مدخل الی النظریة العامة للقانون الدولی الاسلامی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدخل الی النظریة العامة للقانون الدولی الاسلامی - نسخه متنی

عبدالأمیر الزاهد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





مقدمه


لا يشذ مسلم من الاجماع على ان الاسلام عقيده الهيه، شامله
للكون والحياه والانسان والشريعه، تحيط بما تتطلبه الحياه
الانسانيه بصورها كافه البدائيه منها والمتطوره حتى يوم
القيامه.


سواء على مستوى الافراد او الاسره او المجتمع او
الدول ضمن ضرورات الايمان، والوثوق بان فى نصوص التشريع
فى الكتاب والسنه ما (احاط بكل واقعه سواء بالنص عليها او
بالحاقها بعموم النص).


وعليه فانه ينبغى ان يلتزم الانسان
المسلم باعتقاد ثابت بان لكل واقعه حكما فى ثنايا التشريع
الاسلامى.


وقد حصل فى عالمنا بعد النصف الثانى من القرن العشرين
اهتمام واسع ب (نظم العلاقات الدوليه) وسبل التعاون البشرى
للتنميه البشريه عامه، واستغلال ممكنات الكون وحقوق
الانسان، واقيمت المنظمه العالميه (الامم المتحده) التى
سعت من خلال مجموعه من المبادى والقواعد القانونيه
لتنظيم سلوك الدول ازاء بعضها وقد نظرت اجرائيات ذلك بما
يطلق عليه بالقانون الدولى العام.


ان لهذا القانون فى مناشئه السائده - الاوروبيه خاصه - نظريه
عامه تتولى البحث فى مفهومه، والاهداف التى تسعى اليها
قواعده القانونيه وطبيعه العلاقه بينها وبين قواعد القوانين
الداخليه (الوطنيه)، والاشخاص القانونيه التى تخاطبها.


لذلك
وازاء هذا فما هو الموقف الاسلامى فى هذا الحدث العالمى؟واذا
افترضنا بان للاسلام حكما لكل واقعه فرديه او انسانيه فهل له
احكام دوليه واذا كان الامر كذلك، فما هى النظريه لتنظيم
العلاقه بين الدول وما النظريه العامه لتلك الاحكام؟
الفرع الاول: فكره القانون فى الشريعه الاسلاميه

الفرع
الاول: فكره القانون فى
الشريعه الاسلاميه



تقوم فكره القانون فى الشريعه على جوهر موداه ان اللّه تعالى
قد اختص بالحاكميه كاختصاصه بالخالقيه، ولذا فان استمداد
احكام القانون حصرا يلزم ان يتم من نصوص الوحى الالهى
بطريق مباشر اى ب (النص) او غير مباشر ب (الاجتهاد) المنضبط
بالنصوص الشرعيه.


لذلك: فهى: تختلف جوهريا عن النظم
المعاصره، سواء اكانت دينيه ام علمانيه، فالنظم المعاصره قد
تنازلت عن الحاكميه، فقد اكدت الاديان السائده -غير
الاسلام- على التركيز على جانب الاعتقاد وتركت معتنقيها
ينظمون حياتهم بالرجوع الى القوانين التى تستمد من
الحصيله الاجتماعيه لتطور الانسان، بينما ركزت النظم غير
الدينيه (الوضعيه) على (القوانين ذاتها) اكثر من عرض اركان
النظره الكونيه الشموليه، بل قامت اسسها على (الاحكام
التنظيميه للانسان فى علاقاته، وللدوله فى علاقاتها الداخليه
والخارجيه).


اذا: فالقانون فى الشريعه بوصفه الركن الثانى من جوهر الدين
يشكل الموجه العملى (لحاكميه اللّه) وامتثال الانسان، تسنده،
وتعضد محتواه (ركائز العقيده) التى تشكل ضمانه للتطبيق
الطوعى لاحكامه القانونيه.


وتستمد قواعد هذا القانون من
نصوص الكتاب الكريم الموحى به من عند اللّه.


والسنه الشريفه
من اقوال المعصوم وافعاله وتقريراته، وتطبيقات الاحكام
الشرعيه فى العصور الاسلاميه سواء اكان يعضدها اتفاق الفقهاء
(الاجماع) بمعناه العام ام يسندها فهم سليم للنصوص
التشريعيه الاسلاميه (الاجتهاد السليم) دليلا ودلاله.


ومن (المقولات الاسلاميه) فى مجال العقيده، ومن القواعد
العامه الضابطه لاحكام التشريعات الاسلاميه، نشات مفاهيم
اسلاميه عامه عن الحق، والملكيه، والعمل، والعقد، وتاسيس
سلم الالزام الشرعى فى احكام الواقعات من (الالزام غير
المرخص بالترك (الواجب) الى الحث المرخص بتركه
(المندوب) الى ما تساوى طرفاه (المباح) الى رجحان الترك
(المكروه) الى الالزام بالترك (التحريم) وهذا السلم مما انفرد
به التشريع الاسلامى عن التشريعات الوضعيه.


ان التشريعات المعاصره لا تملك فى قوانينها هذا السلم، ولا
تعبر عن احكامها به، بل تتحرك احكامها فقط بين الجواز
وعدمه، اما السكوت عنه فى التشريعات المعاصره فهو محمول
على الصحه، واغلب تركيزها على ما لا يجوز قانونا.


واذا كانت التشريعات المعاصره قد جعلت (العقاب) والتجريم
فقط وسيله لضمان تطبيق احكامها، فان التشريع الاسلامى قد
اوجد لقواعده مجموعه من ضمانات التطبيق:
اولها: ايجاد الوعى العالى لدى الانسان المسلم بارتباط احكام
الاسلام بالمصلحه وجودا وعدما، فكل ما حرمه الشارع المقدس
فان الاعتقاد قائم على انه لا بد ان يكون قد انطوى على
مفسده، وكل ما لزم بالامتثال له لا بد ان ينطوى على مصلحه،
واعتمد لبلوره هذا النوع من الوعى لعمليه بناء الانسان بناء
عقائديا متينا.


ثانيها: الجزاءات القانونيه: وقد وضع الاسلام ضمانا لتطبيق
احكامه مجموعه جزاءات قانونيه، اولها (نظم الحدود والقصاص
والتعزيرات) ثم (الجزاء الاخروى) الذى ارتبط بفكره المعاد
والحساب الاخروى.


ثم الجزاء الاجتماعى الذى جعل مقياس
الافضليه والتكريم الاجتماعى على مدى انطباق سلوك
الانسان المسلم مع متطلبات الحكم الشرعى.


وهناك ميزه ثالثه يتمتع بها التشريع الاسلامى منفردا بها ايضا.


وهى: ان نظمه تعمل متسانده، فلا يمكن تطبيق جزء من
احكامه فى مجال ما دون المجالات الاخرى، فهو منظومه
حقوقيه كامله، شامله، يوثر بعضها على المفردات الاخرى
فالتنظيم الاسلامى للنشاط الاقتصادى للانسان والمجتمع،
وتحديده لدور الدوله فيه له علاقه صحيحه وفاعله مع احكام
الحدود والجنايات، ومن ذلك مثلا: ايقاف حد القطع فى صوره
السرقه لاقامه الاود، وباشتداد الحاجه الى الاساسيات لاستمرار
حياه الانسان كما ان لنظامه فى التكافل الاجتماعى المتمثل
باحكام وقواعد الزكاه والخمس علاقه بتحريم الربا وتجريم
الممارسه الربويه، قال تعالى: (يمحق اللّه الربا ويربى الصدقات)
«البقره: 276».


ان صدور التشريع من مصدر واحد، واستناده الى فلسفه كونيه
واحده واستهدافه (مقاصد محدده) يجعله كلا غير قابل
للتجزئه.


لهذا كله، نخلص الى القول:
ان هذا الدين قد قدم للانسانيه اطروحه الهيه مرسله من السماء
احتوت تصورا كونيا، شاملا، ومنظومه حقوقيه كامله، منظمه
للحياه بكامل وقائعها، استخرجت من هذين الركنين: مجموعه
مفاهيم عن الحياه والانسان وقضاياه، كلها ممتزجه غير قابله
للفصل، واحتوى هذا الترابط المركزى على فكره الحاكميه للّه،
وهى فكره مركزيه يتفرد بها الاسلام اليوم عن النظم السائده
الفكريه منها والقانونيه.


وقد اوجد لها وجها هو فكره عبوديه
الانسان للّه وحده، وتعنى امتثال الانسان للاحكام الشرعيه
امتثالا طوعيا، اختياريا، محاطا بالهيبه، والقداسه، ولا يتداخل
مع اللّه معبود آخر، سواء اكان كيانا ماديا بشريا ام كيانا معنويا،
فكريا، ففكره التوحيد فى الاسلام تعنى توحيدا للذات
وللصفات.


ومن الصفات حاكميه اللّه بالعلم والحكمه التى هى من صفاته
جل اسمه، ولهذا: لم تختص (احكام الاسلام) بمكان ما، او زمان
ما او شريحه من المجتمعات البشريه، فهو عالمى النزعه
والتوجه، يخاطب الناس كافه: على مختلف عصورهم،
واماكنهم، وقومياتهم، واجناسهم، ولغاتهم خطابا عقلانيا لا
تصطدم (قواعد عقيدته وتشريعه) مع قانون ثبت قطعا انه من
السنن الكونيه، ولا مع قاطع عقلى مسلم به من قبل الناس
كافه.


ولقانون الاسلام: سمه الثبات والدوام، فان من مستلزمات
الحاكميه للّه: ان اللّه تعالى وحده فقط له حق التعديل، والالغاء،
والنسخ، والتبديل، وليس للمومنين بشرعه هذا الحق سواء
اكانوا من العلماء ام من عموم الممتثلين لاحكامه، وبهذه
الميزه: يستقر اطمئنان لا يناظره اطمئنان فى ثبات القاعده
القانونيه.


كما انهم: يلحظون فى تطبيقاتهم للتشريع: انهم منسجمون
مع السنن الكونيه لان المشرع هو وحده العارف باسرار الخلق
والتكوين، والانسجام معناه: استدرار للمعطيات الكونيه
لمصلحه الانسان، واستجلاب لمعطيات التجربه الاجتماعيه
الايجابيه لمصلحه الفرد، فضلا عن اتحاد (نواتج) الالتزام
الفردى مع حركه المجتمع الاسلامى عبر تاريخ تطوره
مستفيدا من هبات الاجيال الماضيه، مضيفا لها، ومهيا للاجيال
القادمه ارثا، مدنيا، وفكريا، وقانونيا، يسهل لها عمليه الرقى
الحضارى والمدنى.


لذلك فان فكره القانون فى الشريعه تتلخص فى:

1 - ان فكره الحاكميه تعنى ان اللّه تعالى بلطفه لم يترك
للانسان المحدود فى امكاناته: ان يدير حياته وعالمه، انما تكفل
بذلك عنه، فاوجد له عقيده كونيه شامله، ونظاما قانونيا كاملا
وضمانات فاعله للامتثال، تقابلها فكره العبوديه: التى تعنى
الامتثال له وحده، وتحرير الانسان من عبوديه الاشياء
والاشخاص الى عبوديه اللّه تعالى وحده.


2 -ان القانون الاسلامى وحده حقوقيه كامله، تبدا من تنظيم
علاقه الكائن الانسانى بذاته، واسرته، ومجتمعه افرادا وكيانا،
وعلاقه دوله الاسلام بالعالم الذى يحيط بها، ثم علاقه الانسان
والدوله باللّه تعالى، وحده مترابطه الاجزاء، مكتمله الجوانب، لا
تعط ى ناتجها الا بالتطبيق الشامل لمفردات تلك المنظومه
كامله، ولذلك فان الجانب النظرى فى منهجيه الفقه الاسلامى
لا تعرف الفصل بين القانون المدنى، عن الجنائى، عن
الدستورى، عن الدولى، انما هى وحده واحده فى الاسس
والمنطلقات والحقائق الاساسيه التى يقوم عليها مجمل
التشريع.


3 - ان اللّه تعالى قد ارشد الانسان المسلم الى طرق استمداد
الحكم الشرعى، وقد ابدع فقهاوهم، فانتجوا ثروه فقهيه واسعه،
نزلت الى عالم التطبيق الفعلى قرونا عديده، شكلت جزءا مشرقا
من تاريخ المسلمين، وسوابق فى معالجه الوقائع التى لم يرد
فيها نص شرعى، وتعد تلك الثروه خزينا، قانونيا، هائلا، فى
معالجه قضايا العصر ومشكلاته على مستوى القانون الداخلى او
القانون الدولى الخاص، منه والعام.


4 -ان القانون الاسلامى هو الذى رسم شكل المجتمع، وحدد
مسار حركته ونشاطه فى مجال مجتمعاته، واسس الدوله،
وقيد سلوكها بقواعده الشرعيه، فتميز عن القانون الوضعى
المعاصر فى ان الدوله هى التى تنتج القانون.


بينما الدوله فى
الشريعه الاسلاميه هى التى تطبق القانون، فهى موسسه من
موسساته، تلتزم بحدوده واوامره ونواهيه.


ليس لها من
الصلاحيه الا ان تستنبط حكم النازله، وهى الواقعه المستجده
من نصوص التشريع الثابته، وعليها اقامه الدليل الشرعى على
ما تسلكه من سلوك داخلى او دولى.


الفرع الثانى: الادله الشرعيه على جوهر فكره القانون

الفرع
الثانى: الادله الشرعيه على
جوهر فكره القانون فى الشريعه



فى الشريعه
لقد دلت على فكره الحاكميه للّه، والعبوديه للّه من قبل الانسان
وفكره الشمول والتساند مجموعه من الادله النقليه والعقليه
والتاريخيه.


الادله النقليه:
ا - من الكتاب

1 - قوله تعالى: (وان احكم بينهم بما انزل اللّه ولا تتبع اهواءهم
واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل اللّه اليك) «المائده:
49».


2 - قوله تعالى: (افحكم الجاهليه يبغون ومن احسن من اللّه
حكما لقوم يوقنون) «المائده: 50».


3 - قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما انزل اللّه فاولئك هم
الكافرون) «المائده: 44».


4 - وقوله تعالى: (فلا وربك لا يومنون حتى يحكموك فيما
شجر بينهم ثم لا يجدوا فى انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا
تسليما) «النساء:65».


ب - من السنه:

1 -ما رواه عباده بن الصامت، قال: قال رسول اللّه(ص): (اقيموا
حدود اللّه فى القريب والبعيد ولا تاخذكم فى اللّه لومه
لائم).


((1))

2 - عن الصادق(ع)، قال: (ان اللّه تبارك وتعالى انزل فى القرآن
تبيان كل شى ء حتى واللّه ما ترك شيئا يحتاج اليه العباد)((2)).


3 -عن عمر بن قيس، عن الامام الباقر(ع) ، قال: سمعته يقول:
(ان اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج اليه الامه الا انزله فى
كتابه وبينه لرسوله(ص)، وجعل لكل شى ء حدا وجعل عليه
دليلا، يدل عليه وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا)((3)).


ج - من الاجماع:
اجمع اهل العلم على وجوب الرجوع الى كتاب اللّه وسنه
نبيه(ص) فى كل شى ء حتى ارش الخدش.


واجمعوا على ان
الاحتكام الى غير الشرع كفر، ومروق.


د - الدليل العقلى:
لما قام الدليل العقلى القاطع على وجود خالق لهذا الكون
يتصف بانه حكيم، مدبر، عليم باسرار التكوين والخلق، وقام
الدليل العقلى القاطع على ان الانسان محدود على فرض
تعلمه فى علمه وفهمه لاسرار الكون والانسان، فان تكليف
الناقص باكمال الحياه تكليف بغير المقدور ولان فاقد الشى ء لا
يعطيه، فلا بد من التقيد بامتثال احكام اللّه تعالى لارتباط
الامتثال بالمصالح العامه للانسان.


وترك المصالح الى المفاسد
قبح يقطع العقل بضروره اجتنابه.


ه - الدليل الاستقرائى التاريخى:
باستقراء تجارب الامم والشعوب يلاحظ ان القوانين البشريه قد
سببت اجحافا ومظالم وانتهاكا لحقوق الانسان، وحرياته، وحقه
فى الحياه وانها بالتطور التدريجى لها بدات تنتقل من طور الى
طور فى كل طور ايجابيات وسلبيات، ولا الزام على الانسان
من ان يوضع جزءا فى تجربه اجتماعيه من طبيعتها ان تكون
فيها خسائر اجتماعيه، ان الانسان الفرد او الهيئه الانسانيه لا
تستطيع اذا ما اطلقت لها مهمه التشريع ان تحصن نفسها من
التسبب فى الظلم وتجانب العدل، فلا بد من (الركون الى
مشرع لا يتصف بالنقص).


ان التجارب الاجتماعيه التاريخيه امامنا: سواء فى العصور
القديمه ام الوسيطه ام المعاصره تكشف عن (مقدار ما الحقته
بوجود وضرورات الحياه الانسانيه الكريمه من اضرار) ما دفع
مسلمى العالم الى الاضطرار الى (تحكيم شرع الاسلام) تخلصا
من (المساوى الماثله امام اعينهم من جراء تطبيقات تشريعيه
بشريه المصدر)((4)).


لتلك الادله مجتمعه: لا بد من التامل فى مصير الانسانيه،
وتحكيم العقل والمنطق والمنهجيه الموضوعيه لدراسه
القوانين المعاصره دراسه مقارنه للكشف عن (نقاط التفوق
التشريعى بينها وللتوصل الى اختيار ما يثبت انه اصلح للبشريه
عموما)((5)).


المبحث الاول: القانون الدولى الاسلامى

القانون
الدولى الاسلامى



المطلب الاول: مفهوم القانون الدولى الاسلامى

مفهوم
القانون الدولى الاسلامى



من المعروف انه قد سبق قيام الدوله الاسلاميه، تكون مجتمع
اسلامى وفق نظريه كونيه، ومنظومه حقوقيه، ثم: قامت الدوله
الاسلاميه بعد الهجره، وقد كانت شخصيه رسول اللّه(ص)
تجمع بين مهمتى التبليغ عن اللّه تعالى، وسياسه امر الدين
والدنيا، وقد طبق النبى(ص) التشريعات الالهيه على نفسه،
ومجتمعه، ودولته، تطبيقا فعليا واقعيا.


وتعامل مع الافراد ومع الكيانات الاجتماعيه السياسيه
المعاصره له، ومع الدول القائمه فى عصره تعاملا واقعيا، لوجود
تلك الكيانات على الارض وجودا فعليا، فاقتضى ان يتعامل
معها تعاملا فعليا.


وتعامله(ص) معها لا يعنى اعترافا شرعيا بوجودها المحق على
الارض.


لان الحياه الانسانيه تتطلب منه ان (يقيم نوعا من
العلاقه مع الكيانات القائمه فعلا).


اما الاعتراف بشرعيتها فذلك
امر آخر.


وقد فاضت كتب السيره بمراسلات النبى مع ملوك الدول
القائمه آنذاك وعقده المعاهدات مع قريش، وابرامه عقود
الصلح، مع الكيانات القائمه وجرت ممارسه لجوء المسلمين
لجوءا سياسيا الى الحبشه((6)).


وقد نقل عنه(ص) قوله: (فان فيها ملكا لا يظلم عنده احد،
وهى ارض صدق حتى يجعل اللّه لكم فرجا)((7)) ان هذه
الممارسات العمليه والقوليه التى صدرت من الرسول(ص)
تكشف عن ان الاسلام لا يقف مما حوله موقف المنعزل
المنغلق على الذات، انما يكشف عن ايجابيه فاعله للتوجه الى
الناس كافه ويتحمل المسلمون مهمات اقامه اواصر التعاون
البناء مع كل البشر على قواعد واصول تنظم العلاقات بين
المسلمين وغيرهم، فجماع هذه القواعد نظريا وتطبيقيا تشكل
الاسس العامه للقانون الدولى الاسلامى، وكل ما يضبط تصرف
الدوله الاسلاميه مع الدول القائمه.


او افراد تلك الدول او
المنظمات ذات الصفه الدوليه هى (احكام هذا القانون) فى
مرحله من مراحل نضوجه وتطوره، بل فى حدود صدورها من
النبى(ص) تعد مصادر واصولا تقاس عليها احكام الواقعات
الدوليه المعاصره.


الفرع الاول: مفهوم القانون الدولى الاسلامى

مفهوم
القانون الدولى الاسلامى



لم يظهر فى تقسيمات الفقهاء المسلمين الاوائل، بحث منفرد
مستقل باحكام خاصه بالقانون الدولى.


لاسباب منها:

1 -ان النظريه العامه للفقه الاسلامى تقوم على وحده
المنطلقات والاسس والمنهجيات التى تقسم الحقوق الى: حق
اللّه، وحق العبد، والحقوق المزدوجه، ولاجل ذلك فما يدخل
فى حق اللّه يتناول الفقهاء مفرداته جميعها بصرف النظر عن
التقسيم المعاصر للقانون وكذلك بقيه الحقوق سواء اكان
نطاقها دوليا ام داخليا.


2 -ان التقسيم السائد والازلى للفقه الاسلامى مكون من
العبادات والمعاملات، وقد ظهر تقسيم ثلاثى فى بعض مراحل
الفقه باضافه (قسم الاحكام).


3 -والسبب الثالث: ان الفقه الاسلامى ينظر فلسفيا للعالم
نظره واحده، فبحسب المال: يلزم ان تكون الارض كلها ساحه
واحده لاحكامه، وقواعد تشريعاته، فهو لا يعترف بالبقاء الازلى
(للكيانات فى الارض التى لا تخضع لاحكام الاسلام) ولذلك لم
يفرد على سبيل الاستقلال - مجموعه احكام تحت عنوان
(القانون الدولى).


نعم:
ظهرت فى الفقه الاسلامى مجموعه احكام عن السير
والمغازى، تنظم علاقه الدوله الاسلاميه مع الكيانات القائمه
فى مجال الحرب والصراع المسلح.


ولكنها: تعد جزءا من الاحكام الداخليه التى يلتزم بها المسلمون
فى حاله الصراع مع قوى اجنبيه، فلا يطلق عليها قانونا دوليا
بالمعنى الكامل، انما هى جزء من احكام القانون الدولى من
جهه المسلمين، والالزام بها بالدرجه الاساس يخص المسلمين
فى وضع النزاعات المسلحه وحالات الاعتداء عليهم.


4 - السبب الاخير: ان الفقه الاسلامى وحده مترابطه، تعد
قوانينه الداخليه فى قواعدها (احكامها) هى ذاتها قواعد التعامل
مع غير المسلمين سواء اكانوا داخل نطاق الدوله الاسلاميه ام
خارجها فى السلم والحرب.


فان الفوارق ان لكل وضع معين
حكما شرعيا خاصا به، فلا فصل فى القانون الاسلامى بين
القانون الداخلى والدولى من جهه الاحكام، وان تحقق من جهه
الموضوع والنطاق الذى تطبق فيه.


لكن الكتاب المسلمين المحدثين قد اعتنوا بابراز مجموعه من
الجوانب فى تنظيم علاقه الدوله الاسلاميه بغيرها، واعتبروها
بالجمله احكاما للقانون الدولى الاسلامى ومن تلك الاسهامات:

1 - تعريف د.


زيدان: عرف د.


عبد الكريم زيدان القانون الدولى
الاسلامى بانه (مجموع القواعد والاحكام الشرعيه المتعلقه
بتنظيم علاقه الدوله الاسلاميه بالدول الاخرى فى السلم
والحرب)((8)).


وقيده فى موضع آخر ب (ما تلتزم الدوله الاسلاميه بها فى
علاقاتها)((9)).


يتضمن التعريف تحديدات دقيقه ابرزها:
ا - افراد الباحث للقواعد عن الاحكام، ما يعنى التمييز بين
القاعده فى الفقه التى تشمل (الضابطه الكليه) وبين الحكم
وهو (المحدد الشرعى لصفه الواقعه الجزئيه).


ب - تقييده بالشرعيه: اى المستمده من اصول الشريعه.


ج - تحديده نطاق الاحكام: تنظيم علاقه الدوله بغيرها فى
السلم والحرب.


اما نقاط الضعف فيه، فهى:
ما يعتقده الباحث ان الدكتور زيدان قد قصر احكام القانون
الدولى الاسلامى فى ما ينظم علاقات الدول مع بعضها، وهذا
وان كان اتجاها سائدا فى القانون الدولى الا ان الباحث يرى: ان
ما ينظم علاقه الدوله الاسلاميه ب (غير المسلمين) خارج دار
الاسلام دولا او منظمات او افرادا، يعد من احكام القانون
الدولى الاسلامى.


2 - تعريف د.


محمد حميد اللّه الحيدر آبادى:
عرفه بانه (ذلك القسم من قواعد القانون والعرف فى الدوله
والالتزامات التى تضمها المعاهدات التى تراعيها الدوله
الاسلاميه فعلا او قانونا فى تعاملها مع دول اخرى فعلا او
قانونا)((10)).


ونقاط القوه فى التعريف:
انه جعله قسما من القانون الاسلامى.


ولم يفرده كما هو الحال
فى القوانين الوضعيه وتفصيله لمراعاه الدوله الاسلاميه
للمعاهدات - فعلا وقانونا.


اذ الالتزام بالمعاهدات اما ان تكون التزاما فعليا بسبب الظروف
الدوليه لا تنم عن الاعتراف الشرعى ببنودها، كالالتزام بايقاف
(حركه الفتح الاسلامى) بسبب (قواعد ضروره عدم الاستيلاء
على اراض الغير بالقوه).


او ايقاف ارسال المبشرين بالاسلام الى
الدول الاخرى لقاعده (سياده الدوله على اراضيها) والتى من
لوازمها عدم التدخل بشوون الدول الداخليه.


واحسن د.


الحيدر
آبادى فى تقسيم الدول الاخرى (الى دول فعليه ودول
قانونيه) اذ التعامل مع الدول غير الاسلاميه -تعاملا فعليا
بسبب وجودها المادى لا يعنى اعترافا شرعيا بوجودها.


لكن/ من المواخذات على التعريف:
انه ساوى بين القانون والعرف، والحال ان العرف مصدر من
مصادر القانون، فلا تساو بين السبب والنواتج، اضافه الى ان دور
العرف غالبا ما يكون دورا تفسيريا وليس منشئا للحكم.


وكذلك:
اعتباره التزامات الدوله التعاقديه مصدرا للقانون، وفيها انها اما
موافقه للشريعه او مخالفه، والاخيره لا عبره فيها، لا فى كونها
حكما ولا فى كونها مصدرا للاحكام الدوليه.


اما الموافقه فلا بد
من مستند اما من الكتاب او السنه، وبذلك يكون (الخطاب
الشرعى بالجواز والتحريم) هو الحكم، وليس الالتزام الا
التطبيق وليس الحكم، لان مهمه الدوله الاسلاميه انها منفذه
لا شارعه، واخيرا يخلو تعريفه من الاشاره لمصادر القانون
الدولى الاسلامى وان افرد له بحثا خاصا بعد ذلك((11)).


3 - تعرف مجيد خدورى: عرفه بانه (جماع القواعد، وما جرى
عليه العمل الاسلامى فى علاقاته بالشعوب الاخرى)((12)).


وتعبيره بالقاعده: يريد بها ما يتمم القاعده والحكم، وبينهما
فروق فى علم اصول الفقه الاسلامى وعموم ما جرى عليه
العمل اراد به (التطبيقات الفعليه) وهى وان اعتبرت كاشفه
عن الحكم الشرعى.


الا انها قطعا ليست احكاما ولا مصادر
للاحكام، وتعبيره بالشعوب الاخرى يحمل على اراده (الدول،
والافراد، والمنظمات الدوليه) باللازم.


4 - الارمنازى:
عرفه الارمنازى، مجموعه القواعد التى فرضها العرف على
المسلمين خاصه لتنظيم علاقاتهم بغير المسلمين فى الحرب
والسلم افرادا كانوا او دولا داخل دار الاسلام وخارجها على حد
سواء((13)).


وفيه:
انه جعل العرف هو الذى يفرض القواعد على المسلمين، وقد
تقدم ان العرف (مصدر تفسيرى للاحكام) وليس منشئا لها،
وفى تعبيره ب (فرضها) تامل لان الاعراف المخالفه للنصوص
الشرعيه لا يعتد بها، فضلا عن انه لا تخصيص بما فرضه العرف
على المسلمين خاصه.


انما عموم العرف الدولى ملزم فى
حالات للمسلمين وغيرهم، ومن الخطا البين فى التعريف:
اعتبار علاقه المسلمين بغيرهم ممن هم فى دار الاسلام من
القانون الدولى، اذ هو من احكام القانون الدستورى، لان احكام
القانون الدولى الخاص لا تنطبق الا على المستامنين وليس
على اهل الذمه.


5 - تعريف الغنيمى: عرفه بانه: (جماع القواعد وما جرى عليه
العمل الاسلامى التى يامر بها الاسلام او يقبلها فى العلاقات
الدوليه)((14)).


وهو تعديل واضافه على تعريف مجيد خدورى.


وفيه اعتماد
السابقه القانونيه وربما اراد بكلمه يامر (احكام الوجوب والنهى)
واراد بكلمه يقبلها (احكام الاباحه، والندب، والكراهيه).


وفيه
اجمال لنطاق الاحكام واشخاص القانون الدولى ب (العلاقات
الدوليه).


والتعريف الذى اراه: انه مجموعه القواعد، والاحكام الشرعيه
المستمده من كتاب اللّه، والسنه، والادله الاجتهاديه، التى
تنظم علاقه المسلمين مع المجتمع الدولى، بافراده، ودوله،
ومنظماته الدوليه، فعلا او قانونا فى السلم والحرب.


الفرع الثانى: تعريف فقهاء القانون الدولى العام له

تعريف
فقهاء القانون الدولى العام له



لقد تعددت تعريفاته لدى فقهاء القانون الدولى، فقد نقل
الغنيمى اكثر من ثلاثين تعريفا، وذكر ان سبب التعدد هو
اختلاف مناهج العلماء((15)) حتى عزف فى كتاب آخر له عن
التسبب بوضع تعريف جامع مانع((16)).


ونقل د.


عصام العطيه، عن انطوان، فقال: انه انتهى الى
استحاله تعريفه لذات((17)) السبب بعد ان عرض اكثر من مائه
تعريف.


وعموما ففى تعريفه اتجاهات ثلاثه:
الاول: الاتجاه التقليدى:
وقد عرفه بانه (مجموعه القواعد التى تنظم العلاقات بين
الدول)((18)).


الثانى: الاتجاه الموضوعى فقد عرفه اصحابه:
(بانه المنظم للعلاقات الدوليه والمنظمات والافراد)((19)).


الثالث: الاتجاه الحديث:
فهو المنظم لعلاقات الدول مع بعضها بصوره رئيسيه، ثم
المنظمات، ثم الافراد((20)).


ومن تعريفاته البارزه: تعريف اوبنهايم:
بانه القواعد العرفيه والاتفاقيه التى تعدها الدوله ملزمه لها فى
علاقاتها المتبادله((21)).


وعرف بمقاصده فقيل عنه: (بانه
الموفق بين حريه كل دوله وبين واجباتها ازاء الدول
الاخرى)((22)).


وعرفه السوفييت: بالقواعد التى تنشا بالاتفاق بين الدول، فتعبر
عن ارادتها المشتركه، وتحكم علاقاتها فى عمليات النضال
والتعاون التى تستهدف صيانه التعايش السلمى لدول
النظامين)((23)).


المطلب الثانى: هدف القاعده الدوليه فى النظامين الاسلامى name="link8">
والوضعى
الفرع الاول: هدف القاعده الدوليه الاسلاميه

الفرع
الاول: هدف القاعده الدوليه
الاسلاميه



تدعو القاعده الدوليه مخاطبيها الى الاصغاء الى كلمه سواء
جوهرها الا يعبد الا اللّه، وان يجرى التعامل بين البشر على
اساس من الحق، والعدل، والمساواه، والتعاون من اجل الصالح
العام للبشريه، والتضامن ضد هذه المفاسد الكونيه، وضمان
حريه الاعتقاد للانسان -بلا ضغط او اكراه- بل ضمان حق
الانسان فى الحياه، والعقيده، والعمل.


يتضح ذلك من:
اولا: اشاره القرآن الى تنوع المجتمعات البشريه، فقد جاء فى
كتاب اللّه المنزل قوله تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس امه
واحده ولا يزالون مختلفين) «هود/118».


ويجعل من النعم الارضيه والحقائق السماويه ميزانا للاخبار
بين الامم، فيقول: (ولو شاء اللّه لجعلكم امه واحده ولكن
ليبلوكم فى ما آتاكم فاستبقوا الخيرات) «المائده/48» وفيه
حث على الندب الى عمل الخير والصلاح باستخدام ما آتاه اللّه
للناس وبالرغم من هذا التنوع العرضى، فهم فى ميزان الخطاب
الشرعى متساوون.


قال تعالى: (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم
شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم)
«الحجرات/14»((24)).


ولذلك ندبهم جميعا الى الاتفاق على حقائق، يقطع العقل
الجمعى بصحتها، فقال: (قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمه سواء
بيننا وبينكم الا نعبد الا اللّه ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا
بعضا اربابا من دون اللّه) «آل عمران/ 64».


وفى الايه دعوه الى الالتقاء بين المجتمعات على قواسم
مشتركه واعتبار كل الدول والمجتمعات متساويه فى الحقوق
والواجبات، واعتماد الحوار والتفاهم للوصول الى صيغ تعاون
دوليه وبين اسلوب الحوار، فقال تعالى: (ولا تجادلوا اهل
الكتاب الا بالتى هى احسن الا الذين ظلموا منهم)
«العنكبوت/46».


وعن النهى عن استخدام القوه، والنهى عن العدوان على
الشعوب والحث على التعاون بقوله تعالى: (لا ينهاكم اللّه عن
الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان
تبروهم وتقسطوا اليهم ان اللّه يحب المقسطين)
«الممتحنه/8».


يقول المفسرون:
ان الايه عامه فى كل من لم يقاتل المسلمين، وبر الرجل من
اهل الحرب ليس بمحرم((25)) وكذا بر الدول غير المعتديه
غير محرم.


ويظهر مما تقدم ان هدف القاعده الدوليه الاسلاميه هو:

1 - بعد الاعتراف بالتنوع البشرى فى مجتمعاته، واجناسه، فانه
يلزم الا يقف هذا التنوع فى وجه التوحد الانسانى ازاء الحقوق
والواجبات والتعاون من اجل كل صلاح وفضيله، وتحصيل
الوضع الارقى للانسان على الارض، ومن اسبابه نضج واكتمال
السلوك الدولى باعتماده القسط، والعدل، والبر، وتحقيق اعدل
سيره ممكنه للحكام، مسلمين كانوا ام غير مسلمين فى مجال
العلاقات الدوليه((26)).


ومنه يتبين ان الحوار والتفاهم
والتعاون لتحقيق صلاح العالم ومنع الفساد فيه وقداسه حق
الانسان فى الحياه، وقداسه حقه فى التقدم المدنى من اهم
المبادى ء.


وكذا الاستثمار المشترك للثروات المشتركه، والالتزام
بتسخير التقدم العلمى لصالح البشريه لا سيما فى التراث
المشترك كالفضاء ومعطياته، وتحريم وسائل الدمار الجماعى
ونظائره، مثل تلوث البيئه.


فحمايه البشريه كافه مسووليه
دينيه على المسلمين، وطبيعيه وعقليه من المهمات على غير
المسلمين.


2 - فى مجال الفكر والعقيده، فان المشرع الاسلامى يلزم
البشريه كافه بفتح كل الابواب امام الانسان لاختيار ما يراه
صالحا لدنياه ودينه، ويعد الاكراه وحجب الدعاه الى الاسلام
عدوانا على حريه العقيده بوصفه حقا من حقوق الانسان.


وقد
قال اللّه تعالى: (ومن احسن قولا ممن دعا الى اللّه وعمل
صالحا) «فصلت/33».


3 - تميز القاعده الدوليه الاسلاميه بين العدوان، فتعتبره عملا
محرما قانونا، وتعد رد العدوان دفاعا شرعيا عن الذات.


وتحدد
الشريعه (مفهوم العدوان) الواسع قانونا بنطاقه.


الفرع الثانى: هدف القاعده الدوليه فى القانون

الفرع
الثانى: هدف القاعده الدوليه
فى القانون الدولى العام



الدولى العام
جاء فى ديباجه ميثاق الامم المتحده مجموعه من الاهداف
العامه للقانون الدولى، وقد نصت على: (نحن شعوب الامم
المتحده آلينا على انفسنا ان نحمى الاجيال القادمه من ويلات
الحرب، وان نعيش بسلام، وان نضم قوانا لحفظ الامن والسلم
الدوليين، وان نقبل المبادى ء، ونرسم الخطط التى تضمن عدم
استعمال السلاح)((27)).


يقول د.


ابو هيف: (وقد نص الميثاق على تاكيد وتطبيق حقوق
الانسان، واحترام الالتزامات، ودفع الرقى الاجتماعى الى
الامام، والتسامح، وحسن الجوار)((28)).


هذه هى الاهداف المبدئيه
ويشير بعض الباحثين الى الاهداف الاجرائيه للقاعده الدوليه:

1 - تحديد اختصاصات الدول، وتقييد نطاق السياده الاقليميه.


2 - تحديد الالتزامات الايجابيه كالتعاون، والسلبيه كالامتناع
عن الضرر.


3 - تنظم الاختصاصات الدوليه للدول والمنظمات حقوق
والتزامات الافراد تجاه الاسره الدوليه((29)).


الموازنه والتقييم
ومن الموازنه بين الاهداف، نلحظ ان طبيعه اهداف القاعده
الدوليه الاسلاميه طبيعه (معياريه) بينما طبيعه اهداف
القاعده الدوليه الوضعيه: اما محدوده جزئيه او اجرائيه.


المبحث الثانى: جوهر القاعده القانونيه الدوليه

جوهر
القاعده القانونيه الدوليه



فى الاسلام
المطلب الاول: التداخل بين القاعده القانونيه والاخلاقيه name="link12">
وغيرها من القواعد
يميز الفقه الدولى بين القاعده القانونيه الدوليه، وبين القاعده
الاخلاقيه موضوعا والزاما.


فالاخلاقيه تخاطب على مبناهم
الضمير، وتخلو من ضابط الزمان والمكان، اضافه الى انها تعنى
بالمقاصد.


ومخالفتها فى الفقه الدولى لا يرتب على مخالفها
جزاء او مسووليه دوليه سوى اثاره الراى العام العالمى((30)).


ويمثل لها كتاب الفقه الدولى (بالوفاء بالعقود) والابتعاد عن
الكذب والخداع((31)).


واتباع سبل الصدق والمروءه، واغاثه
مناطق الكوارث((32)).


لكنهم يقررون ان بعض القواعد الاخلاقيه دخلت الى حيز
القواعد القانونيه لفرضها من قبل العرف او باتفاقيه عامه او
ثنائيه.


مثال ذلك: ما نصت عليه اتفاقيه لاهاى 1907 من عدم التعرض
لمراكب صيد العدو اثناء الحرب((33)).


وينص احد الباحثين الدوليين: على ان الفقه الدولى يخلو من
معيار يحدد ما يسمح بدخوله فى القانون وما لا يسمح
((43))الا الحاجه العامه وضرورات المجتمع الدولى، لكنها مع
ذلك تسد بعض الثغرات فى القانون الدولى.


وفى الفقه الاسلامى:
لا نجد هذا الفصل فى الصياغه القانونيه واضحا اذ من الصعب
جدا: اجراء عمليه الفصل بين العناصر الاخلاقيه والاحكام
التكليفيه عند المشرع الاسلامى، والتى تخاطب الانسان
كوحده واحده لا تفصل بين عقله وضميره وهاجسه الفطرى
فى العدل والحق.


ان الاستناد الى القسط، والعدل فى تصرفات الانسان واجب
شرعى.


وكذا الوفاء والامانه، اما الحلم والعفو والبذل والاحسان
فهو مندوب شرعى.


لذا فان من الممكن القول: ان تمازجا
عميقا نراه فى القاعده القانونيه الاسلاميه بين (الالزام
بمقتضاها وبين المحتوى الاخلاقى فيها).


يقول البارى: (فاقم وجهكع للدين حنيفا فطره اللّه التى فطر
الناس عليها، لا تبديل لخلق اللّه، ذلك الدين القيم) «الروم/
30».


وجاء عن النبى(ص) قوله: (انما بعثت لاتمم مكارم
الاخلاق)((35)).


ويوسس المشرع قاعده هامه ومركزيه فيقول تعالى: (فمن
يعمل مثقال ذره خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذره شرا يره)
«الزلزله/8».


وقد اشتهر قوله(ص): (انما الاعمال بالنيات)((36)) وعن ابى
هريره وجابر قوله(ص): (انما يبعث الناس على نياتهم)((37)).


لذلك كله: فان الضابط ان القاعده القانونيه الاسلاميه تضم الى
جانب (ما تحتويه من الزام) مضمونا للفضيله، ممتزجا فى
ثناياها امتزاجا لا يمكن فصله، بل القاعده العامه ان كل خير
وحق وعدل وفضيله امر مرغب به فى الاسلام، يترتب على فعله
مثوبه، وعلى تركه كراهه او تحريم فى بعض الحالات، ولا فرق
فى التعامل الاخلاقى فى كون الطرف الاخر من المسلمين او
غيرهم يظهر ذلك فى قوله(ص): (اد الامانه الى من ائتمنك
ولا تخن من خانك) ويمكننا مثلا ملاحظه ذلك فى ان مبدا
الرافه فى الحرب وعدم الاعتداء على العزل والمدنيين هو حكم
شرعى لقوله تعالى: (وقاتلوا فى سبيل اللّه الذين يقاتلونكم)
وفى السنه نهيه(ص) عن قتل الصبيان والنساء، وفى اغاثه
مناطق الكوارث، ومن ذلك ارسال النبى مع حاطب بن ابى
بلتعه (500 دينارا) الى ابى سفيان بعد الحديبيه (اثناء جائعه
مكه) ليشترى بها قمحا لمن اصابتهم المجاعه((38)).


الفرع الاول: المجاملات الدوليه وتداخلها مع

الفرع
الاول: المجاملات الدوليه
وتداخلها مع القاعده الدوليه



القاعده الدوليه
يصر كتاب الفقه الدولى على التفريق بين قواعد المجاملات
وبين قواعد القانون الدولى بفارق انها بلا الزام قانونى.


امثلته: اعفاء الدبلوماسيين من الضرائب، ومراسيم استقبال
السفن الحربيه.


لكنهم: يحرمون دخول بعض قواعد المجاملات
فى حيز القانون الدولى مثل الحصانات الدبلوماسيه والتحيه
البحريه((39)).


اما فى الفقه الاسلامى:
فان المجاملات الدوليه (افعال)، ولكل فعل حكم شرعى له
درجه معينه من الالزام، ولكن الجدير بالتنويه: ان ليس للدوله
ان تقوم بعمليه مجامله دوليه، الا اذا كانت مما تسوغه الشريعه،
ولا يحل لها ان تمنح احدا شيئا ما، بخلاف النص
الشرعى((40)).


الفرع الثانى: قواعد القانون الطبيعى وتداخلها مع

الفرع الثانى:قواعد
القانون الطبيعى
وتداخلها مع القاعده الدوليه



القاعده الدوليه
عرف (لوفور) القانون الطبيعى: (بانه ما يكتشفه العقل البشرى
مما له وجود يسبق اراده الانسان وتفرض حكمها عليه)((41))
كضروره جريان السلوك الدولى على العدل والانصاف.


ويلح كتاب القانون الدولى على انها لما لم يكن الاخلال بها مما
يرتب عليه مسووليه دوليه، فانها تفترق مع القانون الدولى
لذات السبب((42)).


ومع ذلك يقول احدهم: (انه لا يزال الخلط شائعا بين القانونين
الوضعى والطبيعى) ولا يستغرب هذا الخلط، فيقول: (ان
النفس البشريه تسعى الى دمج ما هو كائن مع ما ينبغى ان
يكون)، بل يبرر الغنيمى تسرب بعض قواعد القانون الطبيعى
الى وجود مدرسه ترى ان العقل هو اداه التعرف على القانون
لانه كامن فى طبيعه الاشياء، ويمكن للعقل ان يكتشفه او الجزء
الاغلب منه، ومن رجحان اعتبارها (كون وجودها اعلى من
ارادات الدول، فهى صالحه لتقييد سلطه الدوله وآثار السياده)
ففكره العداله تعد ذات قيمه ذاتيه مستقله عن اراده
البشر((43)).


ويرى الباحث: ان هذه المداخله طبيعيه طالما ان (العقل
وحصيله التجارب الاجتماعيه هى مصادر القانون الوضعى).


وهذا ما دفع اللاهوت المسيحى للاندماج بالقانون الطبيعى فى
العصور الوسط ى((44)) كما ان النظره اليهوديه للقانون انه
تمثيل لاراده اللّه على الارض((45)).


لذا جاء عن جروسيوس:
(ان القانون الطبيعى يجب ان يطبق حتى ولو لم يكن اللّه
موجودا).


ماذا عن المساله فى الفقه الاسلامى؟
اثيرت مساله القانون الطبيعى فى الفكر الاسلامى فى النزاع
العقائدى بين المعتزله وخصومهم، مما اطلق عليه: التحسين
والتقبيح العقليين، وقد دارت حول:
(هل للافعال - بقطع النظر عن حكم الشارع - قبح وحسن
ذاتى - ام الشارع يضيف لها هذه الصفه؟ فاذا قلنا بان لها هذه
الصفات، فهل يدركها العقل مستقلا عن الشارع؟ واذا ادركها
هل للمكلف ان يتمثل لها بلابيان من الشارع، سواء ورد النص
عليها ام لم يرد؟
واذا قلنا بان اللّه خالق النواميس، ومشرع الاحكام، فهل يحكم
العقل بالملازمه بين حكم العقل وحكم الشرع، واذا حكم العقل
فهل قطعه حجه شرعيه؟ بمعنى انه ليس من الممكن ان يرد
تقبيح شرعى على حسن عقلى.


اى ان الاوامر والنواهى
الشرعيه اقرار لحكم العقل بالحسن والقبح، ام ادراك العقل
(معرفى) فقط، اما العمل به يحتاج الى دليل شرعى؟
فى هذا انقسم المسلمون الى اقوال:

1 -الاشاعره: قالت بان صفات الافعال شرعيه فقط، ولا حكم
للعقل فى ذلك، فليست الصفات عائده الى امر حقيقى ذاتى
فيها يعرف عقلا قبل بيان الشارع، واستدلوا بالنسخ من الحرمه
الى الوجوب وبالعكس((46)).


2 -العدليه: قالوا: بوجود هذه الصفات وادراك العقل المستقل
لها، وحكموا بان الشارع لا يامر الا بما هو حسن((47)).


وتوسطت الماتريديه بان العقل مدرك للصفات الذاتيه للافعال،
ولكن الحاكم بهما هو اللّه((48)).


لكن كل هذه الاتجاهات
مجمعه - كما استقراها د.


الزملى على ان:

1 - لا خلاف بين الجميع ان الحاكم هو اللّه، بل حتى المعتزله
لا يرون العقل الا كاشفا، وبالتالى كالشرع الموجد هو اللّه.


2 -ان النزاع فى ادراك العقل: فى الكليات، لا الجزئيات، فهى
تدرك بالشرع، وهذا متفق عليه ايضا.


والاحكام الشرعيه من
الجزئيات.


3 -اتفق الكل ان ليس كل الاحكام مما يدركها العقل، فالمعتزله
ايضا يقفون من التعبديات موقف التوقيف على الشارع((49)).


لذلك:
فالموقف الاسلامى: هو ان كل ما امر به الشارع هو معبر عن
مصلحه، ومتفق مع الطبيعه، وان العقل وان ادرك صفات
الافعال، فمجرد الاتفاق على ان الشارع لا يشذ عن حكمه فلا
ضير فى التعبد بحكم الشارع((50)).


ان ثمره هذا البحث تظهر فى ما لم يرد فيه نص او لم يستفد
حكمه من بيان شرعى، حينئذ يرد دور العقل.


لكن يبقى دوره
قائما فى اجراءات تنفيذ الاحكام الشرعيه والموازنه بين
التعارض من الروايات.


وحينئذ يكون كاداه للتوصل الى الحكم الشرعى الظاهرى.


والمشكله فى اعتقاد الباحث: تظهر بحده فى (القوانين) ذات
المصادر البشريه نزاعا بين اتجاه الاراده والاتجاه الوضعى، ولا
تظهر فى النظريه الاسلاميه للقانون التى تلتزم بضروره
استمداده من الوحى الالهى والتى تفترض مسبقا: حقيقه
موداها:
التطابق الجوهرى بين سنن الكون، ومقاصد الاحكام، لكن هذا
لا يسوغ قول القائلين: ان القانون الاسلامى هو قانون طبيعى
الا بلحاظ كونه صادرا من خالق الكون وسننه((51)).


المطلب الثانى: طبيعه القانون الدولى الاسلامى (اساس name="link15">
الالزام)
يتفق الباحثون فى انه لكى تصبح القاعده (اساس الالزام)
قانونيه الجوهر والشكل، لا بد لها من ثلاثه شروط:
الاول: ان تضعها سلطه تشريعيه عليا.


الثانى: ان تتولى تطبيقها موسسات قضائيه.


الثالث: ان يوجد لها جزاء، يطبق فى حالات الامتثال والمخالفه.


وبناء على هذا:
اختلف الباحثون فى كون القواعد الدوليه هل هى قواعد قانونيه
شكلا ومحتوى ام لا؟ وانقسموا الى رايين:
الاول: يرى انه لفقدان بعض هذه الشروط او ربما كلها، فلا تعد
قواعد القانون الدولى قواعد قانونيه شكلا ومحتوى.


الثانى: وهو مايحاول بعض الكتاب اثباته (من ان القواعد الدوليه
قواعد قانونيه) شكلا ومحتوى، لاعتبارات منها:

1 -ان العرف لما كان من مصادر التشريع، فانه يعد سلطه اعلى
من المجتمع، فضلا عن تحول الاعراف الى قواعد باتفاقيات
عامه، فتكون اعلى من المخاطبين.


2 - ولان قيام محكمه التحكيم 1899، ومحكمه العدل الدوليه
الدائميه 1920، ومحكمه العدل الدوليه 1946 كموسسات
قضائيه يفى بالشرط الثانى.


3 -اما الجزاءات، فحيث ان بعضها ادبى، والاخر مادى، مثل
(طرق الاجبار الدوليه).


لذلك كله يتوصل اصحاب هذا الراى الى اعتباره قواعد قانونيه
لا اشكال فيها ((52))ويتضح فى (البناء القانونى الاسلامى)
خلوه من هذه الاشكاليه.


فمشرعه: هو اللّه، وهو اعلى سلطه فى هذا الكون، تويده فكره
الحاكميه التى مر بيانها فضلا عن تمتع القانون الاسلامى بصفه
دينيه، توجب احترامه وعدم مخالفته، الى جانب الجزاءات
المتعدده فيه.


حاله حال القانون الداخلى: هذه السمات تصادر
دعوى خلوه من الاساس الالزامى كما هو حال القانون الدولى.


كما ان له هيئات قضائيه، توجب على مخالفه: جزاءات وان كان
نطاق المخالفه خارج دار الاسلام.


اذ الدوله ليست الا منفذه
لاحكام اللّه، وليس لها حق العفو عن اى (اخلال) باحكام اللّه اذا
ثبت انه فى حق للعباد خاصه، وقد جوز العلماء تخصيص بعض
اجهزه القضاء بنوع من الخصومات كالقضايا الدوليه
((53))فصار له موسسات دوليه قضائيه.


وقد تقدم ان للجزاء فى الاسلام صورا متعدده، منها:

1 -الجزاء الوجدانى الاخلاقى: شعور المسلم بالغبطه لامتثاله
امر اللّه وبالحسره لمخالفته اياه.


2 -الجزاء القانونى: مجموعه العقوبات الدنيويه المنصوصه على
المخالفه.


3 - الجزاء الاجتماعى: تقدير المجتمع واحترامه لمن يتطابق
سلوكه مع مقررات الشريعه.


4 - الجزاء الاخروى: وهو ثواب الدار الاخره للمحسنين وعقابها
للمسيئين.


ويلاحظ فى الجزاء الاسلامى انه (ثنائى التركيب)
فهو مكون من الثواب والعقاب، بينما الجزاء الوضعى حتى مع
وجوده فانه سلبى، يعتمد فقط على مبدا العقوبه لمن خالف
القانون، وان له جوانب اخلاقيه، واجتماعيه، وتربويه، وليس
طبيعه (تجريميه عقابيه فقط) كما انه يدخل النيات والمقاصد
فى الاثابه والعقوبه، لان مقاصد الفاعل معلومه عند اللّه تعالى،
فاذا ظهرت بالقرائن الكافيه للقاضى عومل معامله المتعسف اذا
كانت من جنس التعسف.


اذا وجود الشرائط الثلاثه فى (القواعد الدوليه الاسلاميه)
تجعلها قواعد قانونيه صرفه، بينما لا يزال الخلاف محتدما فى
القواعد الدوليه الوضعيه فى مدى قانونيه قواعدها.


نخلص من ذلك كله الى ان المعالجات الاسلاميه لاى قضيه
دوليه: ستكون اولا ملزمه للمسلمين لما يحوطها من ضمانات
التطبيق، ولانها قائمه على العدل والحق، فهى مقبوله ومتبناه
من قبل الموضوعيين من غير المسلمين.


وان القضاء الاسلامى
يحاسب على مخالفتها المسلم وغير المسلم على حد سواء، فاذا
ما اعتبرت المعالجه الاسلاميه باتفاق دولى قواعد نافذه، فان
لها درجه الالزام اعمق مما هو سائد مما يعتمد من قواعد دوليه
وضعيه.


المطلب الثالث: مشكله العلاقه بين القانون الداخلى والقانون name="link16">
الدولى:
الفرع الاول: فى القانون الدولى العام

الفرع الاول:
فى القانون الدولى العام



تعد هذه القضيه من اخطر المعضلات التى تواجه القبول العام
بمقتضى القواعد الدوليه وازاء هذه المساءله انقسم الباحثون
فى الفقه الدولى الى فريقين:
الاول: يرى ان القانون الداخلى والدولى فرعان لبناء قانونى
واحد، فجذوره ومصادره واحده، ولذلك لا فصل بين القانون
الداخلى والدولى.


وتسمى هذه بنظريه وحده القانون.


الثانى: يرى اصحابه ان القانون الدولى له وضع خاص من جهه
النشاه، والالزام، وطبيعه المخاطبين، ولذلك فهو منفصل عن
الداخلى، مستقل عنه تماما فى قواعده واحكامه.


فهم يرون:
ان مصادر القانون الداخلى هى العرف المحلى ومشرعو البلد.


بينما مصادر الدولى: الاعراف، والاتفاقيات، والمصادر العامه
للقانون.


ويرون: ان القانون الدولى فى الاعم الاغلب هو نظام تنسيق
بين الدول، بينما الداخلى هو نظام قسرى، فيه اخضاع لسلوك
المخاطبين به بمجرد تشريعه كقانون((54)).


واصل المشكله فى راى الباحث: هى مصادر كلا القانونين، وان
كان جورج سل يرى ان مصادرهما معا نتاج الحياه الاجتماعيه،
الا ان المشرع الداخلى لا يعتمد على اتفاق المخاطبين على
قواعد القانون، بينما المشرع الدولى يرى انه حتى فى تدوين
الاعراف الدوليه فانه يلزم ان يحصل على رضا ضمنى، وفى
الاتفاقيات يحصل على رضا صريح، فكلا مصدريه قائم على
تراضى المخاطبين بتحكيم قواعده.


الفرع الثانى: الموقف من هذه المشكله فى التشريع

الفرع
الثانى: الموقف من هذه
المشكله فى التشريع الاسلامى



الاسلامى
لما كانت المصادر واحده، والمخاطبون بالاساس هم الافراد
سواء من حيث هم اشخاص طبيعيون او معنويون، والجزاءات
واحده فان اغلب الدراسات المقارنه تميل الى وحده فرعى
القانون فى الاسلام بمنظومه واحده، فكل الاحكام دوليه/
داخليه من عند اللّه.


وكلها من احكام النظام القانونى الاسلامى
الموحد.


لقد انشغل الفقه الدولى تفريعا على القول بوحده القانون فى
مساله هامه: هى ايهما اعلى الدولى ام الداخلى؟
فكانوا على آراء: منهم من ذهب الى ان الدولى اعلى من
الداخلى ومنهم من يرى العكس، ومنهم من ذهب الى عدم
القطع بعلو احدهما على الاخر.


الا انه:
من جهه الاعتبارات العمليه: يوافق الكل على الافراد بعلو
الدولى على الداخلى.


ويحتج لهذا ب:

1 -انه لما كان نتاجا للاراده الدوليه المشتركه، فهى اعلى رتبه
من الدوله الواحده وثمره ذلك الا يشرع فى الداخلى ما
يتعارض مع القانون الدولى، واذا شرع فيلزم ان لا تخالف
القواعد الدوليه، فاذا خولفت ترتب على ذلك مسووليه دوليه.


2 - ويحتج من يرى علو الداخلى: بان الدوله التى وافقت عليه
وثبتته اعلى من معلولها (القانون فليس هناك سلطه فعليه
اعلى من سلطه الدوله).


اما واقع التعامل الدولى فيصفه شارل روسو بقوله:
فان التعامل الدولى يبقى بالفعل متناقضا فى هذه المساله
((55))اما فى التشريع الاسلامى، فلا علو لاحدهما على الاخر
لحتميه: وحده المصدر، ووحده الاسس، وتكليف المخاطبين
على اختلاف وجودهم.


ولان الدوله ليست مشرعه انما منفذه،
لذلك فانهما اى الداخلى والدولى على قدم المساواه((56))
من حيث الرتبه والمنزله.


بيد انه من المفيد القول: ان ما يسمى كيان الامه اهم من
حقوق الاشخاص((57)) وان حقوق الافراد مقيده بعدم الاضرار
بالصالح العام، اى ان الحق العام مقدم على الحق الخاص عند
التعارض.


هذا من جهه ولكن يتعارض ذلك من جهه اخرى فان
حق المسلم مقدم على حق غيره فى حاله التعارض.


يقول حامد سلطان: (ان القانون الداخلى والدولى فى الاسلام
فرعان عن النظام العام الموحد فيه، وما يجرى فى الداخلى
يجرى فى الدولى من غير صداره لاحدهما ولا تمييز)((58))
ويقول الحديثى: لا تختلف نظره الشريعه الى المعاهده عن
نظرتها الى العقود فى القانون الخاص)((59)).


المبحث الثالث: المصادر العامه للقانون الدولى الاسلامى name="link19">
المطلب الاول: ماذا يراد بمصطلح المصدريه؟

ماذا
يراد بمصطلح المصدريه؟



يميل مصطلح اهل الاصول الى ان معنى المصدر فى
استعمالاتهم هو الدليل، وتظهر فيه معانى البرهنه، والحجه،
والمستند((60)).


ومعنى الدليليه افادته البرهنه على صحه الصدور من عند اللّه،
ومع ذلك فانه يتضمن معنى المنبع او المرجع.


ومن هنا جعل المحدثون ان المنبع تفريع من معنى
البرهنه((61)).


لكن ذلك عند د.


الزلمى على العكس اذ هو (المنبع اساسا)
والبرهنه متفرعه عنه.


فالمصادر عنده هى المنشئه للحكم الشرعى((62)) وانشاوها -
يكفى برهانا على شرعيته، وعندى اما ذلك وهو الادق: لان
البرهنه لا تتم الا بعد اعتبارها من (مستقى الاحكام).


اما فى القانون الوضعى: فان مصطلح المصدريه يدور بين معان
عده، منها (النشوء، التطور، اسلوب النفاذ، واكتساب
الالزام)((63)).


يقول د.


البكرى: (يطلق المصدر ويراد به احد معانى اربعه او
جميعها، وهى: (المصدر التاريخى (المرجع) والمادى (الاصول
الواقعيه) والرسمى (طرق تنفيذ القاعده) والتفسيرى (السلطه
التى يحددها القانون لازاله اللبس فى الفاظه وقواعده)((64)).


ولطبيعه (اختلاف مصادر القانونين الوضعى والاسلامى) فان
اختلافهم فى معانى المصدريه موسس على ذلك الخلاف.


المطلب الثانى: مصادر القانون الدولى العام

مصادر
القانون الدولى العام



/ 3