المدخل - أصول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أصول - نسخه متنی

جواد تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





المدخل

اما المقدمة ففي بيان امور(1).



الاول : ان موضوع كل علم (2).



(1) قـد جـرت سيرة المصنفين على ذكر مقدمة قبل الشروع في مباحث العلم ومسائله يتعرضون
فـيـها لامور ترتبط بالعلم ولا تكون من مسائله , كبيان موضوع العلم وتعريفه وبيان الغرض والغاية
مـنه , وتبعهم على ذلك الماتن (ره ) وجعل لكتابه هذا مقدمة وبين فيها امورا كلها خارجة عن مسائل
علم الاصول ولكنها ترتبط بها بنحو من الارتباط, كما ستعرف ان شاء اللّه تعالى .



موضوع العلم ومسائله



(2) المعروف عند القوم انـه لابد لكل علم من موضوع يبحث في مسائل العلم عن العوارض الذاتية لـذلـك الـموضوع بان تكون المحمولات المذكورة في مسائل العلم عوارض ذاتية له . وذكروا في
تـعـريـف العرض الذاتي : انه ما يعرض الشي ءبلاواسطة او مع الواسطة المساوية داخلية كانت او
خارجية .



تـوضـيح ذلك : ان العارض (يعني المحمول على الشي ء بمفاد كان الناقصة ) اما ان يكون بلا واسطة
اصلا او يكون معها,وعلى الثاني اما ان تكون الواسطة داخلية او خارجية .



فـالـواسطة الداخلية بالاضافة الى ذيها تكون اعم او مساوية ولا يمكن ان تكون اخص لانـها جزء
الـشـي ء وجزئه لا يكون اخص منه , حيث انه جنسه او فصله , فالعارض للشي ء بواسطة فصله مثل
ادراك الـكـليات العارض للانسان بواسطة الناطق , والعارض له بواسطة جنسه كالحركة القصدية
الـعارضة بواسطة الحيوان (ولايخفى ان الحركة القصدية غيرالحركة الارادية حيث ان الحركة
الارادية لا تكون في غير الانسان من سائر الحيوانات ) ((1)) .



والـواسـطـة الخارجية تكون بالاضافة الى المعروض مساوية او اعم او اخص او مباينة والاول
كعروض الضحك للانسان بواسطة التعجب المساوي له حيث لا يوجد في غيره من سائر الحيوان ,
والـثـانـي كـعروض الحركة القصدية للمتكلم بواسطة الحيوان , والثالث كعروض ادراك الكليات
لـلـحـيـوان بـواسطة الناطق , والواسطة المباينة كالنار في عروض الحرارة للماء وكالسفينة في
عروض الحركة لجالسها. فهذه اقسام سبعة .



والـعـرض الـذاتـي مـنـها ما يعرض الشي ء بلا واسطة او مع الواسطة المساوية داخلية كانت او
خارجية .



والـغـريب منها ما يعرض له بواسطة خارجية اعم او اخص او مباينة واختلفوا فيما كان بالواسطة
الداخلية الاعم ((2)) .ولذلك وقعوا في اشكال لزوم خروج كثير من مباحث العلوم عن كونها مسائل
لها فان المحمولات في مسائلها لا تكون غالبا عارضة لموضوعاتها بلا واسطة او مع واسطة مساوية
داخـلية او خارجية , مثلا المبحوث عنه في علم النحو في مسالة الفاعل رفعه , وفي مسالة المفعول
نـصـبـه , ونـحو ذلك مع ان شيئا من الرفع والنصب لا يعرضان الكلمة بنفسها بل يعرضانها بوساطة
الفاعل والمفعول وكل منها اخص من الكلمة التي هي موضوع هذا العلم (على ما هو المعروف ),وكذا
المبحوث عنه في علم الاصول ظهور صيغة الامر في الوجوب مثلا مع ان النسبة بينها وبين صيغة
الامر في الكتاب المجيد ليست هي التساوي ((3)) وهكذا.



ذكر الماتن في المقام امرين وكانه يندفع الاشكال بهما من اساسه :
احدهما: ان موضوع العلم عين موضوعات مسائله خارجا ولا تغاير بينهما الاتغاير الكلي مع افراده .



وثانيهما: ان كل عرض لا يكون عروضه للشي ء مع الواسطة في العروض هو عرض ذاتي له سواء
لم يكن في عروضه له واسطة اصلا او كانت بنحو الواسطة في الثبوت , ولا يخفى ان الواسطة في
العروض نظير ما في نسبة الحركة الى جالس السفينة حيث ان المتحرك خارجا حقيقة هي السفينة
ونـسـبـتها الى الجالس فيها بنحو من العناية وعلى ما ذكره (ره ) تكون تمام المحمولات في مسائل
الـعـلـوم عوارض ذاتية لموضوعاتها فانه بعد كون الموضوع في علم النحو مثلا هي الكلمة (يعني
اللفظ الموضوع لمعنى ) وهي عين الفاعل في الكلام , يكون الرفع المحمول على الفاعل محمولا على
الكلمة بلاواسطة في العروض .



ثـم ان المراد بالعارض هو المحمول لا العرض في مقابل الجوهر حيث انه ربما لا يكون المحمول
فـي الـمـسـالة عرضا كمافي بعض مسائل علم الكلام كقولهم واجب الوجود عالم , قادر, بسي
ط وكقولهم في الفقه الماء طاهر والخمر نجس الى غير ذلك .



وعـلى ما ذكر يكون قوله (ره ) ((4)) هو الذي يبحث فيه عن عوارضه الذاتية جملة معترضة
لـبـيـان تعريف موضوعات العلوم , وقوله (ره ) ((5)) : بلا واسطة في العروض تفسير للعرض
الـذاتي واشارة الى الخلل فيما ذكروه في تعريفه من تقسيمهم العارض الى سبعة اقسام وقولهم بان
اربعة منها عرض غريب .



وقـولـه (ره ) ((6)) : نـفـس مـوضـوعـات مـسائله خبر ان يعني موضوع كل علم هو نفس
موضوعات مسائله .



وقوله (ره ) ((7)) : ما يتحد معها خارجا معطوف على موضوعات مسائله يعني موضوع كل علم
ما يتحد مع نفس موضوعات مسائله خارجا.



وقـولـه (ره ) ((8)) : الـطبيعي وافراده معطوف على الكلي ومصاديقه والمراد من المعطوف
والمعطوف عليه واحد.



وقـد اتضح بما تقدم ان ما يذكر موضوعا لبعض العلوم مما لا تكون نسبته الى موضوعات مسائله من
قـبـيل الكلي والفردخطا في تشخيص الموضوع اذ لا تغاير بين موضوع العلم وموضوعات مسائله
الا تـغـايـر الـكلي مع فرده كما مر (ويقتضيه البرهان المدعى لاثبات لزوم الموضوع لكل علم ).



وعـلـيـه فـمـا يـقـال من ان موضوع علم الطب مثلا هو بدن الانسان وموضوعات مسائله الاعضاء
المخصوصة ليس بصحيح لان نسبة البدن الى العضو نسبة الكل الى الجزء لا الكلي الى الفرد فيكون
الموضوع في علم الطب ما يعرضه المرض لا خصوص البدن .



ثم ان المعروف ان وجه التزام الماتن (ره ) ومن تبعه بلزوم الموضوع للعلوم , هوعدم امكان صدور
الـواحـد عـن الـكـثـير بدعوى ان الغرض من العلم واحد فاللازم صدوره عن واحد وهو الجامع
بـيـن مـوضـوعـات المسائل حيث ان الجامع بين محمولاتها ينتهى اليه كما هو مقتضى قولهم كل ما
بالعرض لابد من ان ينتهي الى ما بالذات .



اقـول : لـيس في كلامه (ره ) في المقام ما يشير الى الموجب لالتزامه بذلك , بل في كلامه ما ينافي
الـمـوجـب الـمفروض حيث صرح في تداخل العلوم بامكان غرضين متلازمين فيدون لاجلهما علم
واحـد, ومـقتضى القاعدة المفروضة عدم امكان غرضين في علم واحد بل ولا امكان ترتب غرضين
على بعض مسائل العلم حيث انه من صدور الكثير عن واحد.



ثـم انـه (ره ) اضـاف الى تعريف علم الاصول او التي ينتهي اليها في مقام العمل ((9)) وذكر في
وجـهـه انـه لا مـوجب لخروج مباحث الاصول العلمية وحجية الظن الانسدادي على الحكومة من
مـسـائل عـلـم الاصـول , ولو كان المهم من علم الاصول هو التمكن من الاستنباط فقط لكان مقتضاه
الالـتـزام بـالاستطراد في تلك المباحث والحاصل ان لعلم الاصول غرضين ومع ذلك لا يخرج عن
كـونه علما واحدا وارجاعهما الى غرض واحد غير سديد, لامكان ارجاع الاغراض في جملة من
العلوم الى غرض واحد ككمال النفس مثلا.



والذي يخطر بالبال ان تعيين الموضوع للعلوم , كذكر التعريف لمسائلها وبيان الغرض منها, انما هو
لتبصرة طالب تلك العلوم على ما يظهر بعد ذلك لا لاجل لزومه في كل علم .



وكيف ما كان فان اريد بالكلي , الجامع العنواني لموضوعات مسائله نظير سائر العناوين الانتزاعية
حتى من المتباينات في تمام ذواتها ببعض الاعتبارات فهذا الجامع كالحجر في جنب الانسان في عدم
دخـلـه فـي كون تلك المسائل من العلم , نعم لو بين بنحو حصل فيه الاطراد والانعكاس فهو يوجب
معرفة موضوعات المسائل لطالب تلك المسائل .



وان اريـد بـه الجامع الذاتي , بان يكون الموضوع للعلم كالجنس او النوع لموضوعات المسائل , فلم
يـعـلـم وجه لزوم هذاالجامع , والاستناد في لزومه الى قاعدة عدم صدور الواحد عن كثير, غير
صـحـيـح , لـما ظهر مما تقدم ان الغرض من العلم يمكن ان يكون واحدا عنوانيا او واحدا مقوليا له
حـصص متعددة يصدر عن بعض المسائل حصة منه وعن بعض اخرحصة اخرى من غير ان يكون
فـيـمـا يصدر عنهما جامع ذاتي , مثلا التمكن المترتب على العلم بمسالة من مسائل علم النحو, غير
الـتمكن المترتب على العلم بمسالة اخرى من مسائله فيكون العلم بمسالة رفع الفاعل موجبا للتمكن
من حفظ اللسان عن الخطاء في التكلم بالفاعل , وبمسالة نصب المفعول التمكن من حفظه عن الخطا في
التكلم بالمفعول وهكذا, فيكون الغرض من علم النحو مستندا الى مسائله بخصوصياتها.



ولا يخفى ان القاعدة المشار اليها باصلها وعكسها ((10)) اسسها اهل المعقول لاثبات وحدة الصادر
الاول من المبداالاعلى .



والمسائل عبارة عن جملة من قضايا متشتة جمعها اشتراكها في الدخل في الغرض الذي لاجله دون
هذا العلم (1).



وقد ذكر في محله انها على تقدير تماميتها لا تجري في الفعل بالارادة , بل موردها الفعل بالايجاب ,
لامكان صدورفعلين عن فاعل بالارادة مع كونهما من مقولتين , وبما ان الصادر من المبدا الاعلى يعد
من الفعل بالارادة فلا شهادة لهابوحدة الصادر الاول .



فـتـحـصـل من جميع ما ذكرنا انه لا وجه للالتزام بلزوم الموضوع للعلم كما ذكر, كما لا وجه
للالتزام بانه لابد في مسائل العلم من البحث عن العوارض الذاتية لموضوعه فانه يصح جعل مسالة من
مـسـائل العلم مع ترتب الغرض منه عليهاحتى لو كان المحمول فيها من العوارض الغريبة لموضوع
الـمـسـالـة فضلا عن موضوع العلم , او لم يكن المحمول فيها من العوارض اصلا, مثلا البحث عن
الملازمة بين ايجاب شي ء وايجاب مقدمته من مسائل علم الاصول بلا كلام مع ان المبحوث فيه الذي
هـو ثـبـوت الـمـلازمـة بـين الايجابين ليس بحثا عن العوارض , فانها ما يحمل على الشي ء بمفاد
كـان الـناقصة , والبحث عن ثبوت الملازمة بحث عنه بمفاد كان التامة , وكذا البحث عن اعتبار
الاجـمـاع مـسالة اصولية , مع ان حمل الاعتبار عليه على مسلك الاصحاب -بلحاظ كشفه عن قول
المعصوم (ع )- حمله مع الواسطة في العروض وهومن العرض الغريب حيث يكون الاعتبار حقيقة
لقول الامام (ع ), واسناده الى فتوى العلماء يكون بالعناية .



(1) فـي تـوصـيـف الـغرض بقوله (ره ): الذي لاجله دون هذا العلم اشارة الى انه ليس المراد
خصوص الثمرة المترتبة على كل مسالة من مسائل العلم كما يترتب على مسالة جواز اجتماع الامر
والـنـهـي الـتمكن من استنباط حكم الصلاة في الداروقد انقدح بما ذكرنا ان تمايز العلوم انما هو
باختلاف الاغراض الداعية الى التدوين (1).



المغصوبة ولا يشاركها في هذه الثمرة غيرها من مسائل علم الاصول , بل المراد الغرض الملحوظ
لـلـمدون -بالكسر-ابتداءا او ما يكون داعيا له الى تدوين جملة من المسائل وتسميتها باسم واحد,
وقد تقدم ان هذا الغرض ليس واحداشخصيا بل واحد عنواني او نوعي ذو حصص مختلفة .



تمايز العلوم



(1) وتقريره : لا ريب في ان كل مسالة من مسائل العلم لها موضوع ومحمول يغاير موضوع الاخرى ومـحـمـولـهـا, مـثلامسالة ظهور صيغة افعل في الوجوب وعدمه , وجواز اجتماع الامر والنهي
وعدمه , وحجية خبر العدل وعدمها, كلها من مسائل علم الاصول والموضوع والمحمول فى كل منها
يـغـاير الموضوع والمحمول فى الاخرى , وهذا الاختلاف بعينه موجود بين كل مسالتين من مسائل
عـلـمـيـن , مـثـلا مسالة رفع الفاعل غير مسالة ظهور صيغة الامر في الوجوب بحسب الموضوع
والمحمول فيقع السؤال عن وجه كون مسالة رفع الفاعل , من مسائل النحو وعدم كونه مسالة ظهور
صيغة افعل في الوجوب , منها.



ولا يـصح الجواب , بان ذلك لاختلاف المسالتين بحسب الموضوع او المحمول , فان لازمه كون كل
مسالة من مسائل علم النحو علما على حدة لانـها مختلفة كذلك .



بل الصحيح هو القول بان جامع مسائل علم النحو هو الغرض الملحوظ لمدون العلم ابتداء, وحيث لم
يـكن ذلك الغرض مترتبا على مسالة ظهور صيغة الامر في وقد انقدح بذلك ان موضوع علم الاصول
هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله (1).



الوجوب , فلم تجعل من مسائل علم النحو, وقد ظهر ان المراد بالتمايز هو التمايز عند تدوين العلم
واما تمايز العلوم عند المتعلم وفي مقام التعلم , فله طرق متعددة .



وبـالـجـمـلة كل مسالة من مسائل العلم , وان كانت لها خصوصية واقعية , تكون موجبة لترتب ثمرة
مـخـصوصة عليها الا ان تلك الخصوصية لا تكون موجبة لتمايزها عن مسائل العلم الاخر في نظر
المدون بل المايز لها عنده هو الغرض الداعي الى التدوين .



هـذا كـلـه فـيـمـا كان المهم من مسائل العلم امرا مترتبا عليها بان يكون العلم بتلك المسائل موجبا
لـحـصـولـه وفـي مثل ذلك يكون المهم المفروض المعبر عنه بغرض التدوين جامعا لمسائل العلم
ومـمـيزا لها عن مسائل علم اخر. واما اذا لم يكن المهم كذلك بل كان المهم نفس معرفة تلك القضايا,
كما في علم التاريخ حيث ان المهم فيه معرفة احوال الملل والبلادوحوادثها في الماضي والحاضر,
يـكـون امتياز قضاياه عن قضايا غيره بالموضوع ولو كان ذلك الموضوع امرا واحداعنوانا وجامعا
مشيرا الى موضوعات قضاياه .



موضوع علم الاصول



(1) مـا ذكـره (ره ) لا يدفع الاشكال في المقام . فان البحث في مسالة مقدمة الواجب مثلا بحث عن ثبوت الملازمة بين ايجاب شي ء وايجاب مقدمته , وهذا بحث عن مفاد كان التامة , وحيث ان موضوع
عـلـم الاصول متحد مع موضوعات مسائله خارجا يكون البحث المفروض بحثا عن ثبوت الموضوع
وعدمه , وليس هذابحثا عن العوارض فضلا عن كونها ذاتية .



ثم انهم جعلوا موضوع علم الاصول الادلة الاربعة يعني (الكتاب , والسنة , والاجماع , والعقل ).



واورد الماتن عليهم بان ذلك يوجب خروج مبحث حجية الخبر والتعارض بين الخبرين من المباحث
الاصولية , حيث ان خبر الواحد غير داخل في السنة , يعني قول المعصوم وفعله وتقريره , فلا يكون
البحث عن عارض الخبر بحثا عن عوارض السنة .



وقـد اجـيـب عنه بان المباحث المفروضة تدخل في مسائل علم الاصول بناء على ان المراد بالادلة
ذواتها لا بما هي ادلة ,لان مرجع البحث عن حجية الخبر الى البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد,
او ثبوتها باي من الخبرين عند تعارضهما.



وقد رد الماتن (ره ) الجواب المفروض بانه غير مفيد, فان البحث عن ثبوت السنة بالخبر او باحد
المتعارضين بحث عن مفاد كان التامة اي بحث عن وجود السنة به او باحدهما والبحث في المسائل
لابـد ان يـكون عن العارض لموضوع المسالة وما هو بمفاد كان الناقصة . هذا في الثبوت الواقعي
يعني الحقيقي . واما الثبوت التعبدي بمعنى جعل الحجة ,فهو وان كان بحثا عن العارض الا ان الحجية
لاتـتـرتـب عـلـى الـسنة بل على الخبر الحاكي لها. وبالجملة الثبوت الحقيقي ليس من العوارض ,
والتعبدي بمعنى وجوب العمل به وان كان من العوارض الا انه عارض للخبر لا السنة .



ولا يخفى انه لم يظهر معنى معقول لثبوت السنة بالخبر, بان يكون الخبر علة لقول المعصوم (ع ) او
فعله او تقريره , فان الخبر على تقدير صدقه , يكون كاشفا وحاكيا عنها. ولو اغمض عن ذلك فيمكن
الـجـواب عن اشكال مفاد كان التامة بان البحث عن معلولية السنة للخبر بحث عن العارض وما هو
مفاد كان الناقصة .



نعم لا ينبغي التامل في ان البحث عن البراءة العقلية او الاحتياط العقلي في الشبهة الحكمية بحث عن
ثبوت الموضوع وهو حكم العقل .



واما ما ذكره (ره ) من امر الثبوت التعبدي , فهو عارض للسنة ايضا فان الثبوت التعبدي عند الماتن
(ره ) لـيـس ايـجاب العمل بالخبر على ما ذكره في بحث اعتبار الخبر وغيره , بل معناه تنزيل قول
الـمـخـبر منزلة الواقع يعني قول المعصوم وفعله وتقريره ((11)) , وهذا التنزيل سنخ من الحكم
يـضـاف الـى المنزل (اي خبر العدل ), والى المنزل عليه (اي السنة ),وكما يمكن البحث في مسالة
اعـتـبـار الخبر ان يقع في ان قول المخبر العدل هل نزل منزلة السنة ؟ فيكون البحث من عوارض
الـخبر الحاكي لها, كذلك يمكن ان يقع البحث في ان السنة هل نزل عليها خبر العدل ؟ فيكون البحث
من عوارض السنة .



نـعـم الـمعيار في كون المسالة من مسائل العلم , هو عنوانها المذكور في البحث لا ما هو لازم ذلك
الـعـنوان , والا كانت المسالة الاصولية فقهية , والمسالة الفقهية كلامية , فان مرجع البحث عن ثبوت
الـمـلازمة بين الايجابين الى وجوب الوضوء ونحوه عند وجوب الصلاة , ومرجع البحث عن تعلق
التكليف الالزامي بفعل الى البحث عن ايجاب المخالفة لاستحقاق العقاب , والى غير ذلك .



الا ان البحث عن غير واحد من مسائلها كمباحث الالفاظ... (1).



ويؤيد ذلك تعريف الاصول ... (2).



وان كان الاولى تعريفه ... (3).



(1) لا يـخـفى ان البحث عن ظهور صيغة افعل في الوجوب , مثلا يكون بحثا عن العارض الغريب
للكتاب والسنة بناءاعلى ما ذكروه من ان ما يكون عروضه بواسطة اعم فهو عرض غريب , واما بناء
عـلـى مـا ذكـره (ره ) فـي الـعارض الغريب فالبحث المفروض بحث عن العوارض الذاتية للكتاب
والـسـنة , فالاشكال به عليهم مبني على مسلكهم حيث يكون نظير بحث الملازمة بين الايجابين في
عدم اختصاصه بالواجبات الشرعية , وان كان المهم معرفة حالها.



(2)ووجه التاييد ان مقتضى تعريفهم كون كل قاعدة ممهدة لاستنباط الحكم الشرعي مسالة اصولية
ولو لم يكن المحمول فيها من العارض الذاتي للادلة الاربعة .



تعريف علم الاصول



(3) ووجه العدول خروج امرين عن التعريف المفروض : احدهما: مسالة حجية الظن الانسدادي على الحكومة , فان حجيته على المسلك المفروض لا تكون
مـوجـبة لاستنباطحكم شرعى منها, وذلك لكون الحجية بناء عليها عبارة عن استقلال العقل بكفاية
الاطـاعـة الظنية للتكاليف الواقعية ,وانه يقبح من الشارع مطالبة العباد بازيد منها, كما انه لا يجوز
للمكلف الاقتصار على مادونها من الطاعة الاحتمالية الوهمية . وهذا الحكم من العقل , كحكمه بلزوم
الاطاعة العلمية حال الانفتاح لا يكون مستتبعا لحكم شرعي مولوي ,كما ياتي بيانه في باب الانسداد.



ثـانـيهما: خروج مباحث الاصول العملية الجارية في الشبهات الحكمية من النقلية والعقلية , فهي مع
كونها من المسائل الاصولية لا تكون الا وظائف عملية بلااستنباط حكم شرعي واقعي منها بل تطبق
في الفقه , بتعيين مواردها, على صغرياتها.



وقـولـه (ره ) ((12)) : بـناء على ان مسالة حجية الظن ... الخ مفاده : ان اولوية العدول مبنية على
كون الامرين من المباحث الاصولية كما هو كذلك , حيث لا وجه للالتزام بالاستطراد في مثلهما من
الـمهمات . وبما ان التعاريف المذكورة للعلوم من قبيل شرح اللفظ, لان وحدتها اعتبارية على ما تقدم
من كون كل علم جملة من القضايا المتشتة التي اعتبرت الوحدة لها باعتبار دخلها في الغرض , فذكر
(ره ) اولوية العدول لا تعينه , وجعل التعريف السابق مؤيدا لا دليلا, حيث لا يعتبر في هذه التعاريف
الاطراد والانعكاس .



ولا يـخـفى ان المراد بالقواعد في تعريف علم الاصول نتائج المباحث الاصولية , واما الصناعة فهي
نفس مباحثها, فيكون حاصل تعريفه : ان علم الاصول مباحث , تعرف بها القواعد التي يمكن وقوعها في
طـريـق استنباط الاحكام الشرعية الكلية او التي ينتهي اليها الامر في مقام العمل , اي بعد الياس عن
الظفر بالدليل على الحكم الواقعي .



ولـكـن يرد عليه ان اضافة او التي ينتهي ... الخ غير مفيد, فان استنباط الحكم الشرعي الفرعي ,
بـناء على ما اختاره (ره )من ان المجعول في الامارات هو الحجية لها, اي المنجزية والمعذرية , يعم
انكشاف حال الحكم الواقعي من حيث التنجز وعدمه , ولا ينحصر بالعلم بنفس الحكم الواقعي , وعليه
فـلا فـرق بـيـن الامـارات الـمعتبرة والاصول العملية في انـه يعين بهما حال الحكم الواقعي من
حـيـث تـنجزه على تقدير الاصابة وعدمه على تقدير الخطا. نعم يكون تعيينه بالاصول العملية في
طـول الـتعيين بالامارة وهذا لايكون فارقا فان بعض الامارات ايضا يكون اعتبارها في طول بعضها
الاخر, كخبر العدل , فانه وان كان معتبرا الا انه لااعتبار به في مقابل الكتاب الدال على خلافه .



فالصحيح ان يقال في تعريفه : انه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط حال الحكم الشرعي الكلي الفرعي
او حـالـه مـن حيث التنجيز والتعذير ومن البديهي انـه يعتبر في الاستنباط تغاير الحكم المستنب
ط والـمـسـتـنـبط منه , اما بان لا يكون المستنبطمنه حكما شرعيا ولكن يستخرج منه حكم شرعي
فرعي , كقاعدة الملازمة بين ايجاب شي ء وايجاب مقدمته التي يستخرج منها وجوب الوضوء والغسل
وتطهير الثوب او البدن عند وجوب الصلاة في قياس استثنائي فيقال مثلا:
كلما كانت الصلاة واجبة , كان الوضوء الذي هو مقدمة للصلاة واجبا ايضا.



لكن الصلاة واجبة .



فالوضوء واجب .



واما بان يكون المستنبط منه حكما شرعيا طريقيا لا عمليا لكن يحرز به تارة نفس الحكم الشرعي
العملي واخرى حال الحكم الشرعي الفرعي لا نفسه .



فـالاول كـحـجـيـة خبر الثقة بناء على كون مفاد ادلة الاعتبار جعل الخبر علما تعبديا فيقال مثلا
العصير العنبي بعد الغليان مما قام خبر الثقة على حرمته .



وكلما قام خبر الثقة على حرمته فهو معلوم الحرمة .



فـيـنـتـج : ان الـعصير العنبي بعد الغليان مما علم حرمته , وبعد احراز الحرمة يفتي الفقيه بحرمة
العصير العنبي بالغليان .



والـثـانـي كحجية خبر الثقة بناء على كون مفاد ادلة الاعتبار جعل المنجزية والمعذرية , او جعل
المؤدى (اي جعل الحكم الطريقي على طبق مؤدياتها) وكمباحث الاصول العملية , فالحكم الشرعي
العملي لا يستنتج منها بل يستنتج من هذه المباحث حاله من المنجزية والمعذرية .



القواعد الفقهية



و كيف ما كان فقد ظهر مما ذكرنا افتراق القواعد الفقهية التي لا يستنبط منها نفس الحكم الشرعي الـكـلـي ولا حـالـه من حيث تنجزه وعدمه عن مسائل علم الاصول , فان تلك القواعد بانفسها احكام
شـرعـيـة عـملية تكليفية كانت ام وضعية ,وضمها الى صغرياتها من قبيل تطبيق الكبرى الشرعية
العملية على صغراها, لا من الاستنباط.



وتوضيح ذلك : ان القواعد الفقهية على قسمين :
الاول : مـا يـكـون مدلولها حكما فرعيا ثابتا لعنوان تندرج تحته الجزئيات الخارجية فقط, كما في
نـجـاسـة الـخمر وحرمة شربه , ولا مورد لتوهم النقض في هذا القسم , حيث لا يثبت بضمها الى
صغراها الا الحكم الجزئي الفرعي لا الكلي .



الـثاني : ما يكون مدلولها حكما شرعيا ثابتا لعنوان تندرج تحته العناوين الكلية ,كقاعدة ما يضمن وما
لا يـضـمـن فـان موضوعها العقد, ويندرج تحته البيع والاجارة والقرض والمصالحة وغير ذلك
مـن انواع العقود, فتكون النتيجة في هذا القسم بعد تطبيقها على صغرياتها ثبوت الحكم الكلي , ولكن
هذا من باب التطبيق لا الاستنباط فان الملازمة على تقدير ثبوتها, شرعية بمعنى ان الشارع قد اخذ
في موضوع حكمه بالضمان في العقدالفاسد, ثبوت الضمان في صحيحه , نظير الملازمة بين وجوب
الـقـصـر عـلـى المسافر ووجوب الافطار, فان مرجعها الى ان الشارع قد جعل السفر الموضوع
لـوجـوب القصر موضوعا لوجوب الافطار ايضا, الا ما استثني , وهذا بخلاف الملازمة بين ايجاب
شـي ء وايـجـاب مقدمته , فانها امر واقعي قد كشف عنه العقل او هي بنفسها حكم العقل , ولذا يكون
الـقـول بـهامصححا لاستنباط حكم شرعي كلي بقياس استثنائي على ما تقدم , او قياس حملي تكون
نتيجته الملازمة بين الامربالصلاة في اوقاتها والامر بقدماتها.



والحاصل , تمتاز القاعدة الفقهية عن القاعدة الاصولية بان مفاد القاعدة الاصولية اما ان لا يكون حكما
شـرعـيـا ولـكن ينتقل منه الى حكم شرعي كلي , او يكون مفادها حكما شرعيا طريقيا, ولكن تارة
يحرز به حكم شرعي كلي واقعي بان تكون نتيجة قياس الاستنباط العلم بذلك الحكم لا نفس الحكم
فـيـتم بذلك موضوع جواز الافتاء كما في موارد الامارات المعتبرة , واخرى يحرز به حال الحكم
الكلي الواقعي من حيث التنجز وعدمه كما في موارد الاصول العملية الجارية في الشبهات الحكمية .



بخلاف القاعدة الفقهية فان مفادها بنفسه حكم شرعي عملي كلي لعنوان يكون تحته جزئيات حقيقية
او اضـافـيـة وتكون قياساتها من قبيل تطبيق الكبرى على صغرياتها ونتيجتها ثبوت نفس ذلك الحكم
فـيـها, واذا كان مفاد القاعدة حكما طريقيا فيحرز به حال الحكم الجزئي من حيث التنجز وعدمه ,
كـالاصـول الـعـمـلية الجارية في الشبهات الموضوعية وغيرها من القواعد المجعولة عند الشك
في الموضوع .



ومما ذكر يظهر ان قاعدة لا حرج او لا ضرر قاعدة فقهية تطبق على صغرياتها ويكون مفادها
ثبوت نفس الحكم الشرعي او عدمه , ولا يكون مفادها مما يستنبط منه الحكم الشرعي نفسه او حاله
من حيث التنجز وعدمه .



نـعم قاعدة الطهارة الجارية في الشبهات الحكمية قاعدة اصولية , اذ يحرز بها حال الحكم الشرعي
الـواقـعـي الـكـلـي مـن حـيـث التنجز وعدمه , وانما لم يبحث عنها في الاصول لعدم الخلاف فيها
ولاخـتـصاصها بباب الطهارة , فتذكر في الفقه استطرادا بمناسبة الكلام في قاعده الطهارة الجارية
في الشبهات الموضوعية .



ومـمـا ذكـرنـا يظهر ضعف ما عن المحقق النائيني (ره ) في الفرق بين القاعدة الاصولية والقاعدة
الفقهية من ان الاولى لاتنفع العامي , لعدم تمكنه من تشخيص صغراها, بخلاف الثانية فانها تنفعه فيما
اذا القيت اليه لتمكنه من معرفة صغرياتها ((13)) .



ووجـه الـضـعـف , ان الفرق غير جار في القسم الثاني من القواعد الفقهية , فان العامي لا يتمكن من
تـشـخـيـص صـغـرياتها كمافي قاعدة الشرط جائز ما لم يكن محللا للحرام او محرما للحلال
والصلح جائز بين المسلمين ما لم يخالف الكتاب والسنة الى غير ذلك .



الضابطة في المسالة الاصولية



ثم انه يقع الكلام في المراد بالاستنباط من القاعدة الاصولية , هل هو الاستنباط بلا ضمها الى قاعدة اخـرى مـن قواعدالاصول او المراد به الاستنباط ولو بضمها اليها, فان كان المراد هو الاول فمن
الـظـاهر ان المسائل الاصولية ليست كذلك ,وان كان المراد هو الثاني دخل في المسائل الاصولية ,
مسائل علم الرجال ايضا.



ذهـب سـيـدنا الاستاذ (ره ) الى الاول ولكن لا بنحو كلي , فذهب الى ان القاعدة الاصولية هي التي
يكون ضم صغراها اليهاكافيا في استنباط الحكم الفرعي الكلي ولو في مورد واحد, بخلاف القواعد
فـي سـائر العلوم فانها لا تكون كذلك , بل دائما تحتاج الى قاعدة اصولية لاستنباط الحكم الشرعي
مـنها, فمثلا مسالة ظهور صيغة الامر في الوجوب مسالة اصولية واذا احرز الامر بفعل بصيغته
في الكتاب المجيد او السنة القطعية يستنبط منه وجوب ذلك الفعل .



لايقال : لابد في الحكم بوجوب ذلك الفعل من ضم كبرى حجية الظواهر.



فـانـه يـقـال : ان المسالة الاصولية هي التي لا تحتاج لاستنباط الحكم الشرعي منها الى ضم قاعدة
اخـرى مـن قواعدالاصول اليها, لا انها لا تحتاج الى ضم مقدمة اخرى اصلا, وحجية الظواهر من
المسلمات التي لم يقع الخلاف فيها,وباعتبار ذلك لم تجعل من مسائل علم الاصول , وان وقع الخلاف
فـيـهـا فـي مـوارد, كحجية ظواهر الكتاب المجيد, اوحجية الظاهر مع الظن بالخلاف , وحجية
الظهور لغير من قصد افهامه .



والـحـاصل ان استنباط الحكم من قاعدة ظهور صيغة الامر في الوجوب وان كان يحتاج الى مقدمة
اخـرى الا ان تـلـك المقدمة ليست من مسائل علم الاصول ولا من مسائل سائر العلوم , وهذا بخلاف
مسائل سائر العلوم , فانه يحتاج لاستنباط الحكم منها الى ضم قاعدة اصولية لا محالة .



ثـم اردف هـذا الـقـائل الجليل (ره ) انـه لا يلزم ان تكون نتيجة المسالة الاصولية على كل تقدير
كـذلـك , بـل يكفي في كون المسالة اصولية كون نتيجتها كذلك , ولو على بعض التقادير. مثلا مسالة
اقـتـضـاء الامر بشي ء للنهي عن ضده الخاص وان كانت لا تكفي بمجردها للاستنباط على تقدير
القول بالاقتضاء, بل نحتاج لاستنباط الحكم منها الى ضم مسالة اصولية اخرى هي اقتضاء النهي عن
عـبـادة , ولـو كان غيريا فسادها الا انه على القول بعدم الاقتضاء يستنبط منها بضم صغراهاصحة
العبادة المضادة للواجب , كالصلاة في اول الوقت مع وجوب ازالة النجاسة عن المسجد.



لايقال : نفس ثبوت الحرمة الغيرية للضد الواجب وعدم ثبوتها له حكم شرعي يستنبط من نفس مسالة
اقتضاء الامربشي ء النهي عن ضده فكيف لا تكون المسالة كافية في الاستنباط؟
فـانـه يقال : نفس الحرمة الغيرية لشي ء لا يعد اثرا عمليا ولا تكون المسالة -بهذا الاعتبار- مسالة
اصولية , كما ياتي توضيحه في بحث مقدمة الواجب ((14)) .



اقـول : الـصـحـيح انه لا يستنبط من مسالة اقتضاء الامر بالشي ء النهي عن ضده بمجردها الحكم
الـفـرعـي الـعـمـلـي , سـواء الـتـزم فيها بالاقتضاء او عدمه . فانه حتى على القول بعدم الاقتضاء
نحتاج -لتصحيح العبادة المضادة - الى ضم قاعدة اصولية اخرى هي قاعدة جواز الترتب (اي جواز
الامـر بـالـمتضادين ترتبا),او قاعدة عدم التزاحم بين الواجب الموسع والمضيق , او قاعدة كشف
الملاك الالزامي في الفرد العبادي المضاد من اطلاق المتعلق في خطاب التكليف , كما ذكروا تفصيل
ذلك في بحث الضد.



ثـم انـه تـكون مسالة من سائر العلوم بنفسها كافية في الاستنباط بضم صغراها اليها, ولو في بعض
الموارد, كبعض مسائل علم اللغة التي يستفاد منها معنى الوجوب والحرمة والكراهة او معنى النجس
والـطـاهر, مما يدل على الحكم تكليفا اووضعا, فانه اذا وقعت هذه الالفاظ في الكتاب او في الخبر
المحفوف بقرينة موجبة للقطع بصدوره وجهته , استنبط منه الحكم بلا ضم مقدمة اصولية اخرى .



والـحـاصل : يتعين ان يراد بالاستنباط من القواعد الاصولية ما هو الاعم من الاستنباط بضم قاعدة
اخرى من مسائله (حتى في جميع الموارد).



وانـمـا لـم تجعل مسائل علم الرجال وبعض مسائل علم اللغة من علم الاصول , باعتبار وضوحها او
باعتبار البحث عنهافي علم اخر.



نـعم المباحث التي تذكر في كتب الاصول ولكن لاتكون واسطة في استنباط نفس الحكم بل يحرز
بها الموضوع اوالمتعلق للحكم , كمباحث المشتق والحقيقة الشرعية والصحيح والاعم ونحوها, لا
تدخل في مسائل علم الاصول , بل تعتبر من المبادى التصورية لعلم الفقه , بخلاف المسائل الاصولية
فانها من المبادئ التصديقية لعلم الفقه . ولذا ينبغي تقسيم المسائل الاصولية الى اربعة اقسام :

الوضع نحو اختصاص اللفظ بالمعنى (1).



الاول : مباحث الدلالات اللفظية وتعيين الظهورات فيها. الثاني : مباحث الاستلزامات العقلية , ولو كانت غير مستقلة , كبحث الملازمة بين ايجاب شي ء ايجاب
مقدمته .



الثالث : مباحث الحجج الاعتبارية والامارات .



الرابع : مباحث الاصول العملية والوظائف المقررة للشاك عقلا او شرعا.



حقيقة الوضع



(1) مـراده (ره ), ان الـلفظ يتصف بكونه موضوعا فيما اذا عين بازاء معنى لتفهيمه بذلك اللفظ في مقام التخاطب ,ويتصف ايضا بكونه موضوعا فيما اذا تكرر استعماله في معنى بنصب القرينة ورعاية
الـعلاقة الى حد لا يحتاج تفهيم ذلك المعنى به الى نصب القرينة بل يكون المعنى الاول مهجورا عن
الاذهـان ويـنـسـبق اليها المعنى الثاني عند الاطلاق .واتصاف اللفظ بكونه موضوعا في الصورتين
يكشف عن كون الوضع في الالفاظ امرا يحصل بالتعيين تارة , وبكثرة الاستعمال اخرى , وذلك الامر
نحو علقة وارتباط بين اللفظ والمعنى يحصل باحد الامرين , وعلى ذلك فما ذكر من ان الوضع عبارة
عـن تـعـيـيـن الـلفظ بازاء المعنى غير سديد, فانه بهذا التعريف غير قابل للتقسيم الى التعييني
والتعيني .



اقـول : الوضع هو تعيين اللفظ بازاء معنى , سواء كان ابتدائيا او مسبوقا بالاستعمال المجازي , اذ في
الـوضـع التعيني تلغى العناية ولحاظ العلاقة في الاستعمال ولو بعد شيوع ذلك الاستعمال لا محالة ,
وفـي اي زمـان فـرض الـغـائهـا يحصل التعيين . وبتعبير اخر: كما يحصل التعيين بانشائه , كذلك
يحصل بالاستعمال , كما صرح بذلك (ره ) في اوائل البحث في الحقيقة الشرعية , فيكون الغاء العناية
في الاستعمال بعد تكرره من التعيين .



وامـا مـا ذكـره (ره ) فـي حـقـيقة الوضع من كونه نحو اختصاص وارتباط مخصوص بين اللفظ
والـمعنى , فان اراد (ره ) من الارتباط والاختصاص انس الاذهان من لفظ خاص , بمعنى مخصوص ,
بـحـيث ينتقل الذهن عند سماعه الى ذلك المعنى فهذا الارتباط صحيح , الا انـه معلول للعلم بالوضع
فيكون الوضع غير الارتباط المفروض . وان اراد من الاختصاص امرا اخر فلا نعرفه .



وقـد يـقـال فـي المقام كما عن المحقق الاصفهاني (ره ): ان الارتباط بين اللفظ والمعنى مما يلازم
الـوضـع وليس عينه , بل الوضع امر اعتباري يشبه وضع العلم على الارض او الحجر على الحجر
لـغـرض ما, غاية الامر الوضع في المثالين حقيقي , يندرج تحت مقولة الوضع وفي اللفظ اعتباري لا
يندرج تحت اي مقولة , فلا يكون مما بازاءه شي ء في الخارج ,ولا مما له منشا انتزاع خارجي .



ويـشـهـد لذلك ان الارتباط حاصل بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى , ولو مع الاغماض عن وجود
الـلـفـظ خـارجا او ذهنا,بحيث لو لم يتلفظ احد بلفظ الماء مثلا ولم يوجد معناه في ذهن احد, لكان
الارتـبـاط بـين لفظه ومعناه موجودا, ومن ذلك يظهر ان الوضع ليس من الامور الاعتبارية الذهنية
نـظـيـر الـكلية والجزئية والنوعية والجنسية , لانـه لو كان كذلك لاحتاج الى لحاظ اللفظ ولكان
المعروض ذهنيا مع ان الاختصاص الوضعي حاصل لطبيعي اللفظ لا بما هو موجود ذهناولا بما هو
موجود خارجا.



ودعـوى ان قـول الـواضع : (وضعت هذا اللفظ) منشا لانتزاع الوضع فيكون من الامور الانتزاعية
-نـظـيـر مـا يـقـال مـن ان قول البائع : (بعت المال ) منشا لانتزاع الملكية , فتوجد الملكية بمنشا
الانتزاع - لايمكن المساعدة عليها, فان الامر الانتزاعي من منشا يحمل العنوان منه , على منشائه مع
ان العنوان من الملكية والوضع لا يحمل على صيغة بعت ولا على صيغة وضعت .



ويـشهد ايضا لعدم كون اختصاص اللفظ بالمعنى , معنى مقوليا, اختلاف انظار الاقوام والطوائف في
ارتباط لفظ بمعنى ,فيرى قوم ارتباط لفظ بمعنى , ويرى اخرون ارتباطه بمعنى اخر ((15)) .



اقول : ما ذكره (ره ) -من كون الوضع بنفسه امرا اعتباريا لا يندرج تحت مقولة - صحيح , والشاهد
عـلى ذلك امكان الغائه ,ولو كان امرا حقيقيا لما كان يقبل الالغاء, الا ان ما ذكره (ره ) من كونه امرا
اعتباريا مسانخا للوضع الخارجي -كما ذكره -مما لايمكن المساعدة عليه , اذ اللفظ وان كان يتصف
بـانــه موضوع , الا ان المعنى لايصح اتصافه بالموضوع عليه , وانمايتصف بالموضوع له , ولو كان
وضع اللفظ امرا اعتباريا من سنخ الوضع الخارجي لصح اتصاف المعنى بالموضوع عليه .



كما ان ما ذكره (ره ) من ان الارتباط والاختصاص لازم الوضع لايمكن المساعدة عليه ايضا, وذلك
لان هذا الارتباطوالاختصاص انما هو انس الذهن بالمعنى من اللفظ, بحيث ينسبق المعنى الى الذهن
عـنـد سماع اللفظ, وهذا الانس يحصل من العلم بالوضع او تكرار الاستعمال , لا من مجرد الوضع .



وان اريد من الارتباط والاختصاص معنى اخر, فلانعرفه .



وعـن الـمـحقق الايرواني (ره ) ان حقيقة الوضع في الالفاظ عبارة عن تنزيل اللفظ منزلة المعنى
وجـعـلـه عـينه ادعاء, وهذه العينية الادعائية يصححها ترتب غرض التفهيم والتفهم عليها, وهذا
الغرض المهم كاف في تصحيح الادعاء فانه باب واسع . وذكر قبل ذلك ان دلالة الالفاظ على المعاني
ذاتـيـة , ولا يـحـتـاج في اصل دلالتها الى الوضع , وانما يحتاج الى الوضع في تعيين المعنى وتمييز
المراد من المعاني من غير المراد منها, ويشهد لذلك صحة استعمال اللفظ وحصول دلالته على نوعه
او مثله حتى لو كان اللفظ مهملا غير موضوع لمعنى ((16)) .



اقـول : لم يظهر وجه الاستشهاد, فانه عند ارادة النوع او المثل لابد من وجود قرينة يكون اللفظ
بها دالا على ارادة نوعه اومثله , وان كانت تلك القرينة المحمول المذكور في الكلام , كما في قوله :
(ضرب فعل ماض ).

/ 26