رقصتُها.. مطر - إلی أین تمضی الرسائل؟ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إلی أین تمضی الرسائل؟ - نسخه متنی

کاظم حسونی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

رقصتُها.. مطر

كاظم حسوني

( قصص )

الإهــــــداء

إلى حسن كريم عاتي أول الأصدقاء.. الرجل والأديب والإنسان الكبير ــــــــ إلى أين تمضي الرسائل؟ هكذا في كل صباح، تخرج المرأة بعد انبلاج الشمس بقليل سالكة في كل مرة طريقاً مغايراً اتجاه الساحل لئلا يلحظها أو يلاحقها أحد، تتوارى خلف أستار الأشجار بعجالة. تهتز قامتها المديدة ويتطاير شعرها مغطياً جزءاً من وجهها. حقيبتها الجلدية المحشوة بالأوراق تثقل كتفها. يشدها المكان تنتشي كلما تقترب من عطفة النهر. حيث تنأى الخطى ويطل وجه الماء بزرقة عميقة قبل أن تصل تتريث في مشيتها ثواني تمرر نظراتها في عدة اتجاهات لمرة أخيرة ثم تنزل إلى النهر، تهبط مترددة وجلة على المنحدر الصخري وصدرها المكتنز يهتز باشتهاء مع اندفاعات جسدها الفتي، يختل توازنها قليلاً لكنها تتقدم بخفة قط، تدنو أكثر، تحاذي الماء تماماً، تحدق طويلاً أمامها النهر الممعن في تلونه، اللامستقر، تتملى إيقاعاته الهادئة وعمقه.. تنتظر. تنتظر، ثم فجأة تترك حقيبتها على الأرض تلم أطراف فستانها فوق فخذيها تلتذ ببرد الرمال في باطن قدميها قبل أن يجذبها الماء ويغمر ساقيها. تنحني تجذب حبلاً سميكاً من الليف تقبضه بكلتا يديها تسحبه بقوة فتطفو للتو على السطح المائي شبكة صيد مترامية الأطراف تبدأ تلف الحبل في حلقات وتجذب الشبكة بحركات عنيفة مباعدة ما بين ساقيها لارتكاز جسدها في الماء، ينفلت فستانها يطفو مثل مظلة في الماء ثم يلتصق ما بين فخذيها تتثاقل. تحث خطاها معطية ظهرها للنهر، متجهة نحو الشاطئ فيما تشدد قبضتها بأطراف شبكة ثقيلة متدلية في الماء تحملها فوق كتفها لترتقي بها إلى الضفة وتلقي بها على الرمل، إلا أنها سرعان ما تهبط ثانية إلى المياه الراكضة هنا وهناك تخوض طمى الحافات ثوبها المبتل رفعته كي لا يعيق حركتها حين تبصر صناديق خشبية مغلقة صغيرة تتراقص فوق مويجات الماء تندفع لاهثة وراءها تحيط بها من كل جانب وتعيدها إلى الضفة لئلا يحملها ارتداد الموج ويعيدها إلى مجرى النهر، عندئذ تحل رباط الحبال تفتح الشبكة تنتشل الأسماك الناطة المرتعشة وتطلقها إلى المياه. ترمي مستعمرات الطحالب والأوساخ بعيداً لا تبقي إلا على الصناديق فحسب! فيما يداها تبحثان خلال النسيج مثل يدي صياد محترف وهي تخرج المربعات تنفض عنها الماء تقلبها بقلق وتضعها على الأرض الرطبة. مكونة أمامها صفوفاً طويلة من مربعات خشبية متشابهة تزيح الشبكة جانباً تشرع بفتح أغطيتها تباعاً. تستل أناملها رزم الأوراق تبدأ بفك أحزمة أخرى قبل أن تثبت قصاصات مدعوكة مبتلة وتنشرها بعناية فوق ذرات الرمل ثمة نوارس على مقربة تتقافز وتلتقط أوراقاً متسربة من بعض الصناديق المهشمة العائمة التي تداعبها أنامل الموج قرب الجرف، حين رأتها هرعت نحوها حافية وشعرها يطير اختطفت ما لفظته مناقيرها من نتف الأوراق التالفة! وأعادتها وغطت بها سطح الرمل وإذ يعتكر مزاج النهر تضج المياه فتتلقى صناديق الخشب ضربات شديدة فتنقذف إلى عنف الماء. تلقي التفاتة خاطفة. لا تقوى أن تتخلف برهة. تخلع ثوبها للتو. تضحى عارية إلا من لباس السباحة وتندفع نحو النهر سابحة بكل المهارة التي تمتلكها. تضرب المياه بقوة تتقاذفها لجج الموج. تجدف عكس التيار معترضة سبيل الصناديق الهاربة المتراقصة فوق كرات موج سريع متلاحق تتعقبها تبذل جهداً مضنياً لانتزاعها من أيدي الماء ثم تتحرى المياه لعدة دقائق قبل أن تحتضنها بذراعها وتسبح متجهة بها نحو الشاطئ لارتقاء حافة النهر. حينئذ يبرز ويلتمع جسدها العاري المبلل وقد غمرها وهج الشمس قبل أن تخف لارتداء ثوبها وتتربع على الأرض الرطبة. تلم الصناديق حولها وتفرغ محتوياتها على الرمل، تتناول أكداس الأوراق المتلاصقة المبتلة تعمل أنامها في انتزاعها عن بعضها بتأن قبل أن تثبتها فوق جسد الرمل ورقة جنب أخرى بدقة متناهية، لتنهمك في برهة تالية في تسوية منبسط الرمل الهش بأصابع مرتجفة لتجعل منه أشبه بسطح منضدة أملس كيما يتيح لها أن تلصق ما في حوزتها من رزم مستطيلات الورق المبتل لتنشئ منه مظلة بيضاء واسعة تشع في الشمس أو يتكامل بين يديها بهيئة جدار ناصع البياض منحدر مع الضفة قبالة النهر! إذ ذاك تتراجع قليلاً إلى الخلف تتملى التشكيل تبقى عينيها على مربع البياض الكبير الذي صنعته بنشوة أخيراً تجلس على مقربة إذ يكون بمقدورها أن تتطلع في الأوراق تقرأها متلهفة تتشرب نظراتها السطور المشوشة الضائعة التي تسيل

/ 33