلام أو نصفه فذهب نصف الكلام ، ففيه من الدية بحساب ذلك لانه وافق القطع و الكلام معا فإذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام أو نصف اللسان فذهب ربع الكلام كان فيه نصف الدية بلا خلاف و اختلفوا في تعليله منهم من قال الجناية إذا كانت على عضو ذي منفعة أوجبت الدية في أغلظ الامرين ، فان كانت دية المنفعة أكثر أوجبتها و إن كانت دية ما أتلف أكثر أوجبتها : فان قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام أوجبت نصف الدية لان دية المنفعة أكثر .و لو قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه أوجبت نصف الدية اعتبار بالقدر المقطوع لان المنافع أقل .و قال بعضهم إن قطع ربع لسانه و ذهب نصف كلامه أوجبت
إذا قطع لسانه فاختلفا فقال الجانى لم يزل أبكم وقال المجني عليه بل كنت ناطقا
في لسان الاخرس حكومة أو مقدر ؟
المسألة بحالها ، وقد بلغ حدا ينطق أمثاله ولم ينطق بعد
إذا قطع لسان صبى وقد بلغ حدا ينطق بكلمة بعد كلمة
إذا قطع نصف لسانه فذهب ربع الكلام وجاء آخر فقطع ما بقى
إذا قطع أحد ربع لسانه فذهب نصف الكلام وجاء آخر فقطع ما بقى
نصف الدية اعتبارا باللسان ، و ذلك أنه قد قطع الربع وشل ربع آخر بعد قطعه ، لانا اعتبرنا ذلك بالحروف ، فوجدناها نصف الكلام ، فعلمنا أنه قطع الربع وشل الربع الآخر ، فأوجبنا نصف الدية ربعها بقطع ربعه ، و ربعها بشلل ربعه ، فإذا ثبت هذا بانت فائدة الخلاف في التفريع .و إذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام اخذ منه نصف الدية ، فان جاء آخر فقطع ما بقي منه و هو ثلاثة أرباعه فمن قال الاعتبار بأغلظ الامرين ، قال عليه ثلثة أرباع الدية ، و من قال : الاعتبار بالمساحة ، قال عليه نصف الدية في النصف الصحيح و حكومة فيما بقي و هو ربع لسانه ، فانا حكمنا بأن ربعه أشل .و أما إن قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه ثم جاء آخر فقطع ما بقي ، فمن قال بأغلظ الامرين قال عليه ثلثة أرباع الدية لانه قد ذهب ثلثة أرباع الكلام ، و من قال بالقول الآخر قال : عليه نصف الدية .إذا قطع لسان صبي فان كان قد بلغ حدا ينطق كلمة بعد كلمة ، مثل قوله بابا و ما ما و نحوه ، فقد علم أنه لسان ناطق ، فان قطع قاطع فعليه الدية كلها كلسان الكبير الناطق ، و إن كان طفلا لا نطق له بحال كمن له شهر و شهران فكان يحرك لسانه لبكاء أو لغيره فما تغير باللسان ففيه الدية ، لان الظاهر أنه لسان ناطق فان أماراته لا يخفى .فان بلغ حدا ينطق فلم ينطق فقطع لسانه ففيه حكومه لان الظاهر أنه لا نطق له ، فهو كلسان الاخرس أن عندنا فيه ثلث دية اللسان الصحيحة كالاخرس ، فان ترعرع الغلام و اشتد فتكلم ببعض الكلام ، بان لنا أنه لسان ناطق ، و إن تأخر نطقه لعلة نعتبره بالحروف ، فينظر كم قدر ما ذهب منها ، فان كان الذاهب ثلثها فله ثلث الدية ، و قد قبض الحكومة من هذا الثلث ، فيعطى معه كمال ثلث الدية .في لسان الاخرس عندنا ثلث الدية ، و عندهم فيه حكومة : إذا قطع لسانه ثم اختلفا فقال الجاني لم يزل أبكم لا يقدر على الكلام ، و قال المجني عليه بل كنت ناطقا ، فلم يسلم أصل السلامة فالقول قول الجاني مع يمينه ،
إذا كان للسان طرفان فقطع أحدهما فيه فروع
إذا جنى على لسانه فذهب كلامه واللسان صحيح بحاله
إذا قطع لسان ناطق فأخذت منه الدية ثم نبت وتكلم به
لانه لا يتعذر اقامة البينة عليه ، لانه من الاعضاء الظاهرة ، و إن سلم له السلامة في الاصل فادعى انه أخرس حين القطع ، قال قوم القول قول المجني عليه لان الاصل السلامة ، و قال آخرون القول قول الجاني ، لان الاصل براءة ذمته ، و الاول أقوى .فان قطع لسان ناطق فأخذت منه الدية ، ثم نبت و تكلم به ، فهل عليه رد الدية أم لا ؟ قال قوم يرد ، و قال آخرون لا يرد كاختلافهم في سن المثغر و الاقوى ههنا أنه لا يرد ، لان عود اللسان بعيد في العادة ، فإذا عاد علمنا أنه هبة من الله مجددة ، و ليس كذلك السن لان الظاهر في العادة أنها يعود ، ألا ترى أن الشيخ قد يذهب أسنانه فإذا كبر فضلا ينبت أسنانه .فأما إن جنا على لسانه فذهب كلامه و اللسان صحيح بحاله ، أخذنا الدية منه فان عاد و تكلم رد الدية لانه لما نطق بعد أن لم ينطق ، علمنا أن كلامه ما كان ذهب إذ لو كان ذاهبا ما عاد ، لان انقطاعه بالشلل و الشلل لا يزول ، و ليس كذلك إذا نبت لسانه لانا نعلم أنه هبة مجددة من الله تعالى ، فلهذا لم يرد الدية .إذا خلق للسان طرفان فقطع أحدهما ، فان ذهب كل الكلام ففيه كمال الدية و إن ذهب نصف الكلام ففيه نصف الدية ، لان الظاهر أن هذا هو اللسان ، فان قطع أحدهما فلم يذهب من الكلام شيء نظرت ، فان كان مخرج الطرفين سواء ، لا يرجح أحدهما على الآخر أوجبنا فيه ما يخصه من الدية من كل اللسان لان الكل لسان واحد أنه مشقوق ، و إن كان مخرجهما مختلفا كان أحد الطرفين كان في جانب ، ففيه حكومة كالاصبع الواحدة إلا أنه لا يبلغ بهذه الحكومة بقدر قياس اللسان لانها زيادة فلا يوجب فيها ما يوجب في الاصل فان كان قطع الطرفين معا فذهب الكلام ، فان كان الطرفان سواء فلا كلام ، و إن كان أحدهما في حكم الزايد أوجبت الحكومة في الزايد والدية جميعا ، كما لو قطع أصبعا عليها أصبع زايدة .
إذا قطع الضرس نصفها عرضا وجاء آخر فقلع ما بقى مع السنخ
إذا قلع بعض الظاهر من السن وجاء آخر فقلع ما بقى وفيه تفصيل
إذا قلع السن من دون أصلها وجاء آخر فقلع سنخها
إذا قلع السن بسنخها وأصلها
* دية الاسنان * ترتيب الدية وتوزيعها على الاضراس
] دية الاسنان [ الاسنان و الاضراس كلها سواء ، و الثنايا و الرباعيات في كل واحدة خمس من الابل عند بعضهم و فيه خلاف ، و عندنا في جميعها الدية كاملة ، في اثني عشر المقاديم ستمأة دينار خمسون خمسون ، و في ستة عشر في مواخير الفم أربعمائة في كل واحدة خمسة و عشرون دينارا .فإذا قطع السن بسنخها ، فالسن ما شاهدته زايدا عن اللثة ، و السنخ أصلها المدفون في اللثة ، فإذا قلعها من أصلها ففيها خمس من الابل ، لان أصلها كأصل الاصبع ، فان قطع منها ظاهرها كله دون سخنها ، ففيها دية سن كما لو قطع أصبعا من أصلها الذي هو الكف ، و إن جاء آخر فقطع سنخها كان فيه حكومة كما لو قطع رجل أصبع رجل ثم جاء آخر فقطع أصلها إلى الكوع ، كان على قاطعها دية أصبع و على قاطع ما تحتها حكومة .فان قطع بعض الظاهر منها ففيه الدية بالحصة فان كان النصف فنصف دية السن و ما زاد أو نقص بحسابه ، فان جاء آخر ، فقلع ما بقي من الظاهر و كل سنخها قال قوم يجب من الدية بقدر ما بقي من الظاهر ، و حكومة في سنخها ، لان ما بقي من الظاهر ليس فيه كمال دية السن .و قال بعضهم لهذا تفصيل إن قطع نصف الظاهر منها طولا و بقى نصف الظاهر و كل سنخها ، فإذا قلعها قالع بسنخها بعد هذا كان عليه نصف الدية ، يتبعه ما تحته من السنخ و حكومة فيما بقي من السنخ و هو القدر الذي ما كان عليه شيء من الظاهر كما لو قطع رجل أصبع رجل فجاء الآخر فقطع الاخرى مع ما تحتها من الكف ما كان تحت تلك المقطوعتين ، فانه يجب فيه دية أصبع يتبعها ما تحتها و حكومة في أصل الاخرى .فأما إن كان قطع نصفها عرضا كأنه قطعها فذهب نصفها مع كمال العرض ، ففيها نصف
إذا قلع سن إنسان وكان سن صغير لم يسقط بعد فيه ابحاث
إذا انكشف اللثة عن سنخ السن لعلة ثم جنى عليها جان فقطع بعضها
المسألة بحالها واختلف المجنى عليه والجانى الثانى
الدية فان جاء آخر فقلع ما بقي مع السنخ كان عليه بالحصة مما بقي من الظاهر من الدية يتبعها ما تحتها من السنخ كما لو قطع من أصبع أنملتين فجاء آخر فقطع ما بقي منها و هو أنملة مع سنخ الاصبع ، فان الباقى يتبع تلك الانملة .إذا اختلف المجني عليه و الجانى الثاني ، فقال الجاني قطع الاول نصفها و قال المجني عليه بل قطع الاول ربعها ، فالقول قول المجني عليه ، لان الاصل أنه لا قطع حتى يعلم ما قدر القطع .إذا انكشف اللثة عن سنخ السن لعلة ثم جنا عليها جان فقطع بعضها نظرت إلى ما كان ظاهرا منها قبل زوال اللثة فاعتبرته و أوجبت فيه بالحصة من الدية ، فان اختلفا في قدر الظاهر و لم يعلم قدره ، فالقول قول الجاني لان الاصل براءة ذمته ، فأما سن المثغر يقال في اللغة ثغر الغلام فهو مثغور إذ أسقطت سن اللبن منه وأثغر و اثغر إذا نبت بعد سقوطها ، و يقال ثغرت الرجل إذا كسرت سنه .فإذا ثبت هذا فإذا قلع سن إنسان لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون سن صغير لم يسقط بعد أو سن كبير ، فان كان سن صغير لم يسقط بعد و هو سن اللبن فالذي رواه أصحابنا أن في كل سن بعيرا و لم يفصلوا ، و قال المخالف لا تؤخذ الدية في الحال لان الغالب أنها تعود ، فإذا وقعت لم يخل من أحد أمرين إما أن لا يعود أو يعود ، فان لم يعد و هو أن سقطت أخواتها و نبتت و لم تعد هى ، أخذنا الدية لانا تحققنا أنه قد أعدم إنباتها ، فهو كما لو قلع سن الكبير فلم يعد .و أما إن عادت مع أخواتها نظرت ، فان عادت مثل أخواتها في القدر و القوة و النقاء فلا دية عليه ، لان هذه تلك ، لكن عليه حكومة أم لا ، قال بعضهم لا حكومة عليه لانه ما جرحه ، و قال آخرون فيه حكومة و هو الاقوى ، لانه لا ينفك قلعها عن جرح .فان عادت ناقصة القدر فكانت أقصر من أخواتها فعليه بقدر ما قصرت عن أخواتها بالحصة من الدية ، لان هذا النقصان في الظاهر من ذلك القلع ، فهو كما لو كسر
إذا جنى عليها جان فنفضت يعنى تحركت من أصلها فطالت عن الاسنان مضطربة
اذا اضطرب سنه لمرض أو كبر فقلعها قالع
إذا قلع سن إنسان وكان سن كبير فيه فروع وابحاث
هذا القدر منها .فان عادت بطول أخواتها إلا أنها عادت شاختين مثل أن حصل فيها ثلمة في الوسط فعليه بقدر تلك الثلمة من الدية ، كما لو كسر من سنه ذلك القدر .فان عادت في قدر أخواتها و قوتهن لكنها متغيرة إلى خضرة أو سواد ففيها حكومة لاجل الشين ، فان عادت مثل أخواتها بكل حال إلا أنها لم تعد في صف الاسنان بل مالت إلى داخل الفم أو خارجه ، ففيها حكومة لاجل الشين .فان عادت مثل أخواتها بكل حال إلا أنه نبت معها سن زايدة من داخل الفم أو خارجه فلا شيء عليه ، لان تلك الزيادة لم تنبت من قلع السن .فأما الكبير و هو المثغر .و هو من سقطت عنه سن اللبن و عادت سن الكبر ، فقلعها قالع فعليه الدية في الحال ، لان الغالب أنها لا تعود فإذا أخذت منه الدية لم يخل من أحد أمرين إما أن لا تعود أو تعود ، فان لم تعد فقد استقرت له الدية ، و إن عادت السن فهل ترد الدية أم لا ؟ قال قوم ترد لانها سن عادت بعد أن تلفت كالصغر ، و قال آخرون لا ترد و هو الاقوى ، لان الغالب أنها لا تعود ، فان عادت علمنا أنها هبة مجددة إذا اضطربت سنه لمرض أو كبر فقلعها قالع قال قوم فيها حكومة لانها نقصت عن الاسنان في المنافع ، و قال آخرون و هو الصحيح عندنا فيها دية سن كاملة ، و لا فصل بين أن يكون ربطها بالذهب أو الفضة أو لم يربطها الباب واحد .إذا جنا عليها جان فنفضت يعنى تحركت من أصلها فطالت عن الاسنان مضطربة سئل أهل الخبرة ، فان قالوا إنها يستقر أمرها بذهاب أو ثبوت إلى سنة صبر سنة فان ذهبت و سقطت ففيها الدية ، لانها ندرت بجنايته ، و إن عادت كالتى كانت فلا دية فيها ، فان قلعها قالع ففيها كمال الدية ، و على الاول حكومة لاجل تلك الجناية التي نفضت بها .إذا نفضت سنه بالجناية سئل المجني عليه فان قال عادت كالتى كانت ، فان قلعها
قالع بعد هذا كان عليه كمال الدية لانها سن صحيحة صحت بعد علة و على الاول حكومة ، و إن قال المجني عليه : عادت ضعيفة فعلى الاول حكومة .و الثاني قال قوم عليه دية و قال آخرون عليه حكومة كما لو ضعفت بالكبر و المرض الباب واحد لما مضى و إنما يفترقان في فصل و هو أن الحكومة في هذه أقل من الحكومة في التي اضطربت بالكبر و المرض ، لان هذه قد اخذ فيها حكومة مرة فقلت الحكومة الثانية ، و في المرض لم يأخذ الحكومة .إذا جنا عليها فندرت أعنى سقطت ثم أعادها في مغرزها بحرارة دمها فثبتت ثم قلعها بعد هذا قالع فلا شيء عليه ، لانه كان عليه قلعها و إلا أجبره السلطان على قلعها لانها ميتة ألصقها ببدنه ، فلا تصح صلوته معها ، مثل الاذن ، و عندنا لا يجب ذلك لان العظم عندنا لا ينجس بالموت ، و يفارق الاذن لانها تنجس لان الاذن فيها حيوة و لا حيوة في السن ، لكن عليه حكومة ، و الاول عليه ديتها لانه قلعها .إذا ندرت سنه فغرز في مغرزها عظما ظاهرا قام مقامها كسن الحيوان الذكي الذي يؤكل لحمه أو كانت من ذهب أو فضة فإذا ثبتت ثم قلعها قالع قال قوم لا شيء عليه فيها لانه ما أعدم سنا ، و قال آخرون عليه حكومة لانه أعدم الجمال و المنفعة بقلع ما هو ظاهر منها ، فهو كالسن الاصلى و الاول أقوى لان الاصل براءة الذمة .قد ذكرنا إذا قلع سن الصبي الذي لم يثغر أنه لا دية عليه في الحال ، و يصبر إلى وقت عود مثلها ، وفر عنا عليها : فان مات في أثناء المدة نظرت فان مات قبل أن ينبت شيء منها بحال قال قوم عليه الدية ، لان القلع معلوم متحقق و العود متوهم ، و قال آخرون لا تجب الدية و هو الاقوى ، لان العادة أنها تعود لو لم يمت .فأما إن مات بعد أن نبت شيء منها لكنه دون طول الاسنان ، قال قوم عليه بقدر ما بقي من تمام طولها ، و قال آخرون لا شيء عليه لان الموت هو الذي قطع الطول و التمام و هو الاقوى ، و لان الاصل براءة الذمة .فان قلع الاسنان كلها ، و عددها التي يقسم عليها الدية عندنا ثمانية و عشرون
إذا ضرب سن الرجل فلم يتغير منها الا لونها او ضعفت في عض المأكول
إذا قطعهما مع الاسنان ففى الاسنان أرشها وفيهما الدية
* دية اللحيين * في اللحيين الدية إذا قطعهما من صبى لم ينبت أسنانه
إذا قلع أسنانه كلها واحدة بعد واحدة
سنا و عندهم اثنان و ثلثون سنا ، فانه يعد الاسنان فيها : فان قلع واحدة بعد واحدة ففى كل واحدة ما ذكرناه ، و عندنا لا فرق بين أن يقلعها واحدة بعد واحدة أو يقلعها موضعا واحدا .و عندهم إذا قلع واحدة بعد واحدة ففي كل واحدة خمس من الابل للخبر ، و إن قلعها دفعة واحدة و إنما يتصور بأن يتساقط بالسراية عن جناية ، قال قوم في كل واحدة خمس من الابل ، يكون في الجميع مائة و ستون ، و قال بعضهم فيها دية واحدة مثل ما قلناه لكنه لا يفضل بعضها على بعض .] دية اللحيين [ في اللحيين الدية و هو إذا قلعها من صبي قبل نبات الاسنان فيها أو ممن لا أسنان له و هو كبير ، و هما اللذان مجتمع رأسهما الذقن والرأسان الآخران في أصول الاذنين ، لانهما من تمام الخلقة و فيهما الجمال و المنفعة ، فان قلعهما مع الاسنان ففى الاسنان ما ذكرناه ، و فيهما الدية لا يدخل ما يجب في احداهما في الاخرى لان لكل واحد منهما دية تخصه ، فالاسنان لا يدخل فيهما اللحيان ، و اللحيان لا يدخل فيهما الاسنان ، و قد يتفرد اللحيان عن الاسنان في الصبي و الكبير .إذا ضرب سن الرجل فلم يتغير منها إلا لونها .فان كان التغير مع بقاء قوتها و منافعها ففيها حكومة ، و قد روى أصحابنا فيها مقدرا ذكرناه في النهاية ، فان كان خضرة دون السواد ففيها حكومة ، و إن صارت صفراء ففيها حكومة دون الخضرة ، لان السن يصفر من علة ، فان قلعها قالع بعد هذا فعليه الدية لانها سن بحالها و إنما لحقها شين فهو كالاصبع إذا لحقها شين فقطعت ، فان فيها ديتها .فان ذهب مع هذا التغيير بعض منافعها كأنها ضعفت عن القوة التي كانت عليها في عض المأكول و نحو ذلك ، ففيها حكومة لاجل الشين و الضعف معا فان ذهب مع هذا التغير كل منافعها حتى لا يقوى على أن يعض بها شيئا ، فهذه بمنزلة اليد الشلاء
إذا ذهبت حدة السن وصارت كليلة
إذا نبتت اسنانه واختلفت بالطول والقصر أو بالصغر والكبر
إذا نبتت أسنانه بيضا ثم ثغر ثم نبتت سوداء فقلعها قالع
فعليه الدية لان كل ما كان في إتلافه الدية كان في الشلل منه الدية ، فان قلعها قالع بعد ذلك فعليه حكومة ، فان نبت أسنان الصبي سودا ثم ثغر ثم نبتت سوداء فقلعها قالع فعليه الدية لان هذا السواد ليس بمرض و لا عيب ، و إنما هو خلقة .فأما إن نبتت أسنانه بيضا ثم ثغر ثم نبتت سوداء ، فان قال أهل الخبرة ليس هذا السواد لعلة و لا مرض ، فمتى قلعها قالع فعليه الدية ، و إن قالوا هو لعلة و مرض فعلى قالعها حكومة ، لانها ليست بصحيحة .فان نبتت الاسنان على قدر واحد و طول واحد العليا و السفلى سواء كانت العليا طوالا و السفلى قصارا ، أو كانت السفلى طوالا و العليا قصارا ، أو كانتا جميعا قصارا الباب واحد ، في الكل الدية ، فان اختلف النوع الواحد و هو الثنايا و الرباعيات فكانت إحدى الثنيتين أقصر من الاخرى أو إحدى الرباعيتين أقصر من الاخرى ، نقصت عن الجاني من ديتها بقدر ما قصرت عن قرينتها و لان العادة أن كل نوع منها ينقص طوله ، بل تكون الثنايا في العادة أطول من الرباعيات فاعتبرت عادة الباقي منها ، فما قصرت عن قريبته في العادة نقصانا ظاهرا نقص عن الجاني بقدر ذلك من الدية ، و يقوى في نفسى أنه لا ينقص لانه لا دليل عليه .و لو ذهبت حدة السن بكلال لا كسر ، ففيها ديتها تامة إذا قلعت ، لان هذا الكلل لا يقصر شيئا من طرفها ، لان سن الصبي تنبت حادة و على طول الوقت يلحقها كلل ، فتذهب حدتها ، فهذه التي لا ينقص شيء من أرشها فأما إن ذهب منها ما جاوز حد الكلال ، نقص الجاني من ديتها بقدر ما ذهب منها ، فان السن قد يقصر طولها على تطاول الوقت ، فيكون كأنه كسر بعضها .
إذا جنى عليها فشلت ففيها ثلث الدية أو الدية كاملة ؟
إذا قطع يدها من نصف الذراع أو المرفق أو العضد أو المنكب
* دية اليدين * في اليدين الدية واليد التى تجب فيها هى الكف إلى الكوع
] دية اليدين [ في اليدين الدية بلا خلاف لقوله عليه السلام و في اليدين الدية و لقوله : و في اليد خمسون من الابل ، و في كل واحدة منهما نصف الدية ، فإذا ثبت أن فيها نصف الدية فان اليد التي يجب هذا فيها هى الكف إلى الكوع و هو أن يقلعها من المفصل الذي بينها و بين الذراع ، فان قطع أكثر من ذلك كان فيها دية و حكومة بقدر ما يقطع .فان كان من نصف الذراع أو المرفق أو العضد أو المنكب ففى الزيادة حكومة ، و كلما كانت الزيادة أكثر كانت الحكومة أكثر ، و عندنا أن جميع ذلك فيه مقدر ذكرناه في تهذيب الاحكام و قال بعضهم إن اليد التي يجب فيها نصف الدية أن يقطعها من المنكب ، و متى ضرب يده فشلت عندنا فيها ثلثا الدية و عندهم فيه الدية كاملة .و أما الاصابع إذا قطعها وحدها دون الكف فيها نصف الدية ، و الواجب فيها بالسوية كل أصبع عشر من الابل ، و روى أكثر أصحابنا أن في الابهام ثلث الدية ، و في الاربع ثلثي دية اليد ، و روي عن بعض الصحابة المفاضلة بين الاصابع ذكرناه في الخلاف .فأما الانامل ففي كل أنملة من الاصابع ثلث دية الاصبع إلا الابهام فان في كل أنملة منها نصف ديتها ، لان لها أنملتين و فيها خلاف .] دية الرجلين [ و الحكم في الرجلين على ما مضى في اليدين ، ففيهما الدية بلا خلاف ، و في واحدة منهما نصف الدية ، وحد ما يجب فيه نصف الدية أن يقطع من مفصل الساق و القدم و هو الذي يقطع من الساق عندهم ، فان قطعها من نصف الساق ففيها دية رجل و حكومة .فان قطعها من الركبة فكذلك و إن قطعها من الفخذ كذلك إلا أنه كلما قطع معها أكثر كانت الحكومة أكثر ، و عندنا في جميع ذلك مقدر مثل ما قلناه في اليد ذكرناه في الكتاب المقدم ذكره .فان جنى عليها فشلت ففيها ثلثا ديتها و عندهم كمال الدية ، و الخلاف في أصابع
إذا خلق لرجل يدان على كوع أويدان وذراعان على مرفق أويدان وذراعان وعضدان على منكب ، فيه أبحاث وفروع
المسألة بحالها ، فانجبرت عثماء فقال الجانى أنا أكسرها وأجبرها مستقيمة
إذا جنى على يده فكسرها فانجبرت مستقيمة
الاعرج والاعسم والاعسر
الرجلين كالخلاف في أصابع اليدين في كل واحدة عشر من الابل ، يتساوى فيه عندهم و عندنا في الابهام ثلث دية الرجل ، و في كل أنملة ثلث دية الاصبع إلا الابهام ، فان لها مفصلين ففي كل واحدة منها نصف ديتها .الاعرج معروف فالاعسم قال قوم هو الاعسر ، و قال آخرون هو من في رسغه ميل يعنى اعوجاج عند الكوع ، فإذا قطع قاطع رجل الاعرج و يد الاعسم ففي كل واحدة منهما نصف الدية ، لظاهر الخبر ، لانه لم يفصل .فأما إن جنا على يده فكسرها ثم جبرت فانجبرت مستقيمة فيها حكومة عندهم و عندنا فيه مقدر ، و إن انجبرت عثماء فكذلك أيضا إلا أن الحكومة فيه إذا انجبرت عثماء أكثر مما فيها إذا انجبرت مستقيمة .نام كتاب : المبسوط جلد 7 مصحح : مهجور فايل 11 : از 144 تا 158 فان انجبرت عثماء فقال الجاني أنا أكسرها و أجبرها مستقيمة ، لم يكن له ذلك لانها جناية قد استقر أرشها ، فعليه حكومة عندهم ، و عندنا مقدر ، فان بادر فكسرها ثم جبرها مستقيمة لم يسقط عنه تلك الحكومة ، لانه بمنزلة جرح استقر أرشه فإذا ثبت أنه لا يرد من الحكومة شيئا ، فان عليه في الكسر الثاني حكومة عندهم ، و عندنا مقدر آخر .إذا خلق لرجل يدان على كوع أو يدان و ذراعان على مرفق أو يدان و ذراعان و عضدان على منكب ، نظرت ، فان كان يبطش بإحداهما دون الاخرى ، فالباطشة هى الاصل ، و الاخرى زايدة ، فان كانتا باطشتين لكن احداهما أكثر بطشا فهي الاصل و الضعيفة زايدة ، و سواء كانت التي هى أبطش على سمت الخلقة أو مايلة عن سمتها .فان كانتا في البطش سواء و إحداهما على سمت الخلقة ، فالأَصلية هى التي على سمت الخلقة ، فان كانتا سواء و إحداهما ناقصة فالكاملة أصلية و الناقصة زايدة ، فان كانتا سواء و إحداهما زايدة أصبع لم يرجح بالزيادة في هذا الفصل ، فكل موضع حكمنا بأنها أصلية ففيها القود في العمد ، والدية في الخطاء ، و في الاخرى حكومة .فان كانتا سواء بكل حال في الخلقة وسمت الخلقة و البطش و التمام ، فهما يد
إذا كانت له رجلان في ساق أحدهما أطول من الآخر فيه فروع
إذا كان له قدمان على ساق أو قدمان وساقان على ركبة أو قدمان وساقان وفخذان على ورك فهل الكلام كالكلام في اليدين ؟
إذا جنى ذو اليدين على كوع فقطع يدا لرجل فهل فيها قود
و زيادة ، فان قطعهما قاطع فعليه القود و حكومة في العمد ودية و حكومة في الخطاء و عندنا في الزائدة ثلث الدية .فان قطع احداهما فلا قود ، لكن فيها نصف دية و حكومة ، لانه قطع نصف يد و زيادة ، قال بعضهم في احداهما حكومة فان قطع أصبعا من احداهما ففيها نصف دية أصبع خمس من الابل ، و حكومة على ما فصلناه إذا قطع احداهما و في أناملها كذلك نصف دية أنملة و حكومة .هذا إذا جنى على اليدين ، فأما إن جنى ذو اليدين فقطع يدا لرجل ، فلا قود عليه في احداهما لانا لا نعرف الاصلية و لا قود عليه فيها ، لانها يد و زيادة ، فلا يأخذ الفضل قودا .هذا الكلام في اليدين فأما إذا خلق له قدمان على ساق ، أو قدمان و ساقان على ركبة ، أو قدمان و ساقان و فخذ ان على ورك ، فالحكم على ما فصلناه في اليدين .و في الرجلين تفصيل و هو أنك تنظر فان كانت احداهما أطول فكان يمشى عليها و لا يمكنه المشي على القصيرة ، لان الطويلة تمنع وصولها إلى الارض ، فإذا قطع قاطع الطويلة نظرت ، فان لم يقدر على المشي على القصيرة فعليه القود أو الدية في التي قطعها ، لانها أصلية و إن قدر أن يمشى على القصيرة ، فعليه حكومة في الطويلة ، لانا تبينا أن القصيرة هى الاصلية و إنما لم يقدر أن يمشى عليها لطول الزايدة .فان قطعت القصيرة بعد الطويلة ، ففيها القود أو الدية فان جنا على الطويلة فشلت فيها الدية في الحال كاملا عندهم ، و عندنا ثلثاها ، لان الظاهر أنها أصلية و لا يمكن الصبر ههنا ، لينظر هل يمشى على القصيرة أم لا ، لان الشلاء تمنعها أن تصل إلى الارض .فان قطع قاطع الطويلة الشلاء فعليه حكومة عندهم و عندنا ثلث الدية ، ثم ينظر فيه ، فان لم يقدر على أن يمشى على القصيره فقد استقر الحكم على ما مضى ، و إن قدر أن يمشى على القصيرة تبينا أنها الاصلية و الطويلة زايدة ، و قد أخذ صاحبها
في عين الاعور إذا كان خلقة الدية أو يأخذ احدى عينى الجانى ونصف الدية
فرض : إذا قطعت يده في الجهاد فنبتت له أخرى فقطعها قاطع
* دية الاليتين * في الاليتين الدية وهل فيهما قود أم لا ؟
دية الاصلية ، إنما له الحكومة فيرد الدية على الجاني إلا قدر ما يجب فيها من الحكومة .] دية الاليتين [ في الاليتين الدية لانهما من تمام الخلقة ، و فيهما الجمال و المنفعة ، و في احداهما نصف الدية ، فان جرح احداهما و لم ينته إلى العظم فلا قود ، لانه شق لحم و فيه حكومة ، فأما المرأة ففيهما ديتها لما مضى ، و الاليتان الماكمتان و هو ما علا و أشرف على الظهر ، و عن استواء الفخذين ، فان الظهر مسطوح من الكتفين إلى الاليتين ، و الفخذان مستويان إلى الاليتين و ينبغي أن يكون فيهما القود إذا أخذهما إلى العظم الذي تحتهما لا يفضل يمين على يسار في الدية بلا خلاف ، و إن كانت المنفعة باليمين أكثر .و من قطعت يده في الجهاد فنبتت له اخرى كان فيها نصف الدية عند جميع الفقهاء إلا الاوزاعى فانه قال : فيها دية اليدين ، و إن صح التقدير ، فالأَول أصح لظاهر الخبر .في عين الاعور إذا كان خلقة الدية كاملة أو يأخذ إحدى عيني الجاني و نصف الدية ، و إن كانت قلعت فاستحق ديتها أو اقتص منها كان فيها نصف الدية ، و عند المخالف فيها قصاص عين واحدة أو نصف الدية ، و لم يفصلوا ، و منهم من قال فيها الدية كاملة .فأما إن قلع الاعور عينا واحدة من عين ذي العينين فذوا العينين عندنا بالخيار بين أن يقلع عين الاعور أو يعفو على مال و له نصف الدية ، لانه دية عينه التي قلعت و قال بعضهم له أن يقلعها أو يعفو و له ألف دينار دية عين الاعور عنده .
] دية الصلب [ إذا كسر صلبه فعليه الدية ، و لا تؤخذ الدية في الحال بل يصبر فان ذهب مشيه ففيه الدية لقوله عليه السلام و في الصلب الدية فإذا صبرنا و ذهب مشيه ففيه الدية فأما إن صار يمشى على عكاظ بيديه أو بإحداهما ففيه الحكومة ، و عندنا فيه مقدر ذكرناه في الموضع المقدم ذكره و إن لم يحتج إلى عكاظ لكنه يمشى راكعا ففيه دون ذلك ، و عندنا فيه مقدر ، فان اعتدل صلبه و مشى بغير عكاز ففيه حكومة دون ما مضى .فأما إن ذهب جماعه فان كان مع علامة تدل على صدقه ، فالقول قول المجني عليه مع يمينه في ذهاب جماعه ، و إن لم يكن معه و شهد بينتان من أهل العلم أن مثل هذا قد يذهب به الجماع ، فالقول قول المجني عليه ، لان الظاهر معه ، و هذا لا يتوصل إليه إلا من جهته ، فإذا حلف فله كمال الدية و لا حكومة لانه ما جنا على الذكر ، و إنما الحاصل من جنايته إعدام منفعة الظهر مع سلامة العضو ، فهو كما لو جنا على يده فشلت وحدها أو على عينيه فذهب ضوؤهما ففيهما الدية لانه أتلف منافعها .فان شل ذكره بذلك ففيه دية في الذكر و حكومة في كسر الصلب لانه أبطل منفعة الذكر بمعنى حل في نفس الذكر و ذاته ، و كسر الصلب ، فلهذا كان عليه الحكومة والدية كما لو كسر ظهره فشلت رجلاه ، فان فيه دية و حكومة ، و يفارق هذا إذا ذهب جماعه و الذكر سليم لانه ما حل في الذكر فساد و إنما تعطل الجماع لمعنى في غيره فلهذا لم يجب مع الدية حكومة فبان الفصل بينهما .إن كسر صلبه فذهب مشيه و جماعه معا ، قال قوم فيه دية واحدة ، و قال آخرون فيه ديتان ، و هو مذهبنا .إن جنى على رقبته فان اعوجت حتى صار كالملتفت و لم تعد إلى ما كان ، ففيه حكومة ، فان صار بحيث لا يقدر أن يلتفت أصلا أو يلتفت بشده أو صار يبلع الريق و المأكول بشدة ففى كل هذا حكومة عندهم ، و قد روى اصحابنا أنه إذا صار أصور فيه الدية ، فان صيره بحيث لا يزدرد شيئا ، فان مات فعليه القود ، و إن عاش قالوا
* دية الاسكتين * معنى الاسكتان والشفران وأن فيهما الدية
لا شيء عليه ، و ينبغي أن يقول إن عليه حكومة .] دية المرأة [ دية المرء على النصف من دية الرجل إجماعا إلا ابن علية و الاصم فانهما قالا هما سواء ، فأما أرش الجنايات المقدرة فالمرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية عندنا ، و فيه خلاف كثير ذكرناه في الخلاف .] دية الثديين [ في ثديي المرأة ديتها لانهما من أصل الخلقة ، و فيهما الجمال و المنفعة ، و في كل واحد منهما نصف ديتها ، فان جنا عليهما فشلا ففيهما الدية ، فان لم يشلا لكنهما استرخيا ففيهما حكومة ، لاعدام الجمال و الاسترخاء .فان كان فيهما لبن فانقطع فحكومة ، و إن لم يكن فيهما لبن فعاد وقت نزول اللبن فيهما و لم ينزل فان قال أهل الخبرة إنما لا ينزل للجناية ففيها حكومة ، و إن قالوا قد ينقطع بجناية و غير جناية فحكومة .و وقت نزوله في العادة الحامل لاربعين يوما فإذا وضعت فشرب اللبأ منها لم يدر منها لبن حتى بمضي ثلاث أو مدة النفاس ثم يدر لبنها ، فإذا لم يعاود في وقت عوده في العادة حينئذ سئل أهل الخبرة ، و يكون على ما مضى .فان قطع الثديين مع شيء من جلد الصدر ففيها دية و حكومة في الجلدة ، فان قطعهما مع شيء من جلد الصدر فأجافه فيهما فدية و حكومة في الجلدة ، و أرش الجائفتين مع ذلك .إذا قطع من الثديين الحلمتين و هما اللذان كهيئة الذر في رأس الثدي يلتقمهما الطفل ، ففيهما الدية ، لانهما من تمام الخلقة ، و فيهما الجمال و المنفعة ، فأما حلمتا الرجل قال قوم فيهما الحكومة ، و قال آخرون فيهما الدية ، و هو مذهبنا .
* دية الافضاء * معنى الافضاء أن يصير مدخل الذكر ومخرج البول واحدا
* معنى الرتق والقرن * إذا قطع الشفرين من الرتقاء والقرناء فيه فرعان
إذاجنى عليهما فقطع ذلك منها ثم خرجت في موضع الاندمال أو شلتا
] دية الاسكتين [ الاسكتان و الشفران عبارة عن شيء واحد ، و هو اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم ، و هما عند أهل اللغة عباره عن شيئين ، قال بعضهم : الاسكتان هو اللحم المحيط بشق الفرج ، و الشفران حاشيتا الاسكتين كما أن للعينين جفنين ينطبقان عليهما ، و شفرهما هى الحاشية التي تنبت فيها إهداب العين ، فالاسكتان كالاجفان و الشفران كشفرى العين .فإذا ثبت هذا فمتى جنى عليهما جان فقطع ذلك منها فعليه ديتها ، فان اندمل المكان فخرجت في موضع الاندمال فعلى الجاني الحكومة ، لانه جناية على لحم ، فان جنا عليهما فشلتا ففيهما الدية ، و على مذهبنا ينبغى أن يكون ثلثا الدية ، و لا فصل بين أن يكونا غليظتين أو دقيقتين ، قصيرتين أو طويلتين ، لان الاعتبار بالاسم .الرتق انسداد في داخل الفرج ، و القرن عظم داخل الفرج يمنع الجماع ، فإذا قطع شفرتها ففيها ديتها ، لان العيب داخل الفرج فهما بمنزلة شفتي الاخرس ، و لو كان أخرس كان في شفتيه الدية ، والمخفوضة و غيرها سواء ، فان قطع الركب معهما ففي الركب حكومة و الركب هو الجلد الثاني فوق الفرج ، و هو منها بمنزلة شفرة الرجل ، و فيه حكومة .] دية الافضاء [ الافضاء أن يجعل مدخل الذكر و هو مخرج المنى و الحيض و الولد و مخرج البول واحدا ، فان مدخل الذكر و مخرج الولد واحد و هو أسفل الفرج ، و مخرج البول من ثقبة كالاحليل في أعلى الفرج ، و بين المسلكين حاجز دقيق ، و الافضاء إزالة ذلك الحاجز ، و قال كثير من أهل العلم الافضاء أن يجعل مخرج الغائط و مدخل الذكر واحدا ، و هذا غلط ، لان ما بينهما حاجز غليظ قوى .ثم الفقهاء فرعوا على الافضاء إذا كان البول مستمسكا و غير مستمك و إنما يصح
كلام في الافضاء عن عمد وتصوير المسألة
إذا افضى الرجل امرءة اجنبية مكرهة فيه فروع
إذا أفضى الرجل امرءة وهي زوجته فيه فروع
هذا التفريع على ما قلناه من رفع الحاجز الذي بين مخرج البول و مدخل الذكر ، و على ما قالوه فلا صنع لمخرج البول ههنا .فإذا تقررت صورة الافضاء فإذا أفضي الرجل إمرأة لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن تكون زوجته أو أجنبية مكرهة أو موطوءة بشبهة فان كانت زوجتة استقر المسمى بالتقاء الختانين إن كان لها مهر مسمى ، و إن كانت مفوضة استقر لها مهر مثلها ، و إذا أفضاها بعد هذا فعليه الدية بالافضاء .ثم ينظر فان كان البول مستمسكا فلا زيادة على الدية ، و إن كان مسترسلا ففيه حكومة بعد الدية ، و قال بعضهم الافضاء مضمون على زوجها ، و إنما يستقر بالوطي المهر فقط ، و عندنا أنه إن وطئها قبل تسع سنين كان مضمونا بالدية ، و يلزمه مع ذلك النفقة عليها حتى تموت ، و إن كان الافضاء بعد تسع سنين لم يكن مضمونا .و لا فصل في ذلك بين أن تكون المرأة بكرا أو ثيبا فان كانت ثيبا فالمهر والدية و الحكومة على ما فصلناه ، و كذلك إن كانت بكرا ، و يسقط إزالة البكارة لان إزالتها مستحق و إن كانت مكرهة فعليه الحد لانه زان و لا حد عليها لانها مكرهة ، و لها المهر و عليه الدية بالافضاء ، ثم ينظر فان كان البول مستمسكا فلا زيادة على الدية ، و إن كان مسترسلا ففيه حكومة و عليه الحد و أما المهر فلا يجب لوجوب الحد .و أما الافضاء فينظر فان كان البول مستمسكا ففيه ثلث الدية ، و إن كان مسترسلا فعليه الدية ، و لا حكومة ، و هو مذهبنا الاول أنه لا يجب بها المهر لانه زنا .فإذا ثبت هذا نظرت فان كانت ثيبا فلا كلام ، و إن كانت بكرا وجب المهر و الدية ، و قال قوم لا يجب أرش البكارة فانه يدخل في دية الافضاء ، و منهم من قال يجب أرش البكارة و هو مذهبنا ، لانه لا دليل على دخوله في أرش الافضاء .فإذا ثبت وجوب الدية بالافضاء ، نظرت فان وجبت عن عمد فهي مغلظة حالة في ماله ، و إنما يكون عمدا محضا إذا كانت صغيرة و بدنه كبير ، و يعلم أن مثلها لا يطيق ذلك ، فمتى فعل ذلك فقد أفضاها عمدا محضا ، فالدية مغلظة حالة في ماله و إن وجبت عن عمد الخطاء فالدية مغلظة مؤجلة عندنا في ماله ، و عندهم على العاقلة ، و
إذا قطع بعض ذكره طولا بأن شقه باثنين
إذا جنى عليه فشل ذكره
* دية الذكر * في الذكر الدية سواء فيه أنواعها
إذا وطئها بشبهة فأفضاها
بيان عمد الخطأ والخطأ المحض في مسألة الافضاء وحكمه
عمد الخطاء أن تكون كبيرة قد تفضى مثلها و قد لا تفضى ، فإذا وجد الافضاء علمنا أنه عامد في فعله مخطئ في قصده ، فلهذا كان عمد الخطاء .و أحال بعضهم أن يتصور في الافضاء خطاء محض و قال بعض المتأخرين و هو جيد أنه قد يتصور الخطاء المحض و هو إذا كان له زوجة قد وطئها ، و يعلم أن و طيه لا يفضيها بعد هذا ، فأصاب على فراشه إمرأة فأفضاها يعتقدها زوجته ، فانه خطاء محض كما لو رمى حربيا فوقع على مسلم فقتله كان خطاء محضا بلا إشكال .فأما إذا وطئها بشبهة فأفضاها مثل أن كان النكاح فاسدا أو وجد على فراشه إمرأة يظنها زوجته فوطئها فأفضاها فألحد لا يجب للشبهة ، و المهر يجب للدخول ، و يجب الدية للافضاء ، فان كان البول مستمسكا فالدية بلا حكومة ، و إن كان مسترسلا فعليه حكومة .و قال بعضهم لا حد كما قلنا ، و أما المهر فينظر في الافضاء ، فان كان البول مستمسكا ففيه ثلث الدية ، و يجب المهر معه ، و إن كان مسترسلا وجبت الدية و لم يجب المهر بل يدخل في الدية .] دية الذكر [ في الذكر بلا خلاف الدية لقوله عليه السلام و في الذكر الدية ، و سواء كان طويلا أو قصيرا ، غليظا أو دقيقا ، و الشاب و الشيخ و الطفل الصغير سواء في ذلك .فان جنا عليه فصار أشل ففيه الدية ، لان كل عضو كان في إتلافه الدية كان في شلله الدية ، فان قطعه قاطع بعد هذا ففيه حكومة ، و عندنا يلزمه ثلثا الدية ، و من قطعه بعد ذلك فعليه ثلث الدية ، فان جنا عليه فعاب و صار به دمل أو برص أو جراح أو تغوص رأسه ففيه حكومة ، فان قطع قاطع هذا المعيب ففيه كمال الدية كما لو قطع اليد العثماء .فان قطع بعضه طولا مثل أن يشقه باثنين فعليه ما يخصه من الدية ، فان قطع الحشفة وحدها ففيها كمال الدية لان الجمال و المنفعة بها كالاصبع في اليد ، فان قطع
كل عضو فيه مقدر إذا جنى عليه فذهب منفعته أو لم يكن فيه منفعة في الاصل بل كان جمالا وحظوة كالعين القائمة لا يبصر . . . .
إذا قطعهما قاطع ثم قطع ذكره أو بالعكس فيه تفصيل
* دية الخصيتين * في الخصيتين الدية وفي كل واحدة نصفها وقيل إن في اليسرى ثلثى الديه
إذا جنى على ذكره فادعى أنه قد ذهب جماعه والعضو صحيح بحاله
إذا قطع بعض ذكره عرضا كأن قطع حشفته أو دون الحشفة
قاطع ما بقي ففيه حكومة ، كما لو قطع الكف بلا أصابع عليها .فان قطع منه قطعة دون الحشفة نظرت ، فان كان البول يخرج من مكان الجرح وجب عليه أكثر الامرين من الحكومة أو بقدره من الدية ، أيهما كان أكثر .فان جنا عليه فأجافه و اندمل ففيه حكومة لانه جوف لا يخاف منه التلف غالبا و إن قطع بعض الحشفة فعليه ما يخصه من الدية و في اعتبارها قال قوم من كل الذكر لانها منه ، و قال آخرون من الحشفة ، لان الدية تجب بها ، و كان الاعتبار بها دون غيرها و هو الاقوى ، فان قطع قاطع الحشفة و بعض قصبة الذكر ففيه كمال الدية كما لو قطع مع الاصابع شيئا من الكف .فان جنى على ذكره فذكر أنه قد ذهب جماعه و العضو صحيح بحاله ، لم تجب الدية ، لان ذهاب الجماع عيب في غيره ، و إلا فانما هو مجرى و طريق .] دية الخصيتين [ في الخصيتين الدية لقوله عليه السلام و في الخصيتين الدية و في كل واحدة منهما نصف الدية ، و في بعض رواياتنا أن في اليسرى ثلثي الدية و في اليمنى ثلثه ، لان الولد يكون من اليسرى ، فإذا ثبت أن في الذكر الدية ، و في الخصيتين الدية ، فان قطعهما قاطع أو قطع الذكر ثم قطع الخصيتين ففيهما ديتان ، و كذلك إن قطع الخصيتين أولا ثم الذكر ، عندنا و عند جماعة .و قال بعضهم في الخصيتين الدية و في الذكر حكومة لان الخصيتين إذا قطعتا ذهبت منفعة الذكر ، فان الولد لا يخلق من مائه ، فهو كالشلل .كل عضو فيه مقدر إذا جنى عليه فذهب منفعته أو لم يكن في الاصل فيه منفعة و إنما فيه جمال الحظوة فقط كالعين القائمة ، و هي التي في صورة البصيرة أنه لا يبصر بها ، و اليد الشلا و الرجل الشلا كذلك هي في صورة الصحيحة ، أنه لا يبطش بها ، و كذلك لسان الاخرس في صورة لسان الناطق أنه لا ينطق به ، و كذلك
إذا جنى على عبد أو حر فاندمل الجرح وظهر به شين
إذا كانت الجناية كالباضعة والخارصة والمتلاحمة والسمحاق فعندهم فيه حكومة
إذا كانت الجناية فيها مقدر ففى الحر من ديته وفي العبد من قيمته
* دية اللحية * اللحية وشعر الرأس والحاجبين فيها دية أو حكومة
ذكر الاشل كل هذا و ما في معناه عندهم فيه حكومة ، و عندنا يجب في جميع ذلك ثلث دية العضو .] دية اللحية [ فأما اللحية و شعر الرأس و الحاجبين فانه يجب فيه عندنا الدية ، و عند بعضهم حكومة ، فمن قال إن فيها حكومة قال كل عضو جنى عليه فصار أشل نظرت ، فان لم يبق هناك الجمال ففيه حكومة كاليدين و الرجلين و الذكر ، و إن كانت المنفعة قائمة كالانف و الاذنين قال بعضهم فيه حكومة لانه صيره أشل و قال آخرون فيه ديته لانه قد أذهب منفعته ، و عندنا إذا جنى على عضو فصار أشل وجب عليه ثلثا دية ذلك العضو .فإذا ثبت ذلك فالجناية إذا وقعت لم تخل من أحد أمرين إما أن يكون فيها مقدر أولا مقدر فيها ، فان كان فيها مقدر كالانف و اللسان و العينين و الاذنين و اليدين و الرجلين و نحو هذا كالموضحة و الهاشمة و المنقلة و المأمومة و الجائفة ، فهي مقدرة في الحر من ديته و في العبد من قيمته ، فالحر أصل للعبد فيما فيه مقدر ، فكلما كان مقدرا في الحر من ديته كان مقدرا في العبد من قيمته و هذا يأتي .و ما لا مقدر فيه كالباضعة و الخارصة و المتلاحمة و السمحاق عندهم ، و كسر عظم أو شق لحم في الوجه و الرأس ، عندنا جميع ذلك فيه مقدر ، و عندهم حكومة .و لا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون لها شين و نقص بعد الاندمال أو لا يكون ذلك لها ، فان كان لها شين و نقص بعد الاندمال بأن كان المجني عليه عبدا ففيه ما نقص من قيمته ، فيقال كم قيمته ، و ليس هذا الشين به ؟ فإذا قالوا مائة ، قلنا و كم قيمته و به هذا الشين ؟ قالوا تسعون ، قلنا فقد نقص عشر القيمة ، فيوجب فيه ما نقص و على هذا كل الحكومات في المملوكات أرش الجنايات عليها ما نقصت على ما فصلناه .و إن كان حرا لم يمكن تقويمه لكنه يقدر بالعبد ، فيقال و لو كان عبدا و ليس به هذا الشين كم قيمته ؟ قالوا مائة ، قلنا و به هذا الشين ؟ قالوا تسعون ، قلنا فقد نقص عشر قيمته ، فيجب في الحر عشر ديته ، فالعبد أصل للحر فيما ليس فيه مقدر ، و الحر
أصل للعبد فيما فيه أرش مقدر ، و هكذا يقوم المبيع إذا كان مبيعا تعتبر قيمته و يوجب بحصة ذلك من ثمنه .بيانه إذا اشترى عبدا فأصاب به عيبا بعد أن حدث به عيب عنده ، فامتنع الرد بالعيب و نحوه ، فان المشترى يرجع على البايع بأرش العيب و هو أن يقال كم قيمته و لا عيب به ؟ قالوا مائة ، قلنا و كم قيمته و هذا العيب به ؟ قالوا تسعون ، قلنا فالعيب عشر قيمته ، فيجب على البايع أن يرد عشر ثمنه .و إنما قلنا يرجع بالحصة من الثمن لا ما بين القيمتين ، لانه قد يشترى بعشرة ما قيمته مائة فإذا قومناه كان النقص عشرة ، فإذا رد البايع هذا القدر بقي المبيع بغير ثمن ، و إذا كان الاعتبار بالحصة من الثمن لم يعر المبيع عن الثمن بحال و هذا مما يغلط فيه الفقهاء فيوجبون الارش ما بين القيمتين .و أما إن لم يكن هناك شين و لا نقص كما لو قطع أصبعا زايدة أو نتف لحية إمرأة أو قلع سنا زايدة ، أو كانت شجة في وجهه فزادته بعد الاندمال حسنا قال قوم لا حكومة فيها لان الحكومة لاجل النقص ، و لا نقص ههنا ، و قال قوم فيها الحكومة و هو الاقوى .فمن قال لا ضمان فلا كلام ، و من قال عليه الضمان فالكلام في كيفيته فان كانت أصبعا زايدة قوم عند أقرب الاحوال إلى الاندمال ، فان لم يكن هناك نقص قوم و الدم جار ، فيقوم على ما يمكن ، و قد روى أصحابنا في الاصبع الزايدة ثلث دية الاصبع الصحيحة فلا يحتاج إلى ما قالوه .و أما إن كان نتف لحية إمرأة لم يمكن اعتبارها بالعبد الذي إذا ذهبت لحيته كان أكثر لقيمته لانه يخرج فيه نقص فيعتبرها بعبد متى ذهبت لحيته نقصت قيمته ، كالذي له أربعون سنة و خمسون سنة ، فيقال كم يساوي هذا العبد و له لحية ؟ قالوا مائة قلنا و كم يساوى و لا لحية له ؟ قالوا تسعون ، قلنا قد نقص عشر القيمة ، فيكون في لحيتها عشر ديتها ، و إن كانت الجناية قلع سن زايدة روى أصحابنا أن فيها ثلث دية السن الصحيحة ، و عندهم يقال هذه الزايدة خلفها سن أصلية في صف الاسنان
المسألة بحالها ، فانجبر مع العجر ، ومعنى ذلك
المسألة بحالها ، فجبرت الكسر فانجبر معوجا أو مستقيما مع شين
* دية الترقوة * إذا كسر الترقوة والضلع ففيها مقدر أو حكومة
لو قلعت و ليس خلفها أصلية لاثبت هناك ثلمة ، فيقال لو لم يكن هناك ثلمة كم كان يساوي ؟ قالوا مائة قلنا و به هذه الثلمة ؟ قالوا تسعون ، قلنا قد نقص العشر من قيمته فيوجب العشر من ديتها .فان كانت الجناية قطع أنملة لها طرفان فقد قلنا إن احداهما أصلية و الاخرى زايدة فيها حكومة ، فلا يمكن اعتبار هذه بشيء ، فتكون الحكومة بحسب ما يقدره الحاكم باجتهاده و لا يبلغ الحكومة ما يجب في أصل ذلك الشين .كل شيء فيه أرش مقدر يمكن معرفة ما ذهب منه بحسابه إذا قطع بعضه ، كالسن الاصلى و الاذن و الانف و اللسان و يوجب فيه ما يخصه من الدية و قد مضى .] دية الترقوة [ الترقوة هي العظم المعروف الممتد من عند ثغرة النحر إلى المنكب ، و لكل واحد ترقوتان ، فإذا كسر الترقوة و الضلع فعندنا فيه مقدر ذكرناه في الكتاب المقدم ذكره ، و قال بعضهم فيه حكومة ، و روى عن بعض الصحابة أن فيه جملا ، و به قال بعضهم .فمن قال فيه مقدر فلا كلام ، و من قال فيه حكومة قال ينظر ، فان جبر مستقيما على ما كان عليه بغير شين بحال ففيه حكومة ، و إن جبر مستقيما مع شين ففيه حكومة زايدة على ما مضى ، و إن عاد معوجا ففيه حكومة أكثر ، و كذلك إن كان بعجر يعنى عقد ناتئة فان العظم قد ينعقد إذا جبر فيظهر فيه كالعقد .و هي العجر و العجر و العجر جمع عجرة ، و هي كل مانتأ و ظهر ذلك على البدن و كذلك يقال للعروق إذا ظهرت معقدة في عروقه عجر و لهذا قيل للسرة إذا علت سرة معجرة قال ابن الاعرابى يقال لكل ما كان من هذا على الظهر عجر ، و ما كان منه على البطن بجر ، و هو مأخوذ من العيب و لهذا استعير في الهموم و الاحزان قال على عليه السلام أشكو عجرى و بجرى أي همومى و أحزانى .فإذا ثبت هذا فمتى عاد بعجر زادت الحكومة لانه أكثر شينا .
إذا لكمه أو ضربه بمثقل أو بحد سيف فحصل منها شين من دون جرح
إذا قلع الاعور عينا واحدة من عين ذى العينين
فأما إن لكمه أو ضربه بمثقل فلم تقبح أو بحد سيف فلم يجرح ، فان حصل منها شين ففيها حكومة ، و إن زال الشين بعد هذا رد الحكومة ، و إن لم يحصل شين فلا غرم ، لانه ما جرح و لا كسر عظما و لا أثر شينا .و جملته ثلث مسائل متى انجبر العظم مستقيما بغير شين ففيه حكومة ، و متى ضربه بمثقل فلم يشن المكان فلا حكومة ، و متى جرحه فاندمل بغير شين قال قوم فيه حكومة و هو الصحيح ، و قال آخرون لا حكومة .] دية الكفار [ دية اليهودي و النصراني عندنا مثل دية المجوسي سواء ثمانمائة درهم و قال بعضهم دية اليهودي و النصراني ثلث دية المسلم ، ودية المجوسي ثمان مائة درهم مثل ما قلناه ، و قال قوم ديته دية المسلم سواء و فيه خلاف .الكفار على خمسة أصناف من له كتاب يتمسك به و هو اليهودي و من جرى مجراهم من السامرة ، و النصارى و من جرى مجراهم و هم الصابئة عندهم ، و عندنا الصابئة ليسوا من أهل الكتاب و عندهم كلهم لهم كتاب ، و دماؤهم تحقن بأحد أسباب ثلثة ذمة مؤبدة ، أو عهد إلى مدة ، أو أمان مطلق ، و هو أن يدخل إلينا في تجارة أو رسالة أو حاجة فدية هؤلاء ثلث دية مسلم عندهم ، و عندنا ما قلناه .الثاني من لا كتاب له لكن له شبهه كتاب و هم المجوس ، فعم يقرون على أديانهم بأحد الامور الثلثة التي ذكرناها بلا خلاف لقوله عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب ، و ديتهم ثمانمائة درهم بلا خلاف .الثالث من لا كتاب له و لا شبهة كتاب و هم عبدة الاوثان و من عبد ما استحسن كالشمس و القمر و الشجر و البقر و الكواكب و نحو ذلك ، فهؤلاء تحقن دماؤهم بأحد أمرين عهد إلى مدة و أمان مطلق فأما ذمة مؤبدة فلا ، و دياتهم ديات المجوس ثمانمائة .
إذا جنى على عبد كان أرشها قيمته فهل يمسك السيد عبده
كل جناية لها في الحر أرش مقدر من ديته فلها من العبد مقدر من قيمته
كل من جني عليه جناية فيها أرش مقدر كان المقدر من ديته
الرابع من كفر بعد إيمانه و هم المرتدون فهؤلاء لا يقرون على كفرهم بوجه لا بذمة و لا عهد و لا أمان مطلق ، و دماؤهم هدر ، و في هذا المعنى أهل الحرب يعني من كان حربا لنا و ليس بيننا و بينه عهد و لا عقد ، على أى دين كانوا ، و بأى دين تمسكوا فالكل على إباحة الدم الخامس من لم تبلغه الدعوة و لم يبلغه أن الله بعث رسولا قال بعضهم لا أظن أحدا لم تبلغه الدعوة إلا أن يكون قوم خلف الترك فهؤلاء المشركون لا يحل قتالهم ابتداء قبل العلم بالدعوة لكن إن بادر مبادر فقتل منهم فلا قود عليه بلا خلاف ، والدية تجب عند قوم بقتله ، و قال آخرون لا تجب الدية بقتله ، و هدر دمه و هو الاقوى عندي لان الاصل براءة الذمة .كل من جنى عليه جناية فيها أرش مقدر كال المقدر من ديته فدية المسلم مائة من الابل و في يده خمسون ، و في أصبعه عشر من الابل و في موضحته نصف عشر الدية خمس من الابل و المرأة خمسون و في يدها خمس و عشرون ، و في أصبعها عندهم خمس و في موضحتها اثنان و نصف ، و عندنا أنها تعاقل الرجل إلى ثلث الدية فيكون في أصبعها عشر من الابل و في ثلاث أصابع ثلثون ، و في أربع عشرون ، فإذا فرضنا في المشركين فرضناها في الدراهم ، فانه أسهل ، ففى واحد من أهل الكتاب عندنا ثمانمائة درهم ، و عند بعضهم أربعة ألف ، و في يده عندنا أربعمائة و في موضحته أربعون درهما و في أصبعه ثمانون ، و المرأة على النصف من دية المجوسي مثل ذلك و عندهم على هذا التدريج كل مشرك على قدر ديته على ما مضى من الخلاف .كل جناية لها في الحر أرش مقدر من ديته لها من العبد مقدر من قيمته ، و ففى أنف الحر و لسانه و ذكره ديته ، و في كل واحد منها في العبد قيمته ، في يده نصف قيمته ، و في أصبعه عشر قيمته ، و في موضحته نصف عشر قيمته و فيه خلاف ذكرناه في الخلاف .فإذا تقرر هذا نظرت في الجناية ، فان كان قدرها قيمته كالانف و اللسان و الذكر و اليدين و الرجلين ، وجب على الجاني ذلك و يتسلم العبد ، و في من وافقنا في
المسألة بحالها وكان الرجل مجنونا أو صبيا
إذا شهر سيفه في وجه رجل فذهب عقله أو مات
إذا صاح ببالغ صيحة فذهب بها عقله أو صاح بصبى
إذا كان إنسان على شفير بئر أو حافة نهر فصاح به صيحة فسقط فمات
إذا قتل حر عبدا فقيمته في ذمته وإن قتله خطأ محضا فعلى عاقلته
ذلك من قال يمسك السيد عبده و يطالب الجاني بكمال القيمة .و قال بعضهم سيده بالخيار بين أن يمسكه و لا شيء له و بين أن يسلمه و يأخذ كمال قيمته ، فأما أن يمسكه و يطالب بقيمته فليس له ذلك ، لانه لو كان له ذلك لكنا جمعنا له بين البدل و المبدل ، و هذا قريب من مذهبنا .إذا قتل حر عبد فقيمته في ذمته ، و كذلك إن قطع أطرافه ، و كذلك إن قتله عمد الخطاء عندنا ، و إن قتله خطأ محضا فالقيمة على عاقلته عندنا ، و كذلك أطرافه و قال قوم عليه في ماله ، و كذلك القول في أطرافه سواء .و قال بعضهم بدل النفس على العاقلة ، و بدل أطرافه على الجاني في ماله .لا يحمل على العاقلة ما كان عمدا محضا سواء كان عمدا لا قصاص فيه كقطع اليد من نصف الساعد أو المأمومة و الجائفة ، و كذلك إذا قتل الوالد ولده عمدا ، و خالف بعضهم في الدية فيما لا قصاص فيه على العاقلة إلا إذا رمى الوالد ولده حذفا فانه وفاق والدية عليه .إذا كان إنسان على شفير بئر أو حافة نهر أو جانب سطح أو قلة جبل فصاح به صائح صيحة شديدة فسقط فمات ، فان كان الذي صيح به رجلا عاقلا فلا شيء على الصائح ، لانه ما سقط من صحته و إنما وافقت سقطته صيحة هذا ، و إن كان الذي سقط صبيا أو معتوها فعلى الصائح الدية و الكفارة ، لان مثل هذا يسقط من شدة الصيحة ، والدية على عاقلته ، و هكذا لو كان جالسا في غفلة فاغتفله الصايح فصاح به مفزعا له فسقط ، فمات فالدية على عاقلته ، و الكفارة في ماله .فاما إن صاح ببالغ فذهب عقله قال قوم لا شيء عليه ، لان البالغ العاقل لا يذهب عقله بصيحة يصاح به ، و إن كان صبيا فذهب عقله فعلى عاقلته الدية ، و إن شهر سيفه في وجه رجل فذهب عقله أو مات فلا شيء عليه و لو كان هذا صبيا فذهب عقله أو مات أو كان مجنونا فمات فالدية على عاقلته و الكفارة في ماله ، لان مثل هذا يحصل بمثل هذا من هذا الصياح و التخويف .نام كتاب : المبسوط جلد 7 مصحح : مهجور فايل 12 : از 159 تا 172 / 5 / 73
إذا طلب بصيرا فهرب منه فاعترضه سبع فقتله
المسألة بحالها ، وقد كان المطلوب أعمى
إذا شهر سيفه في طلب رجل ففر فألقى نفسه من سطح أو جبل فهلك
إذا ذكرت امرءة عند الامام بسوء فبعث إليها فماتت
ثم ينظر فان كان فعله عمدا فالدية مغلظة في ماله عندنا ، و عندهم على العاقلة و إن كان إنما صاح به خطاء فالدية مخففة على العاقلة بلا خلاف .فان ذكرت إمرأة عند الامام بسوء فبعث إليها فماتت فلا شيء عليه ، و إن كانت حاملا فأسقطت فالضمان على الامام لاجماع الصحابة عليه ، روى أن إمرأة ذكرت عند عمر فأرسل إليها فأجهضت ما في بطنها ، فقال للصحابة ما تقولون ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف إنما أنت مؤدب فلا شيء عليك ، فقال لعلى عليه السلام ما تقول ؟ فقال إن علموا فقد غشوك ، و إن اجتهدوا فقد أخطأوا ، عليك الدية ، فقال لعلى عزمت عليك أن لا تقوم حتى تقسمها على قومك فهم قومى فأضافهم إليه انبساطا إليه و تقربا .إذا شهر سيفه في طلب رجل ففر من بين يديه فألقى نفسه من سطح أو جبل أو في بئر أو نار فهلك فلا ضمان على الطالب ، لانه إنما ألجاه إلى الهرب و ما ألجاه إلى الوقوع ، بل ألقا نفسه في مهلكة باختياره ، فالطالب صاحب سبب و الواقع مباشرة و متى اجتمعت مباشرة و سبب ملجئ فلا ضمان على صاحب السبب كالحافر و الدافع فان الضمان على الدافع دون الحافر .فان كانت بحالها و كان المطلوب أعمى فوقع فالضمان على الطالب لانه سبب ملجئ فان الاعمى لم يعلم ذلك ، و لا اختار إيقاع نفسه في مهلكة ، و إذا كان السبب ملجئا تعلق الضمان بصاحب السبب كما لو حفر بئرا فوقع فيها أعمى ، فعلى الحافر الضمان لانه ألجاه إلى الوقوع ، و يفارق إذا كان بصيرا لانه ما ألجاه إلى الوقوع فلهذا لم يضمن .فوز ان الاعمى من البصير أن يكون البصير وقع في بئر لم يعرفها أو انخسف السقف من تحته فوقع ، كان الضمان على صاحب السبب لانه ألجاه إليه ، فكان كالاعمى سواء .و إذا طلب بصيرا فهرب منه فاعترضه سبع فقتله فلا ضمان على الطالب ، سواء كان المطلوب بصيرا أو أعمى لان السبع له قصد و اختيار ، فكان من الطالب سبب
إذا جنى عبد قن فعندهم تعلق الارش برقبة العبد دون السيد وفيه خلاف
إذا جنت أم الولد كان أرش جنايتها على سيدها
لورمى به من شاهق والغالب أنه يهلك بذلك فاعترضه رجل بسيفه فقده
ملجئ ، و من السبع المباشرة ، فلا ضمان على سبب كالدافع و الحافر سواء ، فان اضطره إلى مضيق مع السبع فعليه الضمان ، لان السبع يفترس في المضيق غالبا .لو رمى به من شاهق و الغالب أنه إذا وقع على الارض هلك ، فاعترضه من تحته رجل بالسيف فقده بنصفين فهلك ، قال قوم عليهما الضمان سواء لانه قد حصل من كل واحد منهما ما يكون فيه التلف غالبا ، فهو كما لو رمياه معا أو جرحاه معا فهلك ، و قال آخرون الضمان على الثاني وحده ، لان الاول جان و الثاني موجئ فهو كما لو جرحه الاول و ذبحه الثاني ، فان الضمان على الثاني وحده .و يفارق إذا جرحاه معا لان كل واحد منهما حصل منه سبب متلف و اشتركا في الضمان ، و ههنا المتلف الثاني وحده ، فان الاول دفعه و هو صحيح و كان في سلامة ما لم يعترضه ، فلهذا كان على الثاني ، و هكذا إذا كان المدفوع ملكا لانسان كالعبد و البهيمة كان على هذين القولين و الثاني أقوى .إذا جنت ام الولد كان أرش جنايتها على سيدها بلا خلاف إلا أبا ثور ، فانه قال أرش جنايتها في ذمتها يتبع به بعد العتق ، فإذا ثبت أن عليه الضمان فالذي عليه أقل الامرين من أرش جنايتها أو قيمتها ، فان كان الارش أقل فليس للمجني عليه أكثر من أرش جنايته ، و إن كان الارش أكثر فليس عليه إلا القيمة لانه هو القدر الذي هو قيمتها .و إن كانت الجناية من عبد قن فعند الفقهاء تعلق برقبة العبد دون السيد ، فان أراد أن يفديه فداه بأكثر الامرين ، إما أرش الجناية أو قيمته و عندنا مثل ذلك ام الولد سواء و متى كان الارش أكثر من قيمة ام الولد لم يلزمه أكثر من القيمة ، فإذا غرم القيمة ثم جنت بعد هذا هل عليه الضمان أم لا ؟ قال قوم عليه الضمان كلما جنت و لو ألف مرة ، و قال آخرون لا يجب على السيد أكثر من قيمتها فإذا غرمها ثم جنت يشارك المجني عليه أولا فيكون قيمتها بينهما و الاول هو الذي يقتضيه مذهبنا .و من قال عليه أقل الامرين كلما جنت ، فلا كلام فنتظر إلى الارش و القيمة
فيوجب على السيد أقل الامرين ، و من قال لا يجب أكثر من قيمة واحدة ، فعلى هذا متى غرم قيمتها فلا شيء عليه بعدها ، و يكون المجني عليهم مشتركين في ذلك القدر أبدا و فيه ثلث مسائل : قيمتها ألف جنت جناية أرشها ألف على السيد كلها ، فان جنت مرة اخرى جناية أرشها ألف كان الثاني و الاول مشتركين في الالف نصفين ، فان جنت ثالثا جناية أرشها ألف اشترك الثلثة في الالف أثلاثا .الثانية قيمتها ألفان جنت جناية أرشها ألف فاخذ من السيد ألف ، فان جنت ثانيا جناية أرشها ألف فعلى السيد أيضا لانه ما غرم قيمتها ، و هذا الالف تمام قيمتها فلا غرم عليه سواه ، فان جنت ثالثا جناية أرشها ألف اشترك الثلثة في قدر قيمتها ، و هي ألفان ، لكل واحد منهم ثلث الالفين ، و على هذا أبدا .الثالث قيمتها ألف و خمسمأة ، جنت جناية أرشها ألف فعلى السيد ذلك ، فان جنت ثانيا جناية أرشها ألف فليس على السيد إلا خمسمأة ، و هي تمام القيمة ثم يشارك الاول و الثاني في الالف و خمسمأة بالسوية ، فالأَول أخذ ألفا ، و الثاني خمسمأة فيأخذ الثاني من الاول مأتين و خمسين ، ليكون مع كل واحد سبعمأة و خمسون كمال قيمتها نصفين .إذا اصطدم الفارسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف الدية لصاحبه ، و الباقى هدر ، و فيه خلاف .و إن كان إنسان جالسا على طريق فعثر به غيره عثرة يقتل مثلها الجالس ، فماتا معا كان على عاقلة كل واحد منهما تمام الدية ، و الفرق بينهما أن كل واحد منهما مات بسبب انفرد به صاحبه ، لان الجالس قتله العاثر مباشرة ، و العاثر مات بسبب كان من الجالس ، فلهذا كان على عاقلة كل واحد منهما كمال دية صاحبه ، فهو كما لو حفر بئرا في ملكه ثم جاء رجل فجرح الحافر و سقط الجارح في البئر فان الجارح قتل الحافر مباشرة ، و الحافر قتل الجارح بسبب ، و هكذا لو نصب سكينا في
إذا اصطدم الفارسان فمات الفرسان فيه فروع
ملكه و حفر آخر بئرا في ملكه فوقع الحافر على السكين فمات و وقع الناصب في البئر فمات ، فعلى عاقلة كل واحد منهما كمال دية صاحبه ، لانه مات بقتل انفرد صاحبه به ، و ليس كذلك مسألة الصدمة لان كل واحد منهما مات بفعل اشتركا فيه ، فلهذا لم يكن على عاقلة كل واحد منهما كمال دية صاحبه ، كما لو جرح نفسه و جرحه غيره .و لا فصل بين أن يكونا بصيرين أو أعميين أو أحدهما أعمى و الآخر بصيرا ، لانه إن كانا أعميين فالقتل خطأ من كل واحد منهما بلا إشكال ، فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه مخففة ، و إن كانا بصيرين فان كان ذلك خطاء فهما كالاعميين و قد مضى .و إن كان من كل واحد منهما على وجه القصد و العمد ، قال قوم هو شبه العمد لان الصدمة لا يكون منها القتل غالبا فيكون على عاقلتهما الدية مغلظة ، و قال بعضهم يكون ذلك عمدا محضا فوجب القود ، فعلى هذا في تركة كل واحد منهما نصف دية صاحبه حالة مغلظة و هو الصحيح عندنا .فأما إذا مات الفرسان فعلى كل واحد منهما نصف قيمة دابة صاحبه ، فان كانت القيمتان سواء تقاصا ، و إن اختلفا فانهما يتقاصان و يتردان الفضل ، و لا يكون ضمان القيمة على العاقلة لان العاقلة لا يعقل البهايم ، و أما الديتان فعليهما إن كان خطا على ما بيناه ، و لا يجئ أن يتقاصوا إلا أن تكون العاقلة ترث كل واحد منهما فانهما يتقاصان .و لا فرق بين أن يكونا على فرسين أو بغلين أو حمارين ، أو أحدهما على فرس و الآخر على بغل أو حمار أو كان أحدهما على فيل و الآخر على فرس أو جمل ، لانهما اشتركا في الجناية فكانا في الضمان سواء ، كما لو جرح أحدهما رجلا مائة جرح و جرح نفسه أو غيره جرحا واحدا فمات كانا في الضمان سواء ، و إن اختلفا في أرش الجناية .و لا فصل بين أن يكونا مقبلين أو مدبرين ، أو أحدهما مقبلا و الآخر مدبرا ، لان الاعتبار بحصول الاصطدام و لا فصل بين أن يكونا مكبوبين أو مستلقيين أو أحدهما
المسألة بحالها ، وكان المصطدمان امرءتين
إذا كانا ماشيين أو أحدهما راكبا والآخر ماشيا فاصطدما ففيه ثلاث مسائل : يكونان حرين أو عبدين أو أحدهما حرا والاخر عبدا
مكبوبا و الآخر مستلقيا ، و قال بعضهم إن كان أحدهما مكبوبا و الآخر مستلقيا فالمكبوب هو القاتل وحده ، و المستلقى مقتول فعلى عاقلة المكبوب كمال دية المستلقى .و إذا كانا ماشيين أو أحدهما راكبا و الآخر ماشيا فالحكم مثل ذلك ، و يتصور المسألة إذا كان الماشي طويلا و الراكب على شيء قصير حتى يقع الاصطدام بينهما في أبدانهما و الحكم في الضمان على ما مضى .فإذا تقرر هذا لم يخل المصطدمان من ثلثة أحوال إما أن يكونا حرين أو عبدين أو أحدهما حرا و الآخر عبدا ، فان كانا حرين فان كانا كبيرين فقد مضى الحكم فيهما و إن كانا صغيرين ، فان كان الركوب منهما فالحكم فيه كما لو كانا كبيرين على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه ، و إن كان الولى هو الذي أركبهما فالحكم فيه كما لو كانا بأنفسهما ، لان للولي ذلك لانه من الادب و له تعليمهما ، و إن أركبهما أجنبيان فعلى عاقلة كل واحد من المركبين نصف دية الصغيرين معا ، لانه فعل ما ليس له فعله ، فلا يهدر شيء من دم الصغيرين ، لان كل واحد منهما و إن مات بفعله و فعل صاحبه ، فما قابل فعل نفسه لا يهدر ، لان سبب ذلك وقع من المركب له ، فصار مفرطا فيه ، فلذلك كان الضمان عليه .فإذا ثبت ذلك ، فان عاقلة كل واحد من المركبين إنما يضمن مثل ما يضمن عاقلة صاحبه ، سواء كان الصغيران مسلمين أو كافرين ، أو أحدهما مسلما و الآخر كافرا لانه إن كانت الديتان كاملتين أو ناقصتين فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف الديتين ، فان كانت احداهما ناقصة و الاخرى كاملة فكذلك أيضا لان عاقلة كل واحد منهما يعقل نصف دية كاملة و نصف دية ناقصة ، فلهذا قلنا لا يضمن إحدى العاقلتين أكثر من الاخرى .هذا إذا كانا ذكرين فأما إن كان المصطدمان إمرأتين نظرت ، فان كانتا حائلتين فهما كالرجلين و إن كانتا حاملتين فأسقطت كل واحدة منهما جنينا ميتا فعلى عاقلة كل واحدة منهما نصف دية الجنينين معا لان كل واحدة منهما قتلت جنينها هى و صاحبتها و المرأة إذا قتلت جنينها فالدية على عاقلتها فأوجبنا على عاقلة كل واحدة منهما نصف
فروع في المسألة الثالثة : مات العبد أولا ثم الحر أو بالعكس
المسألة بحالها ، وكان المصطدمان عبدين فماتا معا أو مات أحدهما قبل صاحبه
دية الجنين ، كالمركبين الصغيرين إذا كان المركبان أجنبيين و عندنا أن دية الجنين عليهما في مالهما خاصة ، فعلى هذا يلزم كل واحدة منهما نصف دية الجنين في مالها .و أما إذا كانا عبدين هدرت قيمة كل واحد منهما لانه مات من فعله و فعل صاحبه ، فما قابل فعل نفسه هدر ، و ما قابل فعل غيره مضمون ، و هو نصف القيمة ، إلا أن محل تعلق نصف القيمة رقبة العبد الجاني و قد هلكت الرقبة ، فبطل محل تعلق القيمة كما لو قتل عبد عبدا تعلقت قيمته برقبته ، فان هلكت سقطت القيمة لفوات محلها .و إن مات أحدهما قبل صاحبه تعلق نصف القيمة برقبة الباقى منهما يباع فيها ، فان كان هلك قبل ذلك سقطت القيمة لفوات محلها و هذا الميت آخرا مات بسبب كان منه و من الذي مات أولا ، فاقتضى أن يتعلق نصف قيمته برقبة الميت أولا ، فلما مات بعد ثبوت الاول بطل محل الحق قبل موت الثاني ، فلهذا هدرت قيمته .فأما إن كان أحدهما حرا و الآخر عبدا قدمنا الكلام فيه إذا مات أحدهما قبل صاحبه ، فانه أوضح ينظر فيه فان مات العبد أولا وجب نصف قيمته لانه هلك من فعله و فعل غيره ، و كان ما قابل فعل نفسه هدرا و أين يجب نصف القيمة ؟ قال قوم على عاقلة الحر و قال آخرون في ذمته ، و أين وجب كانت لسيد العبد يستوفيها منه .و أما إن مات الحر أولا وجب بموته نصف ديته لما مضى ، و كان هذا النصف متعلقا برقبة العبد يباع فيها ، فان كانت قيمة العبد مثل نصف الدية استوفى ذلك من ثمنه ، و إن كانت قيمته أقل من نصف الدية فليس لمن وجبت له نصف الدية إلا قيمة العبد ، و ما زاد على ذلك هدر ، و إن كانت قيمته أكثر من نصف الدية بيع منه بقدر نصف الدية و كان الباقى لسيده .فان هلك هذا العبد نظرت فان مات حتف أنفه سقط ما كان متعلقا برقبته إلى بدل و إن قتله قاتل وجبت عليه قيمته ، و يحول ما كان متعلقا برقبته إلى قيمته ، و يستوفى ممن وجبت القيمة عليه .
إذا كانوا عشرة فرموا حجرا بالمنجنيق فقتل الحجر واحدا
المسألة بحالها فمات الحر والعبد معا فيه أبحاث
فأما إن مأتا معا منه ، وجب بموت العبد نصف قيمته ، و هل يجب على عاقلة الحر أو تركته ؟ قال قوم على عاقلته و قال آخرون على ماله ، و يكون ذلك لسيده و قد وجب بموت الحر نصف ديته ، و كان من سبيلها أن تكون متعلقة برقبة العبد و لكنها تحولت إلى قيمته لان العبد إذا جنى فتعلق أرش الجناية برقبته فمتى قتله قاتل يحول أرش الجناية إلى قيمته ، كذلك هيهنا ، قد قتل الحر فوجب تعلق نصف الدية بنصف قيمته لورثة الحر فقد وجب لسيد العبد نصف قيمة عبده ، و وجب لورثة الحر نصف الدية متعلقة بنصف قيمة العبد ، فينظر فيه .فان كان نصف الدية و نصف القيمة سواء فمن قال نصف قيمة العبد في تركة الحر فقد وجب ذلك لسيده ، و وجب لورثة الحر نصف الدية متعلقة بنصف القيمة فيتقاصان لانه لا معنى لان يستوفي السيد من تركة الحر نصف قيمة عبده ، ثم يسترده وارث الحر منه ، و من قال نصف قيمة العبد على عاقلة الحر قال إن كان وارث الحر هو العاقلة تقاصا على ما مضى ، و إن كان الوارث غيره فالسيد يستوفي نصف القيمة من العاقلة ثم وارثه يستوفي نصف الدية من السيد ، و لا يبقى للسيد شيء .فأما إن كان نصف القيمة أقل من نصف الدية فالقدر الذي يقابل من ذلك نصف قيمة العبد ، الحكم فيه كما لو كان نصف القيمة و نصف الدية سواء ، و ما فضل من نصف الدية على نصف القيمة هدر ، لانه لم يبق للفضل محل يتعلق به .و إن كان نصف القيمة أكثر من نصف الدية عندنا لا اعتبار بالزيادة ، و لا يلزم الحكم على ما مضى ، و فيهم من قال الفضل للسيد فمن قال يتعلق نصف قيمة العبد بتركة الحر استوفاه السيد منها ، و من قال على العاقلة قال يستوفي السيد من العاقلة .إذا كانوا عشرة فرموا حجرا بالمنجنيق فقتل الحجر واحدا لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون واحدا منهم أو من غيرهم ، فان كان من غيرهم فقد اشتركوا في قتله ، فهو كما لو جرحه كل واحد منهم جرحا فمات فان كان الرامي خطاء فعلى عاقلة كل واحد منهم عشر ديته مخففة .
إذا كان الرجل واقفا فجاء رجل فصدمه فماتا معا فيه فروع
المسألة بحالها فقتل الحجر واحدا من العشرة أو اثنين فصاعدا
و إن كانوا عامدين لقتله و قصدوه بعينه ، قالوا يكون عمد الخطاء و لا يكون قتل المنجنيق عمدا بوجه لانه لا يمكن قصد رجل بعينه بالقتل غالبا و إنما يتفق وقوعه على رجل فلا يكون عمدا محضا فالقود ساقط ، والدية مغلظة على عاقلة كل واحد منهم عشرها ، و يقوى في نفسى أن يكون ذلك عمدا محضا يوجب القود فان قلنا عمد الخطاء فالدية في ما لهم خاصة على ما تقرر .فأما إن كان واحدا منهم فقد مات بجنايته على نفسه ، و جناية التسعة عليه ، فما قابل جنايته على نفسه هدر ، و ما قابل جناية التسعة مضمون فعلى عاقلة كل واحد من التسعة عشر ديته ، فيكون لوارثه تسعة أعشار الدية .و إن قتل الحجر اثنين منهم فعلى عاقله كل واحد من الميتين عشر دية صاحبه لانه مات من جنايته على نفسه و جناية التسعة عليه ، و الميت أحد التسعة و على عاقلة كل واحد من الباقين عشر دية كل واحد من الميتين ، فيكون عاقلة كل واحد من الثمانية تعقل خمس الدية : العشر لوارث هذا الميت ، و العشر لوارث الميت الآخر ، فيحصل لورثة كل واحد من الميتين تسعة أعشار الدية ، و هكذا على هذا الحساب إن قتل الحجر ثلثة أو أربعة أو سبعة .فأما إن رجع الحجر على العشرة فقتلهم أجمعين ، فعلى كل واحد منهم تسعة أعشار الدية لورثة كل ميت العشر ، لان كل واحد منهم مات من جنايته على نفسه و جناية التسعة عليه ، فما يقابل جنايته هذر ، و ما قابل جناية التسعة عليه مضمون فيكون على عاقلة كل واحد من الباقين عشر ديته فيكون لورثة كل واحد منهم تسعة أعشار الدية على تسع عواقل ، و هذا الضمان يتعلق بمن مد الحبال و رمى بالحجر دون من وضع الحجر أو أمسك الخشب ، لان المباشرة منهم دون غيرهم كمن جعل سهما في قوس رجل فنزع صاحب القوس ورما به فالضمان على الرامي دون من وضع السهم في القوس ، فأما من أمسك الخشب فلا دخل له في الرمى .إذا كان الرجل واقفا فجاء رجل آخر فصدمه فماتا معا فدية المصدوم على عاقلة
المسألة بحالها وكان المصدوم واقفا في غير ملكه أو في موضع ضيق
الصادم ، لانه انفرد بقتله ، فهو كما لو جرحه فقتله ، و عندنا أن الدية عليه في ماله خاصة و أما دية الصادم فهل هدرت أم لا لم يخل المصدوم من أحد أمرين إما أن يكون واقفا في ملكه أو في ملكه : فان كان واقفا في ملكه فدية الصادم هدر ، لانه فرط بدخول ملك غيره ، فهو كما لو حفر ذلك الغير بئرا في ملكه فدخل الصادم فوقع فيها فمات ، فلا ضمان على الحافر ، و سواء كان المصدوم واقفا في ملكه أو جالسا أو مضطجعا الباب واحد .و إن كان المصدوم واقفا في ملكه نظرت ، فان كان في موضع واسع كالصحرا أو الطريق الواسع فالحكم فيهما كما لو كان واقفا في ملكه ، و قد مضى ، لان له أن يقف في الموضع الواسع كما يقف في ملكه ، فأما إن انحرف المصدوم ههنا و استقر ثم صدمه الاخر فهو كالواقف ودية الصادم هدر ، و إن انحرف المصدوم فوافقت الصدمة انحرافه ، فوقع الصدم و الانحراف معا و ماتا معا فعلى كل واحد منهما نصف دية صاحبه ، لانه مات من جنايته على نفسه و جناية الآخر عليه لان انحرافه فعل منه .فأما إن كان واقفا في موضع ضيق و هو أن وقف في طريق ضيق للمسلمين فصدمه ههنا و ماتا معا فدية الصادم مضمونة لانه تلف بسبب فرط فيه الواقف ، و ذلك أنه وقف في موضع ليس له أن يقف فيه كما إذا جلس في طريق ضيق فعثر به آخر فماتا فعلى عاقلة الجالس كمال دية العاثر لانه مات بسبب كان منه و هو جلوسه ، و لا فصل بين أن يكون جالسا و بين أن يكون واقفا فصدمه ، فان أحدهما مات بسبب و الاخر بالمباشرة .و يفارق هذا إذا اصطدما حيث قلنا على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية لان كل واحد منهما مات بفعله و فعل صاحبه و ههنا مات كل واحد منهما بفعل انفرد به صاحبه .و يفارق أيضا إذا كان واقفا في موضع واسع لانه مفرط فهدر دم الصادم و ههنا فرط .
فإذا تقرر هذا ففى مسألة الجالس قال قوم إنها مضمونة و قال آخرون إنها مضمونة ، و الاول أقوى .إذا اصطدمت السفينتان فتكسرتا و هلكتا و ما فيهما ، لم يخل من ثلثة أحوال إما أن يكون القائمان بهما مفرطين أو لم يفرطا أو فرط أحدهما دون الاخر فان كانا مفرطين مثل أن أمكنهما الحبس و الامساك بطرح الانجر و هي الحديدة الثقيلة كأنها صليب أو بالرجال أو أمكن صرفها عن سمت الاصطدام فلم يفعل ، أو كان هناك نقصان رجال أو نقصان آلة فكله تفريط .فإذا اصطدمتا لم يخل ما فيهما من أحد أمرين إما أن تكون أموالا أو غيرها ، فان كانت أموالا كالذهب و الفضة و العبيد و البهائم و الاثاث و المتاع ، نظرت فان كان القايم بهما مالكا كل واحد منهما قائم في ملكه و ما فيها ملكه ضمن كل واحد منهما نصف سفينة صاحبه بما فيها ، و الباقي هدر ، كما قلنا في اصطدام الفارسين إذا ماتت الدابتان كل واحد منهما يضمن نصف قيمة دابة صاحبه ، و هكذا إذا اصطدم الرجلان و و مع كل واحد منهما زجاج فتكسر أو كان معهما بيض فتكسر .و إن كان القيم بهما مالكين مثل أن كانا أجيرين أو استأجرا السفينتين أو استؤجرا للعمل فيها ، ضمن ههنا كل واحد منهما نصف السفينتين ، لان التلف منهما و الملك للغير .هذا إذا كان فيهما أموال فأما إن كان فيهما أحرار ، فلا فصل في هذا بين أن يكون القيم بهما مالكين أو أجيرين الباب واحد ، ينظر فيه ، فان كانا عامدين و قيل إن هذا يتلف غالبا فعليهما القود لانهما قد اشتركا في قتل من كان في السفينتين عمدا ، يقرع بينهما فمن خرجت قرعته قتل به ، و يكون دية الباقين في تركتهما حالة مغلظة لانهما عن عمد محض ، و عندنا إذا قتل سقط حق الباقين على ما مضى .و إن قيل قد يقتل هذا و قد لا يكون منه التلف فهو شبه العمد ، فتجب الدية على عواقلهما مغلظة مؤجلة على عاقلة كل واحد منهما نصف ديات القتلى و عندنا في
المسألة بحالها وقد كان الاصطدام من غير تفريط فيها أربع مسائل
أموالهما و أما الكفارة في أموالهما على كل واحد منهما بعدد كل القتلى كفارات .هذا إذا كان القيم بهما حرين فأما إن كانا عبدين لغير مالك السفينة ، فالحكم في العبدين كالحكم في الحرين حرفا بحرف ، في جميع ما قلناه إلا في فصل ، و هو محل الضمان ، فان الديات و قيمة المتلف كلها يتعلق برقبة العبد ، و في الحر بخلافه ، تكون الدية على عاقلة الحر و في المملوك رقبة العبد .فأما إن اصطدمتا من تفريط و هو أن تسير السفينتان بعدة وافية من رجال و آلة و عدل بهما عن سمت الاصطدام فهاجت الريح و غلب الموج و خرج الامر عن أيديهم و قهرتهم الريح فاصطدمتا و تكسرتا قال قوم عليهما الضمان و قال آخرون لا ضمان عليهما و هو الاقوى عندي فمن قال عليهما الضمان فالحكم فيه كما لو كانا مفرطين و قد مضى ، و تكون الدية ههنا مخففة مؤجلة على عاقلتهما و الكفارة في أموالهما ، و من قال لا ضمان فلان التلف كان من تفريط و فيها أربع مسائل .ألاولى إذا كانت السفينتان و ما فيهما لهما ، فلا ضمان على واحد منهما ، فان ما قابل جنايته على ماله هدر ، و ما قابل جنايته على مال غيره مضمون .الثانية كانت السفينتان معهما بأجرة و كان ما فيهما من الاموال ودائع و مضاربات فلا ضمان أيضا لان جميع ذلك لا يضمن إلا بالتفريط .الثالثة كانت السفينتان معهما بأجرة ، و ما كان فيهما من الاموال حملاها بأجرة إلى بلد ، فعلى هذا كل واحد منهما أجير مشترك فالسفينتان لا ضمان عليهما لانهما معهما بأجرة و أما الاموال فان كانت يد أصحابها عليها فلا ضمان أيضا لان الاجير المشترك لا يضمن ما يعمل فيه إذا كانت يد صاحبه عليه ، و إن لم يكن يد صاحبه عليه قال قوم يضمن و قال آخرون لا يضمن ، و هو مذهبنا لانهما ما فرطا .الرابعة لم تكن السفينتان معهما بأجرة بل جعل المتاع فيهما أصحاب المتاع ، nو استؤجرا ليسير انهما من مكان إلى مكان ، فكل واحد منهما أجير مشترك في السفينة و المتاع معا فيكون على ما فصلناه .
كانوا في سفينة فثقلت ونزلت في الماء وخافوا الهلاك والغرق فألقى بعض ما فيها لتخفف رجاء للسلامة فيها ثلاث مسائل
إذا شدت سفينة بشاطئ البحر واقفة عن السير فوافت سفينة فصدمتها
إذا اختلفا فقال رب المال فرطت وأنكر قيم السفينة
فاما إذا كان أحدهما مفرطا و الآخر مفرط ، فحكم المفرط بمنزلة أن لو كانا مفرطين حرفا بحرف و قد مضى ، و حكم المفرط بمنزلة أن لو كانا مفرطين في جميع ما ذكرناه من المسائل الاربع ، و قد مضى ، فكل موضع قلنا مفرط فعليه الضمان و كل موضع قلنا مفرط فانه لا ضمان عليه .فان اختلف قيم السفينة و رب المال ، فقال رب المال فرطت و أنكر القيم فالقول قول القيم مع يمينه ، لانه أمين قد ادعى عليه التفريط مثل المودع .و إذا اصطدمتا فانكسرت احداهما فالحكم كما لو تكسرتا معا في هذه المكسورة على ما فصلناه من التفريط و غيره .و إن شدت سفينة بشاطئ البحر واقفة عن السير فوافت سفينة سايرة فصدمتها و كسرتها و هلك ما فيها ، فانه مفرط فينظر فيه ، فان كان فيها ودايع و مضاربات فلا ضمان لانه مفرط و كذلك إن كان فيها رجال فلا ضمان .و أما إن كان فيها أموال فحملها بكري فهذا أجير مشترك ، فعلى ما مضى من الخلاف و أما السفينة الصادمة فان كان القيم بها مفرطا فعليه الضمان ، و إن لم يكن مفرطا قال قوم يضمن ، و قال آخرون لا يضمن و هو مذهبنا .إذا كانوا في سفينة فثقلت و نزلت في الماء و خافوا الهلاك و الغرق فألقى بعض ما فيها لتخف رجاء للسلامة ففيها ثلث مسائل : الاولى إذا ألقى بعضهم متاع نفسه فلا ضمان على أحد سلموا من ذلك أو لم يسلموا لانه اختار إتلاف ماله لغرض له فيه .الثانية أخذ مال غيره فألقاه في البحر بغير إذن صاحبه ، فعليه ضمانه ، سلموا أو لم يسلموا ، لانه أتلف مال غيره بغير إذنه من أن يلجئه صاحب المال إليه كما لو أتلف هذا المال .الثالثة قال واحد منهم لبعض أرباب الاموال ألق متاعك في البحر ليخف عنا ما نحن فيه ، فقبل منه فلا ضمان على من سأله ، سواء نجوا أو هلكوا لانه استدعا
ضمان إلقاء المتاع في البحر يبتنى على مسألة ضمان الاشتراك والانفراد
المسألة بحالها فلم يخافوا الغرق وقال أحدهم لغيره ألق متاعك في البحر ففعل
منه إتلاف ماله من عوض ضمنه له ، كما لو قال له أعتق عبدك فأعتق أو طلق زوجتك فطلق فلا شيء عليه و إذا قال له ألق متاعك في البحر و على ضمانه ، فألقاه فان عليه ضمانه بلا خلاف إلا أبا ثور ، فانه قال لا ضمان عليه ، لانه ضمان ما لم يجب .فأما إذا لم يخافوا الغرق و قال لغيره ألق متاعك في البحر ففعل ، لا يلزمه بلا خلاف ، و كذلك إذا قال له حرق ثبابك و على ضمانه ، لا يلزمه بلا خلاف و إنما لزمه في الاول لان له فيه غرضا من نجاة نفسه و ما معه ، و إذا قال له ألق متاعك في البحر على أنى و ركبان السفينة ضمناء فألقاه قال بعضهم ضمنه دونهم ، و قال آخرون إنما يضمن ما يخصه ، فأما أن يكون عليه ضمان جميع المتاع فلا .و الاولى أن يبين أولا الضمان في حق الجماعة ، و جملته أنه على ضربين ضمان اشتراك و ضمان اشتراك و انفراد .فضمان الاشتراك مثل أن يكون على رجل ألف فقال عشرة أنفس لمن له الالف ضمنا لك الالف التي لك على فلان ، فيكون جميعهم ضمناء ، و كل واحد منهم ضامن لعشر الالف ، فله أن يطالبهم بالالف معا ، و يطالب كل واحد بعشر الالف كما لو وكلهم في بيع عبد أو أوصى إليهم في تركته أو باعهم عبدا فقتلوه أجمعون .الضرب الثاني ضمان اشتراك و انفراد مثل أن يقول ضمنا لك و كل واحد منا الالف الذي لك على فلان ، فيكون الجميع ضمناء لكله و كل واحد منهم ضامن لكله فأما إن قال واحد من العشرة ضمنت لك أنا و أصحابي مالك على فلان ، و سكت أصحابه و ما كانوا وكلوه بذلك ضمن هو عشر الالف لانه لم يضمن الكل ، و إنما يضمن بالحصة .فإذا تقرر هذا كان إلقاء المتاع في البحر على هذا ، فان كان الضمان ضمان اشتراك ضمن كل واحد ما يخصه و إن كان ضمان اشتراك و انفراد ضمن كل واحد منهم كل المتاع ، و إن كان قال ألقه على أنى و ركبان السفينة ضمناء ، فسكتوا ضمن بالحصه أيضا و إن قال على أنى و كل واحد منهم ضامن ضمن الكل ، و إن قال
إذا سلم ولده إلى السابع ليعلمه السباحة فغرق
إذا تجارح رجلان فجرح كل منهما صاحبه وادعى أحدهما أنه جرح صاحبه دفعا
إذا خرق السفينة فغرق ما فيها فيه أبحاث
على أنى و هم ضمناء و قد ضمنت باذنهم فأنكروه ضمن دونهم ، و إن قال على أنى اؤديه من مالهم ضمن دونهم .و إن قال أنا القيه و أخذه فألقاه قال قوم يضمن الكل و هو الاقوى ، و قال غيرهم بالحصة .إذا خرق السفينة فغرق ما فيها نظرت ، فان كان كله ما لا متاعا و نحوه فعليه ضمانه ، سواء كان ذلك عمدا أو خطاء ، أو عمد الخطاء ، و إن كان ما فيها أحرارا فان كان خرقه عمدا محضا ، مثل أن قلع منها لوحا و قيل يغرق غالبا و هو إن كانت في لجة البحر بعيدة من الشط فهو عمد محض عليه القود كما لو قتلهم مباشرة أجمعين .و إن كان خطاء محضا مثل أن كان في يده فأس أو حجر فسقط فيها فانخرقت فالدية مخففة مؤجلة على عاقلته ، و الكفارة في ماله ، و إن كان عمد الخطاء مثل أن أخذ الفاس ليصلح موضعا فقلع لوحا ليدخل غيره أو يصلح مسمارا فانخرقت فهو عمد الخطاء لانه عمد في فعله و أخطأ في قصده ، فالدية مغلظة عندنا في ماله ، و عندهم على العاقلة مؤجلة و الكفارة في ماله بلا خلاف .إذا تجارح رجلان فجرح كل واحد منهما صاحبه فقال أحدهما أنه لا ضمان عليه و ادعى أنه جرح صاحبه دفعا عن نفسه ، و أنكر الآخر ، فالقول قول المنكر ، لان الظاهر حصول الجناية و هو يدعى الاسقاط ، فكان القول قوله .إذا سلم ولده إلى السابح ليعلمه السباحة فغرق ضمنه لانه تلف بالتعليم ، فهو كما لو ضرب المعلم الصبي على التعليم فمات ، و لانه فرط فيه لانه كان من سبيله أن يحتاط في حفظه و إحكام شكوته و ملازمة رجله ، فإذا لم يفعل فقد فرط فعليه الضمان ، و هو عمد الخطاء ، يكون الدية مغلظة مؤجلة في ماله عندنا و عندهم على العاقلة و الكفارة في ماله .فان كان المتعلم للسباحة كبيرا فانه لا ضمان عليه بحال ، لان البالغ العاقل متى غرق في تعلم السباحة فهو الذي ترك الاحتياط في حق نفسه ، فلا ضمان على غيره .
* فصل * * في العاقلة * معنى العقل والعاقلة وأنهم كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين
( فصل ) ( في العاقلة ) اختلفوا في معنى تسمية أهل العقل بأنهم عاقلة ، منهم من قال العقل اسم للدية و عبارة عنها ، و سمى أهل العقل عاقلة لتحملهم ذلك ، يقال عقلت عنه إذا تحملتها عنه ، و عقلت له إذا دفعت الدية إليه ، و منهم من قال إنما سميت بالعاقلة لانها مانعة و العقل المنع ، و ذلك أن العشيرة كانت تمنع عن القاتل بالسيف في الجاهلية ، فلما جاء الاسلام منعت عنه بالمال ، فلهذا سميت عاقلة ، و قال أهل اللغة العقل الشد ، و لهذا يقال عقلت البعير إذا ثنيت ركبته و شددتها ، و سمي ذلك الحبل عقالا فسمى أهل العقل عاقلة لانها تعقل الابل بفناء ولي المقتول و المستحق للدية ، يقال عقل يعقل عقلا فهو عاقل و جمع العاقل عاقلة ، و جمع العاقلة عواقل ، و المعاقل جمع الديات وأي هذه المعاني كان ، فلا يخرج أن معناه هو الذي يضمن الدية و بذلها لولى المقتول و أجمع المسلمون على أن العاقلة تحمل دية الخطأ إلا الاصم فانه قال على القاتل ، و به قالت الخوارج ودية عمد الخطأ عندنا في مال القاتل مؤجلة سنتين مغلظة ، و عند بعضهم على العاقلة مغلظة حالة عنده ، ودية القتل إذا كان خطأ مخففة في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها بلا خلاف إلا ربيعة ، فانه قال خمس سنين .و العاقلة كل عصبة خرجت عن الوالدين و المولودين ، و هم الاخوة و أبناؤهم و الاعمام و أبناؤهم و أعمام الجد و أبناؤهم و أعمام الاب و أبناؤهم و الموالي ، و قال بعضهم يدخل الوالد و الولد فيها ، و يعقل للقاتل ، و الاول أقوى عندي ، لما روى من قصة أمير المؤمنين عليه السلام و الزبير حيث تنازعا ميراث موالى صفية فقال أمير المؤمنين نحن نعقل و نرث .فإذا ثبت أن الولد لا يعقل فلا فصل بين أن يكون ولدها ابن عمها أولا يكون ابن عمها ، فانه لا يعقل عنها ، و إن قلنا أنه يعقل من حيث إنه ابن عم كان قويا
يبدء في العاقلة بالاقرب ثم الاقرب وشرح ذلك
فأما القاتل فلا يدخل في العقل بحال مع وجود من يعقل من العصبات و بيت المال ، و قال بعضهم القاتل كأحد العصبات يعقل مثل ما يعقل واحد منهم ، و الاول أقوى .و قال بعض أصحابنا إن العاقلة ترجع على القاتل بالدية ، و لست أعرف به نصا و لا قولا لاحد ، فإذا تقرر أن العاقلة من خرج عن الوالدين و المولودين ، فانه يبدأ بالاقرب منهم فالأَقرب على ترتيب الميراث ، فلا يلزم ولد أب ، و هناك من هو أقرب ، فالأَقرب الاخوه ثم أبناؤهم ثم الاعمام ثم أبناؤهم ثم أعمام الاب ثم أبناؤهم ثم أعمام الجد ثم أبناؤهم ، فإذا لم يبق أحد من العصبات فالمولى ، فإذا لم يكن مولى فبيت المال ، و أكثر ما يحمله كل رجل من العاقلة نصف دينار إن كان موسرا و ربع دينار إن كان متجملا لان هذا القدر لا خلاف فيه و ما زاد عليه ليس عليه دليل ، و الاصل براءة الذمة .فان كان له أخ و العقل دينار فعليه نصف دينار و الباقي في بيت المال فان كان له أخوان فعلى كل واحد منهما نصفه ، فان كان له أخ و ابن أخ فعلى كل واحد منهما نصفه ، فان كان العقل دينارين و له أخ و ابن أخ و عم و ابن عم فعلى كل واحد منهم نصف دينار ، و إن كان العقل خمسة دنانير و له عشرة إخوة فعلى كل واحد نصف دينار ، و إن كان له خمسة إخوة و خمسة أعمام فعلى كل واحد منهم نصف دينار ، و على هذا أبدا .فان اجتمع له أخوان فان كانا لاب أو لاب وام فهما سواء ، و إن كان أحدهما لاب و الآخر لاب وام قال قوم هما سواء لانهما تساويا في القرابة و انفرد أحدهما بالام ، و لا مدخل لها في العقل ، و قال آخرون إن الاخ للاب و الام ثم الاخ للاب لانه يدلى بام و الادلاء بالام كالتقدم بدرجة بدلالة أنه أولى بالميراث ، و هو الاقوى الذي يليق بمذهبنا .فإذا ثبت أنها على العاقلة فلا فصل بين أن يكون القاتل من أهل الديوان أو لم يكن من أهله ، فان الدية عن عصبته لا تتحول ، و الديوان أن يدون الامام
الدواوين فيجعل لكل طايفة فرقة ، و يجعل على كل فرقة عريفا يقبض لهم العطاء و يفرقه فيهم ، و يكون قتالهم في موضع واحد ، و قال بعضهم الدية على أهل الديوان دون العصبات ، و الاول مذهبنا .فإذا ثبت ذلك ، فان كانوا رجالا عقلوا ، فأما النساء و الصبيان و المجانين فلا عقل عليهم بلا خلاف ، و أما الشباب الضعفى و ألزمني و الشيوخ الذين لا قوة لهم و لا نهضة فيهم ، فهم من أهل العقل ، لانهم من أهل النصرة بوجه ، لانه و إن لم يكن فيه نصرة بالسيف ففيهم نصرة بالرأي و المشورة .قد قلنا إن الدية مؤجلة على العاقلة في ثلث سنين فأما ابتداء المدة فعند قوم من حين وجوب الدية : حكم الحاكم بابتدائها أو لم يحكم ، و قال قوم ابتداء المدة من حين حكم الحاكم ، و الذي يقتضيه مذهبنا الاول .و أما بيان وقت الابتداء فجملته أن الجناية لا يخلو من أحد أمرين إما أن تكون نفسا أو دون النفس ، فان كانت نفسا لم تخل من أحد أمرين إما أن يكون القتل يوجبه أو بالسراية فان كان يوجبه مثل أن رماه بسيف فوسطه أو قطع الحلقوم و المرى أو رمى سهما إلى طائر ، فأصاب إنسانا فقتله في الحال ، فالمدة من حين الموت ، لان الابتداء من حين الوجوب ، و الوجوب بالموت ، فكان الابتداء من ذلك الوقت .و إن كان بالسراية مثل أن جرحه فلم يزل زمنا حتى مات فابتداء المدة من حين الموت أيضا لا من حين الجرح ، لان الطرف إذا صار نفسا كان تبعا لها ، و دخل أرشه في بدلها ، فكان الاستقرار بالموت ، و الوجوب حينئذ ، فلهذا كان الابتداء من حين الموت .و إن كانت دون النفس لم تخل أيضا من أحد أمرين إما أن يندمل بغير سراية أو بعد السراية ، فان اندملت من سراية مثل أن قطع أصبعه ثم اندملت بعد شهر فابتداء المدة من حين القطع لا من حين الاندمال ، لان الوجوب حين القطع ، و ما زاد بالاندمال شيء ، و إنما استقر به المقدار فلا يراعى وقته ألا ترى أنه لو قطع يد يهودى
بيان ما يحل بانقضائه الدية
ثم أسلم ثم اندملت كان فيها دية يد يهودى اعتبارا بحال الجرح .و إن كان الاندمال بعد السراية مثل أن قطع أصبعه فسرى إلى الكف و سقط و اندملت بعد مدة فابتداء المدة من حين الاندمال لا من حين القطع ، و لا من حين سقطت اليد لان الاعتبار فيما يكون منه بالسراية بحال الاستقرار ، و حال الاستقرار بعد الاندمال ، فهو كالسراية إلى النفس .و يفارق إذا اندملت من سراية لان بالاندمال بان الاستقرار فيما وجب بالقطع ، و ليس كذلك إذا سرت لكنا لا نعلم الاستقرار و لا أرشه إلا بالاندمال فلهذا روعي الاندمال .فإذا ثبت ابتداء المدة ، فالكلام بعد هذا فيما يحل بانقضائها ، و جملته أن الارش لا يخلو من ثلثة أحوال إما أن يكون دية أو دونها أو أكثر منها ، فان كان دية حل عند انقضاء كل حول منها ثلثها لانا قدرنا أنها في ثلاث سنين ، فإذا انقضت السنة الثالثة استوفا الثلث الثالث .و إن كان دون الدية فان كان ثلث الدية فما دون كالجائفة أو الحارصة كان الاستيفاء عند انقضاء الحول ، لان العاقلة لا تعقل حالا ، و إن كان أكثر من الثلث دون الثلثين حل الثلث عند انقضاء السنة الاولى ، و الباقى عند انقضاء السنة الثانية و إن كان أكثر من الثلثين و دون الدية كان الثلث الاول عند انقضاء الاولى و الثلث الثاني عند انقضاء الثانية و الباقى عند انقضاء الثالثة ، و إن كان أكثر من الدية مثل أن قطع يدين و قلع عينين ، فان كان المستحق له اثنين حل على العاقلة لكل واحد منهما ثلث الدية ، و إذا انقضت ثلث سنين استوفى من العاقلة .و إن كان المستحق واحدا لم يجب له على العاقلة في كل سنة أكثر من ثلث الدية ، لان العاقلة لا تعقل لواحد أكثر من هذا في كل حول ، فيكون الواجب عليهم له سدس من دية العينين ، و سدس من دية اليدين فإذا مضت ست سنين فقد استوفى الديتين معا .من كان من أهل الابل إذا حال عليهم الحول و الابل موجودة عندهم قبضنا منها
الدية الناقصة كدية المرءة ودية اليهودى كيف تحملها العاقله
بيان العاقلة التى تعقل الدية وشرائط ذلك
إذا كانت العاقلة من أهل الابل وحين حؤول الحول لم تكن موجودة
و إن لم تكن عندهم و كانت موجودة في البلد فعليهم الابل يجمعون ما على كل واحد منهم و يشترون به الابل ، فان أعوزت الابل فلم تكن موجودة في البلد ، أو كانت موجودة لكن بأكثر من ثمن المثل انتقلوا عنها إلى البدل ، عندنا إلى أحد الاجناس الستة التي تقدم بيانها .و من قال انتقل إلى بدل مقدر فذاك و من قال القيمة اعتبر قيمتها حين قبض البدل لانه الآن يعدل عن الواجب له إلى بدله فإذا قبض منهم البدل برئت الذمة عن الواجب في هذا الحول ، فإذا حال الحول الثاني صنع بهم ما صنع في الاول ، فإذا حال الثالث صنع أيضا مثل ذلك .و إن كانت بحالها فحال الحول و الابل معوزة فان أعطى القيمة برئت الذمة عن الابل ، فان وجدت الابل بعد قبض القيمة لم يكن للولي المطالبة بالابل ، لانه قد قبض بدل ما في ذمته و برئت ذمته عنها ، فان دافع و منع و مطل بدفع القيمة حتى مضت مدة و الابل معوزة ثم وجدت طولب بالابل لانها باقية في ذمته ما لم يوخذ البدل عنها .و الذى يتحمل العقل عن القاتل من العاقلة من كان منهم غنيا أو متجملا ، و أما الفقير فلا يتحمل شيئا منها ، و يعتبر الغنى و الفقر حين المطالبة و الاستيفاء ، و هو عند دخول الحول ، و لا يعتبر ذلك قبل المطالبة ، فمن كان غنيا عند الحول طالبناه و إن كان فقيرا تركناه ، و إن كان غنيا قبل ذلك ، و هكذا زكوة الفطرة و الدين إلى أجل و غير أجل إن كان غنيا و إلا فنظرة إلى ميسرة ، و كذلك نصنع عند كل حول إن كان غنيا أو متجملا طالبناه و إن كان فقيرا تركناه و إذا حال الحول على موسر توجهت المطالبة عليه ، فان مات بعد هذا لم يسقط عنه بل يتعلق ما وجب عليه في تركته كالدين و قال بعضهم يسقط بوفاته و الاول أقوى .فأما الدية الناقصة و هي دية المرأة و هي نصف دية الرجل ودية اليهودي و النصراني ودية المجوسي ودية الجنين على ما مضى من الخلاف فيه فكيف تحمل العاقلة ؟ قال بعضهم في ثلث سنين لانها دية نفس ، و قال آخرون في أول السنة ثلث الكاملة ، و ما بقي في السنة
إذا جنى الرجل على نفسه كأن قطع يد نفسه أو قتل نفسه
لا يحمل على العاقلة إلا أرش الموضحة فصاعدا وأما ما دونه
بيان ما يتحمل الغنى من العاقلة وما يتحمل المتجمل
الثانية ، و الاول أشبه بمذهبنا .و من قال ثلث الدية الكاملة فان كان ما وجب مثل الدية أو دونه وجب في سنة واحدة ، و إن كان أكثر أخذ ثلث الدية الكاملة في أول السنة و ما يبقى في الثانية .قد مضى أن قدر ما يتحمله الغنى كل واحد نصف دينار و المتجمل ربع دينار و قال بعضهم على كل واحد من ثلثة إلى أربعة ، و الغني و المتوسط سواء .و من قال بالاول يقسم على الاقرب فالأَقرب حتى تنفد العاقلة ، و من قال بالثاني قال يقسم على جميع العاقلة لا يبدأ بالاقرب فالأَقرب و الذى يقتضيه مذهبنا أن لا يقدر ذلك بل يقسمه الامام على ما يراه من حاله من الغنى و الفقر و أن يفرقه على القريب و البعيد ، و إن قلنا يقدم الاولى فالأَولى كان قويا لقوله تعالى " و اولوا الارحام بعضهم أولى ببعض " و ذلك عام .فمن قال يجب على الغنى نصف دينار و على المتوسط ربع دينار ، فهل يجب عليه ذلك في كل سنة حتى يتكامل في ثلث سنين دينار و نصف ، أو يكون النصف عليه في ثلاث سنين في كل سنة دانق و على المتوسط نصف دانق ؟ قال قوم : هذا النصف على كل واحد في ثلث سنين ، و منهم من قال في كل سنة .و سواء قيل يلزمه النصف في كل سنة أو كل ثلث سنين ، نظرت فان كانت الابل موجودة فعليهم جميع ذلك ، و لا يقبل منهم سهم من حيوان ، لانه يشق على الدافع و يضيع على المدفوع إليه ، فان أعوزت الابل انتقل إلى ما مضى القول فيه من البدل على الخلاف فيه .روى اصحابنا أنه لا يحمل على العاقلة إلا أرش الموضحة فصاعدا ، فأما ما دونه ففي مال الجاني ، و في الناس من قال يحمل عليهم قليله و كثيره ، و فيه خمس مذاهب ذكرناه في الخلاف .إذا جنى الرجل على نفسه مثل أن قطع يد نفسه أو قتل نفسه فان كانت الجناية عمدا محضا كانت هدرا ، و إن كان قتل نفسه خطاء مثل أن ضرب رجلا بسيف فرجع
المولى من أسفل هل يعقل عن المولى من فوق ؟
كيفية حمل الدية على الموالي بعد العصبات وهكذا موالي الموالي
السيف إليه أو رمى طايرا فعاد السهم إليه كانت أيضا هدرا عندنا ، و عند أكثر الفقهاء و فيها خلاف .المولى على ضربين : مولى من فوق و هو المعتق المنعم ، و مولى من أسفل و هو المعتق المنعم عليه ، فأما المولى من فوق فانه يعقل عن المولى من أسفل بلا خلاف لما روى عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع و لا يوهب و لا يورث فشبهه بالنسب و بالنسب يتحمل العقل فكذلك بالولاء ، فإذا ثبت أنه يعقل فانما يعقل إذا لم تكن للعاقل عصبة أو كان له عصبة لا يتسع لحمل الدية و فضل فضل فالمولى يتحمل عنه بلا خلاف فيه أيضا .فإذا ثبت أنه يعقل بعد العصبات ، فالترتيب فيه إذا وجبت الدية و حال الحول فرقنا الثلث على العصبات على الاخوة و أبنائهم على الاعمام و أبنائهم ثم على أعمام الاب ، و أبنائهم ، و على هذا الترتيب أبدا ، فإذا لم يبق له عصبة مناسب يحمل الموالي ما بقي ، فان اتسعوا لما بقي و إلا فعلى عصبة المولى ، ثم على مولى المولى ، و إن لم يتسعوا فعلى عصبة مولى المولى ، فان لم يتسعوا فعلى مولى مولى المولى ، فان لم يتسعوا فعلى عصبتهم على ترتيب الميراث سواء ، فان لم يتسعوا و فضل فضل ففى بيت المال يؤخر بيت المال عن الموالي كما يؤخر في الميراث عنهم .فان لم يكن في بيت المال مال فما الذي يصنع بالفضل ؟ فالحكم في هذه الفضلة و في كل الدية إذا لم يكن للقاتل عصبة و لا مولى ، و لا في بيت المال مال ، واحد ، قال قوم يغرمه القاتل إذا قيل الدية تجب في الابتداء عليه ، و إنما العاقلة تحملها عنه لانها عليه وجبت ، فإذا لم يكن هناك من ينوب عنه عاد الغرم عليه ، و من قال يجب على العاقلة ابتداء فلا غرم عليه لانه ما وجب عليه بالقتل غرم ، فعلى هذا تتأخر الدية حتى يحدث من يحملها من بيت المال .فأما المولى من أسفل فهل يعقل عن المولى من فوق أم لا ؟ قال قوم يعقل ، و قال آخرون لا يعقل ، و هو الصحيح عندنا ، لانه لا دليل عليه ، فمن قال لا يعقل فلا كلام
فروع فيما إذا كانت العاقلة غائبة أو بعضها حاضرا وبعضها غائبا
إذا كانت الدية أقل من عدد العاقلة
إذا كانت الدرجة بين الاقارب متفقة فالدية على ثلاثة أحوال
إذا قتل خطاء ووجبت الدية كانت العاقلة على ثلثة أحوال
و من قال يعقل قال يؤخرون عن المولى من فوق ، فإذا لم يبق أحد منهم عقل المولى من أسفل ، فان لم تكن فحينئذ في بيت المال .إذا قتل خطاء و وجبت الدية لم تخل العاقلة من ثلثة أحوال إما أن تكون حاضرة في بلد القتل أو غايبة أو بعضها حاضرا و بعضها غايبا ، فان كانت كلها حاضرة مثل أن كانت له إخوة و بنوهم و أعمام و بنوهم في ذلك البلد قسطنا الدية على الاقرب فالأَقرب فان اتسعوا لها و إلا فالباقي على الموالي أو في بيت المال على ما مضى .و إن كانت الدرجة متفقة إخوة كلهم بنوا إخوة كلهم لم تخل الدية من ثلثة أحوال إما أن تكون وفق عددهم أو أكثر من عددهم أو أقل فان كانت وفق العدد وضعناه على الموسر نصف دينار و على المتجمل ربع دينار ، فعددنا الموسر و المتجمل فكان وفق الدية ألزمناهم الدية ، و لا كلام ، فان كانت الدية أكثر من عددهم و هو إن وزعنا عليهم على ما مضى ، و بقى بقية من الدية نقلت الفضلة إلى الموالي أو إلى بيت المال .و إن كانت الدية أقل من عددهم مثل أن ألزمناهم كل غنى نصف دينار ، و كل متجمل ربع دينار ، فقلت الدية و بقى قوم من العاقلة ، فما الحكم فيه ؟ قال قوم يوزع على الكل بالحصة ، فيلزم الغنى ما يخصه بالحصة من نصف دينار ، و المتجمل ما يخصه من ربع دينار حتى يكونوا في العقل سواء ، و قال آخرون للامام أن يخص بالعقل من شاء منهم على الغنى نصف دينار و على المتجمل ربع دينار و لا شيء على الباقين لان في توزيعها على الكل بالحصص مشقة ، و ربما لزم على جنايتها أكثر منها ، و هذا أقوى فمن قال يوزع على الكل فلا كلام ، و من قال يخص الامام بالعقل من يرى منهم فعل ما يراه .فأما إن كانت العاقلة غائبة مثل أن كان القاتل ببغداد و العاقلة بالشام ، فعلى حاكم بغداد أن يكتب إلى حاكم الشام بالحادثة ، و يعرفه صورة الحال ، فإذا ثبت ذلك عند حاكم الشام وزعها على عاقلة القاتل ، كما لو كان القاتل عندهم بالشام و قد فصلناه .و إن كان بعض العاقلة حاضرا و بعضها غايبا لم يخل من أحد أمرين إما أن تكون
العاقلة انما تعقل إذا كانت معروف النسب من القاتل لا غيره
معنى عقد الموالاة وأنه عقد صحيح أو فاسد ؟
معنى الحليف وأنه لا يعقل ولا يعقل منه
إذا كانت الدرجة بينهم سواء متفقة وكان بعضهم غائبا
درجة العاقلة مختلفة أو متفقة ، فان كانت مختلفة إخوة و أعمام نظرت ، فان كان الاقرب هو الحاضر فالحاضر أولى ، لانهم انفردوا بقرب الدرجة و الدار معا ، و فيهم المسائل الثلاثة ، و إن كان الابعد هو الحاضر ، فالغايب أولى ، لان قرب الدرجة مقدم على قرب الدار ، و فيهم المسائل الثلاثة .و إن كانت الدرجة سواء كانوا إخوة كلهم و بعضهم حاضر و بعضهم غائب ، قال قوم الحاضر أولى لانهم تساووا في الدرجة و انفرد هؤلاء بقرب الدار ، و قال آخرون يقسط على من غاب و حضر ، و هو الاقوى عندي ، لانه حق يتعلق بالتعصيب فاستوى فيه الغايب و الحاضر كالميراث فمن قال يقسط على الكل ففيها المسائل الثلاثة : إما أن تكون الدية وفق العدد أو تكون الدية أكثر أو أقل من عددهم و قد مضى .و من قال يوزع على كل من كان حاضرا ففيها المسائل الثلث إن كانت وفق العدد فلا كلام ، و إن كانت الدية أكثر نقل الفضل إلى أقربهم إليهم بلدا ، فان فضل منها نقلنا إلى من هو أبعد منهم ، فأما إن كانت الدية أقل من عدد الحاضرين فالحكم على ما مضى إذا كانوا كلهم حاضرين ، و كل موضع نقلنا الفضل ففى المنقول المسائل الثلاث .الحليف لا يعقل و لا يعقل منه ، و الحليف أن يتحالف قوم على التناصر و التعاضد و دفع الظلم عنهم ، و يكون اليد واحدة و كذلك العريد لا يعقل و لا يعقل عنه ، و العريد هو الرجل ينضوى إلى قوم و يختلط بهم فيصير معدودا من جملة القبيلة ، و قال بعضهم الحليف يعقل .فأما عقد الموالاة فهو أن يتعاقد الرجلان لا يعرف نسبهما على أن يرث كل واحد منهما صاحبه ، و يعقل عنه .عندنا أن ذلك عقد صحيح ، و به قال قوم ، أنهم قالوا لا يرث أحدهما صاحبه ، ما لم يعقل عنه ، فإذا عقل أحدهما عن صاحبه لزم و أيهما مات ورثه الآخر ، و قال قوم هذا عقد فاسد لا يتعلق به حكم .و العاقلة قد بينا أنها عصبة الرجل ، و إنما يعقل عنه من كان مناسبا معروف النسب منه ، فأما إذا علم أنه من القوم و لم يعرف وجه النسب ، و لا كيفيته فيهم ،
لم يعقلوا عنه ، مثل أن يكون الرجل من النوبة لا يعقل عنه النوبة حتى تعرف كيفية النسب بينهم ، لانا و إن علمنا أن المرجع إلى أب واحد فلا نعلم قبيلته و لا عصبته من ذلك ، و كذلك لو كان من قريش أو عقيل لم تعقل عنه قريش و لا عقيل حتى يعلم من أى بطن هو ، و من عاقلته ؟ و كذلك كل قبيلة تجري هذا المجرى كالترك و الزنج و نحو ذلك ، لانا نعلم أن الناس كلهم يرجعون إلى أب واحد آدم و نوح عليهما السلام ، و متى قتل رجل خطاء و لم يعرف كيفية نسبه لم يعقل عنه الناس من حيث النسب ، و إن علمنا أن الاب واحد حتى نعلم كيفية النسب ، و هكذا اللقيط و من كان مجهول النسب الباب واحد ، لا يعقل منه المسلمون من حيث القرابة و النسب ، و لكن يعقل عنه الامام من بيت المال لان ميراثه ينقل إلى بيت المال .فإذا ثبت أنه لا عقل له حتى يعرف وجه النسب و كيفيته ، فالكلام فيما يثبت به النسب ، فمتى كان مجهول النسب فان كان بالغا عاقلا فانتسب إلى رجل فذكر أنه ولده لم يثبت نسبه حتى يقع الاعتراف به من الطرفين ، فيقول أنا ابنك فيدعيه فيقول صدقت أو يبتدئ بالدعوة فيقول أنت ابنى فيقول صدقت أنا ابنك فإذا تقارا على هذا ثبت النسب .و إن انتسب إلى ميت فقال أنا ابن فلان الميت ، فان صدقه كل الورثة ثبت نسبه بلا خلاف ، و إن أقر اثنان و كانا عدلين مرضيين ثبت بشهادتهما أيضا النسب عندنا ، و لا يثبت عند بعضهم إلا باعتراف الكل .فأما إن كان صغيرا فانه يثبت نسبه بالاعتراف به ، و لا يعتبر من جهة الطفل قول لانه لا حكم لقوله ، و إذا ثبت نسبه بذلك لم يزل و لم يسقط بقول الباقين : ليس هذا مناسبا له بالشايع الذايع ، خلافا لمالك فانه يقول متى ادعى نسبا و قد شاع و ذا ع في الناس أنه مناسب له لم يثبت نسبه .فإذا ثبت أنه لا يدفع نسبه بالشياع ، فمتى ثبت نسبه فان لم ينازع فيه أصلا فلا كلام ، فان جاء رجل فادعى أن هذا ولدى و أقام بينة بذلك حكم له بالبينة
إذا انتقل يهودى إلى نصرانية أو مجوسية فهل يعقل عنه أهل ذمته الاول
إذارمى مسلم سهما إلى طائر ثم ارتد ثم وقع السهم في مسلم فقتله
إذا رمى الذمى سهما إلى طائر فأسلم ثم وقع السهم في مسلم فقتله
إذا قتل الذمى خطأ فهل تكون الدية على عاقلته
و أسقط ما كان ثبت بالاعتراف ، لان البينة مقدمة على الاعتراف فإذا حكمنا له بالبينة فجاء آخر فادعاه و أقام البينة أنه ولده : ولد على فراشه ، حكمنا له به و أسقطنا غيره ، لان بينته شهدت له بالنسب مضافا إلى سببه فهو كما لو تنازعا فرسا فأقام أحدهما البينة أنه له و أقام الآخر البينة أنه نتج في ملكه كان من شهد بالنتاج أولى لانه اضاف الملك إلى سببه فمتى استقر سببه منه ثبت النسب ، فمتى قتل حكمنا له بأن له عاقلة .إذا قتل الذمي خطاء فالذي رواه أصحابنا أن ديته على الامام لانه عاقلتهم من حيث يؤدون إليه الجزية و لا شيء على عاقلته ، و قال المخالفون الدية على عاقلته من أهل الذمة ، و إنما يعقل عنه منها من كان بينه و بينها النصرة و الموالاة في الدية فأما أهل الحرب فلا يعقلون عن أهل الذمة ، و إن كانوا عصباتهم لان النصرة بينهم ساقطة و الموالاة منقطعة ، بدلالة أنه لا يرث الحربي و لا يرثه ، و هكذا إذا كان عصبته مسلمين لم يعقلوا عنه لان موالاة الدين بينهم منقطعة ، و إن لم يكن له عاقلة من أهل الذمة فالدية في ماله و لا يعقل عنه من بيت مال المسلمين .و لو رمى ذمى سهما إلى طاير ثم أسلم ثم وقع السهم في مسلم فقتله لم يعقل عنه أهل الذمة ، لان الاصابة حصلت منه و هو مسلم ، و لا يعقل عنه المسلمون ، لان الارسال حصل منه و هو ذمى ، فيكون الدية في ذمته .و هكذا إذا رمى مسلم سهما إلى طاير ثم ارتد ثم وقع السهم في مسلم فقتله فلا يعقل عنه المسلمون لانه أصابه و هو مرتد و لا يعقل عنه الكفار لانه أرسله و هو مسلم ، فتكون الدية في ماله فأما إن انتقل يهودى إلى نصرانية أو مجوسية فمن قال لا يقر عليه قال هو كالمرتد لا يعقل عنه أهل الذمة الذين انتقل عنهم ، و لا أهل الذمة الذين انتقل إليهم ، و من قال يقر عليه ، فكانه نصرانى الاصل يقر على نصرانيته فيعقل أهل الذمة من
إذا كان القتل عمدا لا يجب به قود فهل تكون الدية حالة على الجانى او مؤجلة
قراباته سواء كانت القرابة من اليهود أو المجوس أو النصارى ، لان الكفر كله ملة واحدة .إذا كان القتل عمدا لا يجب به قود بحال مثل قتل الوالد ولده ، و كذلك الاطراف ، و كذلك إذا جنا جناية لا يجب بها قود بحال ، كالجائفة و المأمومة و ما دون الموضحة ، فالكل حال عند قوم في مال الجاني ، و قال غيرهم كل هذا مؤجل على الجاني في ثلاث سنين ، و عندنا كل ذلك في ماله في سنة ، لان دية العمد عندنا تؤدى في سنة .
إذا حفر الرجل بئرا فوقع فيها إنسان فمات أو بهيمة فهلكت
إذا وضع المالك حجرا ونصب أجنبى سكينا بجنبه
المسألة بحالها ، وقد كان وضع الحجر ونصب السكين في ملك نفسه
المسألة بحالها ، وضع رجل حجرا والآخر نصب سكينا
المسألة بحالها فنصب سكينا بالقرب من الحجر فوقع الرجل على السكين ومات
* فصل * * في وضع الحجر وميل الحائط * إذا وضع حجرا في طريق المسلمين أو في ملك غيره فتعقل به رجل فوقع ومات
( فصل ) ( في وضع الحجر و ميل الحايط ) إذا وضع حجرا في طريق المسلمين أو في ملك غيره فتعقل به رجل فوقع فمات ، فالدية على عاقلته ، و الكفارة في ماله ، و عندنا أن الدية في ماله أيضا ، لانه قد تعدى فيه ، فكان كالدافع له ، و إن نصب مكان الحجر سكينا فوقع عليها إنسان فمات فكذلك لما مضى ، و إن وضع حجرا في هذا المكان و نصب بالقرب منه سكينا فتعقل بالحجر فوقع على السكين فمات فكذلك أيضا لان تعقله بالحجر بمنزلة أن يدفعه الواضع للحجر على السكين .فأما إن كان هذا من رجلين وضع أحدهما حجرا و نصب الآخر بقربه سكينا فتعقل رجل بالحجر فوقع على السكين فمات ، فالدية على الواضع وحده لانه كالدافع له على السكين و هكذا لو وضع أحدهما حجرا و حفر الآخر بقربه بئرا فتعقل رجل بالحجر فوقع في البئر ، فالضمان على واضع الحجر كما لو دفعه في البئر ، و جملته أن واضع الحجر كالدافع .هذا إذا وضعه في طريق المسلمين أو في ملك غيره ، فأما إن كان هذا في ملكه وضع حجرا أو نصب سكينا أو وضع الحجر و نصب السكين فتعقل رجل بالحجر فوقع على السكين أو وقع فمات ، فلا ضمان على واضع الحجر بحال ، لانه فعل ماله فعله ، و التعدي كان من الهالك لانه فرط بدخوله ملك الغير فهدر دمه ، فأما إن كان هذا من اثنين وضع المالك الحجر و نصب الاجنبي سكينا فتعقل رجل بالحجر فوقع على السكين فمات ، فالضمان على صاحب السكين دون واضع الحجر ، لان الناصب هو المتعدي دون صاحب الحجر ، و هكذا لو نصب المالك السكين ثم وضع أجنبي الحجر فالضمان على الاجنبي بكل حال لانه هو المتعدي .إذا حفر الرجل بئرا فوقع فيها إنسان فمات أو وقع فيها بهيمة فهلكت ، نظرت
فروع في حكم بناء المسجد في طريق المسلمين وفرش البوارى في المساجد وبناء الحوائط فيها أو تسقيف السقوف وتعريش العروش
إذا حفر بئرا في الطريق لمصالح المسلمين فوقع فيه إنسان ومات
إذا كان حفر البئر في طريق المسلمين ، فيه فرعان
إذا كان حفر البئر في غير ملكه بغير إذن من مالكها
فان حفرها في ملكه فلا ضمان عليه ، لان له أن يصنع في ملكه ما شاء ، و إن حفرها في موات ليملكها ، فإذا وصل إلى الماء ملكها بالاحياء ، فهو كما لو حفرها في ملكه إذ لا فصل بين أن يحفرها في ملكه و بين أن يحفرها حفرا يملكها به ، و إن حفرها في موات لينتفع بها و يتصرف و لم يقصد الملك مثل أن نزل بالمكان بدوي أو مار في قافلة فلا ضمان أيضا لانه ما تعدى بالحفر و هكذا إذا استأجر رجلا فحفر له بئرا في ملكه الباب واحد ، لانه بمنزلة من حفر بئرا في البادية .و أما إن حفرها في ملكه بغير إذن مالكها ، فالضمان على الحافر لانه تعدى بحفرها ، فان أبرأه المالك و قال قد برئت و رضيت بحفرك و أقره عليه زال الضمان عنه ، كما لو أمره بالحفر ابتداء و قال بعضهم لا يزول الضمان لانه أبرأه عن ضمان ما لم يجب ، و الاول أقوى .فأما إن حفرها في طريق المسلمين نظرت ، فان كان الطريق ضيقا فعليه الضمان ، سواء حفرها باذن الامام أو بغير إذنه ، لانه لا يملك الاذن فيما فيه تضييق على المسلمين و إلحاق الضرر بهم ، و إن كان الطريق واسعا لا يضيق على المسلمين حفرها ، و يقصد نفع المسلمين بها ، فان كان باذن الامام فلا ضمان عليه ، لان للامام أن يأذن بما فيه منفعة للمسلمين ، من إضرار بهم و لا تضييق عليهم ، و أما إن حفرها بغير إذن الامام فان قصد تملكها بالحفر و تكون له ملكا ، فعليه الضمان لانه تعدى بالحفر و لم يملك به لان أحدا لا يملك أن يتملك طريق المسلمين ، فكان عليه الضمان ، و إن حفرها طلبا للثواب لمنفعة المسلمين ، قال قوم لا ضمان عليه لقوله عليه السلام البئر جبار ، و المعدن جبار ، و في الركاز الخمس ، و قال آخرون عليه الضمان لقوله عليه السلام و في النفس مائة من الابل ، و الاول أقوى .و هكذا الحكم في بناء مسجد في طريق المسلمين ، إن كان الطريق ضيقا فعليه الضمان ، و إن كان واسعا فان بناه باذن الامام فلا ضمان ، و إن بناه بغير إذنه فان كان لنفسه ينتفع هو به فعليه الضمان ، و إن كان لمنفعة الناس فعلى ما مضى عند قوم يضمن و عند آخرين لا يضمن و هكذا فيمن فرش البواري في المسجد أو بنا فيه حايطا أو سقف
إذا كان حائط بين دارين تشقق وخيف عليه الوقوع فهل يطالب بنقضه
إذا بنى حائطا في ملكه فوقع فأتلف أنفسا وأموالا ، فيه خمس مسائل
فيه سقفا أو علق فيه قنديلا فوقع على إنسان فمات أو تعقل بالبادية فوقع فمات ، فان كان باذن الامام فلا ضمان ، و إن كان بغير إذنه فعلى ما مضى من الخلاف ، وأصل هذا كله البئر و كل موضع قلنا عليه الضمان معناه الدية عندنا في ماله ، و عندهم على عاقلته و الكفارة في ماله بلا خلاف .إذا بني حايطا في ملكه فوقع فأتلف أنفسا و أموالا ففيه خمس مسائل : أحدها بناه مستويا في ملكه فسقط دفعة واحدة فلا ضمان لان له أن يفعل في ملكه ما شاء من تفريط ، كما لو حفر في ملكه بئرا فوقع فيها إنسان فلا ضمان عليه .الثانية بناه مايلا إلى ملكه فوقع فأتلف فلا ضمان له ، لان له أن يصنع في ملكه ما شاء .الثالثة بناه مايلا إلى الطريق فعليه الضمان لان الانسان إنما له أن يرتفق بهذا الطريق بشرط السلامة فأما إن أتلف أشياء فعليه الضمان كمن أشرع جناحا إلى طريق المسلمين فوقع على إنسان فقتله فعليه الضمان .الرابعة بناه مستويا في ملكه فمال بنفسه إلى ملكه فلا ضمان لانه لو بناه مايلا في الاصل إلى ملكه كان لا ضمان .الخامسة بناه مستويا في ملكه فمال إلى الطريق ثم وقع قال قوم لا ضمان عليه ، و قال بعضهم عليه الضمان ، لانه يستحق إزالته عليه ، بدليل أن للحاكم مطالبته بنقضه ، و الاول أقوى لانه بناه في ملكه و مال بغير فعله فوجب ألا يضمن .إذا كان حايط بين دارين تشقق و تقطع و خيف عليه الوقوع انه مستوما مال إلى دار أحدهما فلا يملك أحدهما مطالبة جاره بنقضه ، لانه ما حصل في ملك واحد منهما في هواء و لا غيره ، فان مال إلى دار أحدهما كان لمن مال إلى داره مطالبة شريكه بنقضه ، لان الحايط إذا مال إلى هواء دار الجار فقد حصل في ملكه ، و له مطالبته بإزالته ، كما لو عبر غصن من شجرته إلى دار جاره فانه يطالب بإزالته بتعريج أو قطع .و عندنا أن المسألة الخامسة إذا بناه مستويا في ملكه فمال إلى الطريق أو إلى دار جاره فقد قلنا أنه قال قوم لا ضمان سواء أشهد أو لم يشهد ، أو طالبه بنقضه أو لم
المسألة بحالها ، وقد تقصف القدر الخارج من الجناح فوقع عليه وقتله فالدية كاملة
إذا سقطت خشبة من الجناح على انسان فقتله فعليه نصف الدية
فرع : إذا بل طينا في الطريق أو طرح ترابا فيه فعثر به إنسان ومات
إذا منع من شرع الجناح والساباط فوقع على إنسان وقتله أو مال فأتلفه
إذا اراد أن يشرع جناحا إلى شارع المسلمين أو يصلح ساباطا
يطالب ، و قال بعضهم إذا وقع و أتلف أنفسا و أموالا فإن كان قبل المطالبة بنقضه و قبل الاشهاد عليه فلا ضمان ، و إن كان قد طولب بنقضه و أشهد عليه فوقع بعد القدرة على نقضه فعليه الضمان ، و إن كان قبل القدرة على نقضه فلا ضمان ، و هذا قوى .و قال ابن أبي ليلي : إن كان الحائط قد انشق بالطول فلا ضمان و إن كان بالعرض فعليه الضمان .إذا أراد أن يشرع جناحا إلى شارع المسلمين أو إلى درب نافذ أو نافذ و بابه فيه ، أو أراد إصلاح ساباط نظرت ، فان كان على صفة تستضر به المارة و المجتازون منع منه ، و إن لم يستضروا به لم يمنع منه .وحد الاستضرار قال قوم أن يكون على صفة لا تناله الاحمال الثقال الجافية ، و الكنايس و العماريات على الجمال ، و قال بعضهم ألا يناله رمح الفارس إذا كان منصوبا و الاول أصح لان الرمح لا حد له و لانه لا ينصبه و إنما يحطه على كتفه فمتى فعله على حد لا يستضر به أحد ، فليس لاحد معارضته فيه ، و لا منعه منه ، و قال قوم إنما له ذلك ما لم يمنعه مانع ، فأما إن اعترض عليه معترض أو منعه مانع كان عليه قلعه و هو الاقوى عندي .فمن قال عليه قلعه فان سقط على إنسان فقتله أو مال فأتلفه فالضمان على صاحبه لانه إنما له أن ينتفع بذلك بشرط السلامة ، كما لو بل طينا في الطريق أو طرح ترابا فيه ، فانه بشرط السلامة بدليل أنه لو عثر به إنسان فمات كان عليه الضمان ، و أما قدر الضمان فانه إذا سقطت خشبة من هذا الجناح على إنسان فقتله فعليه نصف الدية ، لانه هلك من فعل مباح و محظور ، و ذلك أن بعض الخشبة وضعها في ملكه ، فما أتلف ذلك القدر لا ضمان ، و إنما الضمان بما كان خارجا عنه ، و لا فصل بين أن يقع الطرف الخارج عليه و بين أن يقع ما كان في ملكه عليه ، لان الخشبة إنما تقتل بثقلها ، فإذا وقع أحد طرفيها عليه ناله ثقل الطرفين ، فان انقصف القدر الخارج منها إلى الشارع فوقع و لم يقع ما كان في ملكه فعليه كمال الدية ، لان الواقع منها في ملكه ، و ذلك القدر يضمن به كل الدية ، و أما المرازيب فلكل أحد نصيبها للخبر
و الاجماع ، و لان به حاجة داعية إلى ذلك إلا أنه لو وقع على إنسان فقتله فالحكم فيه كخشب الجناح سواء و قال بعضهم ههنا لا ضمان عليه ، لانه محتاج إلى فعله مضطر إليه و الاول هو الصحيح .إن بالت دابة في الطريق فزلق به إنسان فمات فالدية عليه ، سواء كان راكبا أو قائدا أو سايقا لان يده عليها ، كما لو بال هو في هذا المكان ، و مثله إذا أكل شيئا فرمى بقشره في الطريق كالبطيخ و الخيار و الباقلا ، و كذلك لو رش في الطريق ماء ، الباب واحد في أنه يضمن جميع ذلك ، و أما إن وضع جرة على جدار داره فسقطت ، و أتلفت فلا ضمان عليه ، لانه إنما وضعها في ملكه ، فهو كما لو كان الحايط مستويا فوقع دفعة واحدة فانه لا ضمان عليه .إذا مر رجل بين الرماة و بين الهدف فأصابه سهم من الرماة فهو قتل خطاء لان الرامي ما قصده و إنما قصد الهدف ، فان كان مع هذا المار صبي فقر به إلى طريق السهم فوقع فيه السهم فقتله ، فعلى من قربه الضمان دون الرامي ، لان الرامي ما قصده ، و الذى قربة عرضه لذلك ، و يفارق الممسك و الذابح فان الضمان على الذابح لانه قصد القتل و كان منه ، و ههنا الرامي ما قصد القتل ، و إنما الذي قربه هو الذي أتلفه ، فلهذا كان عليه الضمان ، فالذي قربه ههنا كالذابح ، و الرامى كالممسك و فيها نظر .
المسألة بحالها وكانوا ثلاثة فحصل الاول في البئر ثم وقع الثانى ثم الثالث
قاعدة : إذا حصل رجل في بئر فوقع فوقه آخر فمات الاول فالثانى قاتل وإذا مات الثانى دون الاول كان دمه هدرا
* فصل * * في مسألة الزبية * إذا كان جماعة على رأس بئر فهوى واحد منهم فجذب ثانيا وجذب الثانى ثالثا فوقعوا في الزبية وماتوا جميعا
( فصل ) ( في مسألة الزبية ) إذا كان جماعة على رأس بئر فهوى واحد منهم فجذب ثانيا و جذب الثاني ثالثا قوقعوا فيها و ماتوا ، فالحكم فيهم يسهل بتقديم كلام عليها ، و جملته إذا حصل رجل في بئر مثل أن وقع فيها أو نزل لحاجة فوقع فوقه آخر نظرت ، فان مات الاول فالثاني قاتل كما لو رماه بحجر فقتله ، إذ لا فرق بين أن يرميه بحجر فيقتله و بين أن يرمى نفسه عليه فيقتله .و إذا ثبت أن الثاني قاتل نظرت في القتل ، فان كان عمدا محضا مثل أن وقع عمدا فقتله و كان مما يقتل غالبا لثقل الثاني و عمق البئر فعلى الثاني القود ، و إن كان لا يقتل غالبا فالقتل عمد الخطاء تجب به الدية مغلظة مؤجلة عندنا عليه ، و عندهم على العاقلة ، و إن كان وقع الثاني خطاء أو اضطر إلى الوقوع فيها فالقتل خطاء و تجب الدية مخففة على العاقلة .و أما إن مات الثاني دون الاول كان دمه هدرا لانه رجل وقع في بئر فمات فيها ، و الاول لا صنع له في وقوعه ، و غير مفرط في حقه ، و إن مأتا معا فعلى الثاني الضمان على ما قلناه إذا مات الاول وحده ، و دم الثاني هدر كما لو مات الثاني وحده .فان كانت بحالها و كانوا ثلثة فحصل الاول في البئر ثم وقع الثاني ثم وقع الثالث بعضهم على بعض ، فان مات الاول فقد قتله الثاني و الثالث معا لانه مات بثقلهما فالضمان عليهما نصفين ، و إن مات الثاني وحده فلا شيء على الاول ، و الثالث هو الذي قتل الثاني ، فالضمان عليه وحده على ما مضى ، و إن مات الثالث كان دمه هدرا لانه لا صنع لغيره في قتله ، فان ماتوا جميعا ففى الاول كمال الدية على الثاني و الثالث ، و في الثاني كمال الدية على الثالث وحده و دم الثالث هدر .فإذا ثبت هذا عدنا إلى مسألة الزبية ، فإذا كانوا على رأس بئر فهوى واحد فيها
المسألة بحالها وكانوا أربعة فجذب الاول ثانيا والثانى ثالثا والثالث رابعا
تنزيل القاعدة على مسألة الزبية وفيه صور وفروع
فجذب إليه ثانيا فوقعا معا نظرت ، فان مات الاول كان دمه هدرا ، لانه هو الذي طرح الثاني على نفسه ، فهو كما لو طرح على نفسه حجرا أو قتلها بسكين و إن مات الثاني فالضمان على الاول لانه هو الذي قتله بجذبه و طرحه فهو كما لو كان واقفا عند البئر فرمى به فيها فمات إذ لا فرق بين أن يرمى به فيها من فوق و بين أن يجذبه من أسفل يرميه فيها و إن مأتا معا فدم الاول هدر و دم الثاني مضمون على ما فصلناه .فان كانت بحالها فجذب الاول ثانيا ، و الثاني ثالثا فوقع بعضهم على بعض و ماتوا ، فقد مات الاول بفعله و فعل الثاني : أما فعله فانه طرح الثاني على نفسه ، و أما فعل الثاني فانه جذب الثالث فوقع هو و الثالث عليه ، فيكون الثاني و الاول كالمصطدمين لانه قد مات كل واحدة منهما من جناية على نفسه و جناية الآخر عليه ، فعلى كل واحد منهما نصف الدية لان ما قابل فعل نفسه هدر ، و ما قابل فعل غيره مضمون .و أما الثالث فقد جنى عليه و ما جنى هو لانه جذب و ما جذب ، ففيه كمال الدية ، على من يجب ؟ قال قوم على الثاني لانه هو الذي بأشر جذبه و قال آخرون ديته على الثاني و الاول معا لان الثاني بأشر جذبه و الاول بأشر جذب الثاني ، فكأنهما قد جذباه معا .فان كانت بحالها فجذب الاول ثانيا و الثاني ثالثا و الثالث رابعا فوقعوا فماتوا ، ففى الاول ثلثا الدية لانه مات من فعله و فعل الثاني و الثالث ، أما فعل الثاني فبأن جذب ثالثا و أما فعل الثالث فلانه جذب رابعا ، و أما فعله فانه جذب الثاني على نفسه ، فما قابل فعل نفسه هدر ، و ما قابل فعل غيره مضمون ، فيكون فيه ثلثا الدية ثلثها على الثاني و ثلثها على الثالث ، و لا شيء على الرابع ، لانه جذب و ما جذب .و أما الثاني ففيه أيضا ثلثا الدية ، لانه مات من فعله و فعل الثالث و الاول ، لان الثالث جذب إليه رابعا ، و الاول جذبه فطرحه في البئر ، فما قابل فعل نفسه هدر ، و ما قابل فعل غيره مضمون ، فيكون فيه ثلثا الدية ثلثها على الاول و ثلثها على الثالث .
رواية المخالف في مسألة الزبية عن على عليه السلام وفيه رواية لاصحابنا
و أما الثالث فما الذي بجب بقتله ؟ قال قوم نصف الدية لانه مات من فعله و فعل الثاني ، أما الثاني فلانه بأشر جذبه و أما فعل نفسه فلانه طرح الرابع على نفسه ، فيكون على الثاني نصف الدية و النصف هدر ، و قال آخرون فيه ثلث الدية ، لانه مات من فعله و فعل الثاني و الاول معا ، لان الثاني و إن كان قد بأشر جذبه فان الاول قد جذب الثاني ، و قد جذب هو الرابع على نفسه ، فما قابل فعل نفسه هدر ، و ما قابل فعل غيره مضمون ، فيكون فيه ثلثا الدية ، ثلثها على الثاني و ثلثها على الاول .و أما الرابع ففيه كمال الدية لانه قتل و ما قتل ، فانه جذب و ما جذب ، و على من يجب ؟ قال قوم على الثالث وحده ، لانه هو الذي بأشر جذبه ، و قال آخرون على الثالث و الثاني و الاول لانهم كلهم جذبوه ، فعلى كل واحد منهم ثلث الدية و على هذا أبدا و إن كثروا ، و قد روي في هذا أثرا أما أصحابنا فقد رووه من جهات .و روى المخالف عن سماك بن حرب عن حنش الصنعاني أن قوما من اليمن حفروا زبية للاسد فوقع فيها الاسد و اجتمع الناس على رأسه ، فهوى فيها واحد فجذب ثانيا و جذب الثاني ثالثا ثم جذب الثالث رابعا فقتلهم الاسد فوقع ذلك إلى علي عليه السلام فقال للاول ربع الدية لانه هلك فوقه ثلثة ، و الثاني ثلثا الدية ، لانه هلك فوقه اثنان ، و الثالث نصف الدية لانه هلك فوقه واحد ، و الرابع كمال الدية ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله فقال هو كما قال علي ، قالوا و هذا حديث ضعيف ، و الفقه على ما بينا في الاربعة و روايتنا خاصة مطابقة لما بيناه أولا بعينه .و الذي رواه أصحابنا في هذه بأن الاول فريسة للاسد و ألزمه ثلث الدية للثاني و ألزم الثاني ثلثي الدية للثالث ، و ألزم الثالث الدية كاملة ، وفقه هذه الرواية على ما بيناه .
الكلام فيما هو جنين وما ليس بجنين
فروع فيما إذا كانت الجنين متعددة أو الجناة
* فصل * * في دية الجنين * إذا ضرب بطن امرءة فألقت جنينا كاملا وهو الحر المسلم
( فصل ) ( في دية الجنين ) إذا ضرب بطن إمرأة فألقت جنينا كاملا و هو الحر المسلم فديته عندنا مائة دينار ، و عندهم فيه غرة عبد أو أمة بقيمة نصف عشر الدية ، و الغرة من كل شيء خياره ، فروى أبو هريرة قال اقتلتت إمرأتان من هذيل فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله فقضى رسول الله صلى الله عليه و آله في دية جنينها غرة عبد أو أمة ، و في بعضها غرة عبد أو وليدة ، فقال جمل بن مالك بن النابغة الهذلي يا رسول الله كيف أغرم دية من لا شرب و لا أكل و لا نطق و لا استهل فمثل ذلك بطل و في بعضها مطل ، فقال النبي صلى الله عليه و آله إن هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع ، و في بعضها أسجع كسجع الجاهلية ، هذا كلام شاعر .و مثل هذا الخبر رواه أصحابنا و بينا الوجه فيه في كاب الاستبصار و تهذيب الاحكام و هو أنه لا يمتنع أن تكون الغرة قيمتها دية الجنين الذي قدمنا ذكره .فان ألقت جنينا ميتا بضربة ففيه الدية مائة دينار ، و عندهم غرة لما مضى و فيه الكفارة ، و إن ألقت جنينين ففيهما ديتان مائتا دينار ، و عندهم غرتان ، و إن ألقت ثلثة أجنة فثلثمائة دينار و عندهم ثلث غرر و ثلاث كفارات ، و إن كان الجاني اثنين فعليهما الدية و كفارتان كما لو قتلا رجلا فالدية واحدة ، و على كل واحدة كفارة ، و على هذا أبدا .فإذا ثبت هذا فانما يجب ذلك بالجنين الكامل ، و كماله بالاسلام و الحرية أما إسلامه فبأبويه أو بأحدهما ، و أما الحرية فمن وجوه أن تكون امه حرة أو تحبل الامة في ملكه أو يتزوج إمرأة على أنها حرة فإذا هي أمة أو يطأ على فراشه إمرأة يعتقدها زوجته الحرة فإذا هي أمة ، ففي كل هذا يكون حرا بلا خلاف ، و عندنا إذا كان أبوه أيضا حرا ، و إن كانت الام مملوكة ، فان الولد يلحق بالحرية عندنا و
دية الجنين عشر ديته وإنما تعتبر بنفسه ، والتفاوت بينما كان ذكرا واثنى وفي المسألة خلاف
إذا ضرب بطنها فسكتت بضربه من دون أن ينفصل عنها الجنين
ثبوت الكمال في الجنين : الحرية والاسلام
في كل هذه المواضع ما تقدم ذكره من مائة دينار أو غرة .فإذا ثبت أنها تجب في الجنين الكامل ، فانما تجب بأن يضرب بطنها فيقتله و ينفصل عنها ، فأما إن كانت هناك حركة فسكتت بضربه فلا ضمان ، و قال الزهرى إذا سكنت الحركة ففيه الغرة لانها إذا سكنت فالظاهر أنه قتله في بطن امه ، و الاول أصح لانه يحتمل أن يكون حركة الجنين و يحتمل أن يكون ريحا فيفشى فلا يجب شيء ، و إذا احتمل فلا يجب شيء بشك لان الاصل براءة الذمة .و أما الكلام في بيان ما هو جنين و ما ليس بجنين فجملته أربع مسائل إحداها إذا ألقت ما فيه تصوير كالاصبع و العين و الظفر فهو كالخلقة التامة فتعلق به أربعة أحكام تصير به ام ولد ، و تنقضي به العدة ، و تجب فيه الدية أو الغرة و الكفارة .الثانية أن تشهد أربع من القوابل أنه قد تصور و تخلق و لكن الرجال لا يعرفون ذلك فإذا شهدن بذلك ثبت ما قلن و تعلقت به الاحكام الاربعة الدية و الكفارة و صارت ام ولد و انقضت به العدة .الثالثة شهدن أنه مبتدأ خلق بشر أنه ما خلق فيه تصوير و لا تخطيط ، فالعدة تنقضى به و أما الاحكام الثلاثة فقال بعضهم يتعلق كل ذلك به كالعدة و قال آخرون لا يتعلق به شيء من هذه الاحكام الثلاثة ، و الاول تشهد به رواياتنا .الرابعة ألقت مضغة عندنا فيه ثمانون دينارا ، و عندهم لا يتعلق به الاحكام الثلثة و العدة على قولين .دية الجنين عندنا تعتبر بنفسه ، فان كان ذكرا فعشر ديته لو كان حيا ، و ان كان أنثى فعشر ديتها لو كانت حيا ، و قال بعضهم يعتبر بنفسه أيضا لكنه إن كان ذكرا فنصف عشر ديته لو كان حيا و إن كان أنثى فعشر ديتها لو كانت حيا و قال قوم يعتبر بغيره فيجب فيه نصف عشر دية أبيه أو عشر دية امه .و فايدة الخلاف في ذلك في جنين الامة ، فمن قال لا فرق بين الذكر و الانثى استدل بظاهر الخبر و أن النبي صلى الله عليه و آله قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة و لم يفصل و لانه
إذا قتل الرجل نفسه فلادية له وعليه الكفارة
كل موضع تجب فيه الغره هل تجب فيه الكفارة
إذا ضرب بطنها فألقت جنينا ثم ماتت الام فيه فروع
لو فرق بينهما أفضي ذلك إلى الخصومة و المجاذبة بين القوابل ، هل هو أنثى أم لا ؟ لنقصان الخلقة فحسم المادة و اعتبر بغيره ليسقط الخلاف و الفرق بين الذكر و الانثى .إذا ضرب بطنها فألقت جنينا فان ألقته قبل وفاتها ثم ماتت ففيها ديتها و في الجنين الغرة سواء ألقته ميتا أو حيا ثم مات ، و إن ألقته بعد وفاتها ففيها ديتها ، و في الجنين الغرة سواء ألقته ميتا أو حيا ثم مات .و فيهم من قال إذا ألقته ميتا بعد وفاتها لا شيء فيه بحال و عندنا إن ألقته ميتا ففيه الدية كاملة سواء ألقته حيا في حيوتها ثم مات أو بعد موتها ثم مات .إذا ثبت أن في الجنين دية أو غرة فانها موروثة عنه ، و لا يكون لامه بلا خلاف إلا الليث ابن سعد ، فانه قال يكون لامه و لا يورث عنه ، قال لانه بمنزلة عضو من أعضائها بدليل أنه يحيا بحياتها و يموت بموتها .و يرثها من يرث الدية فان كان له أبوان مثل أن خرج ميتا قبل وفاتها و له أب كان لامه الثلث ، و الباقى للاب ، و ان كانت امه ماتت قبل أن تلقيه فلا شيء لها لانها ماتت قبل وجوب الدية ، فيكون الكل للاب فان لم يكن أب فلعصبته ، فان كانت الام هى التي ضربت بطنها فألقته أو فعل ذلك أبوه أو هما فلا شيء لمن فعل ذلك بها لانه قاتل و لا ميراث لقاتل .و كل موضع تجب فيه الغرة تجب فيه الكفارة عند قوم ، و قال قوم لا كفارة و هو الاقوى ، لان الاصل براءة الذمة .إذا قتل الرجل نفسه فلا دية له سواء قتلها عمدا أو خطاء و عليه الكفارة كما لو قتل عبد نفسه لان الكفارة حق لله ، والدية فلا تجب لانها حق المقتول ، و من قتل نفسه فقد أسقط حق نفسه و بقى حق الله بحاله و يتعلق الكفارة بتركته كما يتعلق حقوق كثيرة بتركته ، و ان تجددت بعد موته : مثل أن جرح غيره ثم يموت المجروح فان ديته يتعلق بتركته ، و مثل أن يحفر بئرا ثم يموت فيقع فيها إنسان فيموت فتتعلق ديته بتركته .
فان اصطدمت إمرأتان حاملتان فماتتا فألقت كل واحدة منهما جنينا ميتا ، فعلى عاقلة كل واحدة منهما نصف دية صاحبتها لان كل واحدة منهما ماتت بجنايتها على نفسها ، و جناية صاحبتها عليها ، فما قابل جنايتها هدر و ما قابل جناية صاحبتها مضمون .و أما دية الجنين فعلى عاقلة كل واحدة منهما دية جنين كامل نصف دية جنينها و نصف دية جنين صاحبتها ، و لا يهدر منها شيء ، و يفارق هذا ديتها لان ذلك حق لهما فهدر بفعلهما ، و هذه جناية على الغير فلم يهدر منه شيء ، لانهما اشتركا في قتل كل واحد من الجنين .فإذا تقرر هذا فعلى كل واحدة منهما أربع كفارات ، لان كل واحدة منهما شاركت صاحبتها في قتل أربعة أنفس قتل نفسها و قتل صاحبتها ، و قتل جنينها ، و جنين صاحبتها ، فيكون عليهما ثماني كفارات و على مذهبنا لا كفارة أصلا .قد مضى أن الواجب في الجنين الدية إما مائة دينار أو غرة فمن أوجب الغرة احتاج إلى بيان فصلين سنها وصفتها أما سنها فلها سبع أو ثمان ، و هو بلوغ حد التخيير بين الابوين ، فان كان لها أقل من هذا لم يقبل لقوله عليه السلام في الجنين غرة عبد أو أمة .و الغرة من كل شيء خياره ، و من كان لها دون هذا السن ، فليست من خيار العبد و أما أعلا السن فان كانت جارية فما بين سبع إلى عشرين ، و إن كان غلاما فما بين سبع إلى خمس عشرة سنة ، لان الغرة فيهما إلى هذا السن .و قال بعضهم إن الشاب و الكهل و الشيخ الجلد كل هؤلاء من الغرر ، لانه قد يكون من خيار العبيد لعقله و فضله و جلده و رأيه ، فأما صفتها فأن تكون سالمة من العيوب لان الغرة المعيب و أما الخصى فلا يقبل منه سواء سلت بيضتاه أو قطع ذكره أو سلتا و قطع الذكر ، لقوله غرة و هذا ناقص .و أما قيمتها فنصف عشر دية الحر المسلم خمسون دينارا و لا يقبل منه دون هذه القيمة لانه أدنى مقدر ورد به الشرع ، و في الجنايات نصف عشر الدية أرش موضحة .
إذا ضرب بطن نصرانية ثم أسلمت ثم ألقت جنينا ميتا
إذا كان الجنين عبدا ففيه عشر قيمته
فرع : في حكم ذبيحته عندنا وعند القوم
المسألة بحالها ، وقد كان الجنين متولدا بين نصرانية ومجوسية مثلا
إذا كان الجنين كافرا مضمونا كان ديته عشر دية أبيه
هذا في جنين المسلم فان كان الجنين كافرا مضمونا اعتبرنا بأبويه ، و أوجبنا عشر دية أبيه ، و عندهم عشر دية امه أو نصف عشر دية أبيه ، و تكون غرة عندهم بهذا القدر ، و إن كان جنين مجوسي فلا يمكن غرة بنصف عشر ديته لانه أربعون درهما فأخذ هذا المقدار لانه موضع ضرورة .هذا إذا كان بين أبوين متفقين في قدر الدية ، فان اختلفا في الدية كالمتولد بين مجوسي و نصرانية أو نصرانى و مجوسية ، فعندنا لا يختلف الحال فيه لان عندنا أن دية الجميع سواء ، و من فاضل قال يعتبر بأعلاهما دية إن كانت امه نصرانية ففيه عشر ديتها و إن كانت مجوسية فنصف عشر دية أبيه النصراني لانه لو تولد بين مسلم و كافرة اعتبر دية المسلم كذلك ههنا .فاما في الذبيحة فان كان الاب مجوسيا فلا اعتبار به بكل حال لا تحل ذبيحته و لا مناكحته ، و إن كان الاب نصرانيا و الام مجوسية فعلى قولين أحدهما الاعتبار بالاب ، لان الانتساب إلى الآباء ، و الثاني الاعتبار بامه لانه إذا اجتمع التحريم و التحليل غلب التحريم ، و عندنا لا فرق بين الجميع في أنه لا يحل مناكحته و لا أكل ذبيحته .و أما إن كان الجنين عبدا ففيه عشر قيمته إن كان ذكرا و كذلك عشر قيمته إن كان اثنى ، و عندهم نصف عشر قيمة امه .إذا ضرب بطن نصرانية ثم أسلمت ثم ألقت جنينا ميتا فكان الضرب و هي نصرانية و هو نصرانى ، و الاسقاط و هي و جنينها مسلمان ، أو ضرب بطن امه ثم أعتقت ثم ألقت جنينا فكان الضرب و هما مملوكان ، و الاسقاط و هما حران ، فالواجب فيه غرة عبد أو أمة قيمتها خمسون دينارا .و عندنا مائة دينار لان الجناية إذا وقعت مضمونة ثم سرت إلى النفس كان اعتبار الدية بحال الاستقرار ، كما لو قطع يدي عبد ثم أعتق ثم سرى إلى نفسه ففيه دية حر و كذلك لو قطع يدى ذمى ثم أسلم ثم سرى إلى نفسه ففيه دية مسلم اعتبارا بحال
إذا وجبت الدية في الجنين فان كان خطا فعلى العاقلة وإلا ففى ماله
فرع : إذا قطع رجل يدى عبد ثم اعتق ثم سرى إلى نفسه فللسيد أقل الامرين
إذا ضرب بطن أمة ثم اعتقت ثم ألقت جنينا فللسيد أقل الامرين
الاستقرار و إن ضرب بطن حربية ثم أسلمت ثم أسقطت سقط الضمان لان هذه الجناية ما وقعت مضمونة ، فلا تتبع حال الاستقرار ، و إن قطع يدى عبد ثم أعتق ثم اندمل حال الحرية وجب قيمة العبد اعتبارا بحال الجناية ، لانها لم تسر إلى النفس و لا إلى غيرها فلهذا لم يعتبر بحال الاندمال ، و لانها إذا اندملت لم يزد شيء على ما وجب بالجناية و إنما يستقر بالاندمال ما وجب بالجناية ، فلهذا كان الاعتبار بحال الجناية ، و ليس كذلك إذا سرت لانها إذا سرت زاد الضمان فلهذا كان الاعتبار بحال الاستقرار .فإذا تقرر أن الواجب فيه غرة عبد أو أمة أو مائة دينار على مذهبنا كما يجب في المسلم الاصلى و الحر الاصلى فان للسيد من ذلك أقل الامرين من عشر قيمة امه أو الغرة ، فان كانت عشر قيمة امه أقل من الدية فليس له إلا عشر قيمة امه ، لان الزيادة عليها بالعتق و الحرية ، و لا حق لها فيما زاد بالحرية لانها زيادة في ملكه ، و إن كانت دية الجنين أقل من عشر القيمة كان له الدية كلها لانه قد نقص حقه بالعتق ، فكأنه قد جنا بالعتق على حقه فنقص فلهذا كان له الدية .إذا قطع رجل يدى عبد ثم أعتق ثم سرى إلى نفسه فمات وجبت الدية اعتبارا بحال الاستقرار ، و يكون للسيد أقل الامرين من قيمة العبد أو الدية على ما فصلناه ، و متى كان عشر القيمة أقل كان له عشر القيمة ، و ما فضل يكون لوارث الجنين .و إذا وجبت الدية في الجنين عندنا أو الغرة عندهم كان ذلك على العاقلة إن كان خطاء ، و إن كان عمد الخطاء أو عمدا كان في ماله ، و عندهم على العاقلة على كل حال لما رواه المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه و آله قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة على عصبة القاتل ، و لان الجناية على الجنين لا تكون إلا خطاء عندهم أو شبه العمد فأما العمد المحض فلا يتصور .فالخطاء أن يرمى طايرا فيقع على بطنها ، و العمد لا يتصور لان العمد ما كان عامدا في قصده عامدا في فعله و في الجنين لا يتصور أن يعمد كذلك لانا لا نتحقق الجنين
إذا قطع رجل انسان ثم مات واختلفا فقال الولى مات من القطع وأنكر الجاني
إذا ضرب على بطنها فألقت جنينا ومات بعد أيام
إذا اعترف بالضرب والاسقاط واختلفا فقالت أسقطته من الضرب فأنكر
إذا ألقت امرءة جنينا فادعت أن هذا ضربها على بطنها وأنكر الرجل
إذا ثبتت الدية على العاقلة كانت عليهم في ثلاث سنين سواء كانت كاملة أو غير كاملة كدية الجنين ودية المرءة ودية اليهودى والنصرانى والمجوسى
فان كبر بطنها قد يكون بالجنين و بالريح و العلة و إذا احتمل الامرين خرج من أن يكون عمدا محضا فثبت أنه شبه العمد .فإذا ثبت ذلك ثبت أنه على العاقلة عندهم لانه دية نفس ، و إن لم يكن دية كاملة ، لان ما كان دية نفس حملته ، و إن لم يكن دية كاملة ، كدية المرأة ودية اليهودي و النصراني و المجوسي ، و يحملها في ثلث سنين كالكاملة و قال آخرون يعقل منها في أول سنة ثلث الكاملة ، فعلى هذا دية الغرة تعقلها في سنة أو ثلث سنين على القولين ، و عندنا يحملها في ثلث سنين .إذا ألقت إمرأة جنينا فادعت أن هذا ضربها على بطنها فألقته من ضربه فأنكر فالقول قوله لان الاصل أنه ما ضربها ، و إن اعترف بالضرب و أنكر أن تكون أسقطته ، و قال التقطته أو استعارته فالقول أيضا قوله لانه مما لا يتعذر عليها اقامة البينة و الاصل برائة الذمة .فأما إن اعترف بالضرب و اعترف بالاسقاط ثم اختلفا فقالت أسقطته من الضرب و أنكر و قال من الضرب نظرت ، فان أسقطته عقيب الضرب فالقول قولها ، و عليه الضمان ، لان الظاهر أنه سقط من ضربه ، و إن أسقطته بعد الضرب بأيام يمكن أن يكون سقوطه من الضرب ، فان كان معها بينة أنها لم تزل ضمنة وجعة متألمة من الضرب حتى سقط فعليه الضمان ، و إن لم تكن بينة فالقول قوله ، لانه يحتمل أن يكون الاسقاط من الضرب و من غيره ، و الاصل براءة ذمته .هذا إذا ألقته ميتا و هكذا إذا ألقته حيا ثم مات إن كان الاسقاط عقيب الضرب و الموت عند الاسقاط فعليه الضمان ، لان الظاهر أنه من ضربه ، و يكون الواجب فيه الدية كاملة ، و إن مات بعد أيام فان كان معها بينة تشهد أنه لم يزل ضمنا وجعا متألما من حين وضعته إلى أن مات فعليه الضمان ، و إن لم يكن لها بينة فالقول قوله لان الاصل براءة ذمة .وأصل هذا إذا قطع رجل إنسان ثم مات ثم اختلف الجاني و ولى الميت ، فقال الولى مات من القطع و أنكر الجاني ، نظرت فان مات عقيب القطع فالقول قول
إذا خرج الجنين وله اختلاج من دون أن يسمع له نفس
المسألة بحالها ، وقد مات الجنين بعد أيام
إذا ضرب بطنها فألقت جنينا استهل وصاح ثم مات
الولى و إن مات بعد مدة يندمل الجراح في مثلها ، فان كان مع الولى بينة أنه لم يزل ضمنا من الجناية حتى مات فعلى الجاني الضمان ، و إن لم يكن له بينة فالقول قول الجاني لانه يحتمل أن يكون من سراية القطع مات و يحتمل أن يكون من شيء تجدد القطع ، و الاصل براءة ذمته .إذا ضرب بطن إمرأة فألقت جنينا حرا مسلما فان استهل أى صاح و صرخ ثم مات ففيه الدية كاملة ، إن كان ذكرا و إن كان أنثى فديتها عندنا في ماله ، و عندهم على العاقلة ، و الكفارة في ماله بلا خلاف ، و في وجوب الدية كله إجماع .و أما إن لم يستهل نظرت فان كان فيه حيوة مثل أن يتنفس أو شرب اللبن فالحكم فيه كما لو استهل عندنا و عند جماعة ، و قال بعضهم فيه الغرة و لا تجب فيه الدية كاملة .فإذا ثبت هذا فان استهل أو تحقق حياته و مات عقيب الاسقاط فالحكم على ما مضى ، و إن مضت مدة ثم مات ثم اختلف وارثه و الجانى ، فقال الوارث مات من جنايتك ، و أنكر الجاني ، نظرت فان كان مع الوارث بينة أنه لم يزل ضمنا وجعا متألما حتى مات فالقول قول الوارث ، و إن لم يكن له بينة فالقول قول الجاني ، لان الامر محتمل ، و الاصل براءة ذمته .و يقبل ههنا من البينة ما يقبل على الولادة شاهدان أو شاهد و امرأتان أو أربع نسوة ، و قال بعضهم لا يقبل إلا قول الرجلين و الاول أصح عندنا .هذا إذا خرج و فيه حياة فأما إن خرج يختلج و لم يسمع له نفس ، فهذا ميت ، لانه قد يختلج الشيء من غيره ألا ترى أن من أخذ قطعة من لحم فعصرها في يده ثم أرسلها اختلجت فكذلك هذا المولود قد خرج من مكان ضيق في مسلك حرج ضيق فاحتمل أن يكون اختلاجه لذلك لا لانه حى ، فلا توجب فيه الدية بالشك .فإذا ثبت أن فيه الدية الكاملة إذا استهل ، و الغرة إذا لم تعلم حياته ، فقد فرع على هذين الموضعين ، فقيل إذا ألقت جنينا و مات ، و اختلف وارثه و الجانى ،
إذا ضرب بطنها فألقت جنينين فيه فروع وأبحاث
المسألة بحالها ، فقدم كل من الوارث والجانى بينة فأيهما يقدم ؟
إذا ألقت جنينا ومات فقال الوارث استهل ثم مات وقال الجانى ما استهل
فقال الوارث استهل ثم مات ففيه كمال الدية ، و قال الجاني ما استهل و ليس فيه الغرة ، فالقول قول الجاني ، لان الاصل أنه ما استهل و الاصل براءة ذمته ، فان اعترف الجاني بذلك وجبت الدية كاملة تكون في ماله عندنا و عندهم يكون على عاقلته منها بقدر الغرة خمسون دينارا ، و الباقى عليه لان العاقلة لا تعقل اعترافا .فان اختلفا كذلك و أقام الجاني البينة أنه خرج ميتا و أقام الوارث البينة أنه استهل قدمنا بينة الوارث لانها انفردت بزيادة خفيت على بينة الجاني ، كما قلنا متى مات و خلف ولدين مسلما و نصرانيا فأقام المسلم البينة أنه مات مسلما و أقام النصراني البينة أنه مات نصرانيا كانت بينة المسلم أولى لانها تشهد بزيادة و هو حدوث الاسلام فيه .فان ضرب بطنها فألقت جنينين نظرت فان ألقتهما ميتين كان على عاقلة الضارب غرتان ، و كفارتان في ماله ، سواء كانا ذكرين أو أنثيين أو أحدهما ذكرا و الآخر أنثى ، و على ما بيناه من مذهبنا يلزمه في ماله دية جنينين ، إن كانا ذكرين فمائتا دينار ، و إن كانا أنثيين فمائة دينار ، و إن كان ذكرا و أنثى فمائة و خمسون دينارا لان المراعى عندنا عشر ديته في نفسه دون غيره ، و يلزمه الكفارتان في ماله أيضا .و إن خرجا حيين ثم مأتا في الحال فان كانا ذكرين فعليه ديتان كاملتان ، و كفارتان في ماله ، و عندهم ديتان على العاقلة ، و إن كانا أنثيين كان عليه عندنا و عندهم على عاقلته ديتا إمرأتين ، و في ماله كفارتان ، و إن كان أحدهما ذكرا و الآخر أنثى كان على عاقلته أو في ماله عندنا دية الذكر كاملة ، ودية الانثى والكفارتان في ماله و إن خرج أحدهما حيا و الآخر ميتا فان كانا ذكرين ففى الذي خرج ثم مات دية كاملة ، و في الذي خرج ميتا دية الجنين عشر ديته ، لو كان حيا ، و الغرة عندهم ، و الجميع عندنا في ماله و عندهم على العاقلة ، و في مال الضارب كفارتان و إن كان أحدهما ذكرا و الآخر أنثى .فان اتفقا على أن الذكر خرج حيا ثم مات ، و الانثى خرجت ميتة ففى
المسألة بحالها ، وقد كان الجنين ممن لا يعيش
إذا ضرب بطن امرءة فألقت جنينا حيا ممن يعيش مثله ثم مات
الذكر الدية كاملة و في الانثى دية الجنين ، و يلزمان من ذكرناه عندنا في ماله ، و عندهم على العاقلة ، والكفارتان على الضارب .فان كانت بالضد من هذا فاتفقا على أن الذي خرج حيا ثم مات هو الانثى و الذى خرج ميتا هو الذكر ، وجبت دية إمرأة كاملة ، و الغرة ، والكفارتان على ما مضى ذكره من الخلاف فان اختلفا فقال الوارث الذي خرج حيا ثم مات هو الذكر ، و الذى خرج ميتا هو الانثى ، و خالف الضارب في ذلك ، فان كان مع الوارث بينة حكمنا بدية ذكر كاملة و بدية الجنين عن الانثى و إن لم تكن بينة كان القول قول الجاني ، لان الاصل ألا حياة و الاصل براءة ذمة الضارب و ذمة عاقلته عما زاد على الغرة ، فإذا حلف حكمنا على الضارب بدية إمرأة ودية جنين في الذكر .و إن اعترف الجاني فقال الذي خرج حيا ثم مات هو الذكر ، و فيه الدية كاملة و الانثى خرجت ميتة ففيها الغرة و أنكرت عاقلته ذلك و قالت بل الذي خرج حيا هو الانثى ، و الذى خرج ميتا هو الذكر ، و لم يكن مع الوارث بينة و كان الضرب خطاء محضا ، عندنا كان القول قولهم مع أيمانهم ، فإذا حلفوا لم يجب عليهم إلا دية الانثى وغرة في الذكر ، و وجب على الجاني بقية الدية التي اعترف بها و أنكرها العاقلة لان العاقلة قد بينا أنها لا تعقل اعترافا ، إذا ضرب بطن إمرأة فألقت جنينا حيا ممن يعيش مثله ، و هو إذا كان له ستة أشهر فصاعدا ، فإذا خرج هذا الجنين حيا ثم مات في الحال ففيه الدية كاملة ، فان كان خطاء على العاقلة ، و الكفارة في ماله ، لانا قد تحققنا جناية عقيب الضرب ، و الظاهر أنه مات من الضرب كما نقول فيمن ضرب رجلا فمات عقيب الضرب وجب على الضارب القود ، لان الظاهر أنه مات من ضربه .إذا كان الجنين حيا لكنه لا يعيش مثله ، و هو إذا كان له أقل من ستة أشهر ثم مات عقيب الاسقاط ، فان فيه الدية كاملة كالتى قبلها سواء ، لا فرق بينهما عندنا
و عند الاكثر ، و قال بعضهم فيه الغرة ، و الاول هو الصحيح لانا تحققنا حيوته عقيب الضرب ، و أنه مات من ضربه ، لانه لو لم يضربه ربما بقي و عاش فهو كما لو كان له ستة أشهر .إذا ألقت من الضرب جنينا حيا ثم قتله آخر ففيه مسئلتان إن كان فيه حياة مستقرة بعيش اليوم و اليومين ، فقتله آخر فعليه القصاص ، إن كان عمدا ، و إن كان خطأ فالدية على العاقلة و الكفارة في ماله في الحالين ، و الضارب لا شيء عليه التعزير ، لان الالم لا يضمن بالمال .الثانية كانت فيه حيوة مستقرة و كانت حركته حركة المذبوح ، فالأَول قاتل عليه الدية و الكفارة ، و الثاني جان لا ضمان عليه ، و عليه التعزير .فان خرج حيا فقتله قاتل قبل العلم بأن الحيوة مستقرة أو مستقرة فلا قود عليه لانا لا نتحقق استقرار الحيوة لكنا نوجب فيه الدية إن كان خطاء مخففة ، و إن كان عمد الخطاء فمغلظة .إذا ضرب بطنها فألقت يدا و ماتت و لم يخرج الجنين ، ففيها الدية الكاملة ، و في الجنين الغرة ، لانها إذا ألقت يدا كان الظاهر أنه جنا عليه فأبان يده و ماتت من ذلك ، و كان فيه الغرة ، و هكذا إذا ألقت يدين أو أربع أيد أو رأسين لا يحتمل أن تكون لحى واحد ، فانه قد يخلق هكذا ، و يحتمل أن تكون لاخيه فإذا احتمل الامرين فالأَصل براءة ذمته ، فلا يوجب عليه إلا ضمان جنين واحد .فان ضرب بطنها فألقت يدا ثم ألقت بعدها الجنين ، لم يخل من أحد أمرين إما أن لا تزال وجعة ضمنة متالمة حتى ألقته أو برئت ثم ألقته فان لم تزل ضمنة حتى ألقته ففيه ثلث مسائل .إن ألقته ميتا ففيه الغرة ، يدخل أرش اليد فيها ، و إن ألقته حيا ثم مات عقيب السقوط ففيه الدية ، و يدخل بدل اليد في الدية ، و إن ألقته حيا و عاش لم يضمن الجنين ، و يكون عليه ضمان اليد وحدها ، و كم يضمن ؟ تسأل القوابل فان قلن هذه
إذا ألقت جنينا ميتا أو حيا فمات ثم ماتت الام ثم ألقت جنينا حيا ومات
إذا ضرب بطنها فألقت جنينا وماتا
يد من لم تخلق فيه الحياة و الروح ، ففيه نصف دية الجنين ، و إن قلن هذه يد من خلقت فيه الحياة ففيها نصف الدية ، لانا لو تحققنا حياته كان فيه الدية ، و كان في يده نصف الدية .هذا إذا لم تزل ضمنة حتى ألقت فاما إن زال الالم و برئت ثم ألقته ضمن اليد دون الجنين ، لانه بمنزلة من قطع يد رجل ثم اندملت فانه يضمن اليد وحدها .فإذا ألقته بعد هذا ففيه المسائل الثلث إن ألقته ميتا ففى اليد نصف دية الجنين ، و إن ألقته حيا ثم مات عقيب الاسقاط أو عاش ففى هذين الفصلين ارى عدول القوابل ، فان قلن يد من لم تخلق له حياة ، ففيها نصف الغرة ، و إن قلن يد من خلقت فيه الحياة فنصف الدية .و إن ضرب بطنها فألقت جنينا و ماتا نظرت ، فان مات قبل وفاتها أو خرج ميتا ثم ماتت ورثت نصيبها منه ثم ورثها ورثتها و إن ماتت أولا ثم خرج حيا ثم مات أو خرج قبل موتها ثم ماتت ثم مات هو ، ورث نصيبه منها و ورثه ورثته .و إن اختلفا فقال و ارثها مات الجنين أولا فورثته ، و قال ولي الجنين بل ماتت أولا فورثها ثم مات ، لم يورث أحدهما من صاحبه إذا لم يعلم كيف وقع و يكون تركة كل واحد منهما لورثته ، و لا يرث أحدهما صاحبه .و أما إن ألقت جنينا ميتا أو حيا فمات ثم ماتت ثم ألقت جنينا حيا ثم مات ففى الاول دية الجنين و فيها الدية ، و في الثاني الدية ترث من الاول نصيبها ثم يرث الثاني منها نصيبه ، و أما إن خرج رأسه ثم مات ففيها الدية و الجنين مضمون ههنا ، قال بعضهم مضمون لانه إنما يثبت له أحكام الدنيا إذا انفصل فأما قبل أن ينفصل فلا ، و الاول أصح لانا تحققنا كون الجنين حين الضرب و ليس كذلك إذا سكن الحركة لانا لم نتحقق الجنين .فإذا ثبت أنه مضمون فان كان ميتا ففيه دية الجنين ، و إن كان فيه حياة مثل أن خرج رأسه و صرخ أو تنفس ففيه الدية لانا تحققنا حياته حين الضرب .
إذا ضرب بطن مدبرة أو معتقة نصفه أو مكاتبة أو ام ولد
إذا ضرب بطن أمة فألقت جنينا ميتا مملوكا
إذا ضرب بطن أمة فألقت جنينا ميتا مملوكا ففيه عشر قيمة امه ذكرا كان أو أنثى عند قوم ، أو غرة تامة مثل جنين الحرة ، و هو الذي رواه أصحابنا و قال قوم فيه عشر قيمته إن كان أنثى و إن كان ذكرا فنصف عشر جنين الحر فالواجب في الجنين الحر لا يختلف ذكرا كان أو أنثى ، و الواجب في جنين الامة يختلف بالذكورية و الانوثية .و قد يجب عنده في الذكر دون ما يجب في الانثى و هو إذا اتفقت القيمتان فكانت قيمة كل احد منهما عشرين دينارا فيكون في الانثى ديناران عشر قيمتها ، و في الذكر دينار واحد نصف عشر قيمته .و أما إذا خرج حيا ثم مات عشر قيمته بلا خلاف فمن قال يعتبر بعشر قيمة امه فمتى يعتبر قيمتها ؟ قال يعتبر قيمتها يوم الضرب ، و قال بعضهم يعتبر قيمتها يوم الاسقاط و الاول إقوى .فان ضرب بطن مدبرة أو معتقة نصفه عندهم أو مكاتبة أو أم ولد فألقت جنينا ميتا ففيه عشر قيمة امه ، لانه جنين مملوك ، فان وطي أمة بشبهة يعتقدها زوجته الحرة أو أمته فأحبلها فالولد حر لاعتقادة أنه حر و إن وضعته حيا فعليه قيمته يوم وضعته حيا ، فان قتله قاتل بعد هذا فعليه القود إن كان عمدا و إن كان خطاء أو شبه العمد فكمال الدية .فان أحبلها الواطي بحر فضرب رجل بطنها فألفته ميتا ففى دية الجنين الحر لانه جنين خرج ميتا من ضربه ، و يكون عشر قيمة امه لو كانت حرة ، و تكون هذه الدية على الجاني للواطي فانه أبوه إن لم يكن له وارث سواه .و أما أبوه فعليه لسيد الامة في الجنين عشر قيمتها لانه لو خرج ميتا من الضرب كان هذا له على الضارب ، فإذا أعتق بسببه فقد حال بين سيدها و بين هذا القدر فألزم هذا السيد الامة ، فيكون لسيد الامة على الواطي عشر قيمة امه و للواطي على الجاني الغرة .
إذا كانت الجارية بين شريكين فحملت بمملوك وضرب إنسان بطنها فألقت
إذا وطئ مسلم وذمى ذمية في طهر واحد فأتت بولد يمكن أن يكون من كل منهما فضرب أحد بطنها فألقت جنينا ميتا
المسألة بحالها ، وقالت امه : هذا الجنين مسلم لانى حملت به من مسلم بالزنا أو الشبهة
إذا جنى على نصرانية فألقت جنينا ميتا
فإذا ثبت هذا قابلنا بين الغرة و عشر القيمة ، فان كانا سواء أخذ الواطي من الجاني الغرة و أخذ السيد من الواطي عشر القيمة ، و إن كانت الغرة أكثر كان الفضل للواطي لانه أبوه و إن كانت الغرة أقل كان على الواطي تمام عشر القيمة لسيدها .إذا جنى على نصرانية فألقت جنينا ميتا ففيها غرة عبد قيمة عشر دية امه ، و عندنا عشر دية امه فان قالت امه هذا الجنين مسلم لانى حملت به من مسلم بالزنا لم يلتفت إلى قولها لان المسلم إن كان قد فعل هذا فلا يلتحق النسب به بالزنا .فان قالت ما زنا لكنه أصابنى بشبهة و الولد مسلم ، نظرت في العاقلة و الجانى فان أنكروا ذلك فالقول قول العاقلة و الجانى معا مع اليمين على العلم لانا لا نعلم أن هذا وطئها لانها يمين على النفي على فعل الغير فإذا حلفوا فعلى العاقلة غرة جنين نصرانى ، و إن اعترفت العاقلة و الجانى معا بذلك فعليهما دية جنين مسلم و هكذا لو اعترف العاقلة وحدها فان اعترف الجاني بذلك و أنكرت العاقلة حلفت و كان عليه غرة جنين ذمى قيمته قيمة عشر دية امه ، و كان الفضل إلى غرة هى في جنين الحر المسلم على الجاني ، لانه قد اعترف بذلك ، و العاقلة لا تعقل اعترافا .إذا وطي مسلم و ذمي ذمية في طهر واحد فأتت بولد يمكن أن يكون من كل واحد منهما فضرب بطنها رجل فألقت جنينا ميتا فعلى الضارب الكفارة لانه لا يخلو من أن يكون مسلما أو ذميا و أيهما كان فعليه الكفارة .و أما الضمان فالذي يوجب في الحال دية جنين ذمية عشر ديتها لانه يحتمل أن يكون مسلما فوجب عليه الاقل لان الاصل براءة ذمته ، ثم ينظر فيه فان الحق بالذمي فقد استوفى الحق من الجاني ، و إن الحق بالمسلم استوفى من الجاني تمام دية جنين حر مسلم .إذا كانت الجارية بين شريكين فحملت بمملوك فضرب إنسان بطنها فألقته ميتا نظرت ، فان كان أجنبيا فعليه الكفارة و ضمان الجنين عشر قيمة امه يكون ذلك للسيدين لان الجنين بينهما ، و إن كان الضارب أحد الشريكين فعليه الكفارة لانه
المسألة بحالها ، وقد أعتق الضارب نصفها بعد الضرب قبل الاسقاط
المسألة بحالها ، وقد كان الضارب أحد الشريكين
لو كان الجنين كله له كان عليه الكفارة .و أما ضمان الجنين فما قابل نصيب نفسه ساقط لانه لا يضمن لنفسه ملك نفسه ، و عليه ضمان نصيب شريكه نصف عشر قيمة امه .هذا إذا لم يعتق أحد الشريكين نصفه منهما فأما إن حملت بمملوك ثم ضرب أحد الشريكين بطنها ثم أعتق أحد الشريكين نصيبه منها بعد الضرب ، ثم أسقطت الجنين ميتا بعد العتق لم يخل المعتق من أحد أمرين إما أن يكون هو الضارب أو الضارب .فان كان المعتق لنصيبه هو الضارب لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون موسرا أو معسرا فان كان معسرا عتق نصيبه منها و من الحمل لان الحامل إذا أعتقت سرى العتق إلى حملها فإذا أعتق نصفها سرى إلى نصف حملها ، و استقر الرق في نصيب شريكه منها و من حملها ، فعلى الضارب الكفارة .و أما الجنين فقد وضعته و نصفه مملوك و نصفه حر فأما النصف المملوك فعليه ضمانه لشريكه و هو نصف عشر قيمة الام ، و أما النصف الحر ففيه نصف الغرة اعتبارا بحال الاستقرار .و لمن يكون هذا النصف ؟ مبنى على من نصفه حر إذا اكتسب ما لا بما فيه من الحرية ثم مات فهل يورث عنه أم لا ؟ قال قوم لا يورث عنه و يكون للسيد الذي يملك نصفه لانه ناقص بما فيه من الرق فإذا لم يورث كان أحق الناس بما خلفه سيده الذي يملك نصفه ، و قال آخرون يورث عنه لانه مال ملكه بالحرية فوجب أن يورث عنه ، و قال بعضهم يكون ما خلفه لبيت المال .فإذا ثبت هذا كان النصف من الغرة بمنزلة ما خلفه هذا الجنين بما فيه من الحرية ، فمن قال يكون لسيده الذي يملك نصفه كان نصف الغرة له على الضارب ، و من قال يورث عنه ورث عنه هذا النصف من الغرة فأما امه فلا ترث منه شيئا لان نصفها مملوك و يكون لورثتها بعدها فان لم يكن له وارث مناسب لم يكن لسيده الذي أعتقه شيء منها لانه قاتل ، و يكون ذلك لعصبة مولاه الذي أعتق ، و إن لم يكن
المسألة بحالها ، وقد كان الضارب غير المعتق وفيه مسائل 209
المسألة بحالها ، وقد كان المعتق موسرا فسرى العتق إلى نصيب شريكه
عصبة فلبيت مال المسلمين ، و على قول بعضهم يكون لبيت المال بكل حال .هذا إذا كان المعتق معسرا فأما إن كان موسرا عتق نصيبه منها من جنينها و سرى العتق إلى نصيب شريكه منها و من جنينها .و متى سرى قيل فيه ثلثة أقوال أحدها يعتق نصف شريكه باللفظ ، الثاني باللفظ و دفع القيمة ، الثالث مراعى ، فان دفع القيمة تبينا أنه عتق باللفظ ، ون لم يدفع فنصف شريكه على الرق ، فمن قال العتق باللفظ و دفع القيمة أو قال مراعى فلم يدفع القيمة حتى أسقطته فقد أسقطته ميتا و نصفه حر فيكون الحكم فيه كما لو كان المعتق معسرا حرفا بحرف ، و قد مضى ، لانه إذا كان معسرا ألقته ميتا و نصفه حر فلهذا كانا في الحكم سواء ، و من قال يعتق باللفظ أو قال مراعا فدفع القيمة قبل أن يسقط ثم أسقطته حرا ميتا فعلى الضارب المعتق نصف قيمة الام يتبعها جنينها فيه ، لان الجنين يتبع امه في الابدال ، كما لو باعها حاملا فان جنينها يتبعها و أما الجنين ففيه دية جنين حر و هو الغرة ، و أنها تورث كلها لان كله حر يكون لامه منها الثلث إن لم يكن له اخوة لانها حرة حين وضعته و الباقى للاب ، فان لم يكن رد عندنا على الام و عندهم لورثته ، فان لم يكن له ورثة لم يرث مولاه الذي أعتق شيئا لانه قاتل و إن كان لمولاه عصبة كان لهم و إلا فلبيت المال .هذا إذا كان المعتق هو الضارب و أما إذا كان المعتق هو الذي لم يضربها لم يخل ايضا من أحد أمرين إما أن يكون معسرا أو موسرا ، فان كان معسرا عتق نصيبه من الجنين و منها ، و استقر الرق في نصيب شريكه منها و من جنينها ، فعلى الضارب الكفارة و قد أسقطته ميتا و نصفه حر فأما نصيب الضارب فهدر لانه مملوك له ، و أما نصيب المعتق فقد صار حرا و فيه نصف الغرة ، و لمن كان هذا النصف ؟ فمن قال لسيده الذي لم يعتق ، فالذي لم يعتق هو الضارب ، فلا ضمان عليه لانه لو لم يكن ضاربا انصرف إليه ، فإذا كان ضاربا لا يضمن لانه لو ضمن ضمن لنفسه و إنما عاد هذا الحق إليه لانه ليس بميراث و إنما هو حق يملك و القتل لا يمنعه . و من قال يكون نصف الغرة موروثا لم ترث امه شيئا لان نصفها رق و يكون لغير امه من ورثته ، فان لم يكن له وارث مناسب فلمولاه الذي أعتق لانه ليس بقاتل فان لم يكن هناك مولى و لا عصبة مولى فلبيت المال .هذا إذا كان المعتق معسرا فأما إن كان موسرا سرى إلى نصيب شريكه منها و من جنينها ، فمن قال يسرى باللفظ و دفع القيمة أو قال مراعى فلم يدفع القيمة حتى أسقطت فقد أسقطت ميتا و نصفه حر فيكون الحكم فيه كما لو كان المعتق معسرا و قد مضى و من قال يعتق باللفظ أو مراعا فدفع القيمة ثم ألقته ميتا فعلى المعتق نصف قيمة الامة للضارب يتبعها جنينها فيه .و أما الجنين ففيه الغرة على الضارب فتكون الغرة عليه ، و له نصف قيمة الام و هذه الغرة كلها تورث ، فلامه الثلث و الباقى فلورثته ، فان لم يكن له وارث مناسب فلمولاه الذي أعتقه لانه ليس بقاتل ، فان لم يكن له عصبة فلعصبة مولاه ، و الا فلبيت المال و عندنا كله للامام .
كتاب القسامة القسامة عند الفقهاء كثرة اليمين ، فالقسامة من القسم و سميت قسامة لتكثير اليمين فيها ( 1 ) .إذا ادعى الرجل دما على قوم لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون معه ما يدل على صدق ما يدعيه أولا يكون ، فان لم يكن معه ذلك ، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ، فان حلف بري و إن لم يحلف رددنا اليمين على المدعى فيحلف و يستحق ما ادعاه إن كان قتلا عمدا استحق القود ، و إن كان العمد استحق الدية .و لا فصل بين هذا و بين سائر الدعاوي إلا في صفة اليمين فان الدعوي إن كانت قتلا و دما هل يغلظ الايمان فيه أم لا ، قال قوم تغلظ ، و قال آخرون لا تغلظ ، و سيجئ الكلام فيه .و إن كان معه ما يدل على دعواه و يشهد القلب بصدق ما يدعيه فهذا يسمى لوثا مثل أن يشهد معه شاهد واحد ، أو وجد القتيل في برية و هو طرى و الدم جار و بالقرب منه رجل معه سكين عليها دم ، و الرجل ملوث بالدم ، أو وجد في قريه لا يدخلها إلا أهلها ، فالظاهر أن أهلها قتلوه ، و إن كان يخلطهم غيرهم نهارا و يفارقهم ليلا ، فان وجد القتيل نهارا فلا لوث ، و إن وجد ليلا فالظاهر أن أهل القرية قتلوه .و حكم المحلة الطارقة من البلد و حكم القرية واحد ، و هكذا لو وجد في دار فيها قوم قد اجتمعوا على أمر من طعام أو غيره فوجد قتيل بينهم فهذا لوث فالظاهر أنهم قتلوه .فمتى كان مع المدعى لوث فالقول قوله يبدأ باليمين يحلف خمسين يمينا 1 - و قال أهل اللغة : القسامة عبارة عن أسماء الحالفين من أوليآء المقتول فعبر بالمصدر عنهم ، و أقيم المصدر مقامهم ، يقال : أقسمت أقساما و قسامة فأيهما كان فاشتقاقه من القسم الذي هو اليمين .منه قدس سره
القتل إما عمد محض أو عمد الخطاء أو خطاء محض ولكل منها تحليف
إذا وجد قتيل في قرية لا يختلط بهم غير هم وادعى عليهم الدم كيف يحلفون ؟
و يستحق ، فان كان حلف على قتل عمد محض عندنا يقاد المدعى عليه به و قال قوم لا يقاد و فيه خلاف .و قال قوم لا أحكم باللوث و لا أعده و لا اراعيه و لا أجعل اليمين في جنبة المدعى فإذا وجد قتيل في قرية لا يختلط بهم غيرهم و ادعى عليهم الدم كان عليهم خمسون رجلا من صالحي القرية يحلفون ما قتلوه ، فان كان أقل من خمسين رجلا كانت اليمين عليهم بالحصة ، فان كانوا خمسة حلف كل واحد عشرة أيمان ، و إذا كان واحدا حلف خمسين يمينا ، فإذا حلفوا وجبت الدية على باقى الخطة إن كان موجودا و على سكان القرية إن كان مفقودا و قال بعض أصحاب هذا القول على سكانها بكل حال .قال : فان وجد في مسجد الجامع حلف خمسون رجلا من أهل المسجد خمسين يمينا فإذا حلفوا كانت الدية عليهم لان الدار قد صارت لهم .و قد بينا أن اليمين في جهة المدعى لكن يحلف خمسون رجلا من أوليآء المقتول خمسين يمينا أن المدعى عليه قتله ، فان نقصوا كررت عليهم من الايمان ما تكون خمسين يمينا ، فان لم يكن إلا واحد حلف خمسين يمينا و استحق القود إن حلف على عمد ، فان أبا أن يحلف حلف من المدعى عليهم خمسون رجلا خمسين يمينا فان نقصوا حلفوا خمسين يمينا بالتكرار ، فان كان المدعى عليه واحدا ، حلف خمسين يمينا ، فإذا حلف بري من ذلك ، و كانت الدية على القرية أو المحلة التي وجد فيها فأما إن وجد في الجامع أو الشارع العظيم فديته على بيت المال .و قتل الخطاء فيه خمسة و عشرون يمينا على شرح يمين العمد سواء و ما رأيت أحدا من الفقهاء فرق .فإذا ثبت أن البداءة بيمين المدعى لم تخل الدعوي من ثلثة أحوال إما أن يكون قتل خطاء ، أو عمد الخطاء أو عمد محض ، فان كان خطاء محضا نظرت فان كان اللوث شاهدا حلف يمينا واحدة مع بينته و استحق الدية لانه إثبات مال يثبت بالشاهد و اليمين ، و إن كان اللوث الشاهد حلف مع اللوث عندنا خمسا و عشرين يمينا و عندهم خمسين يمينا و وجبت الدية على العاقلة ، و إن كان عمد الخطاء حلف مع الشاهد يمينا واحدة ، و مع عدم الشاهد خمسا و عشرين يمنا عندنا ، و خمسين عندهم ، و تثبت
شرائط ثبوت اللوث
صورة اللوث وأن الاصل فيه قصة الانصار وحكم النبى وصلى الله عليه وآله و سلم
إذا كانت الدعوى عمدا محضا وحلف المدعى فهل يقتل المحلوف عليه
به دية مغلظة عندنا في مال المدعى عليه و عندهم على العاقلة و إن كانت الدعوي عمدا محضا يوجب القود ، حلف المدعى خمسين يمينا مع اللوث ، سواء كان اللوث شاهدا أو شاهد ، فإذا حلف ثبت بيمينه قتل عمد يوجب القود ، فإذا ثبت هذا بيمينه قتل المحلوف عليه عندنا و عند جماعة ، و قال بعضهم لا يقتل به ، فإذا حلف الولى قضى له بالدية المغلظة حالة في مال القاتل ، فمن أوجب الدية قال الدية مغلظة حالة في مال القاتل .و من قال يجب القود نظرت فان كان المحلوف واحدا قتل و لا كلام ، و إن حلف على جماعة فكذلك يقتلون به أن على مذهبنا يردون فاضل الدية ، و قال بعضهم لا يقتلون لكن يختار الولى واحدا منهم فيقتله به ، و هذا عندنا يجوز للولي أن يفعله أن على الباقين أن يردوا على أوليآء المقتول الثاني ما يخصهم من الدية .فأما صورة اللوث فالأَصل فيه قصة الانصار و قتل عبد الله بن سهل بخيبر و السبب الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه و آله هو أن خيبرا كانت دار يهود محضة لا يخلطهم غيرهم ، و كانت العداوة بينهم و بين الانصار ظاهرة لان الانصار كانوا مع النبي صلى الله عليه و آله لما فتحها فقتلوهم و سبوهم فاجتمع أمران : عداوة معروفة و انفراد اليهود بالقرية ، و قد خرج عبد الله بن سهل بعد العصر فوجد قتيلا قبل الليل و قيل بعد المغرب فغلب في ظن كل من عرف الصورة أن بعض اليهود قتله .فإذا ثبت هذا فحكم غيرهم حكمهم ، فمتى كان مع المدعى ما يغلب على الظن صدق ما يدعيه من تهمة ظاهرة أو غيرها فهو لوث ، فمن ذلك إذا كان البلد صغيرا ينفرد به أهله ، أو كانت القرية منفردة ، و كذلك إن كانت محلة من محال البلد في بعض أطرافه بهذه الصورة أو حلة من حلل العرب بهذه الصورة ، فمتى دخل إليهم من بينهم و بينه عداوة فوجد قتيلا بينهم فهذه و خيبر سواء لا يختلفان فيه .و متى عدم الشرطان أو أحدهما فلا لوث مثل أن وجد قتيلا في قرية لا ينفرد بها أهلها ، و كانت مستطرقة ، و لا عداوة بينهم و بين القتيل فلا لوث ، أو كانت منفردة لا يخلطهم غيرهم لكنه لا عداوة بينهم و بينه ، أو كانت هناك عداوة و القرية مستطرقة فلا لوث
إذا ازدحم الناس في موضع وتضايقوا لصلاة أو دخول مسجد فوجد قتيل قد داسوه بأرجلهم
إذا وقع قتال بين طائفتين فوجد هناك قتيل بينهما لا يدرى من قتله
إذا وجد قتيل في الصحراء والدم جار وهناك رجل ملوث بالدم معه سكين
إذا اجتمع قوم في بيت أو حجرة في دعوة او مشاورة وتفرقوا عن قتيل
فان جاز أن يقتله أهل القرية يجوز أن يقتله غيرهم فبطل اللوث .فاما إذا اجتمع قوم في بيت أو حجرة أو دار كبيرة أو بستان في دعوة أو مشاورة أو سبب فتفرقوا عن قتيل بينهم ، كان هذا لوثا سواء كان بينه و بين القوم عداوة أولا عداوة بينهم ، و الفرق بين الدار و القرية أن الدار لا يدخلها أحد إلا باذن صاحبها ، و ليس كذلك القرية المستطرقة لانه يدخلها كل أحد ، فلاجل ذلك لم يكن لوثا في القرية ، و كان لوثا في الدار .و أما إن وجد قتيل في الصحراء و القتيل طرى و الدم جار و هناك رجل بالقرب منه ملوث بالدم ، و معه سكين ملوثة بالدم و ليس في المكان سواهما و لا أثر ، فهو لوث عليه ، و إن كان في المكان غيرهما كالسبع و الذئب و الوحش الذي يقتل الانسان أو يرى رجل آخر يعدو موليا و الاثر أن يشاهد الدم مترششا في طريق هذا الموجود معه و نحو هذا ، فكل ذلك يبطل اللوث في حق هذا لان هذه الاشياء أحدثت شكا و اشتراكا في قتله فلم يغلب في الظن أن هذا قتله .و إذا وقع قتال بين طائفتين كأهل العدل و البغى أو قتال فتنة بين طائفتين فوجد هناك قتيل بين إحدى الطائفتين لا يدرى من قتله نظرت ، فان اختلط القتال بينهم و التحمت الحرب ثم تفرقوا عن قتيل كان اللوث على طائفته ، فان كان الصفان متفرقين و كان ما بينهما قرب يصل السهام و النشاب من كل واحد منهما إلى الآخر ، فوجد قتيل في أحد الصفين فاللوث على طائفته .و إن لم يكن بينهم رمى بالسهام و لا اختلاط بالقتال ، فلا فصل بين أن يتقارب الصفان أو يتباعدا فإذا وجد قتيل في أحد الصفين فاللوث على أهل صفه ، و هذه صورة طلحة وجد قتيلا في صفه ، فقيل إن مروان رماه فقتله .فأما إن ازدحم الناس في موضع و تضايقوا لمعنى كالطواف و الصلوة و عند دخول المسجد و الكعبة أو عند بئر أو مصنع لاخذ الماء أو قنطرة أو جسر كان لوثا عليهم لانه يغلب على الظن أنهم قتلوه و روى أصحابنا في مثل هذا أن ديته على بيت المال .
إذا حصل اللوث على جماعة وادعى الولى واحدا أو جمعا يتأنى منهم القتل
إذا كان الشاهد غير عادل فأخبر بالقتل فيه أبحاث
الشاهد الواحد أيضا لوث يجعل اليمين في جنبة المدعى
فأما ثبوت اللوث بالقول ينظر فيه ، فان كان مع المدعى شاهد عدل كان هذا لوثا فان ادعى قتله خطاء أو عمد الخطاء حلف مع يمينا واحدة و استحق الدية لان هذه دعوى مال ، و المال يثبت بالشاهد و اليمين ، و إن كان القتل عمدا محضا يثبت هذا القتل بالقسامة ، و هل يثبت القود على ما مضى من الخلاف ، عندنا يثبت و عندهم لا يثبت .و أما إن لم يكن المخبر عدلا لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون ممن لقوله حكم في الشرع ، أولا حكم لقوله ، فان كان لقوله حكم في الشرع كالعبيد و النساء ، فان أخبارهم في الدين مقبولة ، و النساء في القتل لا يقبلن ، نظرت فان أتت طائفة من نواحى متفرقة و لم يكن هذا عن اجتماع يقع به التواطوء على ما أخبروا به ، و كل واحد منهم يقول قد قتل فلان فلانا فهذا لوث لانه إذا قبل قولهم في الاخبار و وقع الخبر منهم على وجه متجرد عن التواطوء عليه غلب على الظن صدق قولهم ، و كان لوثا .هذا إذا لم يبلغوا حدا يوجب خبرهم العلم فان بلغوا ذلك خرج عن حد غلبة الظن .و اما إن كانوا لا حكم لقولهم في الشرع كالصبيان و الكفار و أقبلوا متفرقين من كل ناحية على ما صورناه في المسألة قبلها قال قوم لا يكون لوثا لانه لا حكم لقولهم في الشرع و قال آخرون و هو الاصح عندهم أنه لوث لانه يوجب غلبة الظن فانهم أتوا به متفرقين من اجتماع و لا تواطوء ، فكان هذا أكثر من تفرق جماعة عن قتيل ، و عندنا إن كان هؤلاء بلغوا حد التواتر و لا يجوز منهم التواطوء و لا اتفاق الكذب ، فان خبرهم يوجب العلم و يخرج من باب الظن ، فأما إن لم يبلغوا ذلك الحد فلا حكم لقولهم أصلا .و متى حصل اللوث على جماعة مثل أن وجد القتيل في قرية أو محلة أو دار و هناك لوث نظرت ، فان عين الولى واحدا منهم فقال هذا قتله ، كان له أن يقسم عليه و هكذا لو ادعى على جماعة يتأتى منهم القتل فان ادعى على جماعة لا يتأتى منهم الاشتراك
إذا قال الرجل عند موته : دمى عند فلان
إذا وجد قتيل في دار قوم فادعى الولى على واحد منهم فأنكر
كل موضع حصل اللوث فللولى أن يقسم كان بالقتيل أثر القتل أولا
المسألة بحالها ، وادعى الولى على جماعة كثيرة كأهل بغداد مثلا
في قتل واحد مثل أن ادعى على أهل بغداد فقال كلهم قتلوه ، و نحو هذا قلنا هذا محال لا يسمع منك ، فان رجعت إلى عدة يصح منهم الاشتراك في قتله و إلا فانصرف لان النبي صلى الله عليه و آله قال يحلف خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته و إنما قصد عليه السلام أن يبين أنه لا يقبل الدعوي إلا على من يصح منه قتله كالواحد ، و ما في معناه ، فدل على ما قلناه .كل موضع حصل اللوث على ما فسرناه ، فللولى أن يقسم سواء كان بالقتيل أثر القتل أو لم يكن أثر القتل ، و قال قوم إن كان به أثر القتل مثل هذا ، و إن لم يكن أثر فلا قسامة بل إن كان قد خرج الدم من أنفه فلا قسامة لان يخرج من خنق و يظهر من قتل ، فان خرج من اذنه فهذا مقتول لانه لا يخرج من اذنه الا بخنق شديد ، و سبب عظم يخرج من اذنه و هذا أقوى .إذا وجد قتيل في دار قوم فاللوث على من كان في جوف الدار ، و إن ادعى القتل على واحد منهم و أنكر و قال ما كنت في الدار فالقول قوله أنه ما كان في الدار ، و لم يكن للولي أن يقسم عليه حتى يثبت أنه كان مع القوم في الدار إما باعترافه أو بالبينة لان اللوث دليل على من كان في الدار ، و ليس بدليل على أنه كان في الدار ، فيكون القول قول المنكر مع يمينه ، فان حلف بري و إن لم يحلف حلف الولى أنه كان في الدار فإذا ثبت كونه فيها فله أن يقسم عليه .و هذا كما قلنا إذا أتت إمرأة بولد و قالت لزوجها هذا منك فالقول قوله ، إلا أن تقيم البينة أنها ولدته على فراشه ، فإذا أقامت البينة ثبت و إلا لم يثبت لان الفراش يلحق به النسب ، و الفراش لا يثبت به الولادة ، فان أقامت البينة أنها ولدته لحق بالفراش إلا أن ينفيه باللعان ، فان لم يكن بينة و حلف أنها ما ولدته انتفى بغير لعان .قد ذكرنا أقسام اللوث و أصنافه و قال بعضهم لا لوث إلا بأحد أمرين شاهد عدل مع المدعى ، فأما ما عداه من الدار و القرية فلا ، و الثاني أن يقول الرجل عند وفاته دمى عند فلان ، معناه قاتلي فلان فهذا لوث ، و ما عداه فلا لوث ، و هذا الاخير عندنا ليس بلوث أصلا .
إذا قتل عبد لمسلم وهناك لوث فهل لسيده القسامة أولا
إذا كان المقتول مسلما والمدعى عليه مشركا وبالعكس
إذا أراد ولى الدم أن يحلف فالحاكم يستثبته ويعظه ويزجره عن اليمين الكاذبة
إذا وجد اللوث أقسم الولى سواء شاهد القاتل أولا ، شاهد موضع القتل أولا
إذا وجد اللوث الذي ذكرناه كان للولي أن يقسم على من يدعى عليه سواء شاهد القاتل أو لم يشاهد أو شاهد هو موضع القتل أو لم يشاهد ، لان القصة كذا جرت لان عبد الله بن سهل قتل بخيبر فعرض النبي عليه السلام على أخيه و كان بالمدينة لان اليمين قد يكون تارة على العلم ، و تارة على غالب الظن ، مثل أن يجد بخطه شيئا و قد نسيه أو يجد بخط أبيه و في روزنامجه شيئا أو يخبره من هو ثقة عنده و لا تقبل شهادته عند الحكام ، فانه يجوز عندهم أن يحلف على جميع ذلك ، و عندنا لا يجوز أن يحلف إلا على العلم .فان قيل أ ليس لو اشترى رجل بالمغرب له عشرون سنة عبدا بالمشرق له مائة سنة ثم باعه من ساعته فادعى المشترى أن به عيبا و أنه آبق و قد أبق فيما سلف ، حلف البايع أنه ما أبق و إن جاز أن يكون أبق خمسين سنة قبل أن يولد البايع ، فإذا جاز ذلك جاز ههنا قيل عندنا أنه لا يجوز له أن يحلف أنه ما أبق ، و إنما يحلف أنه لا يعلم أنه أبق لانه يمين على نفي فعل الغير و على من ادعى الاباق البينة .إذا أراد ولي الدم أن يحلف فالمستحب للحاكم أن يستثبته و يعظه و يزجره و يحذره و يعرفه ما في اليمين الكاذبة ، و يبين له أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة مثل اللعان ، و ان كانت اليمين في الاموال ، قال قوم مثل ذلك ، يعظه و يخوفه و قال آخرون لا يفعل لان المال أخفض رتبة من الدم ، و يفارق اللعان لانه إذا ثبت أوجب قتلا أو حدا و الاول أحوط لان فيه تحذيرا من اليمين الكاذبة .إذا كان المقتول مسلما و المدعى عليه مشركا أقسم ولي الدم على ذلك و استحق بلا خلاف فيه ، لان قصة الانصار كانت مع اليهود ، فان كانت بالضد و كان المقتول مشركا و المدعى عليه القتل مسلما قال قوم مثل ذلك يقسم وليه ، و يثبت القتل على المسلم ، و قال قوم لا قسامة لمشرك على مسلم ، و الاول أقوى عندنا لعموم الاخبار ، أنه لا يثبت به القود و إنما يثبت به المال .إذا قتل عبد لمسلم و هناك لوث على ما فصلناه فهل لسيده القسامة أم لا ، قال
قوم له ذلك ، و قال آخرون ليس له ذلك ، و الاول أقوى عندي لعموم الاخبار و لان القسامة لحرمة النفس و هذا موجود ههنا .فمن قال لا قسامة ، قال هو كالبهيمة توجد مقتولة في محلة فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ، و يحلف و يبرأ ، و من قال فيه القسامة على ما قلناه قال إذا حلف المولى نظرت فان كان القاتل حرا و القتل عمدا ، فلا قود ، و تكون قيمته حالة في مال القاتل ، و إن كان خطاء قال قوم تحمله العاقلة و قال آخرون لا تحمله و هو الاقوى لان عندنا لا يحمل على العاقلة إلا ما تقوم به البينة ، و تكون في مال القاتل خاصة و إن كان القاتل عبدا فان كان القتل عمدا قيد به العبد عندنا ، و قال قوم لا يقاد به و إن كان خطاء تعلقت قيمة المقتول برقبته يباع فيها ، و المدبر و المدبرة و المعتق نصفه وام الولد و المأذون له في التجارة كالعبد القن سواء ، لانه رق و المكاتب كذلك إن كان مشروطا عليه ، و إن كان مطلقا و تحرر بعضه انفسخت بقدر ما بقي مملوكا تعلق برقبته يباع فيه ، و انفسخت الكتابة و بقدر ما تحرر فيه يكون في ذمته .و ان كان القتول عبدا لمكاتب فقد قلنا في العبد قسامة ، فالمكاتب في عبده كالحر في عبده له القسامة لان له فيه فائدة ، و هو أن يثبت ذلك فيأخذ قيمة عبده يستعين بها على كتابته .إذا وجد الرجل قتيلا في داره و في الدار عبد المقتول كان لوثا على العبد ، و للورثة أن يقسموا و يثبتوا القتل على العبد ، و يكون فائدته أن يملكوا قتله عندنا إن كان عمدا و فيه فائدة اخرى و هي أن الجناية إذا ثبتت تعلق أرشها برقبته ، فربما كان رهنا فإذا مات كان للوارث أن يقدم حق الجناية على حق الرهن فإذا كانت فيه فائدة كان لهم أن يقسموا .إذا كان لام الولد عبد فقتل فهل لها القسامة أم لا ؟ لا يخلو العبد من أحد أمرين إما أن يكون لخدمتها أو يكون ملكا لها ، فان كان لخدمتها مثل أن أفرد السيد لها عبدا يخدمها و لم يملكها فالقسامة لسيدها لانه ملكه ، فإذا حلف ثبت القتل على المدعى عليه ، و قد مضى حكمه ، و إن لم يحلف السيد حتى مات قام وارثه مقامه
المسألة بحالها ، وقد كان العبد ملكا لها ملكها سيدها
المسألة بحالها ، وقد أوصى السيد بثمن العبد المقتول لام الولد فيه أبحاث
في القسامة ، فان حلف الوارث فالحكم فيه كما لو حلف المورث و قد مضى .فان أوصى السيد بثمن العبد المقتول لام الولد قبل القسامة صحت الوصية و الوصية تصح مع الغرر و الخطر ، لانها يصح بالموجود و المعدوم و المجهول و المعلوم ، ألا ترى يصح أن يوصى بثمرة نخلة سنين فكذلك ههنا و إن كانت القيمة ما وجبت قبل القسامة و الوصية تصح لام الولد لانها تلزم بوفاة سيدها و هي ينعتق بوفاة سيدها عندهم من أصل المال ، و عندنا من نصيب ولدها و لا يصح للعبد القن لانه لا يصير حرا في الحال .فإذا صحت الوصية فان حلف الورثة ثبتت القيمة ، و كانت وصية لان الوارث لا يمتنع أن يحلف على إثبات حق إذا ثبت كان لغيره كما لو خلف تركة و دينا له و عليه ، فان وارثه يحلف على الدين ، و إن كان إذا ثبت كان لغيره .فإذا ثبت أن القيمة وصية نظرت فان كانت وفق الثلث أو أقل فالقيمة لها ، و إن كانت أكثر من الثلث فالفضل موقوف على الاجازة ، فان أجازه الورثة جاز ، و إلا بطل .و إن لم يقسم الوارث فهل ترد القسامة عليها فتحلف ؟ قال قوم لا تحلف لانها أجنبية و هو الصحيح عندي ، و قال قوم تحلف لان لها به تعلقا و هو أنه إذا ثبت القتل كانت القيمة لها ، و مثل ذلك إذا خلف دينا عليه و دينا له و له شاهد ، حلف وارثه مع شاهده و ان لم يحلف فهل يرد على الغرماء ؟ على قولين و هكذا لو كان للمفلس دين له به شاهد واحد حلف مع شاهده ، فان لم يحلف فهل يحلف الغرماء أم لا ؟ على قولين و هكذا إذا أحبل الراهن الجارية المرهونة و ادعى أنه باذن المرتهن ، فالقول قول المرتهن و لا يخرج من الرهن ، فان لم يحلف ردت اليمين على الراهن فان حلف خرجت من الرهن ، و إن لم يحلف فهل يرد اليمين عليها أم لا ؟ على قولين ، و الصحيح عندي في جميع هذه المواضع أنه لا يرد اليمين على الاجنبي .هذا إذا لم يكن العبد ملكا لها و إنما رتبه السيد لخدمتها فأما إن كان العبد قد ملكها سيدها إياه فهل لها القسامة أم لا ؟ فمن قال ان العبد إذا ملك لم يملك و هو الصحيح عندنا فالحكم على هذا كما لو كان لخدمتها و قد مضى ، و من قال إذا
إذا جرح الرجل وهو مسلم وهناك لوث ثم ارتد المجروح فيه فروع
ملك العبد ملك فهل لها القسامة أم لا ؟ على وجهين .أحدهما لها ذلك لانه ملك لها و ليس هناك أكثر من أنها منقوصة بالرق ، و هذا لا يمنع القسامة كالمكاتب إذا كان له عبد ، و الوجه الثاني ليس لها أن تقسم لانه و إن كان ملكها فهو ثابت ألا ترى أن للسيد أن ينتزعه منها متى شاء ، و تصرفها فيه لا يصح الا باذن سيدها ، فلهذا قلنا لا تقسم ، و تفارق المكاتب لان له فيه تصرفا و تنمية المال ، و لهذا كان له القسامة .فمن قال تقسم أقسمت و ثبت لها ، و من قال لا تقسم أقسم سيدها ، و هكذا الحكم في كل عبد قن إذا دفع سيده إليه عبدا فالحكم فيه مثل ذلك .إذا جرح الرجل و هو مسلم و هناك لوث مثل أن حصلوا في بيت فتفرقوا عن جرح مسلم ثم ارتد المجروح و مات في الردة فلا قسامة عندهم ، لانه إذا ارتد لا يورث فصار ماله فيئا فإذا لم يكن له ولي يقسم سقطت القسامة .و لو كان موروثا لجماعة المسلمين لا قسامة لان وارثه معين ، و لان الجرح في حال الاسلام مضمون ، فإذا ارتد فالسراية مضمونة ، فلو أثبتنا القسامة أثبتناها فيما دون النفس ، و هذا لا سبيل اليه ، و عندنا أن القسامة تثبت إذا كان له ولي مسلم فانه يرثه عندنا و إن لم يكن له وارث سقطت القسامة لان ميراثه للامام عندنا ، و لا يمين عليه و الامر اليه .فإذا أقسم الولى يثبت له أرش الجرح الذي وقع في حال الاسلام ، لان السراية مضمونة ، و القسامة عندنا تثبت فيما دون النفس على ما سنبينه .فاما إن عاد إلى الاسلام و مات نظرت فان عاد قبل أن يكون للجرح سراية وجبت الدية كاملة ، و هل يسقط القود ؟ على قولين عندنا لا يسقط ، و إن رجع بعد أن حصل لها سراية حال الردة فلا قود ، و هل يجب كمال الدية أم لا قال قوم فيه كمال الدية و قال آخرون نصف الدية و الاول أقوى ، سواء وجبت الدية أو نصفها فللولى أن يقسم لان الذي يثبته بل النفس أنه قد يكون ناقصا و قد يكون كاملا .
المسألة بحالها ، فارتد والده قبل القسامة : بعد موت ولده أو قبل موته
إذا قتل ولد الرجل وهناك لوث ثبت لوالده القسامة
إذا تفرق قوم عن عبد وقد قطعت يده ثم اعتق وسرى القطع إلى نفسه
إذا تفرق قوم عن عبد و قد قطعت يده فهو لوث عليهم ، فان أعتق فسرى إلى نفسه فمات ففيه كمال الدية ، لان اعتبار الدية بحال الاستقرار ، و هو حين الاستقرار حر و يكون للسيد منها أقل الامرين أرش الجناية أو الدية ، فان كان أرش الجناية أقل فليس له إلا أرشها ، و ما زاد عليها زاد حال الحرية ، و حال الحرية الحق لغيره ، و إن كان أرش الجناية أكثر من الدية فله كمال الدية ، لان الحرية نقص لها ، فكان له الدية وحده ، فكل موضع كان له وحده فالقسامة عليه وحده ، و كل موضع اشترك في البدل هو و الوارث فالقسامة عليه و على الوارث بالحصة .إذا قطع الطرف أو جرح الرجل و هناك لوث فلا قسامة ، و يكون الناظر عن نفسه المجروح ، و عندنا في الاطراف قسامة على ما سنبينه .إذا قتل ولد الرجل و هناك لوث ثبت لوالده القسامة فان أقسم فلا كلام ، و إن ارتد والده قبل أن يقسم فالأَولى ألا يمكنه الامام من القسامة و هو مرتد كيلا يقدم على يمين كاذبة ، فان من أقدم على الردة أقدم على اليمين الكاذبة ، ثم ينظر فيه فان عاد إلى الاسلام أقسم ، و إن مات في الردة بطلت القسامة لان ماله ينقل إلى بيت المال و لا يقوم غيره فيها مقامه ، لانه لا يورث عنه ، و عندنا أنه يرثه المسلمون من أهله .فان كان من يرثه يقوم مقامه في الولاية عن المقتول كان له أن يقسم فان لم يكن له وارث أصلا سقطت القسامة ، و متى خالف حال الردة و أقسم وقعت موقعها عندنا لعموم الاخبار .و قال شاذ منهم لا يقع موقعها ، لانه ليس من أهل القسامة و هذا غلط لان هذا من أنواع الاكتساب ، و المرتد لا يمنع من الاكتساب للمال في مهلة الاستنابة ، فإذا أقسم يثبت الدية بالقسامة و وقفت ، فان عاد إلى الاسلام فهي له ، و إن مات ، أو قتل في ردته كان فيئا عندهم ، و عندنا لورثته ، فان لم يكن فللامام .هذا إذا ارتد بعد موت ولده ، فأما إن ارتد قبل موت ولده و هناك وارث فلا قسامة له ، فان لم يكن له قسامة فكأنه ميت ، و يكون القسامة لمن هو وارثه لو لم
كيفية اليمين وعدد الاقسام في أنواع القتل الثلاثة
إذا قتل عبد لرجل وهناك لوث وارتد سيده بعد القتل فيه تلك المسائل
يكن له ، يقسم و يستحق الدية .فان عاد والده إلى الاسلام بعد هذا فلا حق له فيها و لا قسامة ، لان الميراث إذا سقط عن الاقرب باختلاف الدين لم يعد اليه و الذى يقتضى مذهبنا أنه إن عاد إلى الاسلام قبل قسمة المال إن كانوا اثنين فصاعدا كان له الدية ، و إن كان واحدا أو بعد القسمة فلا شيء له .هذا الكلام في الحر إذا قتل فله قتيل و ارتد فأما إذا قتل عبد لرجل و هناك لوث ففيه المسئلتان معا : إذا ارتد سيده بعد القتل لم يمكنه الحاكم من القسامة ، فان حلف صحت القسامة و ثبتت القيمة بقسامته و وقفت ، فان مات أو قتل كان لورثته عندنا ، و إن لم يكن فللامام ، و عندهم يكون فيئا بكل حال ، و إن عاد إلى الاسلام كانت القيمة له .و أما إن ارتد السيد أولا ثم قتل العبد و هناك لوث فللسيد أيضا القسامة ، فإذا تصح منه القسامة سواء ارتد قبل قتل العبد أو بعد قتله ، و الفصل بينه و بين الحر أن الحر يستحق الدية ميراثا و اختلاف الدين يمنع من الميراث ، فلهذا لا يقسم إذا ارتد قبل قتل ولده و ليس كذلك ههنا ، لانه يقسم طلبا لملكه ، و طلب الملك لا يمنع الكفر منه ، فبان الفصل بينهما .إذا كانت الدعوي قتلا لم تخل من أحد أمرين إما أن يكون قتلا يوجب المال أو القود ، فان كان قتلا يوجب المال و هو الخطاء أو عمد الخطاء نظرت فان كان مع المدعى شاهد واحد حلف مع شاهده يمينا واحدة ، و استحق الدية لانه إثبات المال ، و المال يثبت بالشاهد و اليمين ، و لا قسامة ههنا .و إن كان معه لوث و لم يكن معه شاهد حلف خمسون رجلا من قومه أو حلف هو خمسين يمينا فغلظت الايمان مع اللوث دون الشاهد ، و عندنا خمس و عشرون يمينا على ما مضى بيانه .فان كان قتلا يوجب القود و هو العمد المحض ، فلا فصل بين أن يكون معه
إذا نكل المدعى عن اليمين ورددنا اليمين على المدعى عليه فهل تغلظ عليه
إذا كانت الدية بينهما نصفين فكيف يحلفان
شاهد أو لوث ، فان اليمين مغلظة في جنبه ، فاذن في العمد يغلظ الايمان سواء كان معه شاهد أو لوث ، و في الخطاء و عمد الخطاء يغلظ مع اللوث دون الشاهد .فإذا ثبت أنها مغلظة نظرت فان كان المدعى واحدا حلف خمسين يمينا و إن كانوا أكثر ، قال قوم يحلف كل واحد خمسين يمينا ، و قال آخرون يحلف الكل خمسين يمينا بالحصة من الدية ، و هو الذي يقتضى مذهبنا .فان كان الدية بينهما نصفين كأنهما أخوان أو ابنان حلف كل واحد خمسا و عشرين يمينا ، و إن كان له ابن و بنت حلف الابن ثلثي الخمسين ، و جملته أربعة و ثلثون يمينا و تحلف المرأة سبعة عشر يمينا تكمل لانها لا تتبعض و النقصان لا يجوز ، و على هذا أبدا .و إن حلف المدعى ثبت ما ادعاه ، و إن نكل رددنا اليمين على المدعى عليه تغلظ أيضا لان النبي صلى الله عليه و آله قال للانصار أتبرئكم يهود بخمسين يمينا ؟ فنقلها إلى جهتهم مغلظة .فإذا ثبت أنها مغلظة فان كان المدعى عليه واحدا حلف خمسين يمينا و إن كانوا جماعة قال قوم يحلف كل واحد خمسين يمينا ، و قال آخرون يحلف الكل خمسين يمينا و هو مذهبنا ، و لكن على عدد الرؤس : الذكر و الانثى فيه سواء فان كانوا خمسة حلف كل واحد عشرة أيمان ، و إن كانوا خمسين حلف كل واحد يمينا واحدة .و الاقوى في المدعى عليه أن يحلف كل واحد خمسين يمينا و في المدعى أن على الكل خمسين يمينا ، و الفرق بينهما أن كل واحد من المدعى عليهم ينفى عن نفسه ما ينفيه الواحد إذا انفرد و هو القود ، فلهذا حلف كل واحد ما يحلف الواحد إذا انفرد ، و ليس كذلك المدعى لان الكل سواء يثبتون ما يثبته الواحد إذا انفرد .هذا إذا كان هناك لوث و كانت جنبة المدعى أقوى ، فأما إن لم يكن لوث و لا شاهد ، فاليمين في جنبة المدعى عليه ابتداء ، لان اليمين في الاصول في جنبة أقوى المتداعيين سببا ، و الاصل براءة ذمة المدعى عليه ، فلهذا كان القول قوله .
إذا قلنا بأن القسامة لا تجرى فيما دون النفس فهل تغلظ اليمين على المدعى عليه
إذا كانت الدعوى فيما دون النفس فهل تجرى فيه القسامة ؟
إذا نكل المدعى عليه فكيف ترد اليمين على المدعى
إذا لم يكن لوث واليمين في جنبة المدعى عليه فهل تغلظ عليه
و هل يكون اليمين مغلظة أم لا ؟ قال قوم يكون مغلظة ، و قال آخرون لا يغلظ و هو مذهبنا فمن قال لا يغلظ كانت كالدعوى في الاموال إن كان المدعى عليه واحدا حلف يمينا واحدة ، و إن كانوا جماعة حلف كل واحد يمينا واحدة ، و ان حلفوا برؤا و إن نكلوا رددنا اليمين على المدعى فان كان واحدا حلف يمينا واحدة ، و إن كانوا جماعة حلف كل واحد يمينا واحدة كالاموال سواء .و من قال يغلظ قال إن كان المدعى عليه واحدا حلف خمسين يمينا و ان كانوا جماعة فعلى قولين أحدهما يحلف كل واحد خمسين يمينا و الثاني يحلفون خمسين يمينا على عدد الرؤس .فان حلفوا برؤا و إن نكلو عنها ردت على المدعى ، فان كان واحدا حلف خمسين يمينا ، و إن كانوا جماعة فعلى قولين أحدهما يحلف كل واحد خمسين يمينا ، و الثاني يحلف الكل خمسين يمينا بالحصة من الدية ، و الفصل بين المدعى و المدعى عليه قد مضى .فأما إذا كانت الدعوي دون النفس فعندنا فيه قسامة و عندهم لا قسامة فيها ، و لا يراعى أن يكون معه لوث و لا شاهد ، لانه لا يثبت بهما في الاطراف حكم ، و لكن إذا ادعى قطع طرف أو جناية في ما دون النفس فيما يوجب القصاص فهل يغلظ لاجل حرمة النفس فيها أم لا ؟ على قولين أحدهما لا يغلظ لان التغليظ لاجل حرمة النفس فانه يجب بقتلها الكفارة و ليس للاطراف هذه الحرمة ، و الثاني يغلظ و عندنا فيها القسامة أنها في أشياء مخصوصة و هي كل عضو يجب فيه الدية كاملة مثل اليدين و الرجلين و العينين و ما أشبهها و يغلظ الايمان بعدد ما يجب فيها من القسامة ، و يجب القسامة فيها ستة رجال يحلفون ، فان لم يكونوا حلف المدعى ستة أيمان ، فان رد اليمين على المدعى عليه كان مثل ذلك و قد فصلناه في النهاية .فمن قال لا يغلظ فالحكم فيها كما لو كانت الدعوي ما لا ، و القول قول المدعى
عليه مع يمينه ، فان كان واحدا حلف يمينا واحدة ، و إن كانوا جماعة حلف كل واحد يمينا واحدة .فان حلفوا برؤا و إن نكلوا رددنا اليمين على المدعى فان كان واحدا حلف يمينا واحدة و إن كانوا جماعة حلف كل واحد يمينا و استحق على ما نقوله في الاموال و من قال يغلظ قال : ينظر ، فان كانت الجناية مما يجب به الدية كقطع اليدين و الرجلين أو قلع العينين و الانف و اللسان و الذكر ، فالحكم فيها كالحكم إذا كانت الدعوي نفسا ، و قلنا يغلظ ، فان كان المدعى عليه واحدا حلف خمسين يمينا ، و إن كانوا جماعة فعلى قولين أحدهما يحلف كل واحد منهم ما يحلف الواحد ، و الثاني يحلف الكل خمسين يمينا على عدد الرؤس ، و قد مضى مذهبنا و شرحه في ذلك .و إن كانت الجناية ما يجب فيها دون الدية كقطع يد أو رجل ، و هذا يجب فيه نصف الدية ، و فرض الكلام فيها أوضح ، و التغليظ قائم ، و لكن ما قدر التغليظ فيها ؟ قولان أحدهما خمسون يمينا أيضا لان الاعتبار بحرمة الدية ، و لو كانت أنملة حلف خمسين يمينا و القول الثاني التغليظ مقسوم على قدر الدية ، و الواجب في النصف نصف الدية فيحلف نصف الخمسين خمسا و عشرين يمينا ، و عندنا التغليظ قائم ، و القسامة قائمة ، أنها على النصف مما قد مضى بيانه ، و هو ثلثة أيمان لان كمالها ستة أيمان ثم على حساب ذلك .فإذا تقرر ذلك لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين إما أن يكون واحدا أو خمسة و فرضه في الخمسة أوضح ، فان كان واحدا فكم يحلف على قولين أحدهما خمسين يمينا ، و الثاني خمسة و عشرين يمينا .و إن كانوا خمسة فكم يحلفون ؟ فمن قال يحلف كل واحد ما يحلف الواحد إذا انفرد ، قال يحلف كل واحد على قولين أحدهما خمسين يمينا و الثاني خمسة و عشرين يمينا ، لان الواحد هكذا يحلف ، و من قال يحلف الكل ما يحلف الواحد قال يقسم عليهم ما يحلفه الواحد ، فكم يقسمه عليهم على قولين ؟ فمن قال الواحد
إذا ادعى على محجور عليه لسفه فيه فروع بالنسبة إلى أنواع القتل 226
يحلف خمسين يمينا قسم عليهم خمسين يمينا على عدد رؤوسهم ، فيحلف كل واحد عشرة أيمان ، و من قال يحلف الواحد خمسا و عشرين يمينا قسم عليهم خمسا و عشرين يمينا فيحلف كل واحد منهم خمسة أيمان .هذا إذا حلفوا ، فان لم يحلفوا رددنا اليمين على المدعى ، فان كان واحدا حلف و كم يحلف ؟ على قولين أحدهما خمسين يمينا ، و الثاني خمسا و عشرين يمينا ، و إن كانوا خمسة فكم يحلفون ؟ على القولين ، من قال يحلف كل واحد ما يحلفه الواحد فالواحد على قولين أحدهما خمسين يمينا و الثاني خمسا و عشرين يمينا ، و كذلك كل واحد من الخمسة على قولين .و من قال يحلف الكل ما يحلف الواحد ، فكم يحلف الكل ؟ على قولين فمن قال يحلف الواحد خمسين يمينا قسم عليهم الخمسين ، فيحلف كل واحد عشرة أيمان و من قال يحلف الواحد خمسا و عشرين يمينا قسم بينهم ذلك فيحلف كل واحد خمسة أيمان ، و يكون القسمة بينهم ههنا على قدر استحقاقهم من الدية ، لا على عدد الرؤس و في المدعى عليهم على عدد الرؤس ، و قد مضى تفسيره .فيخرج من الجملة إذا كانوا خمسة كم يحلف كل واحد منهم ؟ خمسة أقوال إذا كانت الجناية قطع يد أحدهما يحلف كل واحد خمسين يمينا ، و الثاني خمسا و عشرين و الثالث عشرة ، و الرابع خمسة ، و الخامس يمينا واحدة على القول الذي يقال لا يغلظ و قد مضى أصولها .إذا ادعى على محجور عليه لسفه لم تخل الدعوي من أحد أمرين إما أن يكون قتل عمد أو عمد ، فان كان القتل عمدا لم يخل من أحد أمرين إما أن يقر أو ينكر فان أقر استوفيناه منه ، لانه أقر فيما لا يلحقه فيه التهمة ، و هكذا لو أقر بالزنا أو شرب الخمر حددناه ، و إن لم يقر فان كان مع المدعى لوث أو شاهد حلف خمسين يمينا ، فإذا حلف فمن قال يقاد به قال يقتل و من قال لا يقاد به قال يغرمه الدية مغلظة . و إن لم يكن مع المدعى لوث فالقول قول المدعى عليه ، فان حلف بري ، و إن لم يحلف رددنا اليمين على المدعى فيحلف ، فإذا حلف قتلناه لانها يمين المدعى مع نكول المدعى عليه فقامت مقام البينة أو اعتراف المدعى عليه .و يفارق هذا يمين المدعى مع اللوث لانها لا يحل محلها ، فلهذا لم يقتل من لم يقل بالقود و جملته أن حكم السفيه في هذا الفصل و حكم السفيه سواء حرفا بحرف .و إن كانت الدعوي قتل الخطاء أو عمد الخطاء فان كان مع المدعى لوث حلف خمسين يمينا ، و إن كان معه شاهد حلف يمينا واحدة و استحق الدية ، و إن لم يكن مع المدعى لوث و لا شاهد لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين إما أن يقر أو ينكر فان أقر لم يلزمه ذلك لانه أقر بمال ، و إقراره بالمال لا يقبل منه ، و كذلك ما يقر به من الديون و المعاملات لا يقبل عنه ، لانه يسقط معنى الحجر ، فلهذا لم يقبل منه فيما لم يلزمه فأما فيما بينه و بين الله عز و جل ينظر فيه فكلما لو ثبت عليه بالبينة غرمناه في الحكم ، فإذا أقر به لزمه فيما بينه و بين الله كإتلاف نفس أو مال ، و إن كان مما لو قامت به البينة لم يغرمه فكذلك إذا أقر به لا يلزمه فيما بينه و بين الله كالديون و البيوع و المعاملات .و الفصل بينهما أن الحق بالاتلاف يلزمه بغير رضى من له الحق ، فلزمه فيما بينه و بين الله ، و الدين برضى من له الدين فصاحب الحق فرط في حق نفسه ، فلهذا لم يلزمه فيما بينه و بين الله .هذا إذا أقر فأما إن أنكر هذا المدعى عليه فاما أن يحلف أو ينكل ، فان حلف سقط حق المدعى و إن نكل فهل يرد اليمين على المدعى أم لا ؟ على قولين بناء على يمين المدعى مع نكول المدعى عليه ، فانها على قولين أحدهما كالبينة على المدعى عليه ، و الثاني كاعترافه : فإذا قلنا يحل محل البينة حلف المدعى و إذا قيل كاعتراف المدعى عليه لم نرد اليمين على المدعى لانه لو اعترف المدعى عليه لم يلزمه ، فلا معنى لردها على المدعى .
المسألة بحالها ، فهل يشارك مستحق الدية من ثبت له المال
إذا ادعى على محجور عليه لفلس فيه فروع بالنسبة إلى أنواع القتل
و إذا ثبت هذا فكلما يسقط عنه حال الحجر عليه ، فمتى زال الحجر عنه فهل يغرمه أم لا ؟ قال قوم لا يغرم شيئا بحال ، لان الحجر لحفظ ماله فلو غرمناه بعد زوال الحجر سقطت فائدة الحجر ، و قال بعضهم ينظر فيه فان كان ألزمه عن إتلاف غرمه بعد زوال الحجر عنه ، و إن كان عن دين أو معاملة لم يلزمه بعد زوال الحجر عنه ، و الفصل بينهما أن البينة لو قامت بالاتلاف لزمه فألزمناه باعترافه ، و البينة لو كانت بالدين لم يلزمه فكذلك باعترافه .فأما المحجور عليه لفلس فمتى ادعى عليه القتل لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون عمدا أو غيره ، فان كان عمدا محضا فالحكم فيه كما لو كان الحجر لسفه و قد مضى إن اعترف قتل ، و إن لم يعترف و كان مع المدعى لوث أو شاهد حلف خمسين يمينا ، و كان له القود عند قوم ، و عند آخرين الدية ، و إن لم يكن معه شاهد و لا لوث فالقول قول المدعى عليه ، فان حلف بري و إن لم يحلف رد اليمين على المدعي فيحلف و يستحق القود .و إن كانت الدعوي قتل الخطأ أو عمد الخطأ فان اعترف لزمه ، و إن لم يعترف و كان مع المدعى شاهد حلف يمينا واحدة ، و إن كان معه لوث حلف خمسين يمينا و استحق به الدية ، و إن لم يكن هناك شاهد و لا لوث فالقول قول المدعى عليه مع يمينه فان حلف بري ، و إن لم يحلف رددنا اليمين على المدعى فيحلف و يستحق الدية .فإذا تقرر هذا فكل موضع ثبت المال فهل يشارك من ثبت له المال أم لا ؟ نظرت فان كان ثبوته بسبب قبل الحجر ينظر فيه فان كان ثبوته بالبينة شارك الغرماء لان الحجر عليه لاجل من كان له دين قبل الحجر ، و قد ثبت لهذا دين قبل الحجر ، فإذا كان ثبوته باعترافه فهل يشارك الغرماء ؟ على قولين .هذا فيما كان سبب ثبوته قبل الحجر فأما إن كان ثبوته بعد الحجر ثبت المال في ذمته ، و لم يشارك من ثبت له ذلك من الغرماء ، سواء ثبت بالبينة أو بالاعتراف ، إلا في فصل واحد ، و هو إذا كان ثبوت ما ثبت عليه عن إتلاف و جناية ، فحينئذ يكون اسوة للغرماء .
إذا كانت اليمين في جنبة المدعى ابتداء فلم يحلف ورد إلى المدعى عليه فنكل أيضا فهل يرد على المدعى ثانيا ؟ فيه أبحاث وأقوال 229
و إن كان ثبوته بعد حصول الحجر عليه ، فان ادعى على رجلين أنهما قتلا رجلا وليا له و له على أحدهما لوث و لا لوث له على الآخر مثل أن كان أحدهما مع القتيل في الدار ، و الآخر لم يكن في الدار ، فانه يحلف على من عليه اللوث خمسين يمينا و يستحق القود عندنا بشرط أن يرد نصف الدية ، و عند قوم نصف الدية ، و أما الآخر فالقول قوله مع يمينه ، فان حلف بري و إن نكل رددنا اليمين على المدعى فيحلف و يستحق القود ، بشرط رد نصف الدية عندنا ، لانه لو كان عليهما لوث حلف عليهما ، و لو لم يكن عليهما لوث كان القول قولهما ، فكذلك إذا كان على أحدهما لوث و لا لوث على الآخر وجب أن يعطى كل واحد منهما حكم نفسه .فان ادعى حقا و معه حجة تثبت بها ، مثل أن ادعى ما لا و له شاهد واحد أو قتلا و معه لوث أو شاهد ، أو نكاحا و نسبا و معه شاهدان نظرت ، فان ثبت الحق بحجته استوفا حقه بها ، و إن لم يكن له حجة بحال فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ، فان حلف بري و إن لم يحلف رددنا اليمين على المدعى و لم يحكم بالنكول خلافا لجماعة .فان كانت اليمين في جنبة المدعى ابتداء مثل أن ادعى قتلا و معه لوث أو ما لا و له به شاهد واحد ، فان حلف مع شاهده استحق و إن لم يحلف رد اليمين على المدعى عليه ، فان حلف بري و إن لم يحلف و نكل عن اليمين فهل يرد على المدعى بعد أن كانت في جنبته و لم يحلف ؟ نظرت .فان كان استحق بيمين الرد ما كان يستحقه بيمين الابتداء ، و هو القسامة عند قوم ، يستحق بها الدية ، فان ردت إليه استحق القود بها ، فإذا كان الاستحقاق بها ما كان يستحقه بيمين الابتداء وجب أن يرد عليه .و إن كان ما يستحقه بيمين الرد هو الذي يستحقه بيمين الابتداء مثل القسامة يستحق عندنا بها القود إذا حلف ابتداء ، و إذا ردت عليه استحق القود أيضا ، و هكذا في الاموال إن حلف مع شاهده استحق المال ، و إن حلف يمين الرد استحق المال أيضا فهل يرد عليه اليمين أم لا ؟ قال قوم لا يرد لان اليمين إذا كانت في جنبة أحد المتداعيين فإذا بذلها لخصمه لم ترد عليه إذا كان استحقاقه بها هو الذي استحق بيمين الابتداء ، كيمين المدعى عليه ابتداء إذا لم يحلف ردت على المدعى ، فان لم يحلف لم يرد على المدعى عليه بعد أن زالت عنه ، و لان يمينه حجته فإذا قعد عنها فقد أبطلها فلا يسمع منه ثانيا ، كما لو ادعى حقا و أقام شاهدين ثم قال هما فاسقان لم يقبلا بعد هذا .و قال آخرون و هو الصحيح عندنا أنها يرد عليه لامور ثلثة أحدها يمين الابتداء قامت في جنبته بسبب و هو قوة جنبته بالشاهد أو اللوث ، و سبب الثانية سبب الاولى لانه يستحقها لنكول خصمه فإذا كانت كل واحدة يصير في جنبته لسبب سبب الاخرى ، فإذا قعد عن أحدهما لم يكن تركا لهما .كما لو قال من جاء بعبدي فله دينار ، و من جاء بجاريتى فله دينار فجاء رجل بالعبد و أبرءه من الدينار ثم مضى فجاء بالجارية لم يسقط الدينار ، لانه يستحق الثاني بسبب سبب الاول فإذا سقط الاول لم يكن إسقاطا للثاني .و هكذا إذا اشترى عبدا فأصاب به عيبا كان له رده ، فان رضى سقط رده ، فان أصاب به عيبا ثانيا كان له رده به ، و لم يكن رضاه بالاول رضا منه بالثاني و يفارق هذا يمين المدعى عليه ابتداء لانها لو ردت إليه عادت بالسبب الذي كانت في جنبته ابتداء ، و هو كونه مدعى عليه ، و الاصل براءة ذمته ، فلهذا لم نرده ، و ههنا يعود لغير السبب الاول .و لانه إذا كان معه لوث كان له أن يحلف ، فإذا لم يحلف فكأنه لا لوث بدليل أن المدعى عليه يحلف ، و إذا كان كأنه لا لوث معه صارت اليمين في جنبة المدعى عليه ابتداء ، فإذا نكل عنها وجب أن يرد على المدعى ، و لان للمدعى أن يرد اليمين على المدعى عليه غرضا صحيحا و هو إذا كان معه لوث كانت يمينه على غالب الظن و الظنة و التهمة ينصرف إليه ، فإذا بذلها للمدعى عليه فلم يحلف زالت عنه الظنة و انصرفت عنه التهمة ، فلهذا جاز أن يرد عليه .
إذا ادعى أنه قتله وآخران معه عمدا محضا ووصف عمدا يوجب القود
في أن الدعوى يتحرر بثلاثة أشياء : القاتل ونوع القتل وصفته
و يفارق قولهم أبطل حجته لانه إذا قعد عن حجته فانما أخرها و ما أبطلها لغرض له ، فوجب أن لا يبطل عنه جملة ، ألا ترى أنه لو ادعى حقا و له به بينة فاستحلف المدعى عليه فحف كان له اقامة البينة و إثبات الحق عندهم و إن كان قد أخرها و قعد عنها .فأما صفة الدعوي و بما ذا تكون معلومة ؟ فالدعوى يتحرر بثلثة اشياء : بأن يسأل عن القاتل ، و نوع القتل ، وصفة القتل ، فالقاتل يقال وحده أو معه غيره ، و النوع أن يقال عمدا أو خطأ أو عمد الخطاء ، فان أنواعه يختلف فإذا قال عمدا قيل صف العمد ، فإذا قال ضربه بما يقتل غالبا قاصدا إلى قتله فقد تحررت الدعوي .و إنما اعتبرنا هذا التفصيل لانه لو لم يفصل لم يمكن الحكم لانه لا يدرى بماذا يحكم ، و لان الحكم يختلف باختلاف عدد القاتلين و بأنواع القتل عمدا أو خطاء أو عمد الخطاء ، و يختلف عنده المحض ، فانه قد يعتقد العمد المحض عمد الخطاء و لا يدرى فلهذا قلنا لا يتحرر إلا بهذا التفصيل .فإذا ثبت هذا نظرت فان قال قتله وحده عمدا ، و وصف عمدا يوجب القود ، حلف المدعى مع اللوث خمسين يمينا ، فإذا حلف ثبت عندنا به القود ، و عند قوم يثبت الدية دون القود .و أما إن قتله و معه غيره ففيه أربع مسائل : أحدها قال قتله و آخر ان عمدا ، أو قتله عمدا و آخر ان خطاء ، أو قتله عمدا و آخر ان لا أعرف صفة قتلهما ، أو قتله و عدد لا أعلم مبلغه .فان قال قتله و آخر ان معه عمدا محضا و وصف عمدا يوجب القود ، فان كانوا حضورا سئلوا ، فان اعترفوا بذلك قتلوا و إن حضر واحد و غاب الآخران حلف خمسين يمينا ، لانه لو حضر الكل لزم الكل خمسون يمينا فكذلك إذا حضر واحد ، و لان القسامة لا تفتتح بأقل من خمسين يمينا ، فإذا حلف ، فهل يقتل هذا الحاضر أم لا ؟ عند قوم يقتل و عند آخرين لا يقتل ، و الاول أقوى عندنا .فإذا حضر الثاني سألناه ، فان اعترف بذلك قتل ، و إن أنكر حلف الولى ، و هل يحلف
خمسين يمينا ؟ قال بعضهم يحلف خمسين يمينا لانه لو حضر الكل لزم الكل خمسون يمينا فكذلك إذا حضر واحد بعد واحد ، و قال آخرون يحلف خمسا و عشرين يمينا لانه لو حضر مع الاول حلف عليهما خمسين يمينا فوجب أن يكون حصة كل واحد نصفها ، و يفارق الاول لان القسامة افتتحت به ، فلهذا حلف خمسين يمينا ، و الثاني حكمه على الاول لان القسامة ما افتتحت به ، فلهذا حلف خمسة و عشرين يمينا فإذا حلف ثبت القود عندنا و عند قوم الدية .فإذا حضر الثالث سئل فان اعترف قتلناه بالشرط الذي قدمناه ، و إن أنكر حلف الولى و كم يحلف ؟ قال قوم خمسين يمينا و قال آخرون ثلث الخمسين ستة عشر يمينا و ثلثى يمين فتكمل سبعة عشر يمينا لما مضى .فإذا حلف فهل يقتل على ما مضى من الخلاف .و إن قال قتله عمدا و آخر ان خطاء ، حلف على الاول خمسين يمينا فإذا حلف فلا قود ، لانه قد اعترف أنه شارك الخاطى ، و لا قود على من شارك الخاطى ، و يكون عليه ثلث الدية مغلظة حالة في ماله .فإذا حضر الثاني سئلناه فان اعترف فعليه ثلث الدية مخففة في ماله ، لان العاقلة لا يعقل اعترافا ، و إن أنكر حلف الولى و كم يحلف ؟ عند قوم خمسين يمينا ، و عند آخرين نصفها ، و يكون ثلث الدية على العاقلة .فإذا حضر الثالث سئل ، فان اعترف فعليه ثلث الدية في ماله ، و إن أنكر حلف الولي و كم يحلف ؟ قال قوم خمسين يمينا و قال آخرون سبعة عشر يمينا ، و يجب ثلث الدية مؤجلة مخففة على العاقلة .الثالث قال قتله عمدا و آخر ان لا أعرف صفة قتلهما ، فإذا حضر الاول حلف خمسين يمينا أنه قتل عمدا لانه حقق القتل عليه ، فله أن يحلف على إثباته ، فإذا حلف لا يقتله ، و لكن يصبر حتى يحضر الآخران ، فإذا حضرا سئلناهما عن صفة القتل فان قالا عمدنا و وصفا عمدا فيه القود ، قتلناهما لانهما اعترفا به ، و الاول يجب عليه القود عندنا ، و عند قوم لا يجب لانه ثبت بالقسامة .و إن قالا قتلناه خطأ فلا قود على الاول لانه شارك الخاطئ و على الآخرين
إذا ادعى القتل واستحلفه الحاكم قبل تحرير الدعوى فهل يعتد بيمينه
إذا ادعى قتل العمد ووصف العمد بما يشبه العمد فهل له قسامة ؟
قال انه قتله عمدا ومعه عدد لا أعرف مبلغهم عمدوا معه وقتلوه
ثلثا الدية مخففة في مالهما ، و إن أنكر الآخران القتل جملة ، قال قوم لا يحلف عليهم لانه لا يدرى على ما يحلف ، و إذا حلف لا يدرى الحاكم بماذا يحكم ، و قال آخرون يحلف لانه ادعى قتلا فيحلف عليه ، لان جهلنا بصفة القتل ليس جهلا بوقوع القتل فلهذا حلفناه ، فإذا حلف الولى حبس حتى يصف القتل لانه قد ثبت عليه القتل فيلزمه أن يصف القتل .الرابع قال قتله عمدا و معه عدد لا أعرف مبلغهم عمدوا معه و ذكر عددا يتأتى منهم الاشتراك في قتله ، فهل يقسم على الاول ؟ من قال لا يقتل بالقسامة لم يقسم عليه ، لان الواجب بيمينه الدية ، و هو لا يدرى قدر ما يلزمه منها ، و من قال يقاد بالقسامة ، فمنهم من قال يحلفه لانه إذا كان الواجب القود فلا يضر الجهل بمبلغ العدد ، فان على الكل القود ، و قال آخرون لا يقسم لانه قد يعفو عن القتل و لا يدرى ما يخصه من الدية ، فلهذا لا يحلف ، و يقتضى مذهبنا أن لا يحلف لانه لا يقاد منه إلا بشرط أن يرد الباقون ما يخصهم من ديته ، و هذا مجهول .هذا الكلام فيه إذ فصلناه عليه ، فذكر نوع القتل أنه عمد و وصف العمد بما يوجب القود ، فأما إن ذكر أنه عمد ثم وصفه بشبه العمد ، فقال ضربه بسوط أو لكمه أو بعصا خفيفة فمات ، فهل للولي القسامة أم لا ؟ قال قوم لا يقسم ، لانه ادعى عمدا و فسره بشبه العمد ، فأسقط الدية عن العاقلة بالدعوى و عن نفسه بالتفسير ، فلا قسامة و قال آخرون له أن يقسم لانه قد حقق الدعوي و إنما أخطأ في تفسير العمد فلا يسقط به دعواه ، و هو الاقوى عندي .إذا ادعى الولى القتل فاستحلفه الحاكم قبل تحرير الدعوي ، و هو أن أخل بذكر القاتل أو نوع القتل أو بصفته أو بالكل ، لم يعتد بهذه اليمين ، لكنه يفصل عليه القتل و أنواع القتل و الصفة فإذا تحررت أعاد اليمين .و إنما قلنا لا نعتد باليمين الاولى ، لانه إذا لم تتحرر الدعوي كانت كلا دعوى و لو استحلفه قبل الدعوي لم يعتد بها ، و لانه إذا حلف لم يمكنه أن يحكم بما استحلفه عليه ، و لهذا حلفه بعد التحرير .
إذا ادعى الدم وهناك لوث وكانت الورثة كثيرا فكيف يحلفون ؟
إذا ادعى الدم و هناك لوث لم يخل الوارث من أحد أمرين إما أن يكون واحدا أو كثيرا فان كان واحدا حلف خمسين يمينا و إن كانوا جماعة قال قوم يحلف كل واحد خمسين يمينا و قال آخرون يحلف الكل خمسين يمينا على قدر استحقاقهم الدية ، و هو الاصح عندنا .فإذا تقررت ، فمن قال يحلف كل واحد خمسين يمينا حلف كل واحد خمسين يمينا اختلفوا في قدر الاستحقاق من الدية أو اتفقوا ، و من قال يحلف الكل خمسين يمينا قال يقسط على حصصهم من الدية ، فان كانوا خمسة حلف كل واحد عشرة أيمان و إن كانوا امرأة و رجلين حلفت المرأة عشرة أيمان ، و كل واحد من الرجلين عشرين يمينا ، و على هذا أبدا ، و لو كانوا مائة حلف كل واحد يمينا واحدة .إذا قتل رجل و هناك لوث و خلف إبنين كبيرا و صغيرا أو كبيرين حاضرا و غايبا أو كبيرين حاضرين ، فادعى القتل أحدهما و كذبه أخوه ، فقال : ما قتل هذا أبانا ، كان للكبير أن يحلف قبل بلوغ الصغير ، و للحاضر أن يحلف قبل قدوم الغايب .و اما المكذب فهل له أن يحلف أم لا ؟ اختلفوا في هذا التكذيب ، هل يقدح في اللوث أم لا ؟ على قولين أحدهما لا يقدح فيه ، و يكون تكذيب أخيه ساقطا ، و قال آخرون يقدح في اللوث ، فعلى هذا يسقط اللوث ، و يكون دعوى دم بلا لوث .فمن قال يقدح في اللوث فلا كلام ، و من قال لا يقدح في اللوث ، و هو الاقوى عندي قال يكون المكذب كالكبير مع الصغير ، و الحاضر مع الغايب ، فلكل واحد منهما أن يحلف .فإذا ثبت أن له أن يحلف فلا يثبت له حق بأقل من خمسين يمينا لان القسامة لا يفتتح بأقل من خمسين يمينا و كان الخمسون في القسامة كاليمين الواحدة في الاموال ، ثم ثبت أنه لو ادعى ما لا حلف يمينا واحدة ، فوجب أن يقسم ههنا خمسين يمينا فإذا حلف هذا خمسين يمينا و أخذ نصيبه من الدية ثم كبر الصغير أو قدم الغايب و أراد أن يطالب بحقه حلف و استحق ، و كم يحلف ؟
إذا خلف القتيل ثلاث بنين وهناك لوث مات احدهم وخلف ابنين
فمن قال يحلف كل واحد خمسين يمينا حلف هذا خمسين يمينا كما لو كان كبيرا معه ، و من قال يحلف الكل خمسين يمينا حلف هذا خمسا و عشرين يمينا كما لو كان حاضرا معه ، و قيل يحلف الكل خمسين يمينا و يفارق الاول حين قلنا يحلف خمسين يمينا لانه افتتح القسامة ، فلهذا لم يقبل منه الا خمسين يمينا ، و إذا قدم ثالث و رابع و أكثر فعلى هذا المنهاج .إذا خلف ثلاث بنين و هناك لوث فمات أحدهم و خلف إبنين لم يخل من أحد أمرين إما أن يموت قبل أن يبتدئ باليمين ، أو في أثناء اليمين ، فان مات قبل أن يبتدئ باليمين قام وارثه مقامه ، لان الوارث يقوم مقام مورثه في الحجج و البراهين ، بدليل أنه لو مات و خلف دينا له به شاهد واحد كان لوارثه أن يحلف مع الشاهد ، و يستحق كما كان يحلف المورث .فإذا ثبت أنه يقوم مقامه فكم يحلف هذا الوارث ؟ من قال يحلف كل واحد خمسين يمينا حلف كل واحد خمسين يمينا ، لان أحدا لا يستحق شيئا بأقل من خمسين يمينا على هذا ، و قال قوم يحلفان ما كان يحلف أبوهما إذا قيل يحلف الكل خمسين يمينا و الاب كان يحلف ثلث الخمسين فيحلف هذان ثلث الخمسين ، و ثلثها سبعة عشر يمينا لانه يجبر الكسر فيحلف كل واحد من هذين تسعة أيمان لانا نجبر الكسر .هذا إذا مات قبل الابتداء بالقسامة فأما إن مات في أثناء القسامة ، بطلت قسامته و لم يعتد بها ، لان الخمسين كاليمين الواحدة ، و لو كانت يمينا واحدة فشرع فيها ثم مات لم يعتد بها ، و لأَنا لو قلنا يبنى و لا يستأنف ، حكمنا له الدية بيمين غيره واحد لا يحلف يمينا يستحق بها غيره ابتداء الحق فان غلب على عقله في أثناء القسامة أو جن لم يبطل ما مضى من يمينه ، و يترك ، حتى إذا أفاق بني ، لان الحالف واحد فجاز أن يبنى بعض يمينه على بعض و لانه ليس فيه أكثر من تفريق الصفة في وقتين و هذا لا يمنع صحتها و لا يقطعها كما لو استخلف الحاكم بعضها ثم تشاغل عنه ثم عاد فأكملها كذلك .
قال أحدهما قتل ابى عبدالله بن خالد ورجل لا أعرفه وقال الآخر قتله زيد بن عامر ورجل لا أعرفه فيه فروع
إذا قال أحدهما فلان قتل أبى ، وقال الآخر : بل قتله هو ورجل آخر
إذا قال أحد الابنين فلان قتل أبى ، فقال الآخر بل قتله هو و فلان رجل آخر ، فالثاني يكذب الاول في نصف دعواه لانه ادعى على واحد ، و الثاني على اثنين ، فالأَول يكذب الثاني في القاتل الثاني ، فيقول ما قتله ، إلا فلان واحدة .فمن قال التكذيب لا يقدح في اللوث حلف الاول على من ادعى عليه و استحق نصف الدية ، و حلف الثاني على من ادعى عليه و هو القاتل الاول و الثاني ، و استحق على كل واحد منهما ربع الدية .و من قال يقدح التكذيب في اللوث حلف الاول على من ادعى عليه و أخذ منه ربع الدية ، لانه إنما قدح في نصف دعواه ، و حلف الابن الآخر عليه أيضا و يستحق ربع الدية ، و أما القاتل الثاني فلا يحلف الابن الثاني عليه ، لان الابن الاول قد كذبه فيه ، و أسقط اللوث في حقه ، فيكون القول قوله للابن الثاني ، فان حلف بري و إن لم يحلف حلف الابن الثاني عليه ، و استحق ربع الدية .إذا قال أحد الابنين قتل أبى عبد الله بن خالد ، و رجل آخر لا أعرفه ، و قال الابن الآخر : زيد بن عامر و رجل لا أعرفه ، فليس ههنا تكذيب لانه يكون الذي جهله كل واحد منهما هو الذي عرفه الآخر ، و يحتمل غيره فلا يقع التكذيب مع الاحتمال فيحلف كل واحد منهما على من عينه بالدعوى و يستحق عليه ربع الدية .فان عاد بعد هذا فقال كل واحد منهما : قد عرفت الرجل الاخر الذي ما كنت أعرفه و هو الذي عينه أخى ، فقال صاحب عبد الله بن خالد : الرجل الاخر هو زيد بن عامر ، و قال صاحب زيد بن عامر : الرجل الاخر هو عبد الله بن خالد ، قلنا فيحلف كل واحد منهما على من عرفه بعد أن جهله و يستحق ربع الدية و كم يحلف قال قوم خمسين يمينا و قال آخرون خمسا و عشرين يمينا ، لانهما يحلفان على ثان .فان كانت بحالها فعاد كل واحد منهما فقال الذي كان مع عبد الله بن خالد قد عرفته و ليس هو زيد بن عامر ، و قال الآخر : الذي كان مع زيد بن عامر قد عرفته و ليس هو عبد الله بن خالد ، قلنا فقد كذب كل واحد منهما صاحبه في الذي عينه ، و كذبه في الذي استدركه .
المسألة بحالها ، ولم يقل غلطت بل قال انه كان يوم القتل في بلد بعيد
إذا ادعى القتل على رجل ومعه لوث فحلف وأخذ الدية ثم قال غلطت عليه
قال أحدهما قتل أبى زيد بن عامر وقال الآخر بل إنما قتله عبدالله بن خالد
فمن قال لا يقدح التكذيب في اللوث قال فقد استقر ما أقسما عليه أولا و يحلف كل واحد منهما على الذي استدركه و يستحق ربع الدية ، و كم يحلف كل واحد منهما ؟ قال قوم خمسين يمينا ، و قال آخرون خمسا و عشرين يمينا .و من قال التكذيب يقدح في اللوث ، قال بطلت القسامة على عبد الله بن خالد و على زيد بن عامر لانا قد بينا أنهما قد أقسما عليهما بلا لوث و يسترد من كل منهما ما أخذه منه و بطلت القسامة في المستدرك أيضا لان كل واحد منهما يمنع ما يثبت صاحبه .فيكون تقدير المسألة قال أحدهما قتله الزيدان ، و قال الآخر قتله العمران بلا فصل بينهما ، فيبطل القسامة في الكل و يكون الدعوي بلا لوث .إذا قال أحدهما قتل أبى زيد بن عامر ، و قال الآخر ما قتله زيد و إنما قتله عبد الله بن خالد ، فكل واحد منهما يكذب أخاه فيمن عين القتل عليه فمن قال التكذيب لا يقدح في اللوث ، حلف كل واحد منهما على من ادعى عليه و استحق عليه نصف الدية ، و من قال يقدح في اللوث قال : يسقط اللوث ، و كان القول قول المدعى عليه ابتداء فان حلف ، و إلا حلف المدعى ، و استحق عليه نصف الدية .إذا كان الولى واحدا فادعى القتل على رجل و معه لوث و حلف معه و استحق الدية ، ثم قال غلطت عليه ما هذا قتله ، لزمه هذا الاقرار و سقطت قسامته ، و عليه رد ما أخذه من المدعى عليه لانه إقرار في حق نفسه .فان كانت بحالها و لم يكذب نفسه و لكن شهد أن هذا المدعى عليه كان يوم القتل في بلد بعيد يستحيل كونه في موضع القتل سقط اللوث ، و حكمنا ببطلان القسامة لان هذه البينة أقوى من اللوث ، فان كانت بحالها فشهدت البينة بذلك ، و زادت فقالت إنما قتله فلان ، سقطت القسامة على ما قلنا ، و قولهما بل قتله فلان ساقط ، لانهما شهدا على من لا يدعيه الولى .فان كانت بحالها و لم يكن شاهدان ، و لكن جاء رجل فقال هذا الذي ادعى
بيان صفة اليمين التى يقسم بها وما يحتاج إليه أربعة
جاء رجل فقال هذا الذى ادعى عليه القتل ليس بقاتل والقاتل أنا
عليه القتل و أخذت منه الدية ، ما قتله ، أنا قتلته و الضمان على دونه ، لم يقدح هذا القول في اللوث لانه أجنبي و ليس بشاهد و لا حق عليه ، و إن كان أقر به لمن لا يدعيه .فهو كرجل قال هذه الدار التي في يدى لزيد فقال زيد ليست لي لم يلزمه التسليم لانه يقر بها لمن لا يدعيها ، و هكذا لو أصدقها ألفا فأقبضها ثم طلقها و ذكر أنه طلقها بعد الدخول فقالت زوجته بل قبل الدخول و على رد نصف المهر إليه لم يلزمها الرد لانها تقربه لمن لا يدعيه .و قد روى أصحابنا مثل هذا ، و هي قضية الحسن عليه السلام و هو أن الدية يلزم في بيت المال ، و لا يلزم المقر و لا الذي ادعى عليه اللوث ، و أمضاه أمير المؤمنين عليه السلام فاما صفة اليمين التي يقسم بها و ما يحتاج إليه ، يحتاج إلى أربعة أشياء : ذكر القاتل و المقتول و يقول قتله منفردا بقتله لم يشترك معه غيره عمدا أو خطأ ، و يحلف بإسم من أسماء الله أو بصفة من صفات ذاته يقول : و الله أو بالله أو تالله ، و صفات الذات مثل و عزه الله و جلال الله و كبرياء الله و عظمة الله و ما في معناه من علم الله و نحوه ، لان اليمين بغير الله و بغير صفة من صفات الذات لا يصح .و أما زيادة صفة مع الاسم كقوله الذي لا إله إلا هو ، عالم خائنة الاعين و ما تخفى الصدور ، فليس بشرط و إنما هو تغليظ يقصد به التأكيد ، و هذا يأتي و الثاني يقول إن فلانا قتل فلانا و يرفع في نسب كل واحد منهما حتى يزول الاشتراك فيه أو يشير إليه فيقول إن هذا قتل فلان بن فلان الفلاني لانه يدعى عليه القتل ، فإذا لم يذكر القاتل و المقتول في يمينه فما حلف على شيء .و الثالث يقول قتله منفردا بقتله و إن كان على اثنين قال قتلاه منفردين بقتله ، لانه قد يكون قتله هو و غيره فلا يلزم هذا كل الضمان ، و يقول ما شاركه فيه ، فان اقتصر على الاول جاز أعنى قوله منفردين بقتله ، و إن لم يقل ما شاركه غيره فيه ، فان ذكره كان تأكيدا ، و قيل إن في ذكره فائدة ، و هو أنه قد يكون هو المكره و المباشر المكره ، و المكره شريكه حكما لان عليهما الدية ، فقوله ما شاركه فيه غيره ، يعنى
شريكه حكما ، و عندنا لا يحتاج إلى ذلك لاجل هذا ، لان المكره عندنا لا يتعلق به حكم من قود أو دية على ما مضى في الجنايات و متى كان اثنين أو أكثر ذكرهم على ما شرحناه .و الرابع ذكر نوع القتل عمدا أو خطأ لان ذلك يختلف في القود و قدر الدية فلا يدرى الحاكم بماذا يحكم .و النية في اليمين نية الحاكم و الفائدة في اعتبار هذه الصفات أن كل أحد لا يعلم أن الامر هكذا ، فربما يعتقد أن النية نية الحالف فيغير اليمين عن جهتها ، فلهذا حلف بهذه الاوصاف .و أما إعراب اليمين فالصحيح أن يكون اسم الله مخفوضا بحرف القسم ، فيقول و الله فان خالف هذا و لحن فقال و الله رفعا أو و الله نصبا قال قوم يجزيه لانه لا يغير معنى و الاقوى عندي أنه إن كان من أهل الاعراب و المعرفة أن لا يجزيه ، و إن كان لا يعرف ذلك أجزأه .إذا كانوا في بيت فتفرقوا عن جريح ثم مات المجروح ، فاللوث قايم عليهم يحلف الولى على ما شرحناه على من يغلب على ظنه أنه هو القاتل ، فان ادعى الجاني على الولى أن المقتول قد بري من الجراح الذي يدعى أنه مات منه ، زاد الولى في يمينه و أنه ما بري من جراحك حتى مات منها .و هذا صحيح لان الجاني متى ادعى أنه بري من الجراح كان معترفا بالجناية ، فكيف جعل للولي أن يحلف مع اعتراف الجاني ؟ قيل قد يقول هذا و لا يكون معترفا بالجراح لانه يقول اليمين في جنبتك أيها الولى ، فاللوث ثابت على لكن الجراح الذي يحلف أنه مات بها ليس كذلك فانى أعلم أنه بري منها فيلزمه أن يحلف ما بري من جراحه .فلئن قالوا فلا تصح المسألة من وجه آخر ، و هو أنه إن كان بين الجرح و بين الموت مدة يندمل في مثلها فالقول قول الجاني أنه بري منها ، و إن كان بينهما مدة
الكلام في صفة يمين المدعى عليه والمحتاج إليه ستة فيه بحث
لا يندمل في مثلها ، فالقول قول الولى .قيل أجيب عن هذا أربعة أجوبة أحدها المسألة إذا كانت المدة يمكن أن يندمل فيها الجراح لكن الولى أقام البينة أنه لم يزل ضمنا وجعا متألما منها حتى مات ، فقال كذا كان لكن أعلم أن الموت بسبب آخر فاليمين على الولى ههنا ، لانه يمكن ما يقوله الجاني .و الثاني منهم من قال الخلاف إنما وقع بينهما في قدر المدة ، فقال الجاني قد مضت مدة يندمل فيها ، و أنكر الولى ، فالقول قول الولى أنها ما مضت مدة يندمل فيها .و منهم من قال المسألة مع عدم اللوث يدعى الولى ذلك ، و لا لوث معه ، فالقول قول الجاني ، فان حلف بري ، و إن لم يحلف حلف الولى و استحق ، فهذه يمين الرد لا يمين الابتداء .و منهم من قال المسألة إذا مضت مدة يندمل فيها الجراح و ادعى الجاني أنه مات بسبب آخر و ما بري منها فان كان هناك لوث فالقول قول الولى لاجل اللوث فأما مع عدم اللوث ، فالقول قول الجاني .و إما الكلام في صفة يمين المدعى عليه فيحتاج أن يذكر فيها ستة أشياء : ما قتل فلان فلانا و لا أعان على قتله و لا ناله من فعله و لا بسبب فعله شيء ، و لا وصل إلى شيء من بدنه و لا أحدث شيئا مات منه .أما ذكر القتل فلا بد منه ، لانه هو الذي يدعى عليه ، و عنه يبرأ بيمينه و لا بد من قوله و لا أعان على قتله لانه يكون معينا قاتلا و هو إذا شاركه غيره ، و لا ناله من فعله لانه قد يرميه بسهم أو غيره فيقتله ، و لا بسبب فعله لانه قد يرميه بحجر فيقع على حجر فيطير الثاني عن مكانه فيقع عليه فيقتله ، و لا وصل إلى بدنه شيء لانه قد يسقيه السم فيموت منه ، و السادس و لا أحدث شيئا مات منه ، لانه قد ينصب سكينا أو يحفر بئرا فيكون تلفه من ذلك .
إذا لم يكن لوث وصارت اليمين في جنبة المدعى عليه فهل يغلظ عليه الايمان فيه قولان وقد مضى
قالوا إذا كانت الدعوي لا يسمع إلا محررة و هو أن يذكر نوع القتل وصفة القتل فإذا ذكرها حلف ما تحرر عليه فأى حاجة دعت إلى شرط ستة أشياء في يمينه ؟ قيل المسألة مقدرة فيمن لا يعبر عن نفسه لصغر أو جنون ، فنصب الحاكم له أمينا يستوفى له اليمين فيحتاط له ، لان موضوع أمر الطفل و المجنون على هذا ، ألا ترى أن من ادعى حقا على صبي أو مجنون أو غايب أو ميت و أقام به البينة ، لم يقض له بها حتى يحلف مع بينته احتياطا لمن لا يعبر عن نفسه ، و لو كان ممن يعبر عن نفسه لم يحلف المدعى مع يمينه فلهذا يحتاط في اليمين .و أيضا فان هذه اليمين مفروضة فيمن أطلق الدعوي و إذا سمعت منه مطلقة محررة ، حررت على الحالف ، و قد يجوز أن يسمع الدعوي محررة في الدم ، فعلى هذا يحتاج إلى هذا التحرير ، و من قال لا يسمع إلا محررة لا يحتاج إلى هذا التفصيل .قد ذكرنا أنه يحلف و الله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الاعين و ما تخفى الصدور ، و قد قلنا إن هذه الزيادة على سبيل الاحتياط و التغليظ باللفظ ، ليقع بها الزجر و الردع ، و إن اقتصر على قوله و الله أجزأه لان ذلك قدر اليمين بلا خلاف ، و لقوله تعالى " أربع شهادات بالله " و لقول النبي صلى الله عليه و آله و الله لاغزون قريشا و لقوله للاعرابي الذي طلق زوجته و الله ما أردت إلا واحدة ، و قوله لا بن مسعود حين أخبره بقتل أبى جهل : و الله إنك قتلته ؟ فقال و الله إنى قتلته ، فاقتصر في جميع ذلك على الحلف بالله وحده .فأما إذا لم يكن له لوث فاليمين في جنبة المدعى عليهم ، و إنما يصح الدعوي إذا عين المدعى عليه إن كان واحدا أو جماعة يتأتى منهم الاشتراك في قتله ، فأما إن ادعى على خلق لا يتأتى منهم الاشتراك في قتله مثل أن ادعى أن أهل بغداد اشتركوا في قتله لم تقبل منه هذه الدعوي ، لانه يدعى المحال .و كل موضع سمع دعواه فهل يغلظ الايمان عليه أم لا ؟ قيل فيه قولان : فمن
إذا لزم على رجل إقراره بالقتل فقامت بينة أنه كان بعيدا عن بلد القتل
إذا كان المدعى عليه سكران فهل يحلفه الحاكم حال سكره
إذا ادعى على العبد القتل فأقر به فهل يقبل إقراره ؟
إذا أقر المحجور عليه بالقتل فعفا الولى على مال فهل يثبت المال ؟
قال لا يغلظ حلف كل واحد يمينا و لو كانوا ألفا ، و إذا قيل يغلظ فان كان واحدا حلف خمسين يمينا ، و إن كانوا جماعة قال قوم يحلف كل واحد خمسين يمينا و قال آخرون يحلف الكل خمسين يمينا على عدد رؤوسهم .قد مضى أن المحجور عليه إذا أقر بالقتل فان كان عمدا يوجب القود قتل ، و إن كان يوجب المال رددناه ، و إذا وجب عليه القتل فعفى الولى على مال فعندنا لا يثبت المال إلا برضى القاتل ، و المحجور عليه ممنوع من ذلك ، و من قال يثبت المال بمجرد العفو على مال ، قال يثبت المال عليه في ماله لانه ما أقر بجناية توجب المال و لكن بالعفو لزمه ، و مثل هذا لا يكون في البيع و الشراء .إذا ادعى على العبد القتل لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون عمدا أو خطأ فان كان عمدا نظرت ، فان أقر به لزمه القود عندهم ، و عندنا لا يقبل إقراره ، قالوا فان عفا عنه على ما صح ، و عندنا لا يصح لما مضى .و إن كان القتل خطأ لم يقبل إقرار العبد به بلا خلاف ، لانه متهم على مولاه فيما يباع به و يخرج به عن ملك سيده ، فإذا لم يقبل إقراره عدلت الدعوي إلى سيده يحلف على العلم فيحلف لا يعلم أن عبده قتل ، و إن أنكر العبد فالقول قوله مع يمينه فان حلف بري و إن نكل فهل يرد اليمين على المدعى ؟ الحكم فيه و في المحجور عليه إذا كان القتل يوجب المال واحد ، إن قيل يمين المدعى عليه كالبينة ردت ، و إن قيل كالاقرار لم يرد .إذا كان المدعى عليه سكران ينبغى أن لا يحلفه الحاكم حتى يفيق ، لان اليمين للزجر و الردع ، و السكران لا ينزجر بها و لا يرتدع ، فان خالف الحاكم و حلفه قال قوم يقع موقعها ، و قال قوم لا يقع موقعها ، و هو الاقوى عندي ، لان جميع أحكام السكران عندنا معتد بها من طلاق و عتاق و غيره .إذا اعترف رجل أنه قتل فلانا عمدا لزمه إقراره ، فان قامت البينة أن هذا المقر كان يوم القتل في بلد بعيد ، لا يمكن كونه قاتلا و لا عند القتيل ، سقطت البينة لانه يكذبها و إذا كذب بينة سقطت .
إذا حلف الولى وأخذ الدية مأة من الابل ، ثم قال : هذه الابل حرام فيه ثلاث مسائل 243
المسألة بحالها ، فجاء رجل آخر فقال أنا قتلته والضمان على فهل يحلف عليه
إذا حلف المدعى مع اللوث واستوفى الدية ثم قامت بينة أن المدعى عليه كان غائبا حين القتل على مسافة
فان ادعى رجل على رجل أنه قتل وليا له و هناك لوث ، فحلف المدعى و استوفى منه الدية ، ثم قات البينة أن هذا المدعى عليه كان غائبا حين القتل على مسافة لا يمكن أن يشاهد موضع القتل حكم ببطلان القسامة و استرجعت الدية ، لان البينة أقوى من يمين المدعى مع اللوث ، لانها تخبر عن إحاطة و يقين ، و الحالف إنما حلف على غالب ظنه ، فقد مناها عليه ، فيسترد الدية .و إن كانت بحالها فجاء رجل آخر فقال ما قتله المحلوف عليه و أنا الذي قتلته و الضمان على ، فهل للحالف أن يدعى على المقر ؟ قال قوم ليس له أن يدعى عليه ، لان قول الولى في الابتداء ما قتله إلا فلان وحده ، إقرار منه أن هذا المقر ما قتله ، فلا يقبل منه دعواه عليه .و قال آخرون له أن يدعى عليه ، لان قول الولى ما قتله فلان وحده ، لم يقطع ، و إنما قاله بغالب ظنه ، و هذا المعترف يخبر عن قطع و يقين ، فكان أعرف بما اعترف به ، فلهذا كان له مطالبته به .و يفارق هذا إذا قال أنا قتلته ثم قامت البينة أن هذا المعترف كان غائبا عن موضع القتل ، حيث قلنا لا يقبل هذه البينة ، لانه مكذب لها ، و ههنا مكذب لهذا المعترف ، فبان الفصل بينهما .و الاقوى عندي الاول لانا بينا أنه لا يجوز له أن يحلف إلا على علم و إذا ثبت ذلك فكأنه قال أنا أعلم أن الثاني ما قتله ، فيكون مكذبا له ، على أنا قد بينا قضية الحسن عليه السلام في مثل هذا و أن الدية من بيت المال .إذا أقسم الولى و أخذ الدية مائة من الابل ، ثم قال هذه الابل التي أخذتها حرام احتمل هذا ثلثة أشياء أحدها لانى أقسمت كاذبا ، و كان القاتل هذا ، و الثاني حلفت مع اللوث و استوفيت ، و هذا عندي حرام ، فان مذهبي مذهب أبى حنيفة ، و الثالث أن الذي سلم هذه الابل ما كان يملكها ، و إنما كانت في يده غصبا .فان قال لانه قاتل فعليه رد الابل ، و إن قال لانى على مذهب أبى حنيفة قلنا على مذهبنا إن ذلك باطل ، فلا يلتفت إليه ، و عند من خالفك يقول أنت تقول ذلك باجتهاد و الحاكم قد حكم باجتهاد فيقر حكمه ، و صار المال لك ، و قولك لا يحل لا يؤثر في حكمه .فان قال لانه غصبها نظرت فان عين المغصوب ، فقد لزمه ردها لانه قد اعترف له بها ، و لا يرجع على الدافع بشيء لانه يقبل قوله على نفسه ، و لا يقبل قوله على غيره ، كرجل اشترى عبدا ثم قال قد كان البايع أعتقه لزمه رفع يده عنه ، و لا يرجع على البايع بشيء ، و إن لم يعين الغاصب قيل له هذه الابل لك في الظاهر ، لك التصرف فيها كيف شئت ، كرجل قال هذه الدار التي في يدي غصب لا حق لي فيها ، و لم يعين المغصوب منه ، فانها تقر في يده .و إن اختلفا في الفصل الاول فقال الذي أخذت منه الدية قولك حرام أردت أنك ادعيت دعوى باطلة ، و حلفت يمينا كاذبة ، و أخذت مني الابل حراما ، فقال الولى ما أردت هذا ، فالقول قول الولى لانه أعرف بما نواه ، و لانه قد حلف يمينا و استحق فلا يقبل قول غيره عليه في نقضها .
* كتاب * * كفارة القتل * وجوب الكفارة في القتل بالكتاب والسنة وبيان أنواع القتل
( كتاب ) ( كفارة القتل ) قال الله تعالى : " و ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ و من قتل مؤمنا خطا فتحرير رقبة مؤمنة " الآية ( 1 ) فذكر في هذه الآية ديتين و ثلث كفارات ، أوجب الدية و الكفارة بقتل المؤمن في دار الاسلام خطأ ، فقال تعالى " و من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " و أوجب الكفارة بقتل المؤمن في دار الحرب فقال " و إن كان من قوم عدو لكم و هو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " و أوجب الدية و الكفارة بقتل الكافر إذا كان ذميا عندهم ، فقال " و إن كان من قوم بينكم و بينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله و تحرير رقبة مؤمنة " و عندنا أن هذا في المؤمن إذا كان بين المعاهدين و قد بيناه فيما مضى .و القتل على أربعة أضرب واجب و مباح و محظور يأثم به و محظور لا يأثم به فالواجب القتل بالردة و الزنى و اللواط و المحاربة إذا قدر عليه قبل التوبة ، و المباح القتل قصاصا أو دفعا عن نفسه ، و المحظور الذي يأثم به أن يقتله صبرا مع العلم بحاله ، و المحظور الذي لا يأثم به أن يقتله خطاء .و كذلك الوطي على ثلثة أضرب مباح و محظور يأثم به ، و محظور لا يأثم به فالمباح في زوجته و ملك يمينه و المحظور الذي يأثم به هو الزنا مع العلم بحاله ، و المحظور الذي لا يأثم به ما كان بشبهة أو نكاح فاسد .و هكذا إتلاف الاموال ضربان محظور يأثم به و محظور لا يأثم به ، فالذي يأثم به أن يتلف مال غيره عمدا بغير حق : و الذى لا يأثم به أن يتلف مال غيره خطأ .و معنى قوله تعالى " إلا خطاء " فيه ثلاث تأويلات أحدها أن معنى إلا لكن إن قتله خطاء فتحرير رقبة و هو استثناء منقطع كقوله " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل 1 - النساء : 92 .
إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " .و الوجه الثاني في المعنى " و لا خطاء " فوضع إلا موضع و لا ، مثل قوله تعالى " لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا " و معناه " و لا الذين ظلموا " و منهم من قال هذا الاستثناء يرجع إلى مضمر محذوف ، فكان تقديره : و ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا فان قتله أثم بقتله إلا أن يقتله خطاء فلا يأثم به .و الرابع ذكر بعضهم أن قتله متعمدا يزيل اسم الايمان ، فلا يكون مؤمنا إلا إذا قتله خطاء فانه لا يزول عنه اسم الايمان .إذا تقرر وجوب الكفارة بالقتل ، فان كان المقتول مسلما في دار الاسلام ففيه الدية و الكفارة بلا خلاف ، و إن كان معاهدا قتل في دار الاسلام ففيه الدية بلا خلاف ، و الكفارة عند الفقهاء ، و إن كان مؤمنا في دار الحرب نظرت .فان قتله و لم يقصده بعينه مثل أن يتوهم فقتل فبان مسلما أو قتلوا في غارة فبان فيهم مسلم ، أو رمى سهما في صف المشركين لم يقصد رجلا بعينه فأصاب مسلما فقتله فعليه الكفارة دون الدية ، سواء أسلم عندهم و لم يخرج إلينا أو أسلم عندهم و خرج إلينا ثم عاد في حاجة ، أو كان مسلما في دار الاسلام فخرج في حاجة من تجارة أو رسالة الباب واحد .و أما إن قصده بعينه نظرت ، فان علمه مسلما فقتله عمدا مع العلم بحاله ، فعليه القود و إن قصده بعينه فقتله و لم يعلمه مسلما فعليه الكفارة و لا دية عندنا ، و قال قوم عليه الدية إذا كان مضطر إلى قتله ، فان كان مضطرا إليه فقد فصل ذلك في كتاب السير و قال قوم على أى وجه قتله ففيه الدية و الكفارة .و قال آخرون فان كان أسلم عندهم و لم يخرج إلينا فعليه الكفارة بقتله فقط فلا قود و لا دية بحال ، سواء قتله عمدا أو خطاء ، و على أى وجه قتله .و إن كان قد حصل له تحرم بدار الاسلام مثل أن أسلم عندهم و خرج إلينا أو كان مسلما من أهل دار السلام فخرج إليهم نظرت فان قتله في صف المشركين فلا كفارة
كفارة القتل رقبة مؤمنة ، ثم الصيام شهرين متتابعين
إذا اشترك جماعة في قتل واحد فهل على كل واحد كفارة ؟
هل يجب الكفارة في حق الصبى والمجنون والكافر ؟
إذا قتل آدميا محقون الدم بحق الله
إذا قتل أسيرا من المسلمين في صف الكفار
و لا دية ، و إن كان أسيرا في أيديهم فالحكم فيه كما لو لم يخرج إلينا فيه الكفارة و لا قود و لا دية ، و قال قوم فيه الدية دون الكفارة ، و إن لم يكن أسيرا و لا في الصف و كان مطلقا منصرفا في دار الحرب في تجارة ففيه الدية و الكفارة ، سواء قصده بعينه أو لم يقصده .و الخلاف ههنا في الاسير إذا قصده بعينه لا ضمان ، قال قوم فيه الدية و في المطلق المنصرف عند قوم لا دية إذا لم يقصده بعينه و عند آخرين فيه الدية بكل حال ، و قد قلنا إن عندنا لا يجب الدية بقتله على أى وجه كان ، و إنما يجب به الكفارة فقط للظاهر ، فأما إن كان أسيرا فينبغي أن نقول فيه الدية و الكفارة معا لانه مختار في كونه هناك .إذا قتل آدميا محقون الدم بحق الله ففيه الكفارة كبيرا كان أو صغيرا ، حرا كان أو عبدا ، ذكرا كان أو أنثى ، مسلما كان أو كافرا ، و قال بعضهم القتل العمد المحض لا كفارة فيه ، و عندنا أن قتل الكافر لا كفارة فيه ، و في الناس من قال قاتل العمد إنما يجب عليه الكفارة إذا أخذت منه الدية ، و إما إذا قتل قودا فلا كفارة عليه و هو الذي يقتضيه مذهبنا .يجب كفارة القتل في حق الصبي و المجنون و الكافر ، و قال قوم لا يجب في حق هؤلاء ، و الاول أقوى لعموم الآية .إذا اشترك جماعة في قتل واحد كان على كل واحد الكفارة إجماعا إلا الشعبي فانه قال عليهم كفارة واحدة ، فكل من أوجبنا عليه الكفارة فهي عتق رقبة مومنة لقوله تعالى " فتحرير رقبة مؤمنة " و هو إجماع .فإذا ثبت أنها مؤمنة فانما تجب عليه مع وجودها في الفاضل عن كفايته على الدوام ، فان لم يجد ففرضه الصيام لقوله تعالى " فتحرير رقبتة مؤمنة " فختمها ثم قال " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين " فان لم يستطع عندنا يلزمه إطعام ستين مسكينا ، و قال قوم يكون الصوم في ذمته أبدا حتى يقدر عليه .
إذا قتل بالاسباب كنصب السكين وحفر البئر فهل تجب به الكفارة
قالوا إذا فعل شيئا فتلف به آدمى فإذا وجبت الدية وجبت الكفارة فأوجبوا الكفارة بالاسباب مثل أن ينصب سكينا في ملكه فوقع عليها إنسان فمات أو وضع حجرا في ملكه فتعقل به إنسان فمات أو حفر بئرا في ملكه فوقع فيها إنسان فمات و يده عليها أو رش ما في الطريق أو بالت دابته فيها و يده عليها فزلق به إنسان فمات أو شهدا على رجل بالقتل فقتل ثم رجعا فقالا تعمدنا ليقتل فعليهما القود و الكفارة و إن قالا أخطأنا فعليهما الكفارة والدية .و أصله أن الكفارة الدية يجب متى وجبت و قال قوم : كل هذا يجب به الدية دون الكفارة و الكفارة عند هذا لا يجب بالاسباب ، و هو الذي يقتضيه مذهبنا و الخلاف في فصلين هل يجب به الكفارة أم لا و هل يسمى قاتلا ؟ عند الاول يسمى قاتلا و يجب به الكفارة و عند الآخر لا يجب به الكفارة ، و لا يسمى قاتلا و هو الصحيح عندنا .
حقوق الآدميين تنقسم ثلاثة أقسام أيضا
إذا قذف رجلا فوجب عليه حد القذف فاعتذر بأن المقذوف أقر بالزنا
* فصل * * في ذكر الشهادة على الجنايات * الحقوق على ضربين وحقوق الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام
( فصل ) ( في ذكر الشهادة على الجنايات ) الحقوق على ضربين حق الله ، و حق الآدمى ، فان كان حقا لله فلا مدخل للناس فيه ، و هي تنقسم ثلثة أقسام : أحدها ما لا يثبت إلا بأربعة رجال عدول و هو الزنا و اللواط فقط ، و الثاني ما لا يثبت إلا بشاهدين و هو القطع في السرقة و الحد في شرب الخمر .و الثالث اختلف فيه و هو الاقرار بالزنا قال قوم يثبت بشاهدين لانه إثبات اقرار كساير الاقرارات ، و قال آخرون لا يثبت إلا بأربعة شهود لانه إقرار بفعل ، فوجب أن لا يثبت إلا بما يثبت به ذلك الفعل ، كالاقرار بالقتل و الاول أقوى .و إنما تتصور هذه المسألة فيه إذا قذف رجل رجلا فوجب عليه حد القذف ، فقال قد أقر بالزنا هذا الذي قذفته فأنكر فأقام المدعى البينة على إقراره فهل يثبت ذلك بشاهدين أم لا ؟ على ما مضى من القولين ، و القصد من هذا أنه إذا ثبت إقراره بالزنا لم يحد قاذفه .فأما إن ادعى رجل على رجل أنه أقر بالزنا فلا يلتفت إلى دعواه لانه متى ثبت بإقراره سقط برجوعه ، فلا يمكن اقامة البينة عليه .و أما حقوق الآدميين فانها تنقسم أيضا ثلثة أقسام : أحدها ما لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين ، و لا يثبت بشاهد و إمرأتين و لا بشاهد و يمين ، و هو كل ما لم يكن ما لا و لا المقصود منه المال و تطلع عليه الرجال كالوكالة و الوصية لانه إثبات نظر و تصرف ، و كذلك الوديعة و النكاح و الخلع و الطلاق و الجراح الذي يوجب القصاص و العتق و النسب و نحو هذا .الثاني ما يثبت بشاهدين و شاهد و إمرأتين و شاهد و يمين ، و هو كل ما كان
إذا ادعى موضحة عمدا فهل يثبت بشاهد وامرءتين ؟
إذا ادعى جناية عمد وأقام شاهدا وامرءتين ثم قال عفوت عن هذه الجناية
ما لا أو المقصود منه المال ، فالمال الدين و القرض و الغصب ، و المقصود منه المال كل عقد معاوضة محضة كالبيع و الصرف و السلم و الرهن و الصلح و الحوالة و الضمان و العارية و القراض و المساقات و الاجارات و المزارعة و الوصية له و الجراح الذي لا يوجب القود كالخطاء و شبه العمد و العمد المحض الذي لا يوجب القصاص كالجائفة و المأمومة ، و مثل أن كان القاتل صبيا أو مجنونا ، و مثل قتل الوالد ولده ، و الحر العبد و المسلم الكافر و نحو هذا .و الثالث ما يثبت بشاهدين و شاد و إمرأتين و أربع نسوة ، و هو الولادة و الاستهلال و الرضاع عندهم ، و العيوب تحت الثياب و زيد في أقسامه مسألة اخرى ، و هو إذا ضرب بطنها فألقت جنينا حيا ثم مات ، و ادعى الوالد أنه لم يزل ضمنا وجعا حتى مات و أقام أربع نسوة بذلك قبل شهادتهن ، و هذا كالذي قبله ، و إنما يختلفان في فصل واحد هذا يقبل فيه النساء على الانفراد ، و لا يقبل فيه شاهد و يمين ، و الذي قبله يقبل فيه الشاهد و اليمين ، و لا يقبل النساء على الانفراد .فإذا ثبت هذا فالذي يتعلق من هذه الاقسام بهذا الباب ما يقبل في الجراح و ما لا يقبل ، و قد ذكرناه فان ادعى جناية عمد و أقام شاهدا و إمرأتين ثم قال عفوت عن هذه الجناية لم يصح لانه عفا عما لم يثبت ، و قد ذكرنا في النهاية أن الزنا يثبت به الرجم بثلثة شهود و إمرأتين ، و الحد بشاهدين و أربع نسوة ، و لا يثبت الحد بدون ذلك .إذا ادعى موضحة عمدا لم يثبت إلا بشاهدين لانها شهادة على ما يثبت به القصاص ، فلا يقبل في إيجاب القصاص و إنما الارش يثبت عندنا برضى الجاني ، و من قال يوجب العمد أحد أمرين إما القصاص أو المال لم يقبل فيه أيضا لانه ربما اختار الولى القصاص فيكون أثبت القصاص بشاهد و إمرأتين ، فلهذا لم يثبت ، و ليس كذلك السرقة و الغرم لان الغرم قد ينفك عن القطع ، فانه قد يسرق من حرز ، و من أبيه و من ولده ، و من بيت المال ، فيغرم و لا يقطع ، و قد يبرد السرقة فيقطع .
إذا قالا : ضربه بالسيف فأوضحه فوجدنا في رأسه موضحتين
إذا شهدا أنه ضربه بالسيف فأوضح أو ضرب بالسيف فوجدناه موضحا أو ضربه فسال دمه لم تقبل
بيان كيفية الشهادة .
إذا ادعى هاشمة أو منقلة أو مأمومة فأقام شاهدا وامرءتين
فإذا كان أحدهما ينفرد عن صاحبه صح أن يقبل في أحدهما دون صاحبه ، فبان الفصل بينهما .فأما الهاشمه و المنقلة و المأمومة إذا أقام بذلك شاهدا و إمرأتين قال قوم لا يثبت ، لانها جناية يتضمن قصاصا فانها موضحة و زيادة ، فلو ثبت كان له القصاص في الموضحة و المال فيما زاد عليها ، فلهذا لم يقبل .و قال آخرون يقبل لانها شهادة على هاشمة ، و القصاص لا يجب في الهاشمة و هو الاقوى عندي ، فمن قال لا يقبل فلا كلام ، و من قال يقبل قال يؤخذ أرش الهاشمة و لم يقتص في الموضحة .و أما كيفية الشهادة فجملته أنا لا نثبت القصاص بالشهادة ، و هناك شبهة و احتمال يسقط معه القصاص ، فإذا قالا ضربه بالسيف فمات منه أو قتله به قبلناها ، و إن قالا ضربه بالسيف فأنهر دمه فمات مكانه ، قبلنا لانه علم أنه مات منه .هذا في القتل فأما فيما دون النفس إن قالا ضربه بالسيف فأوضح أو ضربه بالسيف فوجدناه موضحا لم يقبل ذلك ، لانه قد يضربه بالسيف و الايضاح من غيره و يجداه موضحا من الضربة ، بلى إن قال ضربه بالسيف فأوضحه أو ضربه بالسيف فوجدناه موضحا بالضربة قبلناها ، لانهما قد أضافا القتل إليه .فان قالا ضربه بالسيف فسال دمه لم يقبل لجواز أن يكون سيلان دمه من الضربة ، و إن قالا فأسأل دمه قبلناها في الدامية ، و هكذا إن قال أسال دمه فمات قبلناها في الدامية فقط ، لانه أقل ما يسيل به الدم و ما زاد على هذا محتمل .فان قالا ضربه بالسيف فأوضحه فوجدنا في رأسه موضحتين فلا قصاص ، لانا لا نعلم أى الموضحتين شهدا بها ؟ كما لو شهدا أنه قطع يده فوجدناه مقطوع اليدين فلا قصاص ، لانا لا ندري أى اليدين قطع لكنا نوجب أرش موضحة و أرش اليد ، لان جهلنا بعين الموضحة ليس جهلا بأنه قد أوضحه ، فأوجبنا أرش موضحة .فان قالا ضربه بالسيف فأوضحه فلا قصاص في هذه الموضحة لانا لا نعلم أنها بحالها
إذا جرحه ثم مات بعد ذلك فقال الولى مات من الجرح وأنكر الجانى فيه فروع
من جنايته ، و قد يكون صغيرا فزاد غيره فيها ، و قد يكون هناك موضحة صغيرة فوقعت هذه مكانها فلا قصاص حتى يقولا فأوضحه هذه الموضحة .فان جرحه ثم مات بعد ذلك و اختلفا فقال الولى مات من الجرح و قال الجاني من غيره لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون الموت بعد مدة لا يندمل في مثلها أو يندمل في مثلها .فان كان في مدة لا يندمل في مثلها مثل أن جرحه غدوة فمات عشيا نظرت ، فان قال الجاني اندمل الجرح و برئ منه و مات ، فالقول قول الولى بغير يمين ، لان الجاني يقول محالا ، و إن قال الجاني ما اندمل و لكن الموت بغير ذلك ، فالقول قول الولى لان الظاهر ما قال الجاني ، و مع يمينه لان ما يقول الجاني محتمل .و إن مضت مدة يندمل في مثلها فاختلفا فقال الولى مات منها و ما اندملت ، و قال الجاني اندملت فالقول قول الجاني مع يمينه لان الاصل براءة ذمته ، و إن صدقه الجاني و قال ما اندملت ، و لكن كان الموت من غيرها فالقول قول الولى مع يمينه لانه يحتمل ما قال الجاني .و إن مضت مدة طويلة فالقول قول الجاني كما قلنا فان أقام الولى البينة أنه لم يزل ضمنا وجعا متألما منها حتى مات قبلنا هذه الشهادة ، و جاز الحكم بها و إن كانت المدة طويلة لموضع الشهادة ، كالمدة القصيرة : و هو أنك تنظر في الجاني ، فان قال ما كان وجعا و لا ضمنا منها سقط قوله ، و القول قول الولى بغير يمين ، لان الجاني قد كذب الشهود ، و إن قال الجاني صدق الشاهدان إنه كذلك لكن الموت كان من غيرها بسبب حدث ، فالقول قول الولى مع يمينه ، لان ما قاله الجاني محتمل ، و ما كذب البينة .إذا شهد شاهدان على رجلين أنهما قتلا زيدا فشهد اللذان شهدا عليهما على الاولين أنهما هما اللذان قتلاه ، سئل الولى فان صدق الاولين قبلناها ، و إن صدق الآخرين أو الكل بطلت الشهادة .
قالوا هذه المسألة محالة لا يتصور على قول من لا يسمع الدعوي إلا محررة ، و لا يسمع الشهادة ممن شهد بها قبل أن يستشهد ، و الاخر ان قد شهدا قبل أن يستشهدا ، فكيف يسمعها الحاكم ، و يرجع إلى المدعى فيسئله عن حال الكل ؟ قال قوم إنا لا نسمع الشهادة من الشاهد قبل أن يستشهد ، إذا كان المشهود له بالغا عاقلا بالغا رشيدا فأما إن كان ممن لا يعبر عن نفسه لصغر أو جنون أو لميت ، فانها يقبل لانه لو حضر الشاهدان ابتداء فشهدا عند الحاكم بحق لصبى سمعها و عمل بها ، و حكم للصبي بالحق ، فإذا كان كذلك فالشهادة ههنا لمن لا يعبر عن نفسه و هو الميت ، و الدليل على أن الحق له أنه إذا ثبت قضى منه ديونه و تنفذ وصاياه فلهذا قبلت ، و على هذا كل من شهد لميت بحق سمعت شهادته قبل أن يستشهد .و منهم من قال الشهادة بالحق على ضربين أحدهما رجل له حق له به شاهدان يعرفهما فشهدا له به قبل أن يستشهدهما ، فهذه مردودة ، و الثاني رجل له شاهدان بحق و لا يعرف الحق فشهدا له به أو عرف الحق و لم يعرف أن له به شهودا فشهد اله به قبل أن يستشهدهما ، فقد فعلا خيرا و اكتسبا ثوابا و فضلا ، لانهما عرفاه ما لم يعرفه من حقه ، و على هذا قوله عليه و آله السلام : خير الشهود من شهد قبل أن يستشهد ، فكذلك ههنا ما كان الولى يعلم أن له بحقه هؤلاء الشهود ، فشهدوا له به فلهذا سمعها الحاكم و سأل الولى .و منهم من قال شهد الآخران قبل أن يستشهدا ، و قد عرف الحق بذلك و علمه و كان بالغا عاقلا و الحاكم قد سمع ذلك و سأل الولى عنهما ، لان القتل يحتاط له بحفظ الدماء فإذا قال الآخران القاتلان هما الاولان و أوردا شبهة فلهذا سمع .فإذا ثبت هذا فالمسألة^^^ صحيحة من هذه الوجوه ، فإذا سأل الحاكم الولى عن ذلك ففيها ثلث مسائل أحدها صدق الولى الاولين ، فالحاكم يحكم بشهادتهما و يقتل الآخرين ، لانهما شهدا و هما عدلان على حق لا يجران بشهادتهما خيرا و لا يدفعان ضررا و لا يتهمان على الآخرين .
ادعى أنه قتله عمدا وأقام شاهدين فاختلفا في صفة القتل
إذا ادعى على رجل أنه أقر بقتل وليه عمدا واختلف الشاهدان في صفة الاقرار
المسألة بحالها ، فصدق الولى الآخرين والاولين معا
الثانية صدق الولى الاولين و الآخرين بطلت الشهادة كلها : بطلت شهادة الاولين لانه صدق الآخرين ، و إذا صدق الآخرين فقد كذب الاولين ، و بطلت شهادة الآخرين ، لامرين أحدهما لما صدق الاولين فقد كذب الآخرين ، و الثاني أن الآخرين متهمان بأنهما يدفعان ضررا .الثالثة صدق الآخرين بطلت شهادة الكل بطلت شهادة الاولين لانه قد كذبهما و بطلت شهادة الآخرين لانهما يدفعان عن أنفسهما ضررا .إذا ادعى على رجل أنه أقر بقتل وليه عمدا فأقام شاهدين ، فشهد أحدهما أنه أقر بقتله عمدا ، و شهد الآخر على إقراره بالقتل فقط ، فقد ثبت القتل بشاهدين ، و قد شهد بالصفة واحد ، قلنا له قد ثبت أنك قتلته ، بين صفة القتل ، فان بين نظرت : فان قال عمدا ، قتلناه باعترافه بذلك ، و إن قال قتلته خطأ سألنا الولى ، فان قال صدق ثبت عليه دية الخطأ مؤجلة في ماله لانه قد ثبت باعترافه ، و إن كذبه فالقول قول المدعى عليه ، لان صفة القتل لا يثبت بشاهد واحد ، فان حلف ثبتت عليه دية الخطأ و إن نكل حلف الولى و ثبت أنه قاتل عمدا ، فيكون عليه موجب قتل العمد فان جحد القتل لم يلتفت إلى جحده ، و قيل قد ثبت أنك قاتل فان وصفت القتل و إلا جعلناك ناكلا ، و حلف الولى و استحق .هذا إذا كانت الشهادة على إقراره فأما إن كانت على فعله فادعى على رجل أنه قتل فلانا عمدا و أقام شاهدين شهد أحدهما أنه قتله عمدا و شهد الآخر أنه قتله فقط ، فقد ثبت القتل بشاهدين و شهد بصفته واحد يرجع إلى المشهود عليه ، فان قال قتلته عمدا قتلناه ، و إن قال خطأ سألنا الولى فان صدقه فالدية في ماله مؤجلة ، و إن كذبه الولى كان للولي أن يحلف القسامة لانه لوث عليه ، و ذلك أنه قد شهد شاهدان بالقتل و انفرد أحدهما بالعمد و لو كان له بالقتل شاهد واحد كان لوثا فبأن يكون لوثا إذا كان له شاهدان بالقتل وأحدهما بالصفة أولى و أحرى .فان حلف الولى استحق القود عندنا و عند بعضهم الدية مغلظة في ماله ، فان لم
المسألة بحالها فقال أحدهما أنه قتله والآخر أنه أقر بقتله فيه أبحاث
المسألة بحالها فقال أحد الشاهدين أنه قتله غدوة والآخر أنه قتله عشية
يحلف الولى مع لوثه فالقول قول المدعى عليه يرد اليمين عليه ، فان حلف ثبت دية الخطاء عليه لانه قد أثبت صفة القتل باعترافه .و إن لم يحلف قال قوم يرد اليمين على الولى ، و قال آخرون لا يرد فمن قال لا يرد أو قال يرد فلم يحلف ألزم المشهود عليه أخف الديات دية الخطاء مؤجلة في ماله أيضا لانا لا نلزم العاقلة الدية بقتل مبهم حتى يعلم الخطأ ، و قد ثبت القتل منه ، فالظاهر أن الحق عليه حتى يعلم غيره .إذا ادعى على رجل أنه قتل وليا له و أقام شاهدين فشهد أحدهما أنه قتله غدوة و الآخر قتله عشية ، أو شهد أحدهما أنه قتله بالسكين و الآخر أنه قتله بالسيف لم يثبت القتل بشهادتهما ، لان شهادتهما لم يكمل على فعلة واحدة ، فان قتله بكرة قتله عشيا و قتله بالسيف قتله بالعصا ، فهو كما لو شهد أنه زنا بها في هذا البيت و الآخر أنه زنا في بيت آخر لم يثبت الزنا بشهادتهم ، لان شهادتهم لم يكمل على فعل واحد .فإذا ثبت أن القتل لا يثبت بهذه الشهادة ، فهل يكون هذا لوثا أم لا ؟ قال قوم كل واحد منهما يكذب صاحبه بوجه و مثل هذا يوجب القسامة و قال آخرون لا يوجب القسامة و الاول أقوى لانهما قد اتفقا على القتل ، و إن اختلفا في كيفيته .إذا ادعى رجل أنه قتل وليا له فأقام شاهدين فشهد أحدهما أنه قتله و شهد الآخر أنه أقر بقتله لم يثبت القتل بشهادتهما ، لان شهادتهما لم يثبت على أمر واحد ، فان إقراره بالقتل قتله مباشرة فلم يثبت القتل بهما ، لكنه يكون لوثا لان كل واحد منهما يقوى ما شهد به صاحبه ، فان من شهد عليه بالاقرار لا يكذب من شهد عليه بالقتل ، و من شهد بالقتل لا يكذب من شهد على إقراره ، فلهذا كان لوثا .فإذا ثبت أنه لوث كان له أن يحلف مع أيهما شاء .ثم لا يخلو القتل من أحد أمرين إما أن يكون خطأ أو عمدا ، فان كان خطأ حلف مع أيهما شاء يمينا واحدة ، لانه إثبات مال ، فان حلف مع من شهد بالقتل فالدية
إذا كان الرجل ملففا في ثوب فشهد شاهدان على رجل أنه ضربه فقده
إذا شهد شاهد على رجل أنه قتل زيدا والآخر أنه قتل عمرا
إذا شهد شاهدان أن أحد هذين قتل فلانا فهل هولوث
إذا ادعى على رجل أنه قتل وليا له ولم يقل : عمدا ، وأقام شاهدا واحدا
على العاقلة ، لانها دية ثبتت بالبينة لا بإقراره ، و إن حلف مع من شهد له بالاقرار فالدية في ماله في ثلث سنين لانها يثبت بإقراره .و إن كان القتل عمدا نظرت فان كان عمدا لا يوجب القود بحال ، مثل أن قتل ولده أو مسلم قتل كافرا ، حلف مع أيهما شاء يمينا واحدة ، لانه إثبات مال و مع أيهما حلف فالدية مغلظة في ماله ، لان من قتل عمدا أو أقر بقتل العمد كانت الدية في ماله ، و إن كان عمدا يوجب القود حلف مع أيهما شاء خمسين يمينا ، لان القتل إذا كان عمدا يوجب القود ، كان الشاهد الواحد لوثا ، حلف الولى خمسين يمينا ، فإذا حلف مع أيهما شاء وجب القود عندنا و عند قوم الدية مغلظة في ماله .و إن ادعى على رجل أنه قتل وليا له و لم يقل عمدا و لا خطأ و أقام شاهدا واحدا فشهد له بما ادعاه ، قال قوم لا يكون لوثا لانه لو حلف مع شاهده لم يمكن الحكم له بيمينه ، لانا لا نعلم صفة القتل فيستوفى موجبه ، فسقطت الشهادة .إذا شهد شاهدان أن أحد هذين قتل هذا كان لوثا يحلف الولى مع من يدعى القتل عليه ، لانه قد ثبت أن القتيل قتله أحدهما فهو كما لو وجد بينهما ، و إذا شهد شاهدان أن هذا قتل أحد هذين ، لم يكن لوثا لان اللوث أن يغلب على الظن صدق ما يدعيه الولى و لكل واحد منهما ولي و لا يعلم أن الشاهدين شهدا له ، فلا يغلب على الظن صدق ما يدعيه فلم يكن لوثا .إذا شهد شاهد على رجل أنه قتل زيدا و شهد عليه آخر أنه قتل عمرا كان لوثا عليهما في حقهما ، لان لولى كل واحد منهما شاهدا يشهد له بما يدعيه عليه ، فكان لوثا عليه في حقهما .إذا كان الرجل ملففا بثوب أو كساء فشهد شاهدان على رجل أنه ضربه فقده باثنين ، و لم يثبتا حياته حين الضرب ، و اختلف الولى و الجانى ، فقال الولى كان حيا حين الضرب و قد قتلته ، و قال الجاني ما كان حيا حين الضرب .قال قوم القول قول الجاني ، و قال آخرون القول قول الولى ، لانه قد تحققت
إذا قتل الرجل عمدا يوجب القود وله أخوان فشهد أحدهما أن أخاه عفى عن القود والمال
حياته قبل الضرب و شككنا في وجودها حين الضرب و الاصل الحيوة فوجب أن يبنى على اليقين كمن تيقن الطهر و شك في الحدث أو تيقن الحدث و شك في المطهر فانه يبنى على اليقين ، و لان الاصل حياته و الجانى يدعى ما لم يكن ، و الاول أقوى ، و هو أن القول قول الجاني لان الاصل براءة ذمته .إذا قتل الرجل عمدا محضا فوجب القود و له وارثان ابنان أو أخوان فشهد أحدهما على أخيه أنه عفا عن القود و المال ، سقط القود عن القاتل ، سواء كان هذا الشاهد عدلا يقبل شهادته أو لا يقبل شهادته ، لان قوله قد عفا عن القصاص اعتراف بسقوط حق نفسه منه ، و إذا سقط حق نفسه منه سقط كله لانه متى أسقط بعض الورثة حقه من القود سقط كله ، و على مذهبنا لا يسقط القود لكنه إن أراد القود لزمه أن يرد بمقدار ما أقر أن أخاه عفا عنه على ما بيناه .قالوا و هذا مثل ما نقوله إن العبد إذا كان بين شريكين موسرين فأقر أحدهما أن شريكه أعتق نصيبه منه ، عتق العبد كله ، لان قوله قد أعتق شريكي نصيبه ، اعتراف منه بأن نصيبه قد انعتق فان الموسر متى أعتق شركا له من عبد عتق نصيبه و نصيب شريكه ، فإذا قال أعتق شريكي نصيبه ، فقد أقر أنه قد عتق نصيب نفسه منه أيضا ، و اعترافه بأن نصيب نفسه قد عتق منه يفيد أن نصيب شريكه قد عتق أيضا لانه لا يجوز أن يعتق نصفه و يبقى نصفه الآخر على الرق ، فلهذا عتق كله .فإذا ثبت أن القود قد سقط بقي الكلام في الدية فأما نصيب الشاهد منها فثابت لانه ما عفا عنها و إنما اعترف بان حقه سقط من القود بغير رضاه ، فثبت له نصيبه من المال ، و قد قلنا إن عندنا لم يسقط نصيبه من القود بشرط رد دية ما أقر بالعفو .فأما نصيب المشهود عليه منها ، فينظر إلى الشاهد فان لم يقبل شهادته حلف المشهود عليه ما عفا عن القصاص والدية ، و استحق نصيبه منها ، و إن كان الشاهد عدلا مقبول الشهادة حلف القاتل مع شاهده و سقط عنه المال ، لان إسقاط المال يثبت بالشاهد و اليمين .
إذا ادعى على رجل أنه جرحه فأنكر وأقام المدعى شاهدين وهما وارثاه
فإذا ثبت أن القاتل يحلف مع شاهده فكيف يحلف ؟ قيل : إنه يحلف لقد عفى عن القود والدية ، قالوا فالقود قد سقط باعتراف الاخ و إنما الكلام في الدية فكيف يحلف القاتل أنه عفا عن القود و المال ، وأى فايدة فيه ؟ قلنا أما عندنا فلم يسقط حقه من القود أصلا باعتراف أخيه ، و إنما هو شاهد واحد ، و من قال سقط ، له جوابان أحدهما يحلف القاتل لقد عفا عن المال ، و يجزيه و منهم من قال يحلف مطلقا أنه قد عفى عن المال ، و الشاهد شهد للقاتل أن أخاه عفى عن القود و المال ، و منهم من قال لابد أن يحلف القاتل أنه قد عفى عن القود والدية لانه قد يعفو عن الدية و لا يسقط حقه منها ، و لا من القصاص .إذا ادعى رجل على رجل أنه جرحه : قطع يده أو رجله أو قلع عينه ، فأنكر و أقام المدعى شاهدين و هما وارثاه : أخواه أو عماه بذلك ، لم يخل الجرح من أحد أمرين إما أن يكون قد اندمل أو لم يندمل ، فان شهدا بعد اندمال الجرح قبلنا و حكمنا بها للمشهود له ، لان شهادته للاخ مقبولة ، و هذه الشهادة بعد الاندمال لا تجر نفعا و لا يدفع بها ضررا ، و إن كانت الشهادة قبل اندمال الجراحة لم تقبل هذه الشهادة لانها متهمان فان الجرح قد يصير نفسا فيجب الدية على القاتل و يستحقها الشاهدان فلهذا لم تقبل .فإذا لم تقبل نظرت فان سرت إلى النفس بطلت الشهادة ، و إن اندمل الجرح لم يحكم بتلك الشهادة لانها وقعت مردودة .فان أعادا الشهادة بذلك قال قوم لا يقبل لانها ردت لاجل التهمة و الشهادة إذا ردت لاجل التهمة لم يقبل فيما بعد ، كما لو ردت لفسقه ، و قال قوم إذا أعادها قبلت و هو الصحيح عندنا ، لانهما حين الشهادة كانا متهما لاجل الميراث و قد زال ما يتهم لاجله بالاندمال ، فوجب أن تقبل .و يفارق الفاسق لان التهمة في نفس الاقامة ، و ههنا التهمة لاجل الميراث و قد زال ، فبان الفصل بينهما .
إذا ادعى على رجل أنه قتل وليا له وأقام شاهدين فشهد شاهدان من عاقلة القاتل بفسق الشاهدين الاولين فيه أبحاث وأقوال 259
إذا ادعى على رجل أنه جرحه فأنكر وأقام المدعى شاهدين وارثين وهناك من يحجبهما
فرع : إذا ادعى مريض على رجل ما لا فأنكر وأقام المدعى شاهدين هما وارثاه
فرع إذا ادعى مريض على رجل ما لا فأنكر المدعى عليه فأقام المدعى شاهدين بذلك أخويه أو عميه و هما وارثاه ، قال قوم لا يقبل لانهما متهمان ، لان المريض قد يموت فيكون المال لهما ، و قال آخرون مقبولة مردودة و هو الاصح عندي لانهما لا يجران منفعة و لا يدفعان مضرة ، لان الحق إذا ثبت ملكه المريض ، فإذا مات ورثاه عن المريض لا عن المشهود عليه ، و ليس كذلك إذا كانت الشهادة بالجناية لانه متى مات المجني عليه وجبت الدية بموته على القاتل يستحقها الشاهدان على المشهود عليه فلهذا ردت .إذا ادعى على رجل أنه جرحه : قطع يده أو رجله و نحو هذا فأنكر المدعى عليه و أقام المدعي شاهدين بذلك و هما أخواه ، و هناك من يحجبهما عن الميراث إن مات مثل أن كان له ابن فشهد له أخواه بالحق قبلناها لانهما لا يتهمان بذلك ثم ينظر فيه .فان مات المشهود له من ذلك قبل موت ابنه حكمنا على المشهود عليه بالدية و إن مات من يحجبهما من الميراث و صارا وارثين لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون قبل الحكم بشهادتهما أو بعده ، فان كان بعد ذلك لم يقدح في شهادتهما ، لان حكم الحاكم إذا نفذ بشهادة لم يقدح فيه تغير الشهود ، كما لو حكم بشهادة عدلين ، ثم فسقا ، فانه لا يغير الحكم ، و إن صارا وارثين قبل الحكم بالشهادة طرحت ، و لم يحكم بها ، لانهما صارا متهمين بعد الاقامة و قبل الحكم بها ، فهو كما لو سمع الحاكم شهادة عدلين ، فقبل الحكم بها فسقا لم يحكم .إذا ادعى على رجل أنه قتل وليا له و أقام المدعى شاهدين بذلك ، فشهد شاهدان من عاقلة القاتل بفسق الشاهدين ، فهل يقبل شهادة العاقلة بما يسقط به شهادة الشاهدين أم لا ؟ فان كان القتل عمدا يوجب القود قبلنا شهادة العاقلة لانهما لا يدفعان ضررا و لا يجران نفعا و إن كانت الشهادة بالاعتراف قبلت شهادة العاقلة أيضا لانها لا تعقل للاعتراف و إن كانت الشهادة على فعل الخطأ فهنا متى ثبت القتل فالدية على العاقلة نظرت .فان كانا غنيين موسرين يصل الضمان إليهما حين حؤول الحول ردت لانهما يدفعان بها ضرر الضمان عن أنفسهما ، و إن كانا فقيرين أو كانا من أباعد العصبات
على صفة لا يصل الضمان إليهما حتى يموت من هو أقرب إلى القاتل ، قبلها قوم وردها آخرون ، و الاول أقوى .و منهم من قال أقبل الا باعد و لا أقبل الاقرب المعسر ، و الفصل أن الاقرب معدود فيمن يعقل ، و إنما خرج بصفة هي الفقر و الاعتبار باليسار و الاعسار حين حؤول الحول ، و قد يكون هذا موسرا حين حؤوله ، فلهذا ردت ، و ليس كذلك الا باعد لانهم ليسوا من العاقلة التي تضمن و لا يعدان من الجملة فلهذا سمعت فبان الفصل بينهما .
إذا سحر رجلا فمات من سحره واعترف بأن سحره يقتل غالبا
إذا قال : أنا ساحر ووصفه بما هو كفر فهل هو مرتد
* فصل * * في حكم الساحر اذا قتل بسحره * هل السحر له حقيقة يقتل به ؟
( فصل ) ( في حكم الساحر إذا قتل بسحره ) السحر له حقيقه عند قوم ، و هو أن الساحر يعقد و يرقى و يسحر فيقتل و يمرض و يكوع الايدى ، و يفرق بين الرجل و زوجته ، و يتفق له أن يسحر بالعراق رجلا بخراسان فيقتله ، و قال قوم لا حقيقة له و إنما هو تخيل و شعبدة ، و هو الذي يقوى في نفسى ، و في رواياتنا أن السحر له حقيقة لكن ما ذكروا تفصيله كما ذكره الفقهاء و لا خلاف بينهم أن تعليمه و تعلمه و فعله محرم لقوله تعالى " و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " فذم على تعليم السحر .و قد روى عن ابن عباس أنه قال ليس منا من سحر أو سحر له ، و ليس منا من تكهن أو تكهن له ، و ليس منا من تطير أو تطير له .فإذا ثبت أنه محرم فالسحر عندهم اسم جامع لمعان مختلفة ، فإذا قال أنا ساحر قلنا صف السحر ، فان وصفه بما هو كفر فهو مرتد يستتاب ، فان تاب و إلا قتل ، و إن وصفه بما ليس بكفر لكنه قال أنا اعتقد إباحته ، حكمنا بأنه كافر يستتاب ، فان تاب و إلا قتل لانه اعتقد إباحة ما أجمع المسلمون على تحريمه ، كما لو اعتقد تحليل الزنا فانه يكفر .و إن قال أنا ساحر أعمل السحر و أعتقد أنه حرام لكنى أعمله ، لم يكفر بذلك و لم يجب قتله ، و قال بعضهم هو زنديق لا يقبل توبته و يقتل ، و قال قوم يقتل الساحر و لم يذكروا هل هو كافر أم لا ، و هو الموجود في أخبارنا و قال قوم السحر آلة يقتل به كالسيف و العصا و غير ذلك .فإذا سحر رجلا فمات من سحره سئل ، فان قال سحرى يقتل غالبا و قد سحرته و قتلته عمدا فعليه القود ، كما لو أقر أنه قتله بالسيف عمدا ، و قال قوم لا قود عليه بناء على أصله أنه لا يقتل إلا إذا قتل بالسيف ، و أما إذا قتل بالمثقل فلا قود لكنه قال إن
إذا اعترف الساحر بأنه يرقى ولكنه لا يؤذى أحدا
إذا اختلفا فقال ولى المقتول أنه مات من سحرك فأنكر الساحر
المسألة بحالها ، واعترف بأن سحره لا يقتل غالبا ، أو قد يقتل وقد لا يقتل
تكرر الفعل منه قتلته حدا لانه بمنزلة الخناق ، و هو من السعي في الارض بالفساد و الاول يقتضيه مذهبنا .و إن قال سحرى لا يقتل غالبا أنه قد يقتل و قد لا يقتل ، و الغالب أنه لا يقتل ، قلنا فهذا عمد الخطاء ، فعليك الدية مغلظة حالة في مالك ، لانها يثبت باعترافك .و إن قال أنا أسحر و أقتل به غالبا و قد سحرت جماعة و قتلتهم به ، و لم يعين أحدا فلا قود عليه ، لانه إذ لم يعين المقتول لم يكن هناك ولي يطالب به ، و القتل بالاقرار إذا عين المقتول و هناك ولي يطالب به ، و ليس ههنا واحد منهم ، و قال قوم أقتله ههنا لانه تكرر الفعل و أقتله حدا و هو قوى على أصلنا .فان قال سحرى يقتل لكنه لا يقتل غالبا و قد سحرت فلانا فمرض من سحري و لكنه مات بسبب آخر سحرى ، أقسم أولياؤه أنه مات منه ، و كانت الدية في ماله إذا كان لازما على فراشه حتى مات ، و إن كان يدخل و يخرج ، فالقول قول الساحر مع يمينه ، و لا دية عليه و هو الاقوى .و جملته أنه إذا سحر رجلا فمرض بسحره ثم مات و اختلفا فقال الساحر مات من سحرى ، و قال الولى بل من سحرك ، فالحكم ، في هذه المسألة كما لو جرح رجلا و بقي مدة يندمل فيها ثم مات ، فاختلفا فقال الولى مات من السراية و قال الجاني اندمل ثم مات ، فقد قلنا إن كان مع الولى بينة أنه لم يزل ضمنا وجعا متألما من ذلك حتى مات ، فالقول قول الولى ، و إن لم يكن له بينة فالقول قول الجاني ، لانه يمكن ما يقول كل واحد منهما ، و الاصل براءة ذمته .فان قال الساحر : أرقى و لكني لا اوذى به أحدا ، نهي فان عاد عزر ، و إن قال أحسن السحر و أعرفه لكنى لا أعمل به فلا شيء عليه ، و قال قوم قد اعترف أنه زنديق و لا توبة له ، و الاول أقوى عندي ، لانه لا دليل على وجوب قتله ، و الاصل براءة الذمة .
* كتاب * * قتال أهل البغى * الاحكام المستنبطة من آية الحجرات على قول الفريقين
( كتاب ) ( قتال أهل البغى ) قال الله تعالى " و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين ( 1 ) " قيل نزلت في رجلين اقتتلا ، و قيل في فئتين ، و ذلك أن النبي صلى الله عليه و آله كان بخطب فنازعه عبد الله بن ابى بن سلول المنافق فعاونه قوم و أعان عليه آخرون ، فأصلح النبي صلى الله عليه و آله بينهم فنزلت هذه الآية ، و الطائفتان الاوس و الخزرج .قالوا في الآية خمس فوايد أحدها أن البغاة على الايمان لان الله سماهم مؤمنين و هذا عندنا باطل لانه إنما سماهم مؤمنين في الظاهر كما قال " و إن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت و هم ينظرون ( 2 ) " و هذه صفة المنافقين بلا خلاف .الثاني وجوب قتالهم فقال " فقاتلوا التي تبغي " و هذا صحيح عندنا .الثالث القتال إلى غاية و هو أن يفيؤا إلى أمر الله بتوبة أو غيرها ، و هذا صحيح لانه قال " حتى تفيئ إلى أمر الله " .الرابعة أن الصلح إذا وقع بينهم فلا تبعه على أهل البغى في دم و لا مال ، لانه ذكر الصلح أخيرا كما ذكره أولا و لم يذكر تبعه ، فلو كانت واجبة ذكرها ، و هذا عندنا صحيح لان التبعة على أهل البغى فيما يتلفونه من نفس و مال على ما سيجئ بيانه و إن لم يذكر في الآية فقد علمناه بدليل آخر . 1 - الحجرات : 9 .2 - الانفال : 6 .
كلام في قتال مانعى الزكاة ، وأنهم كانوا على اسلام
جواز قتال أهل البغى ووجوبه والاستدلال بسيرة الصحابة
الخامس قالوا فيها دلالة على أن من كان عليه حق فمنعه بعد المطالبة به حل قتاله ، فان الله تعالى لما أوجب قتال هؤلاء لمنع حق كان كل من منع حقا بمثابتهم ، و على كل أحد قتالهم ، و هذا ليس بصحيح عندي ، لان هذا خطاب للائمة دون آحاد الامة و ليس من حيث قال " فقاتلوا التي تبغي " فأتى بلفظ الجمع ينبغى أن يتناول الجميع لان ذلك يجرى مجرى قوله " و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما ( 1 ) " و لا خلاف أن هذا خطاب للائمة و نحن و إن وجبت علينا طاعة الامام في قتال هؤلاء ، فان قتالنا تبع لقتال الامام ، و ليس لنا الانفراد بقتالهم .و روى ابن عمر و سلمة بن الاكوع و أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه و آله قال : من حمل علينا السلاح فليس منا ، و روى عنه أنه قال : من خرج عن الطاعة و فارق الجماعة فميتته جاهلية ، و روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و آله قال من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الاسلام عن عنقه ، و روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و آله قال من خلع يده من طاعة الامام جاء يوم القيمة لا حجة له عند الله ، و من مات و ليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية .و لا خلاف أيضا أن قتال أهل البغى واجب جايز و قد قاتل أبو بكر طائفتين قاتل أهل الردة قوما ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه و آله ، و قاتل مانعي الزكاة و كانوا مؤمنين ، و إنما منعوها بتأويل ، يدل على ذلك أن أبا بكر لما ثبت على قتالهم قال عمر كيف تقاتلهم و قد قال النبي عليه و آله السلام أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم و أموالهم إلا بحقها ، و حسابهم على الله ، فقال أبو بكر و الله لا فرقت بين ما جمع الله ، هذا من حقها لو منعونى عناقا مما يعطون رسول الله لقاتلتهم عليها .فموضع الدلالة أن عمر توقف عن قتالهم لكونهم مؤمنين ، و أيضا فان القوم لما أسروا ، قالوا و الله ما كفرنا بعد إسلامنا و إنما شححنا على أموالنا ، و قالوا حين منعوا قال الله " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها وصل عليهم إن صلوتك 1 - المائدة : 38 .
شرائط قتال أهل البغي ثلاثة
مقاتلة على عليه السلام في الجمل وصفين ونهروان مع أهل البغي
سكن لهم " جعل الله صلوة النبي سكنا لنا و ليس صلوة ابن أبى قحافة سكنا لنا ، و كل هذا دليل على إسلامهم .و قد قال شاعرهم : أطعنا رسول الله ما كان بيننا فيا عجبا ما بال ملك أبى بكر فأخبروا أنهم أطاعوا رسول الله ، ثبت أنهم كانوا مؤمنين ، فإذا ثبت قتال مانعي أهل الزكوة كان قتال أهل البغى بذلك أولى .و أيضا فلا أحد من الامة يفرق بين المسئلتين ، و قد قاتل على عليه السلام ثلث طوايف قاتل أهل البصرة يوم الجمل عائشة و طلحة و الزبير و عبد الله بن الزبير و غيرهم .و روى جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن الحسين عليهم السلام قال : دخلت على مروان بن الحكم فقال ما رأيت أحدا أكرم غلبة من أبيك ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادي مناديه لا يقتل مدبر و لا يدنف على جريح .و قاتل أهل الشام و معاوية و من تابعه و قاتل أهل النهروان و الخوارج و هؤلاء كلهم عندهم محكوم بكفرهم ، لكن ظاهرهم الاسلام و هم عندهم مسلمون ، لكن قاتلوا الامام العادل ، فان الامامة كانت بعد عثمان لعلى عليه السلام بلا خلاف ، و كل من خالفه فقد بغى عليه و خرج عن قبضة الامام و وجب قتالهم ، و تسميتهم البغاة عندنا ذم لانه كفر عندنا و قال بعضهم ليس بذم و لا نقصان ، و هم أهل الاجتهاد اجتهدوا فأخطاؤا بمنزلة طائفة خالفوا من الفقهاء لانهم مؤمنون عندهم قاتلوا بتأويل سائغ و قد قلنا إن هؤلاء كفار و هذا التأويل خطأ كبير لا يسوغ على حال .و لا يجب قتال أهل البغى و لا تتعلق بهم أحكامهم إلا بثلث شروط : أحدها أن يكونوا في منعة لا يمكن كفهم و تفريق جمعهم إلا بإنفاق و تجهيز جيوش و قتال ، فأما إن كانوا طائفة قليلة و كيدها كيد ضعيف ، فليسوا بأهل البغى ، فأما قتل عبد الرحمن بن ملجم أمير المؤمنين عليه السلام عندنا كفر و تأويله نافع له ، و عندهم هو و إن تأول فقد أخطأ و وجب قتله قودا .
بعث على عليه السلام عبدالله بن عباس إلى الخوارج للمحاجة معهم
لا يجوز قتال أهل البغي إلا بعد إرسال من يناظرهم ويجيب لهم عما ينقمون
و الثاني أن يخرجوا عن قبضة الامام منفردين عنه في بلد أو بادية فأما إن كانوا معه و في قبضته فليسوا أهل البغى ، و روى أن عليا عليه السلام كان يخطب فقال رجل من باب المسجد لا حكم إلا لله تعريضا بعلي أنه حكم في دين الله ، فقال على عليه السلام كلمة حق يريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث ألا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله و لا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا و لا نبدأكم بقتال ، فقال ما دامت أيديكم معنا يعنى لستم منفردين .و الثالث أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم ، و أما من باين و انفرد بغير تأويل فهؤلاء قطاع الطريق حكمهم حكم المحاربين ، و ليس من شرط قتالهم أن ينصبوا لانفسهم إماما لان الله تعالى لم يذكر ذلك حين أوجب قتالهم ، و قال بعضهم نصب الامام شرط و هو ضعيف عندهم .فكل موضع حكم بأنهم بغاة لم يحل قتالهم حتى يبعث الامام من يناظرهم و يذكر لهم ما ينقمون منه ، فان كان حقا بذله لهم ، و إن كان لهم شبهة حلها ، فإذا عرفهم ذلك فان رجعوا فذاك و إن لم يرجعوا إليه قاتلهم لان الله تعالى أمر بالصلح قبل الامر بالقتال ، فقال : فأصلحوا بينهم فان بغت فقاتلوا ، ثبت أنهم لا يقاتلون قبل ذلك .و روي عن على عليه السلام أنه لما أراد قتال الخوارج بعث إليهم عبد الله بن عباس ليناظرهم فلبس حلة حسنة و مضى إليهم فقال هذا على بن أبى طالب ابن عم رسول الله و زوج ابنته فاطمة و قد عرفتم فضله فما تنقمون منه ؟ قالوا قلنا حكم في دين الله و قتل و لم يسب ، فاما أن يقتل و يسبي أولا يقتل و لا يسبي ، إذا حرمت أموالهم حرمت دماؤهم و الثالث محى اسمه من الخلافة .فقال ابن عباس إن خرج عنها رجعتم إليه ؟ قالوا : نعم ، قال ابن عباس أما قولكم حكم في دين الله تعنون الحكمين بينه و بين معاوية ، و قد حكم الله في الدين قال " و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها " و قال " يحكم به ذوا عدل
منكم " فحكم في أرنب قيمته درهم ، فبأن يحكم في هذا الامر العظيم أولى ، فرجعوا عن هذا .قال و أما قولكم كيف قتل و لم يسب فأيكم لو كان معه فوقع في سهمه عائشة زوج النبي صلى الله عليه و آله كيف يصنع ؟ و قد قال الله عز و جل " و لا تنكحوا أزواجه من بعده أبدا " قالوا رجعنا عند هذا .قال و قولكم محى اسمه من الخلافة تعنون انه لما وقعت المواقفة بينه و بين معوية كتب بينهم " هذا ما واقف أمير المؤمنين على معوية " قالوا له لو كنت أمير المؤمنين ما نازعناك فمحى اسمه .فقال ابن عباس إن كان محى اسمه من الخلافة فقد محا رسول الله اسمه من النبوة لما قاضا صلى الله عليه و آله سهيل بن عمرو بالحديبية ، كتب الكتاب على " هذا ما قاضى عليه رسول الله سهيل بن عمرو " فقال إنه لو كنت رسول الله ما خالفناك فقال النبي صلى الله عليه و آله لعلى : امحه فلم يفعل فقال لعلى أرنيه فأراه فمحاه النبي عليه و آله السلام باصبعه ؟ فرجع بعضهم ، و بقى منهم أربعة ألف لم يرجعوا فقاتلهم على عليه السلام فقتلهم .فثبت أنهم لا يبدؤون بالقتال حتى يعرض عليهم الاجابة ، كمن لم يبلغه الدعوة و روى عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال الخوارج كلاب أهل النار .إذا انقضت الحرب بين أهل العدل و البغى إما بالهزيمة أو بأن عادوا إلى طاعة الامام ، و قد كانوا أخذوا الاموال و أتلفوا و قتلوا ، نظرت فكل من وجد عين ماله عند غيره كان أحق به ، سواء كان من أهل العدل أو أهل البغى ، لما رواه ابن عباس أن النبي عليه السلام قال المسلم أخو المسلم لا يحل دمه و ماله إلا بطيبة من نفسه ، و روى أن عليا عليه السلام لما هزم الناس يوم الجمل قالوا له : يا أمير المؤمنين ألا تأخذ أموالهم قال لا ، لانهم تحرموا بحرمة الاسلام فلا يحل أموالهم في دار الهجرة .و روى أبو قيس أن عليا عليه السلام نادى من وجد ماله فليأخذه ، فمر بنا رجل فعرف قدرا يطبخ فيها فسألناه أن يصبر حتى ينضج فلم يفعل و رمى برجله فأخذها و قد روى أصحابنا أن ما يحويه العسكر من الاموال فانه يغنم ، و هذا يكون إذا لم يرجعوا
إذا كان أهل البغي قليلة لا يمنع أخذهم عند إرادتهم
بيان الردة وأن أهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا على ضربين
إذا اقتتلوا فيما بينهم قبل أن يقاتلهم الامام
إلى طاعة الامام ، فأما إن رجعوا إلى طاعته فهم أحق بأموالهم .فأما ما كان قتلا و إتلافا نظرت فان كان في حال القتال مثل أن كان قبل الحرب أو بعدها فالضمان على من أتلف ذلك ، دما كان أو ما لا ، لانه ليس في تضمينه تنفير أهل البغى عن الدخول في الطاعة .و إن كان هذا الاتلاف و الحرب قائمة نظرت فان كان المتلف من أهل العدل فلا ضمان عليه لان الله تعالى أوجب على أهل العدل قتالهم فكيف يوجب القتال و يوجب الضمان على القاتل ، و أما إن كان المتلف من أهل البغى ، فان كان ما لا فعلى من أتلفه الضمان عندنا ، و قال بعضهم لا ضمان عليه ، و إن كان قتلا يوجب القود فعليه القود عندنا ، و منهم من قال لا قود عليه و يجب الدية ، و فيهم من قال لا قود و لا دية .و إذا اقتتلوا فيما بينهم قبل أن يقاتلهم الامام فلا ضمان عليهم ، و من قال لا ضمان عليهم بحال ادعى الاجماع ، و هذا ليس بصحيح ، لانا نحن ننازع فيه ، و مالك يخالف فيه ، و قد خالف فيه أبو بكر فانه قال في الذين قاتلهم يدون قتلانا و لا ندين قتلاهم قالوا رجع عنه فان عمر قال له أصحابنا عملوا لله و أجرهم على الله و إنما الدنيا بلاغ قلنا ليس هذا رجوعا و إنما هو ترك ما لهم في جنب الله .و لا خلاف أن الحربي إذا أتلف شيئا من أموال المسلمين و نفوسهم ثم أسلم فانه لا يضمن و لا يقاد به و الكلام في المرتدين و الحكم في تضمينهم على ما فصلناه في أهل البغى سواء أتلفوا قبل القتال أو بعده ، فعليهم الضمان ، و إن كان الاتلاف حال الحرب فعليهم الضمان عندنا و عند قوم لا ضمان عليهم مثل أهل البغى .أهل الردة بعد رسول الله ضربان منهم قوم كفروا بعد إسلامهم مثل مسيلمه و طليحة و العنسي و أصحابهم و كانوا مرتدين بالخروج من الملة بلا خلاف .و الضرب الثاني قوم منعوا الزكوة مع مقامهم على الاسلام و تمسكهم به ، فسموا كلهم أهل الردة ، و هؤلاء ليسوا أهل ردة عندنا و عند الاكثر .و الردة في اللغة ترك حق كانوا مقيمين عليه متمسكين به فكل من فعل هكذا
إذا عاد أهل البغي إلى الطاعة أو قعدوا وألقوا السلاح أو انهزموا فهل يتبع مدبرهم ويدنف على جريحهم
إذا كانت كثيرة ذات منعة لكنهم ما خرجوا عن قبضة الامام
فهو مرتد عنه فذلك الحق الذي ارتدوا عنه ينقسم فمنه خروج عن الملة بالكفر و هو ترك حق ، و منه ترك حق مع المقام على الملة كمنع الزكوة و نحو ذلك ، و قد بينا أن ما يجرى هذا المجرى لا يسمى به مرتدا كما أن من وجب عليه الدين فمنعه مع المطالبة لا يسمى مرتدا .و قال قوم كانوا مرتدين لانهم استحلوا منع الزكوة و من استحل متعمدا منعها كفر ، و هذا ليس بصحيح لانا بينا أنهم ما استحلوها و إنما منعوها لشبهة .قد ذكرنا أن أهل البغى الذين يتعلق بهم أحكام البغاة أن يكونوا في منعة يحتاج في فلهم و تفرقة جمعهم إلى إنفاق الاموال و تجهيز الجيوش ، فأما إن كانت الفئة قليلة لا يمنع أخذها عند إرادتها لم يتعلق بهم أحكام أهل البغى ، و كانوا كغير المتأولين يقام عليهم الحدود ، و يستوفى منهم الحقوق .و روى جعفر بن محمد عليه السلام أن عليا قال في ابن ملجم بعد ما ضربه أطعموه و أسقوه و أحسنوا إساره ، فان عشت فأنا ولي دمى أعفو إن شئت و إن شئت استقدت ، و إن مت فقتلتموه فلا تمثلوا ، فكان هذا منه عليه السلام عندنا تفضلا و إحسانا ، و إلا فقد بينا أنه كافر بما فعله ، و عندهم تأويله لم ينفعه أيضا .و أما إن كانت كثيرة ذات منعة لكنهم ما خرجوا عن قبضة الامام فتأولوا و أتلفوا ضمنوا ، و أقيمت عليهم الحدود ، لما روى أن عليا عليه السلام استعمل على قوم نابذوه واليا فسمعوا له ما شاء الله ، ثم قتلوه فأرسل إليهم أن ادفعوا إلينا قاتله فنقتله به فقالوا : كلنا قاتله ، قال : فاستسلموا بحكم الله عليكم ، قالوا لا ، فسار إليهم فقاتلهم و أصاب أكثرهم فثبت أن الخروج عن قبضة الامام شرط ، و لانهم إذا كانوا في قبضته و تحت يده و حكمه يجري عليهم ، لم يؤد استيفاء الحقوق منهم إلى تنفيرهم و منعهم من المتابعة ، لان القوم في قبضته .إذا عاد أهل البغى إلى الطاعة و تركوا المباينة حرم قتالهم ، و هكذا إن قعدوا فألقوا السلاح ، و هكذا إن ولوا منهزمين إلى فئة ، الحكم في هذه المسائل الثلاث
الخوارج وأحكامهم وسيرة على عليه السلام فيهم
واحد لا يقتلون و لا يتبع مدبرهم ، و لا يدنف على جريحهم بلا خلاف فيه ، لقوله تعالى " فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله " فأوجب القتال إلى غاية و قد وجدت ، فوجب أن يحرم قتالهم .فأما إن ولوا منهزمين إلى فئة لهم يلتجئون إليها فلا يتبعون أيضا ، و قال قوم يتبعون و يقتلون ، و هو مذهبنا ، لانا لو لم نقتلهم ربما عادوا إلى الفئة ، و اجتمعوا و رجعوا للقتال .آحاد أهل البغى متى أتلفوا ضمنوا ، و إن أتلف جماعتهم و الحرب قائمة ، قال قوم يضمنون و هو مذهبنا ، و قال آخرون لا يضمنون .قالوا و الفرق بينه و بين الجماعة أن الجماعة متى ضمنت ما أتلفت أدى إلى التنفير عن الرجوع إلى الحق ، و هذا ساقط في حق واحد و هذا ينتقض بالواحد ، لانا متى ضمناه أدى إلى تنفيره .الخوارج هم الذين يعتقدون أن من أتى كبيرة شرب الخمر و الزنا و القذف فقد كفر ، و صار مخلدا في النار ، فإذا ظهر قوم رأيهم رأى الخوارج أو مذهبهم و امتنعوا من الجماعات ، و قالوا لا نصلى خلف إمام كافر لم يجز قتلهم و قتالهم على هذا ما داموا في قبضة الامام بلا خلاف ، لما رواه ابن عباس أن عليا عليه السلام بينما يخطب إذ سمع تحكيما من ناحية المسجد " لا حكم إلا لله " فقال على عليه السلام لا حكم إلا لله كلمة حق أريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، و لا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا ، و لا نبدأكم بقتال و لم يزد على هذا .و روى أن ابن ملجم أتى الكوفة لقتل على عليه السلام ففطن به و اتى به إلى على فقيل له إنه يريد قتلك ، فقال على عليه السلام لا أقتله قبل أن يقتلنى ، و لانهم إذا كانوا مع الامام و تحت قبضته و أحكامه تجري عليهم ، لم يحل قتالهم ، و إن كانوا معتقدين خلاف قوله ، ألا ترى أن المنافقين كانوا على عهد النبي عليه و آله السلام معروفين مشهورين بأعيانهم و أنسابهم و أسمائهم ، و ينزل فيهم القرآن ، و لم يقتلهم النبي صلى الله عليه و آله
حكم النساء والصبيان والعبيد التى يقاتلون مع أهل البغى في صفهم
إذا قتل الخارجى رجلا من المسلمين فهل يتحتم عليه القصاص
إذا انحاز الخوارج وسبو الامام أو عرضوا به
و إن كان يعلم منهم ما يعتقدونه ، وكف عنهم لاظهار الشهادتين فرفع السيف عنهم بهذا الظاهر ، و لم يتعرض لم يستنبطونه .فإذا ثبت هذا نظرت فان صرحوا بسب الامام عزروا عندهم لمعنيين : أحدهما لو سب الامام عزر ، فبأن يعزر إذا سب الامام كان أولى ، و لان فيه تقصيرا في حقه ، و عندنا يجب قتلهم إذا سبوا الائمة ، و إن لم يصرحوا له بالسب لكنهم عرضوا له به عزروا .و قال قوم لا يعزرون لان عليا عليه السلام لما سمع قول القائل " لا حكم إلا الله " يعنى حكمت في دين الله لم يعزره ، و الاول مذهبنا لانه لو عرض بالقذف عزر كذلك إذا عرض بالشتم و السب وجب أن يعزر و لانه إن لم يعزر أفضي إلى التصريح .فإذا تقرر أنهم لا يقتلون ما داموا في قبضة الامام فان بعث الامام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا صاحبا للامام الوالي ، و كان القتل مكابرة ظاهرة في جوف البلد ، فعليهم القود ، لما روى أن عليا عليه السلام بعث عبد الله بن خباب عاملا على الخوارج بالنهروان فقتلوه ، فأرسل إليهم أن ادفعوا إلينا قاتله لنقتله به ، فلم يفعلوا ، و قالوا كلنا قتله ، فقال استسلموا بحكم الله عليكم فأبوا فسار إليهم فقاتلهم و أصاب أكثرهم .و إذا تقرر أنا نقتله قصاصا فهل يتحتم القصاص أم لا ؟ قال قوم يتتحم لانهم و إن كانوا معه في البلد فقد شهروا السلاح معاندين ، و قتلوه ، فهم كقطاع الطريق سواء و هذا مذهبنا ، و قال آخرون لا يتحتم ، و لولى القتل أن يعفو عن القتل لان قطاع الطريق متى شهروا السلاح و أخافوا السبيل لقطع الطريق و أخذ أموال الناس فقتلهم متحتم و هؤلاء قتلوه جهرا لغير هذا فلم يتحتم عليهم القود .إذا حضر النساء و الصبيان و العبيد القتال مع أهل البغى ، قوتلوا مع الرجال و إن أتى القتل عليهم ، لان العادل يقاتل أهل البغى في حكم الدافع عن نفسه و ماله و لو قصدها له و أعانته إمرأة له أو عبد له أو غلام مراهق كان له قتله ، و إن أتى القتل عليه .
إذا سأل أهل البغى الانظار وتأخير القتال فهل ينظرون
إذا وقع أسير من أهل البغى في أيدى أهل العدل
إذا وقع أسير من أهل البغى في أيدي أهل العدل ، فان كان من أهل القتال ، و هو الشاب و الجلد الذي يقاتل ، كان له حبسه و لم يكن له قتله ، و قال بعضهم له قتله و الاول مذهبنا .فإذا ثبت أنه لا يقتل فانه يحبس ، و تعرض عليه المبايعة ، فان بايع على الطاعة و الحرب قائمة ، قبل ذلك منه و أطلق ، و إن لم يبايع ترك في الحبس ، فإذا انقضت الحرب فان أتوا تائبين أو طرحوا السلاح و تركوا القتال أو ولوا مدبرين إلى فئة أطلقناه ، و إن ولوا مدبرين إلى فئة لا يطلق عندنا في هذه الحالة ، و قال بعضهم يطلق لانه لا يتبع مدبرهم ، و قد بينا أنه يتبع مدبرهم إذا ولوا منهزمين إلى فئة .و إن كان الاسير من أهل القتال كالنساء و الصبيان و المراهقين و العبيد قال قوم لا يحبسون بل يطلقون ، لانهم ليسوا من أهل المبايعة ، و قال بعضهم يحبسون كالرجال الشباب سواء ، و هو الاقوى عندي ، لان في ذلك كسرا لقلوبهم ، و فلا لجمعهم و هكذا الحكم فيمن لا يقاتل كالزمن و الشيخ الفانى الحكم فيه كالحكم في النساء و الصبيان سواء .إذا سأل أهل البغى الانظار و تأخير القتال نظرت ، فان سألوا إنظارهم زمانا قليلا كاليوم و نحو ذلك أنظرهم ليدبروا و يتفكروا في الطاعة ، لانه من المصلحة ، و إن سألوا الانظار مدة طويلة كالشهر و نصف الشهر و نحو هذا ، بحث الامام عن هذا و نظر فيه ، فان علم أنها مكيدة و تدبير على القتال و التجمع لذلك ، عاجلهم بالقتال حذرا أن يتم عليهم منهم ما يتعبه و ربما وقع الظفر به ، و إن علم أن القصد التكفؤ و التدبير في الطاعة ، و رجا دخولهم في طاعته أنظرهم لانها مصلحة .و متى قلنا لا يمهلهم فسألوه الانظار ببذل مال بذلوه لم يجز أخذ المال على تأخير قتالهم ، و هو لا يأمن قوتهم و اشتداد شوكتهم ، لان المال إنما يؤخذ على ترك القتال ذلة و صغارا ، و لا صغار على المسلمين و لانه ربما أنفق أكثر مما يأخذ منهم .فان سألوا الانظار ببذل الرهاين من أولادهم و نحو هذا لم يجز له تأخير القتال
إذا استعانوا بأهل الحرب وعقدوا لهم ذمة أو أمانا
إذا استعان أهل البغى على قتال أهل العدل بالمشركين
إذا كان عندهم أسير من أهل العدل وضمنوا عند الصلح تخليته وأعطوا بذلك رهائن فيه ابحاث وفروع
لانه ربما قويت شوكتهم ، فإذا قاتلونا لم يحل لنا قتل الرهاين ، لان الجاني غيرهم فلهذا لم نأخذ الرهاين .و إن كان في أيدي أهل البغى أسير من أهل العدل ، فطلبوا الصلح من أهل العدل و الحرب قائمة ، و ضمنوا تخلية من عندهم من الاسرى ، و أعطوا بذلك رهائن قبلت الرهاين ، و استوثق للمسلمين ، ثم ينظر فان أطلقوا من في أيديهم من الاسارى أطلق اساراهم ، و إن قتلوا الاسارى لم يقتل اساراهم لان القاتل غيرهم ، ثم ينظر فيهم فان كانت الحرب قائمة لم يطلق الاسارى ، فإذا انقضت الحرب أطلقوا رهاينهم كما يطلق أسيرهم سواء .إن خاف على الفئة العادلة الضعف لقلتها ، و خاف أن تنالهم نكبة من أهل البغى كان له الانظار حتى يشتد شوكته ، و يقوى أمره ، و يكثر جنده ، لانه لا يأمن إن قاتلهم أن يهزموه و ربما استأصلوا شأفئة ، فلهذا كان له إنظارهم .إذا استعان أهل البغى على قتال أهل العدل بالمشركين لم يخل من ثلثة أحوال إما أن يستعينوا بأهل الحرب أو بأهل الذمة أو بالمستأمنين .فان استعانوا بأهل الحرب و عقدوا لهم ذمة أو أمانا على هذا ، كان ما فعلوه باطلا لا ينعقد لهم أمان ، و لا يثبت لهم ذمة ، لان من شرط صحة عقد الذمة أن يبذلوا الجزية و يجرى عليهم أحكامنا ، و لا يجتمعوا على قتال المسلمين ، فإذا كان هذا شرطا في صحة عقد الذمة ، لم يجز الذمة بشرط قتال المسلمين .و أيضا لو كان لهم عهد و ذمة مؤبدة فقاتلوا المسلمين انتقض عهدهم ، فبأن لا يثبت لهم ذمة بهذا الشرط أولى ، و أيضا عقد الامان يقتضي الكف عنا و أن نكف عنهم و هذا شرط أن لا يكف بعضنا عن بعض ، و هذا يبطل العهد .فإذا ثبت أنه لا ينعقد لهم أمان و لا عهد ، فإذا أعانوا أهل البغى على قتال أهل العدل ، كانوا كالمنفردين عنهم بالقتال ، يقاتلون و يقتلون ، مقبلين و مدبرين كأهل الحرب سواء ، فان وقعوا في الاسر كان الامام مخيرا فيهم بين المن و القتل و الاسترقاق و الفداء .
بل ليس لاهل البغى أن يتعرضوا لهم ، لا لان الامان صح لهم لكن لانهم قد بذلوا لهم الامان ، و إن كان فاسدا لزمهم الكف عنهم لسكونهم إليهم و اعتمادهم على قولهم .قالوا أ ليس عندكم أن عقد الامان يصح من آحاد المسلمين كيف لم يصح من أهل البغى ؟ قلنا لم يصح لمعنى آخر ، و هو أنهم شرطوا ما يبطله .و أما إن استعانوا بأهل الذمة فعاونوهم و قاتلوا معهم فهل ينتقض ذمتهم أولا ؟ نظرت ، فان ادعوا عذرا و ذكروا شبهة ، فان قالوا ما قاتلناكم طائعين بل مكرهين مقهورين ، فالقول قولهم ، و هكذا لو قالوا القتال مع أهل البغى ظننا أن طائفة من المسلمين إذا طلبوا المعونة إعانتهم جائزة ، فالقول قولهم ، و كان هذا شبهة في بقاء ذمتهم ، و ثبوت عهدهم .و أما إن قاتلوا عالمين بذلك فانه ينتقض ذمتهم عندنا ، و قال قوم لا ينتقض و الاول اصح لانهم لو انفردوا بقتال أهل العدل نقضوا العهد ، فكذلك إذا قاتلوهم مع أهل البغى .هذا إذا لم يشترط في أصل العهد لهم الكف عن القتال نطقا فأما إن كان مشروطا نطقا و خالفوه نقضوا الذمة ، فكل موضع قلنا انتقض العهد فهل يقتلون أو يسبون أو يردون إلى دار الحرب ؟ قد بيناه في السير ، و متى قلنا ما انتقض عهدهم فهم كأهل البغى لا يتبع مدبرهم و لا يدفف على جريحهم كأهل البغى سواء .فاما إن أتلفوا نفوسا و أموالا ضمنوها عندنا كما قلنا في أهل البغي ، و من قال لا ضمان على أهل البغى أوجب على أهل الذمة الضمان ، و الفرق بينهما أن الله أمرنا بالصلح بين الطائفتين و لم يذكر ضمان الدم و المال ، و الطائفتان مؤمنتان ، و ليسوا هيهنا كذلك ، و الفرق الآخر أن الضمان سقط من أهل البغى لان في تضمينهم تنفيرهم و بقائهم على المخالفة و المباينة و لهذا سقط عنهم الضمان ، و ليس كذلك أهل الذمة ، لانا قد أمنا هذا فيهم فلا يخاف تنفيرهم و لا مقامهم على المعانده ، فلهذا ضمناهم .
للامام أن يستعين على قتال أهل الحرب بالمشركين بشرطين
هل يجوز الاستعانة عليهم بأهل الذمة
هل يجوز للامام أن يستعين عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين
إذا استعانوا بمن له أمان إلى مدة فقاتلوا معهم والفرق بينهم وبين اهل الذمة
و أما إن استعانوا بمن له أمان إلى مدة فقاتلوا معهم انتقض أمانهم ، فان ذكروا أنهم اكرهوا على ذلك و أقاموا البينة على ذلك كانوا على العهد ، و إن لم يقيموا بينة انتقض أمانهم .و الفرق بينهم و بين أهل الذمة أن عقد الذمة أقوى و أوكد في بابه من عقد الامان ، بدليل أن الامان إلى مدة و الذمة مؤبده و لان على الامام أن يكف عن أهل الذمة من يقصدهم كما يكف عن المسلمين من يقصدهم سواء و ليس كذلك المستأمن لان الامام يكف عنه من يجرى عليه أحكامنا فأما أهل الحرب فلا يكفه عنهم ، فلما كانوا أقوى جاز أن تبقي الذمة مع هذه المعاونة ، و لا يبقى عقد الامان مع هذه المعاونة لا يجوز للامام أن يستعين على قتال أهل البغى بمن يرى قتالهم مدبرين ، و يجهز على جريحهم و يقتل أسيرهم ، لان قتلهم مدبرين ظلم و عدوان ، فلا يستعين بمن يتعدى و يظلم ؟ فان احتاج إلى الاستعانة بهم لم يجز إلا بشرطين أحدهما ألا يجد من يقوم مقامهم و الثاني أن يكون مع الامام عدة و قوة متى علم منهم قتلهم و قصدهم مدبرين أمكنه كفه عنهم ، فان عدم الشرطان أو أحدهما فلا يستعين بهم .فأما إن استعان عليهم بأهل الذمة فلا يجوز بحال لانه إذا لم يستعن عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين مع اعتقاده الايمان فبأن لا يستعين عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين و هو يخالفهم في الدين و يعتقد قتلهم طاعة أولى ، لانهم يرون قتلهم ديانة و طاعة و قربة فلا يستعين عليهم بمن يرى هذا فيهم ، و لان القصد فلهم و تفريق جمعهم دون قتلهم و إهلاكهم .فلا يستعان عليهم بمن يبلغ المقصود فيهم .للامام أن يستعين على قتال أهل الحرب بالمشركين ، فان رسول الله صلى الله عليه و آله قد فعل هذا لانه استعار من صفوان سبعين درعا عام الفتح و خرج معه إلى هوازن ، و كان مشركا ، و استعان بغيره من المشركين .و لا يجوز إلا بشرطين : أحدهما أن يكون المستعان به حسن الرأي في الاسلام و الثاني أن يكون بالامام من القوة ما لو صار أهل الشرك الذين معه مع أهل الحرب
هل يسوغ للامام أن يقاتل أهل البغى بالنار أو المنجنيق
إذا افترق أهل البغي طائفتين ثم اقتتلت الطائفتان بينهم
في مكان واحد أمكنه دفع الجميع عن نفسه ، لان النبي صلى الله عليه و آله هكذا فعل : استعان بمن كان حسن الرأي في الاسلام ، لان هوازن غلبت في أول النهار و انهزم أصحاب النبي عليه و آله السلام فقال رجل غلبت هوازن و قتل محمد فقال له صفوان بن أمية بفيك الحجر لرب من قريش أحب إلينا من رب من هوازن ؟ و وقف رسول الله صلى الله عليه و آله و تراجع الناس ، ثبت بهذا أنه استعان بمن له الرأي الحسن في الاسلام .إذا افترق أهل البغى طائفتين ثم اقتتلت الطائفتان الباغيتان ، فان كان للامام به قوة و منة على قهرهما فعل ، و لم يكن له معاونة احداهما على الاخرى ، لان كل واحدة منهما على الخطاء و الاعانة على الخطأ من حاجة خطاء ، و لان معاونة احداهما كالأَمان لهم مع مقامهم على البغى ، و لا يجوز عقد الامان لاهل البغى .فإذا ثبت أن هذا لا يسوغ ، قاتلهما معا حتى يعود ا إلى الطاعة ، و إن علم من نفسه أنه يضعف عنهما و لا يأمن أن يجتمع الطائفتان معا عليه ، كان له أن يضم احداهما إلى نفسه و يقاتل الاخرى ، ينوى بقتالهم كسرها و منعها عن البغى ، و لا ينوى معاونة من يقاتل معها ، فإذا ثبت أنه يقاتل مع احداهما فانه يقاتل مع التي هي إلى الحق أقرب ، فان كانا في التأويل سواء قاتل مع التي يرى المصلحة له في القتال معها ، فإذا انهزمت تلك الطائفة أو أطاعته لم يكن له قتال التي قاتل معها حتى يدعو إلى الاجابة و يعذر إليها ، لان قتاله معها يجرى مجرى الامان لها .لا يسوغ للامام العادل أن يقاتل أهل البغى بالنار ، و لا أن ينصب عليهم المنجنيق لانه إنما له أن يقاتل من أهل البغى من يقاتله منهم دون من لا يقاتله ، فلو حرقهم بالنار و رماهم بحجر المنجنيق ، لم يؤمن أن يقتل من لا يحل قتله .و إن اضطر إلى ذلك ساغ ذلك له ، و إنما يضطر إليه في موضعين : أحدهما على سبيل المقاتلة ، و هو أن يقاتلوه بذلك فيقاتلهم به على سبيل الدفع عن نفسه ، و الثاني أن يحاصروه من كل جانب فلا يمكنه دفع أحد منهم إلا بهذه الآلة فحينئذ يقاتلهم به ليجعل لنفسه طريقا يخرج به من وسطهم .
فرع : إذا طالب الساعى رب المال بالزكاة فادعى أنه لا يجب عليه شئ
إذا غلب أهل البغى على بلد فجبوا الصدقات وأخذوا الخراج فهل تقع موقعها
إذا غلب أهل البغى على بلد فجبوا الصدقات و أخذوا الجزية و استأدوا الخراج وقع ذلك موقعه عند الفقهاء ، لان عليا عليه السلام قد هزم الناس بالبصرة و بصفين و لم ينقل عنه أنه لم يعتد بما فعلوه ، و لا استدرك عليهم ، و عندنا لا يقع ذلك موقعه ، أن للامام أن يجيزه ، لانه إن أخذ منهم مرة اخرى أدى ذلك إلى الاضرار بالناس ، فلذلك أجاز على عليه السلام ذلك .و أما الحدود إذا أقاموها فلا تعاد مرة اخرى لما ذكرناه ، فإذا زالت أيديهم عنه و ملكه أهل العدل طالبهم العادل بذلك ، فان ذكروا أنه استوفي منهم فان اقاموا البينة به نفذها ، و إن لم يكن به بينة أما الصدقات إذا ادعى رب المال أنها قبضت منه ، فالقول قوله مع يمينه لانه أمين ، و هذه اليمين على الوجوب عند قوم و عند آخرين على الاستحباب .و هكذا إذا طالب الساعي رب المال بالزكوة فادعى أنها لا يجب عليه أو قد استوفيت منه ، فان كان قوله لا يخالف الظاهر مثل أن قال قد حال الحول على مالك فقال رب المال ما حال ، فالقول قوله مع يمينه استحبابا لان قوله لا يخالف الظاهر ، لان الاصل أن الحول ما حال ، و إن كان قوله مخالفا للظاهر مثل أن قال قد حال الحول على مالك فقال انقطع الحول في أثناء الحول ، لانى بعتها ثم اشتريتها أو قال قد حال الحول و قد أخذ الزكوة منمى ، ساع قبلك ، فالقول قوله لانه أمين .و هل اليمين واجبة أو مستحبة ؟ على ما مضى ، فمن قال مستحبة فان حلف و إلا تركه و من قال على الوجوب فان حلف أسقط الدعوي ، و إن لم يحلف أخذه بالزكوة لا بالنكول ، و لكن بظاهر الوجوب عليه و عندنا أنه لا يمين عليه بحال ، و كذلك في هذه المسألة سواء .و أما أهل الذمة إذا ذكروا أنهم أدوا الجزية فلا يقبل قولهم ، لان الجزية بمنزلة الاجرة ، فانها تحقن الدم و المساكنة ، و من سكن الدار و ادعى أنه أدى الاجرة لم يقبل قوله ، و لانه لا أمانة لهم ، و يفارق أهل الزكوة لانهم امناء .
إذا نصب أهل البغى قاضيا يقضى بينهم فهل ينفذ أحكامه
إذا طلب الساعى الخراج فزعموا أنه قد استوفي منهم
و أما الخراج فان زعموا أنه قد استوفى منهم فهل يقبل قولهم في ذلك أم لا ؟ قال قوم يقبل قو لم ، لانهم مسلمون ، و عندنا لا يقبل قولهم ، لان الخراج ثمن أو أجرة المثل و أيهما كان لم يقبل قوله في أدائه ، و يفارق الزكوة لانها على سبيل المواساة و أداؤها عبادة فلهذا قبل قولهم ، و ليس كذلك الجزية و الخراج ، لانها معاوضة و هذا بدل في معاوضة فلم يقبل قوله في أدائه فبان الفصل بينهما .إذا نصب أهل البغى قاضيا يقضى بينهم أو بين غيرهم نظرت ، فان كان القاضي ممن يعتقد إباحة أموال أهل العدل و دمائهم ، لم ينعقد له قضأ ، و لم ينفذ له حكم ، سواء وافق الحق أو لم يوافقه ، لان من يستبيح أموال أهل العدل لم يؤمن على القضاء ، و عندهم لم يكن من أهل اجتهاد .و إن كان ثقة في دينه لا يستبيح أموال أهل العدل و لا دماءهم عندنا لم ينفذ قضاؤه أيضا لانه لم يتقلده من قبل من له التولية ، و قال قوم ينفد قضاؤه كما ينفذ قضأ غيره ، سواء كان القاضي من أهل البغى أو من أهل العدل .و قال بعضهم إن كان من أهل العدل نفذ حكمه ، و إن كان من أهل البغى لم ينعقد له قضأ ، و لم ينفذ ما كان حكم به ، فمن أجاز قضاءهم قال : لا يرد من قضاياهم إلا ما يرد من قضايا غيرهم ، فان كان حكمه قد خالف فيه كتابا أو سنة أو إجماعا أو قياسا لا يحتمل إلا معنى واحدا نقضناه ، و إن لم يخالف شيئا من هذا أمضيناه و نفذناه .فان كان حكم بسقوط الضمان عنهم فيما أتلفوه على أهل العدل ، نظرت فان كان حكم بسقوط الضمان عما أتلفوه قبل القتال أو بعده لم ينفذ حكمه ، لانه خالف الاجماع و إن كان حكم بسقوط الضمان عنهم فيما أتلفوه حال القتال ، سقط لانها مسألة خلاف يسوغ فيها الاجتهاد ، و قد بينا على مذهبنا أن جميع ذلك لا ينفذ على وجه ، لان ولايته منعقدة ، و لان الاجتهاد عندنا باطل ، و الحق في واحد لا يسوغ خلافه .فأما إذا كتب قاضيهم إلى قاضي أهل العدل بحكم حكم به أو بما ثبت عنده عندنا لا يجوز له أن يحكم به .و عندهم يستحب له أن يرده و لا يقبله استهانة بهم
هل يتولى العادل قتل ذى رحمه إن كان من أهل البغى ؟
إذا قتل مسلم في معركة البغاة وكان من أهل البغي فهل يغسل ويصلى عليه
إذا شهد عدل من أهل البغي فهل تقبل شهادته فيه خلاف وفروع
و كسرا لقلوبهم ، فان قبله و نفذه جاز ، و قال قوم يرد الكتاب و لا يعمل به على ما قلناه .إذا شهد عدل من أهل البغى لم يقبل شهادته عندنا ، و عندهم يقبل أن بعضهم يقول إن أهل البغى فساق لكنه فسق على طريق التدين ، و الفسق على طريق التدين لا ترد به الشهادة عنده لانه يقبل شهادة أهل الذمة ، و قد قلنا إن عندنا أنه لا يقبل لانهم فساق ، و لا يقبل عندنا شهادة الفاسق ، سواء كان على طريق التدين أولا على وجه التدين .و قال بعضهم أقبل شهادته إذا كان ممن لا يرى أنه يشهد لصاحبه بتصديقه مثل الخطابية ، فانهم يعتقدون تحريم الكذب و الاقدام على اليمين الكاذبه ، فإذا كان لبعضهم حق على من يجحده و لا شاهد له به ، يذكر ذلك لاهل دينه و حلف له أنه صادق فيما يدعيه ، فإذا حلف ساغ له في دينه أن يشهد له بالحق مطلقا على ما صح عنده باليمين ، فمن كان هذا دينه و اعتقاده لا يقبل شهادته ، لانه لا يؤمن أن يشهد على هذا المذهب ، و لانه شاهد زور فلا يقبل شهادته بوجه .و قال بعضهم إن شهد بذلك مطلقا لم أقبل شهادته ، لئلا يكون على مذهبه ، و إن شهد على إقرار من عليه الدين ، أو قبض مشاهدة قبلتها ، لانه لا يمكن أن يشهد بأنه شاهد هذا و ما شاهده .إذا قتل مسلم في معركة البغاة ، فان كان من أهل البغى غسل وصلى عليه كساير المسلمين ، و قال بعضهم يغسل و يصلى عليه لانه باين الامام كالحربي ، و يقتضى مذهبنا أن لا يغسل و لا يصلى عليه لانه كافر عندنا كالحربي .و إن كان المقتول من أهل العدل يصلي عليه و لا يغسل عندنا لانه شهيد ، و قال قوم لا يصلى عليه لانه مقتول في المعركة ، و قال آخرون يغسل و يصلى عليه .يكره للعادل قتل ذي رحم له من أهل البغى و يعرض عنه ليلي قتله غيره ، لقوله تعالى " و إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما في
حكم أمان الحر المسلم والمرءة والعبد إذا كان مأذونا له في القتال
إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله أو حريمه
الدنيا معروفا ( 1 ) " و روى أن أبا بكر أراد قتل أبيه يوم احد فنهاه النبي عليه و آله السلام عنه و قال دعه ليلي قتله غيرك ، وكف أبا حذيفه عن قتل أبيه .و إذا نهى عن قتل أبيه الحربي فبأن ينهى عن قتل الباغى أولى .فان خالف و قتله كان جايزا و روى أن أبا عبيدة قتل أباه فقال له النبي صلى الله عليه و آله لم قتلته ؟ فقال سمعته يسبك فسكت و لم ينكر ، و يجوز أن يقصد قتل أهل البغى لانه محكوم بكفره ، و قال قوم لا يقصد قتله ، بل يقصد دفعهم و تفليل حدهم و تفريق جمعهم ، كما يدفع الانسان عن نفسه و ماله ، و إن أتى على نفسه .إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله أو حريمه فله أن يقاتله دفعا عن نفسه بأقل ما يمكنه دفعه به ، و إن أتى ذلك على نفسه لقوله صلى الله عليه و آله " من قتل دون ماله فهو شهيد " فإذا ثبت أن ذلك له ، فهل يجب عليه الدفع عن نفسه أم لا ؟ قال قوم يجب عليه لقوله تعالى " و لا تقتلوا أنفسكم " و قوله " و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " و لانه قادر على ما به خلاص نفسه من التلف ، فلزمه فعله كالطعام و الشراب .و قال آخرون لا يجب عليه و له أن يستسلم للقتل فان عثمان استسلم للقتل مع القدرة على الدفع ، لانه قيل انه كان في داره أربع مائة مملوك فقال من ألقى سلاحه فهو حر فلم يقاتل أحد فقتل ، و الاول أقوى لان دفع الضرر واجب عن النفس بحكم العقل و كذلك المضطر إلى طعام أو شراب نجس وجب عليه أن يتناوله و قال بعضهم لا يجب لانه يتوقا نجاسة ، فان قصده قاصد ليقتله و كان قادرا على الهرب منه وجب عليه الهرب و قال قوم لا يجب و قال آخرون إن كان يقدر على دفعه عن نفسه لا يجب فان لم يقدر على دفعه و قدر على الهرب وجب عليه الهرب .أمان الحر المسلم و المرأة و أمان العبد إذا كن مأذونا له في القتال صحيح بلا خلاف فإذا ثبت أنه جايز فانما يجوز أن يعقد الامان لآحاد المشركين ، و النفر اليسير ، كالقافلة الصغيرة و نحو هذا ، فأما إن أراد عقد الامان لكل المشركين أو لجنس من 1 - لقمان : 15 .
أجناسهم كالترك و الروم و الهند فلا يصح لان فيه افتتانا على الامام .و أما الامام فيجوز له أن يعقد الامان للكل ، ولاي جنس شاء إذا كانت المصلحة في ذلك ، فأما صاحب الامام فانما يعقد الامان للجنس الذي في موضع نظره منهم ، كوالى خراسان يعقد للترك ، و و الي مصر يعقد للروم ، و و الى عمان يعقد للهند .فأما أمان العبد الذي لم يأذن له مولاه للقتال ، فجايز عند قوم ، و قال آخرون إذا لم يأذن له مولاه في القتال لم ينعقد أمانه ، و الاول مذهبنا لقوله عليه و آله السلام " المسلمون تتكافى دماؤهم و يسعى بذمتهم أدناهم " .يجوز لاهل العدل يستمتعوا بدواب أهل البغي و سلاحهم يركبونها للقتال و يرمون بنشاب لهم حال القتال و في حال القتال متى حصل شيء من ذلك مما يحويه العسكر كان غنيمة ، و لا يجب رده على أربابه ، و قال قوم لا يجوز شيء من ذلك ، و متى حصل شيء منه كان محفوظا لاربابه ، فإذا انقضت الحرب رد عليهم .و قال بعضهم يجوز الاستمتاع بدوابهم و سلاحهم و الحرب قايمة فإذا انقضت كان ذلك ردا عليهم ، و من منع منه قال لا يجوز ذلك حال الاختيار فأما حال الاضطرار مثل أن وقعت هزيمة و احتاج الرجل إلى دابة ينجو عليها فإذا وجد دابة لهم حل ذلك له ، و كذلك إذا لم يجد ما يدفع به عن نفسه إلا سلاحهم جاز ذلك ، لما أوجبته الحال لانها أموال أهل البغى و أموال أهل البغى و غيرهم فيها سواء ، كما لو اضطر إلى طعام الغير جاز له أكله .إذا امتنع أهل البغى بدارهم و آتوا ما يوجب عليهم الحد ، فمتى ظهرنا عليهم أقيم ذلك عليهم ، و حكى عن أبى حنيفة أنه لا يقام عليهم الحدود ، و لا يستوفى منهم الحقوق ، بناء على أصله في دار الحرب و الاول مذهبنا .
الارتداد بالغلو وسيرة على عليه السلام في السبائية
* كتاب المرتد * الارتداد وقول كلمة الكفر محرم وأحكام المرتد
( كتاب المرتد ) قال الله تعالى " و من يكفر بالايمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين " و قال " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم و لا ليهديهم سبيلا " و قال تعالى " و من يرتدد منكم عن دينه فيمت و هو كافر فاولئك حبطت أعمالهم في الدنيا و الاخرة و اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " فدلت هذه الآيات كلها على خطر الارتداد .فإذا ثبت أنها محرمة فمن ارتد عن الاسلام لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون رجلا أو إمرأة ، فان كان رجلا قتل لاجماع الامة ، و روى عن النبي عليه و آله السلام أنه قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس ، و روى عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه و آله قال من بدل دينه فاقتلوه .و روي أن معاذا قدم اليمن و بها أبو موسى الاشعرى ، فقيل له إن يهوديا أسلم ثم ارتد منذ شهرين فقال : و الله لا جلست و في بعضها لا نزلت حتى يقتل قضى رسول الله صلى الله عليه و آله بذلك فقتل و عليه إجماع الامة .و روى أن قوما قالوا لعلى عليه السلام أنت الله فأجج نارا فحرقهم فيها ، فقال ابن عباس : لو كنت أنا لقتلتهم بالسيف ، سمعت النبي عليه و آله السلام يقول لا تعذبوا بعذاب الله ، من بدل دينه فاقتلوه .و في هذه القضيه قول على عليه السلام : لما رأيت الامر أمرا منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا و روي أن شيخا تنصر ، فقال له على عليه السلام ارتددت ؟ فقال نعم ، فقال له
هل الاستتابة واجبة أو مستحبة
معنى الارتداد وأن المرتد عندنا على ضربين فطرى وملى
بيان الكفر وأنه على ثلاثة أقسام : اصلى ، ارتداد ، زندقة
إذا كان المرتد امرأة فهل تقتل
لعلك أردت أن تصيب ما لا ثم ترجع ؟ قال : لا ، قال لعلك ارتددت بسبب إمرأة خطبتها فأبت عليك فأردت أن تتزوج بها ثم ترجع ؟ قال : لا ، قال فارجع قال لا حتى ألقى المسيح فقتله .و إن كان المرتد إمرأة حبست عندنا و تستتاب و لا تقتل فان لحقت بدار الحرب سبيت و استرقت ، و قال قوم تقتل مثل الرجل سواء ، لان النبي عليه و آله السلام لما فتحت مكة أمر بقتل المغنيتين كانتا لابى جهل يغنيان بسب النبي صلى الله عليه و آله فقتلتا و هذا ليس بصحيح لانه عليه و آله السلام ما أمر بقتلهما للارتداد ، لانهما ما أسلمتا لكن لكفرهما و الغناء بسبه عليه و آله السلام .الكفر على ثلثة أضرب أصلي و ارتداد و زندقة ، فالأَصلي ما كان كافرا لم يزل و هو المتولد بين كافرين ، فمتى أسلم قبل إسلامه لقوله تعالى " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " و روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم و أموالهم ، و هؤلاء قد قالوها و هذا إجماع أيضا .و أما الردة فأن يكفر بعد الايمان ، سواء كان مؤمنا لم يزل فارتد أو كان كافرا فأسلم ثم ارتد ، فمتى أسلم بعد ردته قبل إسلامه ، و حقن دمه كاسلام الكافر الاصلى ، و في الناس من قال لا يقبل إسلام المرتد بوجه .و عندنا أن المرتد على ضربين مرتد ولد على فطرة الاسلام ، فهذا لا يقبل إسلامه ، و متى ارتد وجب قتله ، و الآخر كان كافرا فأسلم ثم ارتد فهذا يستتاب فان رجع و إلا قتل .و أما الزنديق فقال قوم يقبل توبته و قال آخرون لم يقبل توبته ، و روى ذلك أصحابنا .من يستتاب فهل الاستتابة واجبة أو مستحبة ، قال قوم واجبة ، و قال آخرون مستحبة ، و الاول أقوى ، لان ظاهر الامر الوجوب ، و كم يستتاب ؟ قال قوم يستتاب
إذا ترك الصلاة ، فيه فرعان : يعتقد وجوبها أولا يعتقد
إذا ارتد وله مال فهل يزول ملكه عن ماله بالردة
ثلاثا ، و قال آخرون يستتاب القدر الذي يمكنه فيه الرجوع و هو الاقوى ، و الاول أحوط لانه ربما دخلت عليه شبهة فيتأملها و ينبه عليها .فأما إن ارتد و له مال فهل يزول ملكه عن ماله بالردة ؟ قال قوم يوقف ماله و يكون مراعا ، فان مات أو قتل تبينا أنه زال عنه بالردة ، و إن تاب تبينا أن ملكه باق بحاله ، و ما زال ، فعلى هذا يكون تصرفه في ماله موقوفا ، و قال آخرون لا يزول ملكه عن ماله و تصرفه صحيح ، و قال آخرون يزول ملكه بنفس الردة و تصرفه باطل .و الذى يقتضيه مذهبنا أن المرتد إن كان من فطرة الاسلام فانه يزول ملكه بنفس الردة و تصرفه باطل ، و إن كان عن إسلام قبله كان كافرا فان ماله موقوف و تصرفه موقوف ، و إن قلنا لم تزل كان قويا لانه لا دليل عليه و الاصل بقاء الملك .فإذا ثبت ذلك فان كان عليه دين أو أرش جناية أو نفقة قرابة و زوجة استوفي كل هذا من ماله على ساير الاقوال ، لان هذه الحقوق لا تعطل أصلا ، فلا بد من استيفائها .هذا إذا كان في حياته فأما بعد وفاته فانه يقضى الديون و أرش الجنايات و نفقة الزوجات و إن كان اجتمعت عليه كل هذا من التركة ، فاما نفقة الاقارب فلا يستوفى بعد وفاته .فإذا ثبت أن الكل في تركته نظرت فان وفت التركة بالدين و هذه الحقوق فلا كلام ، و إن فضل منها فضل أو كان له مال و لا دين عليه و لا غيره فمتى مات أو قتل كان ماله عندنا لورثته المسلمين قريبين كانوا أو بعيدين ، فان لم يكن له وارث مسلم كان لبيت المال .و قال قوم يكون لبيت المال فيئا سواء كان ما لا اكتسبه حال حقن دمه أو حال إباحة دمه ، و قال قوم ما اكتسبه حال حقن دمه و هو حال إسلامه إلى آخر جزء من أجزاء إسلامه لورثته المسلم ، و ما اكتسبه حال إباحة دمه فيئ و منهم من قال مثل ما قلناه .إذا ترك الصلوة نظرت فان كان لا يعتقد وجوبها فهو كافر إجماعا لانه خالف
هل يجوز تصرف المرتد في أمواله وعبيده وإمائه
إذا ارتد مسلم ثم قتل رجلا من المسلمين فيه أبحاث وفروع
إذا ارتد المسلم فبادر رجل فقتله قبل الاستتابة
إجماع الخاصة و العامة ، و إن تركها مع اعتقاد وجوبها و قال أنا أكسل عنها أو يضيق صدري منها استتيب ، فان تاب و إلا قتل و الاستتابة على ما قلناه في المرتد ، فتارك الصلوة يجب قتله عند هذا القائل .و قال قوم لا يقتل ، و إنما يحبس حتى يصلي و قال بعضهم يكفر بذلك و عندنا أنه لا يكفر و يعزر دفعة ، فان عاد عزر ، فان عاد عزر ، فان عاد رابعا قتل لما روي عنهم عليهم السلام أن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة .إذا ارتد المسلم فبادر رجل فقتله قبل الاستتابة فلا ضمان عليه ، لانه مباح الدم لقوله صلى الله عليه و آله " من بدل دينه فاقتلوه " إلا أنه و إن لم يجب عليه الضمان فعليه التعزير لانه فعله بغير إذن الامام ، و إن جرحه جارح ثم عاد إلى الاسلام فسرى إلى نفسه فمات ، فلا ضمان على الجاني ، و قال قوم عليه نصف الدية و الاول أصح عندنا .فأما إذا قتل المرتد لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون القتل عمدا أو خطاء فان كان عمدا محضا يوجب القود ، فالولى بالخيار بين القصاص و العفو ، سواء تقدم القتل على الردة أو تأخر عنها ، فان القصاص مقدم عليها ، فان اختار القود قتلناه وفات القتل بالردة ، كما لو مات المرتد ، و إن اختار العفو على مال يثبت الدية مغلظة في ماله و يقتل بالردة .و إن كان القتل خطأ لم يعقل عنه العاقلة و يكون الدية مخففة مؤجلة في ماله يستوفى في ثلث سنين كل سنة ثلثها ، فان مات أو قتل قبل انقضائها حلت بوفاته ، لان الديون المؤجلة يحل بالوفاة و يستوفى من ماله .قد مضى الكلام في ملك المرتد و الاختلاف فيه فأما تصرفه ، فمن قال ملكه زال فقد انقطع تصرفه فيه ، و من قال ثابت أو مراعى فالحاكم يحجر عليه فيه لئلا يتصرف فيه بالاتلاف ، لان هذا المال محفوظ ، فان عاد إلى الاسلام رد إليه ، و إن مات أو قتل كان فيئا أو ميراثا على ما تقدم .فإذا ثبت أنه يحجر عليه فانه يحفظ كل صنف بما يحفظ مثله به ، فان كان
حكم نسائه وأولاده الصغار
ناضا أو أثاثا دفع إلى عدل ، و إن كان عقارا فكذلك و يؤمر بحفظه و استغلاله ، و إن كان له رقيق دفع ذكور الرقيق إلى عدل أيضا ، و يدفع الاناث إلى عدل من النساء ، فمن كان ذا صناعة صنعها و يؤاجر بذلك ، و إن لم يكن له صنعة يؤاجر للخدمة و يؤاجر الامة من النساء ، و الذكور من الرجال و الامة القن وام الولد في هذا سواء .و أما المكاتب فيكون على كتابته يؤدي من مال الكتابة إلى الامام و يعتق لان الامام قائم مقامه فيه ، و يكون ولاؤه له ، إن كان شرط عندنا ، و إن عاد إلى الاسلام رد إليه ، و إن لحق بدار الحرب لم يغير من ذلك شيئا إلا في فصل و هو أنه يباع عليه الحيوان لانه لا يدرى متى يكون رجوعه إذا كان له الحظ في بيعه ، فأما ما كان له الحظ في حفظه و ايقافه حفظ عليه ، و قال قوم لحوقه بدار الحرب بمنزلة موته يحل ديونه المؤجلة ، و يعتق المدبر وام الولد ، و يقسم ماله بين ورثته على فرايض الله ، و الاول أقوى لانه لا دليل على ذلك ، و لانه ربما عاد إلى الاسلام فيضيع ماله .فأما زوجاته فقد بيناه في كتاب النكاح فان ارتد قبل الدخول بانت منه بنفس الردة ، و لها نصف المهر ، و إن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة ، فان عاد إلى الاسلام قبل انقضاء العدة فهما على الزوجية و إن انقضت العدة قبل رجوعه بانت منه و نفقتها في ماله قبل انقضاء العدة فأما ولده فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون ولد حال الاسلام أو في حال الردة ، فان ولد حال الاسلام أو خلفه حملا فهو على الاسلام لا يتبع أباه في الدين ، و يكون ولده مسلما فان قتله قاتل قبل البلوغ فعليه القود ، و إذا بلغ فان وصف الاسلام اقر عليه ، و إن لم يصف الاسلام و وصف الكفر استتيب ، فان تاب و إلا قتل بمنزلة أبيه سواء .و قال بعضهم إن لم يصف الاسلام اقر على كفره ، و الصحيح هو الاول ، لكن إن قتله قاتل بعد البلوغ قبل أن يصف الاسلام يسقط عنه القود للشبهة ، و لو قتله قبل البلوغ لوجب القود ، لانه محكوم بإسلامه ، و يقوى في نفسى أنه يجب على قاتله
الذمى أو المعاهد إذا لحق بدار الحرب فهل يبقى أمان ماله ؟
القود على كل حال ما لم يظهر منه كفر .فأما من ولد بعد الردة من كافرة مرتدة أو غيرها فهو كافر لانه ولد بين كافرين و هل يجوز استرقاقه أم لا ؟ قال قوم لا يجوز لان الولد يلحق بأبيه ، فلما ثبت أن أباه لا يسترق لانه ثبت له حرمة الاسلام فكذلك ولده .و قال آخرون يسترق لانه كافر بين كافرين ، كالكافر الاصلى و هو الاقوى و لا فصل على القولين بين أن يكونوا في دار الاسلام أو في دار الحرب ، و قال قوم إن كانوا في دار الاسلام لا يسترقون ، و إن لحقوا بدار الحرب جاز استرقاقهم ، فمن قال لا يسترق قال هو بمنزلة أبيه يعرض عليه الاسلام فان رجع و إلا قتل .و من قال يسترق فمتى لحق بدار الحرب فوقع في الاسر كان كالكافر الاصلى يكون الامام مخيرا فيه بين القتل و المن و الفداء و الاسترقاق ، أنه لا يقر على دينه ببذل الجزية لانه قد انتقل بعد نزول القرآن .الذمي إذا نقض العهد و لحق بدار الحرب أو المعاهد الباب واحد ، و خلف عندنا أموالا و ذرية ، فأمان ماله باق بحاله ، لانه لما صح أن يعقد الامان لماله دون نفسه ، و هو أن يبعث بماله في بلاد الاسلام بأمان أو يكتب من دار الحرب إلى الامام أن يعقد له الامان على ماله ففعل صح ، و إن عقد لنفسه دون ماله بأن دخل إلينا بأمان صح ، فإذا صح كل واحد على الانفراد ، فإذا انتقض أحدهما ثبت الآخر .فإذا ثبت أن أمانه باق بحاله ، فان مات ورثه ورثته من أهل الذمة عندي ، و قالوا يرثه ورثته من أهل الحرب دون ورثته من أهل الذمة في دار الاسلام ، لانه لا توارث بين أهل الحرب و أهل الذمة ، لا نقطاع الولاية بينهما .فإذا صار هذا المال ملكا لحربي فهل يزول أمانه أم لا ؟ قال قوم يزول لانه مال من ليس بيننا و بينه أمان في نفسه و لا ماله ، فهو كمال حصل لحربي في دار الاسلام ابتداء بغير أمان ، و قال آخرون يكون على ذلك الامان لمن ورثه لان كل من ورث شيئا ورثه بحقوقه كمن ورث شقصا قد استحق به الشفعة ، فان الوارث يستحق به الشفعة ، و كذلك من
ورث دينا به رهن كان بحقوقه ، و الاول على هذا المذهب أقوى .فمن قال زال أمانه ، قال : يغنم ماله فينقل إلى بيت المال فيئا ، و من قال أمانه باق بحاله ، فهو كذلك ، فان مات مالكه فورثه عنه آخر كان على الامان و على هذا أبدا فاما أن يعقد الامان لنفسه و يدخل إلينا فيقبضه أو يبعث إلينا من يقبضه .فأما ولده فهم على الذمة ما داموا صغارا ، فإذا بلغوا قيل لهم لكم العهد ، فاما أن تعقدوا الذمة ببذل الجزية ، و إلا فانصرفوا إلى مأمنكم .حكم السكران عند قوم حكم الصاحي فيما له و فيما عليه ، فان ارتد و هو سكران ثم مات كان ماله فيئا ، و إن أسلم و هو سكران حكم بإسلامه ، و إن قتله قاتل بعد ارتداده فلا شيء عليه و لا يقتل إن لم يتب حتى يمتنع مفيقا فاستظهر في توبته إلى حال إفاقته ، و قال قوم هذا استحباب لانا قد حكمنا بارتداده ، و قررناه كالصاحي ، فعلى هذا إن ارتد و هو مفيق ثم سكر و أسلم و هو سكران صح إسلامه و لا يطلق حتى يفيق فيعرض عليه الاسلام ، فان وصفه حكم بإسلامه من حين وصفه حال سكره و إن وصف الكفر حكم بكفره و هو حين امتنع بعد الافاقة ، ثم استتيب الآن فان تاب و إلا قتل فقد حكم بإسلامه حال سكره ، و إنما استبقيناه لنعرض عليه الاسلام بعد إفاقته استظهارا .و عندنا أن السكران يختلف حاله فيما له و فيما عليه ، فأما طلاقه و عتقه و عقوده كلها فلا يصح عندنا بحال ، و أما إذا زنا أو لاط أو جنا أو قذف أو سرق فانه يتعلق به جميع أحكامه كالصاحي و أما الكفر فينبغي أن نقول يحكم عليه به ، و يكون حكمه على ما مضى ، و كذلك يحكم بإسلامه ، و يكون على ما مضى سواء ، و إنما قلنا ذلك ، لان الظواهر التي تتعلق هذه الاحكام بها عامة في السكران و الصاحى ، و إنما أخرجنا بعضها بدليل .فأما صفة اسلام المرتد و الكافر الاصلى سواء ، و هي أن يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ، و يبرأ من كل دين خالف الاسلام ، فان قال أشهد أن لا إله إلا
إذا ارتد وهو مفيق ثم جن فهل يقتل حال جنونه ؟
إذا جرح الرجل وهو مرتد ثم جرح بعد إسلامه ثم سرى إلى نفسه
إذا جنى في حال ردته فأتلف أنفسا وأموالا
الله و أن محمدا رسول الله ، كان كافيا ، و الاولى أنه إذا كان لا يعترف بالنبوات و لا بالكتب ، و يكون ممن يعبد الاوثان فأتى بالشهادتين فقد أسلم ، لانه كفر بهذا القدر فإذا اعترف به فقد أسلم .و إذا كان هذا الكافر ممن يعتقد أن محمدا نبى لكنه يقول بعث إلى الاميين و هم عبدة الاوثان من العرب ، دون أهل الكتاب ، أو يقول إن محمدا نبى حق ، و لكنه ما بعث بعد و سيبعث فيما بعد ، فإذا اقتصر هذا على الشهادتين لم يكن مسلما ، لانه معترف أن محمدا نبى ، فلا يزول هذا التأويل حتى يبرء من كل دين خالف دين الاسلام .إذا جنى في حال ردته فأتلف أنفسا و أموالا نظرت ، فان كان وحده أو في فئة ممتنعة فعليه الضمان كالمسلم سواء ، لانه قد التزم حكم الاسلام ، و يثبت له حرمته فألزمناه ذلك ، و يفارق الحربي لانه ما التزم حكم الاسلام ، فلهذا لم يكن عليه الضمان .فأما إن كان في منعة ، و كان الاتلاف حال القتال ، فعندنا عليه الضمان ، و قال بعضهم لا ضمان عليه ، و قد بينا أنه إذا جرح و هو مرتد ثم سرى إلى نفسه فمات فلا ضمان على من جرحه سواء سرى إلى نفسه و هو على الردة أو أسلم ثم سرت إلى نفسه لان الجرح إذا وقع مضمون كانت السراية فيه مضمونة .فأما إن جرح و هو مرتد ثم جرح بعد إسلامه ثم سرى إلى نفسه نظرت ، فان كان الذي جرحه حال إسلامه هو الذي جرحه حال كفره فلا قود عليه لانه مات من جرحين مضمون و غير مضمون و إن كان الذي جرحه حال إسلامه الذي جرحه حال كفره ، فهل عليه القود أم لا ؟ قال قوم عليه القود ، و قال آخرون لا قود عليه ، و عليه نصف الدية ، و عندنا أن عليه القود و يرد عليه نصف الدية .إذا ارتد و هو مفيق ثم جن ، لم يقتل حال جنونه ، لان القتل بالردة و المقام فإذا جن لم يكن من أهل الاقامة عليها ، فلهذا لم يقتل ، فان ارتد عبد لرجل ثم جن لم يقتل حال جنونه أيضا ، و إن قتل ثم جن قتل حال جنونه قصاصا و الفصل بينهما أن القصاص يجب بنفس القتل و قد وجد الموجب منه ، و ليس كذلك الارتداد ، لانه
إذا قامت البينة على الاسير المسلم أنه قد أكل لحم الخنزير وشرب الخمر في دار الحرب
إذا تزوج المرتد أو أنكح أو طلق أوذبح
إنما يجب القتل بعد المقام عليه ، و هذا لم يوجد .و أما الكلام في نكاحه و طلاقه : إذا تزوج المرتد كان نكاحه باطلا ، سواء قلنا ينفذ تصرفه في ماله أو قلنا لا ينفذ ، لانه إن تزوج مسلمة فالمسلمة لا تحل للكافر و إن تزوج وثنية و مجوسية لم يصح لانه كانت له حرمة الاسلام ، و هي ثابتة ، و إن تزوج كتابية لم يصح لانه لا يقر على دينه ، ألا ترى أنه لو كانت له زوجة كتابية فارتد انفسخ النكاح بينهما .فأما إنكاحه فلا يصح أن يزوج أمته و لا بنته و لا اخته ، أما البنت و الاخت فلانه لا ولاية له عليهما ، و أما أمته فقد قلنا إن للكافر أن يزوج أمته المسلمة ، و للمسلم أن يزوج أمته الكافرة ، لكن لا يصح هيهنا عند من قال زال ملكه أو هو مراعى لان النكاح لا يكون موقوفا و من قال ملكه ثابت ، فان زوجها قبل أن يحجر عليه الحاكم قال يصح و إن كان بعد الحجر لا يصح .فأما طلاقه فان كان قد ارتد قبل الدخول فقد بانت بالردة ، فلا يلحقها طلاقه و إن كانت الردة بعد الدخول وقف النكاح على انقضاء العدة ، فان عاد إلى الاسلام قبل انقضاء العدة ، تبينا أن الطلاق وقع بها حين الطلاق ، و إن لم يعد حتى انقضت عدتها بانت ، و تبينا أن الطلاق ما وقع عليها لان البينونة سبقت الطلاق .فأما الذبيحة فلا تحل ذبيحته ، لانه كافر و عندنا لا يحل ذبيحة الكفار و عندهم لانه لا كتاب له ، فإذا ذبح شاة نظرت ، فان كانت له فهي حرام ، و إن كانت لغيره فان ذبحها بغير إذنه فعليه الضمان ، و إن كان باذنه فلا ضمان عليه ، سواء علمه مرتدا أو لم يعلمه ، لانه أتلفها باذنه .إذا قامت البينة على الاسير أنه قد أكل لحم الخنزير و شرب الخمر في دار الحرب ، لم يحكم بكفره ، لانه قد يفعل هذا مع اعتقاد تحريمه كما يفعله المسلم في دار الاسلام ، و إن قامت البينة على أنه أكره على الكفر لم يحكم بكفره ، و إن مات كان ماله لورثته ميراثا بلا خلاف ، فان عاد إلينا عرضنا عليه الاسلام فان تاب تبينا أن
توضیحاتافزودن یادداشت جدید
(1)
المبسوط في فقه الامامية تأليف شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفى 460 هجري صححه و علق عليه محمد الباقر البهبودي عنيت بنشره - المكتبة المرتضوية الجزء السابع لاحياء الآثار الجعفرية رقم التليفن ( 532138 )
(2)
(3)
بسم الله الرحمن الرحيم ( كتاب الجراح ) ( فصل ) ( في تحريم القتل و من يجب عليه القصاص و من لا يجب عليه ) قال الله تعالى " و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ( 1 ) " يعنى إلا بالقود أو ما يقوم مقامه ، و قال تعالى " و لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ( 2 ) " و قال " و إذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت ( 3 ) " و قال تعالى " و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ( 4 ) " و قال " و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه وأعد له عذابا عظيما ( 5 ) " .و تمسك ابن عباس بظاهر هذه الآية فقال : لا توبة لقاتل العمد .و قال نسخت هذه الآية قوله " و لا تقتلوا النفس التي حرم الله " إلى قوله " إلا من تاب " لان هذه الآية نزلت قبل قوله " و من يقتل مؤمنا متعمدا " بستة أشهر ، و احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : ما نازلت ربي في شيء كما نازلته في توبة قاتل العمد فأبى على . 1 - الانعام : 151 .2 - أسرى : 31 .3 - التكوير : 9 .4 - أسرى : 33 .5 - النساء : 93 .
(4)
و الصحيح أن له التوبة لقوله تعالى " و هو الذي يقبل التوبة عن عباده ( 1 ) " .و روى عبد الله بن مسعود قال : سألت رسول الله عليه السلام أي الكبائر أكبر ؟ قال : أن تجعل لله ندا ، و قد خلقك ، قلت : ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك ، و في بعضها قلت ثم أي قال أن تزني بحليلة جارك .و روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه و آله قال أول ما ينظر الله بين الناس في الدماء و روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : من أعان على قتل حر مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله .و روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه و آله مر بقتيل فقال : من لهذا ؟ فلم يذكر له أحد ، فغضب ثم قال : و الذي نفسى بيده لو اشترك فيه أهل السماء و الارض لاكبهم الله في النار ، و هو أيضا معلوم خطره بدلالة العقل و إجماع الامة .فأما القصاص و وجوبه فدليله قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثى بالانثي ( 2 ) " و قال تعالى " و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل " و قال تعالى " و لكم في القصاص حيوة " ( 3 ) و هذه أخصر كلمة و أعم فايدة ، لان معناها إذا علم القاتل أنه إذا قتل قتل كف عن القتل ، فلم يقتل فلا يقتل ، فصار حيوة للجميع ، و هو أخصر من قول العرب القتل أنفى للقتل ، لان قولهم أربعة عشر حرفا و كلمة القرآن عشرة أحرف ، ثم لفظ القتل متكرر و عذوبة اللفظ بينهما ما بين السماء و الارض .و قال تعالى " و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ألى قوله " و الجروح قصاص " ( 4 ) فان قيل هذا إخبار عن شرع من تقدم فالجواب عنه أن ذلك و إن كان شرعا لمن تقدم فقد صار شرعا لنا بدليل الاجماع ، على أنه قرئ النفس بالنفس نصبا و العين بالعين رفعا 1 - الشورى : 25 .2 - البقرة : 178 .3 - البقرة : 179 .4 - المائدة : 45 .
(5)
فالنصب إخبار عن شرع من قبلنا ، و الرفع استيناف حكم لنا ، و قرء أبو عمرو " و الجروح قصاص " و المعنى ما قلناه .و روى أنس قال كسرت الربيع بنت معوذ و هي عمة أنس ثنية جارية من الانصار فطلب القوم القصاص فأتوا النبي عليه السلام فأمر صلى الله عليه و آله بالقصاص فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك : لا و الله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله فقال : يا أنس كتاب الله القصاص فرضى القوم و قبلوا الارش فقال رسول الله صلى الله عليه و آله إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره .فموضع الدلالة أن النبي صلى الله عليه و آله قال " كتاب الله القصاص " و ليس في الكتاب السن بألسن إلا هذا فثبت بالدليل بذلك أنه شرع لنا .و روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال لا يحل دم إمرء مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس .و روي عن أبو شريح الكعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله ..ثم أنتم يا خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل و أنا و الله عاقله فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، و إن أحبوا قبلوا الدية .كل شخصين تكافأ دماهما ، و استوت حرمتهما ، جرى القصاص بينهما ، و التكافي في الدماء و التساوي في الحرمة أن يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه ، فإذا تكافأ الدمان قتل كل واحد منهما بصاحبه ، فيقتل الحر بالحر و الحرة بالحرة ، إذا ردوا فاضل الدية عندنا ، و عندهم لا يرد ، و الحرة بالحر بلا خلاف ، و العبد بالعبد ، و الامة بالامة ، و الامه بالعبد ، و العبد بالامة ، و اليهودي بالنصراني ، و المجوسي باليهودي و النصراني بالمجوسى ، فالشرك كله ملة واحدة ، و لهذا توارثوا كلهم بعضهم من بعض .إذا قتل مسلم كافرا لم يقتل به ، سواء كان معاهدا أو مستأمنا أو حربيا ، فالمعاهد هو الذمي ، و المستأمن من دخل إلينا بأمان في رسالة أو حاجة من تجارة و نحوها ، و الحربى من كان مباينا مقاطعا في دار الحرب و فيه خلاف .
(6)
فإذا ثبت أنه لا قود عليه فعليه التعزير ، و عليه الدية و الكفارة ، فأما إن قتل كافر كافرا ثم أسلم القاتل قبل القود ، أو جرح كافر كافرا ثم أسلم الجارح و مات المجروح فانه يستوفى منه حال إسلامه ما وجب عليه حال كفره عند الجماعة و قال الاوزاعى لا يقتل به و هو الصحيح عندي لعموم الاخبار .حكى الساجي حكاية في قتل المومن بالكافر ، فقال حدثنا موسى بن اسحق الانصاري قال حدثنا على بن عمروس الانصاري قال تقدم إلى أبى يوسف في مسلم قتل كافرا فأراد أن يقيده به ، و كان على رأس أبى يوسف رجل في يده رقاع فناوله الرقاع و حبس منها رقعة ، فقال : ما تلك الرقعة ؟ فقال فيها شعر ، فقال هاتها فأعطاه فإذا فيها شعر لشاعر بغدادي كان يكنى أبا المصرخى يقول : يا قاتل المسلم بالكافر جرت و ما العادل كالجائر يا من ببغداد و أطرافها من فقهاء الناس أو شاعر جار على الدين أبو يوسف بقتله المسلم بالكافر فاسترجعوا و ابكوا على دينكم و اصطبروا فالأَجر للصابر فأخذ أبو يوسف الرقعة و دخل على الرشيد فأخبره ، فقال له احتل فيها ، فلما كان المجلس الثاني قال أبو يوسف لاولياء القتيل إيتوني بشاهدين عدلين يشهدان عندي انه كان يؤدى الجزية عن يد ، فتعذر ذلك فأهدر دمه و أخذوا الدية .إذا قتل الحر عبدا لم يقتل به ، سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره ، فان كان عبد نفسه عزرناه ، و عليه الكفارة ، و إن كان عبد غيره عزر و عليه الكفارة و القيمة و فيه خلاف إذا قتل عبد عبدا عمدا محضا قتل به فيقتل العبد بالعبد ، و الامة بالامة ، و العبد بالامة ، و الامة بالعبد ، لقوله " و العبد بالعبد و الانثى بالانثي " و لم يفصل .فإذا ثبت أن القود يجب على القاتل ، فان القود لسيده لان العبد ملكه ، و هذا بدل ملكه فكان بدل الملك للمالك و هو بالخيار بين القتل و العفو ، فان قتل فلا كلام و إن عفا على مال تعلقت قيمة المقتول برقبة القاتل ، و لم تخل قيمة القاتل من ثلاثة