فقدت زمان طبع هذا الكتاب اولا - أحادیث أم المؤمنین عائشة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أحادیث أم المؤمنین عائشة - جلد 1

السید مرتضی عسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




فقدت زمان طبع هذا الكتاب اولا



اخي الاكبر العالم الثقة الحاج السيد علي آل شيخ الاسلام .



وبـعده : اخي في اللّه البر الثقة الحاج آغا محمد نجل الفقيه الورع العالم الرباني المجاهد في سبيل
اللّه الحاج آغا حسين الطباطبائي القمي , واليهما اهدي ثواب هذا الكتاب .



المؤلف .



والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين .



وبعد, مضى على طبعة الكتاب الاولى نيف وثلاثون سنة وكثرت .



الاخـطاء في طبعاتها المتكررة فقام ولدي السيد كاظم العسكري بتصحيح الكتاب واضفت اليه بحث
حكمة تعدد زوجات الرسول (ص ) جوابا على ما تقوله المستشرقون وغيرهم من خصوم الاسلام
على رسول اللّه (ص ) في هذا الامر, جعله اللّه سبب هداية لمن اراد ان يتذكر, وتقبل اعمالنا, انه
سميع الدعاء.



المؤلف .



بسمه تعالى .



العالم المصري الفقيه الشيخ محمود ابو رية صاحب البحوث الضافية النافعة في الحديث والاجتماع
ولد عام 1889م وتوفي بجيزة القاهرة عام 1970م .



تحدث عن كتاب احاديث عائشة في كلمته التالية



يحسب العامة واشباه العامة من الذين يزعمون انهم على شي ء من العلم ان التاريخ الاسلامي (وبخاصة
في دوره الاول ) قد جاء صحيحا لاريب فيه , وان رجاله جميعا ثقات لا يكذبون , وهم ـ من اجل ذلك
ـ يـصدقون كل خبر جاء عن هذه الفترة , ويشدون ايديهم على تلك الاحاديث التي شحنت بها الكتب
الـمـشهورة في الحديث , تلك التي حملت الطم والرم, والغث والسمين , والصحيح القليل , والموضوع
الكثير.



وقد بلغ من ثقتهم باحاديث هذه الكتب , ان من يشك في حديث منها يعد في رايهم فاسقا واذا كان اللّه قد آتاهم عقولا ليفهموا بها, وفهوما يزنون بها, فانهم يعطلون هذه المواهب استمساكا
بالتقليد الاعمى , والتعبد لمن سلف واذا انـت بـصرتهم بالحق , وبينت لهم المحجة الواضحة , لووا رؤوسهم , واصروا على معتقداتهم
واستكبروا استكبارا.



وليتك تسلم من السنتهم , بل يرمونك بشتائمهم وسبابهم , ويسلقونك .



بالسنتهم , وقد بلوت ذلك منهم عندما اخرجت كتابي (اضواء على السنة المحمدية ) الذي ارخت فيه
الـحديث , وكشفت كيف روي , وما شاب رواياته من الموضوعات , ومتى دون , وما الى ذلك مما يجب
بـيـانـه فـانـهم ماكادوا يقراونه حتى هبت علي اعاصير الشتائم والسباب من كل ناحية , من مصر
والـحـجـاز والـشـام يلاقيني في هذا السبيل مهما كان .



ومن عجيب امر هؤلاء الذين يقفون في سبيل الحق حتى لايظهر,.



ويمنعون ضوء العلم الصحيح ان يبدو, انهم لايعلمون مقدار ما يجنون من وراء جمودهم , وان ضرر
هذا الجمود لايقف عند الجناية على العلم والدين فحسب , بل يمتد الى ماوراء ذلك .



فان الناشئين من المسلمين وغير المسلمين الذين بلغوا بدراستهم الجامعية العلمية الى انهم لايفهمون
الا بـعـقـولـهـم , ومـا وصـلوا اليه بعلمهم , قد انصرفوا عن الاسلام لما بدا لهم على هذه الصورة
المشوهة التي عرضها هؤلاء الشيوخ عليهم .



من اجل ذلك كله كان من الواجب الحتم على العلماء المحققين الذين .



حـرروا اعـنـاقهم من اغلال التقليد, وعقولهم من رق التعبد للسلف , ان يشمروا عن سواعد الجد,
ويتناولوا تاريخنا بالتمحيص , وان يخلصوه من شوائب الباطل والعصبيات , ولايخشون في ذلك لومة
لائم .



واني ليسرني كل السرور ان اشيد بفضل عالم محقق كبير من علماء العراق قد نهض ليؤدي ما عليه
نـحو الدين والعلم فاخرج للناس كتبا نفيسة كانت كالمرآة الصافية التي يرى فيها المسلمون وغير
الـمسلمين تاريخ الاسلام على اجمل صوره في اول ادواره , ذلكم هو الاستاذ (مرتضى العسكري )
فقد اخرج لنا ـ من قبل ـ كتاب (عبداللّه بن سبا) اثبت فيه بالادلة القاطعة , والبراهين الساطعة , ان
هذا الاسم لم يكن له وجود, وان السياسة (لعنها اللّه ).



هي التي ابتدعت هذا الاسم لتجعله من اسباب تشويه وجه التاريخ , وبين ان شيخ المؤرخين في نظر
العلماء وهو الطبري قد جعل جل اعتماده في تاريخه ورواياته على رجل اجمع الناس على تكذيبه .



ومن الغريب ان جميع المؤرخين الذين جاؤوا بعد الطبري قد نقلوا عن ابن جرير كل رواياته بغير
تمحيص ولا نقد, وهذا الرجل الكذاب هو: سيف بن عمر التيمي .



واردف الـعـلامة مؤلف هذا الكتاب النفيس بكتاب آخر اكثر منه نفاسة هو كتاب (احاديث عائشة )
وقد تناول في هذا الكتاب تاريخ هذه السيدة لا كما جاء من ناحية السياسة والهوى والعصبية , ولكن
مـن افق الحقيقة التي لاريب فيها, وكتبه بقلم نزيه يرعى حرمة العلم وحق الدين لايخشى في اللّه
لومة لائم .



اشار الاستاذ في تمهيده لكتابه الى ما في الاحاديث التي نسبت الى .



الـنـبي (ص ) من اختلاف بين حديث وآخر, وبين بعض تلك الاحاديث , وآي من القرآن الكريم مما
كان مثار الطعن والنقد الى النبي من اعداء الاسلام .



ثـم بين ان هذه الاحاديث ان هي الا مجموعات مختلفة رويت عن رواة مختلفين , وعلى الباحث العالم
الـنـزيـه ان يقوم بتصنيفها نسبة الى رواتها ثم يدرس احاديث كل منهم على حدة , وبخاصة احاديث

الرواة المكثرين امثال




عائشة , وابي هريرة , وانس , وابن عمر, مع دراسة حياة راويها, وبيئته وظروفه , ثم مضى يقول



(ان الـتـاريـخ الاسلامي منذ بعثة الرسول حتى بيعة يزيد بن معاوية لايفهم [فهما] صحيحا الا بعد
دراسـة احـاديـث ام المؤمنين (دراسة موضوعية ) ولان الاستاذ المؤلف : بصدد البحث عن التاريخ
الاسلامي في دوره الاول فقد قدم هذه الدراسة على غيرها من الدراسات ).



وبـعـد ان بـين صعوبة هذه الدراسة لما يجد في سبيلها من عقبات متعددة اخذ في موضوع دراسته
فبين نسب عائشة , ومولدها, وتزوجها من النبي (ص ) وما صنعته معه (كامراة ) ـ كما قال شوقي ـ
من مكر وكيد (ان كيدهن عظيم ).



وانها قد اقامت مع النبي نيفا وثمانية اعوام , ثم اخذ يذكر انها كانت تؤيد خلفاء النبي : ابا بكر وعمر
وعـثـمـان فـي اول خلافته , ثم انحرافها عنه وتراسها للمعارضة له حتى بلغ من امرها انها كانت
تـحـرض عـلى قتله , وما ان قتل هذا الخليفة بسبب خروجه عن نهج سابقيه , وتركه الامر لقومه
يـتصرفون فيه باهوائهم , حتى (برزت ) تعارض عليا معارضة شديدة لم يلق مثلها من غيرها, وكان
اول شي ء بدا منها لهذا الامام العظيم انها ما كادت تعلم بنبا بيعته حتى ثارت ثائرتها وصاحت : لا يمكن
ان يـتـم ذلـك والـزبير وقادوا جميعا الجيوش الجرارة لمحاربة علي (رضي اللّه عنه ) في وقعة الجمل وكانت
تـركـب جـملا من المدينة الى البصرة , وبعد ان انتهت هذه المعركة بسفك الدماء المحترمة , وبقتل
طـلـحـة , اعـادها علي (رضي اللّه عنه ) الى المدينة مكرمة لم ينلها سوء, ولكنها لم تحفظ له هذا
الجميل , ولم ترجع عن غيها, وظلت ضده بكل وسيلة وكان من ذلك ان كانت تؤيد معاوية في حروبه
ضد علي (رضي اللّه عنه ) ولم تهدا ثائرتها حتى قتل علي, فقرت عينها, وهدات نفسها, وتمثلت عند

قتله بقول الشاعر








  • فالقت عصاها واستقر بها النوى
    كما قر عينا بالاياب المسافر



  • كما قر عينا بالاياب المسافر
    كما قر عينا بالاياب المسافر




وقـد كـان ذلـك بـسـبب ضغنها لعلي (رضي اللّه عنه ), وما يكنه صدرها له لانه زوج فاطمة بنت
خـديجة , وما كان لموقفه من حديث الافك مما بينه شاعر الاسلام الكبير احمد شوقي باحسن بيان

فقال يخاطب عليا (رضي اللّه عنه ) بقوله








  • ياجبلا تابى الجبال ما حمل
    اثار عثمان الذي شجاها
    ذلك فتق لم يكن بالبال
    وان ام المؤمنين لامراة
    وان تك الطاهرة المبراة



  • ماذا رمت عليك ربة الجمل
    ام غصة لم ينتزع شجاها
    كيد النساء موهن الجبال
    وان تك الطاهرة المبراة
    وان تك الطاهرة المبراة





اخرجها من كنها وسنها



مالم يزل طول المدى من ضغنهاالخ .



هذا بعض ما قاله شاعر الاسلام في علي (رضي اللّه عنه ), وما رمته به عائشة , وقد خاطبها علي
(رضـي اللّه عـنـه ) فـي كـتاب ارسله اليها والى طلحة والزبير اثناء وقعة الجمل , لو انها عقلته
وتـدبرته لاشتد ندمها ولاستغفرت اللّه مما اجترحت وان كان الظن ان اللّه لايغفر لها: قال (رضي
اللّه عنه )



وامـا انـت ياعائشة فانك خرجت من بيتك عاصية للّه ولرسوله تطلبين امرا كان عنك موضوعا, ثم
تزعمين انك تريدين الاصلاح بين المسلمين فخبريني ما للنساء وقود الجيوش ؟ والبروز للرجال ؟
والـوقـوع بـيـن اهل القبلة , وسفك الدماء المحترمة ؟ ثم انك على زعمك طلبت دم عثمان , وما انت
وذاك ؟ وعـثـمان رجل من بني امية وانت من تيم ؟ ثم انك بالامس تقولين في ملا من اصحاب رسول
اللّه : اقتلوا نعثلا فقد كفر والسلام .



هـذه لمعة خاطفة مما حواه كتاب (احاديث عائشة ) ولو نحن ذهبنا نبين ما فصله هذا العالم المحقق
فـي كـتابه هذا مما اوفى به على الغاية , ولم نر مثله من قبل لغيره , لاحتجنا الى كتاب براسه واذا
كان لابد من كلمة نختم بها قولنا هذا الموجز فانا نقول مخلصين : انه يجب على كل من يريد ان يقف
عـلى حقيقة الاسلام في مستهل تاريخه الى بيعة يزيد فليقرا كتابي هذا العلامة : (عبداللّه بن سبا,
واحاديث عائشة ) وليتدبر ما جاء فيهما, فان فيهما القول الفصل .



امـا مـا نـرجوه من العلامة مؤلفهما فهو ان يغذ السير في هذا الطريق الذي اختطه حتى يتم ما اخذ
نفسه به .



واللّه ندعو ان يكتب له التوفيق , والسداد في عمله , انه سميع الدعاء.



محمود ابو رية .



القاهرة : عن جيزة الفسطاط ليلة الجمعة .



18 رمضان المبارك 1381ه.



الموافق 23 فبراير 1962م .



بسم اللّه الرحمن الرحيم .



والحمد للّه رب العالمين والصلاة على نبينا محمد وآله .



واصحابه وزوجاته امهات المؤمنين والسلام على سائر.



انبياء اللّه وعباده الصالحين .



مـخـتـلـف الـحـديث وبيان مشكله ((1)) , ليدفعوا بذلك ما اورد على نبي الاسلام وحديثه كما ان
الـخـصـومـة قـد دفعت فريقا آخر من الباحثين من امثال الملاحدة ومبشري النصارى , ولفيف من
المستشرقين , الى توجيه مختلف الطعن والنقد الى نبي الاسلام ودينه , مستندين في هجومهم العنيف
الـى مـا فـي ظـواهر تلك الاحاديث من تهافت واختلاف وقد فات اولئك وهؤلاء ان تلك المجموعة
الـضـخـمة من الاحاديث والتي يناقض بعضها بعضا ليست كلها سياقا واحدا ليؤلف مجموعها وحدة
تدرس على ضوء انها صادرة عن نبي الاسلام , وانما هي مجموعات مختلفة من احاديث رويت لنا عن
رواة مختلفين , وعلى الباحث ان يقوم بتصنيفها نسبة الى رواتها, فينسب الى (ام المؤمنين عائشة ) ـ
مـثلا ـ احاديثها, والى (انس ) و (ابي هريرة ) و (ابن عمر) ((2)) احاديثهم , ثم يدرس احاديث
كل منهم واحاديث غيرهم من الرواة المكثرين عن النبي مع دراسة حياة راويها وبيئته ادركت هذا
خـلال بحثي عن حوادث تاريخية وقعت في صدر الاسلام , ولفت نظري في تلكم الاحاديث ماروته
(ام الـمؤمنين عائشة ) خاصة , ورايت ان التاريخ الاسلامي منذ بعثة الرسول (ص ) حتى بيعة يزيد
بن معاوية لايفهم فهما صحيحا الا بعد دراسة احاديث (ام المؤمنين ) ـ احد مصادر التاريخ الاسلامي
الـمـهـمـة ـ دراسـة مـوضـوعية , كما اني ارى ايضا ان فهم قسم من آي القرآن الكريم , والفقه
الاسـلامـي , اللذين استند في بيانهما الى احاديثها متوقف على هذه الدراسة , ولما كنت بصدد البحث
عـن الـتـاريـخ الاسـلامـي فـي دوره الاول , لم يكن لي بد من تقديم هذه الدراسة على غيرها من
الدراسات .



(اولا) عقائده التي نشا عليها, وعقائد مجتمعه الذي يعيش فيه , والذي يرى في تلك الشخصيات مالا
يراه في غيرها من البشر , ويعتقد لعصرهم مالا يعتقده لغيره من العصور.



والـباحث ان لم يستطع تذليل هذه العقبة خرج من بحثه عقائديا يدافع عن عقيدة لا دارسا يبحث عن
حقيقة .



ولـمـا ادركـت هـذه الـحـقـيقة حاولت في بحثي هذا ان لا انقاد لعواطفي في ام المؤمنين عائشة ,
وتكريمي لها, كزوج للرسول الاكرم من ناحية , والا اجرد الشخصيات الاسلامية المحترمة , التي
يـدور البحث حولها عن فطرة اللّه التي فطر الناس عليها من ناحية ثانية كي استطيع القيام بدراسة
موضوعية لاحاديثها.



ولـسـت ازعم اني نجحت في هذه المحاولة ولكني بذلت الجهد في هذا السبيل , والحكم لغيري في
ذلـك واللّه يـعـلم ان الذي حداني الى هذه الدراسة انما هو رجاء انتفاع دارسي التاريخ الاسلامي ,
ودارسي قرآنه واحكامه من هذا البحث , واللّه من وراء القصد.



(ثـانـيا) يعترض الباحث فيما اذا وفق الى ترويض نفسه , وتذليل العقبة الانفة الذكر عقبة اخرى
بعدها, وهي الخوف من تاثير نشر هذه الدراسات على وحدة كلمة المسلمين , بعد ان بدات تظهر في
هذا العصر بشائر تلفهم وتخيهم نتيجة لبذل المصلحين جهودا كبيرة في سبيل ذلك وهل يجوز لمن
يـغـار على مصالح المسلمين ان يبحث اليوم في الماضي السحيق , وينشر منها ما يوجب النقد والرد,
ويثير الحفيظة , وينتج النفرة ؟ والتحقيق كي لايسبب ذلك عقم جهود المصلحين , ويؤدي بالمسلمين الى مالا يحمد عقباه امـا نـحن فلا نرى هذا فاننا حين ندعو اللّه مخلصين ان يوفق المسلمين لتلبية نداء المصلحين بنبذ
الـحزازات وتوحيد الكلمة , لا نريد ذلك على حساب العلم والمعرفة , ونعتقد ان المصلحين انفسهم
ايضا لا يريدونها كذلك , فان المصلحين الغيارى يدعون الى الاجتماع على صعيد الاسلام , والاسلام
لـيس براي سياسي دولي , وانما هو ايمان وعقيدة , وهما لايتاتيان من كتم الحقيقة , بل انهما ينتجان
من البحث والنقد العلمي الخالص , على ان لاينبعث ذلك من هوى النفس بدافع الحب والبغض .



ومـا الـسـبـيـل الـى معرفة مبادئ الاسلام واحكامه غير البحث عن تاريخ الاسلام في بدء بدئه ,
وتـمـحـيـص الاحـاديث النبوية , والتحقيق عن حال رواتها, لنفهم منها شان نزول القرآن الكريم ,
ولنستطيع ـ على ضوء هذا العلم ـ استنباط الاحكام الاسلامية التي نريد ان نعمل بها, وندعو الناس
الى العمل بها ايضا, ولابد لنا في العمل من العلم .



والـحق ان السعي لتقريب المسلمين بعضهم من بعض , والجهاد في سبيل اعادة حياة اسلامية , والقيام
بـالـبـحـث والتحقيق في تاريخ الاسلام وحديث نبيه (ص ) لا ينافي بعضه بعضا, وانما يتمم بعضه
بـعـضا, فانه لا يتمكن من اقامة مجتمع اسلامي دون فهم لقرآنه وحديث نبيه (ص ) وتاريخه , كما
لايتاتى التخي الصحيح الا بالايمان بوجوب اعادة حياة اسلامية , والا فعلى م يجتمع المسلمون ؟ وما
الذي يوحد كلمتهم ؟ كما لا يتاتى التخي ايضا الابترويض المسلمين انفسهم على سماع آراء بعضهم
بعضا ومناقشتها مناقشة من يطلب الحق ليتبعه , ليصدق عليهم قول اللّه سبحانه : (فبشر عباد.



الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه ), وهذا ماندعو اليه , ونسال اللّه ان يوفقنا جميعا الى الا هتداء
به .



وبـالاضـافـة الى ما ذكرنا فان في التاريخ الاسلامي ـ كغيره من تواريخ الملل والنحل في العالم ـ
عـقـبات ثلاثا غير ماذكرنا طالما اعترضت سبيل الباحثين والدارسين , وعاقتهم عن سلوك طريق
العلم .



واولـى تلك العقبات واهمها: عادة عبادة السلف الصالح , فقد داب البشر منذ فجر تاريخه على عبادة
سـلـفـه , ومن هنا نشات عبادة الاوثان , ولم يكن نسر, ويغوث , ويعوق , وود, وسواع ((3)) غير
رجال صلحاء احترمهم قومهم اولا, ثم تدرجوا الى عبادتهم .



ومـن الـعجيب في هذا الامر: اننا نجد السلف الصالح عندنا كان ينتقد بعضه بعضا, ويرده اشد الرد
والنقد, ويجوز لنفسه قتل من خالفه في الراي من معاصريه , حتى اذا انصرم عصرهم , وجاء الخلف
من بعدهم , راينا في المسلمين من يحرم نقدهم , فيغلق على نفسه وغيره باب العرفان والعلم .



والـعقبة المهلكة الثانية , وهي سجية التعصب الذميم , والتعصب عقبة امام العلم لما تسد على الانسان
مـنـافـذ النور, ومهلكة نجد لها ضحايا في كل عصر وكل مصر, هذه الري في اوائل القرن السابع
الـهجري ((4)) تدمرها العصبية المذهبية , يبيد الحنفية والشافعية الشيعة اولا, ثم يثني الشافيعة
بالحنفية , ويبيدونهم حتى يتركوا احياهم خرابا يبابا.



وثـالـثـة الاثـافي في هذه العقبات تدخل السلطة , آلهة العصور في هذا الشان , فهي التي اغلقت باب
البحث رياء, وهي التي سدت باب الاجتهاد سنة 665ه ((5)) وبقي كذلك حتى اليوم ولا ادري الم
يـان لـلـمـسـلـمـين ان يفتحوا باب البحث والتحقيق لايـرضـون بـالتقليد بديلا؟ المصلحين , وسياتي زمان يضحك اهله من متاعبنا كما ضحكنا من تعصب اهل الري الذميم .



ومـضافا الى ما ذكرت من عقبات فانا قد تعودنا ان نقرا لاحد مدحا فلا نرضى ان نسمع له نقدا, او
نـقدا فلا نرضى ان نسمع له ثناء, وفي هذا الكتاب رسمت ام المؤمنين كما وجدتها, سواء اكان ذاك
لها ثناء, او كان لها نقدا.



فـمـن اراد ان يقرا ام المؤمنين كما هي في الحديث والتاريخ , ويحلل شخصيتها من احاديثها, فدونه
ادوارا من حياتها في ماياتي .



واما من لايستطيع اجتياز ما ذكرت من عقبات والتي هي مشتركة بين الكاتب والقارئ فليدع الكتاب
لاهله , واللّه الموفق للصواب .



.



بسم اللّه الرحمن الرحيم .



(يـا ايـهـا الـنبي قل لازواجك ان كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا
جـمـيـلا وان كنتن تردن اللّه ورسوله والدار الاخرة فان اللّه اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما يا
نساء النبي من يات منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على اللّه يسيرا ومن يقنت
منكن للّه ورسوله وتعمل صالحا نؤتها اجرها مرتين واعتدنا لها رزقا كريما يا نساء النبي لستن كاحد
مـن الـنـساء ان اتقيتن فلاتخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في
بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى ).



.



(سورة الاحزاب / 28 ـ 33).



(يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي آتيت اجورهن وما ملكت .



يمينك مما افاء اللّه عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك
وامراة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا
مـا فـرضـنا عليهم في ازواجهم وما ملكت ايمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان اللّه غفورا رحيما
تـرجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك ادنى ان تقر
اعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن واللّه يعلم مافي قلوبكم وكان اللّه عليما حليما لايحل لك
الـنساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج ولو اعجبك حسنهن الا ما ملكت يمينك وكان اللّه على كل
شي ء رقيبا)(الايات / 50 ـ 52).



شرح الكلمات




ا ـ اجورهن : مهورهن .



ب ـ افاء: افاء عليه فيئا, اي جعل له الغنيمة التي لم تلحق فيها.



مشقة له .



ج ـ وهبت نفسها للنبي : اي طلبت من الرسول ان يتزوجها بلا مهر.



د ـ حرج : الحرج الضيق في باب النكاح .



ه ـ ترجي : ترجي هنا بمعنى تنحي عنك من تشا.



و ـ تؤوي : تؤوي هنا بمعنى تضم الى نفسك من تشاء منهن .



ز ـ الحلم : الحلم في اللغة : الاناة وضبط النفس عند الغضب مع القدرة وفي المصطلح الاسلامي : من
اسماء اللّه الحسنى , اي لا يعاجل بالعقوبة ويصفح .



ح ـ رقـيبا: الرقيب في اللغة : الحافظ المراعي , وفي المصطلح الاسلامي : من اسماء اللّه الحسنى ,
اي الحافظ الذي لايغيب عنه شي ء.



تفسير الايات




اننا نرى ان بعض الايات ومن ضمنها هذه الايات نزلت لتخبر عن .



انتهاء امد العمل ببعض الاحكام التي نزلت بوحي غير قرآني , مثل الاية 65 و 66 من سورة الانفال
الـتـي قـال اللّه فيها: (ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين الان خفف اللّه عنكم وعلم ان
فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ).



انـنا نرى حكم (ان يكونوا عشرين يغلبوا مائتين ), كان قد نزل بوحي غير قرآني , ولما انتهى امد
الـعمل به نزلت الايتان ليخبر اللّه في الاولى بهما, ان اللّه كان قد انزل بوحي غير قرآني ان يغلب
عـشـرون مـائتـين وفي الثانية يخبر سبحانه انتهاء امد ذلك , والان ان يكن منكم مائة يغلبوا مائتين
وكـذلـك الشان في آيات خبر تعداد زوجات الرسول (ص ) من سورة الاحزاب , فان اللّه سبحانه
اخبر فيها انه كان قد احل لخاتم انبيائه من آتاهن مهورهن من اقاربه وغيرهن من المؤمنات اللاتي
هاجرن معه , ثم اخبر تعالى انه حل له الزواج بغيرهن من المؤمنات واحل له امراة مؤمنة طلبت منه
ان يـتـزوجـهـا ووهبت له مهرها ان اراد النبي ان يستنكحها وان هذا الحكم خاص بالنبي من دون
المؤمنين وقد علم اللّه , اي عين ما فرض عليهم في ازواجهم وفي نساء ملكوها بشراء وغيره .



تنحي عنك من تشاء ممن وهبت نفسها لك وتضم الى نفسك من .



تـشاء منهن او يكون المعنى تؤخر من تشاء من ازواجك فلا تضاجعها, او تطلق من تشاء وتمسك من
تشاء, ولعل المقصود احلال كل ذلك لخاتم الانبياء (ص ), وانه احل له ان ينحي من شاء من الواهبات
انـفسهن ويضم الى نفسه من شاء منهن ويؤخر مضاجعة من شاء من ازواجه ويضاجع من شاء منهن لا
جـنـاح عـلـيـه فـي كل ذلك , ويعمل في كل ذلك بما يرى فيه من المصلحة , وان علمهن ان نزول
الـرخصة في كل ذلك من اللّه تعالى اقر لاعينهن وادنى الى رضاهن لما يعلمن ان ذلك من اللّه ولهن
الـثـواب فـي طـاعـة اللّه برضاهن بذلك , ولو علمن ان ذلك من قبلك لحزن وحملن ذلك لميلك الى
بـعضهن دون بعض , واللّه يعلم بما في قلوبكم من الرضا والسخط, وكان اللّه عليما بمصالح عباده ,
حـلـيـما في ترك التعجيل في عقوبتهم , ولا يحل لك النساء بعد نزول هذه الايات ولا ان تبدل بهن ,
تطلق بعضهن وتتزوج بغيرهن الا ما ملكت يمينك من الكتابيات , فاحل له ان يتسراهن ونرى ان هذه
الايـات نـزلـت بـعـد فـتح مكة وانتهاء الحرج الذي كانت المؤمنات المهاجرات يعشنه , وكان عدد
زوجات الرسول (ص ) يومذاك تسع نسوة من امهات المؤمنين .



وقد جاء في اصول الكافي في تفسير الايات بسنده




عـن ابـي عبداللّه (ع ) في قوله اللّه عز وجل : (ياايها النبي انا احللنا لك ازواجك ) كم احل له من
النساء قال : ما شاء من شي ء.



وفيه باسناده عن ابي عبداللّه (ع ) قال , قلت : (لايحل لك النساء من .



بعد, ولا ان تبدل بهن من ازواج ) فقال : لرسول اللّه (ص ) ان ينكح ما شاء من بنات عمه وبنات عماته
وبنات خاله وبنات خالاته وازواجه اللاتي هاجرن معه , واحل له ان ينكح من عرض المؤمنين بغير
مـهـر وهـي الـهبة , ولا تحل الهبة الا لرسول اللّه (ص ) فاما لغير رسول اللّه فلا يصلح نكاح الا
بمهر, وذلك معنى قوله تعالى : (وامراة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ).



رجـعـنا في تفسير الايات الى تفسير الطبري والقرطبي ومجمع البيان ونقلنا اعلاه ما اخترنا مما
ذكـروا فـي تـفسير الايات وبعد ذلكم ندرس في ماياتي حكمة عدد زوجات الرسول (ص ) باذنه
تعالى .



النساء يومذاك وفي هذا الصدد قال اللّه سبحانه




ا ـ في سورة النحل




(واذا بـشـر احـدهـم بـالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به
ايمسكه على هون ام يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون ) (الايتان / 57 ـ 58).



ب ـ في سورة الاسراء




(ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقهم واياكم ان قتلهم كان خطا كبيرا) (الاية / 31).



ج ـ في سورة الانعام




(ولا تقتلوا اولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم )(الاية / 151).



د ـ في سورة التكوير




(واذا الموءودة سئلت باي ذنب قتلت )(الايتان / 8 ـ 9).



قـال الـقرطبي : المؤودة : المقتولة , وهي الجارية تدفن وهي حية , سميت بذلك لما يطرح عليها من
التراب , فيؤودها اي يثقلها حتى تموت .



وقال ابن عباس في تفسير الايات




كانت المراة في الجاهلية اذا حملت حفرت حفرة , وتمخضتت على راسها, فان ولدت جارية رمت بها

في الحفرة , وردت التراب عليها, وان ولدت غلاما حبسته , ومنه قول الراجز








  • سـميتها اذ ولدت تمـوت
    والقبر صهر ضـامن زميت



  • والقبر صهر ضـامن زميت
    والقبر صهر ضـامن زميت





والزميت : الوقور.



وفي تفسير الطبري ما موجزه




كـان الـرجـل مـن ربيعة او مضر يشترط على امراته , ان تستحيي جارية وتئد اخرى , فاذا كانت
الـجارية التي تواد غدا الرجل او راح من عند امراته , وقال لها: انت علي كظهر امي ان رجعت اليك
ولـم تـئديـهـا, فتخد لها في الارض خدا وترسل الى نسائها فيجتمعن عندها ثم يتداولنها حتى اذا
ابصرته راجعا دستها في حفرتها ثم سوت عليها التراب ((6)) .



وفـي تـفـسـير القرطبي والطبري عن قتادة , قال : كانت الجاهلية يقتل احدهم ابنته , ويغذو كلبه ,
فعاتبهم اللّه على ذلك , وتوعدهم بقوله : (واذا المؤودة سئلت ) ((7)) .



قال المؤلف




انـمـا كـانـوا يـغذون كلبهم لانه كان ينفعهم في حراسة بيتهم وماشيتهم , بينما لم تكن البنت تجلب
لاولئك الوائدين نفعا.



وقال ابو الفرج في الاغاني




وفـد قيس بن عاصم على رسول اللّه (ص ) فساله بعض الانصار عما يتحدث به عنه من المؤودات
التي وادهن من بناته , فاخبر انه ما ولدت له بنت قط الا وادها ثم اقبل على رسول اللّه (ص ) يحدثه
فـقـال لـه : كـنت اخاف سوء الاحدوثة والفضيحة في البنات , فما ولدت لي بنت قط الا وادتها, وما
رحـمـت منهن مؤودة قط الا بنية لي ولدتها امها وانا في سفر فدفعتها امها الى اخوالها فكانت فيهم ,
وقدمت فسالت عن الحمل , فاخبرتني المراة انها ولدت ولدا ميتا ومضت على ذلك سنون حتى كبرت
الـصبية ويفعت , فزارت امها ذات يوم , فدخلت فرايتها وقد ظفرت شعرها وجعلت في قرونها شيئا
مـن خـلوق ونظمت عليها ودعا, والبستها قلادة جزع , وجعلت في عنقها مخنقة بلح , فقلت : من هذه
الـصـبية فقد اعجبني جمالها وكيسها؟ فبكت ثم قال : هذه ابنتك , كنت خبرتك اني ولدت ولدا ميتا,
وجعلتها عند اخوالها حتى بلغت هذا المبلع .



فامسكت عنها حتى اشتغلت عنها, ثم اخرجتها يوما فحفرت لها حفيرة فجعلتها فيها وهي تقول : يا ابت
مـا تـصنع بي ومنصرف عني وجـعلت اقذف عليها التراب ذلك حتى واريتها وانقطع صوتها, فما رحمت احدا ممن واريته غيرها
فدمعت عينا النبي (ص ) ثم قال : (ان هذه لقسوة , وان من لا يرحم لا يرحم ) ((8)) .



وقـال القرطبي : ان قيس بن عاصم سال النبي (ص ) وقال : يا رسول اللّه اني وادت ثمان بنات كن لي
في الجاهلية , قال : (فاعتق عن كل واحدة منهن رقبة ) قال : يا رسول اللّه اني صاحب ابل , قال : (فاهد
عن كل واحدة منهن بدنة ان شئت ) ((9)) .



وقال القرطبي : (انه كان من العرب من يقتل ولده خشية الاملاق , كما ذكر اللّه عز وجل وكان منهم
من يقتله سفها بغير حجة منهم في قتلهم , وهم ربيعة ومضر, كانوا يقتلون بناتهم لاجل الحمية .



وروي ان رجـلا مـن اصـحاب النبي (ص ), كان لا يزال مغتما بين يدي رسول اللّه (ص ), فقال له
رسـول اللّه (ص ): مـالـك تكون محزونا فقال يا رسول اللّه , اني اذنبت ذنبا في الجاهلية فاخاف الا
يـغفره اللّه لي وان اسلمت فقال له : اخبرني عن ذنبك : فقال : يا رسول اللّه , اني كنت من الذين يقتلون
بـنـاتـهم , فولدت لي بنت فتشفعت الي امراتي ان اتركها فتركتها حتى كبرت وادركت , وصارت من
اجـمـل الـنـساء فخطبوها, فدخلتني الحمية ولم يحتمل قلبي ان ازوجها او اتركها في البيت بغير
زواج , فـقلت للمراة : اني اريد ان اذهب الى قبيلة كذا وكذا في زيارة اقربائي فابعثيها معي , فسرت
بـذلك وزينتها بالثياب والحلي , واخذت علي المواثيق بالا اخونها فذهبت الى راس بئر فنظرت في
الـبئر ففطنت الجارية اني اريد ان القيها في البئر فالتزمتني , وجعلت تبكي وتقول : يا ابت ايش تريد
ان تـفعل بي فرحمتها, ثم نظرت في البئر فدخلت علي الحمية , ثم التزمتني وجعلت تقول : يا ابت لا
تضيع امانة امي , فجعلت مرة انظر في البئر ومرة انظر اليها فارحمها حتى غلبني الشيطان فاخذتها
والـقـيـتها في البئر منكوسة , وهي تنادي في البئر: يا ابت , قتلتني فمكثت هناك حتى انقطع صوتها
فـرجـعت فبكى رسول اللّه (ص ) واصحابه , وقال : (لو امرت ان اعاقب احدا بما فعل في الجاهلية
لعاقبتك ) ((10))

وفي شان هؤلاء انزل اللّه تعالى




(واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ) (النحل / 58).



قال ابن الاثير في ترجمة صعصعة من اسد الغابة ما موجزه



صعصعة بن ناجية جد الفرزدق همام بن غالب الشاعر وكان من اشراف بني تميم وكان في الجاهلية

يفتدي المؤودات وقد مدحه الفرزدق بذلك في قوله








  • وجدي الذي منع الوائـدات
    واحيا الوئيـد فلم تواد



  • واحيا الوئيـد فلم تواد
    واحيا الوئيـد فلم تواد




قال قدمت على النبي (ص ): فعرض علي الاسلام فاسلمت وعلمني آيات من القرآن , فقلت : يا رسول
اللّه انـي عـمـلـت اعـمالا في الجاهلية فهل لي فيها من اجر؟ قال وما عملت ؟ قلت ضلت ناقتان لي
عـشـراوان فـخـرجت ابغيهما على جمل لي فرفع لي بيتان في فضاء من الارض فقصدت قصدهما
فـوجـدت في احدهما شيخا كبيرا, فبينما هو يخاطبني واخاطبه اذ نادته امراة قد ولدت قال وما
ولـدت قـالـت جارية قال فادفنيها فقلت انا اشتري منك روحها لا تقتلها فاشتريتها بناقتي وولديهما
والـبـعـيـر الذي تحتي وظهر الاسلام وقد احييت ثلثمائة وستين مؤودة اشتري كل واحدة منهن
بناقتين عشراوين وجمل , فهل لي من اجر فقال رسول اللّه (ص ): هذا باب من البر لك اجره اذ من
اللّه عليك بالاسلام ((11)) .



ولما كانت اعالة البنت تسبب ضائقة اقتصادية لوالدها, امرت قريش بطلاق بنات رسول اللّه (ص )

كالاتي خبره




روى ابن اسحاق قال




كان رسول اللّه (ص ) قد زوج عتبة بن ابي لهب رقية او ام كلثوم , فلما بادى قريشا بامر اللّه تعالى
وبـالـعـداوة , قالوا: انكم قد فرغتم محمدا من همه , فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن فمشوا الى ابي
الـعـاص فـقالوا له : فارق صاحبتك ونحن نزوجك اي امراة من قريش شئت , قال : لا ها للّه , اني لا
افارق صاحبتي , وما احب ان لي بامراتي امراة من قريش وكان رسول اللّه (ص ) يثني عليه في .



صهره خيرا, فيما بلغني ثم مشوا الى عتبة بن ابي لهب , فقالوا له : طلق بنت محمد ونحن ننكحك اي
امـراة مـن قريش شئت , فقال : ان زوجتموني بنت ابان ابن سعيد بن العاص , او بنت سعيد بن العاص
فـارقتها, فزوجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها ولم يكن دخل بها, فاخرجها اللّه من يده كرامة لها
وهوانا له ,.



وخلف عليها عثمان بن عفان بعده ((12)) .



هكذا فعلت قريش لما ارادت ان تكيد رسول اللّه كيدا يقعده عن دعوته للتوحيد وعمدت الى ارجاع
بناته الى بيته ليشغلوه بهن عن مقارعتهم ومقابلتهم .



وذلـك لان الـمـراة لـم تكن تشترك يومذاك في الغزو ولا في سفر التجارة وغيرهما من الاعمال
الجالبة للثروة ومن ثم كانت ابدا ودائما عالة على الرجل .



كانت تلكم ظروف العرب عامة في شبه الجزيرة العربية وكانت ظروف المسلمين خاصة كالاتي



الـعـيـش بـمـكة المكرمة , ثم التحق بهم الرسول (ص ) في المدينة واتخذها دار هجرته وتدرج
الـمـسـلمون في الالتحاق به , وكان جلهم لا يملكون من وسائل العيش شيئا فاسكن الرسول (ص )
الفقراء من رجالهم في صفة مسجده وعاشوا في اشد حالات الفقر وسموا باصحاب الصفة وكان في
من هاجر الى المدينة نساء قد توفي ازواجهن او من استشهد ازواجهن بعد ذلك في غزوات الرسول
(ص ) ولم يكن لهن رجل يعيلهن وكان اسكانهن مع الرجال في صفة مسجده غير ميسور ولما ذكرناه
لم يكن للرسول بد من القيام بايوائهن بنفسه (ص ) واعالتهن .



وبالاضافة الى ذلك كانت تتحقق في زواج الرسول (ص ) ببعضهن مصالح كبيرة للاسلام والمسلمين
مـثـل تبدل العداء والخصومة بين الرسول (ص ) والمسلمين مع قبيلة ابي سفيان , الى التودد والالفة
ورفع الخصومة كما سندرس باذنه تعالى بعض ذلك في الاخبار الاتية .



عبداللّه بن عبدالمطلب يخطب خديجة بنت خويلد, هذا الفحل لا يقدع انفه ((13)) وكان عمرها
حينئذ اربعين سنة واقامت معه اربعا وعشرين سنة .



وكان سبب تزوجها برسول اللّه (ص ) انها كانت امراة تاجرة ذات شرف ومال , تستاجر الرجال في
مـالها تضاربهم ((14)) اياه بشي ء تجعله لهم منه فلما بلغها عن رسول اللّه (ص ) ما بلغها من صـدق
حـديـثه وعظم امانته وكرم اخلاقه بعثت اليه وعرضت عليه ان يخرج في مالها الى الشام تاجـرا,
وتـعـطيه افضل ما كانت تعطي غيره من التجار, مع غلام لها يقال له : ميسرة , فقبلـه منها وخرج في
مـالها ومعه غلامها ميسرة , حتى قدم الشام فنزل رسول اللّه (ص ) في ظل شجرة قريبا من صومعة
راهـب , فاطلع الراهب الى ميسرة فقال : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة قال : هذا رجل
من قريش من اهل الحرم .



فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة قط الا نبي ثم باع رسول اللّه (ص ) سلعته التي خرج بها,
واشـتـرى مـا اراد, ثم اقبل قافلا الى مكة , فلما قدم على خديجة بمالها باعت ماجاء به , فاضعف او
قريبا, وحدثها ميسرة عن قول الراهب وكانت خديجة امراة حازمة لبيبة شريفة مع ما اراد اللّه بها
مـن كرامتها فلما اخبرها ميسرة بعثت الى رسول اللّه (ص ) فقالت له : (اني قد رغبت فيك لقرابتك
مـنـي , وشرفك في قومك , وامانتك عندهم , وحسن خلقك , وصدق حديثك ) ثم عرضت عليه نفسها,
وكـانـت اوسـط نـساء قريش نسبا, واعظمهم شرفا, واكثرهم مالا فلما قالت لرسول اللّه (ص )
مـاقالت , ذكر النبي ذلك لاعمامه , فخرج معه حمزة بن عبدالمطلب حتى دخل على خويلد بن اسد,
فـخطبها اليه فتزوجها رسول اللّه (ص ), فولدت لرسول اللّه (ص ) ولده كلهم قبل ان ينزل عليه
الـوحـي : زيـنـب , وام كـلـثوم , وفاطمة , ورقية , والقاسم , والطاهر, والطيب فاما القاسم والطيب
والـطـاهر فهلكوا قبل الاسلام , وبالقاسم كان يكنى رسول اللّه (ص ) واما بناته فادركن الاسلام ,
فهاجرن معه واتبعنه وآمن به .



تـوفـيـت خديجة بعد ابي طالب بثلاثة ايام فتتابعت على رسول اللّه (ص ) المصائب بهلاك خديجة
وابي طالب , وكانت خديجة وزيرة صدق على الاسلام كان يسكن اليها وسمى رسول اللّه (ص ) ذلك
الـعـام بعام الحزن وكان موتها في رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين , ودفنت بالحجون ((15)) قيل :
كان عمرها خمسا وستين سنة .



/ 21