حکایة المهر دحنون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حکایة المهر دحنون - نسخه متنی

موفق نادر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أرضنا العالية تحتاج حراثتها إلى حصان قوي
وأعتقد أن"دحنون" هو ذلك البطل!
- ولكن، هل تعتقد أن ترويضه سيكون سهلاً؟
إنه يبدو متوحشاً جامحاً مثل حصان برّي!
- طبعاً، ليس الأمر سهلاً: أتنسين كم صبرنا
على عناد أمه يوم بدأت الحراثة؟ أتذكرين كم
من المحاريث حطّمت؟! فلابد من الصبر على كل
حال.
منذ الموسم القادم سأبدأ تدريبه، لكن ليس
هذا ما يشغل بالي إنني مستعدّ أن أروّض كل
خيول الأرض، نعم، كلها، أهون عليّ من أن
يحدث ذلك الذي أخشاه!
- لقد أقلقتني، قالت أمي، هل حدث مكروه؟
- ومن غيرهم، أبناء الشياطين.؟! بالأمس
وصلوا بسياراتهم المصفحة حتى حدود كرمنا.
ثم جرّوا أسلحتهم حتى قمة التلة وهم
يتلفتون مثل المجانين ويسألون كلّ واحد من
أصحاب الأراضي أن يريهم أوراق ملكيته
لأرضه.
- هكذا إذاً؟!
- وأنت تعرفين بقيّة الحكاية، يأتون
بجرّافاتهم، ثم المواجهات والدم!
- لكن ألم يكفهم ما نهبوه من البيوت
والأراضي، أين قرانا التي كانت بالأمس فقط
تملأ السفوح؟ وفجأة صارت مستوطنات لهم
ولنا فقط فوّهات الرشاشات والتعذيب.. يا
إلهي..!
- الحمد لله على كل حال، أيّ يوم يمرّ فلا
نشيّع فيه شهيداً؟
حتى صارت قبور الشهداء أكثر من أشجار
البرتقال في جبال الجليل وسفوح يافا!
لم يكن"دحنون"، الذي كبر ورغم ذلك ظللنا
ندعوه مهراً، لم يكن مشاكساً وعنيداً
جداً، كما توقعنا، عندما شُدَّ إلى
المحراث أول مرة، صحيح أنه رفس الأرض
بقائمته حين وضعنا النير حول عنقه، وهزّه
بقوة يريد أن يسقطه ليظل حرّاً كما اعتاد
لكن أبي ربّت على عنقه. ومسح جبينه وراح
يقبلّه بين عينيه وهو يقول له مثلما يهمس
لصديق حميم:
إهدأ يا مبارك، هُسْ يا أصيل!
أتعتقدون أن"دحنون" يفهم كلامنا؟! فقد راح
المهر ينقل بصره بيننا وبين أمه التي كانت
ترعى العشب في طرف الحقل القريب، وحينما
صهلت ونظرت إليه، حمحم واستكان سائراً
وراء أبي، بينما أمسك عمّي بالمحراث وراح
يسنده بخفّة ويوجهه محاولاً منع السكة أن
تنغرس عميقة في الأرض.
لقد كان أبي سعيداً جداً بهذا الحصان
الفتيّ القوي وهو يرى عضلات صدره تكشف عن
بنيته الصلبة وقدرته الأكيدة!
لكن الحصان رغم هذا المظهر لم ينس ميله
إلى اللعب، فقد ظلّ إلى الآن كلما رأى
طفلاً صغيراً مدَّ عنقه الطويل وراح
يتمسّح به ويداعبه، فكان الصغار لا
يخافونه أبداً، ويحبّون جداً الاقتراب
منه، حتى كان أبي يضطر أحياناً إلى أن
يبعدهم عنه صائحاً:
احذر يا ولد! هيه أنت ابتعد دع الحصان يأكل
ألا ترى أنه متعب؟ الآن فقط انتهى من
الحرث!.
شيء واحد كنّا نخشاه، ونحسب له ألف حساب،
رغم أنه كان متوقعاً في أية لحظة، هو أن
يجيء الصهاينة الجنود إلى كرمنا
بينما"دحنون" موجود هناك!
لقد كان هذا المهر منذ صغره يذعر كلما رأى
أحداً منهم أو لمح واحدة من سياراتهم
فيبدأ الركض حتى يغيب عن الأنظار، ولا
يعود إلاّ بعد ذهاب الجنود الأعداء،
ولكننا لم نفطن إلى أنه ينفر منهم كل هذا
النفور إلاّ بعد أن كبر فصار يجنّ جنونه
عند رؤيتهم فيبدأ ينخر ويحمحم، ثم يدور في
مكانه أو يقف على قائمتيه الخلفيتين
صاهلاً صهيلاً مخيفاً، حتى أن جندياً
صهيونياً شاباً، يضع نظارة سميكة حينما
رأى الحصان هكذا ما عاد يفعل شيئاً وقد جمد
في مكانه لحظات ثم قفل عائداً إلى السيارة
المصفحة وهو يقول: عربي!!
كلما مرّ الجنود بكرمنا في سفح التل كان
لابدّ أن تحدث مشكلة، ولهذا فقد كان أبي
دائماً يحذر أن يحدث ذلك بينما"دحنون"
مشدود إلى المحراث، فأوصانا أن نخبره قبل
وصول الجنود ليسارع إلى حلّ المحراث عن
الحصان وأخذه بعيداً عن الأنظار إلى زاوية
من زوايا الكرم حيث تنمو الأعشاب البرّية
التي يحبّها جداً، ويبدأ بقضمها بشهية
واضحة منذ وصوله إليها، فلا يرفع رأسه
إلاّ إذا سمع صوتاً مباغتاً كأنْ يزقزق
عصفور في الشجرة القريبة، أو ينبح كلب في
الكرم المجاور، فيرهف الحصان أذنيه لحظة
ثم يعود ليأكل من العشب مطمئناً.
كل هذه الأشياء تبدو بسيطة، بل عادية، أما
أن يجعلنا"دحنون" نذهب إلى قيادة"البوليس"
وأن نتعرّض للسجن وزمجرة رجال الشرطة
وتهديداتهم الوقحة، فهذا لم يخطر لنا
ببال! وأكثر من ذلك أن أبي أمضى شهوراً
طويلة في السجن قبل أن يستطيع المحامي أن
يجعلهم يفرجون عنه بعد دفع مبلغاً كبيراً
من المال كل ذلك يبدو قريباً إلى الخيال
رغم أن الصهاينة يسجنون العرب بسبب ومن

/ 15