دراسات فی علم الأصول جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دراسات فی علم الأصول - جلد 1

السید علی الشاهرودی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وبهذا ظهر انه لا فرق بين الوضع التعيينى والتعينى الحاصل
بكثره الاستعمال من حيث كونه فى كليهما بمعنى التعهد ، الا
ان المبرز لذلك فى الاول هو قول الواضع ،وفى الثانى كثره
الاستعمال .

هذا كله فى حقيقه الوضع .

واما اقسامه ، فلا ريب فى ان الواضع لابد له من تصور اللفظ
وتصور المعنى عندارادته الوضع ، اما تصور اللفظ فسياتى
الكلام فيه ، واما تصور المعنى ولحاظه فيعبر عنه اصطلاحا
بالوضع ، فتاره يكون الوضع عاما وكليا ، واخرى يكون خاصا
وجزئيا ، وعلى كل من التقديرين تاره يكون الموضوع له عاما ،
واخرى خاصا ، فالاقسام اربعه .

اما الوضع الخاص والموضوع له كذلك ، فلا اشكال فى وقوعه ،
كوضع اعلام الاشخاص ، وهكذا الوضع عام والموضوع له عام
واما الوضع العام والموضوع له الخاص ، فيقع الكلام فيه فى
مقامين :
المقام الاول : فى امكانه ، وقد انكر امكانه جماعه بدعوى
انه لابد فى الوضع من تصور المعنى بجميع خصوصياته ، وتصور
العام والكلى لا يكون وافيا بلحاظافراده كذلك .

واثبته جمع
آخر ، ولكن قاسوا عليه القسم الرابع ، اعنى الوضع خاص
والموضوع له عام ، وذكروا انه لو كان لحاظ المعنى بالوجه
والعنوان كافيافى مقام الوضع فيصح كلا القسمين ، اذ كما
يكون لحاظ الكلى لحاظ افراده بالوجه كذلك يكون لحاظ الفرد
تصور كليه بالعنوان ، وان لم يكن ذلك كافيا فلا يكفى
فى كليهما ، فانه كما لا يكون تصور الفرد عين لحاظ الكلى بما
هو كلى ، كذلك لحاظالعام والكلى ليس لحاظ الفرد بجميع
خصوصياته .

هذا وفى كلا الامرين ما لا يخفى : فان الكلى تاره : يلحظ من
حيث هو اى الطبيعه المهمله ، ولا يحمل عليه حينئذ الا
الاحكام المختصه به المعبر عنها بالمعقولات الثانويه ، مثلا
يقال الانسان نوع او الحيوان جنس ، ولا يحمل هذه الاحكام
على افراده ، فلا يقال زيد انسان والانسان نوع فزيد نوع كما هو
واضح.

واخرى : يلحظ بنحو السريان اى الكلى الموجود ، وحينئذ لا
يحمل عليه الااحكام الافراد ، ويعبر عنه فى اصطلاح
الاصوليين باللاشرط القسمى كما هوالشان فى جميع القضايا
الحقيقيه ، فيكون الحكم المترتب عليه مترتبا على افراده ،مثلا
لو قيل الخمر حرام فمعناه ان هذا الفرد منه حرام وذلك الفرد
حرام وهكذا ،ولذا ذكرنا انه لو قال احد كل مسلم فاسق فهو
يعاقب بعدد افراد المسلمين ، لانه اغتابهم ، او افترى عليهم .

وبالجمله فكما ياتى القسمان فى غير الوضع يتصور فى الوضع
ايضا فاذا تصورالواضع المعنى بنحو السريان يكون متصورا للفرد
، واذا وضع اللفظ له كذلك يكون الموضوع له ذوات الافراد مثلا
يتصور عنوان المتولد فى يوم الجمعه ويضع اللفظ لمصاديقه
وافراده ، وهذا المعنى غير جار فى تصور الخاص والجزئى ، فانه
لوالغى عنه فى مقام الوضع الخصوصيات الشخصيه حتى
الوجود فلا محاله يكون المتصور عاما وكليا اى نفس الطبيعى ،
والا فيكون الموضوع له خاصا كالوضع.

وما قيل : من انه ربما لا يكون الغاء الخصوصيه ايضا موجبا
للحاظ الطبيعى، كمالو فرضنا انه يرى من بعيد جسما ولا
يميزه ، وبمعرفيته يضع اللفظ لطبيعى هذاالفرد ، فان الطبيعى
حينئذ لا يكون معلوما للواضع ليتصوره ، فمغالطه ظاهره
،وذلك لان الطبيعى فى هذا الفرض ايضا ملحوظا غايته بعنوان
كلى هذا الفردالمعلوم عند اللّه سبحانه وتعالى المجهول لديه ،
فالمعنى العام ملحوظ ولكنه غيرمميز عنده .

فالصحيح : امكان الوضع العام والموضوع له الخاص بخلاف
العكس.

المقام الثانى : فى وقوعه ، وربما يقال : ان وضع الحروف
وما شابهها من الموصولات واسماء الاشاره ونظائرها من هذا
القبيل ، فلابد من البحث عن المعانى الحرفيه ، وبيان ذلك
والفارق بينها وبين المعانى الاسميه ليعلم انها من هذاالقبيل
ام لا ؟ فنقول : المحتمل فى المعانى الحرفيه وجوه :
الاول : ما نسب الى الرضى من انها ليست الا علائم
لكيفيه استعمال المعانى الاسميه ولحاظها
كالاعراب والتقدم والتاخر ، فان المعنى الاسمى تاره
:
يلاحظ بماانه عين ومن حيث هو فيقال : ( الدار قيمتها كذا )
واخرى : يلاحظ بما هو اين وظرف مكان فيقال : ( زيد فى الدار
) فلفظ ( فى ) يكون علامه على ان الدارملحوظه ظرفا لا
استقلالا كما ان الرفع يوتى به ليكون علامه على الابتداء ،
اوعلى الفاعليه الى غير ذلك ، ففى الحقيقه ليس للحروف
معنى اصلا .

وفيه : انا نرى بالوجدان ان دلاله الحروف على تلك
الخصوصيات ليست دلاله طبعيه ولا دلاله عقليه والا لما
اختصت باهل اللسان ، ولعرفها الجاهل باللغه ايضا، وقد نرى ان
الجاهل باللغه لا يميز ما اريد من كلمه ( من ) عما اريد من
كلمه (الى ) فى قولك ( سرت من البصره الى الكوفه ) كما ان
الامر فى الاعراب والتقديم والتاخر ايضا كذلك ، فالجاهل باللغه
لا يعرف من تقديم موسى على عيسى فى قولك ( ضرب موسى
عيسى ) ان الاول فاعل والمتاخر مفعول ، فلابد وان
يكون للحروف وللحركات وللتقدم والتاخر معنى ووضعا كما
فى الاسماء .

ويقابل هذا القول ويكون على طرف نقيضه ماذهب اليه
المحقق الخراسانى((11)) من اتحاد المعانى الاسميه مع
المعانى الحرفيه ، وان اختلافهما يكون فى ناحيه
الاستعمال وناشئا من اشتراط الواضع ، فانه وضع الاسماء كلفظ
الابتداء ليستعمل فى الابتداءالملحوظ استقلالا ، ووضع لفظ (
من ) ليستعمل فى الابتداء الملحوظ آليا ،فالفرق بينهما يكون
من ناحيه الاستعمال واشتراط الواضع ، والا فكل من
الاليه والاستقلاليه يكون خارجا عن حريم المعنى الموضوع له .

هذا ويرد عليه :
اولا : انه لو كان المعنى الحرفى متحدا مع المعنى الاسمى
وكان الموضوع له فى الاسماءوالحروف معنى واحد للزم صحه
استعمال الحرف فى موضع الاسم وبالعكس،لان شرط الواضع
ليس لازم الاتباع حتى على نفسه ، اذ لم يكن فى ضمن
عقدلازم ، وليس له ولايه على غيره ليجب اتباعه .

وعلى تسليم ذلك فلتكن مخالفته موجبا للعقاب ومحرما ، مع
انا نرى ان ذلك من افحش الاغلاط ، مثلا لو يقال بدل ( سرت
من البصره الى الكوفه ) ، ( سرت ابتداء التعريف الانتهاء التعريف
الكوفه ) يكون فاسده من اوضح الواضحات ،وهكذا لو يقال بدل
ابتداء البصره من البصره .

وقد وجه بعض الاعاظم كلامه بما حاصله :
ان المعانى تاره تكون ملحوظه باللحاظ الاستقلالى ، واخرى
تلاحظ آليا ، كماانه تاره ينظر فى المرآت بما هى ويراد بذلك
تمييز خصوصيات المرآت من طولهاوعرضها ، واخرى ينظر
فيها ليرى صورته .

وفى الاول يكون النظر الى المرآت استقلاليا ، وفى الثانى يكون
آليا ، والحروف تكون موضوعه لذوات الحصص الملحوظه
باللحاظ الالى ، والاسماء موضوعه للحصص الملحوظه باللحاظ
الاستقلالى بنحو يكون التقيد داخلا والقيد خارجالان لا يلزم
المحاذير المذكوره فى كلامه ، وعليه فيكون اتحادهما بالذات
وبالنوع اى يكون المعنى الاسمى والمعنى الحرفى من نوع
واحد ، فالمراد من اتحادهما هذاالمعنى .

وفيه : اولا - ان لازم ذلك ان يكون الوضع فيها عاما والموضوع
له خاصا ، اذيكون الملحوظ حال الوضع المعنى الملحوظ
استقلاليا او آليا والموضوع له يكون افراد المعنى الملحوظه
كذلك ومصاديقه بمشيريه ذلك العنوان ، وهذا مخالف لمبناه.

وثانيا - يلزم عدم صدقه على الخارج ، وذلك لان فى باب
المقيدات وان لم يكن القيد داخلا فيها الا ان التقيد يكون داخلا
فى المقيد ، وماخوذا فيه لا محاله ، مثلالو قال : ( اكرم العالم
العادل ) فان نفس العداله وان لم تكن ماخوذه فى
الموضوع ولكن التخصص والتقيد بها يكون داخلا فيه ، وفى
المقام التقيد باللحاظ لا محاله يكون داخلا فى الموضوع له
على هذا والمعنى المقيد باللحاظ يكون من الامورالذهنيه
وحسب قوله (قدس سره) هو من الكليات العقليه ، وهى لا
تصدق على الخارج.

والذى ينبغى ان يقال : فى توجيه كلامه ، بل يظهر ذلك مما
يذكره فى المشتق من انه لو استعمل الاسماء فى موضع
الحروف لما كان مجازا واستعمالا فى غير ما وضع له وان كان
بغير ما وضع له ، ان الواضع جعل اعتباره او التزامه بذكر لفظ (
من )مثلا فى الحروف عند اراده تفهيم الابتداء مشروطا بكونه
ملحوظا آليا ، وجعل اعتباره على المشهور او التزامه على
المختار وضع لفظ الابتداء مشروطا بان يكون ملحوظا استقلالا
، وعليه فتكون العلقه الوضعيه ثابته فى حال دون حال ،ويكون
اصل الوضع مشروطا ، وفى غيره لا محاله يكون الاستعمال
غلطا وبلاعلقه وضعيه ، وعلى هذا فيسلم ما افاده من
الاشكالات المذكوره ، وبما ذكرناظهر انه لا مجال لما اورده
المحقق النائينى عليه((12)) .

ثانيا : من انه لا معنى لالغاء الاليه والاستقلاليه معا ونفى كلا
الامرين عن الموضوع له ، مع ان المعنى لا يخلو اما ان يكون آليا
واما استقلاليا ، فيكون ذلك من قبيل ارتفاع النقيضين ، وذلك
لان المنفى فى كلامه ليس آليه المعنى واستقلاليته، وانما
المنفى تعلق اللحاظ الالى واللحاظ الاستقلالى به وان
الموضوع له ذات المعنى من دون دخل اللحاظ فيه اصلا ، ومن
الواضح ان بين الملحوظ آلياوالملحوظ استقلاليا لهما واسطه
وثالث وهو ذات المعنى كما عرفت ، فنفى كلاالامرين ليس
مثل نفى القيام واللاقيام والموجوديه واللاموجوديه ليكون
ارتفاع النقيضين عن زيد مثلا ، بل يكون كنفى العلم والجهل
عن شى ء واحد فلا اشكال فيه .

وبالجمله فالذى يستفاد من ما ذكره (قدس سره) ان مراده من
الاشتراط هو اختصاص ثبوت العلقه الوضعيه بين اللفظ وذات
الحروف بما اذا كان المعنى ملحوظا آله وحاله للغير ، فالوضع
يكون مشروطا .

هذا ويرد عليه : انه ما المراد من الاليه والحاليه ؟اما الاليه فان
كان المراد منها كون المعنى الحرفى آله للحاظ طرفيه
كالسيروالبصره فى المثال المعروف ، فيستحيل ان يكون
الابتداء مرآتا لما هو مباين معه ويلحظ فانيا فيه ، اذ لا مناسبه
بين المتباينين ليجعل احدهما مرآتا للاخر ، وان اريد منه آليه
لحاظ الكلى للحاظ افراده ومصاديقه ، فان الكلى كما عرفت
تاره يلحظ بما هو ويحمل عليه المعقولات الثانويه ، واخرى
يلحظ مرآتا لافراده وساريا فيها ، ويحمل عليه الاحكام الثاتبه
للافراد فيقال ( النار حاره ) او ( الماءيرفع العطش ) وعليه
فيلزم ان تكون المعانى الاسميه حرفيا اذا لوحظت
مرآتالمصاديقها، وفانيه فيها ، ولا يمكن الالتزام بشى ء من ذلك
.

واما كون المعانى الحرفيه حاله للغير فالحاليه هى التى تكون
فارقه بين المعنى المصدرى والمعنى الاسم المصدرى ، فان
الاعراض حيث ان وجودها لنفسها عين وجودها لموضوعاتها
فيمكن لحاظها بما هى موجودات مستقله ، ويمكن لحاظهابما
هى اوصاف لغيرها ، والاول هو المعنى الاسم المصدرى
كالحمره ، ولذا لايشتق منها الافعال ، لانها تكون من الجوامد
بهذا اللحاظ ، فلا يقال حمر يحمر .

والثانى هو المصدر
كالاحمرار ، وعليه فيلزم ان يكون الاعراض الملحوظه بما
هى صفات للغير اى المصادر معانى حرفيه ، ولذا ذهب بعض
الاعظام الى الاحتمال الثالث فى المعانى الحرفيه ، وذكر ان
الحروف لا تكون علائم محضه ، بل لها معنى هى موضوعه لها ،
وهو النسب والربط ، اذ كما تقتضى حكمه الوضع ان
يوضع الالفاظ لتفهيم المعانى المستقله كذلك تقتضى ان
يوضع اللفظ لتفهيم النسب الموجوده بينها ، فان الضرب مثلا
تاره ينسب الى الفاعل ، واخرى الى المفعول ،وثالثه الى الاله ،
ورابعه الى الظرف فيقال : ( ضرب زيدا عمرا بالعصا فى الدار
)فما يدل على ثبوت النسبه بين العصى والضرب بالاله انما هو
لفظ ( ببا ) وما يدل على النسبه بينه وبين الدار بالظرفيه انما
هو لفظ ( فى ) .

وهذه النسب وجودها وجود ربط ى ولا فى نفسه ، وقد عبر
بعض الفلاسفه بانهامتدليات بانفسها والدال عليها هو الحروف ،
وعليه فتكون مباينه مع الاسماءراسا ونقول : ان هذا الوجه كان
جميلا لولا صحه استعمال الحروف فى غيرالجواهر والاعراض
مما هو فوقها ودونها ، مثلا يستعمل فى البارى لآ ويقال : (
قال اللّه تعالى لموسى ) ويستعمل بين الشى ء ونفسه فيقال : (
زيد فى نفسه عادل )ويستعمل فيما دون الجواهر والاعراض
من الاعتبارات فيقال : ( الانسان ممكن فى الخارج ) او
المستحيلات فيقال : ( اجتماع النقيضين مستحيل فى الخارج
) الى غير ذلك ، ومن الواضح انه لا معنى لوجود النسبه خارجا
فى هذه الموارد اصلا ،فهذا الوجه ايضا لا يتم .

وبالجمله بناء على ثبوت المعنى للحروف وكون معانيها مباينه
مع الاسماء قد قيل فى تعيين ذلك وجهان :
الاول : ما تقدم من بعض اعاظم مشايخنا (قدس سرهم) من
كون الحروف موضوعه لحقيقه النسب النفس الامريه ، وقد
عرفت ما فيه .

الثانى : ما افاده المحقق النائينى((13)) ، وحاصله : ان الاسماء
كلها معانيها اخطاريه وينتقل الذهن من سماعها الى معانيها ،
مثلا ينتقل من لفظ زيد الى تلك الذات ويكون حاكيا عنها ، واما
الحروف فهى ايجاديه ويوجد به الربط بين الالفاظ.

مثلا لفظ زيد يكون اجنبيا عن الدار وبالعكس واذا جى ء بلفظ (
فى ) يرتبط احداللفظين بالاخر ، فالحروف موجده للربط
الكلامى وموضعه لذلك ، وعليه فكل من الربط اللفظ ى والنسبه
الكلاميه الثابته بالحروف والربط الخارجى اى النسبه النفس
الامريه يكون مصداقا لمفهوم النسبه والربط الذى هو معنى
اسمى ، فكلاهمايكونان مصداقا لذلك ، لا ان الربط يكون من
مصاديق الربط الكلامى ، وحينئذفان كان الربط الكلامى مطابقا
ومشابها مع الربط النفس الامرى بان كانا تحت طبيعه واحده
وصنف واحد ، فيكون الربط الكلامى صدقا ، والا فيكون كذبا.

والى هذا اشار المحقق المير شريف حيث يقول : لو كانت
النسبه الكلاميه مطابقه مع النسبه الخارجيه تكون صادقه ،
فالتعبير بالمطابقه اى تطابق الربطين يكون بهذا المعنى لا
انطباق الكلى على الفرد كما هو واضح .

هذا ونقول : ما المراد من كون الحروف موجده للربط الكلامى
؟ فان اريد به ان الربط الكلامى يكون من لوازمها الذاتيه فهو مما
نقطع بخلافه ، والا لزم صحه الاتيان بكل حرف مكان كل حرف
، فتامل .

وان اريد ان ذلك ثابت بالوضع والجعل فما الموضوع له
فيها .

وبعباره اخرى : لو اريد : ان الحروف موجده للربط بين الالفاظ
فقط من دون ايجاد تغير فى معانيها ، فهو ممنوع ، اذ لا معنى
للربط بين اصوات يبقى جزء منها،فيوجد الجزء الاخر .

وان اريد
ان الربط بين الكلمات يكون من جهه ايجادالربط بين معانيها
ووجود معنى حرفى ، فنسئل عن ذاك المعنى وانه اى شى ء
فيكون حاكيه عنه .

فالصحيح ان يقال : ان الاسماء والحروف متباينه
سنخا ، ولكن معانى الحروف فى انفسها مختلفه ،
فلابد من الاستقراء فى ذلك ونعرف بمقدار ما
استقرئنا، ونقول :ما يكون من قبيل كلمه ( فى )
وامثالها تكون موضوعه لتفهيم تضييق
المعانى الاسميه ، فان المعانى الاسميه جزئيه كانت
او كليه معانيها غير مقيده بشى ء، ونعبرعنها بلا
شرط - فيكون لها حصص واصناف ، وهذا التغيير فى
الجزئى غير خال عن مسامحه ، والمراد واضح -
بحيث لو كان المتكلم بها فى مقام البيان
يستفادمنها الاطلاق ، وان لم يكن فى مقام البيان
تكون تلك الاسماء المستعمله من قبيل المجملات
كما لو قال : ( اكرم العالم ) وهذه الاسماء قابله
للتخصيص والتقييد ، وحيث ان الغرض كثيرا ما
يتعلق بتفهيم الحصص وكان الوضع لكل
من الحصص متعذرا لعدم تناهى الحصص ، او متعسرا
لكثرتها فلا محاله وضعت الحروف للدلاله على اراده
تفهيم ذلك ، مثلا لفظ ( فى ) فى قولك ( الصلاه
فى المسجد خير ) يدل على ان الموضوع ليس
مطلق الصلاه بل الحصه الخاصه منها، وهذا يجرى
فى جميع موارد استعمالاته ، مثلا يقال : ( الغنى فى
اللّه تعالى ضرورى ) اى الحصه الخاصه منها ، او
(الفقر فى اللّه تعالى مستحيل ) او ( الفقرفى
الممكنات ضرورى ) او ( اجتماع النقيضين فى
الخارج محال ) اى الحصه الخاصه منه الى غير
====== ى ى ى ى ذلك من الامثله ، فيقيد
الموضوعات اولا ثم يحكم عليهابهذه الاحكام ،
وبالجمله فالاسماء معانيها مطلقه بهذا المعنى ، ولا
يخلو هذاالتعبير عن مسامحه خصوصا فى الاسماء
الجزئيه ، والحروف وضعت للدلاله على اراده تضييق
تلك المعانى وتخصصها ، كما ان التوصيف والاضافه
ايضايكونان كذلك ، مثلا اضافه غلام الى زيد يدل
على تضييق الغلام وتخصصه بزيد ،وهكذا فى
التوصيف .

وبالجمله نذكر قبل بيان المعانى الحرفيه مقدمه
وهى :
ان المفاهيم الاسميه الكليه اعم من ان تكون من قبيل الجواهر
، او من الاعراض ، او من الامور الاعتباريه التى تكون هى
الموضوع له لتلك الاسماء بنحو اللابشرط المقسمى على
مسلك القدماء وبنحو الماهيه المهمله على ما هو الحق فهى
غير مقيده بالوجود ولا بالعدم ولا بشى ء آخر ، وهذه المفاهيم
نفسها تكون بعضها اوسع من بعض كما فى مفهوم الانسان
ومفهوم الحيوان ، فان العقل يرى اضيقيه الاول عن الثانى
واكثريه اصناف الثانى عن اصناف الاول حتى مع قطع النظر
عن الوجود الخارجى فتامل.

فالاسماء الكليه غالبا تكون موضوعه لهذه المفاهيم ، ومن
الواضح ان لكل من هذه المفاهيم حصص واصناف ، مثلا الاكرام
تاره يكون فى الليل واخرى فى النهار ، وتاره يكون بالقيام
واخرى بالضيافه او بغيرها الى غير ذلك بحسب اختلاف المكرم
والمكرم ، وسبب الاكرام ونحوها ، وكما نحتاج فى التفهيم
والتفهم الى وضع الالفاظ لتلك المفاهيم الكليه كذلك يحتاج
الى الفاظ تدل على تلك الحصص ، اذ كثيرا ما يتعلق الغرض
بتفهيمها ولم يوضع للحصص لفظ مخصوص الا نادرا كما فى
القعود والجلوس ، فانهم يقولون ان الجلوس موضوع لما
اذاحصلت تلك الهيئه عن قيام اى لهذه الحصه منها ، والقعود
لما اذا حصلت عن اضطجاع ، وبعضهم قال بالعكس ، فالحروف
غالبا موضوعه لافاده التضييق وبيان الحصص ، مثلا لو اراد
المتكلم تفهيم حصه خاصه من القيام اى القيام على قدم واحد
فيقول : ( قام فلان على قدم ) وهكذا لو اراد بيان صوم خاص
فيقول :( الصوم فى يوم عاشوراء مكروه ) او ( صوم العيدين
حرام ) وهكذا ، وعلى هذا فيكون لهذا القسم من الحروف
حيثيتان ، فهى من حيث انها تكون مرحله لتضييق المفاهيم
تكون ايجاديه، وهى من حيث كونها داله على ان المتكلم
ارادتفهيم الحصه الخاصه تكون حكائيه ، ونعبر عن هذا القسم
اصطلاحا بالحروف الاختصاصيه((14)) ، وعلى هذا ينطبق ما
نقل عن على (ع) فى تعريف الحرف ( انه ما اوجد معنى فى
غيره ) هذا هو القسم الاول .

اما القسم الثانى من الحروف ما يكون اسما حقيقه وان كان
يعامل معه معامله الحرف فهو يكون حرفا اصطلاحا فقط ، والا
فمعناه مستقل اسمى ، كما انهم يعبرون عن بعض الاسماء التى
يدخل عليها خواص الاسم كالتنوين باسم الفعل لاشتماله على
معنى الفعل ، وهذا القسم من الحروف كحروف التشبيه ( مثل
الكاف) فان معناه انما هو المثل ، او الشبه بحسب اختلاف
الموارد ، اذ التشبه لو كان بلحاظ الذاتيات يعبر بالمثل ، وان
كان من حيث الصفات يعبر بالشبه.

وهذا المعنى اسمى ، ولذا لم نجد مرادفا للكاف فى الفارسيه ،
مع انه لو كان حرفاحقيقه لكان مما يحتاج اليه فى جميع
اللغات .

القسم الثالث ما يكون لقلب ما يستفاد من الجمله الخبريه -
على ما نبينه - من الاثبات الى النفى كما فى لفظ ( لا ) ، و( ما )
، و( لن ) وامثال ذلك ، و( ليس )وان كان فعلا وينصرف منه
بعض الاشتقاقات الا انه ايضا معنى حرفى بهذا المعنى، والجامع
بين الجميع هو التضييق .

والحاصل : بعد ما اثبتنا ان الحروف لا تكون علامه محضه
كالنصب ، ولا تكون متحده مع الاسماء من حيث المعنى ، بل
يكونا متباينين من حيث المعنى ، وابطلناما ذكره المحقق
النائينى من كون الحروف موضوعه لايجاد الربط الكلامى ،
وماذكره بعض الاعاظم من كونها موضوعه للنسب الخارجيه ،
فثبت مدعينا لا محاله، وان الاسماء موضوعه للمعانى المستقله
، والحروف لايجاد التضييق بين تلك المفاهيم والدلاله على
تخصصها ، فمعانى الحروف نفسها تكون غير مستقله ومتدليه
بالغير ،ففى قولك ( الصلاه فى المسجد ) لفظ الصلاه تدل على
المفهوم الخاص والمسجد القيد ولفظ ( فى ) على تقيد الصلاه
بهذا القيد ، فالحروف كلهاموضوعه للتضييق ، غايته بعضها
لتضييق المفرد كما هو الغالب ، وبعضها لتقييدالجمله كاداه
الشرط ، فانها تضيق مفاد الجمله انشائيه كانت كقوله ( ان
جائك زيد فاكرمه ) او اخباريه كما تقول ( ان كانت الشمس
طالعه فالنهار موجود ).

ولا يخفى ان المعانى الحرفيه على هذا تكون قابله للحاظ
الاستقلالى كالاسماء،بل ربما يكون المقصود الاصلى فى الكلام
هو المعنى الحرفى كما لو سئل عن تحصص الصلاه بالاين او (
متى ) وقيل : ( اين صلى زيد ) ؟ و( متى صلى زيد ) ؟ولم يكن
السوال عن نفس الزمان والمكان .

ثم انا انما اطلنا الكلام فى المقام لانه يترتب عليه
ثمر مهم فى مفهوم الشرط ،
فان المنكرين له استدلوا على مدعاهم بان مفاد الهيئه معنى
حرفى وملحوظ آلى ، ولايكون قابلا للاطلاق والتقييد ، فلا
يمكن رجوع القيد اليه ، بل لابد وان يرجع الى الماده ، فلا
يتحقق للشرط مفهوم ، وبما ذكرنا ظهر ان مفاد الهيئه وان
كان معنى حرفيا الا انه قابل للحاظ الاستقلالى ، ولا ينافى ذلك
كون المعنى غير مستقل ،لان عدم الاستقلال الذاتى لا ربط له
بعدم الاستقلال فى اللحاظ ، وعليه فيكون قابلا للاطلاق
والتقييد كالمعانى الاسميه فاذا لا مانع من رجوع القيد الى
الهيئه ،فيثبت مفهوم الشرط ، وهذه ثمره مهمه .

ثم ان الوضع فى الحروف عام ، فان الحصص كما ذكرنا كثيره ،
بل غير متناهيه،ولا يمكن تصور كل منها بخصوصيه لغير
المتناهى ، فهل يكون الموضوع له فيهاعاما ايضا ام لا ؟اما على
مسلك المحقق الخراسانى (قدس سره) فيكون الموضوع له
فيها عام واضح ، واما على المختار فالموضوع له فيها خاص ،
فالواضع تصور عنوانا عاما كالتحصص من حيث الظرفيه ، ووضع
كلمه ( فى ) لمصاديقه اى لاصنافه ، فيكون الوضع فيها عاما
والموضوع له خاصا .

ثم انه روى عن مولانا امير المومنين (ع) انه قال:
( الاسم ما انبا عن المسمى،والفعل ما انبا عن حركه المسمى ،
والحرف ما اوجد معنى فى غيره ) ونقول: ان تعريف الاسم بانه
ينبى عن المسمى واضح ، وهكذا تعريف الحرف على ما ذكرناه
،واما تعريف الفعل ، فان كان المراد بالحركه فيه ما يكون فى
مقابل السكون فمن الواضح ان غالب الافعال لا تدل على ذلك ،
مضافا الى ان الحركه بهذا المعنى مختصه ببعض الاعراض اعنى
الاين والمتى ولا تجرى فى سائرها ، فما المراد من الحركه فى
تعريف الفعل ؟!ولبيان ذلك : لابد من التعرض لمعنى الهيئات .

والمشهور ان الهيئه فى الجمل الاسميه تدل على ثبوت النسبه
الخارجيه فى الكلام الموجب ، وعلى سلبها او النسبه السلبيه
فى الكلام المنفى ، ولكنه غير صحيح .

اما الاول : فلان ثبوت النسبه فرع تحقق الطرفين فى نفس
الامر الاعم من الخارج ووعاء الاعتبار ليشمل مثل ( الانسان
ممكن ) ، لكن مع انا نرى صحه استعمال الهيئه فى مثل (
الانسان حيوان ناطق ) مما يكون الحمل فيه اوليا ، فان
الانسان متحد مع الحيوان الناطق فى جميع المراحل خارجا
مفهوما وتصورا ، ولا فرق بينهما الا بالاجمال والتفصيل ، ولا
معنى لثبوت النسبه بين الشى ء ونفسه ، وفى قولك ( العنقاء
معدوم ) مع عدم تحقق طرفيها ، فلابد على مبنى المشهور
من الالتزام بالتجريد ، او بالمسامحه فى امثال هذه الموارد ، مع
انا نرى صحه الاستعمال فيها بلا عنايه كاستعمال الهيئه فى
قولك ( زيد قائم ) .

وثانيها : ان الواضع اى شخص كان لم يكن رجلا لاغيا وعابثا فى
مقام الوضع بان يوضع الالفاظ للمعانى بلا غرض وغايه ، بل كان
غرضه سهوله التفهيم والتفهم ، وحينئذ نسئل اى شى ء
يستفيده السامع وينتقل اليه من سماع هذه الهيئه؟ وجدانا
نرى انا لا ننتقل من سماعها الا الى تصور نسبه المحمول الى
الموضوع مع احتمال وقوعها وعدم وقوعها فى الخارج ، ولا
نستفيد منها اكثر من ذلك.

وهذا المعنى نستفيده من الهيئات المفرده ايضا مثل ( قيام
زيد ) مثلا ، ومن الجمله السلبيه ايضا كقولك ( ما زيد بقائم ) ،
ولا كاشفيه لها عن التصديق بثبوت النسبه، والمفروض انها من
القضايا التصديقيه ، فلابد وان تكون موضوعه لمعنى آخر ،فما
هو ذلك المعنى ؟والصحيح ان يقال : انها موضوعه لقصد
الحكايه والاخبار ، ويتضح هذا بماذكرناه فى حقيقه الوضع ،
وانه عباره عن تعهد الواضع والتزامه بذكر اللفظعنداراده
تفهيم المعنى ، وفى وضع الهيئه فى الجمل الخبريه : التزام
بالاتيان بها عندقصد الحكايه ، فهى تدل على ان المتكلم قصد
بايجادها الحكايه والاخبار وان داعيه على الاتيان بها هو ذلك .

وعليه فالهيئه من حيث مدلولها لا تحمل الصدق والكذب ، لان
دلالتها على قصداللافظ تكون كدلاله لفظ زيد على معناه ،
وانما يكون الصدق والكذب فيهابلحاظ متعلق مدلولها وهو
الاخبار والحكايه من حيث مطابقتها مع المحكى وعدمها،
وحيث ان الداعى فى الافعال الاختياريه يكون عنوانا للفعل ،
مثلا اذاقام بقصد التعظيم يصدق على القيام انه تعظيم ، واذا
فعله بداعى السخريه يكون الفعل سخريه وهكذا ، ففى المقام
حيث ان الداعى على الاتيان بالهيئه الخاصه يكون هو الاخبار ،
فيصدق الحكايه والاخبار على نفس الهيئه بلا عنايه ،
كمايصدق على رفع الراس والاشاره بالاعضاء فى مقام الحكايه
والاخبار عن شى ء ،فتكون الجمله كالفعل الخارجى بنفسها
مصداقا للخبر .

وعلى هذا يتم ما يقال : من ان معانى الهيئات حرفيه ، اذ على
ما ذكرناه تكون الهيئه موجده للخبر والحكايه فى الخارج ،
فتكون ايجاديه كالحروف .

هذا فى هيئه الجمل الاسميه ، واما غيرها من الهيئات فهى
كثيره ، منها هيئه الافعال وتوابعها من المشتقات.

وليعلم ان المشتقات تكون مشتمله على ماده مشتركه بينها
وعلى هيئه ، وقد وقع الخلاف فى تعيين تلك الماده المشتركه
، فذهب قدماء النحويين الى انها هى المصدر ومتاخروهم الى
انها اسم المصدر .

ولكن التحقيق : عدم صحه ذلك لان الماده المشتركه لابد
وان تكون موجوده فى جميع المشتقات لاعتبار وجود المقسم
فى الاقسام ، والا لخرج عن كونه مقسما ،ونحن نرى ان كل
واحد من المشتقات من حيث الهيئه والمعنى يكون مشتملا
على خصوصيه لا توجد فى غيره مثلا ضرب مشتمل على معنى
وخصوصيه لا توجدفى بقيه المشتقات ، فلا وجه لتوهم كونه
اصلا فى الكلام كما ذهب اليه الكوفيون من النحويين ، وهكذا
المصدر معناه العرض الملحوظ بما انه صفه للغير واسم المصدر
معناه العرض اذا لوحظ بما هو موجود خاص ، وليس هذا اللحاظ
دخيلافى معانى المشتقات اصلا .

فاذا لابد وان تكون الماده المشتركه هو نفس المعنى اللابشرط
الغير المقيد بشى ءحتى من حيث التقييد بعدم الاشتراط ،
ويعبر عنه بالمهمله ، ومن حيث اللفظللالفاظ المرتبه من
حيث التقديم والتاخير لا غير فى مثل لفظ الضاد والراء والباءفى
ضرب ويضرب ونظائره .

هذا فى ماده المشتقات .

واما الهيئات ،
فهيئه فعل الماضى موضوعه لتفهم قصد الحكايه عن تحقق
المبدءخارجا اى قبل زمان التكلم ، وحينئذ ان كان المبدء
المشتمل عليه الفعل مسنداالى الزمانيات فبالالتزام يدل الفعل
الماضى على الزمان الماضى ، فان لازم تحققه قبل زمان التكلم
هو ذلك ، وان كان مسندا الى نفس الزمان او ما فوق الزمان
فلايدل الا على مجرد التحقق كما فى قولك ( مضى الزمان او
الدهر او علم اللّه )وامثال ذلك ، فيكون استعمال الماضى فى
هذه الموارد بلا عنايه وتجريد ، لان الزمان لم يكن ماخوذا فى
معناه اصلا وانما كان مدلولا التزاميا له اذا كان فاعله من
الزمانيات ، وهذا هو الذى اوجب توهم جمله من النحويين كون
الزمان الماضى ماخوذا فى مدلوله .

واما المستقبل فهيئته موضوعه للحكايه عن التلبس بالمبدء
فعلا واذا دخل عليه السين او سوف ينقلب الى الاستقبال ،
وعلى هذا يظهر الوجه فى كون مفاد هيئه الافعال معنى حرفيا ،
لانها تدل على تضييق تلك الصفه بالتحقيق فى الفعل الماضى
وبالتلبس فى المستقبل .

واما هيئه المصدر واسم المصدر فقد ظهر الحال فيهما مما
تقدم .

واما هيئه بقيه المشتقات من اسم الفاعل والمفعول
والصفه المشبهه واسم الاله والمكان والزمان ونحوها فهى
موضوعه لقصد تفهم ذات مبهمه من جميع الجهات سوى
اسناد المبدءوانتسابه اليه ، مثلا هيئه القائم تدل على ذات
متصفه بتلك الصفه اما انسان واماحائط واما رمح واما حيوان
واما غير ذلك .

نعم تختلف انحاء التلبسات فهيئه الفاعل داله على الذات
المنتسب اليه المبدءبالنسبه الصدوريه ، وفى المفعول بالنسبه
الوقوعيه ، وفى الاله بالنسبه الاليه الى غير ذلك .

وعلى هذا فتكون الذات داخله فى مدلول المشتقات ، ولا وجه
لما ذكره بعضهم من بساطه المشتقات بمعنى خروج الذات عن
مدلولها ، نعم البساطه بمعنى آخرصحيح كما سنتعرض لذلك
انشاء اللّه تعالى فى محله مفصلا .

استدراك : ذكرنا ان هيئه الجمل الاسميه تدل على قصد
المتكلم الاخبار والحكايه، وليعلم انه ليس مرادنا من ذلك ان
معنى ( زيد قائم ) مثلا قصد الحكايه عن قيام لتحتمل الصدق
والكذب بحسب مدلوله ، فليس معناها الاخبار عن القصد
ولايكون بابها باب الاخبار عن القصد وانما يكون بابها باب الدال
والمدلول ، فان نظام العالم يتوقف على تفهم المقاصد
وتفهيمها ، ولذا نرى ان كثيرا ما يتعلق الجعل والمواضعه
بتفهيم المقاصد بالافعال كالتعظيم بالقيام عند طائفه ، وبرفع
العمامه عندقوم ، وبوضع احدى اليدين على الاخرى عند
آخرين الى غير ذلك ، فيكون القيام ورفع العمامه او اليد مصداقا
للتعظيم نظير الافعال التوليديه ، وحيث انه من الافعال
الاختياريه فيدل على قصد التعظيم ايضا .

فالقيام مثلا بعنوانه الاولى قيام وبعنوانه الثانوى تعظيم ، ورفع
الراس مثلا فى بعض الاحيان بعنوانه الاولى يكون فعلا خاصا
وبعنوانه الثانوى يكون مصداقاللاخبار والحكايه ، ولذا لا يبعد
القول ببطلان الصوم بذلك اذا كان افتراء على النبى او احد
الائمه (ع)، هذا فى الافعال الخارجيه ، واما فى الالفاظ فهيئه
الجمله الاسميه لم تجعل لثبوت النسبه ، وانما جعلت للحكايه
والاخبار بالثبوت اوبالنفى ، وحيث ان الحكايه والاعتبار من
الافعال القصديه فلا محاله تدل على قصد ذلك ، فان شئت
فعبر بانها موضوعه للاخبار القصدى ، وان شئت فقل
بانهاموضوعه لقصد الاخبار ، وعلى هذا فالصدق والكذب فيها
ليس بلحاظ مدلولهابل بلحاظ مطابقه الحكايه مع المحكى
وعدمها .

واما الافعال فالماده المشتركه بينها انما هى المعنى اللابشرط
من جميع انحاء النسب، واما هيئتها فهيئه فعل الماضى
موضوعه للحكايه عن تحقق قيام المبدء بالذات وسبقه على
زمان التكلم ان لم يكن الفعل مقيدا ، وان كان مقيدا فبالقياس
الى القيد مثلا لو قال يجيئنى زيد بعد عشره ايام وقد صام قبله
بيوم يكون السبق فيه بالقياس الى المجموع لا مطلقا ويكون
الاستعمال بلا عنايه .

واما هيئه فعل المستقبل فموضوعه للحكايه عن التلبس
بالمبدء ، اما حال اوالاعم منه ومن الاستقبال .

واما هيئه اسم الفاعل ونظائره فهى موضوعه لذات مبهمه من
جميع الجهات مقيده من جهه الانتساب الى المبدء ، فهى تدل
على التضييق والتقييد كالحروف كما ان لفظ الخمر ايضا لا
يدل الا على شى ء مسكر مبهم من حيث كونه ماخوذا من تمراو
عنب او غيره ، وهكذا لفظ النار تدل على ذاك العنوان المبهم
من حيث كونه من خشب او نفط او غيره ، وما يقال من خروج
الذات عن حقيقه المشتق سياتى انه غير تام بل الذات مقوم فيه
.

واما هيئه فعل الامر والنهى فهى موضوعه للدلاله على تعلق
الطلب والبعث فى الاول والزجر فى الثانى بالمعنى الذى نبينه
فى حقيقه الطلب بالماده فتكون من حيث دلالتها كدلاله
الهيئه فى الجمل الخبريه ، فكما ان الجمل الخبريه من
حيث مدلولها لا تتصف بالصدق والكذب ، غايته حيث ان
مدلولها وهو الاخباروالحكايه يكون من الامور التعليقيه ويكون
له تعلق بالخارج يحتمل فيه الصدق والكذب ، ومدلول فعل
الامر والنهى لا تعلق له بالخارج اصلا ، وتكون نظيردلاله
الكلمات المفرده مثل زيد على معناه ، فلا مجال فيها للاتصاف
بالصدق والكذب ابدا كما فى الالفاظ المفرده .

اذا عرفت هذا فنقول : ان الاسماء انما تدل على ذوات المعانى
لا بشرط من حيث الوجود والعدم من غير فرق بين الجوامد
والمشتقات والمصدر وغير المصدر ، مثلا: لفظ الانسان يدل
على الطبيعه الخاصه الغير المقيده بالوجود والعدم
القابله للاتصاف بهما ، وهكذا لفظ قائم يدل على ذات مبهم الا
من حيث انتساب المبدءاليه ، ومثله لفظ ضرب الذى هو مصدر
معناه العرض الخاص بما انه صفه للغير ،فيصح ما يقال ان
الاسم ما انبا عن المسمى .

واما الافعال : ففعل الماضى والمضارع يدلان على فعليه
المعنى الذى كان قابلالكل من الفعليه وعدمها ، فهما يدلان
على حركه المبدء من القوه الى الفعليه.

واما فعل الامر والنهى ، فهما يدلان على ان المعنى الذى كان
قابلا لتعلق الطلب به وجودا وعدما تعلق به الطلب وصار كذلك
فعلا ، وبهذا ظهر الوجه فى كون معانيها حرفيه ، فانها تدل على
تضييق المعنى الاسمى وتقيده بالوجود والفعليه تاره وبفعليه
العدم اخرى كما فى الحروف ، والفرق بينهما هو ان التضييق
فى الحروف كان تضييق المفهوم بالمفهوم ، وفى الافعال يكون
التضييق تضييقابالوجود او بالعدم، وهما مشتركان من حيث
اصل التضييق ، وبهذا يظهر بيان الخبر المسند الى امير
المومنين (ع) من ( ان الاسم ما انبا عن المسمى ، والفعل ماانبا
عن حركه المسمى والحرف ما اوجد معنى فى غيره ) .

بقى فى المقام امران :
احدهما : النقض باسماء الافعال ، فانها ايضا تدل على حركه
المسمى بهذا المعنى.

وفيه : ان المعرف فى الخبر انما هو الفعل اى الهيئه الفعليه ،
ومن الواضح انه ليس لاسماء الافعال ماده موضوعه وهيئه
موضوعه استقلالا ، بل الماده والهيئه معافيها موضوعه لمعنى
خاص ، فهى حقيقه من الجوامد غايته ان معناها معنى الفعل
،ولذا يدخل عليها خواص الاسم من التنوين وغيره ، فهى
كالخنثى فتامل((15)).

ثانيهما : ان هيئه الجمله الاسميه ايضا تدل على حركه
المسمى بهذا المعنى كما فى (زيد قائم ) فانها تدل على فعليه
القيام من زيد ، فالتعريف لا يكون مانعا.

وفيه : ان المعرف انما هو الكلمه - كما يستفاد من المقسم
المذكور فى الخبر - والجمل الاسميه تكون كلاما ، وبعباره
اخرى لم يرد فى الخبر ان كل ما انبا عن حركه المسمى فهو
فعل لينتقض بالجمل الاسميه ، وانما قال : الفعل الذى هو
كلمه ما ينباعن حركه المسمى ، ولا ينافى ذلك ان يكون شيئا
آخر ايضا دال على ذلك.

هذ
ا كله فى بيان الخبر والفرق بين الاسم والفعل والحرف وبيان
معانيها .

ثم انه يقع الكلام فى الفرق بين الاخبار والانشاء ، وان ظهر
اجماله مما تقدم ،فنقول : المشهور كما فى الكفايه((16)) انه لا
فرق بين الاخبار والانشاء من حيث المعنى ، وان اختلافهما انما
يكون باختلاف الدواعى ، بل ذكروا ان دلاله الجمل الخبريه
المستعمله فى الطلب على ذلك يكون آكد من دلاله صيغه
افعل عليه ،خصوصا اذا كانت بصيغه الماضى وواقعه فى جزاء
الشرط كما فى قولك ( من قهقه فى صلاته اعادها او يعيدها )
فان المتكلم لكثره اشتياقه بذلك الامر كانه يعتبره مفروض
الوجود والتحقق فيخبر عن ذلك .

وكيف كان على ما سلكناه فى بيان الموضوع له فى الجمل
الخبريه وغيرها لا مجال لهذا التوهم اصلا .

بيان ذلك : هو ان الانشاء عندهم عباره عن ايجاد المعنى
باللفظ ، والظاهر انه مجرد لقلقه لسان ولا معنى لايجاد المعنى
باللفظ اصلا ، فان الموجودات على ما مرمرارا منحصره فى
الموجودات الحقيقه ، وهى وجود الجواهر والاعراض
الشامله للامور الانتزاعيه ايضا ، وفى الموجودات الاعتباريه ولا
ثالث .

فان اريد من ايجاد المعنى باللفظ الايجاد الحقيقى فبالبداهه
نرى انه لا يوجد باللفظالا فرد من الكيف المسموع ليس الا ،
ولا يكون اللفظ سببا ولا آله لوجود المعنى اصلا ، وان اريد
ايجاده بالوجود الاعتبارى فى وعاء الاعتبار ، وحينئذ لا
يخلوالحال من ان يراد وجوده فى اعتبار المتكلم ، او يراد
وجوده فى اعتبار الشرع اوالعقلاء .

اما الاول : فلا شبهه فى انه متقوم باعتبار المعتبر وتوجه نفسه ،
سواء كان هناك لفظ او لم يكن .

واما الثانى : فاللفظ وان كان موضوعا لاعتبار الشارع والعقلاء
ونسبه الموضوع الى حكمه تكون كنسبه العله الى معلوله
فتحقق اللفظ يكون عله لثبوت الاعتبارالنوعى او العقلائى
بمعنى انطباقه على المورد لا اصل ثبوته وانشائه ،
ولكن الموضوع لاعتبار الشارع والعقلاء ليس هو اللفظ المجرد ،
وانما هو اللفظ الذى يكون مستعملا فى المعنى ، فما هو ذلك
المعنى ؟! فيكون القول بان الانشاء ايجاداللفظ بالمعنى لقلقه
لسان كما ذكرناه .

والصحيح ان يقال : ان الانشاء انما هو ابراز الاعتبار
النفسانى ، فان حقيقه الايجاب ليس الا اعتبار
الابديه وثبوت متعلق طلبه على رقبه المكلف ،
كاعتبارالدين فى ذمه المديون والعمل على رقبه
الاجير ، ولذا ربما يتعدى ذلك بلفظ ( على) كما فى
قوله تعالى : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على
الذين من قبلكم )((17)).

وينتزع من هذا الاعتبار عنوان الالزام من جهه كونه لازما على
رقبه المكلف ،وينتزع منه الوجوب بمعنى الثبوت لثبوته فى
ذمته ، والتكليف من جهه ايقاعه المكلف فى الكلفه الى غير
ذلك ، ولفظ افعل يكون بحسب تعهد الواضع مبرزا لهذا العتبار،
فكما ان الهيئه فى الجمل الخبريه تكون مبرزه لقصد الحكايه ،
فليس فيهامن حيث دلالتها احتمال الصدق والكذب ، كذلك
الهيئه فى الجمل الانشائيه مبرزه لنفس الاعتبار ، فليس فيها
احتمال الصدق والكذب اصلا ، وليس معناها الحكايه عن قصد
الانشاء ليحتمل فيها الصدق والكذب، بل بابها باب الدلاله ، فاما
ان تدل او لا تدل ، لا باب الاخبار والحكايه ، وحيث ليس
لمدلولها تعلق بما فى الخارج فلا مجال لاحتمال الصدق
والكذب فيها من تلك الجهه ايضا .

وبالجمله ظهر ان حقيقه
الانشاء انما هو ابراز الاعتبار .

هذا معنى الجمل الانشائيه ، واما الجمل الخبريه فمعناها قصد
الحكايه ، والمعنيان متباينان ، وعليه فلا مجال لتوهم اتحادهما
وكون الاختلاف فيهما من حيث الداعى اصلا ، بل لا مناص من
كون اختلافهما بحسب المعنى الموضوع له.

هذا والحاصل : ان ما ذكروه من ان المعنى والمستعمل فيه فى
الجمل الخبريه التى تستعمل فى مقام الانشاء تاره ، وفى الاخبار
اخرى كفعل المضارع والماضى اذاوقع جزاء الشرط واحد فى
كلا الاستعمالين وانما الاختلاف بينهما يكون من ناحيه الداعى
لا يمكننا المساعده عليه .

فان الموضوع له للهيئات ليس ثبوت النسبه ونفيها ، وانما هو
قصد الحكايه فى الاخبار ونفس الاعتبار النفسانى فى الانشاء
على ما عرفت تفصيله .

ومما يويد ذلك انه لو كان المستعمل فيه فى الانشاء والاخبار
واحدا وكان الاختلاف من جهه الداعى لزم صحه انشاء الطلب
بالجمل الاسميه مثل زيد قائم ايضا ، اذ لا خصوصيه لفعل
الماضى و المضارع و الظرف .

ومن الواضح ان ذاك الاستعمال من افحش الاغلاط ، نعم يصح
استعمال الجمله الاسميه فى انشاء الطلب فيما اذا كان الخبر
ظرفا كما فى قوله (ع) ( المومنون عند شروطهم )((18)) ولو
لم يكن ذلك من باب الكنايه واجنبيا عن المقام.

بقى فى المقام فرع وهو بيان معنى اسماء الاشاره والضمائر :
صريح الكفايه((19)) ان لفظ ذا مثلا موضوع لكل مفرد مذكر
عاقل ، وان كون المعنى مشارا اليه ولحاظه كذلك انما ياتى من
ناحيه الاستعمال .

ونقول : لو سلمنا ما ذكره فى المعنى الحرفى من ان الاليه
والاستقلاليه ينشان من ناحيه الاستعمال من دون ان يكون
لشى ء منهما دخل فى الموضوع له لا نسلم ماذكره فى المقام ،
فان الاستقلاليه والاليه يكونان من لوازم الاستعمال ، بخلاف
كون المعنى ملحوظا بما انه مشار اليه ، فان ذلك لا يكون من
لوازم الاستعمال ، فلا وجه لاعتباره فيه ما لم يكن دخيلا فى
الموضوع له .

ومما ذكرناه ظهر فساد ما ذكره المحقق النائينى (قدس سره) ،
من ان ( ذا ) موضوع للمفردالمذكر الذى اشير اليه بهذا اللفظ
اى الحصه الخاصه بنحو دخول التقييد وخروج القيد((20)) .

فانا نسئل انه ما المراد من الاشاره الى المعنى باللفظ ؟ ان اريد
منها الاشاره الاستعماليه فبكل لفظ يشار الى معناه ففى
استعمال لفظ الانسان يشار الى معناه ،وان اريد بها معنى آخر
فاى شى ء ذلك؟
وهناك احتمال آخر ادق من ذلك وهو ما افاده بعض اعاظم
مشايخنا وحاصله :ان ( ذا ) موضوع للمعنى الذى اشير اليه
باشاره خارجيه باحدى آلات الاشاره من الاصبع والراس العين
كما يتفق ذلك كثيرا عند استعمال هذه الالفاظ((21)).

وفيه : ان هذا كان يتم لو لم يكن استعمال اسماء الاشاره
والضمائر والاشاره بها الى غير المحسوسات والمعانى صحيحا
بلا عنايه ومسامحه ، كما يقال ان كان المراد من هذا المعنى
ذلك فهو باطل ، وبالجمله ما ذكره فى الكفايه من ان اسم
الاشاره كلفظ(ذا ) موضوع لذات المشار اليه ، وان الاشاره تنشا
من ناحيه الاستعمال كاللحاظ الالى فى الحروف فقد عرفت انه
غير تام ، اذ لا معنى لكون الاشاره ناشئه من قبل الاستعمال
اصلا الا ان يراد منها الاشاره بمعنى الاستعمال التى
هى موجوده فى جميع الالفاظ .

وهكذا ظهر عدم صحه ما افاده المحقق النائينى ، فامتن
الوجوه ما نقلناه عن شيخنا المحقق (قدس سره) بان يكون اسم
الاشاره موضوعا للحصه الخاصه من المعنى ،وهى المعنى
المقيد بكونه مشارا اليه بالاشاره الخارجيه او الذهنيه ، الا
ان الاشكال فيه هو صحه استعمال اسماء الاشاره فى موارد غير
قابله للاشاره اصلاكما عرفت .

فالصحيح : فى معانى اسماء الاشاره ما ذكره ابن مالك وغيره
من النحويين من كونها موضوعه لنفس الاشاره لا للمشار اليه ،
اى وضعت لان يكون آله للاشاره ، اى لان يشار بها كما يشار
باليد والعين ونحو ذلك ، والاشاره فى مقابل التصريح معناها
بيان المعنى بنحو الابهام والاجمال ، كما ان التصريح هو
البيان بنحو التفصيل ، ومن ثم سميت اسماء الاشاره والضمائر
والموصولات بالمبهمات ،فالمبين فيها يكون قرائن خارجيه
من الصله فى الموصولات ، وذكر المشار اليه فى الاشاره ، مثل
ان تقول: ( جئنى بهذا الرجل ) او القرينه العقليه او غير ذلك ،
والافنفس الاشاره يكون فيها نوع اجمال غالبا كما لو اشير الى
الجدى وقيل (هذاالجدى) فانه لا يتعين ذلك بمجرد الاشاره.

وكيف كان ، فالصحيح فى اسماء الاشاره ما ذكره النحويون،ولا
يرد عليه ما يقال : من ان لازمه عدم صحه الحمل فى مثل
قولك ( هذا زيد ) او ( ذاك اخو عمر)وامثال ذلك ، لان لفظ (
ذا ) على هذا يكون بمنزله الاشاره باليد فلا يكون للقضيه
موضوع ، وذلك لانه انما يوتى بلفظ ( هذا او ذاك ) كما يوتى
بالاشاره بالاعضاء طريقا لارائه المعنى ، فالموضوع يكون المعنى
الذى احضر فى ذهن السامع بتلك الاشاره او اللفظ ، فلا اشكال
، ولا ينبغى اطاله الكلام فى المقام اكثرمما ذكر .

بقى الكلام فى استعمال اللفظ فى نوعه او صنفه او مثله .

ونقول : قد ذكرنا ان دلاله اللفظ على معناه لا تكون ذاتيه ،
وانما هى مستنده الى الوضع والتعهد ، فدلاله اللفظ على معناه
الحقيقى تكون مستنده الى الوضع من غيراشكال ، كما ان
دلالته على المعنى المجازى ايضا تكون مستنده الى الوضع
بمعنى انه لولا وضع اللفظ لما يناسب المعنى المجازى لما كان
استعماله فى ذاك المعنى المجازى صحيحا .

مثلا لو لم يكن لفظ اسد موضوعا للحيوان المفترس بل كان
موضوعا للبحر مثلالما جاز استعماله فى الرجل الشجاع ، اذ لا
علاقه بين البحر والرجل الشجاع اصلا، فالمعنى المجازى ايضا
مستند الى وضع الواضع لكن بهذا المعنى ، وهذاواضح.

انما الكلام فى انه مضافا الى ذلك هل يكون اللفظ بالقياس الى
المعنى المجازى وضع على حده ام لا ؟ ويويد الثانى اتفاق
المعانى المجازيه فى جميع اللغات ، فان اللفظالموضوع
للحيوان المفترس فى كل لغه يجوز استعماله فى الرجل
الشجاع ، ويبعداتفاق جميع اللغات فى هذا الوضع .

/ 16