أحمر أبیض نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أحمر أبیض - نسخه متنی

غسان کامل ونوس

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الآن، بتُّ أقنط منها.
حاولت تصحيح ما اعوجَّ، وتعويض ما فات؛
أولمت في كل المناسبات؛ ابتنيت أكثر من
مزار لا يليق موقعه ومظهرهُ بمقامه
ومنزلته وقدره. تصدقتُ على "القائمين
عليها"، والباحثين عنها. لكن الرحمة
استعصت على النزول. انتظرت، ولكن إذا لم
يكن من فائدة فلِمَ؟!
حاولتُ الوقوف على الحقيقة، فجربتُ
المجرَّب؛ كانت موظفة عندي، أسكنتها في
الطرف الآخر من المدينة، وأغلقت عليها
السبل، بعد أن تكفلتُ بابن الشهيد، شرط
السرية والغياب، وانتظرتُ النصر المؤزر.
لكن الولود لم تبيّض فألي، بل أضيف جريان
آخر إلى النهر الدامي:
(كان يتخبط بدمه، لم أستطع إنقاذه، كان
القصف عنيفاً، وركضت بأقصى سرعة، مبتعداً
عن الموقع، ناجياً بجلدي.. المهم أني نجوت..
بقيت صورته المتلجلجة المحمرة تعاندني،
تقلقني.. لكني ارتحت أخيراً، أنقذتُ
أسرته، تزوجت امرأته، وأعتني بابنه.. ألا
يكفي هذا..؟‍!)..
لكن الدم لم يتركني..!
دم.. دم.. لماذا الدم يلاحقني؟! هل أنا
مسؤول عن كل ما يجري في هذا العالم؟
(عارٌ على البشرية في ذروة حضارتها، أن
تجري أنهارٌ بمياه محمّرة وأشلاءٍ وجثث..).
كانت تقول التعليقات العاجزة في وسائل
الإعلام.. وأقول:
- وعارٌ أنها لا تحاول إيقافها بأي ثمن، أو
أنها لا تستطيع.!
- بل نستطيع..!
قال الطبيب:
- وإن قبلتَ نلقِّح خارج الرحم، ونعيد كل
شيء إلى موضعه..!
***
- شرف المهنة لا يسمح!
قال الطبيب بإصرار..
أي شرف وأية مهنة؟!
أنا لم أقل له أن يفعل، صحيح، وهل عليه أن
يخبرني؟! ليفعل ما يجب أن يُفعل! وأيّا كان
المصدر! إذا كان الأمر يجري بعيداً عن
العيون والأسماع، وتأكد من لهفتي
واسترخاصي أي شيء في سبيل ولد لم يعد
ينقصني إلاه؛ هل كان ضرورياً أن يسألني؟!
صار طبيعياً أن أرفض؛ فالشرف لا يسمح!
شرف، شرف: شرف المهنة، وشرف العلاقة، وشرف
الوظيفة، وشرف العائلة، وشرف الأسرة..
وتحدثونني أنا عن الشرف.؟!
أنها طفرة في الشرف، شرف في غير محله، أو
في غير أوانه..
أرسلت إليها السائق بسببٍ ومن دونه، ذهبا
معاً في مشاوير بعيدة ومهمات متكررة،
واستمر انتظاري الشهري..
مجزرة تنتهي ومجزرة تبدأ، تنجح هدنة في
مكان، لتندلع الجراح في مكان آخر. ويعود
الدم ليسقي خيبتي..
فلماذا يخيّب ظني السائق الذي طلبت منه
مرات أن لا يُهندم نفسه كثيراً، كي لا
يخلطوا بيننا، كما حدث حين استقبلوه
بالعناق، وحيوني..!
هي فرصة لينتقم.. فَلِمَ لا يفعل؟!
هو وسيم، وشره، ويعجبني، ويفهمني! هو لا
يخونني؛ أخرجته من ورطات كثيرة تكفي كل
منها لتغييبه طويلاً، أشفقت على أمانته
وصبيانه الذين يتزايدان حولياً، وهذا ما
زاد من إعجابي واهتمامي به.
وهي لم تفعل، رغم أني أوصلت خبر ضراتها
إليها عن طريق السائق الوسيم ذاته.
ولم تفعل!
الأمر ليس سهلاً، أعرف، فكرت فيه طويلاً،
وبصقت في داخلي كثيراً.
وأحسُّ أن رأسي محفورٌ بأنفاق سوداء
طويلة متعرجة ناتئة الحواف، لا تنتهي.
ولكن ما العمل؟
إذا كان الطبيب لم يفعلها دون أن يسألني
وأرفض، أليس الذي تعرفه خير من الذي لا
تعرف عنه شيئاً؟!
الشرف منعهما؟! أم الظن أني أجربهما!!
والخوف على رأسيهما؛ أنا الذي لا يصعب
عليّ ذلك، فرؤوس عديدة ضاعت بسببي، ورؤوس
كثيرة لا تقوى على التوازن في حضوري، أو
حضور سمعتي.
كل الأسوار التي واجهتني لم تصمد أمامي:
سور بستان جارنا، وسور المدرسة، وأسوار
تحرسها العيون. كلها تمكنتُ من اختراقها؛
ويصمد جدار بويضة لا ترى؟! حاصرتها ملايين
المذنبات ساعاتٍ وأياماً، وعجزت عن
الاختراق..
لم أخبر زوجتي، وطلبت من الطبيب أن لا
يفعل. وهي لا تعلم بأن كل تلك الملايين بلا
رؤوس!
***
كنت أتحسر وأخاف على كل تلك الملايين وهي
تفر من بين يدي، وتتناثر أمامي، وأقول:
حرام أن يضيع الجهد، وتتبعثر الإمكانية؛
كل هذه مشاريع أولاد، أو أولاد مع وقف
التنفيذ، كما صارت تتحسر زوجتي في ما بعد،
لكني كنت أتجاوز ذلك، وأقول: الأيام
قادمة، ويضحك كثيراً من يضحك أخيراً! أنظر

/ 24