وجهان لعنقاء واحدة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجهان لعنقاء واحدة - نسخه متنی

عبدالکریم ناصف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تحتاجني النسوة كلهن، يشرن إلي بالبنان،
وأية متعة تفوق متعة أن يشير إليك الناس
بالبنان!؟.
عند باب الحميدية تماماً استطاع الحصان
الإمساك بالمحفظة فيما أفلت منه راكب
الدراجة.. لم أره تلك اللحظة، فقد كان
يحجبه عن ناظري البعد والناس.. لكنه روى لي
فيما بعد كيف تابع الغلام- اللص محاولاً
الإمساك به وإنزال العقاب فيه، لكن الغلام
الذي سقط المرة تلو الأخرى عن دراجته كان
ينهض لينطلق من جديد.. في السقطة الأخيرة
أفلتت منه الحقيبة. التفت إلى مطارده، رآه
على مقربة فتخلى عن فريسته وامتطى دراجته
مسرعاً كالريح.
"تفضلي يا آنسة!!" قال الشاب ماداً يده
بالحقيبة.. وهو ما يزال يتصبب عرقاً وتتقطع
أنفاسه لهاثاً". "أوه!! لا أدري كيف أشكرك
أيها الشاب الشهم صاحب المروءة!!". "لا شكر
على واجب يا آنسة". وسمّرتني عبارته في
مكاني.." كيف يقول والدي إذن...(الشام مدينة
كبيرة تضيعين بها.. الناس فيها كالنمل يأكل
بعضهم بعضاً ولا أحد لأحد)، وهاهو ذا شاب
يندفع لخدمتي ويضحي من أجلي ويقول هذا
واجبي!؟".
"لكنك عانيت.. تحملت المشقة وتعرضت للخطر"،
عدت أخاطب الشاب وقد تخلصت من آثار ذلك
الكلام البعيد.. كلام أبي.
"المهم عدت لك بالحقيبة.. فتشيها هل فقد
منها شيء؟" وبعجالة عجيبة راحت أصابعي
تفتش الحقيبة .... "لا... حمداً لله!! الراتب،
الهوية، الذهب، كل شيء هنا". قلت فعقب من
بين أنفاسه المنقطعة "أكيد، هو لم يجد
الوقت لأخذ أي شيء". هذا بفضلك. لو لم تلحق
به لضاعت الحقيبة بما فيها وكانت الكارثة".
"كارثة!؟ قال رافعاً حاجبيه استغراباً،
مبتسماً ابتسامة كثيرة المعاني. بعد ذاك
سار إلى جانبي ثم سؤال من هنا، سؤال من
هناك أراد منها كلها أن يعرف شيئاً عني.
انتبهت لأسئلته وسيره إلى جانبي فتشنجت.
شكرته على معروفه من جديد ثم مضى كل في
طريقه دون أن يطلب مني وعداً بلقاء.
-الشاي يا أميرتي الحسناء. من باحة الدار
جاءني صوته الذي يهز كل وتر من أوتاري كلما
سمعته. بتثاقل لا يشبه البتة وثبة المهر
تلك نهضت عن سريري. كنت قد دخلت شهري
التاسع منذ أيام. وكان كوز الماء يزداد
ثقلاً وحساسية كل يوم... الجنين في داخله
ينمو ويكبر، يرفس ويتحرك، حتى لأشعر به
يحتج علي أحياناً، يحاورني أحياناً أخرى،
يقرعني على فعلة أزعجته بها أحياناً
ثالثة، فيرغمني على مراعاته في كل حركة
وسكنة. عند فسقية الماء كان مازن ينتظرني
وأمامه كوب الشاي.. "الله!! ما أروع حبيبي!!
أي حنان!! أي حب!! أية رعاية!! هو أمي، أبي،
أخي، زوجي، حبيبي، هو كل ما أحب في هذه
الدنيا لكأنما أراد الله لـه أن يجمع
الصفات التي يحبها القلب كلها!" .
-ماذا!؟ يزعجك شيء؟ سأل بكثير من التخوف
وقد رآني أكثر تثاقلاً.
-لا.. أبداً.. فقط هو ابنك يزداد ثقل دم!!
رددت ضاحكة، مشيرة بطرف عيني إلى كوز
الماء المندفع إلى الأمام. لم يشاركني
مازن ضحكتي بل تابع بكثير من الجد.
-تعلمين؟ بودي فعلاً أن تأتي أنثى كي تكون
امتداداً لك.
-وأنا بودي فعلاً أن يكون ذكراً كي يكون
امتداداً لك، أراك فيه وأراه فيك... آه!! كم
ستكون سعادتي كبيرة إن جاء صبياً!!
-النساء كلهن يردن أن يكون بكرهن ذكراً؟!
-مجتمعك الشرقي كله هكذا!! أمك لا تحدثني
إلا عن الولد كيف الولد؟ تسألني. ما أحواله
الليلة ؟ تستفسر.
لكنني لم أكمل فقد دلفت حماتي إلى باحة
الدار خارجة من باب غرفتها القريب.
-ديمة، يابنتي!! متى ستأتين لـه بحاجاته؟
سألت وهي تجلس بجانب ابنها.
-له، أسمعت؟ قلت مشددة على الكلمة الأولى
وأنا التفت مبتسمة إلى مازن، وما أسرع ما
ابتسم هو الآخر.. لكن دونما تعليق..
كان مازن ابنها الوحيد وكانت متعقلة به
تعلق الغريق بمنقذه، فأخواته الثلاث كن قد
تزوجن ليتركنها الواحدة تلو الأخرى.. وكانت
الدار الدمشقية العتيقة قد صارت فارغة...
غرف كثيرة تنتظم حول الباحة، حيث بركة
الماء وأحواض الزهور وشجرات النارنج تلقي
بظلها على ماض ربما كان تليداً حين
العائلة كبيرة والعز سامق والخير وفير؛
فلا عجب أن تكون كلها لهفة وتشوقاً للوليد
القادم الذي سيملأ الدار حركة وحياة، ولا
عجب إن كان بالها مشغولاً على حاجات الطفل
الذي ربما سيعيد ذلك العز، فهي لاتنفك
تزداد إلحاحاً وإلحافاً "ديارة الصبي
يابنتي"... "الجنين حرامي لا تدري متى
يفاجئك يا بنتي". "لنذهب إلى السوق نشتر
للطفل أغراضه يا ديمة"...إلخ فيما أؤجل أنا
نفسي الذهاب إلى السوق كل مرة متذرعة بهذا
السبب أو ذاك... إذما إن أشد الهمة حتى أشعر
بشيء في داخلي يصدني حائلاً بيني وبين
الذهاب.
-هه.. لم تجيبيني يا بنتي؟ تساءلت وقد رأت

/ 123