كلمة التحرير - مدرسة أهل البیت (ع) علی طریق الاجتهاد و التجدید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدرسة أهل البیت (ع) علی طریق الاجتهاد و التجدید - نسخه متنی

معین دقیق

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

كلمة التحرير

مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)على طريق الاجتهاد والتجديد

إن أكثر ما يُعانيه المسلمون اليوم على الصعيد الفكري والنظري هو فهم الاسلام في اُطروحته الحضارية وموقفه الشرعي ومنهجه العملي من القضايا المتجدّدة في الواقع الانساني، خصوصاً تلك التي تتميّز بطابعها الاجتماعي، بما فيها من جوانب فكرية وسياسية واقتصادية تتحرك في دائرة المجتمعات الاقليمية الخاصة أو الدولية العامة. ولا ينحصر ذلك في جانب البناء الذاتي لتلك المجتمعات الاسلامية وسدّ حاجاتها الخاصة في عملية البناء والتكامل، سواء
تمّ ذلك في إطار حركات ومنظمات تعمل في وسط الاُمة أو في إطار دولة إسلامية تهدف إلى تمكين وتطبيق النظام الاسلامي في تشكيلاتها الاداريّة والوظيفية وقيادتها لشعبها إسلامياً. بل إنه يمتدّ الى جميع أبعاد وآفاق المجتمع الدولي أفراداً ومنظمات ودولاً انطلاقاً من الرسالية العالمية للاسلام وما تقتضيه الضرورة العقلائية والملازمة العملية لحركة الاُمة الاسلامية وقياداتها السياسية في وسط المجتمع الدولي العام. ولا يقف الامر عند هذا الحد، بل
يتجاوزه الى دائرة مواجهة الغزو الثقافي المضاد الذي بدأ يلوح في الافق والموجه ـ بتقنية علمية عالية ـ أولاً وبالذات الى الطبقات المثقفة من المجتمعات الاسلامية التي تتميز عادةً بمشاعر الرفض لصيغ الظلم الاجتماعي والدجل الفكري والسلوكي، والتطلع نحو رؤية صادقة للحق والعدل، والتوق الشديد الى بناء إنسان العدل ومجتمع العدل ودولة العدل في الواقع الانساني.

وفي خضم هذه المعاناة ومن بين ثنايا الصراع المتواصل لتفجير المكنون الرسالي والحضاري للاسلام واحتواء تطلّعات البشرية المترقبة للخلاص، وتقديم الاطروحة المنقذة لها من عذاباتها، تظهر دعوات وتعلو أصوات لا يظهر منها إلاّ إدراك تلك الحاجة الملحّة، جامعها المعبّر عنها هو مقولة: «إن الاجتهاد ببعده الحقيقي وشموليته الواقعية قضية حياة أو موت للمسلمين في مواجهة تحديات العصر..» وهنا نعود القهقرى لنقلب صفحات تاريخنا الاسلامي العتيد وننفض
الغبار عن ما ينقله لنا المؤرخون الثقات حول مرحلة الاجتهاد والتفقّه في عصر النهضة العلمية في علوم الشريعة الاسلامية التي قادها وأبرزها على صعيد الاُمة خامس أئمة أهل بيت العصمة والنبوة الامام محمد الباقر(عليه السلام) وبلغ الاوج فيها ولده الامام جعفر الصادق(عليه السلام) .. وهدفنا من ذلك هو استجلاء حقيقة الاجتهاد المقصود والتفقّه المطلوب في مرحلتنا الراهنة الذي لا ينفكّ في حقيقته عن ذلك الاجتهاد والتفقّه بمعناه الاسلامي الاصيل، الذي نادى
به وعمل عليه أئمة اهل البيت(عليهم السلام) وتربّت عليه أجيال العلماء والفقهاء المعاصرين لهم والتابعين لمدرستهم من بعدهم.

فالاجتهاد والتفقّه في الشريعة الاسلامية المقصود لمدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ليس هو القاعدة التي دعا إليها مَن فارقَ مدرستهم من أن: «الفقيه إذا أراد أن يستنبط حكماً شرعياً ولم يجد نصاً يدلّ عليه في الكتاب أو السنّة رجع الى الاجتهاد بدلاً عن النص»، وهل هذا إلاّ اِطلاق العنان للتفكير الشخصي في الاحكام الالهيّة، واعتباره مصدراً من مصادر التشريع الاسلامي كالكتاب والسنة؟ فالفقيه ـ وفق هذا المنهج ـ يرجع الى تفكيره الخاص حيث لا يجد
النص ويستلهمه ويبني على ما يرجح في فكره الشخصي من تشريع، ولهذا اُطلق على هذا النهج اسم «مدرسة الرأي»، وقد تصدّى أئمة أهل البيت(عليهم السلام) لهذا النهج في الاجتهاد والتفقّه، وشنّوا حملة شديدة عليه، وحرّموا العمل به لخطورته على سلامة التشريع الاسلامي وأصالته ومآله الى تحريف أحكام الله و إدخال ما ليس من الدين فيه.

إننا وقبل كلّ شيء يجب أن نحدّد مفهوم الاجتهاد والتجديد الذي يسوّغ لنا اسناده الى الشريعة الاسلامية دون تحميل أو تزوير، لئلاّ نقع في حبال دعوتين تستبطنان باطلاً: إحداهما: من داخل البيت الاسلامي المتفقّه، وهي الدعوة الى الاجتهاد والتجديد بإعمال الرأي الشخصي للفقيه المتخصص في استنباط الحكم الشرعي عند إعواز النصوص أو في مقابلها دون أساس من كتاب أو سنّة، والتي أشرنا إليها بمصطلح «مدرسة الرأي». والاُخرى: من خارج البيت الاسلامي
المتفقّه، وبالتحديد من الاوساط المثقّفة المترصّدة للفكر الديني الاسلامي ونظرياته وتشريعاته، وهي الدعوة الاخطر من حيث إن طارحيها هم العلمانيون المتدينون ـ كما يسمّون أنفسهم اليوم ـ وتحت عنوان الحرية الفكرية وضرورة الابداع الذي يعني في منطقهم إعادة النظر في الكثير من ثوابت الاسلام وتشريعاته الاجتماعية، والذي نلمسه طافحاً على أغلب موضوعات مجلاّتهم وكتبهم الحديثة، كمجلة الناقد[1] وكتبها، وهي في
الواقع تحديث للفكر الغربي الغابر الذي غزا الشرق الاسلامي في عصر الاستعمار العسكري المباشر، والذي نظّر له المستشرقون، وربّوا رجالاته الاوائل الذين حكموا بلدان الشرق وساقوا شعوبها نحو الثقافة الغربية ومنهجها في الحياة الاجتماعية ووضعوها قسراً في ركاب الغرب ومصالحه.

والمدرسة الاسلامية لاهل البيت(عليهم السلام) ـ في الوقت الذي تقرر فيه أن الاجتهاد الذي يسوّغ إسناده الى الشريعة الاسلامية هو عبارة عن عملية استنباط الحكم الشرعي من مصدريه الاساسيين: الكتاب الكريم والسنّة الشريفة ـ تؤكد على ضرورة أن يتمّ ذلك وفق القواعد الاُصولية المقرّرة شرعاً وعقلاً في مظانّها، والتي تستلزم مستوىً تخصصياً عالياً في مجال الفن الاُصولي من جهة، وسعة الاطلاع والتمرّس في فهم النصوص الشريفة للكتاب الكريم والسنّة
المعصومة من جهة اُخرى، وأن الدعوة للاجتهاد والتجديد في إطار الشريعة الاسلامية المقدسة لا بد أن تنضبط بهذه الضوابط، وتسير وفق هذا المنهج الذي يحمل دليل إثباته الشرعي من النصوص الاسلامية المقدسة، وقيمة آثاره وعظمة ثماره من خلال التجربة الطويلة لتطبيقه في إطار هذه المدرسة الالهية المباركة عبر قرون متمادية والى وقتنا الحاضر. وتشهد لذلك عشرات الالاف من المؤلّفات والمصنّفات العلمية لكبار فقهاء وعلماء هذه المدرسة التي استوعبت عبر حركة
الاجتهاد والتجديد المستمرة كل مسائل ومستجدات العصور التي مرّت بها، وفي مختلف أبواب المعرفة الاسلامية فقهاً واُصولاً وعقائد وأخلاقاً وفلسفة وحديثاً وغيرها من العلوم والاختصاصات الاسلامية.

وثمّة حقيقة اُخرى تمليها علينا طبيعة التطور الكبير في المجتمع الانساني المعاصر يجب أن نضيفها هنا وهي ضرورة توفير شروط التجدد والحيوية في الاجتهاد مناهج وموضوعات بما يتناسب وهذا التطور الهائل، والتي من أبرزها هو عنصر التخصص العلمي خصوصاً في مجال تنقيح الموضوعات ولحاظ الزمان والمكان عند استنباط وتحديد الحكم الالهي في الواقعة المعينة، أو بلورة الرؤية الاسلامية في مسألة من المسائل الاساسية، والتي تستلزم عادةً تطوراً في أساليب
العمل العلمي، كإنشاء اللجان التخصصية والمجامع العلمية من مجموعة العلماء والفقهاء المتخصصين، كما لا بدّ من بسط وتوسعة عملية التجديد في الاجتهاد والتفقّه العلمي لتشمل كافة أبواب المعرفة الاسلامية واختصاصاتها، وذلك لاتّساع دائرة المواجهة والتحدّي المعاصر للاطروحة الاسلامية بمفرداتها الموضوعية والمنهجية، خصوصاً بعد انتصار الثورة الاسلامية وقيام دولة تدعو لخوض تجربة الاسلام الحضاري في المجتمع الانساني، وبروز ظاهرة التطلّع نحو
الاسلام فكراً رائداً ونظرية حياة حضارية للانسان التائه الممزّق في عصر اُفول الحضارات الماديّة وانهيارها.

ونحن إذ نؤكّد على التزام نهج مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) في الاجتهاد والتجديد نرى فيه السبيل الامثل بل الوحيد الذي يمكنه ان يحقق الاهداف الاساسية التالية:

الاول: الاستيعاب المستمر لكل القضايا المتجددة في الواقع الانساني أو ما يسمى بمنطقة الفراغ المتغيّرة، واستنباط الحكم الاسلامي الخاص بها دون الانزلاق في مخاطر البدعة في الدين أو الوقوع في متاهات التحريف لثوابته وضروراته.

الثاني: إبراز القيمة الحضارية والبعد الانساني الشامل للاطروحة الاسلامية في الوسط العالمي بشكل حقيقي مستوعب تختفي فيه صور المفارقة الصارخة في الاراء والنظريات بين الاتجاهات والمدارس الاسلامية، التي كانت ولا تزال منقصة كبيرة ومأخذاً أساسياً يضرب أعداء الاسلام ـ وخصوصاً المستشرقين منهم والجهلاء من صنائعهم ـ على وتره للاجهاز على أصالة هذه الامة والقضاء على دينها الذي هو سرّ عظمتها وعامل وحدتها ونهضتها المرتقبة.

الثالث: توحيد الامة الاسلامية «داخلياً» على مستوى الرؤية الاساسية والاتجاه الشرعي في حركتها الذاتية الذي يعني بعبارة اُخرى التقريب بين المذاهب الاسلامية، ومن ثم توحيد الموقف السياسي والاساسي للمسلمين من مختلف القضايا والمسائل التي تمثل مفاصل حركتها وسيرها نحو الهدف الذي اراده الله لها وخاطبها به في محكم كتابه الكريم: )كُنْتُمْ خَيْرَ اُمّة اُخْرِجَتْ لِلنّاس ِ تَأمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ
وَتُؤمِنُونَ بِاللّهِ([2].

ورائعٌ ما حدده رائد التجديد المعاصر للاطروحة الاسلامية آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قدس سره) في جوابه عن سؤال: ما هو الهدف من حركة الاجتهاد؟ حيث قال: «وأظن أننا متّفقون على خط عريض للهدف الذي تتوخّاه حركة الاجتهاد وتتأثّر به، وهو تمكين المسلمين من تطبيق النظرية الاسلامية للحياة، لان التطبيق لا يمكن أن يتحقق ما لم تحدد حركة الاجتهاد معالم النظرية وتفاصيلها»[3].

ويبقى الاساس الذي يجب أن يَحكم الاجتهاد ويُحكمه ويقرّر ضرورته ويضبطه هو قوله تعالى في محكم كتابه المجيد: (وَلَوْ رَدّوهُ إلى الرّسُولِ وَإلى اُولي الامْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الّذينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إلاّ قَليلاً)[4] صدق الله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين.



([1]) الناقد: مجلة شهرية تصدر من لندن ويحرّرها مجموعة من المثقفين العلمانيين ويطغى على موضوعاتها نقد الفكر الديني الاسلامي والتشكيك في مبانيه وثوابته بمنهجية مقننة وفق الاتجاه الثقافي العلماني. وليس على سبيل الصدفة أن يعاصر صدور أول أعدادها انتشار كتاب الايات الشيطانية للمرتد سلمان رشدي وشروع الغرب ودوائره الاعلامية بقيادة أمريكا بهجومه الثقافي والسياسي المطوّر بالتقنيات الحديثة
على الاسلام والصحوة الاسلامية التي برزت في الشرق ودقّت ابواب الغرب بل ودخلت عقر داره.

([2]) آل عمران: 110 .

([3]) الامين، السيد حسن ـ دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ج1 باب الاجتهاد تحت عنوان: «الاتجاهات المستقبلية لحركة الاجتهاد عند الشيعة».

([4]) النساء: 83 .

/ 1