مقدمة الناشر - تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب - جلد 1

محمد هادی معرفت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التفسير و المفسرون .
الكتاب :التفسير و المفسرون في ثوبه القشيب . المؤلف :الاستاذ المحقق الشيخ محمد هادي معرفة .

الموضوع :في علوم القرآن .

الناشر:الجامعة الرضوية للعلوم الاسلامية .

الطبعة :الاولى .

عدد المطبوع :3000 نسخة .

التاريخ :ربيع الاول 1418.

الامور الفنية و الطبع :مؤسسة الطبع و النشر في الاستانة الرضوية المقدسة .

((جميع الحقوق محفوظة للناشر)).

مقدمة الناشر

بسم اللّه الرحمن الرحيم . تظل الحاجة قائمة الى تفسير القرآن الكريم بوصفه دستور الاسلام الرفيع , و معجزة النبي (ص )
الـخـالـدة لاسباب عرضها هذا الكتاب من هنا كان الرسول الاعظم (ص ) اول من تولى تفسيره عبر
اعـداده ثـلة من الصحابة الاكفا الذين كان امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع ) اكثرهم تالقا و يليه
عـبـد اللّه بـن مسعود, و ابي بن كعب , وعبداللّه بن عباس وكانت لهؤلا معرفة ملحوظة في تفسير
القرآن .

وازدادت الـحاجة الى تفسير القرآن الكريم اكثر فاكثر بعد وفاة الن بي الاكرم (ص ) بسبب البعد
عـن زمـن نزول الوحي , و اتساع نطاق الفتوحات الاسلامية , و بروز مسائل علمية جديدة فتوزع
عـدد مـن الصحابة على الامصار, فاستقر عبداللّه بن عباس بمكة , و عبداللّه بن مسعود بالكوفة , و
ابـي بن كعب بالمدينة و ابو موسى الاشعرى بالبصرة , و ابو الدردا بالشام و القى هؤلا دروسهم في
تـفـسـيـر القرآن , و جهدوا في سبيل ذلك ,فاثمرت مساعيهم من خلال اعداد شريحة من التابعين ,
وظهور مدارس تفسيرية متنوعة .

و هـكذا انتقل التراث الثمين لتفسير القرآن الكريم من التابعين الى تابعي التابعين و حفظته الصدور
و تـناقلته الالسن الى ان حان تدوين اول التفاسير, فاشرق فصل جديد في عرض المعارف القرآنية
السامقة للاجيال القادمة , و ظهرت اساليب مختلفة في التفسير.

و اضـطـلع التواقون الى القرآن الكريم بتدوين مئات التفاسير ـ كاملة كانت ام ناقصة ـ رغبة منهم
فـي خـدمـة هـذا الكتاب المقدس بعد ان تجشموا عنا كبيرا على تواتر الايام , و بعد ان شهد العالم
الاسـلامي انبثاق مدارس فكرية متنوعة في حقل الفلسفة , و الكلام , و العرفان , و التصوف , و شهد
ظـهـور المعتزلة , و الاشاعرة ولعل تعرف الامم و الشعوب على الاسلام و رغبتها في رسالة هذا
الدين فرضا ضرورة تعريف القرآن لها, مماافضى الى بروز ظاهرة جديدة باسم ((الترجمة )).

ان مـرور اربعة عشر قرنا على تفسير القرآن , و ظهور مدارس تفسيرية مختلفة ,و جهود الفرق
الاسـلامـية و علما المسلين لاستيعاب المعارف القرآنية , و الاهتمام بمستلزمات تفسير القرآن , و
عـشـرات الـموضوعات الاخرى , كل ذلك حفز الجميع على الاتجاه الجاد نحوفصل مهم في علوم
القرآن , تحت عنوان ((التفسير و المفسرون )).

و اول كـتـاب مـسـتـقل تم تدوينه في هذا المجال هو كتاب ((مذاهب التفسير الاسلامي )) الذي
الفه جولد تسيهر و ترجم هذا المستشرق في الكتاب المذكور و غيره من كتبه الاخرى جهله , بل
حقده على الاسلام و حذا حذوه الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه ((التفسير و المفسرون ))
الـذي الـفه في جزين و لقي هذا الكتاب ترحيبا من قبل الاوساط العلمية و الجامعية من لدن صدوره
حتى اليوم و هو الكتاب الوحيد الذي تبسط في مباحثه حول التفسير و المفسرين .

بـيـد انـه مني ايضا بمثالب فاظعة , اذ انه غفل عن كثير من الكتب التي صنفت و الانكى من ذلك كله
ان مـؤل فـه عـبر عن بغضه و اجحافه بحق بعض المذاهب الاسلامية و تفاسيرها مما قلل من قيمة
الكتاب كثيرا.

و مـن بين المذاهب التي اسخطته , و تجرعت مضض جفائه اكثر من غيرها هو المذهب الجعفري ,
اذتـحـامـل الذهبي على عقائد الشيعة , و ذكر تفاسيرهم في عداد ان ما يؤلمنا حقا هو تدريس هذا
الـكـتاب في جامعات بلادنا, و ذلك يعود الى غياب كتاب يستبدل به و قيض اللّه تعالى من يملا هذا
الـفـراغ , و هـو الاستاذالمحقق , الباحث القرآني سماحة آية اللّه محمد هادي معرفة ـ دام ظله ـ
الذي هب الى تاليف كتاب ((التفسيرو المفسرون )) بعزم راسخ و جهد كبير و بحث شامل .

و نلحظ ان هذا المؤل ف الكريم ـ كما ذكر هو نفسه ـ قد امضى ما ينيف على ثلاثين سنة في البحث
والـتـحـقـيق متحديا الصعاب دفاعا عن كيان التشيع , و اثباتا لدور علمائه في بث العلوم و المعارف
القرآنية .

و كان عطا تلك الجهود تدوين مجموعة كاملة في مباحث العلوم القرآنية بصورة واسعة و جامعة , و
تـشتمل هذه الدورة على سبعة اجزا تحت عنوان ((التمهيد في علوم القرآن )), طبع منها لحد الان
ستة اجزا.

و فـي هـذا الـمـضـمـار تـم تـاليف كتاب ((التفسير و المفسرون )) في جزين و مما الرضوية
لـلـعـلوم الاسلامية بمشهد المقدسة قبل نشره و جد في تحبيره من خلال اضافة فصول جديدة اثنا
التدريس .

و يحسن هنا ان نشير الى بعض خصائص الكتاب :.

1ـ كـل من يراجع الكتاب مراجعة يسيرة يدرك ان مؤلفه اخذ من كل مصدر يمكن ان يغني بحثه , و
لم يغفل عن التتبع اللازم .

2ـ ازيـن الـكـتـاب بـدراسـات شاملة تتناول نقد الارا و تحليلها بعد نقلها, على عكس بعض الكتب
التي تكتفي بنقل الارا و الاقوال .

3ـ ظـاهرة الابداع معلم بارز من معالم الكتاب اذ نجد فيه مباحث جديدة كضوابط التاويل , و المنهج
الـبـيـانـي لـلقرآن , و دور اهل البيت (ع ) في تفسير القرآن و هي مباحث يمكننا ان نقول عنها انها
تعرض لاول مرة في كتاب علمي , مطعمة بالدليل .

4ـ لـقـد بـذل الـمـؤلـف جـهـودا ملحوظة و مشكورة من اجل تحقيق هدفه المتمثل بالدفاع عن
الـمـذهـب الـجـعفري من خلال طرحه فصولا جديدة في الكتاب , منها: دور اهل البيت في تفسير
الـقرآن , و تحقيق جامع حول الموالين لاهل البيت من الصحابة و التابعين , و تفاسير الشيعة , و غير
ذلك .

5ـ تـوفـر الـمـؤلف في دراسة دور المفسرين من الصحابة و التابعين على نقد الارا المطروحة
حولهم وتحليلها اعتمادا على المصادر الرجالية , و ذهب الى براة كثير منهم مما الصق بهم جرحا و
تضعيفا, و اثبت موالاة الكثيرين منهم لاهل البيت (ع ).

6ـ اذا انـعـمنا النظر في الابحاث التي تدور حول تاريخ التفسير, فاننا نجدمجموعة كاملة من هذا
الـعـلـم قد طرحت في الكتاب اعتبارا من الاصطلاحات المستعملة حتى عصور تبلور التفسير, و
الـمدونات التفسيرية التي نلحظها في ذكر تفاسير الفريقين جميهما وذلك كله باسلوب شامل مقبول
و ان مسائل هذا العلم تغني كل مراجع .

مـن الـمـعـالم البارزة في كتب المؤلف قوة قلمه و يستبين هذا المعلم من مقايسة كتبه ببعض الكتب
الـمـؤلفة باللغة العربية و نلحظ في كتبه كلها ملكة عربية , و الماما بالزوايا البيانية للغة العربية من
اجل تبيان اهدافه .

و مـؤلـفـنـا القدير يزاول التدريس في الجامعة الرضوية للعلوم الاسلامية عددسنين , مهتما بنشر
الـثـقـافة القرآنية و اعداد الطلاب الكفؤين و قد تفضل بالموافقة على اقتراح جامعتنا لطبع كتابه
المذكور و اختصنا بشرف ذلك .

و انجزت المراحل التمهيدية قبل الطبع كالمراجعة , و الاخراج الفني , و اعدادفهارسه , و تنضيد
الـحـروف الـمـطـبـعـية بالحاسب الالكتروني و غيرها, في قسم الدراسات القرآنية في الجامعة
الرضوية .

نـبـتـهل الى المولى القدير جل و علا ان يتقبل من المؤلف الكريم و من كافة الاخوة الذين ساهموا
في اعداد الكتاب و طبعه هذا الجهد.

و انـه لـمن دواعي سرورنا ان نقدم هذا الكتاب الثمين لاودا القرآن الكريم جميعهم , و للّه الحمد
اولا وآخرا.

الجامعة الرضوية للعلوم الاسلامية .

قسم الدراسات القرآنية .

التفسير و المفسرون .

في ثوبه القشيب .

(كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا.

آياته و ليتذكر اولوا الا لباب ).

بحث مستوف بشؤون التفسير:.

نشاته و تطوره و الوانه .

مع عرض شامل لاشهر المفسرين .

و تحليل كامل لاهم كتب التفسير.

التفسير و المفسرون .

بسم اللّه الرحمن الرحيم .

مما لاشك فيه ان القرآن الكريم هو معجزة النبي (ص ) الخالدة , و يعتبر المحور الاساسي للشريعة
الاسلامية ,فتفسيره و تبيان ما اشكل على المسلمين هدف منتظر, و دعوة من اللّه تعالى , اذ قال :(و
لـو ردوه الى الرسول و الى اولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) من هنا نرى النبي (ص )
هـو اول مـن بـادر الى تفسيره , فشكل حلقات دراسية لذلك , و اخذ يسعى مثابرا في تربية صحابته
الاكفا ـ و هم حشدعظيم ـ, و قد اشتهر منهم عدد بتفسير القرآن الكريم , و افصاح معانيه , و كان
في طليعتهم الامام علي ابن ابي طالب (ع ).

و بـعـد ان الـتـحـق النبي (ص ) بالرفيق الاعلى و بعد المسلمون عن زمن نزول الوحي , و اتسعت
الـرقـعـة الاسـلامية بالفتوحات , نشات ابعاد علمية اخرى مستجدة , الامر الذي اثار الاحتياج الى
تفسير معاني القرآن اكثر فاكثر,فتصدى كل من تلقف من معين الرسول الاعظم لهذا الامر, و جابوا
في البقاع الاسلامية , فابن عباس في مكة ,و عبد اللّه بن مسعود بالكوفة , و ابي بن كعب بالمدينة , و
ابـو مـوسـى الاشـعري في البصرة , و ابو الدردا في الشام مشيدين نواة مدارس التفسير و حلقات
التعليم , و سعوا سعيهم في ذلك على اكمل وجه , الامر الذي ادى الى تربية عدد من التابعين في علم
التفسير, و ظهور مدارس تفسيرية متنوعة .

و قـد تلقى التابعون هذه الوفرة الثمينة من التفسير من الصحابة و ورثوها بدورهم الى اجيالهم من
تـابـعـيهم , وهكذا بقيت تتناقل في الصدور الى ان بدا عهد التدوين , حيث دون اول التفاسير, الامر
الذي فتح فصلا جديدافي عرض معارف القرآن الرفيعة السامية للاجيال عبر التاريخ .

و عـلـى مـر الايـام و عبر الازمان , و منذ عهد التدوين و حتى يومنا هذا, اخذ التفسير يتنوع في
اسلوبه و طابعه , وبدت المدارس الفكرية المختلفة من فلسفة و كلام و عرفان و تصوف و تشاهد
على الساحة التفسيرية , فنتجت من ذلك ـ و على يد عشاق القرآن ـ مئات التصانيف التفسيرية , خدمة
للقرآن العظيم .

و تـزامـنـا مـع تـعرف الامم على الثقافة الاسلامية و اشتياقهم لمعرفة رسالة هذا الدين الحنيف ,
ازدادت ضرورة تعريف القرآن , الامر الذي اسفر عن نشؤ ظاهرة اخرى الا و هي ظاهرة ترجمة
القرآن .

كـمـا ان ظـهور صفحة عريضة من التاريخ في تفسير القرآن الكريم , التي استوعبت اربعة عشر
قرنا, و كذلك ظهور مدارس تفسيرية شتى , و تقويم محاولات المفسرين في تلقي معاني القرآن , و
العناية بما يجب مراعاته في التفسير, و عشرات من الامور الاخرى التي استدعت ترقب الجميع الى
فصل مهم في علوم القرآن , يحمل عنوان ((التفسير و المفسرون )).

و اول كـتـاب مـسـتقل دون تحت هذا العنوان هو ((مذاهب التفسير الاسلامي )) الذي الفه جولد
تسيهر, و ترجم هذا المستشرق في الكتاب المذكور و غيره من كتبه الاخرى جهله بل بغضه على
الاسـلام ثـم استلهم منه الدكتورمحمد حسين الذهبي و الف كتابه ((التفسير و المفسرون )) في
جـزين و لقى هذا الكتاب ترحيبا في الاوساطالجامعية و لفت انتباهها, و ذلك لان هذا الكتاب فريد
فـي مـوضـوعـه , يستعرض مباحث مسهبة في ((التفسير والمفسرين )), بيد انه مني ايضا بمثالب
فـاظعة , اذ انه غفل عن كثير من الكتب التي صنفت قبله في التفسير, و وهم في تعريف المفسرين و
كـتبهم لاعتماده على مصادر ضعيفة , و الانكى من ذلك كله ان مؤلفه عبر عن بغضه واجحافه بحق
بعض المذاهب الاسلامية و تفاسيرها مما قلل من قيمة الكتاب كثيرا.

و مـن بين المذاهب التي اسخطته , و تجرعت مضض جفائه اكثر من غيرها هو المذهب الجعفري ,
اذ تحامل الذهبي على عقائد الشيعة , و ذكر تفاسيرهم في عداد التفاسير المشوبة بالبدع .

و مما يؤسف له ان الاوساط الجامعية في بلدنا الاسلامي هذا, اختارت هذا الكتاب كمنهج تدريسي ,
و ذلـك لعدم ما يحل محله , الى ان شمر المحقق المتتبع , الباحث القرآني الشيخ محمد هادي معرفة ـ
دام ظـلـه ـ عـن سـاعد الجد و الجهد, بعزم راسخ , و تحقيق شامل , فالف كتابه القيم ((التفسير و
المفسرون )) سدا لهذا النقص والعوز.

و نـلحظ ان هذا المؤلف الكريم امضى ما ينيف على ثلاثين سنة في البحث و التحقيق متحديا الصعاب
دفاعا عن كيان التشيع , و اثباتا لدور علمائه في بث العلوم و المعارف القرآنية .

و كـان ثمار تلك الجهود تدوين مجموعة كاملة في مباحث العلوم القرآنية , بصورة واسعة و جامعة ,
تحت عنوان ((التمهيد في علوم القرآن )).

و في هذا المضمار قام الاستاذ بتاليف كتابه ((التفسير و المفسرون )) في جزين ,و الكتاب هذا نال
الـسبق عن غيره من المؤلفات , لان المؤلف الجليل قام بتدريسه طوال سنوات قبل النشر في الحوزة
الـعـلمية بقم المشرفة , و الجامعة الرضوية للعلوم الاسلامية بمشهد المقدسة قبل نشره , حيث جد
في تحبيره من خلال اضافة فصول جديدة اليه اثنا التدريس .

و يجدر بنا ان نشير الى بعض ميزات الكتاب , و هي كما يلي :.

كـل مـن يتصف ح الكتاب تصفحا متواضعا يجد ان المؤلف قد صرف جهده في تزويد الكتاب بمباحث
قـيـمـة ومجدية , و لم يال جهدا من التتبع الحثيث و مراجعة المصادر التي ساعدته في الوصول الى
الهدف المنشود.

2ـ ان فـصـول الـكتاب مشحونة بتحقيقات مستوعبة حول الارا و الاقوال المذكورة ,و قد تصدى
المؤلف لنقدها و مناقشتها, خلافا لكثير من الكتب التي اقتصرت على نقل الارا و الاقوال فحسب .

3ـ ظاهرة الابداع معلم بارز من معالم الكتاب , اذ نجد فيه مباحث جديدة كضوابطالتاويل , و المنهج
الـبـيـانـي لـلـقـرآن , و دور اهل البيت (ع ) في تفسير القرآن و هي مباحث يمكننا ان نقول عنها:
انهاتعرض لاول مرة في كتاب علمي , مدعمة بالادلة .

4ـ لـقد سعى الاستاذ سعيا حثيثا في صدد تحقيق هدفه من تاليف الكتاب , و هو الذب عن مذهب اهل
الـبيت في التفسير, اذ عقد له فصولا وافية , متناولا دورهم البنا في ذلك , كما شمل سعيه و تحقيقه
الصحابة الموالين لاهل البيت و التابعين لهم باحسان , و كذلك البحث عما كتبه اتباع مذهب اهل البيت
في التفسير.

5ـ في البحث عن دور مفسري الصحابة و التابعين ركن الى مصادر الرجال المعتمدة , و اخذ يناقش
عـلـمـاالرجال , فبرا الكثير منهم مما ابداه الرجاليون فيهم من الجرح و التضعيف , و اثبت موالاتهم
لاهل البيت (ع ), رغم شهرتهم بانهم من الاغيار.

و مـن دواعي الفخر و الاعتزاز ان تحتضن الجامعة الرضوية امثال هؤلا الاعلام و لاسيما استاذنا
(مـعـرفـة ), اذ اغـتـنمت فرصة وجوده بين ظهرانيها منذ عدة سنوات , فاقترحت عليه موضوع
طـبـع هـذا الـكتاب لسد الثغرة , فاستجاب سماحته مشكورا ملبيا الدعوة , و بها نالت جامعتنا و سام
الفخر في نشره .

و انجزت المراحل التمهيدية قبل الطبع كالمراجعة , و الاخراج الفني , و اعدادفهارسه , و تنضيد
الـحـروف الـمـطـبـعـية بالحاسب الالكتروني و غيرها, في قسم الدراسات القرآنية في الجامعة
الرضوية .

نبتهل الى المولى القدير جل و علا ان يتقبل من المؤلف الكريم و من كافة الاخوة الذين ساهموا في
اعدادالكتاب و طبعه , هذا الجهد.

و انـه لـمن دواعي سرورنا ان نقدم هذا الكتاب الثمين لاودا القرآن الكريم جميعهم , و للّه الحمد
اولا و آخرا.

قسم الدراسات القرآنية .

التابعة للجامعة الرضوية للعلوم الاسلامية .

التفسير و المفسرون .

(كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا.

آياته و ليتذكر اولوا الا لباب ).

بحث مستوف بشؤون التفسير:.

نشاته و تطوره و الوانه .

مع عرض شامل لاشهر المفسرين .

و تحليل كامل لاهم كتب التفسير.

مقدمة المؤلف

بسم اللّه الرحمن الرحيم . الحمدللّه و سلام على عباده الذين اصطفى , محمد و آله الطاهرين .

قال تعالى : (و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شى و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين ) ((1)) .

كـان الـمسلمون في عهدهم الاول يفهمون القرآن على خالصته , و يستسيغون معانيه على بساطتها
الاولى ,صافية نقية عن كدر الاوهام والدخائل , اذ كان قد نزل بلغتهم وعلى اساليب كلامهم الفصيح
البليغ , كانوا يتلقونه غضا طريا, و يجيدون فهمه عذبا رويا.

و لـئن كادت تكون لهم وقفات عند مبهمات التعابير, لدقتها و رقة معانيها, فان الوقفة لم تكن لتطول
بـهـم , حـيث الرسول ـ و هو الذريعة العليا و الوسيلة الكبرى للوصول الى فهم الشريعة في جميع
مـناحيها ـ في متناولهم القريب , فكان يبين لهم اذ ذاك ما خفي على افهامهم او دق عن اذهانهم , اذ كان
عـليه البيان , كما كان عليه البلاغ , قال تعالى : (و انزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم و لعلهم
يتفكرون ) ((2)) .

و هكذا ظل المسلمون يفهمون القرآن على حقيقته , و يعملون به على بينة من امره , اقويا اعزا, في
سـلامـة وسعادة و عيش هني , مستمسكين بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها و قد تداومت بهم هذه
الحياة العليا طوال عهد الرسالة , وشطرا بعدها غير قليل .

ثـم خلف من بعدهم خلف ـ على تطاول الاى ام ـ اضاعوا بعض تلكم الطريقة المثلى , واتبعوا السبل ,
فـتفرقت بهم ذات اليمين و ذات الشمال , ربما في اهوا متباينة و آرا متضاربة , فكانت احداث و بدع
و ضلالات , وابتداع مذاهب و انحيازات , كل يضرب على وتره , و يعمل على شاكلته .

و كـان من جرا ذلك ان دخلت في الحديث والتفسير دخائل و اساطير مستوردة من ابنا اسرائيل و
مـسـلـمة اهل الكتاب , كان يبثها بين المسلمين فئات تظاهرت بالاسلام اما لغلبة الجو والمحيط, او
لرغبة في الدس والتزوير.

تـلـك كانت بلية المسلمين , وقد كثر الخبط والتخليط, و لم يفترق السليم عن السقيم , وكان نصيب
الـتفسير من هذا الخبط الحظ الاوفر بما اوتي هؤلا من قدرة للاستحواذ على عقول الضعفا و اهل
الاطماع من الامرا.

نـعـم كانت هناك معايير و مقاييس تميز الغث من السمين , و قد عرفها النبي الكريم (ص ) للامة منذ
ان احـس بـدخـائل اهل الضغائن على الاسلام , ممن يت بعون المتشابهات من الايات ابتغا الفتنة وابتغا
التاويل .

فـوضع حدودا دون رسوب تلكم الدسائس الخبيثة , و كان من اهمها: العرض على محكمات الايات
((هـن ام الكتاب )), ثم اللجؤ الى العترة الطاهرة ((الثقل الاصغر)) كما في حديث الثقلين , و انهما
لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض و عدم الافتراق , يعني : تلازمهما و لا غنا باحدهما دون الاخر,
فالكتاب اساس الدين , والطيبون من العترة حملته و حرسته , لانهم ورثة سيد المرسلين صلوات اللّه
عليهم اجمعين .

و نـحـن اذ نحاول انتهاج منهج السلف الصالح : الصحابة الاخيار, والتابعين الكبار,والسادة الاطهار,
نـتـتـبع طرائقهم في فهم كلام اللّه و استنباط معانيه والوقوف على مبانيه , وفق ما رسمه لناالعلما
الاعـلام والائمـة الـعـظـام , سائلين المولى تعالى التوفيق على ذلك والتسديد, انه ولي ذلك و هو
المستعان .

قم ـ محمدهادي معرفة .

12/ع1 /1411.

التفسير.

التعريف بالتفسير

التفسير من فسر, بمعنى ابان و كشف . قال الراغب : الفسر والسفر متقاربا المعنى كتقارب لفظيهما, لكن جعل الفسر لاظهارالمعنى المعقول ,
والـسـفـر لابـراز الاعـيان للابصار يقال : سفرت المراة عن وجهها و اسفرت و اسفر الصبح , و
قال تعالى : (و لا ياتونك بمثل الا جئناك بالحق و احسن تفسيرا) ((3)) اي بيانا و تفصيلا ((4)) .

و اصـطـلـحوا على ان التفسير, هو: ازاحة الابهام عن اللفظ المشكل , اي المشكل في افادة المعنى
المقصود.

و كـانـت صـياغته من باب ((التفعيل )) نظرا للمبالغة في محاولة استنباط المعنى , كما في كشف و
اكـتـشـف , فان في الثاني افادة زيادة المحاولة في الكشف , فكان اخص من المجرد, و ذلك بنا على
ان زيادة المباني تدل على زيادة المعاني .

فالتفسير ليس مجرد كشف القناع عن اللفظ المشكل , بل هو محاولة ازالة الخفا في دلالة الكلام , فلا
بـد ان يـكون هناك ابهام في وجه اللفظ, بحيث ستر وجه المعنى , و يحتاج الى محاولة و اجتهادبالغ
حتى يزول الخفا و يرتفع الاشكال .

و هـذا هـو الـفارق بين التفسير والترجمة , لانها حيث كان الجهل باللغة و عدم معرفة الوضع الذي
يرتفع بمراجعة كتب اللغة المعروفة , و ليس في ذلك كثير جهد و عنا.

الحاجة الى التفسير

مـا وجـه الـحـاجـة الى تفسير القرآن , و قد انزله اللّه نورا و هدى و بصائر للناس و تبيانا لكل شي , ((5)) كما انه جا ليكون بنفسه احسن تفسيرا ((6)) , فهل هناك حاجة الى تفسير؟.

نعم انزل اللّه الكتاب ليكون بذاته بيانا للناس عامة و تفصيلا لكل شي , ((7)) غير ان بواعث الابهام
امـر عارض ,و لعله كان من طبيعة البيان القرآني , جا تشريعا للاصول والمباني , و اجمل في البيان
ايكالا الى تبيين النبى (ص ) ليبين للناس تفاصيل ما نزل اليهم ((8)) .

قـال الامـام الـصادق (ع ) :((ان رسول اللّه (ص ) نزلت عليه الصلاة ولم يسم لهم ثلاثا و لا اربعا,
حتى كان رسول اللّه (ص ) هوالذي فسر لهم ذلك )) ((9)) .

هـذا جـانـب مـن الاجمال (الابهام ) الحاصل في وجه لفيف من آيات الاحكام , و لعله طبيعي في مثل
البيان القرآني , كما نبهنا.

و جـانـب آخـر اهـم : احتوا القرآن على معان دقيقة و مفاهيم رقيقة , تنبؤك عن كمون الخليقة و
اسـرار الوجود,هي تعاليم و حكم راقية جا بها القرآن , و كانت فوق مستوى البشرية آنذاك , ليقوم
الـنبى (ص ) بتبيينها و شرح تفاصيلها, و كذا صحابته العلما (هو الذي بعث في الا ميين رسولا منهم
يتلو عليهم آياته ويزكيهم و يعلمهم الكتاب والحكمة و ان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) ((10)) .

و ذلـك في مثل صفاته تعالى ـ الجلال و الجمال ـ, و معرفة وجود الانسان , و سر خلقته , و مقدار
تصرفه في الحياة , و الهدف من الخلق و الايجاد, و مسائل المبدا والمعاد.

كـل ذلـك جـا في القرآن في اشارات عابرة , و في الفاظ و تعابير كنائية , واستعارة و مجاز, فكان
حلها و الكشف عن معانيها بحاجة الى فقه و دراسة وتدبر, و امعان نظر و تفكير.

و ايضا فان في القرآن الماعات الى حوادث غابرة و امم خالية , جا ذكرها لاجل العظة و الاعتبار,
الـى جـنب عادات جاهلية كانت معاصرة , عارضها و شدد النكير عليها, في مثل مسالة النسي , و انها
زيـادة فـي الـكفر, ((11)) و نهيه عن دخول البيوت من ظهورها ((12)) و نحو ذلك , فاستنكرها
عـلـيـهـم و عـنفهم عليها حتى ابادها, و قطع من جذورها فلم يبق منها سوى اشارات عابرة , لولا
الوقوف عليها, لما امكن فهم معاني تلكم الايات .

كما تعرض لامور اتى عليها من وجه كليها و اهمل جانب تعيينها, فجات مجملة هي بحاجة الى شرح
و بيان ,في مثل الدابة التي تخرج من الارض فتكلم الناس , ((13)) و البرهان الذي عصم يوسف من
ارتكاب الاثم ((14)) .

هـذا مـضافا الى غرائب اللغة التي جات في القرآن على افصحها و ابلغها, وان كان صعبا فهمها على
عامة الناس ,لولا الشرح والبيان .

قـال الـراغـب : فـالـتفسير اما ان يستعمل في غريب الالفاظ, نحو ((البحيرة )) و((السائبة )) و
((الوصيلة )) او في وجيزكلام يبين و يشرح , كقوله : (و اقيموا الصلاة و آتوا الزكوة ) ((15))
او فـي كـلام مـضم ن بقصة لا يمكن تصوره الا بمعرفتها, نحو قوله تعالى : (انما النسي زيادة في
الكفر) ((16)) و قوله : (و ليس البر بان تاتوا البيوت من ظهورها) ((17)) .

قـال الامـام بدر الدين الزركشي : التفسير علم يعرف به فهم كتاب اللّه , و بيان معانيه , واستخراج
احـكـامه وحكمه , و ان اللّه انما خاطب خلقه بما يفهمونه , ولذلك ارسل كل رسول بلسان قومه , و
انزل كتابه على لغتهم .

والقرآن انما انزل بلسان عربى مبين في زمن افصح العرب , و كانوا يعلمون ظواهره و احكامه , و
انـمـا احـتـيـج الـى الـتـفسير, لما فيه من دقائق باطنة لا تظهر الا بعد البحث والنظر, مع سؤال
النبى (ص ) عنها في الاكثر, كسؤالهم لمانزل : (و لم يلبسوا ايمانهم بظلم ) ((18)) , فقالوا: اينا لم
يظلم نفسه ((19)) , و
كـسـؤال عـائشـة عـن الـحـسـاب الـيسير ((20)) , فقال : ((ذلك العرض , و من نوقش الحساب
عذب )) ((21)) , و كقصة عدي بن حاتم في الخيط الذي وضعه تحت راسه , ((22)) وغير ذلك
مما سالوه عن آحاد منه ((23)) .

قـال : ولم ينقل الينا عنهم تفسير القرآن و تاويله بجملته , فنحن نحتاج الى ما كانوا يحتاجون اليه و
زيادة ,لقصورنا عن مدارك احكام اللغة بغير تعلم , فنحن اشد الناس احتياجا الى التفسير.

قـال : و معلوم ان تفسير القرآن يكون بعضه من قبيل بسط الالفاظ الوجيزة وكشف معانيها, و بعضه
من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض , لبلاغته و لطف معانيه , و لهذا لايستغنى عن قانون عام
يعول في تفسيره عليه , و يرجع في تفسيره اليه , من معرفة مفردات الفاظه و مركباتها, و سياقه , و
ظاهره و باطنه , وغير ذلك ممالا يدخل تحت الوهم , و يدق عنه الفهم .

بين اقداحهم حديث قصير ـــــ هو سحر, و ما سواه كلام .

و فـي هذا تتفاوت الاذهان , و تتسابق في النظر اليه مسابقة الرهان فمن سابق بفهمه , و راشق كبد
الـرمـيـة بـسـهمه ,و آخر رمى فاشوى ((24)) و خبط في النظر خبط عشوا, كما قيل : و اين
الرقيق من الركيك , و اين الزلال من الزعاق ((25)) .

الفرق بين التفسير و التاويل

كـان الـتـاويل في استعمال السلف مترادفا مع التفسير, و قد داب عليه ابو جعفرالطبري في جامع البيان لكنه في مصطلح المتاخرين جا متغايرا مع التفسير, و ربما اخص منه .

التفسير ـ كما عرفت ـ : رفع الابهام عن اللفظ المشكل , فمورده : ابهام المعنى بسبب تعقيد ((26))
حاصل في اللفظ.

و امـا التاويل فهو دفع الشبهة عن المتشابه من الاقوال و الافعال , فمورده حصول شبهة في قول او
عمل , اوجبت خفا الحقيقة (الهدف الاقصى او المعنى المراد)فالتاويل ازاحة هذا الخفا.

فـالـتـاويل ـ مضافا الى انه رفع ابهام ـ فهو دفع شبهة ايضا, فحيث كان تشابه في اللفظكان ابهام في
وجه المعنى ايضا, فهو دفع و رفع معا.

و لنتكلم شيئا في التاويل , في حقيقته و المعاني التي جا استعمالها في القرآن والحديث , و ما قيل او
قد يقال فيه .

الـتاويل : من الاول , و هو الرجوع الى حيث المبدا, فتاويل الشي ارجاعه الى اصله و حقيقته , فكان
تاويل المتشابه توجيه ظاهره الى حيث مستقر واقعه الاصيل .

والـتـشابه قد يكون في كلام اذا اوجب ظاهر تعبيره شبهة في نفس السامع , او كان مثارا للشبهة , ـ
كـمـا فـي مـتـشـابـهـات الـقـرآن ـ , كـان يـتبعها اهل الزيغ ابتغا الفتنة وابتغا تاويلها, الى حيث
اهدافهم الخبيثة .

و قد يكون التشابه في عمل كان ظاهره مريبا, كما في اعمال قام بها صاحب موسى ,بحيث لم يستطع
موسى الصبر عليها دون استجوابه , والسؤال عن تصرفاته تلك المريبة و قـد بـحـثنا عن المتشابهات و انواعها, و الاسباب الموجبة لوقوع التشابه في القرآن ,في الجز
الثالث من التمهيد.

والان فلنذكر المعاني التي يحملها لفظ ((التاويل )) في عرف القرآن و استعمال السلف .

معاني التاويل

جا استعمال لفظ ((التاويل )) في القرآن على ثلاثة وجوه :. 1ـ تـاويـل الـمتشابه , بمعنى توجيهه حيث يصح و يقبله العقل و النقل ,اما في متشابه القول , كما في
قـولـه تعالى :(فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغا الفتنة و ابتغا تاويله ) ((27)) ,
اوفـي مـتـشـابـه الـفعل , كما في قوله : (سانبؤك بتاويل ما لم تستطع عليه صبرا), (ذلك تاويل ما
لم تسطع عليه صبرا) ((28)) .

2ـ تـعـبـيـر الـرؤيـا, و قـد جـا مـكـررا فـي سـورة يـوسـف فـي ثـمـانـيـة
مواضع :(6و21و36و37و44و45و100و101).

3ـ مـل الامـر و عـاقـبـتـه , و مـا يـنـتـهـى الـيـه الامر في نهاية المطاف , قال تعالى : (و زنوا
بالقسطاس المستقيم ذلك خير و احسن تاويلا) ((29)) , اي اعود نفعا و احسن عاقبة .

ولـعل منه قوله : ( فان تنازعتم في شى فردوه الى اللّه والرسول , ان كنتم تؤمنون باللّه واليوم الا
خر, ذلك خير و احسن تاويلا) ((30)) , اي انتج فائدة و افضل ملا.

و يحتمل اوجه تفسيرا و اتقن تخريجا للمعنى المراد, نظير قوله تعالى : (و لو ردوه الى الرسول
و الـى اولـي الا مـر مـنهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) ((31)) , و قال تعالى : (هل ينظرون الا
تـاويـلـه يوم ياتي تاويله ) ((32)) , اي هل ينتظرون ماذا يؤول اليه امر الشريعة والقرآن , لكن لا
يطول بهم الانتظار(يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ) ((33)) , (كانهم يوم يرون ما
يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار) ((34)) , (و لات حين مناص ) ((35)) .

4ـ والـمـعـنـى الرابع ـ للتاويل ـ جا استعماله في كلام السلف : مفهوم عام , منتزع من فحوى الاية
الواردة بشان خاص , حيث العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد.

و قـد عبر عنه بالبطن المنطوي عليه دلالة الاية في واقع المراد, في مقابلة الظهر المدلول عليه
بالوضع والاستعمال , حسب ظاهر الكلام قال رسول اللّه (ص ): ((ما في القرآن آية الا و لها ظهر
و بطن )).

سـئل الامـام ابـوجـعفر الباقر(ع ) عن هذا الحديث الماثور عن رسول اللّه (ص ), فقال : ((ظهره
تـنـزيـلـه و بـطـنـه تـاويـلـه ,مـنـه مـا قـد مضى و منه ما لم يكن , يجري كما تجري الشمس
والقمر)) ((36)) .

و قـال (ع ): ((و لـو ان الاية اذا نزلت في قوم ثم مات اولئك القوم , ماتت الاية ولما بقي من القرآن
شي و لكن القرآن يجري اوله على آخره , ما دامت السماوات و الارض , و لكل قوم آية يتلونها, هم
منها من خير اوشر)) ((37)) .

و في الحديث عنه (ص ): ((ان فيكم من يقاتل على تاويل القرآن , كما قاتلت على تنزيله , و هو على
بن ابي طالب )) ((38)) .

فانه (ص ) قاتل على تنزيل القرآن , حيث كان ينزل بشان قريش و مشركي العرب ممن عاند الحق و
عـارض ظـهـور الاسـلام امـا عـلى (ع ) فقد قاتل اشباه القوم ممن عارضوا بقا الاسلام , على نم
ط معارضة اسلافهم في البد.

و لـهـذا الـمعنى عرض عريض , و لعله هو الكافل لشمول القرآن و عمومه لكل الازمان والاحيان
فلولا تلك المفاهيم العامة , المنتزعة من موارد خاصة ـ وردت الاية بشانها بالذات ـ لما بقيت لاكثر
الايات كثير فائدة ,سوى تلاوتها و ترتيلها ليل نهار.

و اليك بعض الامثلة على ذلك :.

مفاهيم عامة منتزعة من الايات

قال تعالى : (واعلموا ان ما غنمتم من شى فان للّه خمسه و للرسول و لذي القربى ) ((39)) .
نزلت بشان غنائم بدر, و غاية ما هناك ان عمت غنائم جميع الحروب , على شرائطها.

لـكـن الامـام ابا جعفر محمد بن على الباقر(ع ) نراه ياخذ بعموم الموصول , و يفسر ((الغنيمة ))
بمطلق الفائدة , وارباح المكاسب و التجارات , يربحها ارباب الصناعات و التجارات و غيرهم طول
عامهم , في كل سنة بشكل عام .

قـال (ع ): ((فـامـا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام , قال اللّه تعالى : (و اعلموا ان ما
غنمتم من شى فان للّه خمسه و للرسول و لذي القربى ).

و هـكـذا عـن الامـام مـوسـى بـن جعفر الكاظم (ع ): ((الخمس في كل ما افاد الناس من قليل او
كثير)) ((40)) .

و قال تعالى : (و انفقوا فى سبيل اللّه و لا تلقوا بايديكم الى التهلكة ) ((41)) .

نـزلـت بـشان الاعداد للجهاد, دفاعا عن حريم الاسلام , فكان مفروضا على اصحاب الثروات القيام
بنفقات الجهاد, دون سيطرة العدو الذي لا يبقي و لا يذر.

لـكـن ((الـسـبيل )) لا يعني القتال فحسب , فهو يعم سبيل اعلا كلمة الدين و تحكيم كلمة اللّه في
الارض , ويـتـلـخـص فـي تثبيت اركان الحكم الاسلامي في البلاد, في جميع ابعاده : الاداري و
الاجـتماعي و التربوي والسياسي و العسكري , و ما شابه و هذا انما يقوم بالمال , حيث المال طاقة
يـمـكـن تبديلها الى اى طاقة شئت , ومن ثم قالوا: قوام الملك بالمال فالدولة القائمة بذاتها انما تكون
قائمة اذا كانت تملك الثروة اللازمة لادارة البلادفي جميع مناحيها.

و هـذا المال يجب توفره على ايدي العائشين تحت لوا الدولة الحاكمة , و يكون مفروضا عليهم دفع
الـضرائب و الجبايات , كل حسب مكنته و ثروته , الامر الذي يكون شيئا ورا الاخماس و الزكوات
التي لها مصارف خاصة , لاتعني شؤون الدولة فحسب .

و هذه هي (المالية ) التي يكون تقديرها و توزيعها على الاموال والممتلكات , حسب حاجة الدولة و
تقديرها, ومن ثم لم يتعين جانب تقديرها في الشريعة , على خلاف الزكوات والاخماس , حيث تعين
المقدار والمصرف والمورد فيها بالنص .

فـقـد فـرض الامام امير المؤمنين (ع ) على الخيل العتاق في كل فرس في كل عام دينارين , و على
البراذين دينارا ((42)) .

ضابطة التاويل

و مـما يجدر التنبه له ان للاخذ بدلائل الكلام ـ سوا اكانت جلية ام خفية ـ شرائط و معايير, لا بد من مراعاتهاللحصول على الفهم الدقيق فكما ان لتفسير الكلام ـ و هو الكشف عن المعاني الظاهرية
لـلـقـرآن ـ قـواعـد واصول مقررة في علم الاصول و المنطق , كذلك كانت لتاويل الكلام ـ و هو
الـحـصول على المعاني الباطنية للقرآن ـ شرائط و معايير, لاينبغي اعفاؤها و الا كان تاويلا بغير
مقياس , بل كان من التفسير بالراي الممقوت .

ولـيـعـلم ان التاويل ـ و هو من الدلالات الباطنية للكلام ـ داخل في قسم الدلالات الالتزامية غير
البينة , فهو من دلالة الالفاظ لكنها غير البينة , و دلالة الالفاظ جميعا مبتنية على معايير يشرحهاعلم
الـمـيـزان , فـكـان التاويل ـ و هو دلالة باطنة ـ بحاجة الى معيار معروف كي يخرجه عن كونه
تفسيرا بالراي .

فـمـن شـرائط الـتـاويل الصحيح ـ اي التاويل المقبول في مقابلة التاويل المرفوض ـاولا: رعاية
الـمناسبة القريبة بين ظهر الكلام و بطنه , اي بين الدلالة الظاهرية و هذه الدلالة الباطنية للكلام ,
فـلاتكون اجنبية , لا مناسبة بينها و بين اللفظ ابدا فاذا كان التاويل ـ كما عرفناه ـ هو المفهوم العام
المنتزع من فحوى الكلام , كان لا بد ان هناك مناسبة لفظية او معنوية استدعت هذا الانتزاع .

مـثلا: لفظة ((الميزان )) وضعت لالة الوزن المعروفة ذات الكفتين , وقد جا الامر باقامتها و عدم
البخس فيها, في قوله تعالى : (و اقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان ) ((43)) .

لـكـنا اذا جردنا اللفظ من قرائن الوضع و غيره و اخلصناه من ملابسات الانس الذهني , فقد اخذنا
بـمفهومه العام :كل ما يوزن به الشي , اي شي كان ماديا ام معنويا, فانه يشمل كل مقياس او معيار كان
يقاس به او يوزن به في جميع شؤون الحياة , و لا يختص بهذه الالة المادية فحسب .

قال الشيخ ابو جعفر الطوسي : فالميزان آلة التعديل في النقصان و الرجحان , والوزن يعدل في ذلك و
لـولا الـميزان لتعذر الوصول الى كثير من الحقوق , فلذلك نبه تعالى على النعمة فيه و الهداية اليه و
قيل : المراد بالميزان : العدل , لان المعادلة موازنة الاسباب ((44)) .

وروى مـحمد بن العباس المعروف بماهيار (ت ح330 ) ـ في كتابه الذي وضعه لبيان تاويل الايات ـ
بـاسـنـاده الى الامام الصادق (ع ) قال : الميزان الذي وضعه اللّه للانام , هو الامام العادل الذي يحكم
بـالـعدل , و بالعدل تقوم السماوات والارض , و قد امر الناس ان لا يطغوا عليه و يطيعوه بالقسط و
العدل , ولايبخسوا من حقه , او يتوانوا في امتثال اوامره ((45)) .

و هـكـذا قـوله تعالى : (قل ارايتم ان اصبح ماؤكم غورا فمن ياتيكم بما معين ) ((46)) كانت دلالة
الايـة فـي ظـاهـر تـعبيرها واضحة , ان نعمة الوجود و وسائل العيش و التداوم في الحياة , كلها
مرهونة بارادته تعالى وفق تدبيره الشامل لكافة انحا الوجود.

واللّه تعالى هو الذي مهد هذه البسيطة لامكان الحياة عليها, و لولا فضل اللّه و رحمته لعباده لضاقت
عليهم الارض بما رحبت .

هذا هو ظاهر الاية الكريمة , حسب دلالة الوضع والمتفاهم العام .

و لـلامـام ابي جعفر الباقر(ع ) بيان يمس جانب باطن الاية و دلالة فحواها العام , قال : ((اذا فقدتم
امامكم فلم تروه فماذا تصنعون )).

و قـال الامام على الرضا(ع ): ((ماؤكم : ابوابكم الائمة , والائمة : ابواب اللّه فمن ياتيكم بما معين ,
اي ياتيكم بعلم الامام )) ((47)) .

/ 25